-->

رواية أباطرة العشق ( عشق من نار ) الجزء الاول


 مقدمه

 سكون تام يحتل تلك القريه مع مطلع الفجر، ورحيل الطيور من فوق اغصانها باحثه عن مصدر رزقها .. نسمات باردة تختلط بدموع حارة ارهقها وجع الانتظار الاشبه برياح عاتيه تأكل في حواف صخرة مازالت متظاهره بالقوة ولكن ما يُنهش من ارجاء صُلبها لست بهين .


--
واقفه امام شرفة غرفتها تنظر للقمر في ليلة تمامه وتري وجه حبيبها يتربع علي سطحه، فجميع العشاق ينظرون الي القمر ويتاملون نوره وبريقه واستدارته الا هي كان لديها نظرة خاصة اليه، تنظر الي عتمته اكثر من نوره .. تعرجاته تبهرها اكثر من حدقة استوائه، تنهدت بحرارة قلوب عشاق الارض واضعة كفها الصغير فوق قلبها قائله:

شكلها حرب ياسليم ياهواري واتكتبت علينا نخسرها احنا الانتين.

 الفصل الأول

شكلها حرب ياسليم ياهواري واتكتبت علينا نخسرها احنا الانتين

ابتعدت عن شرفتها النائيه عن الانظار قليلا للخلف واوشكت علي قفل بابها الخشبي فجاه اعتلت صوت شهقتها بمجرد ارتطام الحجر الصغير المقذوف نحوها .. زفرت بضيق ثم استجمعت شتات قواها متوعده فنظرت من النافذه تبحث عنه بعيون متلهفه كمن يبحث عن النور في عتمة الظلام.

قطبت حاجبيها قليلا باندهاش
- وه راح فين المجنون ده ؟!

استدارت راسها يسارا علي مصدر الصفير الهادي فوجدته امامها ناظرا اليها بعيون لامعه قائلا بثقة
- خابر زين انا عتقدريش تنامي قبل ماعيونك تشوف ضي عيني .

اخفت ابتسامتها وارتسمت ملامح الجديه
- وبعدين فيك ياولد ( الهواري ) .. راسك تخينه ليه ومش ناوي تجيبها لبر ..!

- اصل ولد الهواري واخد عهد علي نفسه مايوصلش البر غير علي يدك يابت (العتامنه) .

اجابته معانده بصوت بدأ منفعلا ثم انخفض فجأه
- قولت لاه ... ولاه يعني لاه ولو اخر راجل في الدنيا ياولد الهواري مش هتجوزك .. وعند بعند ...

زمجرت رياح غضبه محاولا خفض نبرة صوته وهو يلتفت يمينا ويسارا
- ليييه اكده ناقص يد ولا رجل انا !.. قدامك سبع الرجال بنات البلد كلهم يتمنوا نظرة من عيني .. وانا منفضلهم عشانك ياواخده قلب وعقل سليم لحسابك .

ابتسمت معانده كإنها اقسمت ان تُحارب جيوش مشاعرهما
- وانا قولتلك لاه ياسليم .. واللي مابينا بقي دم وماعينضفيش غير بالدم .

اجابها بنبره حب
- وانا دمي كله فداكي ياقلب سليم من جوه .

- لاااه دم عيلتكم كله مش هيكفي اللي عمله عمك وهرب .. دا قتل ابوي ياسليم عارف يعني ايه ؟!

لاح اليها بكف غاضبًا
- وهو عشان غلط ارتكبه عمي عاوزه تقتلني انا يا ( وجد)!

- اللي عندى قولته ياولد ( الهواري) .. ويلا امشي من اهنه بدال مااصوت والم عليك الخلق وياريت تبطل حركات العيال دي هتفضحنا .. واللي بينا كان ماضي وخلاص خُلص .

ارتسمت علي ثغره ماكرة
- لما تبطلي تستنيني كل ليله اهنه .. هابقي ابطل اجي يابت ( العتامنه ) .

دقت طبول قلبها لكلماته التي ارتوت بها روحها واحيت نضفة فؤادها، وبعد برهه عاود ندائه اليها بحزم
- وجد .. اول واخر مرة اجي اهنه وتبُخي السم دا من خشمك فااهمه؟ .. قاطعش انا الطريق دا كله وداخل بيتكم كيفي كيف الحراميه وفالاخر تسمي بدني اكده .. !

تنهدت بوجع وهي تلقي بانظارها بعيدا تستكشف المكان خشية من كشف امرهم .. فقالت بصوت منخفض
- يعني انت عاوز ايه دلوق ؟!

لمعت عينيه بحب قائلا
- عحبك ..
علي الفور تلقي قلبها كلمته الساحره فارتسمت علي ثغرها ابتسامه خلابه وسطع نور عينيها ..

اكمل ( سليم ) حديثه بغمز
- هامشي انا عاد .. خلاص خدت اللي جيت عشانه .. ضحكتك اللي عتشق النور علي قلبي كيف ما الشمس ما عتشق نورها عالارض كله .. تحرمنيش منيها عاد يابومه .. فوتك بعافيه .

اخذت نفسًا عميقًا وهي تترقبه بعيونها وهو مغادرٌ قصرهم من تلك المخبيء الذي اكتشفاه سويا منذ ١٠ سنوات خلف شجرة التوت باب خشبي صغير في حائط السور طوله متر يتسلل منه ( سليم ) كل ليله ليري النور من عيون وجدانه ومنبع العشق بداخله .

بعد ما اطمئن قلبها برحيله سالما قفلت نافذتها تلك الجميله ذات العينين السوادتين اللاتي يحاصرهما الكحل الغزير، والشعر الداكن الطويل والبشرة الخمريه، متوسطه الطول ذات جسد ممشوق كمثري قليلا مما يعطيها جمالا عربيا اصيلا انها الدكتوره
" وجد سالم عتمان " صاحبة الخامسة والعشرون عاما .

جلست في منتصف مخدعها حائره ما بين قلبها والعادات والتقاليد .. كالحائر ما بين الشوك والعلقم كلاهما اذي ولم يوجد لديها خيار ثالث .. قربه حدائق شوك يُنغص عليهما ايامهم وبعدهما علقمًا يمرر سُكر الحياه في قلوبهما

" اعمل ايه انا بس ياربي يعني حب ١٠ سنين يدفن اكده وانسي عشان حاجه ولا انا ولا هو لينا ذنب فيها !"

قطع حبال افكارها صوت رنين هاتفها .. نظرت في شاشته وجدته ( سليم )
اجابته بمضضٍ:" عاوز ايه تاني ياولد الهواري ! "

يقود سيارته ويستمع لصوت فيروز " بعدك علي بالي "
- اصلي اتوحشتك قوي وقولت اسمعك فيروز معاي .

