رواية أباطرة العشق ( عشق من نار ) الجزء الثانى
في الفيزياء مفهوم -إجهاد المعادن- هو التشوّه البنيوي الذي يحدث للمعدن مع الأحمال المتكررة، ممّا يؤدي في النهاية إلى انهيار مفاجئ للمعدن تحت ضغط خفيف نسبيًا..
لم أستطع إيجاد مفهوم فيزيائي يشرح انهيارنا المفاجئ أمام خيبات بسيطة أفضل من هذا المفهوم !
وصلت ( صفوة ) الي غرفة ( مجدى ) التي دفعت بابها بقوة .. فوجئا كلٌ من محمد ومجدى لنظراتها التي ينبعث منها الدخان .. عقدت ساعديها متوعدة
" محمد ممكن تسيبنا لوحدنا شويه "
رمقه مجدى بنظرة حائرة .. استسلم محمد لاوامرها علي الفور قائلا ..
" طيب يامجدى هسيبكم انا تتكلموا سوا .. عرسان بقي وانا مش من حقي ادخل "
عض ( مجدى ) شفتيه بغُل من تصرف اخيه المتداني، خرج محمد ثم ركلت صفوة الباب بقدمها بقوة وهي تقترب منه بخطوات متباطئة
- انا سمعت خير اللهم اجعله خير كده .. ان هيكون عندنا فرح قريب ..
رفع مجدى حاجبه وهو يرتسم ابتسامه خافته
- اه شوفتي .. ماشاء الله مصادرك قويه جدا .
-" كله ممكن اعديه .. لكن كوني انا عروسة دا مستحيل اعديه ..تتصرف و تنهى المهزلة دي فاهمنى "
قالت صفوة جملتها وهي تجز علي اسنانها بحزم
ادرك سريعا زمام الامر فقرر استخدام سلاح البرود في قلب نيران ثورتها العاتية قائلا باستفزاز
- ليه بس صافي ماانت قمر ١٤ واحلي عروسة كمان ..
زمت شفتيه ونظرت اليه بعيون ضيقة
- ممممم افهم من كده ان الموضوع جاي علي هواك ! ااه منا كنت ملاحظه تصرفاتك معايا قبل كده بس كنت برمى ورا ضهري دا طلع بجد بقي ؟!
ضحك بصوت عالي
- الا جاي علي هواي .. دا جاي في الجون .. وانا هلقي زيك فين .. عروسة ادب واخلاق وجمال وعيلة وغير دا كله بت عمي واحنا ماعنطلعوش بناتنا برا من الاخر ..
- طالما جبت من الاخر بقي تعجبني .. هوريك الاخر بتاعي شايف اي دا !؟
اتسعت حدقة عيني مجدى بدهشه ليري امامه حقنه بداخلها محلول ابيض .. اكملت صفوة كلماتها
- دي حقنة، اه حقنه .. بس مش اي حقنه عبارة عن حبة كوكايين مع هروين مع شويه حبوب مخدرة مطحونين .. مممم شوية ادويه ملاهش لازمه حطتيهم مع شويه ميه لحد مابقى المحلول اللي انت شايفه دا جوا السرنجه .. كنت جايباه اكمل عليه بحثي .. بس شكلي كده هستخدمه عملي .. بالك بقي لو ضربتها في وريد سياتك هيحصل ايه ؟
مازال يستمع لكلماتها بحيرة ودهشة بالرغم من قضاءه اغلب ايامه في القاهره لم يتعرف علي طباعها بارض الواقع ما يصل اليه عنها قصص عابره .. وجد في حديثها لذة خارقة .. اكملت صفوة عملها الاجرامي الذي تكنه
- انا هقولك هتعمل اييه .. هتخش بقلب جامده كده علي جهازك العصبي تدمره .. ايييوه تدمره وبعدها بكام دقيقة كده تتكل .. تديك تذكرة لفوق فوق اوي هااا .. لسه بردو موافق علي حوار الجواز دا ؟! يابنى فكر العمر مش بعزقه ...
عقد ساعديه وارتسم ابتسامه ساحره علي شفتيه قائلا بخبث
- تؤؤ .. مش موافق .
تنهدت بارتياح:" طيب كويس طلعت عاقل وانسحبت من اول جولة .. اصل انا مش اشكال هتأمن لها وتعيش معاها ف بيت واحد "
دنا منها للحد غير المباح مخترقا قانون المسافات هامسا في اذانها الا انها شعرت بحرارة انفاسه تلامس عنقها
- هو انا الاول مكنش عندي اعتراض علي الجوازه بس حاليا بقيت مصمم جدا جدا جدا جدا .. وشكلنا هنلعب لعب حلو .. لعب مكيفنى وجاي علي هوايا ...
ابتعدت عنه بعيون ضيقة تَكن خلفهم ملحمة ماكرة
- الواضح اننا فعلا ولاد عم ومنعرفش حاجه عن بعض .. بس عجباني شجاعتك دي كلها وانك بتتحدي بنت الهواري .. لا بجد لافته حلوة منك .
وقف بثبات امامها اشبه بالغرور مشيرا اليها بسبابته
- هذا الشبل من ذاك الاسد .
رفعت حاجبها متعجبة وفي نفس التو ساخرة
- هنشوف اذا كان اسد ولا هيتحول لقطه يابن الهواري .
كانت تلك اخر كلماتها التي كانت اشبه بقذيفة ناريه القتها من بين شفتيها وهي تعد في جيوشها واسلحة انظارها بنشوب الحرب التي ستُقام بين ادم وحواء .. تركته وغادرت وهي بداخلها الف سؤال .
وجدتهم جميعا امام غرفة مجدى ينتظرون نتيجة ثورانها وضجيجها التي التهب كيانها وكان علي وشك التهام اهل البيت جميعا .. نظرت اليهم بدهشة
- انتوا واقفين كده ليه ؟!
اختلس محمد نظرة الي داخل الغرفة باحثا عن اخيه
- هو مجدى لسه عايش ؟!
استدارت برأسها للخلف ساخره علي مصدر صوته
- هي دي صفوة اللي رعبتوني منها ! ماهي طلعت حلوة اهي وبتنخ من غمزه .
كتموا اصوات ضحكهم بسخريه فقالت يسر
- يعني خلاص الفرح فى معاده ؟!
رمقت مجدى بنظرة ماكرة قبل ان تغادر
- هو المسئول عن نتيجة اختياره .. انا حذرته .
تركت الجميع في بحور اندهاشهم وذهبت نحو غرفتها فركلت الباب بقدميها متأففه وهي تحدث نفسها بالمرآه
- هو اكيد مجنون عشان يتحداني انا ويفكر يكلمني بالطريقه دي .. هو مايعرفش انا مين ولا ايه .. طبعا وهو هيعرف منين ما البيه عايش حياته كلها فالقاهرة .. طيب ياسي ( مجدى) اما عرفتك مين هي ( صفوة الهواري ) لتقول حقي برقبتي .
" " سلامًا علي عواصف الغضب المصطنعه التي تختبيء خلفها فوضي المشاعر المبعثره " "
"أشعُر أنه من الممتع جدًا أن تكون بهذا العمق أحيانًا، أن تغرق في تفاصيل أشياء صغيرة قد لا يراها الآخرون، أن تعبر من خلالك الأشياء لتخرج أشياء أخرى مختلفة تمامًا، أن تكون لديك هذه المقدرة الهائلة في الغوص عميقًا دون أدنى جهدٍ يُذكر."
دلف ( سليم ) الي بهو القصر بخطوات متثاقلة، فوجئ بوجود ( ماجده ) تعيق طريقه بسذاجه
- ازيك ياسليم .
تجاهل ( سليم ) حديثها ونظر في شاشة هاتفه كإنه يجري اتصالا ما، نظرت اليه نظرة استكشافية
- هو انت زعلان من حاجه يابن عمي .
زفر بقوة ولنفاذ صبر:
" في حاجه ياماجده ؟! "
هزت كتفيه بتلقائيه واجابته بتوتر
- لا مافيش كده بسلم عليك بس وكمان عاوزه اقولك انا اسفه علي اللي حُصل مني الصبح .
اغمض عينه لبرهه بنفاذ صبر وتركها بخطوات متعجلة صوب باب القصر .. توقف علي نداء امه المفاجئ
- عاوزاك ياسليم .
