-->

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الخامس

 

 

 وصل هشام حاملا حقيبته الجلديه على كتفه الى المكان الذى اتفق عليه مع اشرف .. فتحرك نحو سيارات الشرطه الممتلئه بالعساكر المسلحه بالذخائر والالات غريبه الشكل .. هتف بحماس
- هاا يا رجاله .. جاهزين ؟!
صوت جمهورى قوى صدر من قلوبهم قبل ألسنتهم


- تمامم يافندم ..
اقترب منه النقيب اشرف هامسا : هشام .. أنت ناوى على ايه !!
- هتفهم دلوقت !!

اردف جملته بحرصٍ شديد ثم امر العساكر ان يلحقوا به فى ظلال سيارات النقل المصفوفه بجوار احد الموانى البحريه .. مستخدما انظاره الصقريه فى اعطاء الاوامر .. حتى وصل لهدفه متأكدا من خلو المكان خلفه قائلا بنبره قياديه وهى يخرج حقيبه يد جلديه صغيره.
- شباب اى تليفونات او وسيله اتصال واحده تتحط هنا ؟!

تبادل العساكر الانظار فيما بينهم بعدم فعل من امره المفاجىء ولكن لا احد يمتلك أن يعترض .. وضعوا هواتفهم المحموله فى الحقيقه .. فأغلقها هشام وتعمد دفنها فى الرمال تحت قدمه قائلا
- ربما يكونوا متابعين تليفون اى حد فينا ..

ثم نصب عوده موضحا خططة اقتحامه
- بصوا السفينه اللى هناك دى فيها مونة واكل لمدبولى ورجالته .. بتروحله مره كل اسبوعين وده اللى قدرت اوصله من شهر ونص كده بطريقتى الخاصه .. المطلوب مننا اننا نستولى على السفينه وندارى فيها عشان نعرف نوصل للجزيره وهو عليها .. تمام !!
تحرك رؤوسهم بالموافقه وهما يتأهبون للذهاب فاوقفهم امر هشام قائلا
- عاوز خفه وهدوء مش عاوزين نعمل شوشره ولا نلفت الانظار حولينا .. يلا ربنا معانا ..

اقترب مجدى من زيدان بثقه يتنافس مع غروره وهو يخرج الاساور من جيبه قائلا
- تسلم دماغ صاحب الفكره والله ..
تبادلت الانظار والعيون المتسعه بينهم .. فاخذه زيدان خلف عربة النقل قائلا بحرص
- أحنا ممكن نحلها ودى وبلاها الشوشره دي .. وأنت اللى كسبان ..
رمقه مجدي ساخرا : رشوه قصدك !
ابتسم زيدان بثقه : عربون محبه ..

رفع مجدي سلاحه على رأسه جاهرا
- مش النقيب آدم فياض اللى يبيع ذمته ..
لازال زيدان محافظا على هدوئه وثباته قائلا
- شيك على بياض اكتب فيه المبلغ اللى يعجبك ..
رفع مجدى حاجبه مستنكرا : مقابل !

مسك زيدان كف مجدى المصوبه السلاح على راسه واخفضها شيئا فشيئا
- دراعى اليمين والظابط اللى يمشيلى كل امورى .. واوعدك مش هتندم ..
صمت مجدى للحظات وبداخله شعور بالنصر لنجاح مهمته ثم واصل زيدان قائلا
- العساكر وماشافوش حاجه .. اى قولتلك !!

زفر مجدي بضيق لحقته ابتسامة انفراج
- اتفقنا يا جناب العمده ..
ازدهرت ملامح زيدان مره اخري هامسا
- يلا مشي الرجاله وحلاوتك محفوظه ..

تستمع لصوت ام كلثوم المفعم بالشوق وهى تقول " والهوى .. آآه منه الهوى آآه منه الهوى " وتسكر برائحة قهوتها المظبوطه وتتناثر احزانها فوق لوحتها البيضاء التى طمست بدرجات اللون الاسون .. شارده فى كلماته وافعاله المفاجأه التى احيتت فى قلبها شخصا تعمدت دفنه كل ليله ..

وصل زياد الى البيت ويشعر بارتياح رهيب يغمره خاصة لمرور لقاءه مع والد نور على خير .. فسقط عيناها على ظهر بسمه التى تجلس قرب الجنينه منغمسه فى لوحتها ودفء صوت ام كلثوم يحضنهما .. فاقترب منها متمهلا وهو يخرج شيئا من جيبه ويلفه حوله عنقها برفقٍ ..

فاقت من شرودها إثر اقتحامه المفاجيء متنهده وهى تلمس بأناملها من وضعه على رقبته
- زياد !!
انحنى بقرب اذنها هامسا بهيام
- حقك عليا .. عارف انى اتأخرت عليك ..
ثم وضع سبابته على قالب السلسله المصنوعه من الماس على شكل قلب منتفخ
- بس هى دى اللى اخرتنى .. اصله نسي يكتب عليها اسمى ..

تجمدت فى مكانه وخارت قواها اثر انفاسه المدججه بلهيب الشوق، فعلى قدر ألمها فهى لا تطمح أن تُشفى منه، وعلى قدر ألاعيبه الا انها تعشق كل لحظه تأتى بطيفه .. تعلم أنه رجل لم يغلب من قبل .. خارقا بارعا يعلم من اين يتسرب لكل امراه ومع ذلك كانت مليئه بشغفٍ ان ترتوى منه قدر المستطاع حتى ولو مؤقت ..

سحبها زياد برفق نحو المرآه واقفا خلفها بمسافه لا تُذكر محدقا انظاره فى صورتها المعكوسه أمامه
- عجبتك ..
اتسعت ابتسامتها وثارت جيوش حبها لرجل يغلبها بنظره ويطيح بكبريائها بلمسه وهى تقول بفرحه
- دى ليا أنا !! طيب بمناسبة اى ..
طوقها من الخلف مستندا بذقنه على كتفها قائلا
- اعتذار خفيف كده عشان انول بس نظرة رضا ..

ظلت تتأمل صورتهم بالمرآه طويلا وتتسائل : كيف تعصف المشاعر بارواحنا لتلك الدرجه من الحماقه ؟!طوقت ذراعيه الملتفه حول خصرها بحب وهى تقول
- نفسي اصدقك ..
ظلت انفاسه تتدلل على عنقها بمرح جعل صخب العالم كله بداخلها يعزف ويتراقص على لحنهم وهو يقول بهيام بلغ ذروته
- بسمه .. أنتِ وحشتنينى اوى ..

تعمدت أن تبتعد عنه وتتطلع بملامحه عن قرب لكى تستدل .. تبحث عن شعاع الصدق منبعثا من اى جزء لتطمئن ولكنها كلما تأملت تفاصيله ضاعت بهم اكثر .. فقدت القدره على الكلام والمعارضه حتى اُصيبت بحاله عصفت بكلها إليه وهى تخبره بمدى شوقها إليه مندفعه نحوه ودموعها الرافضه له فاضت من حماقتها وكأن لعنتها الوحيده هى الحنين له دائما وابدا .

نجح هشام وعساكره فى الاستيلاء على السفينه المتجه نحو الجزيره التى يقطن فيها مدبولى وعصابته مهددا قبضانها بسلاحه سيطيح برأسه ان فكره أن يغدر .. سارت السفينه فى البحر الابيض المتوسطه واختبئ الجنود فى جوانب السفينه .. وبعد مرور 20 دقيقه من الابحار .. اقتربت السفينه الى مرساها .. وفى اللحظه التى التفت فيها هشام ليعد اجهزته ويأمر العساكر بالاستعداد .. اشعل القبضان النور الاحمر الذي يعد بمثابة انذار متفق بيهم ..

ركض احد رجال مدبولى وهو يلهث
- الحق يابيه .. شكل فى غدر .. النور الاحمر منور ..
فزع مدبولى وهو يزيح الفتاه صاحبة الملابس المخله التى تلتطق بذراعه قائلا
- نهارك طين !! اتحرك طيب شوف فى ايه ولو كانت الشرطه .. نفذ خطة نجاتنا بسرعه يلاااا.

فى لحظات انقلب حال الجزيره رأسا على عقب .. وهما يضعون المدرعات ويختبئون بأماكن دفاعهم .. اوشكت السفينه أن ترسو فتسلل رجال هشام خفية بعد ما ضرب القبضان على رأسه فافقده وعيه ..
اقترب منه اشرف راكضا وهو يعطيه المنظار قائلا
- هشام بيه .. دول عاملين مدرعات بالعيال الصغيره ..

تناول هشام المنظار متلهفا وهو يراقب حالة المكان ثم تبعته زفيرا قويه ولعنة
- اكيد حد قالهم
لم يكد أن ينهى جملته فسقطت عينه على النور الاحمر المشتعل فى مقدمه السفينه قائلا بغل
- ياابن ال******
اشرف : هنهجم !!
- حياة العيال اهم .. بص تاخد مجموعه من العساكر وتلف من ورا اكيد ملحقوش يأمنوا .. وانا هنا هلاهيهم ..

اومئ اشرف بطاعه وهو يتأهب لتنفيذ فاوقفه نداء هشام محذرا
- مش عاوز خدش فى صباع عيل يااشرف .. دول امانتنا قدام ربنا ...
بدأت الحرب .. وجهر هشام فى مكبر الصوت قائلا
- سلم نفسك يامدبولى ... خلاص مفيش مفر ..
اتاه صوت مدبولى خلف احد مكبرات الصوت
- هشام بيه بنفسه .. هو أنت ما بتزهقش !!
- وانت ما بتحرمش ..

- سلم نفسك واقصر بحور الدم اللى هتغرق الجزيزه .. انا ورجالتى جايين شايلين كفننا على ايدينا يعني مش فارق ..
- الاستسلام مذله ماتلقش بيا ياسيادة الرائد .. وطول ما في نفس يبقي السلاح يحكم ..
ختم جملته بصوت رصاصه مرت من جانب هشام الذي تفاداها ببراعه .. وسرعان ما نشبت المعركه .. وباتت طلقات الرصاص كالمطار اسكندريه التى لا ترحم ..

اثناء انشغال هشام بالقتال اتاه صوت اشرف بالاسيلكى قائلا
- هشام خلى بالك دول بيلبسوا العيال حزامات ناسفه ..
توقف هشام عن ضرب النار وهى يتنقل خفيه قائلا
- اشرررف الزفت ده لو اتمسك الامور كلها هتهدا .. بلاش تهور عندك واتصرف بذكاء .. وانا هشوف شغلى معاه ..

تسلل هشام تحت طلقات الرصاص ببراعه كى يقترب اكثر من الجزيره ويري دموع الاطفال المتساقطه واصوات نواحهم الممزوجه باصوات ضرب النار .. فاشار هشام لطفل ما اقصي يساره ليطمئه ويكلمه بلغة الاشاره ليخلع الحزام الملتف نحو خصره بعدما فحص نوع الحزام عن بعد فلقطت عيناه انه من النوع الذي يمكن خلعه بسهوله .. ركز الطفل مع تعليمات هشام بمنتهى الذكاء ووضع حزام ارضا والتفت نحو رفيقه ليعلمه ايضا فاشار له هشام بفخر بعلامه النصر .. ثم واصل حديثه بيده بأن يتمهلوا قليلا مشيرا على السفينه بأن يخبتأوا فيها عندما تسنح لهم الفرصه ..