ارتسمت ابتسامه خفيفه علي ثغرها وهي تنظر في المرآه ثم عادت لترتسم الجديه قائلة بنبرة تحذيريه
- عقولك ايه متتصلش بيّ تاني فاهم ولا لا ؟!

فرمل سيارته فجأه بضيق
- اتجننتي انتِ ياك كيف تمنعي عاشق يسمع صوت حبيبته .. اللي بيجري في عروقك دا دم ولا تلج .

ساد الصمت قليلا بينهم لتقول بخفوت وهي تلقي بجسدها فوق وسادتها
" طب واخرتها اي ياسليم .. انا تعبت قوي قوي .. كل مااحاول اعاندك القانى بعاند نفسي "

عاد ليكمل طريقه قائلا بحب
- سلامتك ياقلب سليم .. اخرتها فهد وفارس ياهانم ولادنا .

قطبت حاجبيها بحده
- بس انا عاوزه اسمي (سالم) علي ابوي .

ضحك بصوت
- مااحنا هنجيبوا كتير متنبريش فيها انتِ بس .
- وصلت النجع ولا لسه ؟

اجابها وهو يلف مقود سيارته
- اهو خلاص دخلت بوابه الهواري .. منمتيش ليه ؟!
حضنت وسادتها بحب
- عفكر في حاجه اكده .. اي في مانع ؟

اجابها معارضا
- طبعا في ونص ... مش عندك شغل بكرة ولا ايه .. لازمن تكوني مصحصحه اكده وانت عتشكفي ع الخلق مش عاوز غلطه .. مفهوم !

اومأت راسها ايجابا
" حاضر ياسليم هريح ساعتين قبل ماانزل "

وصل بسيارته لباب قصرهم العملاق ذو الطراز الحديث .. الذي صممه اكبر واشهر مهندسي بريطانيا طبقا لاوامر" راجح الهواري" كبير عائله الهوارية .
دلف ( سليم ) من سيارته
- طب يلا اول ماتصحي رنيلي اطمن عليك .

- حاضر ياسليم .

انهي سليم مكالمته معها علي اعتاب باب قصرهم فوجئ امامه ( بماجده ) ابنة عمه التى ركضت نحوه باندفاع، ركل الباب بقدمه:
" صاحيه ليه لدلوق ياماجده "

اقتربت منه بشغف وحب
- قلبي مطاوعنيش انام وانت غايب عن البيت ياسليم .

رمقها بنظره ساخرة وهو يخطو اول خطوات السلم المتربع وسط ساحة القصر قائلا
- لا روحي نامي وخفي احلام يقظه .. وانا مش عيل صغير عشان تخافي عليّ .

شعرت بالضيق من مرارة كلماته ثم اقتربت منه بعجلٍ محاوله خلق اي حديثٌ معه
-اجيبلك تاكل ! جعان ؟

اجابها بتجاهل
- لا

فركت كفيها بتوتر
- طب جدي راجح كان عاوزكم الساعه ٨ الصبح في اوضة الاجتماعات الكبيره انت واخواتك " عماد ومجدى ومحمد "

استدار اليها باهتمام:" حوصل حاجه اياك !"

هزت كتفيها بعدم فهم
- معرفاش .. هو قال اكده قبل ماينام وانا استنيتك عشان اقولك احسن تكون حاجه مهمه .. وهما اتصلوا بيك علي المحمول مردتش .

اكمل طريقه لاعلي متجاهلا وجودها
- طاب متشكرين .

اوقفه سؤالها الذي اندفع من فمها بتلقائيه
- انت حتنام يا سليم ؟!

غمض عينه لبرهه متنهدا بنفاذ صبرٍ
" اي ! عاوزاني منمش اياك .. خبر اي اومال جري ايه لراسك ياماجده ع المسا اكده "

التوت شفتيها جنبا بضيق
- معاوزاش .. تصبح علي خير .
اكمل طريقه دون اي جواب منه وهي مازالت تراقبه بعيون عاشقة الا ان وصل غرفته وقفل بابها بقوه .. حضنت هاتفها بتنهيده قويه
- اااه لو تعرف عحبك قد اييه ياسليم .

" قصر هوارة "

اسدلت الشمس نورها وشرع اهل القريه في بدء مهامهم بهمةٍ ونشاط .. حركة مريبه كالمعتاد في قصر الهواري الذي يمتلأ باربع صبيان ابناء العم الاكبر
( عادل الهواري ) ..

واربعة بنات في مُقتبل العمر لهم جمال وسحر خاص اباهم (ناصر الهواري) الذي تسبب في مقتل ( سالم عتمان )
ومن هنا نبتت شجرة الثأر والغضب بين العيلتين

واقفه (عفاف) زوجه المحروم (عادل) علي راس الخدم في المطبخ
" شهلي يابت منك ليها يلا .. الساعة جات ٧ وانتوا لسه مخلصتوش الوكل "

- الله ! يعني احنا اسرع من النار ياام عماد .

- بدل حديتك الماسخ دا شهلي اكده ... يلا يابنات يلا في جيش برا مستني الوكل ..

وقفت ( صفوة ) علي اعتاب المطبخ قائلا
- صباح الخير يامراة عمي .

دارت عفاف نحوها بدهشه
- انتِ لابسة اكدة ورايحه فين ياحزينه !

وقفت ( صفوة ) تأكل من طبق الخيار المقطع دوائر
- عندي مؤتمر مهم قوي في الجامعه ولازم انزل .

ضربت ( عفاف ) بكفها فوق صدرها تعبيرا ما يوحى بالدهشه
- نهارك مش فايت .. انتِ مسمعتيش جدك قال ايه .. ممنوع واحده فيكم تزور الشارع لحد ما الامور تهدا .

صفوة بلا اهتمام:
" منا مش هتحبس في البيت يعني وبعدين ريحي دماغك العتامنه مش عياخدوا تارهم من حريم .. يلا فوتك بعافيه "

- يابت خدي اهنه يخرب عقلك .

لكن ندائها كان بدون فائده فاختفت من امامها راكضه نحو سيارتها .. ضربت عفاف كف علي الاخر
- هات العواقب سليمه يارب .

جالسه ( ماجده ) مع اختها الصغري ( يسر ) في غرفتهم يتبادلون الحديث بينهما
- يعني هو منفضلك خالص !

قالت ( يسر ) جملتها وهي تنتهي من ربط شعرها علي هيئة ذيل حصان وتوجه سؤالها لاختها ناظرة اليها في المرآه .

ارتسمت معالم الحزن فوق ملامحها فاجابتها ( ماجده ) بلهجه قهراويه
- حاسه اني تقيله عليه اوي مش طايق لى كلمه .. يابتي دا بيكلمني وهو واقف بضهره مابيبصش في عنينا حتى !

استدارت ( يسر ) نحوها مشفقة علي حال اختها التي تكبرها بثلاث سنوات .
- انتِ بتحبيه قوي كده ياماجده ؟!

