-->

رواية أباطرة العشق ( عشق من نار ) الجزء الثالث

 

 تجوب غرفتها ذهابا وايابا بقلقٍ يتراقص علي اوتار قلبها، اصبحت معلقه بخطاطيف امل باهت مشوش .. اصبحت تعيش تحت رحمة امر مهددا بالزوال وربما زال ولكنها مُصرة ان تتوهم بوجوده لانه شُعاع النور الوحيد في حياة احتلتها عتمة الفراق .. هو النبض الذي يُثبت تواجد قلبها بداخلها .



تتردد في اذانها اخر كلمه قالها عمها
"دخلتك علي بت عمك زي مااتفقنا اخر الشهر .. ومهرها هو راس سليم الهواري .. وإلا معنديش بنات للجواز "

في ذلك الصباح ارتدت وجد ملابسها متأهبة للذهاب للمشفي لاداء عملها ولكنها صُدمت بوجود جلادها علي اعتاب قصرهم
" مااحنا لو نسمع الكلام هنبقوا حلوين قوووي "
اصدر ادهم جملته من خلفها مما جعلها ترتجف قليلا ثم استجمت قواها معانده لتجيبه متأففه
" مااحنا لو كل واحد فينا يخليه في حاله هنبقي احلى والله "

قهقهه بصوتٍ مرتفع ثم اقترب منها هامسا
- صباح الحُب يابت عمى ..

زفرت بضيق مردفه
- صباح الزفت عليك .. !

تحرك ببطء حتى توقف امامها قائلا بهدوء
- مقبوله منك .. المهم حابب نفطر سوا انا وانتى كأي عريس وخطيبته فالجنينه،، هاااا قولتى اييه ؟!

زفرت بقوة وخطت متاهبه بالمغادرة
- قولت اللهم طولك يااروح بدل ماارتكب جنايه علي وش الصبح اكده .

قبض علي معصمها بقوة مما جعلها تتأوهه بصوت مسموعٍ
" لما اكلمك تقفى تكلمينى عدل .. مفهوووم ياوجد "

صرخت في وجهه بحده
- انت اتجننت كيف ماسكنى اكده .. حوش يدك عقولك ...

اعتصر ذراعها اكثر وهو يقربها منه رغم عنها قائلا بنبرة استفزازيه
- ايييه هتعملى فيها خضرة شريفه ! اش حال شايفك بعنى وااا ...

لطمته وجد بكل قوتها علي وجنته قائله بنبره تهديديه
- اخرررررررس .. انا اشرف منك ومن عشرة زيككك وكلمه كمان مش هقولك ممكن اعمل فيك ايه،، بس هسيبك لخيالك ... وبلاش سكتك دي معااي !

غلت الدماء في عروقه والتهبت عينيه بالغضب، شعرت وكإنما روحها خضعت لمصرعها امام يديه ولكنها التزمت ثباتها وقوتها .. جز ادهم علي اسنانه محاولا تمالك اعصاب ولكن طبعه الصعيدي اسبق بأن يقاوم جيوش غضبه بل انقض عليها بقوته ممسكًا بخيوط شعرها المنسدله خلفها مزمجرا
" هي حصلت عتضربينى عشانه "

تأوهت بين يديه فاردفت قائله بصراخ
" ااااه .. واقتل اي حد يغلط فيّ ويجي علي سمعتى ... بقولك سيبببب شعري ... اااااه يااعمى الحقنى "

دفعها بكل قوته لداخل القصر
- محدش هينجيكى منى .. ورحمة ابويا وابوكى لاخليكى تتمنى الموت ..

وضعت كفيها علي شعرها متألمه محاوله استفزازه اكثر
- ااااااه .. انا مش عارفه انت هتفضل واهم نفسك لحد ميته !... فوق من وهمك فووووووق عمرى ماهبقي مرتك يااااادهم عمررري ... ...

ضغط علي شعرها اكثر وألقي بها ارضًا ورفع كفه لأعلي كي يصفعها بكل قوته ولكن اتاه صوتًا جعل حركه كفه تُصاب بشللٍ .

- يددددك ياولد فؤاااااااااااااد ..

ابتعدت وجد عنه زحفًا محاوله تفادى شره وهي تلتقط انفاسها بصعووبه .. اقترب عمه منه ممسكه بياقته
" انت هتعقل ميته وتبقي راجل ... فهمنى؟ "

اجابه بصوت اجش
- واحد وعيربي مرته .. مالكم انتوا ..

حيدر دفعه لبعيد بقوه
" وهى الرجول بقيت بمد اليد .. والله عااااال ! ومن ميته عنضربوا حريم احنا .. شكلك نسيت قوانين العتامنه "

- لما تكون حريمهم ناقصه ربايه ندفنوهم مش نضربوهم وبس ياااعمى ..

صرخت من خلف عمها بقوه
- انا متربية غصبن ( غصب) عن عينك .. وطالما انا وحشه قوى اكده ماسك فيا ليهه ... ماتسيبنى في حالى .. جااي تتشطر علي ولية ياادهم ..!

ركضت امها ( كوثر ) صوبها بلهفه
- حسكم عالي ليه .. مالك يابت جري ايه ؟!

تجاهلت وجود امها وعمها تماما ثم اقتربت منه بعيون متسعه وبنبره تحذيريه فاردفت قائله
- لو هتضرب فيا كل ساعه بردو مش هنساه ياادهم .. بالعكس كل يوم بقرف منك اكتر .. وبعدين روح اتشطر علي اللي عتقف قدامه جبان كيفك كيف الفريسه لما تقف قدام صيادها ...

فوجئت بأمها تجذبها بقوه من شعرها
- تصدقي انك بت عديمه الربايه صووح والقتل حلال فيكى ...

ارتفع صوت صراخها متألمه
- انا اتقتلت من يوم ماابويا مات يامه .. مش هتفرق عاااد ...

اجتمع حشد القصر يترقبون الموقف بذهول وهم يتهامسون بينهم بأبشع اتهامات الهتك والقذف .. ارتفع صوت عمها بقوه ليقول
- نزلى يدددك من عليها ..

لازالت كوثر تضربها بقوه
" سيبنى اربيها ... ابوها جلعها ( دلعها ) قوي وانا اللي عدفع التمن دلوق "

حيدر بصوت اقوى: قولت بعدي يدك يامره...

دفعتها امها وكلاهما يتلقطان انفاسهما بصعوبه .. اقترب حيدر منها بهدوء
" تعالي معاي يا وجد ... يلااااااا امشي قدامى "

هتف ادهم قائلا بنبره توعديه
" ورحمه ابويا وابوكى ما هسيبه يتهنى بيكى يوم واحد ياوجد ... هقتللللله وهتشووووفى "

اصاب جسدها الوهن وسال كُحلها الذي انخرط ممزوجًا بسيول دمعها فوق وجنتيها وهى تتجه نحو غرفه المكتب .. وقفت امام عمها بخوفٍ وقلقٍ ملحوظ .. ربت علي كتفها ثم اردف قائلا

- انت عاوزه سليم الهواري ؟!

وقع السؤال علي صدرها كالصاعقه .. لم تستوعب صدمة السؤال التزمت الصمت وكإنه الطوق الوحيد لنجاتها .. دار عمها وجلس فوق مقعد مكتبه بهيبه ووقار وفجاة رفع نبرة صوته وضرب الارض بعكازه
- انا لما اسأل تنطقي !

ارتجف جسدها اكثر وبللت حلقها الذي جف
- مم .. ااااه ... اصصص ... اااناااا ...

رفع حاجبه مستفهما
- انطقىىىىىى .

انخرطت دمعه من عينيها رغم عنها بجسد مرتعش ثم حركت راسها بالنفى تأمل حيدر ملامح وجهها بعنايه قائلا
- اااااااااااه ردى !

اجابته بصوت مرتجف
- ل .. ااا ... لالا ياعم ..

اعتلى ثغرة ابتسامه ماكرة ثم وثب قائما
- اومال اي الحديت اللي عتقوليه لولد عمك دا !

ابتلعت ريقها مجددا ثم قالت بتردد
- عارفه انه عيكره ولد الهواري قوى .. وانا وانا عحاااول انتقم منه واخد حقي من ادهم بمجرد سيرته .. وبس اكده ...

التوت شفتيه بعدم تصديق ثم اقترب منها وقبل جبهتها بابتسامه مكر
- كنت متوكد من تربيه اخوى زين ...

شعر قلبها بالارتياح قليلا فحاولت ان تغير مجري الحديث
- عمى انا كنت عاوزه انزل الشغل وادهم مانعنى ... لو تسمحلى يعنى ..