ظفر هشام فى فك حصار جزء من الجزيره محررا اطفالها وايضا يستطيع ان يدخل منه بسهوله فى حين ما رجاله يشغلون عصابه مدبولى من جهتين اخراوتين ...
صرخ مدبولى باعلى صوته لاحد رجاله
- ناحيه الغرب مش متأمنه .. الحقوا امنوها ياحوووش ..

كان هشام نجح فى الوصول الى مقره مصوبا السلاح نحوه بعد عناء مع جيوش حراسته التى نجح فى تخديرهم بمناديل التخدير ليتخلص منهما فى اسرع وابسط وقت ممكن جاهرا
- هما اللى اتمسكوا قبلك مش كانوا حذروك من هشام السيوفى ..وان  سكته مش سالكه...

سُئل احدهم عن اخفاء الشعور بـ الحب فاجاب: كمن وضع الجمر فى يدى وأدّعى بانه مكعب ثلج.

(صباحًا)
وصلت عايده بصحبة فجر الى مقر شركات والدها الخاصه .. تسير خلفها بخطاوى مهزوزه تترقب حالة الموظفين اللذين يعملون بهمة ونشاط وحركة مثيره للدهشه للحد الذي شعرت فيه أنهم فى سباق مع عقارب الساعه .. همس لعايده قائله
- هو فى ايه !!
رفعت عايده نظارتها الشمسيه ودفنت ذراعيها فى خصيلات شعرها الاصفر برفقٍ وهى تقول
- هتفهمى كل حاجه
ثم استدارت يمينا مناديه على مديره مكتبها الخاصه
- هاجر .. تعالى عاوزاكى ...

دخلوا الثلاثه المكتب بخطوات متزنه .. فاشارت عايده لفجر بالجلوس وهى تتحدث مع هاجر قائله
- اخبار الشغل اي ؟!
نظرت فى الاوراق التى بيدها قائله
- كله تمام .. بس الحركه اللى عملتها ناريمان عطلت كل حاجه والعرض بعد بكره ومفيش وقت قدامنا ..
- سيبك من الزفته دي .. انا هعرف اربيها ازاى .. المهم هاتيلى بيشوى ..

اومأت هاجر بالايجاب : اي حاجه تانيه حضرتك ؟!
فتحت درج مكتبها وهى تعطيها شيك هاتفه : حطى الشيك ده فى حساب بسمه ..
- اى اوامر تانيه حضرتك !!
- لا نفذى اللى قولتلك عليه يلا ..
انصرفت هاجر ولازالت عيون فجر متسعه منتظره مصيرها مع هذه السيده التى تغيرت معاملتها معها 180 درجه .. فاطرقت قائله
- انا هشتغل امتى ؟!
- هتفهمى كل حاجه فى وقتها ...

بعد مرور عدة دقائق استغرقتهم عايده فى فحص الاوراق واجراء المكالمات الهاتفه وصمت فجر وعيونها المتحركه هنا وهناك .. وصل بيشوي الى المكتب مهللا
- كوين عايده .. تحت امرك ..
تركت ما بيدها سريعا لتنهض قائلا
- كويس متأخرتش ..
ثبتت انظاره على فجر الجالسه والتساؤل يتناثر من مقلتين .. وهو يقول
- طبعا مقدرش اتأخر على حضرتك ..

مسكت عايده كف فجر وأوقفتها بجوارها قائله : شايف دى .. عاوزاها فى خلال 48 ساعه واحده تانيه تليق بالمهرجان !
تفحصها بيشوي بعنايه فائقه وهو يدور حولها قائلا بيأس
- دى عاوزه 48 شهر !! سورى كوين عايده مستحيل ..
ضاقت عيون فجر كالبلهاء محاوله استعاب كلماته .. فزفرت عايده باختناق
- بيشوي .. 48 ساعه عاوزه اشوفها واحده تانيه باى تمن .. الموديل الجديد مش هيليق غيرها عليها .. انا متأكده وهيطلع احلى من ناريمان بكتير ..

بعدم تصديق اردف بيشوي : طيب ازاى !! دي ضايعه خالص ..
زفرت فجر باختناق : انت بتجادل كتير ليه وبعدين اى ضايعه دي ؟! انا فعلا ضايعه من الصبح بس ضايعه فى نوعك وبقول ياترى دا رجل ولا ست زينا !! ..
انكمشت ملامح بيشوي بغضب : وكمان قليله ادب ولسانها طويل !! كوين عايده سووورى انا مش موافق .. دي عاوزه نقاش يغامر فيها ..

زفرت عايده بنفاذ صبر رافعه صوتها بحزم
- بيشوي .. فجر .. stooooop (توقفوا) .. فجر ممكن تلمى لسانك وانت يابيشوي اتفضل خدها وشوف شغلك ومش هقبل بأى تقصير .. اتفضلو مفيش قدامنا وقت ..
تبادلت نظرات الاغتياظ بينهم وكل منهما يحمل بداخله لهيبًا يكاد ان يحرق الاخر ..

ومن الحب ما جن به العقل وانتعش بوجوده القلب ودبت الحياه بارواحنا من جديد .. استيقظت بسمه بعد ليله طويله قضتها بقرب زياد اشبه بليالى الف ليله وليله .. وهى تترقب جدران غرفته التى شهدت على عمر حب بكل تفاصيله استمر اكثر من 10 سنوات .. سقطت انظارها على صورتها المنعكسه بالمرآه وتأملت ملامحها التى تشع نورًا متحسسه قلبها الذي اوشك ان ينخلع من شدة رقصه على اوتار الحب .. فهتفت مناديه عليه
- زياد !! زياااد !!

لمست اقدامها العاريه الارض وهى تبحث عنه، فتحت باب الحمام فلم تجده، فتناولت منامتها الطويله وارتدتها وهبطت لاسفل تبحث عنه بعيون مفعمه بالشوق الى ان جذب انتباهها صوت خارج من غرفتها الخاصه بالرسم .. فتتبعت مصدر الصوت ..

لم تصدق اعينها ما رأته عندما وجدته يعد ترتيب غرفتها الفوضويه ويعلق لوحاتها التى لم تخل من صوره على الحائط .. حتى باتت الغرفه اشبه بمعرض فنى .. استندت بكتفها على الباب تترقبه بعيون غمرها الحب قائله
- اى النشاط ده كله !!

ترك اللوحه التى بيده مستديرا وهو يتأملها من اسفلها لأعلاها
- ما نقول اى الحلاوة دي كلها !!
تقدمت بخطوات ثابنه نحوه :متغيرش الموضوع !!
- مش هغير الموضوع ممكن اعرف الدكتوره بسمه مضايقه ليه !!
قال جملته وهو يدنو منها اكثر ممسكا بكفها وطبع فوقه قُبله طويله حتى بات الحب يزينها من رأسها للكاحل قائله
- مش مضايقه بس مستغربه !
- عاوزك تتعودى ..

لمعت عيونها اكثر بنور قربه قائله بدلالا : اتعود على ايه ؟!
- أن طول مأنا جمبك ههتم بكل حاجه تخصك وتخصنى ..
ضاقت انظارها واتسعت ابتسامتها لان افعاله المباغتة ترجمت مغزى كلماته وهو يحاصرها بعطر انفاسه .. ثم واصل حديثه قائلا
- طالما واقعه فيا كده من زمان مش تلفتى نظرى !!
- وانت بقى اي عرفك !

- صورى ياهانم اللى ماليه الاوضة دى ؟!
- اعمل طيب كنت مستولى على كيانى كله ومكنتش عارفه ارسم حاجه غيرك ..
- بسمة .. أنا بحبك ...
اردف جملته بهيام حرارته تصهر الجليد ولم يخل من حركة اناملها التى تتفقدهها بحرية حتى خارت قواهم واشتعل قلبها بأنات اللوعه فوقعت اسيره لمخالب حاجاتها حتى بات العالم بين ذراعيه اكثر اتساعا ..

( بعيدًا الى امريكا خصيصا )
عزمت مياده على انها تتخلص من فوضى عقلها وقلبها بانشغالها فى دراستها .. وبالفعل انهت ارواق تقديم الماستر فى جامعه كاليفورنيا فى علم الذره .. وشرعت فى اجراء ابحاثها ودراستها التى تأكل من حواف ايام متكدسه به .. اثناء انشغالها فى المختبر الطبى امامها فاقفت على صوت ذكورى راق قائلا
- دكتوره مياده .. شرف عيظم لينا انك تكونى موجوده معانا ..

رفعت النظارة الطبيه عن اعينها الذابله وهى تقول بتساؤل
- حضرتك تعرفنى ؟
سحب مقعدا مجاورا له وهو يقول بتلقائيه
- طبعا وهو فى حد مايعرفش حضرتك ؟؟
- على العموم اهلا ووسهلا بحضرتك .. والشرف ليا انا طبعا انى موجوده فى كيان زى ده !

ابتسامة هادئه شقت ثغر مصطفى وهو يقول
- دانت معندكيش فضول حتى تعرفى أنا مين !!
شعرت بقليلٍ من الاحراج انعكست حُمرته على وجنتيها قائله
- اسفه والله مش قصدى بس....
سرق الحديث من ثغرها قائلا
- بس انا ماقولتش انى زعلان عشان تعتذري .. وثانيا انا حابب اعزمك على قهوة زياده ونتعرف فى مكان خارج الدراسة والشغل ..

حكت كفيها ببعضهما واعتراها الخجل مردفه : بس .. اصلووو
- مش هقبل اى اعذار ..
- دكتور بجد .. أنا م هقدر اقعد مع حضرتك فى مكان لوحدنا .. بعد اذنك.

تعمدت مياده الهرب من اى اعذار او اكاذيب غير مجديه .. فكيف تعقد حياتها فى عصمة رجل لا يراها ولا يمر طيفها على ذهنه وفى نفس الوقت هذه هى الحقيقه التى لا يمكن نكرانها فهى انقى من أن تخونه وأن ترد له اخطائه غدرا .. لملمت اشيائها سريعا لتهرب من طوق انظار مصطفى التى تحاصرها ...

- أنت ما بترديش ليه ؟
ركل مجدي بقدمه باب سيارة الشرطه متجها نحو القسم وهو يتحدث مع رهف فى الهاتف بنبره غاضبه .. فاردفت بغباء
- بحاول اعمل نفسي تقيله عشان اوحشك اكتر وكده يعنى .
- روحى ياشيخه وحش اما يلهفك ..
هتفت معارضه : انت مالك داخل فيا كده شمال .. ماتهدا ياعم انت وتشوف بتتكلم مع مين .
- انت اللى زيك مش عاوز غير دخله شمال تكسر دماغها ..
- بعد الشر عليا ان شالله انت ..

