-->

رواية أباطرة العشق ( عشق من نار ) الجزء الرابع

 

 

 تعوّد أن تخيط جروحك من الداخل .. بنفسك .. لا أحد يعرف حقيقة وجعك .. وشدّته .. كما تعرفها أنت .. أي يدٍ أُخرى تلمس جروحك .. ستوجعها أكثر .( راكان العنزى )
مقطع سينمائى عابر كان كافيًا ان يمزق قلبها اشلاء .. شلو تلو الاخر، فقد زُرع الوجع في جميع ضواحيها،،،



" ماشوفتيش ياوجد العراك بين سليم وادهم .. بس ولد الهواري ده جوى قوي .. خلي عنين ادهم تبخ دخان "
اردف زين الصغير كلماته بسذاجه طفوليه .. ثم اكمل قائلا
- عارفه ياوجد .. انا فاهم كل حاجه زين، وعارف انهم جتلوا ابوى .. وانا لما اكبر هاخد تارنا من حبابي عنيهم ...

حركت شفتيها كي تتحدث ولكن انعقد لسانها بمجرد دخول ادهم
- عااش يابطل .. والله وكبرت يا زين وبقيت راجل ...
اعتدلت وجد في جلستها متأففه
- انت مين عطاك الحق تدخل اوضتى اكده من غير ما تستئذن ..

تنحتح بخفوت مصطنع
- لا ف دي عداكى العيب وازح يابت سالم .. بس محلوله كلها كام يوم وهدخل قلبك كمان من غير استاذان ..

نصبت عودها بشموخ
- سقف طموحاتك عليّ قوى ياولد عمى، طب حاسب بدال مايطربق فوق راسك ..

جلس ادهم فوق مخدعها وهو يحتضن اخوها بعفويه
- اي يازين انت ماورتش اختك ولد الهواري وهو عيرقص وطاير من الفرحه بعروسته الجديده !

عقدت ساعديها امام صدرها باغتياظ
- لا ودى تيجى .. ورانى وحكالي كمان .. وقال لى كيف كنت زي الفار قدام ولد الهواري ..

انتفض من مكانه بتوتر واضح ثم اقترب منها متوعدا
- وانا سبق وقولتلك قتله علي يدى .. ونشوف عاد مين فينا الفار ومين السبع اللي هيدبح القطة .

زفرت بضيق وحنقه
- اووووووووف .. اطلع برا ..

اصطنع ادهم معالم البراءه
- وانا اللي كنت جاي اقولك خبر حلو !
- مش عاوزه منك حاجه ..
- تؤؤ ! ميهنش عليا تنامى زعلانه .. _ثم همس في اذنها_ كفايه اللي عملوا ولد الهواري وعطاكى علي قفاكى !

نظرت له بعيونها المتسعه تود ان تفتك به
- مايخصكش ..

- احم احم .. ماعلينا المهم ياست الضكتوره تقدري تنزلى شغلك من بكرة .. وتعيشي حياتك طبيعى منا بردو مش هتبسط لما يقولوا عليّ حابس مرته !

نظرت له باشمئزاز وبضيق .. ابتسم ادهم ثم اردف قائلا
- طب يلا يازين نسيبوا اختك تريحلها شويه .. اشوفك الصبحيه ياوجدانة قلبى ..

مازالت محتفظه بصلابتها امامه، بمجرد ما تركها وغادر شعرت بقوة خارقه تشق قلبها، ورحها تتلاعب بداخلها تارة تنسحب واخري تعود .. انفاسها اصبح متقطعه، وضعت كفها علي قلبها بوجع
- ليه كده ياسليم لييييييه .. وجد تستاهل منك كل دا ..

دلفت اختها ( ورد ) بعفويه
- مالك ياوجد .. انتى عتبكى ياك ؟!

- شوفتى سليم عمل ايه .. البيه شغال يرقص وفرحان ولا علي باله .. دا كمان مردش علي من الصبح ياورد.

قفلت اختها الباب برفق
- طيب اهدى بس .. المفروض انك عارفه سليم زين ياختى واكيد عمل اكده عشان يكيد ادهم ..

وثبت وجد قائمه
- لا ياورد .. لا .. عقولك ايه امك نامت ؟!

ورد باستغراب
- البيت كله نام ماعدا ادهم وزين كنت سامعه حسهم تحت ...

فكرت لبرهه ثم اردفت قائله
- بصي تروحي تتابعيهم واول مايناموا تقوليلى .. يلا ..
ورد قائله بقلق
- ناويه علي ايه يابت ابوى !
- اسمعى الكلام بس ويلا ...
استسلمت ورد لاوامر اختها ثم تسللك بهدوء تترقب خطاوى ادهم في الاسفل ...

 

"في قصر الهواري "

" اقولكم ايه انتوا ضاربين اي علي المسا !"
اردف سليم جملته وهو يضع ساق فوق الاخر لاخوته المجتمعين في جنينه القصر يتسامرون بعد ما انتهت الليله ما قبل الزفاف .

اتكئ محمد بفخر مردفا:
- سيبك انت بس مين يصدق اننا بكره هنبقي عرسان ! صبرت ونولت ياد يامحمد والله .

تنهد مجدي بحيره
- طب انت وماشيه معاك زي الحلاوة في السكين ياعم .. انما انا بقي اعمل ايه في قدري المستعجل اللي مستنينى بكره .

قهقهه محمد بصوت عالٍ يعكس صدى صوت طبول قلبه من الداخل ليقول بثقه
- مش هتعمل اي حاجه متقلقش .. اصل مراة عمك منبهه علي بناتها انكم تقضوها اخوات في بعضيكم والا هتقطع خبرهم .

غيبوبة ضحك انتابت الجميع بعد تصديق , حتى عماد الشارد بعيدا عن محور حديثهم شاركهم الضحك باستغراب مردفا بضحك مكتوم وهو ياخذه انفاسه بتقطع
- ثريا قايله لهم كده ! طب والله طلعت بتفهم وهتوفر عليا كتير .
فزع محمد قائلا بثقه
- ابو ثريا علي اللي جابوها .. هى هتقفلنا زي اللقمة في الزور اكده تقول اللي هي عاوزاه اما انا هعمل اللي عاوزو و حدش يقدر يفتح خشمه معاى .

مجدي بحسره
- حقك ياعم تتكلم بالثقه دي ! اومال انا اعمل اييه !
- خف قر ورحمة ابوك الليله مش ناقصه نبر .
تنحنح سليم بصوت قوي
- طب يارجاله فوتكم بعافيه هركب فوق انا انام عشان جبت اخري .
محمد ممازحا
- ياعم حقك عريس بقي واكده الله يقويك يااهواري كلنا لها .
رمقه بنظره ساخره وهو متأهب للمغادره مردفا
- مالكش دعوة بي سيبنى في حالى وركز في حالك انت .. اكمنى ماعقلقش غير من اللي عيتكلموا كتير دول ربنا يسترها عليك ياهواري ياصغير .

- اشباح الهواري تفوت في الحديد ياولد امى وابوي .

تركهم سليم وهو يجر في قدميه ذيول الحزن والضيق يشعر وكأن جبلين انطبقوا علي قلبه فتنهد بصوت عال وهو يتجه نحو غرفته مرددا
- يا وجع القلب يارب ..!
وصل سليم غرفته ليتجولها بتثاقل ويرفع ستائر الغرفه المنسدله فوق نوافذها فالتفت الي هاتفه المُلقي جنبًا ليلتقطه بلهفه مردده
- تلاقي وجد ناصبه صوان اكبر من صوان ابوها ..
وضع هاتفه في وصلة الشاحن الكهربي وتركته ذاهبا للمرحاض ليزيل فتات الهم من فوق جسده تاركا للمياه مهمة اذابتها ..

" في قصر العتامنه "
تجوب (وجد) غرفتها ذهابا وايابا بقلق بلغ ذروته مما جعل حبال الضيق تلتف حول عنقها اوشكت علي الاختناق .. تتارجح فوق رمال الهم حتى اوشك علي ابتلاعها في اغواره .. دخلت (ورد) متسلله ببطئ وهى تغلق الباب خلفها بحرص شديد مردفه
- وجد.. ادهم والبيت كله نام .. ها ناويه علي ايه .

بدون تفكير انحت وجد لتلتقط شالها مردفة بنبره امره لاختها
- حطى حاجه علي راسك وتعالى معاي يلا .
رمقتها اختها بعيون تتراقص علي اوتار الذهول والصدمه
- ليلتك السوده ياوجد .. هتروحى علي فين في نص الليل اكده !
زفر وجد بضيق وهى توشك علي المغارده
- بقولك اي هتيجي مسمعش صوتك ياما تقعدي مطرحك احسن .
تنهدت اختها باستسلام وهى تركض خلفها بحرص هامسه لها
- يااااوجد .. فهميني طيب .
دارت وجد راسها نحو اختها بعيون متسعه لتضع سبابتها فوق شفتيها المزمومتين
- اشششششششششششش .. اكتمى .

استسلمت ورد لاوامر اختها مجهول المغزى واكتفت باتباعها .. وصلا الاثنين الي المطبخ ففتحت وجد الباب الخاص بالخدم بحرص مما زاد من رعب وقلق اختها التى تقفد بجسد مرتجف مهزوز تستدير يمينا ويسارا بفزع وتراقب اختها باندهاش .. فتحت وجد الباب وتراجعت لتمسك بكف اختها وتسحبها خلفها بهدوء مردده
- اجمدي اكده .. تعالي معاي علي الجنينه الغربيه .

وصلا الاثنين الي سور الحديقه الذي كان يتسلل سليم من خلالها .. جثت وجد علي احد ركبتيها لتفتح الباب الصغير المختفي خلف (القش) وازاحته بعيدا ثم استدارت الي اختها لتشير لها
- تعالي ياورد يلااااه ..
سلمت ورد امرها الي الله متبعه خطى اختها مردفه
- يلا هى موته ولا اكتر !
خرجا الاختان خارج اسوار العتامنه فالتفت وجد يمينا ويسارا مردده
- هو فين راح !
ورد بخوف: هو مين !
فزعت وجد عندما رأت اشعة النور التى تقترب منها وبعد برهه تنهدت بارتياح عندما صفت السياره امامها فاردفت بنتهدة قويه
- حرام عليك ياعم سيد وقعت قلبي .
اردف السائق بحرص
- طب يلا يابتى اركبي قبل ما حد يشوفنى ..
دخلت ورد وتابتعها اختها بسرعه ثم قفلت الباب خلفها مردده
- عند قصر الهواره ياعم سيد .
نظر سيد بالمراه مرددا بخوف
- اوامرك ياست الستات .

 

" في قصر الهواري "

- دي كانت ليله ولا الف ليله وليله .. انا حاسه قلبي بيرفرف كده ليه ياجدعان ! انا مش مصدقه اخر ليله دى هنامها لوحدي وبعد كده كل اللي جاى من عمري في حضن محمد وبس .
قالت يسر جملتها وهى تجوب غرفتها كمن فقد عقله من نشوة الحب .. ظلت تتنقل هنا وهناك كالفراشه التى تنعم بكل قيود الحريه لتقف امام المراه وتنظر لاخواتها بعيون متراقصه لتقول
- انتوا شايلين ليه طاجن ستكم كده فوق دماغكم !
ماجده بحزن
- كفايه انت ياختى مبسوطه بمحمد ومحمد مبسوطه بيكى !
رمقتها بعيون ضيقه لتردف بصوت ضاحك
- احنا هنقر علي بعض من اولها .. تؤتؤتؤ اكسكوزمي كل واحده تخليها في جوزها .. دا حب العمر وكل العمر ويلا كل واحده فيكم علي اوضتها كده وسبونى مع احلامى.