رد مقاطعا: دي حاجه في يد جوزك .. انا ماليش ادخل فيها وهو مش راضي ...

اجابته بحنقه وضيق
- لا ... مش جوزى ولا عمره هيكوووون ..

اغمض عينيه بحده واعتلت جمهرة صوته
- خولص ( خلص) الكلام ياوجد ... تقعدى في اوضتك لحد مانوصلوكي لبيت جوزك وبكده مهمتنا انتهت ...

شرعت ان تُجادل في طلب حريتها ولكنه قطع جميع حبال الجدل .. فوجئت به ممسكا بكفها وسحبها خلفه في ساحه القصر الشاسعه مناديا بصوت جمهوري قوى

- ياااااادهم . . ياااااادددهم ..

ات الجميع مرة اخري لمتابعه مستجديات الحديث وكان من بينهم ادهم متأففا
- خير ياعمى .. على الله تكون كسرت دماغها .

رمى حيدر نظرة ساخرة علي وجد ثم اردف قائلا
- دخلتك علي بت عمك زي مااتفقنا اخر الشهر .. ومهرها هو راس سليم الهواري .. وإلا معنديش بنات للجواز ... قولت اييييه يااادهم !

شهقت وجد واختها التى استيقظت من نومها للتو .. شهقة عاليه في آنٍ واحد وعلي حدا ارتسمت ابتسامه واسعه فوق ثغر ادهم وامها وكإنما بينهما اتفاق سابق علي شيء ما لا يدركه سوواهم ..

وضع ادهم كفه فوق صدره بشماته
- اعتبره حصل ...

فكت وجد قبضه كف عمها الحديديه ثم اندفعت نحو غرفتها ساحبه معها سيول ضعفها وعذابها، ثم لحقت بها اختها الصغري علي عجلٍ

في الوقت الحالي
" اهدى اهدى ياوجد "
رددت اختها جملتها بوهنٍ بَين مُشفقه علي حال اختها .

ابتعدت عنها مسرعه
- انا لازم اكلم سليم دلوق ...

لحقت بها اختها مُجلجلة
- ياوجد استنى بس .. هتكلميه تقوليلو ايه ..

اعتلت شهقتها فجاة وارتمت بجسدها بين ذراعى اُختها بجسدٍ مرتجف وصوت نحيبها مكتوم .. ربتت عليها اختها بشفقه تتسائل ما الذنب الذى ارتكبه شقيقتها في حياتها إلا انها احبت، هل اصبح الحب السلطه الوحيده التي يمكن ان تنقلب عليها الراعيه في هذا الزمان ! ..

ثوب فرحتها اصبح فضفاضًا يسع العالم كله .. متغنجه امام مراتها بعودٍ منتصبٍ تضيق جنب جلبابها علي خصرها بفرحه زاهيه .

- اي رايك كده يانورا .. عباية الحنه عاوزه تضيق شويه .. بصي بصي هخلي الخياطه تاخدها قيراطين من اهنه ...

ثم التفت حولها باستغراب
- نووورا ... انتِ مش معايا خاالص !

بللت اختها شفتيها بطرف لسانها بتوتر
- هااا .. ! في حاجه ياماجده ؟!

عقدت اختها حاجبيها بضيق وهي تقترب منها لتجلس بجوارها
- لااا دانتى دماغك في حته تانيه خالص .. اي اللى واخد عقلك ؟!

ابتلعت غصه احزانها محاوله الهروب من سؤال اختها
- لا عااادى .. معاكى، كنتي عتقولى ايه ؟!

نظرت اليها بعيون ضيقه
- اوعى تكونى عتفكري في كلام امك اللي قالته !

غمغمت نورا بكلامٍ غير مفهوم مما ادى الي اتساع حدقة عيني ماجده باهتمام
- انتى عتكلمى نفسك يانورا ؟!

وقفت اختها متأهبه للذهااب
- نازله انا .. يلا شوفي كنتى عتعملى اييييه ؟!

ثم تركتها وغادرت دون ان تنتظر منها ردًا .. وفتحت الباب صُدمت بوجود عماد امامها، تراجعت خطوة للخلف وعلقت عينيها بعيونه الحزينه، كانت كل نظرة من عينيه مُغريه لمعرفة اجابات لاسئله كثيره بين طياتهما .. رمقها هو بنظره حاده كإنه رأي جنية علي صورة بشر ..

- ازيك ياعماد ؟!
خرج السؤال من بين شفتيها بدون تفكير مما جعلها تضع اناملها فوقهما نادمه .

تنحنح بخفوت بعدما دار وجهه للامام متأهبا للمغادرة مُتجاهلًا تماما سؤالها البريء الذي هرب من ثغرها رغم عنها وتركها وغادر حاملا بداخله نيران تحترق فهو رجل بدون حبيبته كإناء فارغ لا يملأه سوى تواجدها بجواره .

تصرفه جعل قلبها ينخلع من موضعه فانهمرت دموعها بغزاره وكف مرتعش فاستدارت بجسدها وعادت الي غرفة اختها تحتبس اصوات بكاؤها بداخلها وتقفل عليه الف باب، حتى باب الغرفه اغلقته ووقفت خلفه تسند قلبها الذي لم يَكف عن الضرب بجدار صدرها .. ركضت نحوها اختها بلهفه
- نوورا ! مااالك ؟ حصل اييييييه !

لم تكف صوت قهقهته التى انفجرت من فمه محاولا تصديق ما سمعه منها

محمد محاولا التوقف عن الضحك
" يعنى امك بنفسها قالت اكده ! والله امك دي لسعت "

نظرت له يسر باستغراب
- انت عتضحك ؟! محمد مش عهزار والله .

انفجر مجددا في ضحكاته العاليه
- بس امك هزارها حلو قوى .. كيفنى الصراحه .

التوت شفتها جنبا وهي تستند بظهرها علي جذع الشجره الكبيره ثم اردفت قائله
- محمااااااااد ... انت مش مقدر حجم المصيبه اللي احنا فيها .. انا مابقتش عارفه اعمل اي واتصرف ازاي ..

دنى منها ببطء ثم ازاح خصيلة شعرها الهاربه من تحت قطعة القماش المُلقاه فوقه خلف اذنها ولمس وجنتها بحب:
- مصيبه اي بس ؟! ولا مصيبه ولا حاجه وهو انتى لما تكونى مرتى امك هتقدر تنطق اصلا! بطلى هبل ورحى اجهزى اكده .. حنتنا الليله ..

ثم اتسعت ابتسامته مما ادى الي ضحكتها بصوتٍ منخفض بين بكاؤها
- ايوه اكده اضحكى ابو امك علي ابو النجع كله .. امك دى ادبت باين ...

في ساحه قصر الهواري الواسعه الذي امتلأ بعمال الانارة والفرش للاستعداد لاجواء الفرح ..

بعض الرجال واقفين علي السلالام الخشبيه ترفع حبال الانارة الملونه حول القصر ... واخرين يفرشون الارضيه بنشارة الخشب الملون .. وغيرهم من يقوم بوضع الستائر الملونه حول القصر .. ضجه علي غير المعتاد تملاه بفرحه وزهوٍ مميزٍ .

تحرك راجح الهواري مستندا علي كعازه بينهما
" يلااا يلااا شهلوا يارجاله "

- الف مبرروك ياراجح بيه .

- الله يبارك فيك ياولد عقبالك وعقبال اخواتك .

ثم استدار برأسه فاردف قائلا للغفير بصيغه امره
- الدبايح جاهزه ياولد ؟!

الغفير: كله تمام .. زي ما امرت اسبوع كامل الناس كلها مش هتاكل غير لحمه جنابك ..

اومأ راسه بفرحه
- زين زين .. فين الوّلِد مش شايف حد منيهم .

- سليم باشا لسه مصحاش .. وعماد بيه في القصر جوه .. والضكتور محمد راح المشتشفي ..

كمل راجح وخلفه ثلاثه من الغفر كى يشرف علي باقي العمال ..

وصل مجدى مكتبه الفخم لشركات الحديد والصلب متأففا وهو يجلس علي مقعده ثم اردف قائلا للسكرتيره بلهجة قاهرويه

- كل اللي صورته الكاميرات يكون علي مكتبي دلووقتى .

ارتبكت سهي السكرتيره
- حضرتك احنا شوفناهم اكتر من مرة .. ومحدش دخل مكتب حضرتك ... اكيد الورق دا متسرقش من الشركه .