تجاهل مجدي ضرب التحيه العسكريه التى قدمها له العسكرى ودخل مكتبه قائلا بغل
- اتلمى يازفته ..
ابتسمت رهف بدلالٍ : افتكرتنى موتت
صمت مجدي قليلا مخفيا اصوات ضحكه كى لا ينهزم امامها .. قائلا
- بعتلك سلام مع اخوكى .. وصله !!
- لا مش مفيش حاجه وصلتنى ..
وضعت طرف سبابتها بين فكيها بدلال منتظره رده .. فبادر قائلا
- اخس عليه .. بس اشوفه .. وحشتينى ياهبله ..

اتسعت ابتسامتها الطفوليه قائله
- وانت كمان .. مش لاقيه حد اتخانق معاه من ساعة مامشيت !!
- تتخانقى !! وبس كده
- اااه .. وبس كده
تحمحم مجدي قائلا : روفا تفتكري اخوكي هشام رافض جوازنا ليه ؟!
قكرت قليلا : يمكن عشان بيحبنى !!
- انت هبله يابت !! بيحبك يقوم يقعدك جمبه !! انت اخته لو مش واخده بالك .!

ضحكت بصوت عال وهى تقول
- كنت عاوزه احكى معاك فى قرار ..
- اى الجملة الغبيه دي !! تحكى فى قرار؟!!!! احكى قرارك ..
قطمت انامل كفها بحيره وهى تقول
- أصل انا لما فكرت عرفت فعلا اننا مش هننفع لبعض ؟!
- نعم ياروح امك !

- مالكش دعوة بمامتى بليز .. سيبنى اكمل واوضحلك وجهة نظرى .
- اللهم طولك ياروووح .. انجزى قبل ما اتهور واجى اوضحلك انا ردة فعلى .
- اهو اول سبب هسيبك عشان وهو العنف فى التعامل ..
عض مجدي على شفته قائلا : عنف ! وأنت لسه شوفتى عنف .. اخلصي
- بص افهمنى .. انا من اول ما وعيت على الدنيا وانت قدامى فأنا حاسه انى بحبك زي هشام وزياد .. فأنا كنت عاوز اختبر مشاعرى قبل ما ادبس فيك !

رد مجدي بنفاذ صبر : ايوه ... اللى هو ازاى بقي ؟!
- بص ياميجو انا نفسي الف وادور كده وادخل فى علاقات كتير عشان اتاكد من صدقك مشاعرى ناحيتك .. وبعدين عاوز اجرب احساس انى اكون بنت لفت كتير وجات تابت على ايدك ... فاهم قصدي ..

اوشك على قطم شفته من شدة غيظه وهو يستمع لكلماتها التى سقطت على رأسه كالجمر .. قائلا بهدوء يسبق العاصفه
- ايوه يعنى عاوزه تعرفى شباب وكده !
- سو وات فين المشكله ؟!
- وتخرجى مع ده وتتمسخري مع ده .. بالمختصر تمشي على حل شعرك!!!
- مش بالظبط .. بس يعني فى حدود كده ..

- فى حدود كده !! حلو حلو
ثم اكملت قائله : وانت كمان تقدر تعمل كده عشان ما تقولش عليا انانيه واللى بحبه لنفسي مش بحبه لغيري !!
دخان الغضب يتوهج من وجهه قائلا : الله يعمر بيتك يا طاهره ..
- اى رايك بقي دييل ؟!
- قولتيلى أنت فين !
- فى اسكندريه ..
- طيب ...

اكتفى بكلمة واحده وهو يقفل هاتفه ويلملم اشيائه سريعا من فوق المكتب متوعدا فى سره يتمتم بكلمات غير مفهومه
- وحياة امك عايده شوفى مين اللى هيرحمك منى يابت السيوفى ..

أما عن رهف فى غرفتها تجوب ذهابا وايابا وهى تحدث نفسها
- معقوله يكون وافق بالسرعه دى .. يااه والله مجدي ده عسل .. بس هو طالما وافق يبقي مكنتش بيحبنى !! امممم كنت متأكده انه مش بيحبنى ولا أنا كمان بحبه والدليل اهو محاولش يعارضنى اصلا ..طيب يامجدي بكرة تندم عليا ندم عمرك ..

- كيفك ياابااا ..
دخل ايوب الى مجلس والده ملقيا عليه التحيه .. فاستقبله باسما
- اهلا اهلا بسبع ابووووووه .. تعالى اقعد جاري ..
تحرك ايوب ليجلس بجوار والده قائلا
- عاوز اسألك على حاجتين !!
- اسأل ياابوب ..
- بس مش هتكدب علىّ ؟؟

انعقدت ملامح زيدان الجافه : ابوك عمره ما كان كداب ياواد ..
- طيب هى صوخ خديجه اتقتلت ؟!
- وه وه وه !! اى الحديت العفش ده يا ايوب ؟!
- سمعت واحد من الرجاله بره عيقول اكده ؟!
ربت على كتفه بقوة خاليه من اي لين
- خديجه عن ربها يا ايوب .. ماينفعش نجيب فى سيرتها ..

- بس ينفع نجيب حقها .. هى جاتلى فالحلم وقالتلى متسبش حقى ياايوب ..
- اباااااى عليك .. اهى قعدتك مع خديجه دي هى اللى بوظت راسك .. ياواد ياغبى افهم منى النسوان دول اتخلقوا عشان يعدلوا المزاج .. اما المره اللى تعكره قتلها احسن ..

غمغم الصغير محاولا فهم حديث والده قائلا : يعني ايييه ؟!
- لما تكبر هتفهم كل حاجه ...
قطع حديثهم دخول الخفير قائلا
- جنابك .. غازى عاوز يقابلك .
زفر زيدان قائلا : وعاوز ايه ولد المحروق ده .. دخله ..

دخل غازى يتسلح بالغضب قائلا
- كيفك جنابك ؟؟!
- خير ياغازى .. سايب صالحك وجاى ليه .. اى الشغل اللي جبتهولك مش عاجبك ؟
- لا جنابك .. بس الوضع صار ما يتسكتش عليه واصل ؟!

- خبر اى اومال ؟!
- شايف جنابك ساكت على العار اللى محاصرنا .. يرضيك البت اكده مش عارفين لها اصل من فصل .. اقسم بالله لو عترت فى البت فجر هقتلها بنفسي ..

قطعه ايوب وهو ينهره بقوه : اتحدت على خالتى فجر زين ..
ابتسم زيدان : اهو كيف ما قالك ايوب ياغازى !
- وطالما هو اكده جنابك ما جبتهاش ليه ؟!!

- أنت عارف الهانم فين .. دى فى قلب الحكومه وفى بيت السيوفى .. يعنى عشان اروح اجيبها من قلب بيتهم لازم عينى تكون فى نص راسي !!
- يعني جنابك عارف هى فين وخايف تجيبها ... بس غازى مش هيخاف .. وهروح اجيبها من وسط النار .. كله الا العار ياعمده ...

نهض زيدان مغموما وهو يدفعه من كتفه بمؤخرة عكازه قائلا
- ما تتكلم عدل ياولد المحروق انت !! وبعدين دي مرتى وهجيبها بطريقتى .. وخلال كام يوم هتكون اهنه ومنورة فرشتها ..

- ولو مجتش ياعمده !!
- يبقي روح أنت هاتها يافالح .. يلا انقلع من إهنه .. يللااااااه .

ثم زفر وهو يضرب كف على الاخر : مش ناقص غير زنك ..
هدأت شحنات غضبه إثر رنين هاتفه فاجاب مهللا
- سلطان بيه !! كله تمام ؟ والبضاعه اللى وصلت زينه ؟!

تترقبه من بعيد تقاوم ما بها الذي يندفع كله اليه .. تردد لنفسها بعض كلمات الثبات والعزيمه ولكن سرعان ما خرت كل قواها عندما اقترب منها متجاهلا وجوده قائلة
- استاذ خالد ..
توقف خالد إثر ندائها قائلا : قمر !! خير مالك ؟
بدى عليها الارتباك اكثر وجف حلقها اثر وجوده العاصف بكيانها قائله
- أنا هروح اقدم بكره .. حضرتك فاضي تيجى معايا ولا اروح مواصلات ..

هز خالد رأسه نفيا بشهامه
- لالا مواصلات اى !! انت مش قد مرمطتها .. الساعه كام هتروحى وانا هكون جاهز ..
اتسعت ابتسامتها قائله : خلاص يبقي الصبح الساعه 10 ..
اومئ ايجابا متجملا بابتسامه اعتاد ان يرسمها فهو لم يرد سائل من قبل قائلا
- خلاص الساعه 10 ياست الدكتوره مقدما ..

اردف جملته الاخيره وهو يهم بالذهاب إثر نداء امه من بعيد .. انهارت مشاعر قمر امام كلماته فالمحب يتعلق بالحروف بالنظرات وبالثوانى التى تجمعه مع من يحب .. وقف خالد بجوار امه متسائلا
- خير ياما ؟!

- البت قمر عاوزه منك ايه ياخالد ؟
- دي عاوزانى اوصلها تقدم فى الجامعه بكره .. بس ياما ..
صمتت ناديه لبرهه وبعدم تصديق : طيب خلى بالك .
- من ايه ياما ..
- البت زينه وعلى عينى وعلى راسي ياولدى .. بس متنساش اصلها امها لاراحت ولا جات خدامه عندنا ..

جز خالد على فكيه باستغراب : انت عتقولى اي ياما .. دي بت يتيمه وطلبت مساعده اقولها لا ..
اجابته ناديه بحزم : بردك خلى بالك ..
رمقها خالد بعدم فهم لمغزى كلماتها قائلا بلا اهتمام : حاضر ياااما ...

تقلصت أشعة الشمس وبدأت الطيور فى الاختفاء بين فروع الشجر مصدره صوتا لا يختلف عن اصوات قلبه الصادحه .. وهو يتجول بين غرف المساجين تاره وتارة اخري يشرف على تأمين القسم من الخارج وبعد مرور يوم مهلك عاد الى مكتبه الجديد ليستريح .. رن هاتفه فاجاب
- معالى الباشا ..
- باشا مين بقي .. انت اللى باشا ياسيوفى وسلمتلنا مدبولى من قفاااه .. عفارم عليك ياهشام ..

انتابه شعور الفخر قائلا : احنا فى خدمة معاليكم يا نشأت باشا .. وابن السيوفى لما يحط مهمه فى دماغه لازم يجيب رقبتها ..
- كل يوم بنبهر بيك اكتر ياسياده الرائد .. المهم مبسوط فى شغلك الجديد ..
ضحك ساخرا : طبعا مبسوطه .. فى حد مستني الموت فى اى لحظه مع اى هجمه ومش هيبقي مبسوط !!