تراجعت قدميه قبل ان تلمس اعتاب درجات السُلم وهو يقول لها بضيق
- عاوزه ايه ياما ؟
- عاوزه اعرف اخرتك ياسليم مع بنت العتامنه ؟!
صمت قليلا ثم دني منها
- يخصك في اي الموضوع دا ياما .. كمان هتأمري علي قلب سليم يحب مين ويكره مين !
مسكت كفه في حنو
- ومن ميته عفاف اتأمرت عليك ياولدي ! طول عمري صاحبتك قبل مااكون امك .
طافت عينيه في ارجاء المكان بغضب
- فرحه قلب سليم مع بت العتامنه ياعفاف .. غير كده بتدفنوا سليم بالحييا ...
انسكبت دمعه حاره علي وجنتها
- بس انت خابر زين انه ماينفعش ياسليم ..
ارتفعت نبرة صوته الاجش الذي التفت اليه الجميع
- يعني ايه ماينفعش الكلام دا .. ماهي مش زارير هندوس عليها ياما .. وانا عقولها بأعلي صوت فيّ ايوه قلب وعقل وروح سليم مع بت العتامنه، وانا مش هدفع من عمري تمن ذنب انا ماليش دخل فيه .. اللي غلط يتحاسب مش هلملم من ورا حد انا ... ...
-تسمرت ( ماجده ) في مكانها وانخرطت عينيها بالبكاء .. لاحظتها اختها الصغري التي سرعان ما ركضت نحوها، وعلي الفور استدار البقية الي صوت ( ثريا ) التي صاحت بكل قوتها
- وبتي مش بايره ياسليم ولا هتموت عليك .. والجوازه دي انا مش عاوزاها .
ارتبكت ( عفاف ) واتسعت حدقة عينيها
- جري لعقلك اي يا ( ثريا ) هتكسري اوامر عمي اياك !
وقف ( ثريا ) امامه بتحدي
- ماعنديش اغلي من بناتي في الدنيا .. وكرامتهم قبل اي حاجه ومادام معرفتيش تربي ولدك علي الاصول وازاي يحترم كرامة بنات عمه يبقي مايلزمناش ياعفاف .
نهرتها ( عفاف ) بقوة
- بس ولدي متربي احسن تربيه وانتِ خابره اكده زين .. ولا شكل عيشتك في مصر نستك مين هما ولاد عادل الهواري !
اجابتها بسرعه مطلقه وهي تصوب نظرها الي ( سليم )
- والتربية دي مخلياه يحفي ورا بت العتامنه اللي عاوزين يشربوا من دمه بدل ماياخد بنات عمه تحت جناحه ويضلل عليهم .
حاول ( سليم ) ان يكتم تيارات غضبه المتتاليه ولكن كلماتها كانت كفيله ان تخرج نيران منه تحرق مدينه باكملها
- والله انا مش مسئول عن جريمة ارتكبها جوزك وهرب .. واول مايجي جدي بلغوه اني مش موافق على الجوازه دي .
خفق قلب ( ماجده ) وندبت ( عفاف) علي وجنتيها ونظرت له ( ثريا ) بغضب واتت عاصفه اخري لتخمد النيران المشتعله ما بينهم لتبدلها بنيران اقوي
- وايييه كمان ياسليم ؟!
زمجر الجد بكلماته التي هُزت لها الجدران
عقد سليم ذراعيه:
" زي ماسمعتني ياجدي .. انا مش موافق علي جوازى من ماجده .. ولو كان علي حمايتهم فهما في عيني .. اظن ان عداني العيب اكده "
انكمشت ملامح الجد وارتفع صوته اكثر
- اللي عتقوله ده العيب بعينه .. عقلي ولدك ياعفاف ..
وقف امام جده متحديا
- بس انا مش هتجوز غير بت العتامنه ياجدي ..
اكمل الجد معاندا
- وريني هتكسر كلام جدك كيف ياسليم .!
ثم وجه كلامه للجميع بقوة وحزم
- كتب كتاب ودخلة العرسان يوم الخميس كله يجهز نفسه ..
ثم ارسل نظرة ناريه صوب سليم قبل مغادرته
- وياريت تعقل وتبطل شغل الحراميه اللي عتخش بيه كل لليله بيت العتامنه لو مسكوك اتاكد مش هتلاقي اللي هيرحمك .. وانا مش مستعد استلمك جثه .
تركهم الجد في شبكة افكارهم وحيرتهم .. هناك قلوب تحترق بالحب واخري بالفراق وغيرها بنيران الغضب ولكن جميعهم علي متن سفينة واحده اتت رياحها بما لا تشتهي انفسهم وما باليد حيله سوى الاستسلام .
ترك ( سليم ) المنزل عقب كلمات جده التي مرت علي جروحه بسلك شائك وظل يجوب بسيارته في مختلف ارجاء بلدتهم .
انهارت ( ماجده ) اثر كلمات سليم التي تدركها جيدا ولكن مازال بداخلها صوت يكذب لها حتي اتت عباراته قطعت حبال الشك باليقين - لم يوجد مُحتل بداخل قلبه سواها - مما جعلته يتحدي الجميع لاجلها .. وما هي الا اسم بالبطاقه يثبت نسبهم فقط .
فتح ( عماد ) باب غرفة مكتبه وخرج منها حتي فوجئ بوجود ( نورا ) امامه .. رمق كلاهما الاخر بنظره خاطفة ثم اكمل عماد طريقه بتجاهل تام، وضعت ( نورا ) كفها لتهدأ من ثوران قلبها الذي يدق صدرها بقوة كان اثره انسكاب دمعه حاره علي وديان وجنتها متنهده بمرارة وضيق .
اجري ( سليم ) مكالمه تليفونيه وهو داخل سيارته مرات متكرره دون جدوي من صاحب الهاتف .. زفر بقوة والقي هاتفه جنبا وهو يضرب المقود بيده
- طايب ياوجد !
وسرعان ما اضُيت شاشة هاتفه التف نحوها متلهفًا
- عترديش ليه علي طول انتِ ؟
اجابته بنفاذ صبر
- وانت عتتكلمش غير لما تزعق ليه ؟ عاوز ايه تانى ؟
- انا اتكلم كيف منا عاوز وانتِ تستحمليني وتحبيني علي اكده من غير اي تعليق ..
جلست علي مكتبها الصغير بتحدي
- مش انا اللي تتأمر عليها ياولد الهواري فوق لنفسك .
ارتسمت بسمة خفيفه علي شفتيه
- اتأمر عليكي وعلي اللي خلفوكي كمان .
كتمت صوت ضحكتها
- هقفل ومش هرد عليك واصل … انا حذرتك اهو .
رد متحديا
- طب انا عاوزك تعمليها ياوجد وشوفي هعمل ايه ؟
زفرت بنفاذ صبر
- انت عاوز اي دلوق خلصني، عندي شغل كتير ..
- شغلك اهم مني ياك ؟!
- ما اتخلق ولا كان اللي يبقي اهم منك ياسليم .
لمعت عينيه بحب
- اومال كان اي لازمته الوش الخشب اللي فالاول ؟!
وضعت وجنتها علي قبضة يديها
- يوه مش هنخلصوا .. سليم عندي نبطشية ومش هينفع نتسايروا إكده ...
وقف بسيارته تحت مبنى المستشفي التى تعتبر من اكبر مستشفيات البلد التي تدخل في حيز ممتلكات العتامنه
- وجد .. قلبى واجعنى قوي .
انتفضت من مكانها بلهفه
- انت عتتكلم صوح ولا قاصد تخلع قلبي عليك ؟!
دلف من سيارته وركل بابها خلفه بخطوات متزنه وثابتة اتجه نحو بهو المستشفى اجابها بدلال
- لا بجد سليم قلبه واجعه قووي .
ترجمت نبرة صوته المدللة قائله
- وبعدين فيك عاد .
- وبعدين فيكِ انتِ .
- وانا كنت عملتلك ايه يعني ؟!
- خدتى قلبي وفضلت عايش طول الوقت من غيره .
- ماانت كمان سرقت روحي وانا مالومتكش ؟
ارتسمت بسمه جذابه علي ثغره وهو يقترب من باب غرفة مكتبها
- طب اعمل ايه يادكتوره .. يلا اتصرفي وعالجيني فضى مكان قلبي بيموتني كل ثانيه وهو بعيد عني .