رمقها بنظر ارعبتها
- لما اقول كلمه تتفذ .. مش هتعلمينى شغلي !

ارتجف جسدها رجفه ملحوظه مما زاد الشك فيها
- حاضر حاضر .. اللي تأمر بيه حضرتك ..

تركته سُهى السكرتيره بأرجل متثاقله ونبره صوت مرتعشه وهي تناجى ربها في سرها
- استرها يارب ...

ضغط مجدي علي زر الاتصال بالغرفة الخاصه بالامن
- المسئول عن امن الشركه يطلعلي حاالا ...

ثم اتكأ علي مقعده متوعدا
- مش هرحمك لو عرفت انك انتى اللي ورا المصيبه دى ..

في قصر العتامنه
شد حيدر اخر نفس من شيشته قبل ما يرد علي اتصاله التليفونى
- ايوة ياولد ... فينكم دلوق ... مممممم ... عال عال انا جايلكم اهوو خليكم عندكم ..

ادهم جلس بجواره
- خير ياعمى !

مسك عمه طرف جلبابه ثم وقف
- يلا قوووم تعالي معااي .

رفع ادهم حاجبه متسائلا
- هما الرجاله وصلوا ..

تقدم عمه امامه بهيبه ووقار
- ااه .. يلااااه مافيش وقت ...

تحرك كلاهما صوب سيارتهم المصفوفه امام بهو قصرهم .. كانت وجد واختها تترقبهم باهتمام وحزن بالغ.
اردفت ورد قائله
- هما رايحين فين ؟!

وجد بخوف: ليكون رايحين يؤذوا سليم ياورد ..

ضغطت علي كف اختها المستند فوق السور
- اهدى .. هما صبروا سنه كامله مخدوش بالتار .. مش هيجوا ياخدوه دلوق ..

انخرطت دمعه من عينيها بمرارة
- لا ياورد صبرهم دا قالقنى .. اكيد بيخططوا لحاجه اكبر .. هيقتلوه ياورد ... هيقتلووه ..

تشبثت ورد بمعصمها
- خدى هنا رايحه فين ؟!

زاحت كف اختها بقلق يرعد جسدها: هلحقه ياورد قبل مايعملوا فيه حااجه ...

- ربنا يريح قلبك ياختى ...

استيقظ سليم من سبات نومه العميق وهو يتقلب ببطء في فراشه
- كل دا نوم ياسليم .. اومال لو كان بالك خالى كنت هتنام كد ايييه ؟!

نهض من فوق فراشه بكللٍ القى نظرة علي هاتفه
- اوووف حتى انت فصلت ! هي جاات عليك يعنى !

لفح منشفته فوق كتفه متجها نحو المرحاض

جالسه عفاف بين الخدم وهم يعدون اشهي المخبوزات للافرح .. ثم اردفت عفاف قائله
- يلا يابت منك ليها سمعونا زغرووده اكده ... وانتي ياابت علىّ صوت المسجل دا شويه خلينا نفرحوا ..

- عيونى ياام عماد .. الفرحه عندنا اربعه النهارده .. قومى يابت ارقصي منك ليها ...

راقبتهم ثريا بنظرات تحمل نيران الغل والاغتياظ
احدى الخادمات
" مالك ياست ثريا ماتيجي ياختى تخبزي حلو بنات بيدك .. دي فرحتهم الكبيره وليله العمر "

ضربت فخذها بكفها بغل ثم اردفت قائله بتأفف
- مش لما اكون راضيه عليها الجوازه دي !

خفضت الخادمه صوت ضجيج الاغانى سريعا .. للاستمتاع بالنيران التى اوشكت علي الاندلاع، رفعت عفاف عينيها بفظاظه
- وانتى كنتى تحلمى بجوازه زي دي لبناتك ! جري ايه ياثريا ولا علي رأي المثل الانصاص قامت والقوالب نامت"

وثبت ثريا قائمه بقوة
- لا ياعفاف اقفي معوج واتكلمى عدل واعرفي عتتكلمى ع مين الاول .. بنات ناصر الهواري الف مين يتمناهم .. معاهم شهادات من مصر ومتربين وزينة بنات قنا كلها .. فياريت كل واحد يعرف مقامه زين وتعرفي انتى مناسبه مين !"

رمقتها بنظرة ساخرة
- مش هرد عليكى .. عارفه ليه ! لانه جيه اليوم اللي ربنا يظهر فيه الحق وينصرنى عليكى .. وانا واحده فرحانه بوالدها ومش هتسمح لوحده زيك تعكنن عليها .. عليّ ياابت عليّ الاغانى خلينا نفرحووووا "

كانت كلمات عفاف جيشا هجيما مسلحًا بالغضب مما جعل الدماء تغلى بداخلها لانها مدركه تماما لمغزي حديثها عن الماضي الذي دفنوه سويا ..
عادت عفاف لتصفيق والتهليل بفرحه صُبيانها والفرحه الاكبره بالنصره علي عدوتها اللدودة ..

دخل المسئول عن امن شركات 《الهواري جروب》 مكتب ( مجدى الهواري) مطأطأ الراس

- تحت امرك يابيشمهندس ..

نصب ظهره واتكأ بساعديه علي سطح المكتب ثم اسار اليه
- تعالي اتفضل يا عم جمال ..

- يكرم اصلك يابيه .. والله الواحد ماعارف يودى وشه من حض...

قطعه مجدى بحده
- ما علينا بالكلام ده .. المهم سيديهات الكاميرات السريه موجوده معاك .

رفع رأسه بحماس
- طبعا ياباشا وزي ماامرتنى مفتحمهش غير لما تيجى ..

ثم قدم له حوذة سوداء بداخلها اسطوانات كمبيوتر ( CD ) ووضعها فوق المكتب
- اتفضل اتفضل .. شوف بنفسك ..

- تمام اتفضل انت ياعم جمال ...

فتح مجدي السله وافرغ محتواها بحماس ثم دار بمقعده ووضعها بداخل جهاز الحاسوب باهتمام بالغ .. وبعد برهه من الوقت ظهرت امامه صور متحركه لمكتبه من الداخل .. قدم شريط التشغيل فلفت انتباه شيئا ما .. سرعان ما رجع الفيديو للخلف فوجد صورة سكرتيرته الخاصه تتسلل مكتبه فى الخفاء لارتكاب جريمتها .. راقب مجدى تصرفاتها بغضب شديد، قفل جهازه الحاسوب متوعدا

- يابت ال*** ...!

وصل ادهم بصحبة عمه الي مخزنهم السري بحرصٍ شديد .. وجد مجموعه من الرجال في انتظارهم .. القى عليهم ادهم التحيه

- كيفكم ياااارجاله ..

صوت جمهوري قوى
- نورت ياادهم باشا

وقف عمه حيدر بالقرب منهم
- كله تمام ؟!

احدهم اردفت قائلا
- عااااين بنفسك ...

- شووف يااادهم شغلك ...

نكث ادهم علي احد ركبتيه ممسكًا بكيسٍ ابيض، ليتذوقه بانتشاء بَين، وضع اصبعه المنغمس بالمخدر داخل فمه وبعد قليل من الوقت رفع حاجبه مع التواء شفته جنبا تبدو عليه معالم الفرحه والسرور .

اقترب من عمه كالمنتصر فالمعركه هامسا في اذانه
- كله تمام ...

اتسع ثغر عمه مسرورا
- عال عال .. هاتلهم فلوسهم ...

انكمشت ملامح ادهم سريعا
- مش لو (وجد) بت اخوك تطاوعنا وتشتغل معانا الشغلانه دى هناكل الشهد .. ويبقي زيتنا في دقيقنا وقرشنا مايطلعش برا ...

تنحنح عمه بخفوت
- تقلقش هيحصل .. بس كله بآوانه ..
- مش قلقان بس مقهور علي دراستها ٧ سنين وفالاخر مش مستفدين حاجه . ..

- بلاه حديتك العفش ده .. روح هات حق الرجاله يلا ..

ضاقت عينيه متوعدا
- اللي مستنيكى تقيل قوى يااوجد ...

في قصر العتامنه
" سليم ماعيردش ياوورد ومحموله مقفول "
لازالت تجوب غرفتها ذهابا وايابا بحيره وتوتر .

- اهدى بس اكيد فصل شحن ..

تنهدت بضيق
- لالا قلبي مش مستريح واصل .. انا لازم اقابله .

اتسعت حدقه عيني اختها بدهشه
- اقصري الشر ياوجد .. وخافي علي سليم عاد

- هي خلاص خلصت !