لمعت عيون ماجده ودقت طبول قلبها فرحًا
- بحبه ! دانا بموت فيه يايسر .. اه لو يعرف انا بحبه قد ايه كان فرشلي الارض ورد ولا كنش فكر يقسي عليا كده .

نظرت اليها اختها بحزن وشفقة
- ربنا يريح قلبك ياماجده يارب .. بس تفتكري جدي جامعنا كلنا ليه النهارده .

طافت عيني ماجده بحيره ثم مطت شفتيها لاسفل
- مش عارفه ! البيت له سنة مش متظبط من ساعه اللي عمله ابونا وهرب .. خايفه علي سليم قوي احسن ياخدو تارهم منه .

تربعت ( يسر) في منتصف مخدعها بضيق
- العتامنه اسمع عنهم ان لحمهم مُر والراس اللي تطير منهم بيكون قبالها عشرة وربنا يسترها بجد عشان انا كمان خايفة قوي علي( محمد ).

- ربنا يسترها بقي .. سلسال الدم عندهم ملهوش آخر وشكلها هتبقي حرب بين العيلتين .

مسكت ( يسر) كف اختها برفق وسحبتها خلفها
" تعالي نشوف امى ونورا بيقولوا ايه تحت "


(ثريا) سيدة ذات وقار وقوه زوجة (ناصر) وام الاربعة بنات
منذ ان تجوزت (ناصر ) وهي تكره (عفاف) وزوجها واولادها كره الفئران للقطط .. وجودهم في مكان واحد ماهو الا تجمع بنزين مع كبريت .

استيقظ البيت كله الا ( سليم ) مازال خالدا في نومه العميق .. مازالت ماجده تبحث عنه بعيون تائهه ثم ركضت نحو المطبخ بعفويه
- صباح الخير يامراة عمي .

- خير عليكي ياماجده .. خير بابتي ؟!
فركت ( ماجده ) كفيها بحيره مفكرة في سؤال تبدا به حديثها
- تحبي اساعدك في حاجه ؟!

عفاف وهي تضع اللبن في ابريقه
- شالله تعيشي يابتي .. خلاص البنات خلصوا كل حاجه .. يلا عشان تفطري .

تشبثت بلهفه في معصمها والكلمات تتلعثم بحلقها
- هو سليم صحي ؟!

عفاف بلا اهتمام
- مخابراش والله يابتي .. روحي شوفيه صحي ولا لا .
قالت عفاف جملتها علي عجل قبل مغادرتها للمطبخ ..

كلماتها قفزت السعاده بداخل ( ماجده )
- ايه دا اروح اصحيه عادي كده ؟! وفيها اي يعني يلا يلا ياماجده فرصتك وجات لحد عندك.

ركضت ماجده بعجل نحو غرفة سليم بخطوات تكاد ان تخترق الارض .. وصلت الي باب غرفته ثم طرقته بهدوء لم تجد اي جوابٌ ..
عاودت الطرق مجددا بدون فائده .. استجمعت شتات شملها ووضعت كفها علي مقبض الغرفة بتردد وفتحت باب الغرفه بهدوء تام ثم استدارت بجسدها واغلقت الباب ببطء وتقدمت بخطوات سلحفية نحو مخدعه ليعلو صوت شهقتها واتساع حدقة عينيها بمجرد ان راته نائمًا علي مخدعه عاري الصدر مرتدي بنطالًا واسعا خالدا في لذة سُباته .

ارتجف جسدها وتجمدت مكانها وجف حلقها وبعد مرور برهه من الوقت وجدت عيونها تتأمل معالم جسده الرياضي الاقرب للضخامه وقفت لوقتٍ طويل لم تتدرك ما فاتها من الزمن الا انها ظلت تملا قلبها وعينيها منه .. احتفظت بصمتها لدقائق وكإن الصمت ضروريا لعلاج شيء ما بداخلها يسمى الاشتياق .. رآته مستغرقاً في نومه فرأت فيه الهيبة والعظمه في أسمى معانيها .. تنهدت بصوت عال كإن فؤادها ينتشي لرؤياه.. اعتدل سليم في وضعية نومه فوجئ بتسمرها امامه .. اتسعت حدقة عينيه بدهشه فنهض مرتبكًا
- انتِ عتعملي ايه اهنه ؟

ثارت جيوش الخوف والرهبة بداخلها وشرعت ان تتراجع خطوات للخلف وهي تنظر له بعيون اوشكت علي البكاء
- جيت اقولك ان .. ان ال الاكل جهز تحت .

قفز ( سليم ) من مخدعه بتوعد واقترب منها وهو يرسل اليها نظرات ناريه
- ودا يديكي الحق انك تتدخلي اوضتي يابت ناصر ؟!

انسكبت دمعه حاره علي وجنتها وحركة صوابع قدميها المتكوره وضربات قلبها المُتسارعه
" منا خبطت كتير وانت مردتش "

زمجرت رياح صوته بقوه
- عااال ! تقومي تدخلي اكده عليّ انا ونايم .

تبادلا الانظار سويا لبرهه ثم تحركت متأهبه للذهاب ولكنه اوقفها بقبضته المفاجئه علي معصمها حتي غُرزت اصابعه في لحمها قائلا بنبره تحذيريه
- اول واخر مره تعتبي ناحية اهنه .. فاهمه ياماجده ؟!

اندفعت شلالات الدمع من عينيها بحراره وتركته وغادرت غرفته وهي تغلق الباب خلفها بقوة زلزلت جدران القصر

اخذ ( سليم ) نفسا عميقا قبل ان يلقي بجسده ارضا شارعا في تمرين الضغط الذي يؤديه ببراعه .
" سليم عادل الهواري " شاب في اوائل الثلاثينيات خريج كلية زراعه ذو الجسد الرياضي المتناسق والمتناغم معالمه .. لديه لحيه خفيفه تحتل وجهه المضلع ذو البشرة الخمريه والعيون السوداء التي تشبه عيون الصقر في حدتهم .. من صغره لم تقع عيناه علي فتاه سواه ( وجد ) .. صاحب الشخصية القوية يحتل الترتيب الثاني في اخوته بعد اخيه ( عماد ) الذي كان وكيلا للنائب العام قبل تقديم استقالته لظروف عائلته التي تعتبر من اغني اغنياء الصعيد .. عائله ذات نفوذ وسلطة .

تجمعت العائله حول مائده الطعام يتناولون فطارهم .. جلس جدهم الاكبر الذي تخطاه المشيب وهلك بدنه ولكنه مازال يتمتع بالقوه والصرامه علي مقدمه الطاوله محدقا النظر اليهم
- اومال صفوة وسليم وماجده فين ؟!

غصة علقت في حلق الجميع وساد الصمت لبرهه بين جوله العيون المتبادله فيما بينهم .. ضرب الجد الارض بمؤخرة عكازه بقوة
- اتكتمتوا لييه ! ماتنطقوا .