اتكأت فوق مقعدها شارده معه في اعذوبة كلماته
- انت هتسرح بيا ولا ايه ! ماتتمسي .
قبل ان تغلق شفتيها منتهيه من كلماتها فوجئت باقتحامه مكتبها الخاص قائلا بفظاظه
- هو انا لما اقولك عيان ماعتصدقيش ليه انتى !
ارتجف جسدها وهلع قلبها من موضعه ثم ركضت نحوه في عجل
- انت جري لمخك ايه ياسليم هي حصلت تيجي لحد اهنه .
تجاهل انفعالها واتجه نحو - الشازلونج - وارتمي عليه بكللٍ متخذا نفسا عميقا
- تعالي اكشفي عليّ يلا .
اغرورقت عينيها بدموع تخفي خلفهم قلة حيلتها وخوفها الشديد عليه .. اندفعت نحوه راجيه
- سليم قوم امشي عشان خاطري وجودك اهنه في ارض العتامنه هيقلبها مجزره .
شمر كُمه وبسط ذراعه بهدوء
- هاا يادكتوره يلا عاد شوفي شغلك .. انا مش دافع تمن كشف وجاي اهنه مخصوص عشان تقوليلي امشي .
قطمت علي شفتها السفليه بحنقه ونفاذ صبر ثم استسلمت لاوامره .. جلست علي مقعدها بجواره وشرعت في لف زمام جهاز قياس الضغط حول معصمه وهي تتجول في عينيه اللاتي تتفتنها بهيام ..
تركت الجهاز متأففه قائلة بضيق
" يووووه ياسليم هتودي نفسك وتوديني معاك في داهيه "
اعتدل في وضعيته مستندا على معصمه امامها قائلا
- داهيه ! مش مهم .. المهم نروحها سوا ونخليها جنه .. يلا عاد الجهاز ده هيفضل متعلق اكده كتير .
مسكت كفه ممتعضة وهي تحكم الرباط حول معصمه
- افرد ضهرك طيب .. لما نشوف اخرتها معاك ياولد الهواري .. مالي انا بالحب وسنينه ويوم مااحب احب واحد مجنون !
ضحك بصوت عال وبلهجة مفخمة بالحب
- مافيش عاشق عاقل ياوجد .
نظرت اليه بطرف عينيها وهي تخفي ضحكتها قائله بخبث
- الضغط تمام اوي علي فكرة .. عشان تعرف انك عتدلع ..
اجابها مندفعا
- انا متاكد انه مش تمام .. هتعرفي اكتر مني انتِ يعني !
قطبت حاجبيه معترضه
- وطالما مش واثق فيّ اكده جاي تكشف عندي ليه .
دنا منها حد الغير مباح وهو يلتهم انفاسها بشهيقه المرتفع وزفيره الذي يلامس وجنتيها
- عشان انتِ الوحيده اللي معاكي الدوا .
اغمضت عينيها لسحر كلماته وهي تبتسم بحب
دنا منها شيئا فشيئا فلم يستطع ان يمنع القوة التي تجذبه نحو ملامسة شفتيها، شعرت بانفاس تحرق وجهها بلت حلقها الجاف .. رفعت جفن عينيها ببطء شديد .. بدون مقدمات استدارت بجسدها ابعدت عنه بكيان مرتجف وهي تعبث بالاشياء الموضوعه فوق مكتبها لتمنع عينيها من الالتقاء بعينيه فتنهار امامه مجددا
" سليم ... ماينفعش كده يلا روح امشي "
نهض من مكان وهو يدنو نحوها بخطوات متثاقلة
- وجد .. للمره الاخيره بقولهالك تعالي نهربوا من اهنه .
احتشدت العبرات بداخلها قائلة
" ومش وجد اللي هتعيش معاك في الضلمة ياسليم "
انفجر بها قائلا
- انا ولا عارف اعيش معاكي فالنور ولا في الضلمه.
انخرطت عينيها بالبكاء
- يبقي قدرنا اكده واحنا لازم نرضي بالمقسوم .
قبض علي معصمها بقوة ليدير جسدها نحوه لتقف امامه مهزوزه مغمومة علي حالهما .. هربت الكلمات من بين شفيته بدون رقابه ممزوجه بنبرة صوته الاجش التي اهتزت لها الجدران قائلا
- بس المقسوم دا عيقسمنا احنا ياوجد .. انا مش خابر كيف يجيلهم قلب يفرقوا بين قلوبنا .. كيف جالك قلب انتى تمنعي سليم عنك .
انهارت عبراتها علي وديان وجنتيها بغزاره
- وجد بتموت من بعدك ياسليم .. ببان قويه ومش عاوزك لكن من جوايا مش عاوزه غيرك .. متعشمه في معجزه تنهي كل الوجع والفراق دا .. لاني انا اللي تعبت .. تعبت بالقوي ياسليم ومعدتش قادرة .
ضمها الي قلبه بقوة ليشعر بانتفاضة جسدها بين ذراعيه .. ربت علي ظهرها بحنو حتي هدأت تماما فطبع قبلة خفيفه علي جبهتها ثم همس قائلا
- اهدي ياوجد .. بلاش تقولي اكده كلامك عصر قلب سليم .. ( ثم قال ممازحا ) وبعدين ماانت عتبقي حلوة اهو لما تعترفي بحبك .. اتاريكي دايبه فيّ ومكابره ...!
حاولت فك قبضته الحديدية التي تحاصر جسدها
- طب سيبني اكده وابعد عني ومتكلمنيش تاني .. ولا عاوزه اشوفك تاني بعد عنى عاد ...
احكم قبضته عليها اكثر
- بذمتك عاوزاني ابعد !
تلعثمت الكلمات داخل فمها وبتلقائيه عانقته بحب وهي تتشبث بعنقه كالغريق الذي يتعلق بقشه النجاة .. رفعت قدميها التي تلامس الارض حتي لامست الهواء وطارت في سحب عشقها قائله
- ماتسبش وجد ياسليم ورحمة ابوك .
استنشق رائحتها حتي امتلأت رئتيه من عبيرها
- عمري ماهسيبك ولا هبطل احبك يانبض القلب .
ظلت عالقه بين ذراعيه للحظات لم تُحتسب من الزمن بل كانت كعمر جديد لهما وفجأه اقتحم الغرفة ذلك اللعين الذي عكر صفواهم وتجمدت الدماء بعروقه واشتعلت نيران الحقد والكره وبداخله وسرعان ما غرز كفه في جيبه يخرج سلاحه
" والله وجيت لقضاك برجليك ياولد الهواري " ..
جالسه ( ثريا) فى غرفتها مع بنتها تضرب كف فوق الاخر ونيران الغل مُشتعله بداخلها فاقتربت يسر منها ثم ربتت علي كتفها
- وبعدين يااما فيكى .. متعصبيه ليه محصلش حاجه يعنى .
نظرت اليها بعيون ضيقه بتوهج منها الغضب
" محصلش حااجه ! كل دا ومحصلش حاجه .. انا قولتها كلمه ومش هتنيها تانى الجوازة دى مش هتم "
انخرطت الدموع فوق وجنتي ماجده بحراره فوثبت امها قائمه نحوها بعيون متسعه وجسد عباره عن كتله نار ملتهبه وامسكت بها من شعرها
- بت انت تتعدلى اكده .. محن وقلة ادب بنات انا مش عاوزه .. دا واحد مش عاوزك ولا هو طايقك .. ايييه ماافيش دم خالص .. على الله اشوف دموعك دي تانى فهمانى يابت ثريا !
ثم دفعتها بكل قوتها فوق مخدعها متأوهه ركضت اختها نحوها واحتوها بين ذراعيها لتربت عليها برفق مردفه بضيق
- خلاص يامه عاد .. حرام عليكى دي هتموت في يدك .
شهقت اختها شهقات متتاليه وارتفع صوت بكاؤها اكثر فأكثر .. وانتفضت بين ذراعي اختها
- خلاص ياماجده وحدي الله .. اهدى .
قالت يسر جملتها بحنو بالغ وهي تربت علي كتفها .
- بيحبها قوى يايسر .. سليم بيحب بت العتامنه .
قالت جملتها بشهيق مرتفع ورجفة قلب رجت جسدها قبل ما تنهال عليها امها بعنف بصفعاتها المتتاليه التى فجرت صوت صراخها
- قسما بالله انتى مااتربيتى ولا شوفتى يوم تربيه وانا اللي هربيكى يابت ناصر ..