- كيف ؟! قصدك ايه ...!

- انا وسليم هنهربوا الليله ..

"خدعوك فقالوا ان الناس سواسيه كأسنان المشطٍ في مُجتمعٍ اصلع المبادئ .. "

في سياره _الجيب شيروكى_ الخاصه ( بأدهم ) الذي يقودها بنفسه ويجلس بجواره عمه ( حيدر ) في ثوبه الصعيدي يتفقد الطريق بذهنٍ منغمس في بئر مخططاته الدنيئة .. دار ( ادهم ) مقود سيارته بعنايه وخلفه سيارة آخري من الحرس فتنحنح بخفوت قائلا:

- ماهو انت ياعمى لو تفهمنى ناوي علي ايه .. هرتاح ؟

ألقى عليه نظرة خبيثه
- اسمعنى .. هتروح تراضي بت عمك وتنزلها شغلها .. وبطل بخ سم من خشمك ... عاوزين نكسبها النسوان مابتجيش بالعند والقسوة ...

فرمل سيارته فجاة ثم اردف قائلا بعصبيه
- شغل في عينها ياعمى ... علي جثتى تنزل شغلها تانى ...

- اسمعنى واااهدى اكده وبطل حنبله زياده .. وجد تنزل شغلها ويدك مااتتمدش عليها تانى سامعنى ؟

عاود في التحرك بسيارته وخلفه سيارة الحرس الذي اصيب كل من بداخلها بالاستغراب لوقوفه المُفاجئ

- طب فهمنى ليه ؟!

اردف عمه قائلا بهدوء
- انا خابر زين علاقتها بولد الهواري .. مش مغفل ولا مختوم علي قفااي .. بس احنا محتاجين لها قوى اليومين اللي جاايين ونقطة ضعفها الوحيده هي سليم .. اول ماناخدوا مرادنا هنخلصوا عليهم كلهم وانت ابقي اتصرف مع مرتك عاد ..

اعتلت ثغرهم ابتسامه ماكرة لما يخططوا له
- تعجبنى ياعمى .. وانا بردو مكنتش مرتاح لسكوتك دهون .. كده اللعب هيحلو ...

اجابه بثقه
- كبير العتامنه ماعيسكتش علي الحال المايل .. المهم عاوزك تجهزلى زياره حلوة اكده نروحوا بيها للهوارة نباركلهم ..

اتسعت حدقة عين ادهم بدهشه
- كييييييف اكدددده !

" حبيبة قلب ابوها مين واخد عقلها اكده "
طبع قُبله خفيفه فوق جبهة ابنته الجالسه في الجنينه وبين يديها كتاب يبدو عليه انه سلب عقلها حتى تناست تواجد الخلق حولها .. قفلت كتابها مبتسمه

- كنت بقرأ كتاب طوق الحمامه في الاُلفه والالاف .. الكتاب دا فظيع يابابا ...

دار بجسده حتى جلس بجوارها مبتسما متذكرا شيء ما
- اااااااااه ابن الحزم .. والادب الاندلسي واجمل مااختتم به الكتاب " قبح المعصية، وفضل التعفف؛ ليكون قد أحاط بالحب من كل جوانبه"

اتسعت ابتسامتها ثم اردفت قائله بغمز
- الله الله .. سالم بيه متابع وشكله عايش حب قديم من ورايا ..

اجابها بهدوء
- الانسان مايقدرش يعيش من غير حُب ياوجد ...

نهضت مسرعه لتجلس بقربه بفضول وشغف
- طب احكيلي احكيلي ...

اجابها ممازحا
- اسكتى يابت انتى عاوزه كوثر امك تيجى تغتالنا دلوق ...

ضاقت حدقه عينها
- بقي جناب سالم بيه عتمان .. مدير اكبر مدرسه في قنا خايف؟! ...

ارتفعت ضحكته قائلا بصوت منخفض
- اشششش بنقصر الشر بس .. المهم سيبنا منك وقوليلي عامله ايه ياقلب ابوكى ؟

- انا تمام ياابوي .. وبقرا كل الكتب اللي عتجيبهالي وحفظتهم صم .. وكمان مش مقصره في حق كليتى وهتبقي ابو الدكتوره ياابو زين ..

احتضنها بحب وطبع قُبله اخري علي جبهتها
- طيب وسليم اخباره اييه ..
توردت وجنتها بخجل وابتعدت عنه بارتباك
- هااا سليمممم ! ماله ؟ والله ياابوي مابكلمه وكل مايحاول يكلمنى بديله فوق دماغه . . وببعده عن طريقى ..

وضع ابهامهه فوق شفتيها
- اهدددددى وبلاش عرق العتامنه المتمرد ده .. سيبك من كل الكلام ده .. وعاوزه اعرف قلب وجد فيه مين ...

مسكت كتابها بارتباك وتوتر شديد ووثبت قائمه قائله بعجلٍ
- ممممم هاااا ... طيب انا همشي دلوق اشوف امى لو محتاجه حاجه ...

قهقهه والدها بصوت عالٍ علي حركاتها الطفوليه المتمرده ثم اردف قائلا بصوت عالي بعض الشيء
- طيب خلاص انا عرفت هرد عليه اقوله اي لانه كان ناوي يتقدم رسمى وانا قولت اخد رايك الاول .. شكله اكده مافيش نصيب ...

وقف منتصبه في مكانها لم تصدق ما قاله والدها كالمومياء التى لم تخرج عن صمتها بعد .. احمرت وجنتها اكثر وسرعان ماركضت امامه تلك الصغيره التى هاجمها الحُب بدون رحمه .. ركضت محاوله الاختباء والانفراد بقلبها كي تدويه من ضجيجه المربك .. وجدت نفسها عاريه الافكار والقلب امام والدها قيصر الحب والرومانسيه ...

تنهد والدها بصوت مسموع
- ربنا يفرحك يابتى ويبعد عنك شر العتامنه ...

في الوقت الحالى ¤¤¤¤¤

فاقت من شرودها وهي تتحسس كتاب " طوق الحمامه بين الالفع والالاف " ودموعها تنهمر فوق وجنتها .. حضنته بحزن
- ابويا مشي بس انت اللي باقيلى ... وحشتى قوى ياابوي ووحشنى حضنك ووحشنى كلامى معاك .. ااااه لو كنت موجود دلوق معاي مكنش كل دا حصلي .. اهوو حصل اللي كنت خايف منه، العتامنه استقووا عَلِيّ ياابوى .. طب هو ينفع ترجع اعترفلك بحبي لسليم اللي كنت اداريه منك مع انك عارفو وتمشي تانى ... انت اللي علمتنى كيف احب ومشيت قبل ماتشوفنى نجحت فالامتحان ولا لا .. فهمتنى ان الحب حق مكتسب بس مقولتليش ان مافيش حب من غير تمن .. .. طلع تمنه غالي قوي ياابو وبتك رصيدها من القوه نفذ خلااص ...

دلفت ( سهى ) مكتب مجدى عادل الهواري بأرجل متثاقله وعيون ترتعش خوفا، بصعوبه استجمعت قوة عضله لسانها بعدما بللت حلقها لتقول
- في حاجه حضرتك ..

ابتسم ماكرًا
- تعالي ..
ازداد خوفها فأقدمت نحوه برعب
- هو حضرتك وصلت لحاجه بخصوص الورق؟!

اومأ رأسه ايجابا
- آآه .. كان في كاميرات سريه في المكتب عرفت من ورا سرقه الملفات ...

اراد مجدى اللعب علي اوتار خوفها اكثر كان الخوف والقلق ان يشق قلبها
- م .. مش فاا فاااهمه حضرتك ..

تنهد مجدى تنهيده ارتيااح وثقه ثم اردف قائلا
- يسري .. المستشار القانونى .. عارفااه .. اخر حاجه كنت اتوقعها ان يسري يخون .. _ثم نظر لها بغمز_ والله البنى ادم دا غريب تمدله يدك عشان تساعده ينهشها ...

داعبت شفتيها الذهول حتى اردفت بتلقائيه
- لااا .. از ازااي .. م مش معقول ... !

نظر لها بعيون ضيقة
- هو اي اللي مش معقول .. ؟!
ارتبكت اكثر
- انه يسرق وكده يعنى .. اصلو من زمان في الشركه وووو

وثبت مجدي قائما بهيئته المنتصبه ونظراته الثأريه
- وانت مستغربه ليييه .. روحى ابعتيله وتعالي ..