- مصر لسه محتاجاك ياسيوفى ومتقلقش لو على النقل انا قدمتلك طلب نقل من الوزير شخصيا واول ما يردوا عليا هقولك .. لسه فى شغل كتير يابطل هنعمله سوا ..
- لا والله يافندم انا مبسوطه هنا .. وحد يطول يموت فى سينا .. ده يوم المُنى ...
- متقولش كده .. مصر لسه محتاجاك انت واللى زيك ..

انهى اللواء نشأت حديثه مع هشام الذي اصيب بهجمة قلبيه من نوع اخر .. نهض من مقعده وهو ينزع سترته الجلديه ويدور بفكره كلمات تلك المتمرده التى استطاعت أن تتحداه .. رجل يهابه الجميع الا هى وقفت بكل قواها امامه قائله
- " الحاجه الوحيده اللى مش عارفه احسها .. أنى اخاف منك "
انعقد حاجبي هشام مبتسما وهو يرتد بعض جملها التى اقتحمت بهما حياته قائلا باستغراب
- البت دي هبله ولا ايه !!

لم يجد مفر من جيوش افكاره الهائجه سوى اللعب بنشان الاسهم ويصوبها على اللوحه التلا تتوسط الحائط .. سهم وراء الاخر يصيب هدفه المادى دون الداخلى .. لا يعلم اذا كان باسهمه المتتاليه يقتلها بداخله ام يقتل غروره ..
اشتعل الفضول برأسه ليتحسس اخبارها .. فتناول هاتفه مجريا اتصالا باخته وبعد كثيرا من المحاولات اجابته بقلق
- ابيه هشام !! انت كويس ؟

- ممكن افهم الهباب اللي فى ايدك ده ما بترديش عليه على طول ليه.
فجر كبت مشاعره بصوته القوى الغاضب وهو ينهرها .. ارتعدت لصوته حتى باتت تهذى بجمل غير مفهومه وهى تلوح كفها بعشائيه
- والله ياابيه انا مكنتش عاوزه ارد .. قول لى ليههه .. اصلى فكرتك مجدى ولسه متخانقه معاه .. قولتله متكلمنيش تانى والا هقول لهشام اخويا يتصرف معاك .. اااه والله ياابيه زي ما بقولك ... فاانا خمنت ان اللى بيتصل هو فطلعت انت فأنا مـــ

جهر ليكتم ثرثرتها الغير مجديه بالنسبة له قائلا
- اخرسي بس .. ومجدي الحيوان ده انا هتصرف معاه ..
لوهلة مر على قلبها طيف الندم قائله : ماهو مرخمش قوي يابيه .. ممكن تتصرف معاه بس براحه ؟!

- مالك يابت !! مش ع بعضك ليه ..
- هااا والله انا تمام .. انت تمام ؟!
- انا تمام ياختى .. فين البت اللى عندك !
بتلقائيه اجابت : مفيش بنات عندى ..
الى أن تمهلت ثرثرتها تدريجيا وهى تتذكر مصيبتها قائله بتساؤل
- قصدك فجر يابيه ..

زفر باختناق : ااه ياستى هى ست فجر ..
- مش موجوده
هبت رياح صوته قائلا : نعـــــــــــــــــــــــــــم!!
لازالت تأكل خطاوى الارض ارتباكا وهى تشد فى خصيلات شعرها قائله
- اصلها اصلها نامت ..
- بدرى كده ؟!
لازالت تلقى كلمات فوضويه : ما هو ده نفس السؤال اللى انا سألته .. فردت قالتلى انها تعبانه ومش قادره تتحرك ومعرفش اى ودخلت نامت على السرير..

تحرشت عباراتها بقلبه التى تحول صخبه لقلقٍ : تعبانه ازاى يعني !! اطلبى لها دكتور ..
مسكت رهف رأسها لقلة خبرتها فى التصرف قائله
- دانا اللى عاوزه دكتور !!
هشام متسائلا : ايه ؟؟!!!
- احم .. لالا يابيه مش قصدي طبعا .. بس اصلا الموضوع مش مستاهل ..
- طيب لما تصحى خليها تكلمنى !
- ليه ياابيه !!

صمت هشام باحثا عن رد معاتبا لنفسه سرا على حماقته قائلا بحزم قبل ما ينهى المكالمه
- ما تنفذى وانت ساكته !!!
شرعت رهف فى التحدث ولكنها القت نظره سريعه على الشاشه فوجده انهى المكالمه
- انتو كلكم جايين على رهف فى البيت !! الحيطه المايله بتاعتكم انا يعني !! بس والله لاقفل تليفونى وابقوا ورونى هتوصلولى ازاى ..
ثم اقتربت من المرآه تتفحص وجهها بعنايه : خلاص ياروفا اهدي عشان التجاعيد ياحبيبتى وانت لسه صغيره !!

(صباح اليوم التالى )
- مصمم يعني تنزل الشغل ؟!
اردفت بسمه جملتها وهى تضع الطعام فى طبقه .. فسحب زياد كفها وطبع قبله خفيفه قائلا
- والله يابسبس على عينيى .. هسيبك تذاكرى شويه ومش هتأخر عليك !
احتضنت كفه بامتنان وهى تقول
- زياد .. مش عاوزه اوصفلك فرحتى بوجودك جمبى عامله ازاى .. ممكن متتخلاش عنى تانى !

مسح شعرها بكفه وهو يقول
- أنا عمرى ما اتخليت عنك اولانى يابسمه .. انت اول واحده دخلت قلبي والاخيره ..
- اومال ليه بتعمل معايا كده ! ليه مش مكتفى بواحده طالما بتحبها .. زياد انا قاعده معاك وعارفه ان كل لحظه بره الزمن .. كأنه حلم وعارفه انى هصحى منه ..بس البنى ادم طماع بيتمسك بأى حاجه تفرحه حتى ولو حلم ..

جر كرسه قربها وهو يزيح دمعه فرت من طرف عينيها قائلا
- ومين قال انى هسيبك ؟! ولا ان حياتنا حلم ؟!
- يبقي تعلن جوازنا ونعزم صحابنا ونعرف الدنيا كلها مش عيلتى وعيلتك وبس ..
- متزعليش نفسك احنا بس صنف بيحب الرمرمه .. وياستى متكشريش كده انا فعلا قولت لهشام .. وهو رحب جدا ..
تشبثت بده المتنقله فوق ملامحها قائلا بلهفة نجاه
- صح يا زياد ! يعني بعد النهارده مفيش وجع ؟!

غمز بطرف عينه وهو يسحب مفاتيحه قائلا
- لا طبعا فيه وجع بس من نوع تانى ..
وقفت معه بعدم فهم : قصدك ايه ؟!
قبل جبهتها بحب : لما ارجع هفهمك .. تقفلى الباب ونتلم ونذاكر هااا .. يلا باي باى ..

علاقات كرياح أمشير لا تعلم من اين اتت والى اين ستذهب بك .. تهب فجاه وتخمد فجاه .. وبين كل هذا وذاك تارة تعصف بقلوبنا حد الامان وتارة اخرى تعصف بارواحنا حد الهلاك .. فقلوبنا لا تتحمل ان تكون عُرضه للمفاجئات المزعجة كعواصف الحب مثلا ..

ركب زياد سيارته وشرع فى قيادتها بعد ما اغلق هاتفه يوما كاملا انهالت عليه الرسائل الكثيره التى انتهت باتصال نور الذي شق ابتسامته وهو يجيبها فهبت فيه قائله
- ممكن افهم تليفونك له يومين مقفول ليه ؟
دار مقود سيارته قائلا : ايه وحشتك !!
- تخيل !!
- لا بقا داحنا نحل الموضوع ده فيس تو فيس .. اشوفك فين ..

- ومين قالك انى موافقه ..
فاجابها ضاحكا : ومين قالك انى بستأذنك ؟
- رخممم اوى
- بعد الضهر وقت كويس اكون خلصت شغلى !
- مش هاجى ..
- بلاش تتحدينى ..
ثم اردفت مستسلمه : خلاص هستناك فـ الكافيه اللى قعدنا فيه اول مرة
- هستناكى على نار ..

- ايوة ايوووه ... مين اللي بيخبط بالطريقه الهمجيه دي .. انا جايه اهوووووو ..
تهتف رهف بصوت كله نوم وكسل وهى تجر فى ساقيها نحو الباب مزفره باختناق وعينها منطبقه الى ان فتحت الباب ردت الحيويه بها اثر شهقه قويه اتسعت مقلتيها قائله
- مجدي !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! بص اولا محدش هنا .. ثانيا اطلع بره ..

اوشكت على قفل الباب بوجهه ولكن سرعان ما عاق مخططها بقدمه ودفع الباب بقوته
- محتاج اسمع كل حرف اتقالى فى التليفون من اول وجديد ..
ركضت لتختبئ من شرار انظاره خلف المعقد قائله
- انا !!! انا ماقولتش حاجه .. خالص اصلا ..
ركل الباب بقدمه : عشان منفرجش الناس علينا بس ؟!

ضربت الارض بقدميها وبصوت اوشك على البكاء
- انت اللى فهمت غلط والله ..
يقترب منها بخطوات بطيئه : عاوزه تمشي على حل شعرك يابت السيوفى ..
- لا والله ابدا .. مش بقولك فهمت غلط .. همشي ازاى على شعري يامجدى ما واقفه علي رجليا عادى اهو والله ..

جن جنونه هاتفا : استظراف مش عاوز .. وكمان رايحه تشتكينى لاخوكى !!
- طيب انت موترنى وفاضل لى شويه وهعيط منك ..اهدي والنبى ..
كور يده بنفاذ صبر حتى برزت عروقه رقبته قائلا
- هديت .. ها انجزى !!
انخفض صوتها حد الهمس وهى تقول بمكر
- والله برافو عليا !!

ضاقت مقلتيه قائلا : قصدك اى يابت ..
تسير على اطراف قدميها بمهل وهى تأكل شفتيها بارتباك قائله بدلال
- اصلك يعني .. بصراحه .. هجاوب اهو متبصليش كده وتربكنى !! وحشتنى فملقتش غير الطريقه دي اجيبها بها .. اى رايك ابهرتك بذكائى مش كده !!

تحول دخان غضبه للهيب مشتعل .. فالرجل مهما كان محبا لا يود ان يكون لعبه تحت هراء النساء ولكنه تمالك زمام الامر سريعا وهو يقول
- وكلام بتاع بالليل ..
لازالت متسلحه بالحب والميوعه : ياميجو بقي .. ماانت عارف كلام بالليل زبده تطلع عليه شمس النهار تسيحه ..
- كان ممكن تقوليلى انى واحشك من غير الهبل ده كله !

- تؤ .. وفين الاثاره .. فين الاكشن .. فين اللهفه اللى شوفتها فى عيونك دي !! بلاش الحب التقليدي بتاعك ده !
تتقهقر للخلف وهى تردف عباراتها اثر تقدمه حتى ارتطم ظهرها بالحائط وباتت تحت حصار يده صارخه
- اوعى تكون هتتهور ..