حاولت يسر ان تتلقي صفعات امها عن اختها ولكن بدون جدوي الى ان تتدخلت عفاف علي صوتهم المرتفع وهى تزيح ثريا بعيدا
- انتى اتهوستى ياثريا .. اوعى اكده بعدي عن البت هتموت في يدك ياحزينه .
- "وانتى مالك انتى .. تتدخلي ليه بينى انا وبناتى اوعى اكده من طريقي سبينى اربي بتى ."
قالت ثُريا جملتها بصوت خشن وجاف وهي تتدفع عفاف بعيدا عنها ثم امسكت الاخيره بمعصمها بقوة مهدده
- ورب العزه يدك لو اتمدت علي مراة ولدى هقطعهالك ياثريا ...
توقفت ثريا في مكانها متحديه
- وانا مش هناولهالك ياعفاف .. وسيبهالك انت وولادك مخدرة .
عفاف بسخريه
- لو تقدري تعمليها يلا ..
اتسعت حدقتا عينيها قائله
- هتشوفي ياعفاف هتشوفي .
ربتت عفاف علي كتفها بقوة
- بلاش تقفي قدام النار وتتوهمى انك هتعدى منيها .. اعقلى واعرفى انني كلنا مجبورين علي الوضع دا ياثريا .. لو كان بمزاجنا مكناش وصلنا للى احنا فيه دلوق .
ثم استدارت ومسكت ماجده من كفها
- قومى يابتى معاي قومى .. شكل امك ادبت وماهياش واعيه لروحها .
لقاء التيران وقطه مابينهم .. واقفه امام سليم لتحمى صدره متوسله لابن عمها ( ادهم )
- احب علي يدك ياادهم سيبوا يخرج من اهنه .. وبعدين تار العتامنه مش بياخدوه من ضيوفهم .. هتودى نفسك في داهيه .
نيران الغضب والكره احتلت كيانه .. ممسكا بسلاحه نحوه وقطرات العرق تتصبب من جبهته
- لسه حسابك مجاش انتى .. تقلقيش هتتدفنى جمبه اللي زيك تستاهلش تعيش لدقيقه مسلمه نفسها لكلب ولا يسوا ..
اندفع سليم بصوته الاجش
- ماتتلم وتخلص وتقتلنى لو راجل وتقدر تعملها ولا انت اخرك كلام وبس،، وانا شايف انك تعملها وتخلص عشان لو طلعت علي رجلى من اهنه اتاكد مش هسيبك عايش فيها ساعه ياابن ساميه .. عارف ساميه ولا افكرك !
ندبت وجد علي خديها بمراره ثم استدارت نحوه بصراخ
- اسكت ياسليم اسكت متولعهاااش .
قبل ما تنهى جُملتها مسكها ادهم من شعرها بقوة والقي بها بعيدا حتى ارتطم جسدها ارضا .. ثم وجه سلاحه نحو سليم
-كنت مخططلك لموته اوسخ من اكده .. بس يلا هرحمك بدري بدري ..
وفي لمح البصر ركله سليم بقوة في بطنه .. وبكفه رفع ذراع ادهم لاعلي ولف جسده هامسًا في اذانه بشماته
- مش ابن الهواري اللي يتقتل علي يد ابن رقاصه .
احمرت عينى ادهم متأوها من قبضه سليم الحديديه علي عنقه .. ضغط بكل قوته علي مشط رجله ثم ضربه برأسه في انفه مما جعلته يتراجع للخلف ويسيل الدم من انفه ..
شهقت وجد بصوت عالٍ: خلاص ياادهم عااد .
تجاهلها تماما ثم ركضت نحو مكتبها لتحضر شيء ما .. وعلى حدا انهال ادهم بضربات متتاليه علي سليم اخلت اتزانه .. لازالت وجد تترقبهم بعيون متراقصه علي اوتار الخوف وجسدا مرتعشا وهي تعد في حقنتها المخدرة .
استجمع سليم شتات قواه وحاصر خصر ادهم بذراعيه ودفعه بقوة للخلف مما تسبب في سقوط ستائر ركن الفحص .. تبادلت الادوار من مدافع لمهاجم يسدد ضرباته بحرفيه قتاليه حتى اسقط جسده ارضًا ..
" شوفت بقي قيمتك ضربتين رقدوك في الارض زي الخروف .. اجمد اكده وخلى امك تغذيك شويه ياحيلتها "
قال سليم جملته بشماته وهو يميل ليقترب من سلاحه الملقى ارضا .. فاجئه ادهم بساقه اللاتى التفتا حول خصر بقبضه حديديه جعلته يرتطم بالارض ثم مسك ادهم سلاحه ونكث فوق بطنه وهو يلتقط انفاسه بصعوبه يلكمه بلكمات قويه ومتتاليه حتي شد اجزاء سلاحه
" اتشاهد علي روحك ياسليم "
وقبل ان يهم بتنفيذ مخططه غرزت وجد حقتنها المخدرة في عنقه شلت حركته فى التو واسقطته ارضًا فجلست علي ركبتيها متلهفه
- سليم سليم .. فيك حاجه ؟!
لازال ممددا بجسده ارضًا
-بيضرب ضرب غبي قوى ابن عمك دا .. شكل الغباوة عندكم وراثه ..
نفذ صبرها من مزاحه فقالت
- طب قوم يلا امشي عشان رجالته تحت متنطورين ..
- فكرك خايف منه انا اياك .. سباع الهواري لحمهم علقم .
- طب سيبك من الهري بتاعك دا .. ويلا قوم اطلع من الباب الورانى يلا قبل مايفوق .
ساعدته في النهوض .. تحرك نحو الباب ليخرج ثم توقف فجاة و قفله مجددا كإنه تذكر شيئا ما
وجد بقلق: في اي تانى ؟!
جز علي شفته السفليه
- الواد دا كان جاي يعمل ايه اهنه ياوجد ؟!
نفذ صبرها
- انت مصمم تنقطى ليه !.. وانا اش عرفنى يعنى .
اقترب منها اكثر
- كيف اش عرفك .. وبأي حق يفتح الباب اكده من غير مايستأذن ؟
- يامري انا يامه .. وهو فتح عليا باب اوضتي اياك .. دى مستشفي ياسليم لو كنت نسيت .
قطع حديثهم صوت رنين هاتفه المحمول .. التفت سليم خلفه وجده علي مكتبها
- دا محموله صح ؟!
ضربت وجد جبهتها برفق
- يبقي اكيد دا اللي رجعه .. شكله نساه لما كان اهنه .
احمرت عينى سليم ومسك معصمها بقوة
- كان اهنه كيف ؟! انت مالك النهارده مش واعيه لكلامك ليه .. ولد المحروق دا كان يعمل اهنه ايييييه ؟!
تأوهت من قبضته قليلا
- ودا وقته ياسليم يعنى! .. امشي دلوق وبعدين نتكلموا يلا عشان خاطر وجد عندك .
اغمض عينيه قليلا متخذا نفسا عميقا
- طيب ياوجد .. طيب لكن عظيم يامين تلاته هااااا سمعانى لو سمعت ان الكلب دا بس حاول يتكلم معاكى لاطُخك واطخه فهمانى قولت ايه ؟!
ارتمست ابتسامه خفيفه
- وتهون عليك وجد حبيبتك بردك ياسليم !
نظر اليها بعيون ضيقه قائلا بغمز
- ماهى ماتهونش لا .. بس خليها عاقله وتسمع الكلام اكده عشان اعشقها اكتر .
اتسعت ابتسامتها اكثر وكإن كلماته مخدر من نوعٍ فريد تنتشي بهم حواسها لتغيبها عن الوعى .. فاقت من اعذوبه كلماته سريعا
- يلا امشي عااد احسن حد يجي يلا .
قال ممازحا
- اتنيلى انتى بمكتبك اللي ف اخر دور دا لو اتقتلتى فوق مافى حد هيحس بيكى .
ضحكت بصوت مسموع: طب يلا بره يلا ورايا شغل
اقترب من الباب فتحه ثم قفله سريعا كإنه تذكر شيئا اخر
وجد بملل: ف اي تانى ؟
سليم عضه علي شفته بغل: هتقعدى مع الكائن دا لوحدك اياك .. يلا يلا قدامى .. بلا مياعه وقله ادب !