هزت رأسها بتوتر وجسد مرتجف بعدما تنهدت تنهيدة ارتياااح دارت بجسدها مسرعه للخارج ..

التوت شفتيه ببسمه خفيفه كإنه يستشعر فرحه انتصار عجيب .. ثم رفع حاجبه بثقه كإنه التقط مخه فكرة مااا، جلس فوق مكتبه ثم ارسل رساله نصيه لاخيه محمد
" ابعتلي رقم صفوة "

القي هاتفه فوق سطح مكتبه متكئًا بظهره للخلف متنهدا
- ياااصفوووة .. ! صبرك عليااا ...

اعتلى ثغره بسمه ماكرة متسائلا 《《 كيف لرجل ان يتحرر من قيود امرأة استعبدته عشقا !》》

أصوات موسيقي صاخبه تخترق الجدران وحركه اهل المنزل من خدم وغفر لمعاونة اصحابه .. دلف سليم الي مطبخ القصر وجد امه فاردف قائلا
" في حاجه تتاكل ؟! "
قاال جملته وهو يفتح باب الثلاجه باحثا عن شيء يأكله .. غسلت والدته كفها قائلة
- طب استنى شويه يكون الطباخ خلص الوكل واتغدي بالمرة ..

تناول ثمرة تفاح يأكلها بغل وكإنه يتنقم من احزانه فربتت امه علي كتفه مردفة
- مالك ياحبة عينى ؟!
جلس فوق معقد الطاوله التى تتوسط ساحه المطبخ
- عاجبك انتى الوضع دا يامه ؟!
اردفت قائله بحنو
- مااجده بتحبك ياولدى ...
اجابه بتلقائيه وتأفف
- وانا مابحبهااش يامه .. عشوفها كإنى شوفت عفريت قدامى عتجنن اكده ..

- يا ولدى البت غلبانه والله .. ادى قلبك فرصه وهتحبها ..
احمرت وجنته بدماء الغضب قائلا
- وانا مابحبهااش ومش من حق اي حد يقولى اعمل ايه .. محدش له الحق يرسملى طريقى .. مش مسموح لحد يشوف حياتى بعينيه .. مش مسمووح ياامه تقولولي احب مين واعيش مع مين .. دى حياتى مش حياتكم .. ذنبى ايه انا الملم ورا ناصر الهواري واشيل شيلته ... قوووليلى؟!

انخرطت دمعتين واحده من عين امه والاخري خدشت وجنة ماجده ابنة عمه فاكمل سليم قائلا وهو متأهبا للمغادرة
- انا هعمل اللي طلبتووه منى .. بس النتايج استحملوها انتوا .. مش عاوز حد يلومنى ...

خرج من المطبخ فوجدها امامه تنهمر دموعها بغزاره رمقها بنظرة ساخطه وتقدمه خطوتين للامام ثم توقف فجاة وعاد واقترب منها
- اظن انك سمعتى قولت ايييه .. عشان متتفاجئيش

القي عليها قذيفه كلماته الناريه التى فجرت عبراتها من عيونها وتركها تسبح في بحور احزانها بدون ما يتحرك له جفن الرحمه، اصبح صوت شهيفها يعلو، اصبح يؤلمها من الداخل، اصبح حزنها يضاجع حبها فينجيب عشقًا لايُداوى، كلما قررت ان تستقوى علي نفسها وتموت حزنا بداخلها ياتيها تؤامه راكضًا .. جلست فوق عتبه المطبخ بعد ما ارهقت ارجلها لم تقدر علي حمل جسدها المُثقل بالهموم .. وقفت عفاف عاجزه فهى الاخري وضعت في نيران لم ترحم .. نيران تحرق فلذه كبدها ونيران اخري تأكل قلبها فإنها تري امام عينها قلب يحترق ويتبخر كما تبخر قلبها في ماضٍ كلما قررت دفنه حاصراتها اشباحه مجددا وطوقت علي عنقها حبل مشنقة النسيان ...

" العروسة جهزت ولا لسه كسلانه "

وصلت تلك الرساله النصيه علي هاتف صفوة المنغمسه في مركباتها الكميائيه .. فالتفت لصوت رنين الهاتف وهي ترفع نظارتها الطبيه وجدت رقمًا مجهولا .. رفعت حاجبها متعجبة
- مجدى ! معقوله ؟!

قررت تجاهل الرساله بعد محاولات عديده .. فعقل المراة حينما ينتابه الفضول يجعلها طفل سذاج لم يصمت الا عندما ترضيه ...

بعد عدة دقائق عاود الاتصال بها .. فانه يجد اثناء حديثه معها انتشاء عجيب لجميع حواسه .. لم يقل فضولها عن الاول وبعد تفكير وحيره قررت الرد بتأفف
- افنددددم !

اعتدل في جلسته محاولا مزج الحب مع العتب واللوم
- انتى ازاي تردى علي رقم متعرفهوش ياااااهاننننم ..

اتسعت حدقة عينيها بدهشه بالرغم من اعتقادها بهوية المتصل ولكنها لم تجد تفسيرا واضحا لدربكتها
- انت جبت رقمى منين ... وبأي حق اصلا تكلمنى ..

اتسعت ابتسامته ثم وثب قائما يبعد ببطء عن مقعده ثم اردف قائلا باللهجه القهراويه
- اولا لما تتكلمى توطى صوتك .. ثانيا تجاوبي علي اد السؤال عشان اللماضه انا مابحبهااش .. ثالثا ودا الاهم الجميل اخباره ايييه ... ؟!

زفرت بعصبيه علي برود اعصابه وبدون اي مقدمات انهت المكالمه باغتياظ
- طلعلى منين دا بس ياربي وانا كنت ناقصاها ماطول عمره عايش فالقاهرة ومش بنشوف وشه .. شكلك هتتعبنى اوي ياسي مجدى .. طيب انت اللي اخترت ..

لم يعاود مجدى اتصاله لانه بل اكتفي بغيبوبه الضحك التى اصابته، شعر بانتصار عجيب ملأه .. اثناء قهقهته دلف السكرتيره بصحبة المستشار القانونى للشركه .. تبدلت ملامحه للضيق ثم عاود ليجلس علي مكتبه بثبات
- إلا قولى ياسيادة المستشار عقوبه سرقة اوراق رسمية فالشركه ايه !

قضب مجدى حاجبيه ثم اردف قائلا وهو يجلس امامه
- دى جريمتين ياباشا خيانة امانه وسرقه .. والعقوبه التحويل لمجلس تأديب اقل حاجه وبتنتهي بالفصل ...

رمق سهى سكرتيرته بنظرة حاده اربكتها اكثر
- اممم طب عاال اوي .. وانت اي رايك في سرقه اوراق اكبر مناقصة من الشركه ..

تنحنح يسري بخفوت
- اللي تشوفه حضرتك ...

رفع مجدي عينه نحو سهى
- طب نشوف راي الاستاذة سهى ..

تراجعت خطوتين للخلف بجسد مرتجف قائله بتوتر
- وانا مالي ياامجدى بيه ... اصللل

دار بمقعده مقاطعا وهو يفتح شاشه حاسوبه
- اصل انك حراميه ... شوفي كده ...

انتفض جسدها وانهمرت دموعها
- والله هقول كل حاجه .. بس ماتقطعش عيشي ..

ابتسم بخبث
- هاا سامعك .. مين وراكى ؟! ...
فركت كفيها بارتباك ثم اردفت قائله
- اا .. اددهم باااشاا .. والله ضحك عليااا وفهمنى اننا هنتجوز وووو ..

وقف بذهول
- ادهم فؤاد ؟! العتامنه !

اومات راسها الملطخه بالدموع ..
- والله انا غلطانه .. انا اسفه حضرتك .. انا معرفش عملت كده ازاي ...

تنهد مجدي بهدوء
- يسري عاوزك تتصرف .. تاخد حسابها وبزياده كمان وماشوفش وشها هنا تانى ...
ثم رمقها بنظرة معاتبه
- اظن كده عدانى العيب .. يلا اتفضلوا ...

اخذت سهى تجري خيبات الالم والندم معها
- يسري استنى ...
قالها مجدى بثبات
- اوامرك ياباشا ...
انتظر مجدى خروج سهي ثم اردف قائلا
- ورق الشحنه الجديده يطلع والعماال يبداوا يشوفوا شغلهم .. اللى كنت قلقان منه حصل خلاص .. نفوق لشغلنا بقي ...

ابتسم يسري ابتسامه انتصار
- حاضر يابيشمهندس ..

خرج يسري ثم لملمَ مجدى شمله متجها لقنا باستعجال
- راجعلك ياست صفووة ...