رفعت صفوة عينيها بعيدا عن شاشه هاتفها لترمقها باستنكار
- انت هتاخدى حتة خازوق انما ايه .. اصبري بس وعلي فكره هقول لامك علي كل دا واتخيلي بقي لوعرفت انك مش هتسمعى كلامها شوفى هتعمل فيكى ايه .
تبدلت ملامحها سريعا وهى تقترب منها ببطء وعيون اوشك علي البكاء
- صافى انت بتهزري صح ! اكيد مش هتعملى كده ؟
- اوووف بقي انت حره .. اشربي من البحر .. سلام .
تركتهم صفوة مغادرة وهى تتوعد لمجدى على ان تجعل نهاره اشواك وليله زجاج يسير عليمها حافيا .. تسير بثبات نحو غرفتها لتتوقف فجاه علي صوت مجدى الاتى من اسفل مردفا باستفزاز بلهجة صعيديه
- ننام بدري ياعروسه عندنا ليله طويله بكرة عاد .
وقفت لبرهه محاولة تهدئه اعصابها ثم التفت اليه بثغر متبسم بخبث
- الغباء ان الواحد يستنى بفرحه مجية جلاده يابيشمهندس .
عقد مجدي ساعديه امام صدره ونظر إليه لاعلي بعيون لامعه ثم اردف قائلا
- الغباء الحقيقي انى مستناش جلاد بالحلاوة والطعامه دى كلها .. ابقي وش فقر .
ثم غمز لها بطرف عينه بخبث
- happy dreams my angel .
زفرت بنفاذ صبر وهى تتحرك صوب غرفتها ونيران الاغتياظ تشتعل بداخلها .. دلفت صفوة غرفتها ثم دفعت الباب بكل قوتها لتتجه صوب المراه وهى تتحدث بجنون
- اي البرود اللي هو في دا اتعامل معاه ازاي يااربى .. انا كان لازم اخش بيطري عشان اعرف اتعامل مع الاشكال دى .. اااااااووووف اهدي اهدي ياصفوة انت ادها وسي مجدي دا هيعد النجوم في عز الضهر وهيشووف .
ثم مدت بصرها لمكتبها الملئ بالمواد الكميائيه والحقنه المنثوره فوق سطحه قائله بتوعد
- هو اللي اختار انا حذرته .. يشرب بقي .

"انتِ اتهوستي ياوجد ! طاب طاب خليكى مُطرحك وانا جاي اجفلي يلا "
قال سليم جملته وهو يخرج دخان غضب من جسده .. اسرع لارتداء ثيابه ليري ما الامر الذي اجبرها ان يسوقها الي هنا .

"بصى يايسر انتى اتجننتى خالص وانا مافيش عقل ولا دماغ لجنانك دا .. انا مرعوبه ومش عارفه هعمل ايه بكرة لما يتقفل علينا باب واحد "
قالت ماجده جملته بنبره مهزوزه خائفه فرددت عليها اختها بشغف
- ولا اي حاجه ياروحى تقومى توريني عرض كتفاك دا وتاخدى اختك في ايدك وتسبونى اجهز نفسي لجوزى حبيبي وقرة عيني بكره ..
وثبت نورا قائمه وهى تضحك ابتسامه ساخرة
- انا مشيت اهو ياختى .. ليلتك فل سلام .
التفت ماجده الي اختها باهتمام مردفه بصوت منخفض
- يسر قوليلي انت هتجهزى هتعملى اي يعني عشان اروح اعمل زيك .

رمقتها يسر طويلا باندهاش ثم اردفت قائله بسخريه وعدم تصديق
- انتِ بتهزري صح !
ارتبك جسد ماجده ثم غمغمت قائلا
- منا عاوزه افهم بردو .
تأرجحت عيون يسر بحيره ثم اردفت باستعجال
- حاجات البنات دي ياماجى افهمى بقي .. ولا اقولك هاتى ودنك اقولك .
بعد برهه شهقت ماجده بصوت عال وهى تضع اناملها فوق فمها بصدمه وترمقها بعيون متسعه .. تفتنتها عيون يسر بفضول واستنكار
- ايه مالك تنحتى ليه هو انا قولت حاجه غلط .. دا كل اللي قولته مسك ومية ورد !
زفر ماجده بضيق قائله
- لا ياعم يفتح الله .. روحى شوفى هتعملى اي وانا اروح انام احسن ..

ضرب يسر كف فوق الاخر باعجاب
- هى البت دي اتجننت !
فتحت ماجده باب الغرفه وفجاة سقطت عينيها علي طيف سليم الذي قفل باب القصر خلفه بهدوء .. لا تعلم لماذا انتابها الفضول ان تتبع خطاه لاول مره كأن قلب المحب عندما يستشعر بوجود من يخطف حبيبه فيرسل سيال من الفضول يُخيم على كيان المراه , تسللت خلفه بحذر شديد .. استمرت بالسير خلفه في بهو القصر الطويل لتختبئ خلف الاشجار خشيه من ان يري طيفها .. اتجه سليم يسارا نحو اسطبل الاحصنه ليخرج من بابه الخلف دون ان احد يراه .. استمرت ماجده في متابعته بدون ما يستحس وجودها .

خرج سليم خارج القصر ليسير اقصي جانب القصر فوجدها تقف امام مؤخرة سيارتها الجيب وهى تعقد ساعديها تنتظره علي باركين قلبها التى تتوق بداخلها .. رمقته بنظره حاده مردفه
- اهلا اهلا ياعريس .
اقترب سليم منها بسخريه
- اهلا بيكِ .. اقدر اعرف سبب تشريفك في نص الليل اكده .
رفعت حاجبها ساخره وهى تقترب نحوه خطوة قائلا
- جايه اباركلك ياا ياعريس ..
مط سليم شفته لاسفل وهو يرمقها باسهم الغضب مردفا بنفس النبره الساخره
- الله يبارك فيكِ يابت الاُصول .. اصيل من يومك ياوجد .
طافت عينيها يمينا ويسارا محاولة اخفاء دموع عينيها فخطف نفسا سريعا ثم اردفت
- شكلك كان حلو قوى وانت وعترقص .. شكلك كنت فرحان .
دنى منها سليم اكثر محاولا تمالك غضبه
- خصلتى الكلام اللي جايبك في نصاص الليل دا ياوجد .
بللت ريقها بصعوبه فهربت دمعه حاره من عينيها عنوه عنها لتقول
- كمان مكنتش عاوز تشوفنى !

ارسل سليم نظره خاطفه علي اختها الجالسه خلف الزجاج التى استدارت كليا لتتبع حديثهم , فقبض سليم علي معصم وجد وسحبها بعيدا عن السياره مردفه بحده
- انت اتهوستى ياوجد ! دريانه بروحك انت !
ازاحت ذراعها بعيدا وهى تنفجر عينيها باكيه مردفه
- بعد يدك عنى ياسليم .. عملت فيّ اكده لييييه .. طالما ناوى تبيع بسهولة كنت جيت وظهرت في حياتى ليه .. طالما فرحان وعترقص وعايش دور العريس قوى اكده كنت جيت بكيت ليه في حضنى الصبح ! كل دا كدب حبك لوجد كان كدب .

قبض علي كفها بكل قوته بانفعال
- اسكتى انت واعيه عتقولى ايه ؟
انفجرت به صارخه
- وانت واعى عملت ايه !
اجابه سريعا
- عملت ايه !
القت علي اذانه ضحكه ساخره
- عديت علي رقبتى بسكينة تلمه من غير ما جفن الرحمه يغمضلك .

جذبها بقربه بكل قوته مردفا بصوت عال
- وانت واقفه بتدبحينى بنفس السكينة ياوجد .. انت عارفه زين ان كل دا غصب عننا .. وانا كنت هعرف منين عمى هيقتل ابوكى ويهرب وتقوم حريقه بين العيلتين .. اعرف مين جدي هيأمر بكل دا وانى اتجبر علي جوازى من واحده ماعطيقهاش .. ردى علي وقوليلى اعرف منين !
بتلقائيه سحب كفه لتضعه فوق قلبها قائلا
- حس اكده .. حاسس المجزره والخراب اللي جوه .. انا بموت ياسليم كل ماافتكر ان بكره هيتقفل عليك باب واحد مع واحده غيري وهى اللي هتبقي حلالك وانا لا .. عارف احساس طلوع الروح انا عايشاه .. حرام عليك ياسليم انت ولا عارف ولا حااسس بوجعى لييه .

اجابها سريعا بدون تردد
- انا مش عارف غير اخر وعد قولته لابوكى انك مش هتكونى لحد غيري ياوجد فاهمه .
اجابته صارخه بوجهه وشلالات الدمع تنفجر بداخلها
- يبقي تعالى نهربوا دلوق يلا .. نهمل البلد باللي فيها ياسليم .. لو عتحب وجد متعذبنيش اكتر من اكده انا ممكن اموت فيها .
قرب راسها من صدره ليضع قبله خفيفه فوق بحنان قائلا
- هتتعدل .. هتتعدل ياوجد .
حاوطته وجد بذراعيها الاثنين لتفرغ به كل شحنات الوجع بداخلها وتنفجر باكيه .. ربت سليم على ظهرها برفق قائلا بمزاح
- كبري مخك عاد يامجنونه .. طب والله كنتى وحشانى قوى قوى قوى .. لما عتبينى حبك عتبقي حلوة قوى .
ضربته بقبضه يديها علي ظهره وهى تحضنه اكثر كأن اذانها تشتاق لصوت قرقعة عظامها بين حصار ذراعيه اصبح صدره حجره جسده صغيره لا تسيع سواها .. اغمض سليم عينيه لبره وكاد ان يحرك شفتيه ليتحدث ولكنه فوجئ بماجده تقف امامه بعيون اذبلها البكاء .

احست وجد بارتخاء قبضه يدي سليم عليه وبروده حضنه مما اصابها بالدهشه .. ابتعد عنها ببطء وهو يرمق ماجده بنظرات ساخطه مردفا بحده
- انتِ عتعملى اي هنا ؟!
بلعت ماجده غصة احزانها بمراره مردفه
- انا اللي المفروض انا هى بتعمل ايه هنا مع الشخص اللي هيبقي بكرة جوزى !
استدارت نحوها وجد لتتفتها بغيره نسائيه .. استتطاعت ان تتعرف علي هوايتها من غيرتها واسلوبها في التحدث مع سليم .. تراجعت وجد للخلف تاركه المساحه لسليم كى يتصرف معها .. اقترب منها بخطوات سلحفيه ليقول لها بنبره قويه
- هى حصلت بتراقبينى ياماجده !
سخرت من بروده سؤاله قائله
- وهى حصلت تجيلك في نصاص الليالى ياسليم وتحضنك عيني عينك كده !
نحنح سليم بخفوت مردفا بحزم
- وجد روحى امشي انت ..
ارتفع صوت ماجده مردفه
- تمشي فين دانا هلم عليها امة لا اله الا الله دلوقتي ..
جز سليم علي اسنانه مردفا
- اقصري الشر ياماجده ..