- ياخى انت بتفكر في حاجات غريبه .. ماهو راقد اهو هيعملى اي يعنى!
مسك معصمها وسحبها خلفه وهو يفتح الباب
- من غير مُناهده يلا قدامى .. ولما يفوق ابقي يتقلع علي اي مصيبه إلهى مايوعى يفوق .
" يعني اي يااغبي دا يحصل !"
نطق مجدى جملته منفعلا ومضجر
محمد مستفهما: خير يامجدى في اي ؟!
اشار له بكفه اشارة توحى بسكوته ثم اكمل كلامه قائلا
- بص معاك ٢٤ ساعه وتعرفلي مين ورا المصيبه دي .. وإلا ما حد هيشيلها غيرك يايُسري
ثم قفل هاتفه وألقاه جنبًا متأففًا
محمد: حصل ايه يابنى ماتنطق .
- اووف كنت مظبط كل حاجه .. معرفش ايه اللي حصل .
- ايوة بقي هو ايه اللي حصل ماتنطق .
جلس مجدى امامه وهو يزفر بقووة
" ورق الشحنه الجديده اتسرق .. والمصيبه ان الشحنه دي كنت داخل فيها براس مال الشركه كله يامحمد "
- طيب واللي سرقه ممكن يستفاد اي من حركه زي دي؟
= ازاى يعنى ! اكيد الشركات المنافسه هتعرف سر جودة وصلابه الحديد عندنا وهتقلدنا وبكده مكانة الشركه هتتهز .
فكر محمد قليلا: ممم ورطه فعلا .. طيب وهتعمل ايه .
اجابه بثقه: متقلقش كنت عامل حسابي لحركه زي دى .. بس لازم اسافر حالا .
- تسافر ايه بس والفرح اللي بعد بكرة !
= تقلقش مش هتاخر ..
قطعهم دخول السليم الذي اصابهم بالدهشه
محمد بذهول: يخربيتك مين مشلفطك اكده ؟!
بعده سليم عن طريقه محاولا الجلوس علي اقرب مقعد
" اسكت مش حمل كلمه الله يخليك "
تبادلت الانظار فيما بينهم .. ثم اقترب محمد من اخيه ليتفحص كدماته ممازحا
- من خلال خدمتى في طب ٧ سنين حاسس اللي بصم علي وشك اكده كائن عتمانى غبى ...
ازاح سليم يد اخيه قائلا: قصر طاب ورحمه ابوك .
ضحك مجدى ومحمد سويا
" ايدهم تقيله قوى الناس دول .. بس انت تستاهل كان ايه وداك عندهم "
- وبعدين فيكم انتوا الجوز .. مهملكم وماشي ارتاحوا.
قال سليم جملته بتعب وهو قائم متأهبًا للذهاب فوجئ بأمه بصحبة ماجده خارجين من المطبخ .
- وادى ياستى سليم رجع .
قالت عفاف جملته ممازحه بدون ما تلتفت لجروحه .
" مالك ياسليم جري لوشك ايه "
قالت ماجده جملتها وهى تندفع نحوه بلهفه تابعتها عفاف
- مالك ياولدى حوصل اي ؟
جز علي سنانه غاضبا قائلا بصوت منخفضٍ
- باينلو نهار اسود .. - ثم رفع صوته - حادثه عربيه ياعفاف اطمنى بسيطه
دنت منه ابنة عمه ويكاد قلبها ان ينشطر خوفا عليه
" بس وشك تعبان قوي .. ماتتصرف يامحمد "
تجاهل سليم وجودها وكلماتها نهائيا وتركها غير مبالى لاهتمامها
- فوتكم بعافيه .. هانم مش عاوز حد يصحينى .
- ياولدى طمنى عليك بس
- قولت زين ياعفاف خلصنا .
قال جملته وهو علي اعتاب السلم وتركهم ذاهبا لغرفته .
بعد مرور ساعتين فاق ادهم من سطو نومه متألما غير متزن محاولا استجماع واسترجاع الذاكره .. فتح باب المكتب يبحث عنها فسأل احدى الممرضات
"الدكتوره روحت تشوف الست الكبيره بيقولوا تعبت فجاة ."
واضعا كفه علي عنقه كالسكران الذي للتو فاق من سُكره مغادرا المستشفي لم يجد احد من رجاله .
صعد سيارته وقادها بسرعه جنونيه الي ان وصل البيت .. وجد احد رجاله فطبق علي عنقه بقسوه
- كنتوا فين يامتخلفين ؟!
- الست وجد قالتلنا اوامرك اننا نروح معاها ..
ركله ادهم بقوه
- عشان شويه اغبيه ومتخلفين ..
ثم اوشكت رياح وعواصف صوته علي الزمجره والنداء عليها
' ياااااااوجد '
فزعت لنداءه وثرثره صوته
جدتها بوهن: ماله الواد دا !
ارتبكت (وجد): طب ريحي انتِ ياست الكل وانا هشوفه .
كرر ندائه مرارا وتكرارا وفي كل مرة كانت تهتز لرياح صوته الجدران .. زاد قلق وارتباك وجد
" استرها يارب .. ارتاحى انت وانا هشوفه وهرجعلك "
انهت كلماتها فوجئت به مخترقا باب الغرفه وممسك بها من شعرها بقسوه وعنف ويسوقها خلفه كما تُساق البعير .. ارتفع نواحها الذي جمع اهل البيت كلهم
وصل بها لبهو قصرهم العملاق والقاها ارضا قائلا بقوة وحزم
" اسمعوا كلكم عشان مش هكرر كلامى .. اللي يغلط في البيت دا لازمن يتربي "
اخوها زين الصغير: مالك بأختى وعتمد يدك عليها ليه
قهقهه بسخريه: اييييه واحد عيربى مرته قليله التربيه .. فيها حاجه دي .
انفعل الصغير الذي لم يتجاوز عمره العشر سنوات
" اختى متربيه غصب عنك .. ولو قولت اكده تانى عليها هقتلك "
انفجر ادهم في قهقهته
- طب وسع اكده بس عشان لسه مكملتش حسابى معاها
انحنى ومسكها واوقفها امامه ودار خلفها بهدوء يسمى بهدوء ما قبل العاصفه وبدون مقدمات صفعها بكل قوته علي وجنتها جعلتها ترقص رقصة طير ذبيح في اخر انفاسه .
انهال عليه اخيها واختها وباقي الخدم يراقبون الموقف بذهول ودهشه
" قولت بعد يدك عن اختى "
زاحهم جميعا بقوته للخلف وانحنى ليقفها مجددا امامه صارخا بوجهها
" عاجبك اللي عيحصل دا .. اقسم بالله ياوجد لاربيكى .. راميه نفسك في حضن راجل غريب ومين اللي قتلو ابوكى! "
ابتلعت غصة احزانها بالم شديد
" اخرس .. اخرس ياحيوان .. اللي بينى وبين سليم واحد جاحد زيك مش هيعرفه ولا يقدره .. "
ثم تنهدت بقوة واقتربت منه اكتر متحديه ومحذره
- واقولك علي حاجه كمان ! مش هتجوز غير سليم ياادهم .. ولو عاوز تقتله يبقي هتستلم جثتى قبله .. انت فاااهمنى
كلماتها كانت كعود كبريت مشتغل اُلقي في حقل بترول تحول ف ثوانٍ لثوران ملتهب .. بدون وعي اطبق عليها بقوته وجبروته جعلها تتقاذف كالبندول بين كفيه .. اصبح عدوانه يلتهمها بدون رحمه .. عاجزة علي الفرار منه ..
فوجئ باختها ( ورد) مصوبه البُندقيه نحوه
" اقسم بالله لو مابعدت عنها لاقتلك .. قولت بعد "
وقف ساخرا من فعلها ثم قرب منها بخطواتٍ متباطئه
" هاا يلا يلا اضربي .. هتقدري تضربي وانت جسمك عيترعش اكده .. "
غرز فوهة البندقيه في صدره
" دووسي ياورد يلا عشان يقولوا قتلت ولد عمها اللي كان بيعيد تربيتهم "
التفوا جميعا لصوت رنين هاتف ( وجد) المُلقي بجانبها
انحنى ومسكه فوجد اسم " نور العين "
نظر اليها ساخرا ثم اشار اليها محذرا بالصمت وفتح الاسبيكر اتاه صوت سليم بحنو قائلا
- نبض قلب سليم عامله ايه ؟!