اخترق مجلسهم فجاه فأردف قائلا
- سليم اهو قدامك ياجدي .. صباح الخير ياهواري ياكبير .

اقترب منه وقبل رأس جده بحنو ثم جلس علي مقعده يرتشف كوب اللبن الذي اعطته له امه .

كرر الجد مجددا سؤاله
- وصفوة وماجدة فين ؟!
( ثريا ): ماجده فوق راحت تجيب حاجه واهي نازله .

=وصفوة ؟!
تلعثمت الكلمات لتخرج من بين شفتي عفاف بصعوبة
- راحت الجامعه بتقول عندها شغل مهم والله حذرتها ق

لم تكمل عفاف كلماتها وثب الجد قائما بضجر
- انتوا ازاي تسيبوها تخرج اكده … هو انا مش منبه محدش يخطي عتبة البيت منيهم انتوا ماعتسمعوش الكلام لييييه .

وقفوا جميعهم يتبادلون النظرات
ثم قالت ثريا: كلها ساعتين ياعمي وهترجع بتي وانا خابره راسها زين .. مش هتنفذ غير اللي في دماغها .

رمقها ( راجح ) بنظرة حادة تحمل بين طياتها اللوم والعتاب
- الغلطه بفوره اهنه .. وكلاب العتامنه ماعيرحمووش ياثريا .. - ثم نادي ع الغفير - انت يااااااااولد

- ايوه ايوه جنابك
قال الغفير جملته وهو يركض نحوه متعجلًا
- تروح قصاد الجامعه انت والرجاله .. وتجيب بت ناصر وتيجوا طوالى .. فاهمنى .
- فاهم جنابك

نظر اليه سليم في مضضٍ وهو يرتشف المياه ويستمع لكلمات جده بضيق فاكمل الجد كلامه بصيغه آمره
- ( محمد ومجدى وسليم وعماد ) خلصوا وكل وحصلوني علي جوه

قال الجد كلماته الاخيره وهو علي وشك المغادرة ويلحف عبائته علي كتفه بعدما تركهم في معركه افكارهم وقلقهم .

عفاف مناجيه ربها:" ياتري ناوي علي ايه يا عمي !"

يسر بتلقائيه:" قلبي بيقولي ان جدي مخطط لحاجه كبيره اوي وانا متأكده انها هتكون مفاجئة للكل "

محمد وهو يضع اللقمة بفمه
" مش عارف بس ياتري اي هي ؟! "

اردفت ( ماجده ) في منتصف حديثهم ثم رمقت سليم المنغمس في تناول طعامه بنظرة متحشرجه التي لم يبال لها اي اهميه .. ثم جلست علي المقعد المُقابل له لتشترك في رياح النظرات الطائفة بينهم وكلاهما منتظر القنبله التي سيفجرها الجد الاكبر .

 

" مملكة العتامنه "

قصر فاخر لم يقل عن قصر الهواري بل يفوقه في الفخامة والطراز متجمعة العائله حول مائده الطعام التي تحمل بين طياتها اشهي المأكولات .. تلك العائلة التي توفوا اعمامهم جميعا لم يتبق منهم الا نسلهم وهما احفادها و عمهم ( حيدر عتمان ) الذي يجلس وبداخله براكين من الغضب علي وشك الانفجار .

جالسا وعلي يمينه صفًا من بنات اخوانه وزوجاتهم وعلي المقابل اقصي يساره صفًا من الاولاد والصبيان .

ارتشف كأس الشاي التقيل وهو مستند علي عكازه .
نظرت له ( وجد ) بحنو
- اللي واخدك منينا ياعمى !؟

رفع عينه اليها بنظرة حاده
- عمك عيفكر كيف يرجعلكم حقكم يا وجد .

فهمت (وجد) المغزي من كلمات عمها وسرعان ما اردفت اختها الصغري ( ورد ) قائله
- قصدك الهوارة ياعمى .. صوح ؟!

اومأ حيدر راسه ايجابا .. انخلع قلب ( وجد ) من مكانه فاردف ابن عمها ( فايز ):
" ناوي علي ايه ياعمى .. اظن اننا عطناهم وقتهم وزياده وناصر مرجعش يبقي ايه !"

استجمع العم شتات افكاره قائلا بهدوء
- يبقي جيه الوقت اللي راجح الهواري يدفع فيه التمن .

وقعت السكينه من يد ( وجد ) التي احتل الهلع كيانها
- هتعمل ايه ياعمى ؟! .

اكمل العم كلماته بقوة وهو ينظر الي احفاده
- هنحرق قلب راجح واحده واحده .. ضربتنا الاولي لازمن تكون في مقتل وهي اغلي حفيد علي قلب راجح .

رفع ( ادهم ) نظره الي عمه لبرهه ثم حدق النظر الي وجد قائلا:
- سليم .. ؟

فزع قلب ( وجد ) وتلعثمت الكلمات بحلقها ونزف قلبها قبل عينيها .
ادهم بخبث
- مالك ياوجد .. اتخلعتي كيف اكده .

وثبت ( وجد ) قائمه
- انا نازله المستشفي ياعمى .. سلام .

وعلي الفور غادرت وتركت مجلسهم ليحلق بها ادهم سريعا وهو يركض خلفها
- اضرعتي ليه اكده ياضكتورة ؟!

لاحت بكفها بلا اهميه
- اطلع من دماغي يا ادهم مش ناقصاك .

ابتسم ساخرا
- كل دا عشان حبيب القلب ! هاا احب اطمنك هجيبلك راسه في شوال قريب .

جمدت الدماء في قدمها لدرجه تعوقها من السير والوقوف عليهم وهي تحاول استجماع شتات قواها بصعوبه بالغه .

دفعته من امامه بقوة وصعدت سيارتها بالمقعد الخلفي .. استند ادهم علي باب السيارة قائلا
- علي فكرة طلبت يدك من عمى وهو موافق .. وطلب مهرك راس سليم ولد الهواري ودي حاجه مافيش اسهل منيها ياعروسه.

تجاهلت ( وجد ) قذيفة كلماته ووجهت كلماتها للسائق
- اتاخرنا ياعم (سيد) يلا مش فاضيه للحديت الماسخ دا .

ابتعد ( ادهم ) قليلا
- قولت اخبرك بس عشان تعملي حسابك اصل الموضوع مش هيطول .. كلها ايام ..

تحركت سيارتها وخلفها سيارة حرس اخري وبداخلها مراجل تُقاد .. حاولت الاتصال ( بسليم ) مرارا وتكرارا دون جدوي .. القت هاتفها جنباً وهو تطلق زفيرا قويا
- اووووف ودا وقته ياسليم !

 

" قرار حُسم امره"

اجتمع الاربع اخوه في غرفة الاجتماعات الخاصه بالعائله وبعد مرور قليلا من الوقت كان الصمت سائدا .