طرد اخر شحنات غضبه مزفرا : بصي يابت الحلال انا اتقدمتلك 4 مرات واترفضت وشكلكم عيله كده مابتجيش غير بالشمال .. فأنا حسمت قرارى ..
تسلق الخوف حبالها الصوتيه قائله
- اللى هى ايه !
- هخليكم انتوا اللي تلفوا ورايا وتتحايلوا عليا عشان اتنازل واتجوزك
ارتفعت صوت شهقتها التى كتمها بكفه قائلا بشوق
- متحاوليش ... مفيش منى مفر ..

تجمدت دمائها وباتت قوتها والعدم واحد فلا تستطيع ان تبعده عنه .. انحنى مجدى تدريجيا ليصل لقامتها ناثرا عطرا على معالم وجهها فلم تجد مفر سوى ان تغمض عينيها مرتجفه وشفتيها مرتعشع منتظره مصيرها معه ..

اقترب منها مخترقا قانون المسافات وسرعان ما افشل مخططها عندما همس فى اذانها متوعدا
- متخافيش مش مجدي السيوفى اللى ياخد حاجه مش من حقه .. لكن قسما عظما يارهف لو شميت ريحة الكلام ده تانى هقطم رقبتك .. فاهمه ..
لازلت ترتجف تحت انظاره ولازال شيطانه يقوده اليها .. ابتعد عنها متحديا جمالها الغارق فيه وعيونها المغلقه .. فتركها وغادر على الفور قبل ما ينتصر قلبه على عقله وينفلت زمام امره ..

فاقت رهف منتفضه على صوت قفل الباب محاوله استيعاب ما فعله فسقطت ضاحكه معانده
- فاكرنى خوفت يعني .. طيب يانا يانت ياسي مجدي وهنفذ كلامى بالحرف ورينى هتعمل ايه ...!!

انهى خالد لقمر كافة اجراءات التقديم بالجامعه من غير ما يسمح لها بالنزول .. فترددت اخر جمله باذانها عندما رأته يخرج من البوابه
- تقعدي هنا معززة مكرمه ولو احتاجت لك فى حاجه هاجى اخدك ..

فاقت من شرودها على صوت فتح باب سيارته قائله بلهفه
- كده خصلنا ياستى وحولتلك ورقك من السن لاثار !!اى خدمه ..
اجابته بامتنان : شكرا اوي لحضرتك .. تعبتك معايا ..
شرع فى قياده سيارته قائلا
- مفيش تعب .. اى حاجه تحتاجيها اطلبيها منى ..

ارتسمت ابتسامة امتنان على ثغرها ملتزمه الصمت لعدة دقائق الا ان قادها فضولها للتساؤل
- ينفع اسأل سؤال شخصي !
- اتفضلى ياقمر ..
- انت لسه بتفكر فى فجر ؟!
فرمل سيارته وهو يرمقها بعيون متسعه مذهولا
- فجر ؟! وانت مالك بفجر ؟!
- اسفه والله بس مجرد سؤال ..
- وانت عرفتى منين ؟!
ارتبكت قليلا وباتت كلماتها متقطعه
- ابدا .. اصل أنا شوفتك وانت بتضرب الغفير اللى بيراقبها وبعدين عطيته فلوس عشان يسكت ..

ضرب مقود السياره باغتياظ ثم دار اليها متسائلا
- بت انت حد غيرك يعرف الموضوع ده ..
- لا طبعا مستحيل .. بس انت ازاى بتحبها وسبتها تهرب ؟
- ينفع تسكتى وتقفلى على الحوار ده والا !!!

سرعان ما وضعت اناملها على ثغره وغُرزت اناملها فى لحيته لتمنع توعده قائله
- من غير وألا .. انا عارفه حدودى كويس .. وكمان مستحيل افرط فيك بسهوله كده !!

ظل تبادل النظرات بينهم طويلا كانت مرتعبه فى حضرته .. تضور ندما على فعلها العبثي .. رفعت اناملها من فوق ثغره تدريجيا بخجل .. اما عنه فعاد ليواصل طريقه بدون اى رد منه ..

مرت الساعات سريعا الا على هشام الذي يترقب اتصال رهف على جمرات من نار يشاهد شاشته اللعينه التى لا تؤدى حاجتها عند احتياجه لها .. وانتهى اليوم وات يوم المهرجان السنوى لشركات النورماندي لاطلاق الفستان الذي يصل ثمنه لملايين الجنيهات ..

انتهت عايده من ارتداء فستانها الفخم حتى باتت كاميرات العصر العثمانى .. ولكن لم تخل ملامحها من القلق والخوف من الفشل .. الى أن اقتحم بيشوى عليها الغرفه مهللا
- معجزه كوين عايده ..
استدارت نحوه متهلفه : طمنى انا ليا يومين مش عاوزه اعطلك ..
اجابها بثقه : انا حقيقي منبهر بالنتيجه ..ومش مصدق عينيا ...
- اوووف .. بجد .. يعني فى امل نفوز على الشركات المنافسه ؟!
- بعيدا عن أن الفستان مبهر .. بس البنت طلعت قمر وجمالها ساحر .. أنا عاوز اروح اشكر ناريمان انها انسحبت .. كوين عايده احب ابشر اسم شركات النورماندي من النهارده هيبقي ماركه عالميه ..

- خايفه اوي يابيشوى .. طيب انا عاوزه اشوفها هى فين ؟!
- لالا حضرتك هتتفاجئ على الاستيدج .. اتفضلى جماهريك بيسألوا عليك بره ..

اقتحمت رهف الغرفه قائله بفضول : هى فجر فين عاوزه اشوفها ؟!
تدخل بيشوي : عايده هانم هتتاخرى ..
رمقته رهف ساخره : اي ياعم انت وهى الدنيا هتطير يعني ..

التفت عايده نحو رهف قائله : بسمه جاات ؟!
رهف : ااه وزيزو كمان جيه .. واتش فونه مش مجمع شبكه وده احسن لينا بردو ..

مرت عقارب الدقائق تأكل فى حواف قلب عايده قلقا وخوفا .. وهى تتقرب ظهور فجر على الساحه .. الى أن طلت عليهما كمطلع الشمس من غسق الليل بفستانها البيدج الاشبه بفساتين الزفاف المطرز بالمجوهرات الفريده والتاج الملوكى الذى اعطاها هيئه الاميرات بعودها المنتصب وابتسامتها الخلابه ..
تسلطت الاضواء عليها ولحقت بها شهقات السيدات المتتابعه .. نهضت عايده بانبهار محاوله استيعاب ما تراها وتتسائل : من تكون ؟! ايعقل انها الخادمه التى اتت بها ليله قبل امس ؟! .. تضاعف انبهارها عندما وجدت الجميع يقفون يتأملون اناقة الفستان شاهدين بجمال الموديل ..

حاله من الذهول اعترت الجميع قبل ما تنتهى فجر من سيرها فوق الساحه وتتقرب عيون الجميع تاكلها من كل صوب وحدب .. تتذكر ايامها التى قضتها على حصائر العاج .. والان ترتدي فستان يتنافس عليه اكبر رجال الاعمال .. فنتظر لداخلها لم تجد فرقا .. الفلوس غير قادره على تغير النفوس مهما تضاعفت ولا قادره على شراء السعاده لقلوب احترقت .. حالت ابتسامتها من جذابه الى ساخره على انبهار الحشود اللذين لو رأوها قبل يومين يكفى ان يعطفوا عليها بأن تمسح لهم احذيتهم وسياراتهم ..

ووسط الجميع كانت تختفى عين صقريه اتسعت ابتسامتها وهى تبتعد عن مصدر الضوضاء متحدثه فى الهاتف
- تمام ياعمده .. كده تروح تقدم بلاغ فى سيادة الرائد وانت حاطط رجل فوق التانيه كمان ..

اشتعل راس هشام بالتفكير والشبكه المنقطعه عن هاتفه لاكثر من ليله .. يجوب غرفتها بنيران تاكل حواف الارض الى ان جذب انظاره صوت المذيعه من احد المهرجانات العالميه تتقدم بالفستان الذى جن عقل الحاضرين وبات التنافس عليه كحرب ... متسعة انظاره عندما وجدها تتدلل امام الكاميرات بابتسامه فجرت براكين غضبه وهو يسب فى سره .. كل ما فعله انه لملم اشيائه بعجل متجاهلا مهامه متجها بكل شحناته المتقده نحوه
- ورحمة ابويا مانا عاتقكم...

كنت احارب لأخفى عنك شيئا لا يُحكى وأصمت وتفضحنى عيونى ساعة اللقاء.. فبقدر ما اريد التخلص من تاثير عينك.. ارغمك بطريقه ما على البقاء ..
يبدو اننى لازلت اُفضل البقاء فى المنتصف بين كل شيء .. عاقله بين شِجارات القلب والعقل والقدر .. كل منهما يحاول اقناعى للسير فى مساره بطريقه مغريه للغايه .. لاقف على هاوية النسيان حائره ؛ ايجوز الاشتياق لمن فضل الابتعاد عنا خيارًا ؟!

- كوين عايده الاول " الف الف مبروك " .. بعد النجاح العظيم اللى فازت بيه شركات ( النورماندى جروب ) ممكن أعرف ليه ناريمان فايز انسحبت قبل المهرجان بساعات ؟!

اردفت الصحفيه سؤالها لعايده التى ارتدت ثوب النصر وتسلحت بابتسامة الفوز قائلة بفظاظه
- الله يبارك فيكِ .. اولا انا بوجه رسالة شكر لكل اللى تعبوا معايا عشان نوصل للنجاح الرهيب ده .. ثانيا معنديش رد على انسحاب ناريمان دى الاجابه هنعرفها كلنا فى المحكمه ..

عادت المحاورة تلقى سؤالا اخرا
- ومين رشح لحضرتك الاختيار الموفق للموديل ؟!
- بصراحه كل حاجه جات صدفه .. فجر كانت لسه راجعه من اوروبا واول ما طلبت منها متأخرتش ..
عادت المذيعه لتلقى سؤالا جديدا موجها لفجر قائلة
- ممكن تعرفينى على حضرتك اكتر واى تعليقك فى الضجة الرهيبه اللى حصلت عشانك !!

ابتسمت فجر بامتنان وشرعت لتُجيب ولكن اوقفها تدخل عايده المفاجئ وهى تخطف المايك قائله
- فجر من اوصول عائله (النورماندى) .. وكانت بتدرس فاشون فى أوروبا ولسه راجعه من كام يوم .
ابتسامة مجامله تبادلت بينهم فعادت المذيعه لتسائل فجر مرة ثانيه
- احكى لى من خلال تجربتك النهار ده .. حاسه بايه !

لم تعط عايده الفرصه لفجر أن تتفوه .. فكانت سرعان من تخطف الاضواء والاعلام لديها لتزين كذبتها بحرافيه .. لازالت فجر صامته راسمه ابتسامه مزيفه .. تتقرب عالمهم الورقي ولو اشتدت عليه الريح لهدمته فوق رؤوسه ..