 

لازال سليم يجوب بسيارته بين الغيطان محتارا سائما في قدره المنتظر .. لازالت ماجده تنزف خيباتها ووجع قلبها علي هيئة دموع تأكل في وجنتها .. ولازالت النيران تنهش في قلب وجد بقلق وتوتر .. غيابه بالنسبة لها اصبح مريبا ..

انتهى النهار واعتلت صوت دقات الطبول واغانى السيدات الصعيديه والتصفيق والتهليل ... وخروج صوانى الطعام الممتلئه بأشهى المأكولات صفا منتظما فوق اكتاف الغفر ... غمر قلب راجح الهواري لفرحه احفاده فاليوم تخطى اول مرحلة من تحقيق مراده ...

" في مملكة العتامنه "

دلفت وجد سلم قصرهم بعد ما بلغ خوفها لذروته .. فوجئت بحركه غريبه في قصرهم .. اسرعت الخطى نحو اخيه

- زين الحاجات دى راحه فين ؟!

اخيها الصغير مرتديا ثوبه الابيض الصعيدى اردف قائلا
- فرح الهوارة اليوم .. وعمك صمم يروح يباركلهم ...

امتلأت عينيها بالدموع قائله بدهشة
- جري له ايه ... كيف مابينهم دم وتار ودا رايح يباررررك ...

لم ببال اخاها لحديثها بل اردف قائلا
- اي رايك فيّ انفع عريس ؟!

رفعت كفها من فوق كتفه وهي في حاله صدمه
- عشان اكده ياسليم تليفونك مقفول ومش عتكلمنى .. طب كنت طمنى عليك بس ! ...

ارتفع نداء الصغير
- يا وجد روحتى فييين ؟! مش عتردى على ليييه ؟!

ابتلعت ريقها ثم نكث علي ركبتيها بالقرب من اذانه
- زين قولى معاك التابلت بتاعك اللي عتلعب عليه صح ؟!

اونئ راسه بالموافقه
- ماانتى عارفه ماعقدرش اتحرك من غيره ...

خفضت صوتها قائله
- طب بص اسمعنى .. عاوزاك تصورلي كل حاجه هتحصل فالفرح .. ماشي يازين ؟ ...

اجابها بفخر
- ساهله قوى دي ... بس ليييه ..؟

- اسمع الكلام بس .. واوعي ادهم ياخد باله ...
- خلاص اتفقنا ...

انتصب عودها مجددا قائله بحزن
- هتتجوز خلاص ياسليم ! ياتري ناوي علي ايييه ياعمى ؟! استرها يارررب...



ليلة مشتعله بالسواد بداخلى خدوشا وتصدعات تجعل جسدى يرتعد .. في جميع محاولات هجري فأنا الموشكة علي الرحيل .. إلا تلك المرة غادرت وهجرت روحى التى كانت دائما تتسابق معك لنسعد سويا، اشعر وكإنك ممررت علي قلبى بسلك شائكٍ يمزقه اشلاء حتى اصبح ينزف بمرارة اشتياقك .. اصبح قلبي عضله ضامرة ماعليها الا توزيع الدم بداخلى لتجبرنى علي الحياة .. حياة ! حتى تلك سلبتها...

- هتتجوز خلاص ياسليم ! انا مش قادرة اصدق ؟! طب ازاي هتقدر تتبسط وتقعد جمبها فالكوشة .. هانت عليك وجد .. وكمان مكنتش بترد عليّ .. !

وقعت عينيها علي صورته التى تتحسسها باناملها وتبللها بدمع عينها ثم ابتسمت وسط ظُلمة بكاؤها متذكرة موقفًا ما

- اسمع منى بس صورتك من غير الدقن احلي ..
قالت وجد جملتها وهي تقارن بين صورته والاصل امامها .

رفع حاجبه ممازحًا
- غريبه دي! .. اول مرة اشوف بنت ماعتحبش الدقن .. مع انهم بيقولوا عتزلزل قلب الستات ..

احمرت وجنتها خجلت وهي تبعد عينيها من عينيه اللاتى يُحاصرونها ..
- ومين قالك انى عاوزاك تزلزل قلب ست غيرى !..وبعدين انت مالك مبسوط وانت عتقولها اكده .. عااارررف ياااسليم لو شمِت بس ريحة ست عدت من جمبك بالصدفه .. هقتلك ! ..

قهقهه بصوتٍ عالٍ وهو يقترب منها
- عتغيري !
رمقته بنظرة طفولية
- اااه .. ولما عغير عقتل .. اتقى شري عااد ...

ازاح خصيلة شعرها الهاربه من تحت حجابها الملقى علي رأسها وهو يتكأ علي كفه وركبته المثنية المستند عليها بعمعصمه الاخر
- تخافيش اي ست عتقرب منى شبح حبك اللي محاصرنى عيكهربها ...

اتسعت ابتسامتها ثم ادارت رأسها ناحيه النيل تتأمله .. تنحنح سليم مجددا ثم اردف قائلا بغمز
" نرجع لموضوعنا عاد .. انتى ازاي دكتوره وتطلبى منى احلق دقنى ؟! دا المفروض انتى اللي تصممى علي حاجه زي دى "

قضبت حاجبيها باستغراب
- مش فاهمه .. قصدك ايه ؟!

اجابها بغمز
- قصدى يعنى الدقن لها كذا فائده وانتِ المستفيده من الموضوع دا يكون في علمك ..

زفرت بضيق
- انت كلامك غريب ليه اكده ! وبعدين متحاولش تقنعني ولا انت عاوز البنات تعجب بيك وخلاص !

اجابها بفخر
- انا البنات عتموت عليّ حتى لو لبست فروة خروف .. مش الدقن يعنى اللي هتشدهم .. انا والحمد لله امكانياتى عتتكلم عنى ... والمفروض انتى اللي تكونى عارفه اكده .. ولا اييييه ..

ضربته بقبضة كفها علي كتفه
- بطل طريقتك دى .. هزعلك !
ثم قامت مسرعه محاولة الهرب من اسهم الحب التى لم تصوب إلا علي قلبها .. وقف هو الاخر سريعا ثم ركض خلفها قابضا علي معصمها
- استنى اهنه .. كيف تمشي انتى من غير مااسمحلك ؟!

شيعته بنظرة حب كافيه ان تشتطر قلبه وذهنه الف شطر، اغمض عينيه لبرهه محاولا استجماع فُتات روحه ثم همس قائلا
- كل نظرة من عيونك مغريه للموت فيهم يابت العتامنه ...

غاصت في محيط حبه اكثر وازداد بريق كلماتها .. غريب ذلك الحُب بكلمه منه تجعلنا نشع نورًا وبمجرد غيابه ننطفئ ... ننطفئ وكإننا لم نُنير بعد .
- بتحبنى !

ضاقت عيونه لسذاجه سؤالها
- هو انا ليه لازم اقولها كل شويه .. مع ان كل تصرفاتى عتأكدلك انى مش عاشق غيرك .. ليه كل مرة تقابلينى فيها عتسألينى هي تصرفاتى مش كفايه تثبتلك ؟!

وضعت اناملها فوق شفته لتتضع حدا لزمجرته
- انا عحب اسمعها في كل وقت .. عطمن ( بطمئن ) بيها ياسليم .. بيها عحس انك عمرك ماهتبعد عنى ... كلمة عحبك منك وجبة غذائيه متكامله عتغذى قلبي وروحى بفيتامينات وبروتينات حبك .. بيها انا عايشه .. ..

وضع كفه علي وجنتها بحنو
- وطول ماانا عايش مش هتسمعى غيرها ياوجد ...

ثم اكمل ممازحا
- افهم من كده انك خلاص غفرتى وسمحتيلى اسيب دقنى ...

ضربته باغتياظ
- اتلمم ... قولت لا يعنى لا، تتحلق من بكرة ...

غمز لها بطرف عينه غمزه فهمت مغزاها
- عشان حمارة .. علي العموم انتى اللي خسرانه وهتخسري كتير ...
تنهدت بصوت عالي شاعره بمراجل تقاد بداخلها
" عملنا حساب كل حاجه إلا انك تمشي .. مشيت وسبتلى ذكريات زي الوشم مش عارفه اتخلص منها "

 

" في قصر الهواري "

استعد محمد لحنته مرتديا جلبابه الابيض الفضفاض، ولاول مرة يشعر بفرحه عارمه تحتل كيانه، شعر بأن ثوب الحب يكسوه ويأخذه من يده لحدفه بين ذراعي من احب .. ألقي علي نفسه اخر نظرات في المرآه وهو يحسس علي شعره بفخر ليقول بحماس
- حلاوتك وانت وعريس ياابو حميد ...