صمت لبرهه ثم اكمل سليم قائلا
- وجدد ! الوووو
اغرورقت عيناها بالدموع وارتعش جسدها اكثر
نطق ادهم ساخرا
" متقلقش قلب سليم هنخلعوه من مكانه عشان يبطل ينبض تانى لناس مش من حقها "
فزع سليم من مكانه كالملدوغ
_ اقسم بالله لو لمست شعرة منها ياادهم ماهيكفينى فيك دم عيلتكم كلها .
قهقهه ساخرا
- هتوصينى ع مراتى اياك !
ثم انهى المكالمه فجاة مما جعله يجن جنونه قام مرتديا لثوبه ووضع سلاحه في جيبه مغادرا غرفته متوعدا له .
" مبقاش سليم الهواري لو سبتك عايش فيها ليله كمان يابن الرقاصه "
دخل ( حيدر ) عمهم الاكبر ليفض نزاعهم
" في اي اهنه .. مالكم "
ركض نحوه الصغير
" الحقنا ياعمى .. ادهم استغل غياب اهل البيت واستفرد بااختى عيضربها .. طخووه وريحنا منه "
زمجر ( حيدر ) بغضب
- مالك ببنات عمك ياادهم .
اجابه في حزم: واحد عيربى مراته .. فيها حاجه دى ؟
اقترب منه عمه: اكتب عليها وبعدين احكم زي ماانت عاوز .. غير اكده هقطعلك يدك لو اتمدت .. مفهوووم .
قرب منه متحديا: وهو انا لما اخش عليها والاقيها في حضن ولد الهواري .. المفروض اعمل ايه .
ارتفع شهيق الجميع واتسعت حِداق عيونهم .. اقترب منها عمها
- الكلام دا حصل يابت سالم !
تراجعت بجسدها للخلف مستجمعه قواها
- لا .. دا كداب ياعمى .
ادهم: انتى اللي كدابه ياوجد .. ولو فاكرة حهتربي بعملتك دى تبقي غلطانه .
- الحب مش غلط ياادهم .
بمجرد مانهت جملتها لطمها عمها بقوه علي وجنتها
- قطع لسانك .. حب اي اللي عتتحدتى عنه .
سالت دموع عينيها بمرارة وحزن
ثم مسك سلاحه ووضعه صوب جبهتها
" بعد اللي سمعته المفروض الخزنه دي تتفجر في نفوخك .. بس انت عارفه غلاوتك عندى ياوجد عشان كده هفوتهالك بس رجلك تانى ما هتخطى عتبة الشارع .. ومافيش شغل مفهوم .. وكتب كتابك علي ادهم اخر الشهر .. يلا اتقلعي من قدامى ".
مجرم الحب هو شخص عاشق مع سبق الاصرارِ والترصد ولابد من نيل عقابه بحكم مؤبد خلف اسوار قلب من يحب... وذلك ما حدث لها نالت عقابها وحُكم عليها بسجنٍ لكن خلف اسوار جافه صلبه لم تعبرها اشعة الرحمه.
جالسة تتحسس جدران سجنها مع غروب الشمس بحزنٍ بالغ وقلبٍ ضامر ممزوجًا بنكهة الفراق والقهر .. اصبح الفرح عدوًا لها كلما حاولت عقد معاهده سلام معه تظاهر بالمسامحه ولكنه عدو خبيثٌ خداع سرعان ما يصطاد فرائسه بالحيل ثم ينقض عليهم بالاسر ..
ورد بأسف:
" هتفضلي ساكته كده علي طول ياوجد ! "
لم تخفض عينيها اللاتى تتأملا السقف بيأس فاجابتها بلا مبالاة
" يعنى هتكلم هقول ايه .. ما خلاص كل حاجه خلصت "
_ لا طبعا ماخلصتش .. واي الياس اللي انتى عتتكلمى بيه دا ! من ميته كنتى ضعيفة اكده انتِ .
= وانا هعمل ايه بس ياورد .. مفيش في يدى حاجه اعملها .
- بس سليم هيعمل كتير ...
اجابتها وجد ساخرة
" سليم هيتجوز ماجده خلاص .. "
ورد بدهشه: انت بتقولي ايه مستحيل طبعا سليم يعمل اكده !
- يلا عادى مش هتفرق .. التيار اقوي من الكل .. وماعيرحمش
ورد بفضول: قوليلي طيب ليه هيتجوزها .. هو جد جديد يعني ؟
وجد بحزن: راجح الهواري عاوز يقوى عود عيلته وقرر انه يجوز بنات ناصر لولاد عادل .
= يادى النيله ... وسليم رضى ؟!
- وهو هيعمل اي يعنى .. غصب عنه .. ماانت عارفه غلاوة جده عنده ...
= طالما انتِ عارفه انه خلاص مصممه ليه تعلقى نفسك بيه ياوجد .. ؟!
خدشت وجنتها دمعه حادة محاولة استعادة ذكرياتها معه
" كل مااقول خلاص وهبعد عنه بلاقينى رجعت له اقوي من الاول .. سليم حاجه مش قابله للنسيان والبعد ياورد .. انتِ عارفه كل مااشوفه بنسي نفسي بنسي الدنيا كلها مابكونش فاكرة غير انى من حقي احضنه وبس .. _ تنهدت بمرارة وحزن _ ربنا مايكتب علي حد عشق ولا يوصلوش "
دمعه انخرطت من طرف عينيها هاربه من بحور الحزن بداخلها كالسجين الذي تحرر للتو .. مسحتها بطرف كُمها ثم اردفت قائله
- انا مش عارفه اشوف ولادى غير منه، هو الوحيد اللي ينفع يكون اب ليا وليهم ...
ربتت علي كتف اختها بحنو
- تقلقيش اكيد ربنا محطش كل الحب دا في قلبك عشان يفرقكم فالاخر ياوجد ...
قبل ان تُجيبها التفتوا جميعا لهتاف سليم الذي هز جدارن غرفتهما
" انا جيتلك برجلي اهو ياحيدر .. اطلع وخد تارك يلا "
ركضت نحو النافذة بلهفه
- يخربيتك ياسليم .. !
خرج ادهم من الباب الخلفى للقصر بقوه وثبات وخلفه اربعة رجال اقوياء البُنيه
- دانت قلبك بقي ميت عاد! وجاي اهنه برجليك ..
تقدم نحوه بفظاظٍه وقوة
- كلامى مش معاك .. كلامى مع اللي ممشيك ..
اوشك ان يطبق علي عنقه ولكنه توقف لنداء عمه الاجش
" ادهم ...اسكت، عاوز ايه ياولد هوارة "
قرب سليم منه بقوة
- جاي اخيرك دلوق ..
لازالت ( وجد ) تترقبه بجسدٍ مرتجف وشلالات من الدمع تنخرط فوق وجنتيها
رد حيدر في ثبات
" ومن ميته حيدر عيتفق مع صغار ... "
انكمشت ملامح سليم غاضبا ثم اكمل كلامه بقوة
- قدامك حل من الاتنين عشان توقف بحور الدم اللي ماهتخلصش دي ... انا قدامك اهو برجلي اقتلنى وخد تار اخوك والدم يقف لحد اهنه .. ياتجوزنى وجد بت اخوك ونتصافوا ونبقوا نسايب .. قولت اييييييه ؟!
نزل حيدر درجتين من فوق سلم قصره قائلا
- العتامنه ماعيقتلوش حد علي ارضهم ياولد الهواري .. ولا دمهم عيبقي ميه واصل ..
اغمض سليم عينيه لبره متأففا
" يعنى ايه .. افهم انك رفضت الصلح ورفضت تاخد تارك "
اجابه بهدوء
- تارنا هناخدوه مش هنسبوه ياسليم .. وياريت تعقل اكده وتسال علي العروسة قبل ماتتقدم .. جاي تخطب واحده مخطوبه !
رفع عينيه لاعلي وجدها تترقبه بعيون يائسه وقلب مُنخلع من خوفها عليه ثم سحب نفسا عميقا فاردف قائلا
- طب زين زين !.. انا جيتلك برجلى لحد اهنه .. بس انت اللي مصمم علي الحرب .. ونصيحه منى المحارب الذكى اللي يقدر قوة عدوه ومايستهونش بيها .. وانت شكلك مستهون وبالقوى كماااان ... خاااااف .