بات اكبر رجال الاعمال يتنافسون على فستانٍ ثمنه كافيا أن يكفُل قريتها عامًا مقابل ليله واحده يشترون بها رضاء نسائهم التى لم تذرهم نسائم القناعة .. يدفعون الملايين من الجُنيهات مقابل خبرا بالخط العريض فى جريده الغد .. حتى الحب لم ينج منهم يشترونه بنقودهم .. يتسابقون ليكّونوا اموالا كى يكونوا بها .. ألا أُخبركم بأن عالمهم فارغا للغايه !! " حياة من ورق "....

- اتصرف يا سامر .. حتى ولو هترسي على طيارة خاصه توصلنى اسكندريه خلال ساعه ..
تلتهم نيران غضبه خطاوى صالة مطار العريش وهو يجوب ذهابا وايابًا يتحدث مع صديقٍ له يعمل بالمطار .. اجابه سامر قائلا
- ياسيوفى اهدى يا جدع .. قولت هتصرف ..

- سامر .. مفيش وقت !! انجز وحياة ابوك ..
- طيب بص ياهشام فى طياره كمان ساعه هتطلع .. استنى بس هشوف المقاعد واقولك ..
-حتى ولو هفضل واقف على رجليا ... المهم اوصل .. يلا ..
- طيب ياسيوفى .. اهدى وهرجع اكلمك ..

- الله عليك ياجوجو ياجامد .. حقيقي أنا مش مصدقه نفسي .. شكلك طالع قمر اوى اوووووى ..
تتنطت رهف امام فجر وبصوتها الطفولى المفعم بالانبهار اردفت جملتها .. فضحكت بسمه قائله
- بصراحه يا جوجو الجمال عدى الكلام ..

- والله ياجماعه انتوا مكبرين الموضوع .. انا هقلع الفستان بس وهرجع فجر اللى تعرفوها ..
لم يكد يجيبها أحد ولكن بادر ردهم صفير زياد العالى وهو يقتحم مجلسهم فجاة قائلا
- يا بنتى هو انا مش سبق وقولتلك أنك خطفتى قلبى من أول مرة قابلتك فيها ..

تنحنحت رهف بخفوت مردفه بنبره ساخره
- اهو نحنون آل السيوفى وصل ..
استدارت بسمه نحوه باغتياظ
- انت كمان بتعاكس قدامى ..
رد ممازحا ولازالت اعينه تحرق فجر قائلا
- أنا لو مأستغلتش الموقف وعاكست الصاروخ ده حالا .. هتبقى نقطه بيضه فى سجلى المهبب ..

كتموا اصوات ضحكهم جميعا الا بسمه انعقدت ملامحها قائلا
- عارف يا زياد لو ما احترمت نفسك ممكن اعمل فيك ايه !!
لازال محدقا النظر بفجر وعيونه الصقريه تلتهمها وهو يقول بهيام
- أكتر من اللى فجر عملته فى قلبى ؟!

فارت دماء بسمه من عبثه فلم تكبح مشاعرها بأن تضربه بحقيبتها الصغيره على كتفه وسرعان ما استدار نحو بسمه بانسيابيه ليلتهم شفتها مباغتةً تحت انظار فجر ورهف التى ارتفع صوت شهقتهم مذهولين من فعله الغير متوقع .. ثم ابتعد عنها بعد ما انهى مهمته قائلا
- يعنى اعاكس من وراكى مش عاجيك اعاكس قدامك مش عاجب !! اعملك ايه عشان تصدقى انك جوه القلب والعين ..

من السطيحه ان يقول لها (احبك) .. ولكنه رجلٌ يراوض فقط لينعم .. احمرت وجنتى بسمه خجلا إثر فعله فهتفت رهف بتسائل
- هى الميه رجعت لمجاريها ولا ايه ؟!
وجه زياد كلامه لبسمه : اشمعنا دى ماقولتلهاش عليها !! ولا انتو كستات كده مش بتحكوا غير النكد !
رفعت رهف حاجبها بانيهار : يبقي الميه رجعت لمجاريها .. ااااه وانا اقول مجيتوش ليه معانا اسكندريه !! يعنى خلاص اتصالحتوا وهنحضر فرحكم قريب ..!

مور زياد كفه ليضرب به رهف على راسها قائلا
- خفى نبر يابت أنت ..
عبثت رهف بأناملها فى وجنتيه
- توبتى خلاص يابيضه وهتودعى السرمحه ؟!
رمقها بعيون ضيقه قاصده إثاره غضب بسمه وهو يقول
- مين بيطلع الاشاعات دى ؟! دانا اللى بيجرى فى عروقى ستات مش دم ... يموت الزمار وصوابعه بتعزف ياروفا!!

اتسعت حدقه عينى بسمه مهدده : وربنا اقتلك يا زياد ومش هاخد فيك يوم ...
تدخلت فجر سريعا فى الحوار
- جرى أيه أحنا ما صدقنا انكم اتصالحتوا .. وانت ياعم زياد اتفضل بقى عاوزه اغير ..

- ما تغيري عادى .. دى ساعه المُنى !!
اردفوا ثلاثتهم بنبره واحده : آييييييه ؟!
تلعثمت الحروف بفمه : قصدى لو مكنش القمر هو اللى يحلف !!

اردفت نيرة صوت بسمه متوعده : زياااااااد ..
نصب عوده الذي كان منحنيا قليلا نحو فجر متحمحما
- احمممم هدور العربيه واستناكم تحت ....

تركهم زياد وغادر وسرعان ما التفتا نحوها فجر ورهف التى اردفت بنيره عسكريه
- حالا .. تقوليلى ازاى وفين وليه وامتى وحصل ايه من ورايا رجعكو سمن على عسل كده ؟
صمتت بسمه للحظه شرعت فيها انها وقعت فى مخالب من لا ترحم قائله بأرتباك متعمده الهرب من اسئله رهف
- أنا!! ده اخوكى بيشتغلنا ... ممم انا هنزل اشوفه .. يلا سلااام ..

وقفت رهف تتحرق ظهرها بنظراتها الفضوليه واضعه كفيها على خصرها وهى تقول
- مابقاش رهف السيوفى اما كانت في حاجه حصلت من ورا ضهرى وانا معرفهاش ..
لكزتها فجر قائله
- انت ياعم المفتش ..واحد ومراته انت مالك ياغسله !! ممكن تفكيلى الفستان بقي ...

لازالت ملامح رهف منعقده بجديه ونظرتها الحادة صوبتها نحو فجر التى ارتبكت للحظه
- اسفه مكنش قصدى اشتم بس انت فضوليه اوى يالهوى منك ...
قهقهة رهف بمزاح : أنت بالذات تسكتى خالص عشان لسه هشام السيوفى لما يعرف بجريمتك دى هيحطك كده فى مدفع ويولعك بدل الصاروخ ..
- يادى النيله ! اسكتى انا مرعوبه ومش عارفه اصلا عملت كده ازاى ؟!

وصلت مُهجه الى غرفتها بالفندق وهى تنزع حذائها ذو الكعب العالى وتلقى نظرة متباهيبه على فستانها الاسود الذي ينحت تفاصيل جسدها لتبدو أكثر جاذبيه .. صففت شعرها بانسيابيه ثم استدارت لترد على هاتفها وهى ترتمى بظهرها فى منتصف مخدعها قائله بدلال
- كل ده ولسه مجتش يا زيدوووو ؟!!!
اجابها زيدان وهو يركب سيارته الفارهه
- انا فى اسكندريه .. قدمت بلاغ ف ولد السيوفى وجايلك تحكيلى اللى حصل بالتفصيل وازاى وصلتى لفجر ...

ضحكت بصوت عالى وهى تتغنج بدلال
- لما تيجى هابقي اقولك ...
- فى اقل من ساعة هكون عندك ...
لمست عجلات طيارة العريش ارض مطار اسكندريه .. فكان هشام يقف على بابها وبجواره سامر الذي عرف قصة فجر كامله من هشام لانه طلب مساعدته..

- ياسيوفى مش هجرى وراك يا جدع .. اصبر طيب ..
يحاول سامر ان يلحق بخطوات هشام الواسعه الاشبه بالركض حتى وصلا الاثنين الى باب المطار .. فهتف سامر
- اكيد مش هنركب مواصلات .. استنى انا كلمت اخويا يجيبلى العربيه وزمانه جاي .. ممكن تهدى !!

افجرت براكين غضب هشام جاهرا
- اهدى ازاى بعد عملتهم المهببه دى ؟!!!!! انت مش متخيل عواقب الموضوع .
وقف سامر امامه متأففا
- والله فاهم بس ما فيش حاجه هتتحل بالعصبيه دى ؟!

ضرب هشام الارض بمشط قدمه متأففا وهو يلوح لتأكسي .. ولكن سرعان ما جهر سامر قائلا
- اخويا جيه .. يلا تعالى نركب ..
سار هشام خلف سامر وركب سيارته وهو ياكل شفتيه اغتياظا .. فله ان يهد العالم عندما يحدث عكس ما ينتوى ..
- طيب ... طيب ياست عايده!! بتتحدينى ؟!

فاق على سؤال سامر لاخته : سارة .. اومال اخوكى مجابش ليه هو العربيه ..
- اصله تعبان قولت اجيبهالك انا .. عادى ياسامر ..
هتف هشام قائلا : وصلها الاول وبعدين كمل على البيت ..

اومئ سامر بالايجاب وهو ينطلق بالسياره .. ولكن التفت هشام نحو حديث سارة التى تبارك له
- متتصورش يا سياده الرائد مهرجان مادام عايده مكسر الدنيا .. بجد نفسي اوى البس من عندها ..
ببلاده اجابها : اااه ان شاء الله ..

سرعان ما فتحت هاتفها لتُريه الفستان
- حقيقي الفستان يهبل بعقل !!! والموديل قمر اوى كأن الفستان اتفصل عشانها ...
تناول الهاتف ليكبر الشاشه ويتأمل تفاصيل فجر داخل الفستان برغبه عارمه تمزقه من الداخل .. فكان لديها جمالا يصهر الحديد وبجمالها طغت على الفستان ليبدو بهذه الهيئه .. ظل طويلا يتفقد صورتها مما ثار فضول سارة الهاتفه
- هى بجد تقرب لطنط عايده ؟!

التفت هشام نحو ساره باستغراب
- مين ؟!
- الموديل الجديده .. ولسه راجعه من اوروبا !!
حاول تشتيت انتباهه عن الغضب ضاحكا
- كمان ؟!
- فى حاجه ياسياده الرائد!!

تدخل سامر ليضع حدا لثرثرة اخته المتيمه بهشام قائلا
- سارة هشام مافيهوش دماغ لرغيك !!
- سورى مكنش قصدى ..
ابتسم هشام بمجامله : حصل خير ...