ازاحته ماجده من امامها لتقترب من وجد التى تتفتنها بحقد
- انت بقي بت العتامنه ! انا اسمع انهم واعرين فاجرين لكن حوار انهم مسيبين بناتهم زي كلاب السكك كده عشان يشمشموا ورا جوزى دي جديده ..
شرعت وجد ان تتحدث ولكن قطعها هتاف سليم الاجش القوى الذي تسبب في نزول ورد من السياره راكضة نحوهم مردفا
- مااااااااااااااااااااااااااااااااجده .
صرخت ماجده بقوة
- وليك عين تتكلم وتدافع عنها !
ركضت ورد صوب اختها وهى تشيع ماجده بنظرات غريبه مردفة
- وجد يلا بينا .. يلا .
مسك ماجده كف وجد بقوى مردفة بهدوء
- مخلصتش كلامى ...

شعرت وجد لوهله بالضعف امامها فالتزمت صمتها محاوله استيعاب سُم كلماتها فاردفت وجد بسخريه
- انت بت اللي قتل ابوى !

قبض سليم علي ذراع ماجده بقوة لينهى الحرب الذي اوشكت علي الاندلاع قائلا
- امشي قدامى ..
تجاهلت قبضته الحديديه محاولة اخفاء تأوهاتها لتقول بقهره وهى تلتقط انفاسها بصعوبه
- عاوزاكى تسمعيني زين وهكلمك بلغه الفلاحين عشان تفهمى عارفه ان فهمك علي قده .. ايوه انا بت الل قتل ابوكى ومعنديش مانع اقتلك انتِ لو فكرتى تقربي من جوزى مااحنا قتالين قُتله بقي !.. سليم بكرة قدام ربنا العالم كله هيبقي جوزى يعنى هيقضي الليله كلها في حضنى _ذراعها ظل يقاوم قبضة سليم القويه فاكملت_ يعني لو مشيت وراه بلاد حقى مش زيك .. انا حبيت ويمكن انت حبيتى بس انا اللي انتصرت وهنتصر في الاخر ياوجد وكون ان سليم يكون ليك اعرفى انى وقتها هكون ميته .. عشان انا حبى انانى يا يكون ليا يامكونش من غيره .. اما انت ياحرام روحى شوفى حد يلمك من حضن جوزى .

ذرفت دمعه من طرف عينى وجد بمراره فجذب سليم ماجده بكل قوته ليصفعها علي وجنتها قائلا
- انت اتهوستى شكلك !
صرخت ماجده بصوت عال قائلا
- عشان عاوزاك ليا وبس اتهوست ..!
لاحظ سليم ركض غفر قصرهم نحوهم بسرعه ثم اردف قائلا بخوف
- ورد خدى اختك وامشي يلاااا الغفر جاااييييييييين وشكلها ليله طين

غمر الرذاذ اطراف قلبها انتعاشا يقال انه اقتحمه قاف اقتحمت كل حروفه فلم يبق منه الا " ع ش " عش احتواها فاقامت اخره ليبقي عشقًا اسرها مع صدى صوت كلماته التى حرقتها من الداخل.

صرخت ماجده بصوت عال قائلة
- عشان عاوزاك ليا وبس اتهوست ..!
لاحظ سليم ركض غفر قصرهم نحوهم بسرعه ثم اردف قائلا بخوف
- ورد خدى اختك وامشي يلاااا الغفر جاااييييييييين وشكلها ليله طين .
التفت ورد نحو اختها راجيه
- يلا ياوجد .. يلا ..

كلمات ماجده نجحت ان تعتصر قلبها ثم تمزقه اشلاء متناثره، عجز لسانها عن النطق ففي محكمه الحب النصره للاقوى والاجدار وهى تقف علي ارض طينيه بجسد متراقص فوق اوتار حب اوشك علي الانتهاء، فسارت وجد مع اختها باستسلام وهى ترمق سليم بنظرات يائسه كأنها اردت ان تودعه للمرة الاخيره، تشحن روحها بالنظر إليه كى يكون لديها مخزون كافى للعيش، دلفت داخل سيارتها وخلفها اختها قائله بخوف
- اطلع بسرعه يا عم سيد يلاا

التفت سليم صوب الحرس اللذين اقتربوا منه فردد احدهما
- حوصل حاجه ياسَليم بيه !
زفر سليم بضيق قائلا
- لا مافيش .. هاخد بت عمى وداخلين .. فتحوا عنيكم زين !

قبض سليم علي كف ماجده وسحبها خلفه بقسوه وخطواته الواسعه التى تلاحقها بالركض متأوهه من قبضته عليها .. راقبهم احدى الغفر حتى ابتعدوا عن انظارهم فالتفت الي رفيقه قائلا
- العربيه اللي عدتت دى تبع العتامنه .. تفتكر ايه اللي جايبهم اهنه وسَليم بيه ماله مش علي بعضه !

اردف الاخر قائلا وهو يعلق سلاحه بكتفه
- ماخابرش ! بس لازمًا راجح بيه يعرف اللى حُصل ..

 

" اقسم بالله ياماجده لو مابطلتيش لعب عيال وعقلتى اكده لهتصرف معاكى بطريقه متعجبكيش "
اردف سليم جملته بصوت مخنفض بنبرة تهديديه وهو يدفعها داخل غرفتها بقوة حتى ارتطم جسدها بالارض تلهث من كثرة بكاؤها مردفه بحزن يقرضها
- وانت من ميتة اتصرفت معاى تصرف عجبنى .. !

التقط سليم انفاسه بصعوبه بالغه محاولا تهدئه روعه ولكن كلماتها كانت لهيبًا مشتعلا يلتهمه بدون رحمه، اكملت ماجده قائله بتحدٍ وهى تقف امامه مستجمعه كل قواها
- عارف ياسليم الواحده لما تحب بتضلل علي حبيبها برموش عيونها .. ولما واحده غيرها تفكر تاخده منها مش بعيد تخزق عيونها وتقتله جواهم، انا عارفه انت بتفكر في اي دلوقت تلاقيك بتقول دى لو عندها ذرة كرامه كانت بعدت ووقفت قدام الكل عشان متجوزهاش .. انا عندى كرامه بس عندى جبال حب وحبى انانى قوى مش عارف يكون غير ليك .. بس لا اللي بتفكر فيه دا مش هيحصل ابدا .. اللي هعمله عمرك ما هتتخيله ياسليم بس ورحمة ابوك ماهتتجوز ولا تحب غيري،، اسمحلى بقي احارب بجيوش حبى ضد جيوش حبك لوجد وشوف مين فينا هينتصر يا ابن عمى ..

ظل سليم يتأملها طويلا بحيره وسخط فاردف قائلا بفظاظه
- يمكن جيوش حبك مسلحه زين بس واقفه فوق سطح الميه من غير مركب تحميها .. وعارفه المركب دى ايه ! هى الحب المتبادل بين طرفين .. بلاش ياماجدة تصطادى في الميه العكرة وتقولى ملقتش سمك .. خلى الايام دى تعدى علي خير لحد ما كلنا نرسي علي شط الامان .. تصبحى علي خير يابت عمى .

ثم تركها في قاع نيرانها تحترق تعض علي اناملها بغل وهى تنتوى ان قلبه لن يخضع الا لها في النهايه، دلف سليم غرفته التى تقع اخر الطابق متأففا بداخله افكار تلتهمه بقوه، القى جسده في منتصف مخدعه محاولا الاتصال ب ( وجد ) مرارا وتكرارا ولكن بدون جدوى حتى فقد زمام سيطرته علي جيوش غضبه فألقي هاتفه بعيدا مرتطما بجدار الغرفه ليهبط علي الارض اجزاء مُبعثره ..

تجلس وجد في السيارة ودموع القهر تسيل على وجنتيها حتى حفرت وديانا تجري من خلالها، ندبت حظها لانها احبت شخصا لم يكن لها في نهاية المطاف، فابشع ما يواجه المراة حبٌ يموت قبل ان يحتضر صاحبه ليروي الروح ولو لليله ! ..

احتضنت ورد اختها بحنان مردفه
- خلاص عاد ياوجد .. بصراحه انتِ اللي غلطتى عشان روحتى لعنده .. كنتى سبتيه يتصرف كده زودتى الطين بله .
جففت وجد دموعها بطرف كمها وهى تلتقط انفاس متقطعه مردفه
- خلاص خلصت ياورد .. كده عرفت نهايتى مع سليم، انا بس كنت حابه اشكره قبل ما مشي على كل لحظه حب قضيتها معاه لانها مش هتتكرر مع حد تانى غيره .

قضبت ورد حاجبيها باستغراب
- انتى شكلك اتهوستى ! مين عطاكى الحق تحكمى على علاقه لسه مااكملتش ..

ضحكت وجد ساخرة وهى تجفف بحر الدموع الذي انسكب من عينيها مرة اخري
- لا كملت وكل واحد عرف مصيره خلاص، سليم لماجده .. ووجد لادهم واخر كلام عندى قولته ..

ثم اعتلت باحثه عن شيء ما حتى امسكت بهاتف اختها
- وخدى كمان محمولك انا مش هكلم حد تانى .. ولو سليم اتصل ردى قوليلوا الكلمات دول .

رمقتها اختها بعيون حزينه فربتت علي كتفها برفق
- طب خلاص اهدى .. اهدى لحد ماربك يحلها من عنده .

 

" في قصر الهواري "

تقف ماجده امام المراة وهى تصفف شعرها المنسدل خلف ظهرها بعشوائيه كمن فقد عقله للتو، تلتقط انفاس توعديه وهى تراقب تغير ملامحها وتمسح دموعها المنهمره بدون وعى فاردفت متوعده
- ماشي ياسليم هتشوف مين فينا هيغلب ..

يجوب عماد غرفته ذهابا وايابا بحيره وحزن يقلب في ذكريات زوجته التى اشتاق اليها كثيرا حتى الباب اشتاق لدخولها منه لتحضنه بدفء، اشتاق للضحك واللعب معها، للناقش ورأيها الصائب دوما الذي لم يتبعه اطلاقا، كان يود ان يتوقف الزمان لساعه واحده ويعود به اليها ليستشيرها في مصيبته التى لا مفر منها، فهو يقف عاجزا في المنتصف المميت بين ان يكون معها او يكون مع غيرها .. قفل عماد دفتر ذكرياته قائلا بحزن
- ااااه لو الزمان يعود عشان املى روحى منك بطاقه تخلينى اقدر اكمل الطريق دا لوحدى .. فينك يا نيره !

 

" في قصر العتامنه "

نجحت وجد واختها ان يعودوا الي البيت بدون ما يكشف احد امرهم،الي ان تسللوا ببطء فوق درجات السلم المؤدى لغرفهم في ظلام يعتم الرؤيه امامهم، هتفت ورد هامسه وهى تنير كشاف هاتفها
- خلى بالك ياوجد !
وفجاة انارت جميع انوار الطابق العلوي مما جعلهم يشهقون بصوت مرتفع وجسد مرتجف، بللت ورد حلقها الجاف وهى تمسك بكف اختها
- روحنا في داهية ياوجد ..