شد اجزاء اسلحه الغفر نحوه اخترقت الاذآن .. شهقت وجد واختها بصوتٍ مرتفعٍ .
اقترب ادهم منه هامسا
- تقلقش هخليك تحب علي رجلي عشان تموت ومش هناولهالك بردو .. شرفت الشويتين دول .
تبادلوا الانظار فيما بينهم ورفع كل منهما رايه التحدي لاندلاع الحرب ..
اكمل ادهم قائلا
- تقلقش هنعزموك علي الفرح ..
ابتسم سليم ساخرا
- عارف ياادهم مشكلتك ايه من زمان .. اه زمان قوى اكده ايام الابتدائيه والاعداديه .. انك دايما عتكون حاطط عينك علي كل وكلة حلوه في يدى .. عارف ليه عشان حماااار بتحب المُستعمل .
ثم تركه لنيران حقده وغله تاكل في احشائه .. وتقرضه علي عجلٍ ..
شرع ان يصعد سيارته ثم توقف للحظة هاتفًا بصوتٍ قوى
- ووعد منى يابت العتامنه مافيش جنس دكر خلقه ربنا غيري اسمك هيتكتب علي اسمه ..
ترك سليم قصر بعدما القي في قلوبها قذيفة كلماته
ادهم مغلولا: انت مفجرتش راسه ليه ياعمى ..
حيدر وكإنه يخطط لشيء ما
" اصبر .. اصبر عمرك ماسمعت عن الحرب البارده "
ادهم بانفعال: حرب بارده ايه .. نفسي افهم انت عتفكر في ايه ؟
- طول ماانت سايق ف الدنيا بلا وعي عمرك ماهتعرف عفكر في اي .. روح شوف مصالحك رووح ..
" شوفتيه ياورد وهو واقف قصادهم كلهم وبيقول محدش هيتجوزنى غيره .. شوفتى !"
قالت وجد جملتها وهي ترقص من الفرحه .. كإن كل احزانها تلاشت بمجرد رؤياه
ابتسمت اختها: مش قولتلك سليم مش هيعديها ولا هيسكت ..
سرعان ما بهتت فرحتها مرة اخري
- بس انا خايفه عليه قوى .. ياتري بكرة مخبى ايه !
ربتت اختها بحنو علي كتفها
- متقلقيش .. ربنا هيعوضك ياوجد صدقينى .
= طب عقولك ايه ماتروحى تجيبلي تليفونك اكلم سليم منه .. ادهم المتخلف خد تليفونى اللهى ربنا يااخده ..
- بس اكده من عيونى .. هروح اجيبهولك .
عاد منزله في منتصف الليل منهمكًا بعدما تجول بسيارته القرية بأكملها .. فوجد مجدى امام الباب متأهبًا للذهاب
- علي فين العزم ياولد ابوي ؟
مجدي وهو يرتب ملابسه باستعجال:
- مصلحه اكده في مصر هخلصها وهعاود اخر النهار .
ربت سليم علي كتفه: خلي بالك علي روحك .
- تقلقش .. المهم خلي بالك بس عشان الهواري سهران ومستنيك مخصوص جوه .
- ياليله غَبره ! هو يوم مش عاوز يعدى .. يلا هروح اشوفه عاوز ايه
دلف سيلم الي الداخل مبتسما محاولًا تلطيف الجو
- بقي راجح الهواري بجلالة قدره سهران مخصوص عشانى ..
جده بوقار: شكلك ناوى تجيب اجل راجح الهواري قريب ياسليم.
جلس بجواره متنهدا بكلل
" ليه اكده بس وانا عملت حاجه تزعلك .. ! "
- انت ماعتعملش غير اللي يزعلنى ياسليم .
رد بعفويه: وانت مصمم تعيش سليم زعلان العمر كله ياهواري .
- انا عاوز مصلحتك .
التفت اليه سليم بحماس
=وانا مصلحتى مع البت اللي عحبها ياجدى ..
- الحديت فالموضوع دا خُلص .. عارف ياسليم من غير يامين لو عرفت انك عتبت عتبة العتامنه تانى .. هكسرلك رجليك الاتنين واخليك ترقد اكده جار الولايه.
- ليييه ليه ياجدى مصمم تظلمنى وتجوزنى واحده قلبي مش رايدها .. دانا طول عمري تحت رجليك ودراعك اليمين وعمري ماعصيتك ... مستقوي ليه علي قلبي المرة دى !
ربت جده علي كتفه بحنو
- عاوز مصلحتك ومصلحه اخواتك .. عاوز اروح للي خلقنى وانا مش شايل همكم .. بنات عمكم متربيين زين .. انما بت العتامنه مش هتنفعك ياسليم ... اسمع منى ...
شعر كإنما عضله قلبه تعتصر
- وجد عملت ايه يعنى ؟! غلطت عشان حبتنى ! جدى انت خابر زين لولا اللي عمله ولدك كان زمانى متجوزها دلوق .. ليه مصمم تشلنى ذنب ماليش يد فيه ليييه !
اقترب منه جده بعودٍ منحنى بعض الشيء
- عمري ماكنت هجوزهالك ... اما يجى اليوم اللي تعرف فيه قيمة كلامى ياسليم .. ابقي اترحم عليّ وادعيلي ياولدى .. بلاش تكابر في الغلط عيون الحب دايما عميه وكدابة .. اعقل اكده وفكر زين وبلاش طيش صغار .. انت تربيتى ياسليم وولد قلبى وانا مش هظلمك ... عاوز اجوزك للى تصونك وتصون مالك طول العمر .
قام متأهبا بالمغادره او بمعنى الاصح محاولا الهروب من قذيفه الاوامر التى تصوب فقط علي قلبه مردقا بضيق
- تصبح علي خير ياجدى
وثب جده قائما محذرا
- سليم معنديش اغلي منك ياولدى مش عاوز اخسرك .. جدك عارف هو عيعمل اي زين .. مش دايما الريح هتيجي علي مجاز ( مزاج ) سفننا ياولدى
اؤما رأسه ايجابا: هروح انام
- ربنا يهديك ياسَليم ...
وصل غرفته وألقي بجسده في منتصف مخدعه بكللٍ
ثم قام بتكاسل عندما سمع صوت هاتفه
- ايوة ! مين ؟
" ماهو انت لو قاصد تجننى مش هتعمل اكده .. ٤ ساعات ياسليم عحاول اكلمك وانت مش عترد .. دانا كنت نازله ادور عليك زي المجنونه "
جلس في منتصف مخدعه مبتسما
- احلى مجنونه ف الدنيا كلها .. بس رقم مين دا ؟
= رقم ورد اصل ادهم خد تليفونى .
تبدلت ملامح وجهه لغضبٍ
" بأي حق ياخد تليفونك ولد المحروق ده "
- اهو اللي حصل ياسليم .. ادينا عنتكلم من اهنه مش فارقه عاد .
- ماشي ياوجد .. كويسه انت ؟
= مش كويسه في بعدك ياسليم .. بس يامجنون انت ايه اللي عملته ده .. اتهوست ولا جري ايه لمخك؟!
- والله افتكرت ناسك ولاد اصول بس طلعوا ولاد ستين في سبعين .. قولت مابدهاش .. وهما اللي بداوا الحرب .
= عمى امر بجوازى من ادهم اخر الشهر وحابسنى فالبيت وانا مش عارفه اعمل ايه .. حتى امى واقفه في صفهم ..
اجابها بحيره وضيق في آنٍ واحد
- ولا انا بقيت عارف والله ياوجد غير انى ممكن اولع في ناسك ونجعكم كله لو فكروا يجوزوكى غيري .
= عملت اي في جوازك من ماجده
- ولا اي حاجه .. هتجوزها يوم الخميس .. مافيش مفر
انعقد حاجبيها واقطبها برود كلماته متفوهه بذهول فنظرت في شاشه الهاتف بعدم تصديق ثم عاودت الحديث مجددا
- سليم .. انت واعى لكلامك !
= انت هتغيري ولا اي ! ولا خايفه تاخدنى منك ؟ . . تقلقيش هتكوني التانيه والاخيره .
- مش وجد اللي تخش علي ضرة ياروح خالتك .