ثم عاد ليعبث بهاتفه بحركات فوضويه حاولت سارة ان تلتقطها من خلفه ولكنها فشلت التى اتخذت من انفاس قربه فارسا فى ظلال مخيلتها لتشرد معه فى حياة شقيت فى نقشها ...

تفتنها من راسها للكاحل عندما فتحت له الباب ففزعت غدده الصماء فجاة متذكرة وظائفها الاداميه .. ولكنها سرعان ما ركضت ضاحكه وهى تقول
- تقول لى عملت ايه مع ابن السيوفى الاول ..
القى زيدان عبائته أرضا وهو يدنو منها بنظراته الناريه
- يتحرق ولد السيوفى .. تعالى اقولك حاجه اهم ..

اوشك ان يظفر بمراده ولكنها ابتعدت عنه إثر رنين هاتفها قائله
- نيمو ... حبيبي ازيك !!
أطفأت ناريمان سيجارتها بغل
- شوفتى ست عايده تبلغ عنى انا ؟!
اطلقت مهجه ضحكة عاليه تردد صداها فى ارجاء الغرفه
- وانت خايفه ولا أيه !!

- مهجه هانم انا فى مصيبه ؛ انا مش اد مرمطة المحاكم ؟! ولا اد الشرط الجزائى !
استندت مهجه بمرفقها على كتف زيدان الذي طوقها من خصرها قائله
- ومين جاب سيره المحاكم بس .. طول ما أنا معاكى اطمنى ..ّ
هتف ناريمان بخوف : بس انا خايفه
- ياستى ليكى عليا بكرة هنتقابل وهفهمك على كل حاجه .. مرضي !!

اطرقت ناريمان مستسلمه : تمام .. بكرة هستنى تليفونك ..
تفقدها زيدان بتسائل : مين دى ؟!
رجعت بظهرها للخلف وهى تطلق ضحكه تنبض قلب الحجر
- دى ياستى الطعم اللى احنا اصطادنا بيه ست فجر !!
رفع حاجبه متسائلا: افهم ..

ابتعدت عنه لتصب كأسا له من النبيذ وتقص عليه ما حدث
- فاكر لما روحت لعايده هانم عشان اتفق معاها على شحنات جديده ...!!
تناول منها الكأس وتجرعه دفعة واحده وهو يقول
- ايووووه !!
- انا ونازله بقي خبطت فى ناريمان وشبهت عليها لانى بحب اتابع الموضه واللبس والجو ده .. واتعرفت عليها وطلبت منها متروحش المهرجان ... وهديها اضعاف ما بتاخد ...

ثم تناولت قبله خاطفه من ثغره مواصلة حديثها
- البنت طمعت والفلوس زغللت عينها .. واختفت .. وطبعا ست عايده مكنش قدامها غير استبن وطبعا مش هتختار اى حد والبت فجر بصراحه يجى منها .... وبغبائها ظهرت للاضواء وبكده وصلنا لكل اللى عاوزينه ...

ظل يقطم شفتيه منبهرا بذكائها : دانت دماغ !!!
-تربيتك ياعمده .. المهم عملت اى مع سيادة الرائد !!
- زمان الحكومه واخده قوه وطالعه على بيته !! وكلها ليله وست فجر تشرف فرشتها ...
كانت أخر جملة اردفها زيدان قبل ما ينقض عليها كأنقضاض الاسد على فرائسه ....

صوت طرق قوى على الباب حتى اوشك على الانخلاع .. لم تكد فجر تجلس على الاريكه لتستريح من (حذائها العال الغير معتاده على لبسه وبنطالها الجينز الذي يقطم خصرها وفوقه توب وبليزر باللون الابيض ) ... فكانت عايده حريصه على مظهرها لتبدو كنجمات هوليود فتليق بمهرجانها ....

نهضوا جميعا فركضت رهف نحو الباب لتفتحه .. فهبت عواصف غضب هشام كالدقيق اقتحم كل الوجوه وهو يدفع رهف بقوه من امامه حتى ارتطم ظهرها بالحائط.
- والله عاااااال !! ست عايده هانم فين !
خرج زياد من غرفته متسائلا
- هشام !! فى ايه ؟!

- اهلا يابيه .. تعالى شوف الفضايح اللى عملتها أمك والهانم ..
ركضت رهف لتهدأ من ضجيجه
- اهدا بس ياا ابيه هفهمك ..
دار نحوها صارخا
- انت تخرسي خالص لسه حسابك مجاش !!

تقدمت فجر بخطواتها الثابته وهى تقارن قامته بقامتها التى وصلت لثغره إثر حذائها المرتفع وهى تقول ببرود
- ممكن اعرف حضرتك متعصب ليه ؟!
حاول قدر الامكان تمالك اعصابه وشجونه قائلا بغضبٍ مكبوت
- هو أنا مش منبه عليك .. ضلك ما يشوفش الشارع !!

عقدت ساعديها متحديه
- ااه .. قولت ..
- حلو ! افهم بقي اللى هببتيه ؟!
استخدمت اسلحة التمرد قائله
- انت تقول اللى عاوزه اما أنا اعمل اللى عاوزاه ...
- انت شكلك متعرفيش هشام السيوفى...

لم تكد أن تنتهى من جُملتها فنالت من كفه القوي لطمه قويه أخرستها .. نيمت التمرد على شفتيها .. وجمدت الدماء بجسدها .. تنظر له بعيون منهمكه بحزن لم تذرف دموعه .. بادلها بنظرة نادمه للحظه وسرعان ما استدار ليتجاهلها ويترقب العيون المتسعه التى تحاصره جاهرا
- انتوا مصممين تهدوا الدنيا فوق راسنا ليه !! كل واحد مش فاهم حاجه وماشي بدماغه ..

استند سامر بكتفه على الحائط يترقب الموقف بصمت بالغ .. ركضت بسمه نحو فجر التى اصيبت بصدمه إثر فعله الغير متوقع .. فهى اعتادت ان تتمرد وتلعب على اوتاره دون ان يتطاول عليها .. افسح لها ساحة الجدال وسرعان ما هد المعبد فوق رأسها .. صفعه واحده منه ادخلتها فى عالم لم تستطع أن تفيق منه للحد الذي تناست وجوده البشر حذاها ..

تدخل زياد : هشام فهمنى طيب .. اهدى ..
- بقولك مستقبلى ضاع يازياد بسبب انانية أمك وغباء عيله مش فاهمه حاجه ؟! عاوزنى اهدى ازاي !!
لم يستطع زياد ان يجيبه ولكنه التفت نحو رنين هاتفه من رقم مجهول فوجده صوت انثوى متسائلا
- دكتور زياد اخو الرائد هشام معايا ؟!

اتسعت عيون زياد وفتح مكبر الصوت وهو يجاريها فالحديث
- ااه اتفضل .. مين الاول ..
- بص يا دكتور انا واحده مش معاكم ولا ضدكم بس حابه اعمل معاكم موقف جدعنه ..
صمت الجميع ولكن اعينهم باتت مشحونه بالف سؤال
- فهمينى ..

- وصل لسياده الرائد أن البوليس كلها دقايق وهيكون عنده لانه مطلوب القبض عليه بسبب خطفه لمراة العمده زيدان نصير ... انا عملت اللى عليا يارب تلحقوا تتصرفوا !!
جهر زياد عده مرات : الووو مين ! الوووووو ..

انتهت مهجه من القاء سُمها وسرعان ما هبت مفزوعه على صوت زيدان الخارج من المرحاض ملتفا بمنامته وهى تبدل خطوط الاتصالات قائلا
- كنت بتكلمى مين ؟!
- هااااا !! كنت كنت بطلب عشا .. عارفاك على لحم بطنك من الصبح ..
صوب زياد عيونه المتسعة نحو هشام قائلا

- فهمت حاجه ؟!
تدخل سامر فى الحوار : اكيد العمده بلغ .. هشام انتوا لازم تهربوا من هنا !!
- انا مش ههرب لمكان !!
- ياسيوفى افهم .. البت دى لو وقعت فى ايدين زيدان هيقتلها ..
- شالله يقطم رقبتها .. تستاهل كل الل يجرالها ..
زفر سامر باختناق : اسمعنى بس .. لازم تبعدوا عشان تحلوا الموضوع الاول .. وانت قولتلى انك محتاجاها فى قضيتك ..

تدخل زياد : سامر كلامه صح .. يلا هجيب مفاتيح العربيه واوصلكم لشاليه واحد صاحبى..
استدار نحوها فانتابت جسمه قشعريره لا يعلم من اين تسربت قائلا
- رهف هاتيها وتعالى ..
رهف بمعارضه : وانا مالى اهرب معاكم ليه !
جحظت مقلتيه بشظايا الجزع
- مش عاوز كلام كتير ..

وقفت بسمة التى خطفت انتباه سامر بلون عيونها الرمادى وهى تقول
- اجى انا ياهشام معاكم ..
تدخل زياد سريعا : خليك أنت عشان محدش يحس بحاجه..
لازال سامر مسحورا بملامح بسمه الهادئه وهو يقول
- اتفضلوا انتوا وانا هأمن البيت تحت يللاااا ..

تحركت فجر معهم مستسلمه متحاشيه انظارها عن هشام الذي من حين لاخر يتأملها بحماقه طفل الى ان التقت أعينهم لوهله صافحت قلبه باهدابها المرتجفه بنظرة اصابته بضربه احدثت اثرها كدمه من تلك التى لا تراها العين بل تدغدغ القلب وهما على اعتاب الشقه .. ففوجئوا بعايده
- انتوا رايحين فين !!

رمقها هشام بنيران غضبه : لسه حسابك مجاش يا عايده هانم.
القى جمر كلماته وانصرفوا جميعا على السلم فردا وراء الاخر .. ترقب سامر الطريق ثم اشار لهم بالتحرك نحو سيارة زياد ... بغتة صدر صوت رصاصه ممزوجه بصراخ رهف فتفاداها هشام عن فجر وخفير تبع زيدان يجهر قائلا
- عيهربوا يا ولد المحروق!!

دخلوا جميعهم السياره ولازال هشام ممسكا بكتفه متأوهها تحت صراخ رهف التى جن عقلها
- هشااام هشام انت كوويس .. قول انك كويس والنبى ..
انطلق زياد بأقصى سرعه فلحقت خلفه سيارة الخفر التى فشل سامر فى تعطيلها وهو يركل الحجر بقدمه متأففا
- ياولاااد ال !!!!!!

تجوب ذهابا وايابا تحت انظار بسمه صارخه من فيض قهرها
- الولد يقف يقولى لسه حسابك مجاش !! وايه كمان ياابن السيوفى ؟! دى اخرة التربيه !!
بسمة بتوسل : طيب معلش ياخالتو اهدى والنبى .. هشام معذور. ..

دفعتها بغضبٍ يتقافز من ثغرها
- انا اللى روحت جبت بنت من الشارع ودخلتها بيتى ؟! انا اللى اتسترت على واحده هاربه ؟! هو اللى ودانا فى داهيه وجاي يحملنا نتيجه اخطاءه .. شارب طبع ابوه .. هو دايما صح هو ما بيغلطش هو اللى كلمته تتسمع ..