التقطت وجد نفسا طويلا محاوله اخفاء خوفها منتظرة مصيرها وعلى الفور اردف ادهم بفظاظه وهو يتجه نحوهم
- والله عال .. نورتوا ياهوانم ! ما بدري !
تارجحت عيون وجد واختها يمينا ويسارا والعرق يتصبب من مسامهم هلعا فكيف الفرار من هذا المأزق، اكمل ادهم بسخريه
- اقدر اعرف بنات عمى المحترمين ولاد الحسب والنسب راجعين منين الساعه ٣ الفجر .
رفعت وجد عينيها بتحدٍ مردفه
- وانت مالك !
ضغطت ورد علي كفها متوسله
- احب على يدك مرقي الليلة دى ياوجد .
هبط ادهم درجه واحد من فوق السلم قائلا
- مالى كيف ! دا حتى ربنا عرفوه بالعقل .. واعيه انت لحديتك .
صعدت وجد درجة سلم واحده بعناد

- عاوز تعرف اي يا أدهم !
- من حقى اعرف بت عمى كانت فين في نص الليل اكده !
استجمعت وجد شتات قواها مردفه
- ابقى اتصل بعم سيد شوفه وصلنى فين وهو هيقولك، وبعد ما يقولك ابقي حود علي المستشفي واتاكد انى كنت في اوضة العلميات من ١٢ ونص لساعه ٢ وخدت ورد معاي عشان ماعودش لوحدى .. عرفت كنت فين ياولد عمى ؟!

رمقها بنظرات عدم تصديق مردفا
- وماقولتيش ليه كنت جيت معاكِ !
عقدت ساعديها امام صدرها قائله بهدوء وبنيرة ساخره
- المرة الجايه هابقي اسيب العيان يموت في اوضة العلميات واجى استئذنك .
التو ثغر ادهم ساخرا
- ماشي يا ست الضكتوره .. عطلناكى ربنا يخليكى لعيانينك ..

رمقته من اعلي لاسفل عدة مرات متتاليه ثم استدارت راسها صوب اختها قائله
- يلا ياورد روحى نامى عندك دروس كتير بكرة كفاياكى ضياع وقت امتحاناتك قربت ..
ركضت ورد نحوها بجسد مرتجف وهى ترمق ادهم بنظرات متأرجحه مردفه بتردد
- تصبح على خير ياولد عمى .
- وانت من اهله يابت الغالى .
اردف ادهم جملته وهو ينحدر يسارا مستندا علي سور السلم الحديدي ويراقبهم بنظرات توعديه، تحركت وجد بصحبة اختها نحو غرفهم متنهدين بارتياح كمن نجا من مصرعه للتو .

" صباح اليوم التالى "

《تائهه انا ابحث عنك بقلب امٍ فقدت صغيرها منذ اعوام ولم تجد للوصول اليه سبيلا .. 》

استيقظت وجد من نومها المتقطع اخيرا وهى تجوب بانظارها في ارجاء الغرفه باحثه عن ضالتها بقلبٍ منهلع اوشك علي الانخلاع، ذكريات امس كوشم قُبع في ذاكرتها حاولت بقدر الاماكن ان تُذيبهما بملوحه دموعها ولكن دون جدوى .. استجمعت شتاتها بصعوبة بالغه وهى تنهض من مرقدها مردده بحسرة وندم
- كنت كل يوم انام احلم باليوم اللي هصحي فيه الاقيك قدامى، حبيتك وحبيتنى بس الدنيا محبتناش سوا يا ولد الهواري ..

اقتربت من مكتبها لتبحث عن شيء بين طيات دفاترها فالتقطت ورقه متوسطه الحجم مثنيه ووضعت الدفتر فوق المكتب وفتحت الورقه لتقرأها بتمهل وهى تقترب من شرفتها المُطله علي الاراضي الزراعيه التى تحاوط قصرهم .. فذرفت منها دمعه حاره رغم عنها بمجرد قراءتها اول سطر

" باسم ولد الهواري العاشق لاحلى بنت العتامنه مطلعة حبابي عينيه،، النهارده مشيت وراكى من اول ماخرجتى من باب بيتكم لحد ماوصلتى الجامعه، كنت حاسس بخوفك وانت لسه رايحه للعالم اللي متعرفيش فيه حد غير نضارتك اللي واكله نص وشك وكتبك، كان نفسي وقتها اجى احضنك واطمنك وامسكك من يدك واخدك وسط الجامعه كلها وانادى بأعلى حس واعرف الخلق كلهم انك من حقى وبس .. كنت مكتفى اراقبك من بعيد لبعيد عشان اشحن عينى وقلبى منك لاجل اقدر اعيش واكمل باقى اليوم، لبسك كان حلو قوى خطفتى بيه قلبي مشكلتك عارفه ايه اللي عيعجب سليم وعتلبسيه، ولاول مرة تسمعى الكلام وتلمى شعرك من عيون الخلق، انا عكتبلك كل دا وانا واقف مستنيكى قصاد باب الجامعه لاجل ماتخلصي محاضراتك قولت اتونس بطيفك هبابه، وحشتينى قوى ياوجد .. كل ماعينك تقع علي عتتكهربني فبتأكد ان ماس حبى لدغك في قلبك، انا بكرة هستناكى تانى .. وهستنى ورقه منك في نفس المكان اللى اتعودى تاخدى منه كل رسايلى .. ااه نسيت اقولك ان سليم الهواري مش عاوز حاجه من الدنيا غيرك .. بحبك ياوجدانة روحى "

اعتصرت الورقه بين اصابع بدموع متساقطه من عينيها قائله
- ووجد بتحبك قوى ياسليم ... يااارب حوش حبه من قلبي لو ماليش نصيب فيه يارب .

ثم اتجهت نحو خزانه ملابسها ودخلت المرحاض الخاص بغرفتها وهى تمسك بملابسها بتكاسل كى تترك للماء مهمة محو اثار جروحها الداخليه الداميه ...

 

" في قصر الهواري "

- كام جوز حمام دول يابت !
اردفت عفاف جملتها بحماس وهى تتفقد الاناءات المتسعه التى بداخلها الطيور المذبوحه .. اردفت احدى الخادمات
- دول مية جوز حمام ياام عماد .. ولسه هيجيبوا خمسيين كمان ..
قضبت عفاف حاجبيها بتفكير مردده
- لا قليلين يجيبوا ميه تانى .. دا يادوب ايه الناس هتبص يعنى .. وكمان روحى شوفي عشر تجواز رومى .. عشرين قليلين ..

- وه وه وه ياست عفاف .. انت ناويه توكلى اهل البلد كلها اياك .

- اسمعى الكلام من غير مناهده يامزغونه .. يلا شهلى .. وشوفى الطباخين وصلو ولا لا ..

رمقتها الخادمه بنظرات تعجب مردده في سرها
- والنعمه احنا سبب الازمه الاقتصادية في ام البلدى !

استيقظت ثريا وبناتها الاتى شرعن في تجهيزات الفرح الا صفوة التى تجلس علي مكتبها تستكمل مسيرة ابحاثها .. خرجت عفاف من المطبخ فوجدت ثريا امامها ثم اردفت بضيق
- ماتقومى تشوفى عشا بناتك وتقفي على راس الطباخين واقضى مصلحه اكده بلا قعدتك اللي لا تقدم ولا تاخر ..

اتكأت ثريا بفظاظه مردفه
- وانا علي اخر الزمن هاخد اوامرى منك اياك ياثريا !
زفرت ثريا بحقنه قائله
- هو انتى ماتعرفيش تقصري الشر واصل !
وثبت ثريا قائمه بهيئتها الموقره مردده
- بصي ياعفاف عشان نكون علي نور يابت عمى من اولها .. الجوازه دى انا مش راضيه عنها يعنى مش هقدر ارضي طموحك واعمل فيها ام العروسه ! فرحانه بعيالك قوى اكده اطبخى وزغردى وارقصي كمان .. لكن انا مالكيش دعوة بي .. واوعدك ان حقى اللي مخدتهوش منك بناتى بنات ناصر الهواري هيطلعوه علي عيالك لحد ما اشوفك متحسره عليهم واحد واحد ..

رمقتها عفاف بسخريه مردفه بابتسامه خفيفه
- وهى الواحده عاوزه اي غير راجل يضلل عليها ! وولاد عادل الهواري سباع ويأكلوها نيه، فتفتكري بناتك لما يحسوا بالحب والامان هيغدروا ! هما اه هيغدروا بس بيك انتِ .. اعقلى واقصري الشر بناتك عارفين مصلحتهم زين ..._ثم ابتعدت عنها وهى تهلل بالزغاريد وتقترب من محمد ابنها_ لولولولولىىىىىىىىىى يامحمد ياضكتور ايه الحلاوة دى ياقلب امك !
فرد محمد كتفيه بثقه وهو يدلف من اسفل
- ياصباح الورد علي احلى ام في الكوكب الحزين ده ..
اقتربت منه عفاف لتحتضنه كى تشعل نيران الحقد بقلب ثريا اكثر
- حلاوتك وانت عريس ياضكتور احلى عريس لاحلى عروسه والله ..
رمق محمد ثريا بنظرة معانده مردفا
- ادعيلنا ياما ادعى كاتيير حق في ناس كتير عاوزه تحشر مناخيرها في الجوازه دى .. مع انى رايد بت عمى وبت عمى ريدانى مش عارف مالهم عاد ..
ربتت عفاف علي كتفه بحنان قائله
- ياولدى الليله هتبقي مرتك واللي مش عاجبك يشرب من الترعه .. ولا ايه رايك ياثريا !
تأفف ثريا في ذعر وهى ترمقهم بنظرات مشتعله بنيران الغل فابتسم محمد قائلا بعناد
- صباح الخير عليكِ ياحماتى ..
زفرت بضيق ثم تركتهم وغادرت دون اي جواب، التفت محمد الي امه قائلا باستغراب
- حاجتين هموت وافهمهم عشان ارتاح سر مثلث برمودا وسر ثريا مراة عمى ..
ضحكت عفاف بصوت عالي قائله
- سيبك منها هى كده هتفضل تاكل في روحها لاجل ما تبقي رماد .. افرح انت واتبسط عاد الليله ليلتك .
قبل محمد رأسها بحب
- طب يمين تلاته انت اجدع ام في الدنيا .

 

نهض سيلم من مخدعه متكاسلا يشعر بصداع يرج قلبه حتى اوشك على انخلاعه، القي نظرة علي هاتفته المُلقى ارضا ثم تجاهله متجها نحو المرحاض ليذيب جبال الهم من فوق صدره .. اغلق بابه بقوة وهو ينزع المتبقي من ثيابه بعنوة شديده فاقترب من الصنبور ليبدا في تنفيذ مهمته وفجاة طيف ذكراها اقتحم ذهنه فاغمض عينه مستسلما له .

#فلاش باك ..