علي عكس الحال بالنسبه لعماد .. الذي لم يتحرك من فوق مقعده الهزاز سابحا في بحر افكاره وذكرياته يحدق النظر في ملامح زوجته التى اشتاق اليها كثيرا، اشتاق لكل تفاصيلها، اشتاق لارتشاف صوتها وحركات عينيها الطفوليه امامه، اصبحت ذكرياته معها عباره عن فيديو سينمائى يمر امامه بدون توقف، يصارعه حبها وشوقه له، لم يتقبل بعد فكرة ان تبيت غيرها في احضانه، تحمل غيرها اسمه .. اتكأ بمراره وألم للخلف

- سامحينى يانيرة .. بس مجبر .

اردف مجدى داخل المنزل بعجلٍ.. متنهدا لما قطعه من مسافة كبيره اثناء سفره، تحرك بحماس نحو غرفته للاستعداد لفرحه، يود ان تنطوى خطاوى الارض ليلتقي بها، يركض وكإنه في سباق مع دقات قلبه، فاليوم الذي تمناه منذ ٧ سنوات اقترب، يدور في ذهنه لقطات خاطفه منذ ذاك اليوم الذي ترك طفله صاحبه الشعر المنكوش، والان تلك الطفلة الرشيده صاحبة نفس الشعر، لم يتغير بها شيء إلا ان اصبحت عينيها تربكه بمجرد ان يراها .. وصل غرفته اخيرا ليستعد لفرحته بحماس وهمه والابتسامه تشق ثغره وقلبه معًا .

توقف سليم بسيارته امام بهو القصر، حتى ظهرت امامه عينى حبيبته وهي تنظر له بعيونها الغزلانى التى لا تشع الا حبًا يملأه، عيناها اللاتى كلما نظر بهما يصبح كالطفل الصغير الذي نسي ان يكبر من فرط حنانها وحبها، شق شفته ابتسامه خافته .. ثم اعتدل في جلسته متأهبا بالنزول من سيارته كإنه تذكر شيئا اخر اسرع لتنفيذه، ردد بصوت منخفض
- سامحينى ياوجد .. بس ورحمة ابويا لاعوضك عن كل دمعه وجع هتنزل علي خدك ...

" انا لبست وجهزت اهو .. ايييه رايكم، انفع عروسه ؟"
قالت يسر جملتها باللهجه القاهروايه وهى تطير فوق اجنحه الحب من سعادتها التى تغمرها ..

رمقتها صفوه التى تتفحص هاتفها
- اتنيلى ! انا مش عارفه انتى فرحانه علي ايه ياختى ..

ابتسمت يسر بحب ثم اردفت قائله بنبره قهراويه
- هكون مع حبيبي لاخر العمر ياصفوة .. هو في احلي من كده ؟!

رفعت اختها حاجبها ساخرة
- الجواز بيقصف العمر وانتى الصادقه، انتوا ليه مش متخيلين ان الجواز دا حاجه مرعبه، الجواز عامل زي الحكم المؤبد بس للاسف مدته مابتقصرش لحسن السلوك . ارتقوا بقي وماتتجوزوش الجواز اكبر غلطه في حياة البنى ادم ..

التفت اليها نورا باهتمام
- الجواز سُنة الحياة ياصفوة .. لولاه مكنتيش انتى موجوده حاليا ..

- هااا ! اللي بيتجوزوا دول مجانين .. مافيش عاقل بيتجوز .. انا مش عارفه انتوا امتى هتغيروا رايكم وفكركم وتنضجوا كده .. ياااجماعه افهمونى بالعقل كده انتوا اييه اللي يجبركم انكم تعيشوا عبيد عند مخلوق، الجواز كده خلي عندك ايمان وثقة بحريتك الرجاله دول صفر علي الشمال مش بيجى من وراهم غير الهم ...

رد يسر مقاطعه
- بس اسكتى .. تعرفي ! انتى جايه تطلعى عقدك علينا ليييه .. مش عاوزه تتجوزى اخرسي ...

- دا جزاتى انى عاوزه افوقكم ؟!

يسر: لا احنا عاوزين نبقوا نايمين وسكرانين فالحب كده مالكيش دعوة ياستى ..

سالتها نورا ممازحه
- طيب هتعملي اي ؟ انزلي قولى لجدك لا وحاربي يا اندبيدنت وومن ...

وضعت صفوة رجل فوق الاخري بثقه
- لا مش هعمل كده .. بعد كلام امى ارتحت وبصراحه حاسه انى لقيت حد هجرب فيه اختراعتى ومش هيعترض وانا شايفه سي مجدى دا فارد دراعته اوى وعاوز يتحدانى وانا عاوزه افهمه غلطه بس .. دا كل الحوار ..

تبادلا الاختان النظرات بخبث
- اااااه عناد يعنى ! طب انا قاعدة وانت قاعده لو ما الحب خلاكى تتقلبى ع جدور رقبتك ابقي قولى يسر اختى قالت ..

رفعت صفوة حاجبها بعدم تصديق ثم اكملت نورا بغمز
- وبصراحه اسمع ان مجدى شخصيه وجدع وشاطر .. وغير كده الواد امور وحليوة يعنى مش هتاخدى ف ايده غلوة ..

زفرت صفوة باغتياظ
- طب نقطونا بسكاتكم ياختى انت وهي .. اانسوا دانا هوريه النجوم في عز الضهر ...

لازالت ماجده تراقبهم بصمت وحزن شديد كمن نثر افراحه فوق قمم الجبل ثم نداها ولكنها لم تعد اليه حتى الان .. اخلص لها الحزن في بقاؤه بداخلها كإنه اقسم الا يفارقها الا مصطحبا بروحها ...

دخلت عفاف غرفتهم فجااة
- جرى ليكم ايه يابنات يلا شهلوا، الخلق كلهم تحت يللااااه عشان تتحنوا كفاياكم مناقره عاااااااااد ...

قرعت الطبول ورقص الخيل واحتشدوا اهل القريه حول موائد الطعام ليكتسحوا ما عليها فارحين فاليوم هو عيدٌ لهما .. دلفوا الاخوه الي حديقه البيت شاسعه الاتساع مرتدين ثيابهم البيضاء، منهم من احتل قلبه الفرح ومنهم من اجبر علي امرٍ لا مفر منه ..

وذلك الحال بالنسبه للفتيات، جلسن بجوار بعضهم البعض وكل منهما بداخله خبايا ونوايا تختلف عن كل منهما الاخر

يسر لنفسها بفرحه: اخيرا يامحمد،، وعد عليا هخليك اسعد واحد فالدنيا ..

صفوة بضجر وعيون خبيثه: هسود عيشتك .. هخليك تلعن اليوم اللي كنا فيه ولاد عم .. عشان مش صفوة الهواري اللي تتجبر علي حاجه ...

نورا بحزن وتوسل: يارب قوينى وصبر قلبي .. يارب قدرنى اعوضه علي اللي فات واثبتله حبي اللي خبيته ١٥ سنه ..

ماجده تنهدت بكلل وياس ثم رددت لنفسها قائله
" لازم تحبنى ياسليم .. هنسيك الدنيا كلها .. اكيد اخرة العذاب دا حب .. وحب كبير كمان .. قلبي بيقولى كده "

صوت زغاريد النساء وتصفيقهم ورقصهم الصعيدى .. ووجود الفتيات يتهامسن
- زينة شباب النجع خلاص هيتجوزوا

همست الاخري قائلة
- ياما كنت اتمنى اتجوز واحد منيهم .. بس يلا الفقر عارف صحابه والحظ بايت في حضن ناسه

لكزتها رفيقتها
- وطى حسك عااد وقومى نرقصوا ..

قاما الفتيات يرقصن، تقدمت احدمهما ومسكت بكف يسر لتتراقص امامها ..

قامت يسر مرحبه ومهلله وجميع ملامحها تتراقص معها، تشرق عينيها بنور الحب ويتمايل جسدها فوق اوتاره .. لمحها محمد عن بعد مبتسمًا اتكأ جنبًا يتأملها
دارت يسر بجسدها امامه كالفراشه التى تتنقل فوق ورود قلبه تمتص بضحكتها مرارة صبر سنوات من البعد .. استدارت حتى اصبحت مواجهه له، وقعت عينيها عليه فاتسعت ابتسامته .. غمز لها بطرف عينه مرسلا لها قبله في الهواء احمرت وجنتها خجلا ..