اجابها ممازحا
- معنديش خالات والله.
= انت عتهزر كمان !
- مش كفايه انتى عتتكلمى جد .. المهم قوليلي هايتجى الفرح ؟
= واجى اعمل ايه ؟
- تشوفينى وانا وعريس ..
= دانا ممكن اطلع روحك في يدى ..
- يابوى .. انا مش عارف روحى مضايقه بيت العتامنه كلهم ليه .. عيتخانقوا علي مين يطلعها .. هي تهمكم قوى اِكده !
= انا غلطانه انى كلمتك روح اشبع بعروستك وانا كمان عروسه وهتجوز كمان كام يوم .. خالصين .
- اااه هتتجوزى .. هتتجوزى مين بقي ؟!
= هتجوز ادهم ولد عمى .. اهو قيمه وسيما ويسد عين الشمس .
جز علي اسنانه بغيظ
- اه بقي ادهم يسد عين الشمس وبقي دنجوان عصره دلوق !
اكملت مسيرة كيدها العظيم
- اصلا انا فكرت ولقيت البت ملهاش غير ولد عمها .
سليم محاولا اخفاء غضبه
- ودا هيحصل امتى بعون الله اكده ..!
وجد ببرود: مش عارفه عمى قال اول الشهر اكده .. انت اي رايك ؟
- رايي ! تروحى تنامى ياوجد نامت عليكى حيطه انت وسي ادهم بتاعك اللهي تسمعي خبره قريب.
= هو انت غيران منه ياسليم ؟!
فرد ظهره واسند راسه علي معصمه
" اغير ! لا سليم ماعيغيرش عشان لو غار هيحرق قنا بحالها .. ورحمه ابويا ياوجد ماهيجى اول الشهر الا وانت مراتى وابقي يوريني سي ادهم بتاعك ده هياخدك منى كيف "
بمجرد ما انهى كلماته قفل هاتفه متأففا ودخان الغضب يتوهج من عينيه واذانه
" قال تتجوزيه قال .. البت اتخوتت في راسها "
قطعت حبال غضبه رسالتها المُرسله في التو قائله
" ووجد مش هتكون غير مراة سليم الهواري .. تصبح علي خير يامجنون "
كانت رسالتها كالماء النقي علي حقل متوهج بالنيران فاخمدته، قرأها عدة مرات في كل مرة تتسع ابتسامته، فكر قليلا ان يرسل لها اخري ولكنه توقف لبرهه قائلا لنفسه بعند
- طب مش باعت حاجه .. لحد ماتتربي الاول .
صباح يوم جديد الموافق الاربعاء من ايام الاسبوع، استيقظ اغلب اهل القصر الفاخر في تمام السادسه صباحًا، اعدت احدى الخادمات صنيه الشاي واللبن وصعدت بها لأعلي _غرفه (ثُريا) تحديدا التى اجتمعت مع بناتها في الصباح الباكر بعد محاولات ايقاظهم بصعوبة بالغه
- حطيهم عندك اهنه يابت واجفلي الباب وراكى .
قالت ( ثريا) جملتها بنبرة آمرة وهي تجلس فوق طرف مخدعها .. ارتبكت الخادمه ارتباكا ملحوظا ثم اومأت بالموافقه
- تؤمرينى بحاجه تانى ياستى ؟
اجابتها بحده
- قولت اطلعى برا واجفلي الباب وراكى .
ماجده باستغراب: خبر اي ياامه ! مابراحه علي البت .
خرجت الخدامه علي عجلٍ واغلقت الباب خلفها ثم اردفت الي اسفل وهي تُحدث نفسها بحيره
- ياتري ست ثريا ناويه علي ايه ؟! شكلها مايطمنش واصل .
حيرتها جذبت انتباه عفاف الجالسه قبالة السُلم
- بتكلمى نفسك يابت ؟!
تلعثمت الكلمات في فمهما ثم اقتربت منها بقلقٍ
- ست ثريا ياام عماد ...
عفاف تركت قطعت القُماش التى بيدها
- مالها ثريا ! ماتتطقي يااابت .
التفت الخدامه خلفها بخوفٍ ثم دنت منها قائله
- مش مرتاحالها وشكلها ناويه للبهوات الكبار علي مصيبه .
نظرت لها عفاف باهتمام
- قصدك ايه يامزغوده ؟
اجابتها بصوت منخفض
- هقولك ...
في الغرفه بالطابق العلوى، اخذت يسر كوب الحليب وارتشفت منه قليلا
- ماتحكى ياامه .. هتفضلى ساكته اكده !
وضعت ثريا كوب الشاي الثقيل بجوارها فوق _الكمدينو_ واتخذت نفسًا مسموعًا ثم اردفت قائله
- انا جمعتكم اهنه عشان تسمعوا كلامى بالحرف .. والبت اللي هتعصانى هدفنها مُطرحها .
عقدت صفوة ساقيها باهتمام
- انا معاكى في اي حاجه تخلصنى من الجوازه دى .. والا هترتكب جنايه فالبيت كله .
يسر بتلقائيه: اي الجنان دا .. لا طبعا .
- اكتمى يااابت ...
قالت ثريا جملتها بنبره تحذيريه قوية جعلت ابنتها تلوى شفتها جنبًا بخوف وتبتلع باقى كلماته بضجر
اكملت ثريا كلماتها وهي تتحرك بينهما بثبات
- انا خابرة راس راجح زين .. ومادام قال كلمه ماهيرجعش فيها ...
صفوة مقاطعه: معناه ايه الكلام دا يامه .
رمقتها بنظرة حادة فهمت مغزاه ثم صمتت لبرهه فاردفت قائله
- تاري مع عفاف مراة عمكم من زمان قوي من حوالي ٤٠ سنه .. وانا مش هسمحلها تنتصر عليّ واصل ...
نورا بهدوء: انا مش فاهمه حاجه يامه .
ثريا بحده: مش لازمن ( لازم) تفهمى حاجه .. تنفذي وانتى وساكته يابت بطنى ..
يسر بقلق: ازاي !
جلست بجوار صفوه بعدما ربتت علي كتفها بحنو
- عاوزه اقهرها في ولادها زي ما قهرتنى زمان ..
اتسعت اعينهم وساد الصمت لدقائق كل منها محاولا استعياب مغزي كلماتها، عقدت ماجده حاجبيها ثم اردفت قائله
- انتى عاوزانا نقتل ولاد عمنا يامه .
هبت رياح صوتها مُزمجره بقوة
- بطلى غباوة .. انا عاوزاكم تموتوهم بالحيا وتكسروا قلب امهم عليهم وتقهروا قلب راجح الهواري عشان يعرف نتيجه قراره ..
فرغت افواهمم مما يدل علي دهشتهم وذهولهم
صفوة بتلقائيه وعدم استيعاب: يعنى انتى خلاص موافقه نتجوزوهم ! بس انا مش ...
ثريا مُقاطعه: اكتمى يابت .. مش عاوزه حديت مالهوش لازمه .. هفهمكم كل حاجه بس في وقتها .. المهم دلوق جوازكم علي ولاد عادل هيكون علي ورق وبس ...
اعتلت الدهشه ملامحهم مُكذبين اذانهم لما استمعوا اليه ..
وقفت يسر مفزوعه محاوله الدفاع عن حبيب قلبها
- كيف اكده يااما .. ماتتكلمى دغري !
وثبت ثريا قائمه بقوة
- يعنى جوازتكم علي ولاد عادل مصلحه وبس .. حمايتكم لحد ماتاخدوا ثروة راجح الهواري كلها وبعدها هنهرب من البلد وقرفها .. ولحد ما دا يحصل عظيم يامين تلاته لو عرفت ان واحد منهم لمس واحده منكم لادفنها مطرحهاا .. وانتوا وشطارتكم يابنات بطنى ! ...
ثم رددت في سرها قائله
- هكسرك في ولادك ياعفاف .. اللي معرفتش اعمله زمان هيحصل دلوق الضعف ...
تبادلوا الانظار جميعا ... منهما من اعتلت ثغره ابتسامه توعد وانتصار ومنهم من اصابه الياس والحزن في مقتل، رمقتهم ثريا بنظرات متحديه متوعده
" ولسه هتشوفوا وتعرفوا انا ناويه علي ايه ..
تااابع ◄ أباطرة العشق