" انتِ مين ياشاطرة !"
اردف سليم جملته وهو غائصا في بحور عشقها ثم استدارت اليه الطفله صاحبة الخامسة عشر عاما مردفه بسخريه .
- انت جاي بيتنا عشان تسالنى انا مين ؟! انت حمار يابنى ؟
التوت شفته جنبا بسخريه قائلا
- اي اللماضه دى يابت وانتِ زي القمر كده .. انا سليم وانت مين !
رمقته بعيون ضائقه استشعر كأنها تسحبه بداخلها بسلاسه وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها مردده بمكر
- قولتلى بقي الحلو اسمه ايه !
دنى سليم منها بهيام قائلا بصوت منخفض
- اسمى سليم .. وسمسم وسوولم وشوف الجميل لو يحب ينادينى بأي حاجه تانيه انا مش همانع .
ابتسمت بخبث قائله
- ااه .. انت كنت بتاخد درس عند مستر سالم جوه .

- احم مستر سالم ! وانت تعرفيه دانا بقيت بحب مستر سالم وحصة مستر سالم واي حاجه فيها مستر سالم .. والحلو بقي مين ؟!

اتسعت ابتسامتها الخبيثه مرده
- انا بنت مستر سالم ..
تبدلت ملامحه بالقلق ويبدو عليه معالم الارتباك
-هاا احم احم !.. هو انا مش بقول اي حاجه فيها مستر سالم تتحب .. طب عنئذنك انا يادوب الحق اخوكى اصلو ثانويه عامة ومطحون ..

هم سليم بالتحرك من امامها هاربا من مصيره المنتظر ولكن اوقفته كلمات وجد الصارمه بشماته
- اااه وانا هقول لمستر سالم مايدخلش الاشكال دى تانى القصر عندنا، اتلم الاول وبطل معاكسات وبعدين قول انك ثانويه عامه .

توقف سليم لبره مستجمعا كل قواه مردفا بمزاح
- طيب ما انت اللي حلوة جوي عتجبري الواحد انه يعاكسك ..

زفرت بنفاذ صبر مستيره خلفها لتنادي علي والدها
- يا باااااابااا ... ياباباااااا ..

وفي لمح البصر كان سليم اختفى من امامها هاربا من ثرثرتها المزعجه، الى ان استدارت فلم تجده فزفرت بضيق هاتفه
- اووووف هرب الجبان !

اتاها صوت والدها من الخلف
- مالك ياوجد حوصل اي ياحبيبتى ..
شعرت ابنته بقليل من الارتباك قائله
- لا يا بابا مافيش كنت عاوزه اقولك انى حفظت كل الكتب اللي انت عطتهانى وعاوزه كتب غيرهم ..

خرج سليم من خلف الشجرة الكبيره التى اختتبئ بجدارها قائلا باعجاب
- هى البت دى مالها ! وقعت في حبك ولا ايه ياض يا سَليم ! طب والله ما انا سايبك بلماضتك وحلاوتك دى!

#باااااك

هز سليم رأسه تحت الماء كثيرا ليفيق من سطوها المسلح علي قلبه وذاكرته فتنهد بمرارة وهو يضرب الحائط بجواره مردفا بتوعد
- وحق اللي حط حبك في قلبى ما هتكونى لحد غيري !

 

" ودونى علي بيت حبيبي نعيش مع بعض فيها دا بقا لنا مده طوبه طوبه بالحب بنبنيه "
تراقص (يسر ) على اوتار فرحتها حاضنه فستانها الابيض بدلال وانسيابيه كمن ملك مفاتيح ابواب الفرح للتو، رمقتها صفوة التى رفعت عينيها عن الاوراق المبعثرة امامها مردفه بسخريه
- اصبري بس لو ما جيتى تصوتى بكرة وتلعنى في الجواز ابقي قولى صفوة قالت !
رمقتها بنظرة اشمئزاز ثم قالت بلا اهتمام
- مش هاجى اشكيلك هابقي اروح اشكى لاي حد غيرك خليكى ف حالك بس ..

القت صفوة القلم من كفها ثم عقدت ذراعيه مستنده علي سطح المكتب قائله
- تعرفي انا للتو اتوصلت لسبب سذاجتك دى ! انك مش لابسه نضارة ماهو انتى لو لابسه نضارة هتشوفى حقيقة الدنيا باربع عيون ..

- ياستى انا موافقه ابقي عميه .. وطالما معارضة الجواز كده متتجوزيش .. قولى لا وبناقص عروسة يعنى .

ابتسمت صفوة بمكر ثم قالت بهمس
- لا هتجوز عشان اعرف كل واحد غلطه ويفكر الف مرة قبل ما يقف قصاد صفوة الهواري !

- انت بتكلمى نفسك ياصفوة !

فاقت صفوة من شرودها سريعا
- هااا لا معاكى .. حلو الفستان بتاعك يا رورو ياحبيبتى ..

 

" يا ولاد بلدنا يوم الخميس .. هكتب كتابى وابقي عريس "
ظل مجدى يردد جملته بفرحه عارمه وهو يصفف شعره المرفوع عن جبهته بحرفيه ويتراقص امامه مرآته، قفل عماد الكتاب الذي بين راحته نازعا نظارته الطبيه قائلا
- ياخى انت غريب قوى ! مالك ملهوف على الجواز كده اومال لو كنت بتحبها !
وجه ( مجدى ) انظاره نحوه في المرآه بعيون ضيقة وحاجبين منعقدين قائلا
- ومين قال انى ما بحبهاش !
مط عماد شفته لاسفل قائلا بحكمه
- انت طول عمرك عايش مع خالك بين القاهره واسكندريه وصفوه واخواتها طول الوقت عايشين فى القاهرة وملهمش علاقه بحد .. مافيش غير سليم اللى كان يسافر لهم دايما عشان يدى عمك فلوس ارضهم .. وطبيعى محمد بيحب يسر عشان قعد عندهم طول فترة الدراسه، انت بقي طاير من الفرح ليه ! ماتقولش بتحبها ..

اتسعت ابتسامة مجدى وهو يستدير ليقترب منه قائلا بهدوء
- شوف ياخى ممكن كل كلامك يكون صح، بس انا كبرت على كلمة جدك مجدى لصفوة، برغم انى ما بشوفش صفوة دى غير فالمناسبات بس اتعلقت بيها،، وبصراحه اكتر هى من النوع اللي مكيفنى ويملى الدماغ ويسلى الوقت .. دخلتلى من حته التحدى والعند وانا بموت في تحديات البنات اللي ملهاش وجود من الاصل .. فمبسوط انى هبدا معاها حياة كلها مغامرات وساسبنس كده .

رفع عماد حاجبه مرددا بسخريه
- مجنون !

- وخدنا ايه من العقل ! قولى بقي انت ناوى علي ايه؟!

فكر عماد لبرهه ثم اردف قائلا بثبات وثقه
- هتفق معاها ان دا وضع مؤقت لحد ما كل واحد فينا يروح لحاله .. انا مسئول عن حمايتها وهى مسئوله انها ملهاش دعوة بيا خالص وبس .. اظن ان كده احسن .

ابتسم مجدى ابتسامه ماكرة مرددا في ذهنه
- لو ما جابتك علي جدور رقبتك ابقي قول مجدى اخويا ما يفهمش حاجه ! قال حمايه وملهاش دعوة بيا قال عيل صغير انا عياكل بعقله حلاوة !؟ .

 

تقف امام المرآه لترتدى ملابسها التى احضرتها عفاف لها بالامس المكونه من ملابس داخليه خاصه بالنوم وغيرها من مستلزمات العرائس .. نصبت عودها امام المراه وتنغجت بدلال وهى مرتديه القميص القصير وتقف علي اطراف قدميها بميوعه ..

- هو بس سليم يشوفنى لابسه واحد من دول وهيجى لحد رجليا راكع .. يخربيت حلاوتك يابت يا ماجى !

ثم ركضت سريعا نحو مخدعها لتمسك بقميص اخر قصير ذو اللون الاحمر وتتأمله بانبهار
- اش اش اش ! اي الحلاوة دى !

ثم تنهدت بكلل قائله هو تحتضن ما بيدها
- يارب ياسليم تحس بقلبى وماتغلبنيش ..

قطعت شرودها دخول نورا المفاجئ قائله جملتها قبل ماتعلو شهقتها
- ماجدة كلمى امى تحت ... يخربيتك انت ايه اللي لابساه دا ! انت نسيتى كلام امك ؟!

زفرت ماجده بضيق قائله بهمس
- اقفلى الباب الاول وتعالى بس ..

استدارت نورا لتقفل الباب وتقترب منها بشفتين مزمومتين وعيون متسعه فركضت ماجده نحوها بفرحه لتقول مهلله وهى تدور بجسدها وشعرها يتحرك معاها
- اي رايك بقي ! هعجب سليم ؟!
رمقتها نورا باستغراب
- ماجده لازم تفهمى ان اللي بتعمليه دا غلط ! سليم مش بيحبك للفرحه دى !

تبدلت ملامح ماجده قائله بنبره تمثيليه
- ومين قالك انه مش بيحبنى ! انت عارفه دا جيه بالليل لحد عندى واعتذرلى وقالى حقك علي يابت عمى وانا في الاول والاخر ستر وغطى عليك.. يبقي كيف مش بيحبنى !

رمقتها اختها بعدم تصديق قائله
- بقي سليم قال كده !
اكملت ماجده مسرحيتها بحرافيه
- اومال هكدب عليكى ليه ! وانا من ساعتها حاسه قلبي هيتخلع من مطرحه، المهم اسمعى انت كلامى ولازم توصلى حبك لقلب عماد .. انا حاسه بيكى وعارفه انت بتحبيه .. فادلعى واتبسطى ونسيه مراته وهو هيبقي بين ايديكى يقولك شباك لُبيك .

ابتلعت نورا غصة احزانها قائله
- مالكيش دعوة بيا .. كل واحد يخليه في حاله ويلا غيري هدومك دى عشان امك عاوزاكى تحت ..

 

" في المساء "

" عاوزكم تتاكدوا كلكم انى ماظلمتش حد فيكم .. واللي شايف نفسه ضحية يراجع حساباته، انا من حقى الم شمل العيلة دى قبل ما اموت، عاوز اكون مرتاح في تُربتى، واكيد مش هابقي مرتاح لو انتوا هنا في وادى ومراة عمكم خدت بناتها بقيوا في وادى تانى وتعيشوا وتموتوا وماتسمعوش حاجه عن بعض "

جلس الجد فوق مقعده بفظاظه بعدما اردف كلماته على احفاده الصبيان اللذين يقفون بجوار بعضهما فمن يراهم يظن انهم بُنيان مرصوص ليستمعون له بخضوع واستسلام .. فاردف سليم معارضا
- كان في كذا طريقه ياهواري غير الجواز تجمعنا بيها ..
ضرب الجد الارض بمؤخرة عكازه قائلا
- زي ايه ياسليم .. ترموا بنات عمكم في حضن الغريب وتسبوه يتمرمغ في خيركم !

تافف سليم بضيق قائلا
- عارف ان الكلام مافيش منه فايده دلوق، بس محدش يلوم سليم على اللي هيحصل بعد اكده .

لكزه مجدى في ذراعه قائلا بهمس
- اسكت عاد متولعهااش .. خليها تعدى .
رمقه الجد بنظرات ساخطه
- طول ما انا عايش كلمتى هى اللي هتمشي ولما اموت ابقي اعمل اللى عاوزو ياسليم !