كانت ثريا تترقبهم عن بعد، جحظت عينيها بغل ثم اسرعت نحو ابنتها وضغط علي ساعدها بقوة وسحبتها خلفها لتجلستها علي مقعدها
- كنى ( اهدى) اكده واقعدى علي حيلك وخفى مرقعة وقلة ادب ..

كتمت يسر صوت ضحكاتها
- خبر اي يااما ماالك عاااد .. مفرحش يعنى يوم فرحى ؟!

رفعت كفها اوشكت ع صفعها
- تكتمى .. دا مش فرح ولا دى فرحتك،، فرحتك انا اللي احددهالك .. انتى لساتك صغيره فهمااش حاجه ..

ظل محمد يراقبهما بفضول ثم اردف قائلا بهمس
- شكلك ياثريا مش ناويه تمرقي يوومك .. صبرك عليا بس اما جبتلك ضغط وسكر وكلاوى .. ولية ادبت ( اتجننت ) في راسها !

ثم غاادر المكان متوعدا لها والضحكه مرسومه علي وجهه ...فهمست نورا لاختها
- عدى الليله واصبري لحد مايكتبوا كتابك ياختى ..

صفوة بغل وضيق
- اهدى كده .. مالك خفيفه ليه اومال لو جوازه عدله كنتى عملتى ايه !

رمقتها يسر بنظرة ساخرة
- خليكى ف حالك يامعقدة ..

وصل صفُ طويل من سيارات العتامنه امام قصر الهوارة .. شن حرس الهواري الاسلحة صوبهم وعلي المقابل رفع رجالة العتامنه اسلحتهم

زمجر ريح صوت حيدر قائلا
- خبر ايه اوومال ؟! مش اليوم فرح واحنا جااايين نباركوا ...

احد حرس الهوارة
- ناخدوا امر راجح بيه الاول قبل ماندخلوكم ...

زفر ادهم بضيق
- كلمة كمان وهدوسهم كلهم ياعمى ..

ضغط عمه علي كفه
- اصبر ... _ثم رفع نبرة صوته_ يلا بلغ اللي عاوز تبلغه .. مستنين ...
اردف زين قائلا
- هما مش عاوزين يدخلونا ليه ياعمى ؟!

نصب حيدر رقبته قائلا بشموخ
- ندخلوا دلوق متقلقش ... الصبر .

بعد برهه اسرع احدى غفر الهواري نحو سيارتهم
- اتفضلوا .. بس راجح الهواري امر اننا ناخدوا الاسلحه من الرجاله ..

انعقدت ملامح ادهم غاضبا ثم اردف حيدر ساخرا
- هو دا كرم الضيافه عندكم ياهوارة ...
ثم اخرج راسه من نافذه السياره قائلا بصوت قوى
- سلموا اسلحتكم ياارجاله .. عشان راجح يتأكد اننا جايين نادوا واجبنا ..

اقترب راجح من احفاده المجتمعين سويا
" انت ياولد منك له .. اسمعونى زين "

دار الاربع رجال نحوه بااهتمام
سليم ساخرا: خير ياجدى .. غم قلبي وقولى المأذون وصل ..

صفق محمد فارحا: يااحلى خبر في حياتى .. انا اول واحد هااا ...

مجدى ممازحا: ومكونش ليه انا هااا ؟ ... مالك ياجدى متغير ليه، في حاجه حصلت ؟!

عماد بهدوء وثبات: حصل اي ياجدى ...

زفر جدهم بضجر: لما تكتموا الاول .. بصوا رجاله العتامنه عالبوابه ..

اتسعت حِدق اعنينهم مندهشين: اييييييه
سليم بتعجب: كيف ؟! من ميته اللي بينهم تار عيعرفوا فالواجب ؟!

اردف الجد قائلا
-انا خابر راس حيدر زين .. المهم عاوزكم تفرحوا وتتبسطوا اكده مش عاوز لمه النساوين دى ...

محمد ممازحا: هات فرعك وهوريك الرقص ع اصوله ياهواري ..

غُما قلبا سليم وعماد لاوامر جده، داروا جميعا نحو صف سيارات العتامنه الذي ملأ بهو قصرهم ..

دلف حيدر من سيارته مرتديا زيه الصعيدي وخلفه ادهم وفايز وزين اولاد اخوته .. تقدم راجح وخلفه احفاده قائلا بصوت جمهوري
- نورت ياكبير العتامنه ..

اشتعلت عينى ادهم بالغل والغضب بمجرد سماعه تلك الجمله، انه لم يعرف بكبير للعتامنه غيره، لازال يخطط لشيء ما ليمتلك هو جاه وسلطان عائلته، تبادلت النظرات فيما بينهما ... ارتفع صوت حيدر قائلا
- مبروك ياعرسان ...

ثم قال بمكر
- لعبتها صووح ياراجح ..

فهم الجد مغزى كلماته ثم اردف قائلا
- عقبال عندك ... ولا نقول عقبالك الاول ياحيدر ! ..
اردف ادهم قائلا
- قريب ياهواري باشا .. قريب وانتوا اول المعازيم .. فرحى علي وجد بت سالم اخر الشهر ...

اشتعلت النيران في قلب سليم كان يود ان ينقض عليه النمر كما ينقض علي فرائسه .. ابتسم ادهم بخبث ثم قال
- طبعا كلكم معزومين ياهواره ..

رمقهم الجد بنظرات ناريه ثم عاد ليرتسم الابتسامه .. -ارفع ياولد صوت الاغانى دى خلينا نفرحوا، ياغفير تعالي اهنه ... احسن سفرة لرجالة العتامنه تتمد ..

تفكك شمل الحاضرين حتى لم يبق الا سليم وادهم يلتهمان بعضهما بنظرات ناريه تحرق مجرة ..
سليم بفظاظه: اخر حاجه كنت اتوقعها انك تيجى ..

ادهم بخبث: اعتبره جَميل .. وفي رقبتك ولازم ترده .. هابقي ابعتلك كارت دعوة .. اومال ايه هو انا والدكتورة وجد شويه ... اصلى ناوي اخليها ليله من الف ليله وليله ...

ضحك سليم بصوت ساخر: وهمك قاتلك ...

قرب ادهم منه متوعدا: هتشوف ...
رمقه سليم بنظره ساخرة: وانت كمان هتشوف .. بس هتشوفها في حضنى .. عشان سليم الهواري مابيسبش حاجه تخصه لحد ..

احمرت اعين ادهم وسرعان ماادخل كفه في سترته ممسكا بسلاحه صوبه نحو سليم بغضب .. رجع سليم خطوة للخلف رافعا حاجبيه وكفيه بسخريه
- اايه كلامى جيه عالجرح .. معلش، عقبال مانفتحوه الجرح دا عشان ننضفوه قريب ...

طافت اعين ادهم فوجد نفسه محاصرا بين فوهات بنادق غفر الهواري .. اتسعت ابتسامه سليم فخرا .. تمالك ادهم اعصابه بصعوبه فرفع سلاحه لاعلي ليفرغ طلقات سلاحه كإنه يفرغ طلقات غضبه من داخله .. التفت الجميع حولهم .. وايضا النساء يراقبونهم من اعلي وخلف النوافذ ..

انخلع قلب ماجده من مكانه علي حبيبها ...
دار سليم بجسده ممسكا بأحدى عصا الغفر ورفعها لاعلي شارعا في رقصه الصعيدى .. اشتعلت النيران بداخل ادهم اكثر .. ارتفعت صوت الاغانى مجددا ثم اقترب مجدى من اخيه يتبادلون الرقصات الصعيديه بالعصيان ... اقتحم مرقصهم محمد وهو صاعدا فوق حصانه يتراقص به علي دقات الطبول والمزمار البلدى ...

رفع عماد عينيه لاعلي فعلقت بعينى نورا المفعمه بالوحده والارق، ابعد عينيه عنها محاولا تجاهلها الذي اصابها في منتصف قلبها بندبه اسقطت دمعة من عينيها ..

لازالوا الاخوات بتراقصون بمرح وضحك وكل منهما فوق حصانه الذي احضره الغفر ومابين عيون مصوبه اسمههما نحوهم تود ان تصيبهم في مقتل ..

كان زين يلتقط جميع لحظات الفرح منذ ان دخل الى ان تركه فاردف قائلا بفرحه عارمة
- اكيد وجد هتفرح قوي لما تشوف الفرح الجبار دا ...

 

تااابع ◄