عماد وثب قائلا:
" خير ياجدي .. بتفكر في ايه "

وقف الجد مستندا علي عكازه وهو يطوف حولهم بخطوات متباطئة
" كانش ليا نصيب اخلف غير ولدين .. وواحد منهم بين يد رحمن رحيم والتاني ياعالم فين اراضيه .. بس ربنا كرمني باربع رجاله يسدوا عين الشمس .. انتوا سندي وكبار عيله الهواري كلها .. الحمل تقيل عليكم قوي ياولاد عادل "

يستمعون اليه بصمت وانتباه .. ربت الجد علي كتف ( مجدى ) اخاهم الذي يحتل الترتيب الثالث بيهم

" ربيتكم وكنت حريص اني اجعلكم في اعلي المراتب .. عماد كان منصبه عالي في القضاه وسليم دراعي اليمين في الارض والثروه دي كلها .. مجدى السبع بتاعي المهندس اللي شايل هم شركاتي في مصر كلها علي كتافه ووصلها للمستوي اللي هي فيه دلوق .. محمد صغير العيله ودكتورها بس مقامه عالي قوي اللي برغم سنه الصغير قدر يوقف المستشفي علي رجلها هو وصحابه الجدعان "

فرك محمد كفيه بحماس
- خير ياجدي ماتخش في الموضوع طوالي .. ليه المقدمات دي !

- خد نايبك صبر يامحمد بلاش العجله دي .. انا عقولكم اكده عشان اعرفكم اني من غيركم ولا حاجه .. وانتوا من غيري كنتوش هتحققوا حاجه .. انا جمعتكم النهارده عشان قرار كنت مقرره من فترة بس كنت مستني الوقت المناسب ومكنتش حابب اظلم حد فيكم .

اعتدل الجميع في جلستهم باانتباه .. عاد الجد ليجلس علي مكتبه بهيبة ووقار متنحنحا بقوة
- عماد .. سليم .. مجدى .. محمد .
تنهدوا جميعا منتظرين قرار الجد الحازم
تمهل راجح في كلماته قائلا
- اللي عمله عمكم ناصر قوم الحرب بينا وبين العتامنه عارف انكم ملكمش ذنب بس مافيش غير القرار دا اللي هيخليني اطمن عليكم واضمن انكم هتفضلوا معقودين في عقده حبل واحد محدش يقدر يفرقكم .. ومن غير القرار دا ما يتنفذ اي حاجه بعده هتكون زي حته قماش دايبه كل ما نرقع فيها من ناحيه هتتقطع من التانيه

عماد بنفاذ صبر:
" خير ياجدي قلقتنا اكتر "

- سيني اكمل ياعماد ووسع خلقك عاد ..
نظر اليهم جميعا يري حماسهم وقلقهم لمعرفة قراره
- قراري هيبسط ناس فيكم وهيزعل ناس فيكم .. بصوا انا قررت ألم شمل العيله دي .

" كيف يعني ؟!"
اخيرا نطق سليم بسؤال بعد هدوئه التام التي لحقت به عاصفة قرار عاتية

- عماد هيتجوز نورا
ماجده لسليم..
وصفوة لمجدي
يسر لمحمد .
ودا قرار مش هقبل فيه اي جدل .. تقدروا تشوفوا شغلكم ودخلتكم الخميس الجاي .

صاعقة حلت علي قلب عماد وسليم
امطرت فرحا علي قلب مجدى ومحمد

" ينصر دينك ياهواري ياكبير "
نطق محمد كلماته مهللا وهو يريد احتضان العالم بين ذراعيه اخيرا سيتجمع شمله علي معشوقته الصغيره

احتضن محمد اخاه مجدى بفرحه وهو يقفز بين ذراعيه
وعلي المقابل
صاعق كهربي اصاب قلب عماد وسليم تلعثمت الكلمات بحلقهم ونظرا كل منهما الي الاخر بصدمه وذهول .

دايما بيقولوا
" يعملوها الصغار ويقعوا فيها الكبار " ..
بس دايما بشوف العكس
" يعملوها الكبار ويقعوا فيها الصغار "
بقيت معادله صعبه اوي اللي هو نسمع من الاكبر مننا وناخد برأيه وتجربته .. ولا نخبط في الدنيا ونصنع تجاربنا بنفسنا ! .. علي اي حال متحاولش ان اي حد يمشيلك حياتك حتى ولو كان مين .. محدش هيشوف حياتك بعيونك ! ولو فشلت مش هتلوم غير نفسك ودا شعور اهون بكتير من انك تلوم غيرك

كان قلبي يحترق.. بطريقة روتينية، ضمن حلقة يومية، يحترق ثم يحترق مجددًا، لكن الفيزياء هذه المرة لم تنفذ قوانينها، ظهرت القاعدة الشاذة، فالحرارة إما تُصهر المادة، أو تحولها لبخار، أو تُشكل رمادًا تحمله الرياح، أما أنا.. فمن فرط الحرارة.. تحوّل قلبي لكتلة جليد .

كل منهما غائصا في بحر افكاره .. ( سليم ) يجول بسيارته بدون مقصد وهو ينفث دخان سيجارته حتي غرق في سُحبها التى تحرق كيانه من الخارج والداخل .. تأكل النيران في احشائه بدون توقف .

تجوب ( وجد ) بين المرضي بآسي وضيق منشغل عقلها به .. يكاد ان ينخلع قلبها من شده قلقها ورهبتها .. فحب العمر ينهار امامها وهى مكبلة اليدين كشخص فقد كل قوته للمقاومه، تحتبس دمع عينيها بداخلها فظل يغلي فوق مراجل قلبها كما تغلي المياه في قدحه .

( عماد ) غارقاً في بحر احزانه وذكرياته، فقد اخذ ميثاق علي نفسه يعيش اسير للماضي وتحت سطواه وسلاحه فالعيش بعيدا عن زنزانته موت .. موت ينتشله من قلب الحياه .. ذكريات زوجته ومهجة فؤاده ( نيره ) التي توفت بسبب المرض اللعين ( فيروس السرطان ) التي احتلَ كيانها كمحتل خال من الرحمه حتي انتهش جسدها ولم يبق منه سوى روحا سكنت داخله مازال يرتوي بها طيلة الثلاث سنوات الماضية .

 

" بجد يامحمد جدي قال كده "
قالت ( يسر ) جملتها الاخيره والفرحه تغمر بدنها .
استند ( محمد ) بظهره علي الحائط وهو يعقد ساعديه متنهدا بضيق .
نظرت اليه ( يسر ) باستفهام
- انت في حاجه مزعلاك يامحمد .

- مش عارف يايسر .. بس شكل اللي جاي مش خير ابدا .

ربتت علي كتفه بحنو
- ولو .. اهم حاجه هنكون مع بعض يامحمد وقوتنا هتبقي واحده وهنغلب كل حاجه سوا .