سااد الصمت لبرهه فاكمل الهواري كلامه قائلا
- المأذون زمانه وصل، بعد كتب الكتاب كل واحد ياخد مرته ويروح بيها اظن انكم فرحتوا بما فيه الكفايه امبارح ..

التزم كلا من عماد وسليم صمتهم فادرف محمد بجماس قائلا
- طبعا ياهواري هنعيش في العماره اللي ورا القصر !

نصب الجد عوده قائلا بنبره آمرة
- كل واحد شقته متجهزة من كله علي بال ما تتأقلموا اكده وكل واحد ياخد مرته ويشوف هيعيش بيها فين ..

اعتلى صوت زغاريد النساء بالخارج حتى اخترقت الاذان فقال الهواري بشموخ
- يلا ياعرسان المأذون وصل ...

 

" في قصر العتامنه "

تقلب صفحات الكتاب الذي بين يديها بتأفف وضيق حتى نفذ صبرها فقفلته ووضعته بجوارها متكئه علي مقعدها للخلف تتأمل الطيور وهى تختبئ في اغصان الشجر، وفجأه شعرت بغصه تقف في حلقها مع ضيق صدرها ... حاولت ان تلتقط انفاسها بصعوبه وهى تسعل بقوة حتى ذرفت الدموع من عينيها،، مدت يديها فوق الطاوله لترتشف كوب الماء حتى عادت انفاسها تخرج بصورة طبيعيه ثم اردفت بخوف

- ياتري فيك اي ياسليم !
التقطت كتابها ثم قامت متأهبه لمغادرة الجنينه صاعده لغرفتها كى تختبئ من همومها خلف ستار النوم، وصلت (وجد) الى ساحه القصر الواسعه ولكنها التفتت لحركه علي غير المعتاد بالخارج، تحركت صوب اسهم فضولها لتكتشف الامر واقفه خلف النافذه، اذن بعدد كبير من الرجال المسلحين يحتشدون امام باب القصر، اصابها الخوف في مقتل على حبيبها ..

لاحظت خروج ادهم حاملا سلاحه من غرفة مكتبه وخلفه عمه حيدر، فركضت نحوهم بجسد مرتجف قائله بتوتر
- خير يادهم الناس اللى بره دول عيعملوا ايه اهنه ؟!
وضع ادهم سلاحه بداخل جلبابه ثم استدار لينظر لعمه نظرة غريبه ثم قال بثبات
- عمك طلع امر بأن تارنا هيتاخد الليله .. وفرح الهواره هيتقلب ميتم ..
ارتجف قلبها من مكانه وهى تمسك كفه بعيون متوسله ان يقف امامها قائله بخوف
- تارنا كيف يعنى ؟! هو في ايه يا عمى .
اقترب عمها بخطوات ضيقه مستندا على عكازه
- يابتى التار نار قايده ما عتنطفيش غير بالدم، وانا معلق جوازك علي التار ومهرك هو راس اللي قتلوا ابوكى ياوجد ..

تصاعدت انفاسها بخوف كمن يركض في حر الصحراء الوحله وعيون متراقصه محمره قائله
- ليه ليه عاوزين تفتحوا مجزرة دم ملهاش اخر ! ياعمى فهمنى وبعد ما ادهم ياخد بالتار الحكومه هتسيبه ولا ولاد الهواري هيسيبوه .. انت اكده بضيعنا واحد ورا التانى ؟!

- وحق ابوكى نسبوه الناس تاكل وشنا ونعيش طول عمرنا تحت الحيط خايفين .. التار شرف ياوجد ولازمن ولا بد منه يتاخد يابتى .

ركضت نحوه بجسد مرتجف قائله بتوتر
- ياعمى ربنا قال " وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ " حق ابوى من اللي قتله اللى هو مختفى وملهوش اثر، انما اي ذنب عيال عادل، وايه ذنب ادهم يده تكون متلطخه بالدم ! ياعمى التار خراب عمره ما كان شرف ..

رمقها عمها بنظرات ناريه ثم التفت نحو ادهم الذي خرج سلاحه من جلبابه وشد اجزائه قائلا بشر
- خولص الكلام يا وجد .. الليله راس سليم الهواري هتترمى تحت رجليكى

كل الصُدف القدرية تنصُرك على اسهم قرارتي .. للمرة الالف اخوض حربًا بكُل قواى وجيوش جوارحي للقضاء عليك بداخلي، فانهزم وبجدارة .. وسرعان ماارفع راية الاستسلام وفتح بوابات حُصن قلبي لتملكه .. لتستكين وتأمن بداخله محاربه بكل جيوشى عنك لتبقي انت لى في نهاية المطاف.

كصاعق كهربي صوب نحو قلبها بمجرد ما انهى أدهم جملته الشائكه وهو يتأهب لتنفيذ ما اُمر به، شعرت بجدار البيت تنهار فوق جدار قلبها اولا وتسارع دقات قلبها يريد الركض اليه ليحميه ويتلقى رصاصات العدو بدلا منه، استدارت وجد برأسها لخلف لتجد عمها انصرف من امامها، فلم يبقي لديها اي خيار سوى المحاولة مع ادهم، فركضت نحوه سريعا قائله.

- عاوزه اتكلم معاك لوحدينا يا ادهم .
رمقها بنظرات شهوانيه وهو يعض على شفته السفليه بابتسامه خبيثه قائلا
- هنتكلموا كتير يا وجد بس مش دلوق وراى مصالح لازمن اجيب رقبيها ..

زفرت بنفاذ صبر قائله بحده
- ٥ دقايق يا ادهم مش هتفرق ..
فكر لبرهه وهو يتفتنها بعيونه الناريه ثم انحنى قليلا فأمسك كفها وسحبها خلفه صوب غرفة مكتبه، وبعد ان وصلا سويا اغلق الباب خلفه، القت وجد نظرة مشمئزه على كفه الموضوعه حول كفها وسرعان ما جذبتها عنوة عنه وعقدت ذراعيها امام صدرها قائله
- هو انا ممكن اعرف هتستفاد ايه من قتلك لسَليم الهواري !
نظر لها بطرف عينه قائلا بخبث
- هستفاد كتير يابت عمى، انت فكرك تاري مع سليم عشان قتل ابوكى وبس ! غلطانه دا تار بايت من زمان قوى !

ظلت ترمقه بنظرات ساخطه ثم اردفت قائله
- ااه فأنت وعمك بقي لما فكرتوا وخططوا فقررتوا انكم هتبدأوا بسليم ! حقيقي انا فخورة بيكم ياكبار العتامنه، بقي التار والشرف اللي عتحكوا عنه بقي انتقام وحقوق بايته وواخدين تار ابوي الستارة اللي تخفوا بيها مصايبكم ! شوف يا ادهم من غير يمين لو لمست شعرة واحده من سليم ماهتردد دقيقه واحده في قتلك ياولد عمى .

دنى منها ادهم مخترقا قوانين المسافات، فظلت تتراجع للخلف وهى ترمقه بعيون متأرجحه يمينا ويسارا وجسد مرتجف كأن عاصفه تهب من تحت قدميها حتى ارتطم ظهرها بالحائط فاعتلت علي ثغر ادهم ابتسامة انتصار عجيب، مستندا بكفه المنبسط على جدار الحائط ليحاصرها من كل الاتجاهات وهو يعبث بشعرها المنسدل بانامل كفه الاخر قائلا بمكر
- طيب ماتيجى نتفقوا اتفاق .. وانا اوعدك ما هلمس شعره من سليم ولا حد من العتامنه كلهم هيقدر يهوب ناحيته !

رمقته بنظرات مُتسائله منتظرة الوصول لمغزي كلماته فاكمل ادهم قائلا بهدوء وهو يقرب شفتيه من اذانها هامسا
- تشتغلى معاى وتوافقي على كل طلباتى بالحرف بشرط انك تبعدى عن سليم خالص ولو عرفت انك كلمتيه ولا حتى قابلتيه صدفه اكده في الشارع ما هتردد في قتله وقتلك لدقيقه يا وجد .

دفعته بعيدا عنها بكل قوتها فهى لم تتحمل دخان كلماته الحارق قائله بسخريه
- اشتغل معاك في البودرة ! انت اكيد عتحلم !
تحرك ليصف امامها بعوده المنتصب قائلا بثقه عارمه
- هخرج دلوق ونروح بيت الهواره وهتفق مع الرجاله يضربوا رصاص في الهوا من غير ما يصيبوا الهدف،، وهرجع اقول لعمك اننا فشلنا وهسكته بكام كلمه، وتكونى انت فكرتى على مهل مهلك كمان .. كل اللى هعوزه منك ساعتين كل يوم خميس تصنعيلنا كام صنف اكده نضربوا بيهم السوق، قولتى ايه ! شوفى بقي حياة حبيب القلب عند متساواش انك تضحى ؟!

ثم ازاح ادهم خصيلة من شعرها خلف اذانها قائلا بمكر
- هستنى ردك بكرة يابت الغالى ..

انصرف ادهم بعد ما القى قذيفة كلماته على قلبها، ظلت تراقبه بنظرات كارهه ساخطه الى ان اختفى من امامها، فهى عالقه في منتصف الطريق الذي محسومه نهايته انها لم تكن له للابد، فماذا تختار وجوده في حضن غيرها مقابل ان تبيع مبادئها، ام انها تحارب لاجل مبادئها حتى ولو كان هو الثمن !

 

" داخل مبنى العرسان الجدد "

لقى عماد مفتاح شقته بفوهة الباب .. فالقي نظرة على نورا زوجته الواقفه خلفه برأس مطأطأه ثم التفت ليضع كفه على مقبض الباب ويفتحه متأففا .. دلف عماد الى الداخل بدون النظر لمن خلفه متجاهلا تواجدها نهائيا، فجلس فوق اقرب اريكه متنهدا بمرارة وحزن، انتظرت نورا طويلا ان يسمح لها بالدخول ولكن دون جدوي فعزمت امرها ان تدلف بصمت تام وهى تغلق الباب خلفها، اقتربت منه بهدوء قائله
- محتاجه اى حاجه ؟!

رفع نظره إليها بتثاقل قائلا
- تعالى اقعدى عاوز احكى معاكى شويه ..

برزت عروق عنقها من كثرة التوتر ثم اردفت قائله بخفوت
- عارفه كل كلمه هتقولها مالهوش لازمه التكرار .. ومتقلقش هكون ضيفه خفيفه .. انا هنام في الاوضة الصغيره وحضرتك تقدر تنام في المكان اللي يعجبك .. اى اوامر تانيه !

اتصدم عماد من ردها الغير متوقع محاولا استيعاب كلماتها الذي ظل يعد فيهما اياما، فهى قطعت له مسافه رحله تفكير استغرقت منه اياما .. تنحنح بخفوت قائلا
- تمام .. اتفضلى نامى في اوضك وانا هحاول على اد مااقدر مش هسببلك اي ازعاج .

بادلته بابتسامه زائفه عكس مراجل النيران التى تقاد بداخلها ثم انصرفت من امامه بهدوء ملتزمه صمتها وسكونها، تنهد عماد بارتياح اخيرا فكلماتها كانت سببا في اذابة جبال الجليد من فوق صدره ..