- طيب اهدى .. معلش ماانت عارفه هشام بيرمى كلام من غير ما يحسنه !! وانت امه بردو عديها ..

هبت زعابيب جزعها
- وياريت طمرت فيه التربيه !! ابوه بعد ما اتمرمغ فى حضن بنت عمه جابلى ابنها حتة لحمه حمره عشان اربيه والأكبر كتبه بأسمى .. وانا اللى عايشه وساكته ومتحمله نتيجه اخطائه وعكه وشخطه ونطره ... طيب يااهشام .. لازم تفوق وتعرف مقامك كويس !

تجلطت دماء بسمة إثر ثرثره خالتها وهى تقول بذهول
- هو هشام يعرف الموضوع ده ؟!
جلست عايده على الاريكه وهى تناول حبوب مهدأة
- لا طبعا .. محدش يعرف غيرك انت وامك وابوه ، وانا اللى خايفه على مشاعره وبعامله زى ولادى ... دى اخرتها ياهشام !!!!!!

جثت بسمه على ركبتيه
- خالتى وغلاوة رهف وزياد عندك ادفنى السر .. عشتى دفناه ٣٣ سنه هتيجى تفتشيه دلوقت ؟!
- صبري نفد منه ومن ابوه يابسمه .. جبت اخرى ..
ربتت بسمه على فخذها بتوسل
- بكرة هشام هيتجوز ويبعد عنك خالص .. بس متكسريش قلبه عشان خاطر اخواته .. بلاش تخليه يكره نفسه أكتر !!

اغمضضت عينيها لبرهه متخذه عدة انفاس متتاليه وهى تتراجع برأسها للخلف .. ظلت ترمقها بدهشه وتتسائل بينها وبين نفسها
( اى فعل او رد خلف جدار الغضب قادرا على إطفاء الرحمه بالقلوب .. والبوح باسرارٍ دفُنت لاعوام .. كنت اظن ان الماضي اسير الايام مهما مرت عليه محته فيُسنى ولكن ما عرفته الان الماضي لا يُنسي وأن حاولنا نسيانه .. الماضي سحر ينقلب على الساحر بمجرد التنافر بينهم .. على كلٍ اشعر وكأننا خلقنا بقلبٍ غير مؤهلٍ لكتم الاسرار كقصرٌ دفين فى مكان مجهول ذو بوابه واسعه تطل على العالم اجمع وهى ثغر البشر ..)

لازال زياد ينطلق بسيارته بسرعه فائق وخلفه سيارة خفر زيدان وعلى حده كانوا رجال الشرطه منتشرين تحت منزل عايده التى اوشكت أن تبوح لهم بالحقيقة ولكن سرعان نا تدخل سامر سريعا
- انا النقيب سامر فؤاد .. ولسه سايب الرائد هشام بيخدم فى العريش ..

ظابط الشرطه: احنا عاوزين البنت والرائد هشام مسيرنا هنوصله ..
هتفت بسمه سريعا : بس البنت اختفت بعد المهرجان .
- ياانسه انا عندى امر بالقبض على ظابط خطف واحده يوم فرحها!!
تدخل سامر سريعا : انت اكيد عارف جاي تقبض على مين ؟!

- الجميع قصاد العداله سواء ياسياده النقيب.
- بس هشام السيوفى غير ..
احمر وضع الظابط غاضبا: ممكن اعرف سبب تواجدك فالوقت المتاخر هنا وعلاقتك بعائله السيوفى ؟!
تبادلت الانظار بين سامر وبسمه للحظه ثم اردف بثقه لم يتسرب منها الشك قائلا
- والمفروض إنى اجى إمتى عشان اشوف خطيبتى ؟!

ردت الكلمه فى صدر بسمه كالسهم متابعه حديث سامر باهتمام الذي رات منه نيره مختلفه متسلحه بالقوة
- انا شايف انك تعديت حدود مهمتك يا حضرة الظابط.. ولو عاوز تفش اتفضل الباب مفتوح...بس ياريت فالسريع عشان الحق اقعد مع خطيبتى .....

لم ينجح زياد فى الفرار من رجال زيدان اللذين فصف بسيارته بقرب الميناء هاتفا
- يلا انزلوا بسرعه ...

هبطوا جميعا من السياره ولازال هشام متأوها ويسير خلفهم حتى جذب انتباه فجر اهاته المكبوته فرجل عنيد مثلا لا تليق به آهات الوجع وقفت للحظه لتساعده ولكنه رفض مساعدتها واكمل طريقه راكضا وهو يسحبها من كفها عندما سقطت عينه على رجال زيدان يدلفون من سيارتهم ..

وصل زياد الى اللانش الذي طلبه من صديقه وتسلقوه سريعا ولازالت اعينهم على رجال زيدان اللذين يبذلون اقصي جهدهم ليلحقوا بيهم ...

بعد نصف ساعه من تحرك زياد فى البحر .. تهدأ سرعة اللانش الذي قسم امواج البحر لنصفين شيئا فشيئا ويهدأ زعر قلوبهم معه متخذين انفاسهم بارتياح الى أن توقف اللانش فى عرض البحر باحثين باعينهم عن نجوم السماء التى اختفت إثر تكدس سحب الهموم فوقها حتى انطفأت ...

قام زياد من مقعد القياده مقاومًا اتجاه رياح البحر الأبيض المتوسط الذي يعانده ويأتى عكسا مردفا بضجر
- اتمنى الست هانم تكون مبسوطه بالمرمطه دى !!

وحدها المقصوده وحدها التى قلبت حياتهم رأسا على عقب وحدها الذي غُرز بقلبها خنجر الذل .. بللت فجر حلقها عدة مرات محاوله الحفاظ على ثباتها ولكن كعادتنا نحن كبشر مهما تسلحنا بالقوة اتت العين لتفسد كل شيء وفى نفس اللحظه التى انبثقت المياه من سُحب مقلتيها لحقت بها سحب السماء بامطار غريره كسيل مصائب حياتها .. تدخلت رهف سريعا متجاهله ثرثرة زياد اخيها
- هشام .. ورينى جرحك .. انت متعور ؟!

ضغط على كتفه متألمًا وهو يحاول النهوض من مكانه قائلا بصوته المتردد إثر قوة الريح
- زياد وقفتنا متصحش !! الموج عالى والجو شديد ..
بتلقائيه اخرج زياد من جيبه سيجارته محاولا اشعالها ولكن بدون فائده .. فألقى ما بيده فى المياه بنفاذ صبر غاضبا وشظايا الضجر تتناثر من كل إنشٍ بوجهه قائلا.

- عالله نموت ونخلص عشان الست هانم تستريح !! اهو هشام ومطلوب القبض عليه بدل ما كان على وش مقدم .. ورهف ضيعتى مستقبلها وامتحاناتها عشانك وسمعتنا اللى بقيت فى الارض وأنا بكرة يفصلونى من المستشفى ..
تدخل هشام بحده ليكف نهر اخيه ملصقا كتفه السليم بزياد قائلا بصرم
- زياد !!! ملهوش لازمه الكلام ده دلوقت... فكر معانا هنحل المصيبه دى ازاى ولا هنروح فين ...

تكورت فجر حول نفسها وطوقت ساقيها المثنيتين بذراعيها كعادتها تحضن نفسها بنفسها لتهدأ متجاهله حيرتهم وشجارهم وصوتهم الذي يتنافس مع الرياح كمن يستسلم للموت .. دار زياد فى مكانه ممسكا برأسه حتى هتف بصيغه آمره
- هشام هنتحرك من هنا ع اقرب مأذون وتكتب عالبت دى .. وتدارى على الفضيحه بدل ما الدنيا كلها تعرف ان الرائد هشام السيوفى خاطف عروسة يوم فرحها !!

تدخلت رهف سريعا لتقف بين اخواتها
- اى الجنان ده !! هشام انت مش هتعمل كده صح !! مياده ما تستاهلش منك اهانه زى دى !!
اصيب هشام بصاعق كهربي بين ضجيج قلبه ومستقبله الذي انهار فوق رأسه صامتا يلقى نظرة من حين لاخر على تلك الصغيره التى لا تهتم بحديثهم .. كل ما تنتظره ان يركض اليها عزرائيل بنفس ذات السرعه التى تخنقها بها الرياح .. اكملت رهف متوسله
- هشاااااام .. انت مش هتعمل كده فى مراتك !!

زياد بنفاذ صبر : يبقي افرحى بالاساور فى ايده ..
ثم تحرك نحو فجر حاملا جيوش غضبه فى صوته القوى ممسكًا بمعصمها لتقف بجواره بهذل وبنبره تهديده واصل زياد
- مفيش داعى اكرر كلامى .. اكيد سمعتى.. هشام هيكتب كتابه عليك الليله !! والصبح تروحى تشهدى فالنيابه انه مفيش حاجه حصلت من كل ده وانك انت اللى هربتى معاه بمزاجك ... كام يوم هنرميلك قرشين ويطلقك وتختفى من حياتنا ...

تقلصت بجسدها محاوله فك قبضته الحديديه وهى تشيع هشام بنظرات النجده ولكن تناست انها تطلب رحمه من ذئب لا يرحم .. شعرت بضعفها باختلال اتزانها بأن روحها تنقبض .. تدخلت رهف بينهم لتفك قبضة زياد
- حرام عليك البت مش مستحمله يازياد ...

ثم التفت نحوها وهى تجفف دموعها بكفها الذي جفف مياه حزنها دون مياه المطر قائله وهى تاخد انفاسها
- فجر .. انت موافقه ع كلام زياد ... معلش هشام لازم يخرج من المصيبه دى بأى تمن ... دا كله اجراء روتينى ..

القت نظرة منكسره على هشام الواقف خلف اخته ببنيانه المنصوبه منتظرا ردها دون ان يغمض له جفن الرحمه .. فاطرقت انظارها ارضا معاوده النظر اليه الذي يكابح جيوش قلبه المتراقصه عكس تجمد ملامح وجهه الصارمه وعيونه التى ينبعث منها نارا .. فحركت فجر راسها بالنفى قائله بضعف
- ماينفعش ... م ي ن ف ع ش .. ع عشان زيدان كاتب كتابه عليا...

كارثه اعظم انهالت على روؤسهم جميعا .. فوقوا بين انياب الاسد .. مشكله لم يخلق لها حل غير الموت .. شعر هشام باظافر حاده اخترقت صدره لتعصر قلبه لنصفين جاهلا ما سبب تلك الالام التت اندلعت بجوفه فجاة اوقع فى الحب ام وقع فى فخ امراة فيها شيئا من التاريخ والقدر ام فخ انانية الايام .. لاول مرة يقف مسلوب القوه والاراده يراقب دون ان يدافع...

(فى حياة كل منا قُفة تقضم ظهر البعير)

 

تاااابع ◄