- مش قصدي احنا يايسر .. لو عليّ انا فالود ودي اطير من الفرحه .. اقلها مش هيبقي في بوسه خطافي اكده تحت السلم من غير ما حد يشوفنا.

ضربته برفق علي معصمه:" الله ! ماتتلم "
- وانا كدبت يعني ؟!
- دماغك كده مابتفكرش غير في قلة الادب وبس .

غمز لها بطرف عينه قائلا بحب
- طيب وهو في احلي من كده .

نفذ صبرها من استفزازه المستمر تحركت متأهبة للذهاب
- لاا انت حالتك بقيت صعبة قوي وشكلي انا اللي هرفض الجوازه دي .

وقف عائقا لطريقها فقال ممازحا
- كان نفسي اتحداكى واقولك وريني ازاي .. بس احب ابشرك ان جدك مسابش قدامنا مجال للاعتراض حتى .

طافت عينيها قليلا
- طيب انت ايه اللي مزعلك ؟!
هز ( محمد ) كتفيه بكلل
- اخواتي يايسر .. وامك .. واختك (صفوة) دي هتقلب البيت حريقة لو عرفت .

ضربت ( يسر ) جبهتها برفق
- اووف .. انا ازاي مفكرتش في كل دا .. بص هو اللي اعرفه ان (ماجده) بتعشق سليم .
مط ( محمد ) شفته لاسفل
- بس سليم مابيحبهاش !

رفعت ( يسر ) حاجبها قائله بتفكير
- ومجدى بيحب صفوة !
عقد ( محمد ) ذراعيه امام صدره ساخرا
- بس صفوة مابتحبوش ولا بتحب صنف الرجاله اصلا .. دى واحده معقدة نفسيًا .

ثم غمغمت قائله
- مممم وطبعا ابيه عماد ونورا اختي .. زي ماانت شايف .

ابتعدَ ( محمد ) عنها قليلًا ليجلس علي اقرب مقعد في الركن الخاص بهم بجنينة القصر بحيره
- وهو دا اللي شاغل بالي ..

 

وصل ( سليم الهواري ) الي مستشفي (العتامنه) التي تقع في احدي قري محافظة [ قنا ] .. ارسل رساله نصيه ل ( وجد ) علي هاتفها
" انا تحت المستشفي انزليلي حالًا "

سرعان ما التهمت اصابعها الهاتف لتقرأ رسالته بذهول وعيون متسعه وقلب يدق بقوة .. ركضت نحو النافذه لتراه يصف بسيارته امام باب المستشفي .
- يامري ياسليم .. جاي تعمل ايه اهنه ! جاي للموت برجلك .. استرها يارب

عاودت الاتصال به

- سليم ارجوك امشي من اهنه .. انت مش فاهم حاجه .

نهرها بصوته الاجش وبعصبيه
- مافيش زفت .. قدامك ٥ دقايق لو مكنتش قدامي عظيم يمين تلاته هطربقها عليكي وعلي عيلتك كلها ياوجد .

وقبل ان تجيبه كان انهي مكالمتها بدون اي بوادر ..

تجمدت الدماء بداخلها وشُل تفكيرها ولم يبق امامها الا ان تستسلم للريح .. نزعت سترتها البيضاء - البالطو - بعجلٍ ولملمت شتات شملها وارسلت له رساله
" استناني علي الباب الوراني للمستشفي طاب واوعي حد من الرجاله يشوفوك "

بعد مرور عدة دقائق دلفت الي سيارته والخوف بداخلها بلغ ذروته ..

"تقدر تفهمني انت عاوز مني ايييه .. وليه الجنان بتاعك دا ياولد الهواري .. انت مستعجل علي اجلك ياك ! "
قالت وجد جملتها وهي تغلق باب سيارته خلفها بقوة

شرع في التحرك بسيارته دون اي رد فعل منه لتيارات الغضب المنبثقه من بين شفتيها .. ضربت _ تابلوه _ السيارة بكفها بغضب
- سليم انا بكلمك ! وبعدين احنا رايحين فين عندى شغل ؟

ارتفعت نبرة صوته
- وجد .. انا روحي في مناخيري .. ينفع تكتمي .

- مش هكتم ياسليم وانا مش مجبرة اركب معاك اهنه ولا تعاملني كإني جاريه من جواريكم .. ويلا نزلني عقولك .

زادت سرعه سيارته فجاه متجاهلا سُم كلماتها التي اخترقت قلبه قبل اذانه .. بعد مرور عاصفة الثرثرة التي عصفتها وجد بحانبها ومازال متلزمًا صمته ادركت ان مابداخله بركان علي وشك الانفجار .. تراجعت بظهرها قليلا والتزمت هي الاخري الصمت .

وصلا سويا الي مكانهم المفضل علي احدي ضفف نهر النيل .. هبط ( سليم ) من سيارته .. تابعته ( وجد ) بعينيها قبل ماتلحق به .

وقف يرمي احجار صغيره متتاليه في النيل .. بمجرد ان رأته يفعل ذلك تيقنت ان ثمة الامر اضخم من ان يقصها سليم الهواري بلسانه .. اردفت خلفه بخطوات متباطئة ثم احتوت ذراعه بحنان .

- مالك ياضي عين وجد ؟
نظر في عينيها الغزلاني ليبوح عما يحمله قلبه من مراره وضيق ثم اخد نفسا عميقا .
- تعبان قوي ياوجد .

- من موضوعنا ! مش انت قولت مسيرها هتتعدل جيت وتعبت من بداية الطريق ليه ؟!

- دي بتتعقد ياوجد .. وبدال ماكان بينا سد بقيوا الف .

قطبت حاجبيها باندهاش واستدارت بجسدها امامه
- قصدك اي ياسليم ؟

حدق النظر في عينيها كمن يتأمل جزيره مستديره مليئه بالريحان في منتصف عينيها تحاصرها شطي جفنيها .. وتضلل عليها بسحب رموشها .

ساد الصمت لدقائق بينهم حتي ارتمي ( سليم ) بين ذراعيها كالطفل التائه الذي عثر علي حضن امه للتو .. احتوته بين ذراعيها وربتت علي ظهره لتشعره بالامان والدفء ..تنهد في حضنها بوجعٍ كإنه يود ان يتحرر من آلامه المُبرحه بقربها ..

همست في اذانه بحنو
- حوصل ايه ياسليم ؟ متوجعش قلبي عليك .

اغمض عينيه علي جدران قلبها يستمع للحن قلبها حتي هدأ تماما .. ابتعد عنها ثم ابتسم ابتسامه خفيفه
- كنت محتاج لحضنك قوي ياوجد .

اشتعلت النيران بداخلها من بروده اللامتناهي
- وحياة امك ! يعني انتَ مجرجرني علي ملا وشي عشان تقولي كنت محتاج لحضنك ياوجد !