دلفت نورا لغرفتها بعدما ابدلت ملابسها واتاكدت من غلق الباب، فألقت جسدها في منتصف مخدعها كى تنتصر على جيوش اهوال قلبها التى لا تقودها إلا اليه ..

اما عن عماد فاكتفى ان يبسط جسده فوق الاريكه التى جلس فوقها غائصا في سُبات عميقٍ .

" وبحب الاتنين سوا يا هنايا في حبهم .. الميه والهوا ومحمد قبلهم "
كانت يسر تغنى بفرحه تغمر جدار شقتهم الصغيرة بقلوب عشاق الارض، تصف امام باب المرحاض الذي بداخله محمد لتردف غنائها بدلال، فرفع محمد صوته قائلا
- يابت عدى يومك ..
استندت علي مقبض الباب بدلال
- في عريس كده اول ما يدخل شقته يستحمى .
جز محمد علي فكى اسنانه قائلا بنفاذ صبر
- وفى عروسه بت ناس كده تتدلق كوبايه العصير على جوزها ؟!
كتمت ضحكتها ثم قالت
- الله ! ما انت اللي اطاولت وكنت بتفكر في حاجات شمال كده قولت اما افوقك ..
قفل محمد صنبور المياه وهو يتوعد لها
- طب وحياة ثريا يا يسر لاوريكى ..
ضحكت بصوت عالى ثم قالت بتحد
- مش هتقدر على فكرة ..

وضع محمد يده علي مقبض الباب ليفتح ولكنه فوجىء به مقفول من الخارج .. اردف بغل
- يسر انت قافله الباب .. !
اطلقت ضحكه انتصار قائله
- ااه مزاجى قالى انك تبات الليله دى في الحمام عشان تتربي ..
جز محمد على اسنانه اكثر قائلا
- اقصري الشر يا يسر وافتحى احسن اطلع افتح راسك ..
اصطنعت البراءه وهى تلعب في خصيلات شعرها بمزاح
- اصل يامحمد امى محرجه علينا وانا لازم اسمع كلامها ..

- هى امك قالتلك اقفلى على باب الحمام ؟!

- لا طبعا، دى قالتلى اخبطك بأى حاجه على راسك لو حاولت تقرب منى .

ظل محمد يتسامر معها وبداخله براكين تتوق ثم قال بهدوء
- وانت معملتيش كده ليه .

- تؤ بقي يامحمد متهونش عليا .. اخترت القضى الالطف، بص انت نام عندك كده والصبح يحلها حلال ..

- قولى لى يايسر هى امك بتعمل معانا كده ليه ؟! كرهانى ليه !

عقدت ذراعيها امامه صدرها مستنده بضهرها علي الباب قائله بهدوء
- اصل كان نفسها اتجوز واد حيلوة كده ياخد العقل والقلب شبه بتوع التلفيزيونات .. فأنت مكنتش جاى على هواها خالص، عشان كده عاوزه تبوظ الجوازه ...

ثم صمتت لبرهه منتظرة رده فاردفت بفضول
- محمد انت نمت جوه !
- ...
فتحت الباب سريعا كى تراه ولكنه فوجئت به امامها خارجا من باب المطبخ، شهقت بصوت عالٍ قائله
- انت خرجت ازاي ...!
جز محمد على اسنان بنفاذ صبر
- بقي محمد الهواري علي اخر الزمن ينط من بادروم عشان يدخل شقته ..

تأرجحت عيونها بخوف وهى تتراجع للخلف
- مالك يامحمد والله كنت بهزر مالك وووو ... انت بتبصلى كده ليه ! بص لو قربت منى هجيب امى ..

لم يستطع محمد ان يكتب صوت ضحكتها اكثر فوقف مكانه ضاحكا علي تلقائيتها .. ظلت يسر تراقبه باستغراب وخوف فشاور محمد اليها
- تعالى يا يسر تعالى بس كده اقفى قدامى وفهمينى ..

اقتربت منه بجسد مرتجف وعيون متراقصه على اوتار الخوف قائله
- انت مش زعلان !
جذبها من كفها بكل قوتها فشهقت بصوت مرتفع لتقف بين ذراعيه فتعمد ان يعبث بخصيلات شعرها قائلا بخبث
- انت حبيبي بردو .. وهو في حد يزعل من حبيبه ..
هزت رأسها بالنفى ثم اكمل محمد قائلا
- طيب انا راضي ذمتك فى واحده يوم فرحها مع حبيبها تقوله امى ومعرفش ايه .. !

- يا محمد اصلك ما تعرفش هى قالت ايه وانا بصراحه اخاف اعصي كلامها ..
ضغط محمد علي شفته السفليه بنفاذ صبر قائلا
- تعصي كلامها لا .. جوزك حبيبك بتفلق اااه ..
- امى واعرة قوى يامحمد ..
لم يتحمل محمد كلمة اخري فكلماتها كانت كافيه ان تشعل نيران الغل بداخله .. فانحنى بدون مقدمات ليحملها علي كتفه فجاة مما جعلها تشهق بقوة كشهقة الولادة مرددا بحزم
- ابو امك علي عيلتك كلها .. اتهوستى انت اياك !

 

" طيب والله يا لولا اتصلتى بوقتك مش عارف من غيرك كنت هقضي الليله مع مين !"
تعمد مجدى ان يصل صوته لاذان صفوه التى اغلقت باب الغرفه علي نفسها وهى تشتاظ غضبا من برودة كلماته .. فاكمل مجدى حديثه بسخريه
- عريس ايه بس يا لولا ! وانا اقدر بردو استغنى عنك ؟! المهم قوليلى نازله مصر ميته ؟!

فضولها قادها للوقف خلف الباب تستمع لحديثه باهتمام وهى تقول بتوعد
- كنت متاكده انك بتاع بنات وفلاتى طيب ودينى لاخليك تعدهم في عز الضهر بابن الهواري ..
اتجه مجدى نحو المطبخ يبحث عن شيء يأكله ومازال مكملا في مسرحيته .. فضحك بصوتٍ عال اخترق باب غرفتها قائلا
- احبك وانت فهمانى .. واموت ف اللبنانى الاصلى مش المصري المضروب اللي عندنا ..

شهقت صفوة بصوت مرتفع
- هو مجوزاه عشان يكيدنى ! طب وربنا لاوريك ..

فتحت باب الغرفه ثم اقتحمت عليه المطبخ فوقفت ترمقه بنظرات متارجحه معاتبه نفسها علي الخروج من غرفتها فلاحظ مجدى تواجدها فقال
- طيب اقفلى يا لولا ربعايه وجايلك ..

- تؤؤ وانا اتاخر عليك ياقمر انت .. !

ارتسمت صفوة معالم البرود ولكن بداخل مراجل تقاد، فبللت حلقها محاوله الانشغال بأى شيء امامها، التفت اليها مجدى متبسما
- اي هتحنى عليا وتحضريلى اكل .. اي الرضا دا !
لم ترفع عينيها لتجيبه فاكتفت بالرد المُثلج
- وانت اتشليت ! ما تحضر لنفسك ؟!
اقترب منها قليلا ليردف بمزاح
- ياختى فال الله ولا فالك ربنا يدينى الصحه ولا احتاجلك اصلا ..
تجاهلت كلماته فتحركت من جانبه لتحضر طبقا تضع فيه بعض المأكولات التى اعدتها عفاف لهم، بتلقائيه التف مجدى نحوها ليراقبها ثم قال بخبث
- انت خرجتى عشان سمعتينى بتكلم مع لولا صح ؟!

انشغلت صفوة في تحضير طبقها الخاص قائله بسخريه
- البنى ادم دا غريب ياخى بيوهم نفسه بحاجات وبيصدقها في الاخر ..

عقد مجدى ذراعيه قائلا بثقه
- زيك كده بالظبط !
رمقته بنظرة خبيثه مردفه بقوة
- بص تكلم لولا تكلم الجن الازرق ماليش فيه هنا كل واحد يعمل اللي يريحه عشان نكون متففين .. وزي ما جنابك عندك لولا وغيرها انا عندى اكتر .

اسهم نيران كلماتها صوبت نحو جبال جليديه فاذابته ليحال لكره ملتهبه وعيون يتوهج منها البخار
- انتِ قولتى ايه ياروح امك !
رفعت صفوة رأسها بشموخ
- اتكلم عن امى كويس يا جدع انت .

- جدع انت ! لا تعالي خدينى قلمين احسن !
هزت كتفيها بلا مبالاه
- وفين المشكله، اللي مش متربي ياخد قلمين وعشره كمان لحد ما يتربي .

نجحت في ثوران جيوش غضبه فجعلته يشتاظ غضبا يود ان ينهال عليها ليضفى نيرانه التى اشعتلتها ولكنه سرعان ما ادرك زمام الامر وفرمل ضدت جيوشه الثائره بابتسامه واسعه قائلا
- ضرب الحبيب زي اكل الزبيب يا صافى ..

كانت تنظر منه رد فعل معاكس غير الذي ابداه، ولكنه قضي على حبال توقعاتها فتأكدت انها امام عدو لست بهين .. زفرت بقوة مردفه بهدوء حاملا نبرة تحذيريه
- هدخل انام ومش عاوزه صداع .. وهتكلم لولا ولا بولا تكلمها بعيد عن الاوضة .. مفهوم .. !

اكتفى مجدى بارسال ابتسامه خفيفه لها تشير بنشوب الحرب البارده بينهما .. قائلا بفخر
- ينصر دينك ياض يامجدى ما يجيب النسوان الا نسوان آخريات.

 

" ما قولتليش تحب تاكل هنا ولا في اوضتنا "
اردفت ماجده جملتها وهى تتدلل امام انظار سليم قاصدة جذب عيونه نحوها ولكن محاولاتها كلها انتهت بالفشل .. اشعل سليم سيجارته ليزفر دخان احتراقه من الداخل قائلا بحده
- ماجده حلى عن راسي وروحى شوفى هتعملى ايه ..
جلست بجواره مردفه بهدوء مصطنع
- انت لسه زعلان منى عشان اللى حصل امبارح !

ثم مررت كفها فوق كتفه بحنو قائله بنبره قهراويه تحمل بين طياتها دلالا مغريا
- وبعدين يا سليم انا بغير عليك اوى، انت ليه مش عاوز تفهم ..

بعد سليم كفها بعيد فكان بثقل جبل فوق كتفه قائلا بحده
- عاوزه اي دلوق. !
نظرت له بميوعه قائله بنبره منخفضة
- عاوزاك تسيبلى نفسك خالص لحد ما انسيك الدنيا كلها .. قولت اي !

تنهد سليم بقوة متخذا نفسا طويلا من سيجارته قائلا بتأفف
- قولت اخذى الشطان ومرقي ليلتك ياماجده وخشي نامى .
وضعت ساق فوق الاخري لتظهر جمال ساقيها امام عينيه
- منا مش هينفع انام غير لما تيجى تنام جمبي .. اصل طول عمري بخاف انام لوحدى .. هو انا ماقولتلكش الموضوع دا قبل كده ..