رفع حاجبه ليكمل ثورة استفزازه
- وهو الحب اي غير اني القي كل اللي احتاجه قبل ما اطلبه ..!

وثبت قائمه بانفعال
- انت اتجننت رسمي .. وانا اللي قولت حُصلت مصيبه لكل دا ...

- هو فعلا حصلت مصيبه بس اول مااترميت في حضنك نسيت اصلا حُصل ايه .. وجبل الجليد اللي جوايا انصهر .. انت ساحرة لي ولا ايه ؟!

عقدت ساعديها امام صدرها وهى تحرك احدي ساقيها بنفاذ صبر
- اووف بطل حديت فاضي .. وقولي حصل ايه عااد .. ؟!

وقف امامها قائلا ببرود
- اصل راجح الهواري قرر اني اتجوز ماجده بت عمي ناصر .

- لا والله وانت جايبني اهنه عشان تعزمني علي الفرح اياااك !

- وجد .. عتكلم جد انا، جدي امر انا واخواتي نتجوزوا بنات عمنا ودخلتنا الخميس الجاي .. وانا مش عارف اعمل ايه ...

ابتلعت غصة احزانها ولكنها حافظت علي اتزانها
- اه وجاي لوجد تقولك تعمل ايه ! اقولك روح اتجوزها وحل عن راسي ...

نظر اليها بعيون ضيقة قائلا بخبث
- قال لو حلِت عن راسك هغيب عن قلبك ؟!

هزت كتفيها مصطنعه المشاعر الثلجيه
- طول عمري مقتنه بمقوله الغايب ملهوش نايب ياسليم .. واللي شمسه تغيب عن عينى مايستهلش ذرة حُب ف قلبي .

اجابها متحديا
- الغايب في القلب دايب ياوجد .. واللي عيغيب له كل الوقت والعقل ونسيم الفؤاد ونور العين وغذا الروح .. كيف عتقولي اكده ! هتخترعي حب علي مزاجك اياك ؟!

يضرب قلبها في جدران صدرها بقوة وبدلًا ما تستشعر دقاته تستمع الي ضجيجه تلعثمت الكلمات بداخلها محاوله اخفاء حُزنها
- يعني انت عاوز اي دلوق ؟!

- جيت اخبرك اني هتجوز عشان متسمعيش من الغريب .

- ولما اسمعها منك اكده هغفرلك ؟!

- تنشفيش راسك عاد وافهمي .. هتعقلي ميته انتِ؟
- وانا من يوم ماحبيتك بقي فيِ عقل !

نظر اليها بحب ولهفة عاشق
- يبقي تعقلي اكده وتبطلي جنان العتامنه اللي عينهش في راسك دا ..

- هي حصلت عتشتم في العتامنه قدامي ياولد الهواري !

- ملعون ابو العتامنه علي الهواريه اللي مانعني من النومه في حضنك ياوجد .

انسكبت دمعه من عينيها بمراره مردفة
- سليم عاوزه اروح .

مسح دمعتها بابهامه بحنو
- انتِ عتبكي ليه دلوق ؟

- والله ! افرح يعني ؟!

- طيب اي رايك قولي اه واحنا نهرب من البلد كلها ولا حد يعرفلنا طريق .

- واجيب العار للعتامنه ياسليم اتهوست انت ياك !

- خلي العتامنه ينفعوكي .. يلا انجري قدامي خليني اوصلك ..

شرعت بالتحرك امامه ولكنها وقفت فجاة
- سليم استني ...

نظر اليها بعيون ضيقه ثم اردف قائلا بمزاح
- ايه فكرتي ورجعتي في كلامك بالسرعه دي !

- ياباي منك .. اسمعني بس، ( ادهم ) ولد عمي ناوي يخلص عليك ياسليم ورحمة ابوك وغلاوة وجد عندك تخلي بالك علي نفسك .

اجابها ببرود
- والله صوح هو مخطط العتامنه دلوق يبداوا بيِ طب يلا وانا جاهز .

ضربت قبضة يديها علي كتفه بقوه
- بس ياغبي انت عتقول ايه !.. سليم ماعهزرش عمى ناوي يخلص منك ويحرق قلب جدك عليك .

رفع حاجبه بثقه
- وهيحرق قلب بت اخوه عليّ هيبقي موت تلاته مش واحد .. ودا مش عدل قولي للعتامنه يراجعوا قوانينهم زين عاد .

- ياسليم افهمني وبطل مِقلده عاد .. ادهم ناوي يجيب راسك لجدي في -شكاره- ويتجوزني ...

قهقهه بقوة وهو يحتضن كفها الصغير بكفه ويسحبها خلفه نحو السياره
- اركبي اركبي بلا حديت عيال .. طب اي رايك لهجيبهولك راكب علي حماره وبالمقلوب كمان .. قال يتجوزك قال جاته جنازه مايلاقي حد يمشي فيها .. اركبي اركبي ياوجد ومرقي يومك .

 

الحياة والعمل مثل لعبة الشطرنج تماماً , يجب أن تنظر فيهم إلى المستقبل دائماً وتتوقع ماذا سيحدث لخطوات عديدة قادمة , وللأسف قليلون من يفعلون ذلك ! هم يفكرون في خطواتهم الحالية ولذلك كثيراً ما ينهزمون.

" علي جثتي الكلام دا يحصل "
قالت ( ثريا ) جملتها الاخيره باصرار وحزم

ماجده غمرت الفرحه كيانها تريد ان يكون لها جناحين وتطير في الهواء
" يسر يسر قوليلي تاني اكده .. يعني جدك قال لمحمد بالظبط كده ماجده لسليم "

نهرتها امها بقوة
- ماتهمدي يابت .. مستحيل تتجوزوا عيال ( عفاف ) لو هتعنسوا جنبي لا يعني لا .

قطبت ( ماجده ) حاجبيها بضيق
- لييه اكده ياما وانا هلقي احسن من سليم فين .. دا زين الرجال وبطل كل افلامي ورواياتي ياما .

عقدت ثريا حاجبيها وهي تضرب بكفها علي الكف الاخر
- وتقدري تقوليلي سي سليم بتاعك دا عيشتغل ايه منا مربتكيش ودخلتك كليه الهندسة عشان تتجوزي فلاح ياماجده .

جلست ماجده بجوارها
- وماله سليم ياما يعني جاهل ماهو واخد كليه وكمان دراع جدي اليمين وكفايه ان بت العتامنه عتحفي وراه .. انا مش عارفه اي اللي مش عاجبك في سليم .

- انه ولد عفاف ياماجده .. وكمان بت العتامنه دي بايره لقياش حد يتجوزها فراميه بلاها علي سليم .

رفعت يسر عينيها عن شاشة هاتفها
- زي ماهي عتحب سليم .. سليم عيعشقها ياما .