اغمض سليم عينيه لبرهه مرددا بنفاذ صبر
- اللهم طولك ياروح .
تبسمت ماجده لانها رات بوادر نجاح مخططها ثم وضعت اناملها فوق راسه برفقه قائله
- تحب تاكل ايه اقوم اجيبهولك ..

نهض سليم من جوارها كالملدوغ قائلا بقوة
- مش عاوز زفت ..

ثم اتجه نحو الباب هاربا من حصار انفاسها كمن يهرب من جلاده للتو .. زفرت ماجده بضيق قائله بحرقه
- اقطع دراعى ما كانت بت العتامنه سحراله ...

وصل سليم الى سيارته متأفف ثم فتح بابها ليتناول العلبه الصغيره الموجوده فوق _ تابلوه _ السياره، ففتحها ليخرج منها هاتفه الجديد الذي اشتراه ضهر اليوم ويخرج شريحه هاتفه ويضعها بداخله، انتظر قليلا لينير شاشته واول رقم ركض عليه هو رقم وجدانته ولكن الياس اصابه فى مقتل عندما وجده لازال مغلقا، فطلب رقم ورد اختها لمس الامل قلبه وسرعان ما تلاشي بمجرد ما لم يجد ردا .. زفر سليم باختناق فاستدار ليدلف من سيارته وفى لمح البصر اقتنصته رصاصه الغدر في كتفه، تفوهه سليم صارخا مع صوت صراخ ماجده التى كانت تترقبه من اعلى ..

- سليييييييييييييم !

تريد ان تنطوى خطاوى الارض لتلقي بِها بين ذراعيه، تجمدت في مكانها محاوله استيعاب ما رأت، في اليوم الذي جمعهما القدر غدر بها للتو .. احتشد الغفر مع صوت طلقات النيران المندفعه صوب مصدر الصوت .. مسك سليم ذراعه متألمه وهو يلقى بجسده داخل سيارته ..

 

" في قصر العتامنه "

" يامري ! انت ايه اللي عملته دا .. هو دا كلامك ليا "
اردفت وجد بنيره مرتجفه التى كانت تنظر قدوم ادهم علي جمرات من نار .. فادرف ادهم قائلا بفخر
- حبيت بس اعلم عليه عشان تعرف ان رصاصتى ليه بطوعى وبامري ياوجد، ولو موافقتش يمين عظيم تلاته الرصاصة الجايه في قلبه ..

انخلع قلبها من موضعه متلهفه لتقول
- بس دا مكنش اتفاقنا يا ولد عمى !

رفع رأسه بشموخ قائلا
- والله رصاصتى جاله مزاج تحود من مافيش لدراعه .. اعملها اي يعنى ! كله في ايدك ... هروح ابلغ عمى ان المهمه فشلت وهنكررها قريب ..

رمقته وجد بنظرات ساخطه تشع الكره والحقد قائله
- منك لله يا ادهم اشوف فيك يوم قادر ياكريم ..

 

" في قصر الهواري "

انتهى محمد من ضماضة جرح سليم قائلا بتأفف
- كده خلصنا .. مكنتش مستاهله يعنى وكويس الرصاصه جرحته بس .. يلا قوم انت هتعملنا فيها عيان كفايه انك ضربتلى الليله ..

القى سليم نظرة علي ذراعه الملفوف ذو الكُم المنشق نصفين قائلا
- متأكد ولا عتجرب في ..

قضب محمد حاجبيه بضيق قائلا
- انا اصلا مش طايقك فاسكت وبعدين مش واثق فى عندك صفوة بت عمك فوق ناديلها ..

مجدى: صفوة مين ! دى في سابع نومه فوق ..
محمد بثقه: يبقي مش قدامك غير تثق فيّ ياولد ابوي ..

تدخلت ماجده تحتضن ذراع سليم بحب وخوف
- يامحمد انت متاكد انه مش محتاج مستشفى ولا جرحه ممكن يمدد

- انتوا جرالكم ايه انتوا شايفينى برش كنافه هنا !

راجح بهدوء: ياولاد قصدنا نطمنوا بس ..
عماد ربت علي كتف جده: ان شاء الله خير ياهواري ..
اتسعت عيون الجد قائلا
- خير كيف ! والعتامنه مش ناويه يجيبوها لبر ! انا فاهم راس حيدر زين دا قاصد يخوفنى .. ويدينى اشاره انه سهل يوصل لاى حد من احفادى بسهوله ..

سليم بتحد: مش هنعديها ياهواري .. ولازمن نرد الطلقه بعشرة .

ندبت عفاف وماجده لجملة سليم فادرفت عفاف بتوسل
- كيف اكده ياولدى انت عاوز تقهرنى عليك ..
ربتت ماجده على ظهره برفق
- بطل جنان ياسليم دا انا ممكن اموت فيها لو جرالك حاجه ..

قطع حديثهم صوت رنين هاتف سليم الموضوع يجواره، فسقطت كل الاعين عليه منتظرين رده، فوجئ برقم غريب فرد قائلا
- ايوة ... !

- كيفك ياضي عينى، سَليم انت بخير يا حبيبي !
اردفت وجد جملتها بلهفه زلزلت قلبه من مكانه مما جعلته يتناسى كل همومه واحزانه، كأن صوتها المنتظر مخدر احتل قلبه وعقله حتى تناسي تواجد الجالسين حذاه، ابتعد سليم عنهم قائلا
- وحشانى يا وجد قوى، اكده هان عليك سليم مترديش عليه وطنشيه .

- على عينى والله ياسليم .. صوح انت زين دلوق ادهم ناويلك على نية سوده قوى ..

- ادهم ده قتله علي يدى .. كل يوم عستعجل بأجله ..

- سليم وقف بحور الدم دى .. انا عاوزاك لى .. قلبي مش قادر علي بعدك ..

- ولا قلب سليم قادر علي بعدك ..

- المهم انك زين دلوق !
- جات سليمه الحمد لله .. بس قولى للعتامنه عندك الهوارة هيقلبوها مجزرة ومش هيسكتوا ..

- لا هتسكت وتعديها ياسليم .. عشان الحرب دى تقف وعشانى ..

- طلعى نفسك انت من الهري دا ..

- سليم الهري دا لو موقفتهوش انت هوقفه انا بطريقتى وماتجيش تلومنى ...

- وجد ما تعصبنيش واتكلمى عدل !

- سليم عاوزاك تتاكد انى عحبك قوى واي حاجه هعملها عشانك فمتزعلش منى .. خلى بالك علي روحك يلا سلام ..

هتف بصوت عال
- وجد .. الووو ...

التفت وجد بهدوء لتضع رقم سليم في قائمه الحظر وبحرص شديد تسللت كى تضع تابلت اخيها النائم بجواره ...

زفر سليم بضيق محاولا الاتصال بها مرارا وتكرارا دون جدوى
- وربنا ماحد عاوز رصاصه في راسه التخينة دى غيرك ياوجد ..

فالتفت حول صوت ماجده الصادر بحزن
- وهى كمان ليها عين تكلمك بعد اللي عملوه فيك ناسها..!
هتف سليم بنفاذ صبر
- حلى عن راسي يا ماجده ..

اومات باستسلام قائله
- طيب ياسليم هيجى اليوم اللى مش هيبقالك فيه غير ماجده .. يلا على شقتنا يا ابن عمى ..

 

وصل محمد لشقته متأففا حاملا بداخله جبال من الغضب، فتسلل نحو غرفته بهدوء ففوجئ بيسر نائمه فوق مخدعها، قطب حاجبيه متحسرا ثم دنى منها برفق
- سووو انا بعتك تجيبى مكركروم نمتى .. !
اردفت بصوت كله نوم
- عاوزه انام يامحمد اششش .
- اشششش! يابت دانا عريس والنهارده فرحنا !
- بكرة يامحمد .. نام نام ..
محمد متحسرا وهو يضع وجنته فوق كفه قائلا
- حسبي الله ونعم الوكيل في الهوارة علي العتامنه علي ثريا اللي بصت لنا في ام الليله دى ..

 

" افرد ضهرك ياسليم .. استنى اجيبلك مخدة تسند عليها دراعك "
اردفت ماجده جملتها باهتمام بالغ وهى تتولى مهمه اسعافه فامسكت ذراعه برفق لتضعه فوق الوساده الصغيرة قائله
- اجيبلك حاجه تاكلها ؟! .
اغمض سليم عينه قائلا
- طفى النور ونامى يا ماجده ..
- ما انت لازم تاكل عشان جرحك يلم ..
بسط سليم ظهره بعفوية قائلا
- مش عاوز لت كتير .. عاوز انام ..

رمقته ماجده بنظرات متتاليه ثم التفت لتدلف من فوق مخدعه واغلقت الانوار والباب خلفها، فتح سليم عينه بتنهيده عاليه قائلا
- والله الود ودى اروح ابوس راس العتامنه نفر نفر علي الواجب الل عملوه معاى .. اول مرة تعمل حاجه صح يا ادهم الكلب ..

" في صباح اليوم التالى "
رفعت وجد جفونها بتثاقل كأن جبال الارض رست فوقهم، تستمع لضجيج قلبها القوى بداخلها، التقطت نفسا طويلا محاوله رسم صورته علي جفونها لتتبسم قائلا
- ربنا يقرب اليوم اللى اصحى فيه القاك جمبي ياسليم ..

ثم استقوت لتنهض من فراشها وتعد عدتها متأهية للذهاب للمشفى، فدلفت الي اسفل وجدت اختها
- صباح الخير ياورد ..
قفلت ورد الكتاب الذي بيدها قائله
- سليم رن على إمبارح وماردتش عليه ..
استدارت وجد مصطنعه القوة
- غيرى خطك يستحسن ..
فوجئت بادهم يقترب منها ليلف ذراعه حلو كتفها قاصدا ازعاجها
- ست الضكتوره تسمحلى اوصلها المستشقى بعربيتى المتواضعه !
زاحت ذراعه بعيدا بقوة قائله بنبرة تهديديه
- يدك لو اتحطت على تانى هكسرهالك ..
قضب ادهم حاجبيه قائلا بطصنع
- طيب وليه الوش الخشب داهون .. دانا لسه عامل فيكى جميلة إمبارح .. هو دا جزاة المعروف !

- عاوز ايه يا ادهم ؟!
غمز لها بطرف عينه قائلا بخبث
- فكرتى !
التفت وجد نحو اختها التى تراقب حديثهم، فاتجهت للخارج بخطوات ثابته ثم تابعها ادهم وعلى ثغره ابتسامه خفيفه قائلا
- ها ادينا طلعنا من جار ورد .. ردك ايه .. ؟!

عقدت ذراعيها بتحدٍ قائله
- وانا اي اللي يضمنلى كلامك وانك مش هتغدر بسليم بعد ما اعملك اللى عاوزه ؟!

اعتلت شفتيه ابتسامة انتصار قائلا
- وربنا انت اجدع بت عم في الدنيا

رفعت وجد صوتها بنبره صارمه
- قولت ايه الضمان ؟!

- شوفى الضمان اللى عاوزاه وانا عينى ليكى .. بس الاول قوليها انك موافقه ..

ترددت وجد لبرهه ثم قالت بنبره متحشرجه
- موافقه يا ادهم .. بس بشرط !

نظر اليها بعيون ضيقه قائلا
- وانا كمان عندى شرط ...

 

تااابع ◄