ماجده بحنق:
" والنبي مالكيش صالح انتِ .. انا هنسي سليم العالم كله بس نتجوزوا "

ثريا بحده:
" وانا قولت لاا .. بناتي مش هجوزهم "

ماجده اوشكت علي البكاء
- هتكسري كلمة جدي يعني ياما !

نورا واقفه امامه النافدة تستمع لحديثهم ولكن ذهنها في عالم اخر ايعقل بعد مرور سنوات اكثر من ١٥ سنه تتمني فيهما عماد حبيبها الاول والاخير وبرغم زواجها وطلاقها .. وزواجه وموت زوجته .. ايكون لعب القدر اخيرا لعبة لصالحها

قطعتهم ( يسر ) بكلماتها التي نهت جدالهم
- تقلقوش دا قرار نهائي ومافهوش رجعه مهما حصل .
قفزت ماجده من مكانها مهلله:
" يسلم فُمك ياسوسو "

اقتربت منهم ( نورا ) وهي عاقده ساعديها امام صدرها
- انتوا نسيتوا حاجه مهمه .

نظروا اليها جميعا باهتمام ثم اردفت قائله
- صفوة .. دي هتولعها حريقة لو عرفت .

اتسعت حدقة عيون الجميع بذهول
ماجده بنفاذ صبر:" اوووف يعني الجوازه هتبوظ! "

 

وصل ( ادهم ) المستشفي عند ( وجد) باحثا عنها بعيون ناريه .. يسأل عليها جميع الدكاتره من يخبره بإنها فالاستقبال واخر يخبرها بانها في غرفة العمليات وكثير من الاجوبة التي لم تدله علي طريقها ..

وصل ( سليم ) ( وجد) امام الباب الخلفي للمستشفي .. قالت له بتوسل
- سليم وغلاوة وجد عندك متجيش تاني ولا تقابلني .

- بلاش تحلفنيني بغلاوتك ياوجد .. المفروض انك عارفه غلاوتك زين فكيف عاوزه تمنعيني اشوفك .

- فترة مؤقتة ياضي عين وجد .. مش احسن ما اتحرم منك العمر كله .

قبلها في راحه كفها بحب
- ان شاء الله العمر كله واحنا سوا ..

ابتسمت بحب ثم دلفت من سيارته وركضت نحو الباب وهي تدندن بفرحه وصلت لغرفة مكتبها وفتحت الباب ومازالت غائبة عن الوعي فوجئت ( بادهم) امامها .. شهقت بصوت عالي واضعه كفها فوق قلبها بتلقائيه
- انت اي اللي جابك هنا .

قام ووقف امامها بثبات
- والله انا اللي المفروض اسال جايه منين ووشك عيغني اكده !

دلفت الي الداخل وامسكت بثوبها الابيض لترتديه
- انا عندي شغل ومش فاضيه للهبل بتاعك دا .. وسع .

قبض قبضته الحديديه علي معصمها ودار جسدها نحوه مهددا
- بت انتِ اتعدلي .

دفعته بقوة
- بت ! شكلك نسيت نفسك يابن ساميه ونسيت عتتحدت مع مين .. احترم نفسك معاي عشان محطكش في دماغي وتبقي انت اللي جنيت علي حالك .

دنا منها بنظرات مقززه ففهمت مغزاهم
- وانا عاوزك تحطيني في قلبك مش في دماغك ياوجد .

ابتسمت ساخرة
- هو انت معرفتش! .. مش الحب مابيطلبش .

اجابها بحده وقوة
- بس بيحتل .. وانا محتل مابرحمش واوعدك في ساحة حربي هكون انا المحارب والقتيل .. محارب لعنادك وقتيل في بحر حبك ياوجد .

- وقلب وجد محصن ياابن العتامنه ومفتاحه مع شخص واحد وبس .

ابتسم ماكرا وهو يفتح الباب
- مانا هروح اجيب المفتاح ورقبة صاحب المفتاح تحت رجليكي يابت العتامنه .

ثم رد الباب خلفه بقوة زلزلت بدنها .

 

يجوب ( مجدى ) غرفته ذهابا وايابا بقلق وتوتر
- ماتقعد ياخي خيالتني .
نطق محمد بكلماته بنفاذ صبر

جلس مجدى بجواره
- قلقان يامحمد من صفوة و رد فعلها .. عمري ما كنت اتخيل اني اتجوزها بالطريقة دي .. دانا لسه كنت بجهز نفسي ودخلاتى عشان اوقعها في شباكى

محمد بتلقائيه:
" ياعالم يمكن مكنش قدامك طريقة تتجوزها بيها غير دي "

- طب تفتكر هي ممكن تعمل ايه ؟!
رفع محمد حاجبه مستنكرا
- مين! .. صفوة بنت عمك ؟!
زفر بضيق:
" متركز معايا كده وسيبك من الزفت اللي في ايديك دا .. ايوه هي .. وفي غيرها يعني ؟"

قفل محمد هاتفه ووجهه حديثه اليه
- والله علي حد علمي انها ممكن تجيب قنبله ولا اختراع من اختراعاتها وتفجرنا كلنا وتبقي ريحت العتامنه مننا ووفرت عليهم كتير .

- اوووف للدرجه دي !
قال مجدى جملته الاخيره بيأس .

- دانا بقولك اقل اوبشن .. وسايبلك عنصر الساسبنس تشوفه بنفسك .. اتقل بس .. هتتفاجئ وكلنا هنتفاجئ .

- طيب متقولي علي حل ؟
فكر محمد قليلا
- انسب حل انك تختفي من البيت لانها مش هتقدر تقف قدام جدك .. فمش هيكون قدامها غيرك تتفش فيه .

حك ( مجدى ) ذقنه بتوتر وقلق
- انا هتجوز الشحات مبروك ولا اييه .. وبعدين ياعم انت بدل ماتطمني بتخوفني .

- مش احسن ماتتفاجئ .. لازم اديك خلفيه عن عيوب ومميزات المنتج .. وبعدين صفوة دي عشره ٦ سنين كليه .. دانا حافظها صم دى كانت سبب في تعقيد دفعه كامله .

- بس انت من الصبح بتقول عيوب ماسمعتش مميزات ولا حاجه !

فكر محمد قليلا
- مممممم مالاقيش فيها ميزه يخربيتها ..

رد عليه باستسلام
- يعني انا خلاص لبست ؟! صلاة النبي احسن .

 

وصلت ( صفوة ) القصر بعد يوم طويل وملل في الجامعه مع غفر الهواري .. صعدت الي غرفتها بهدوء ثم ارتمت بجسدها في منتصف مخدعها وهي تنزع نظارتها الكبيره التي تأكل نصف وجنتيها ..

دخلت اختها ماجده عليها الغرفة فوجئت بها مغمضه عينيها وتلتقط انفاسها باسترخاء .. سألتها اختها بصوت منخفض
- هو انتي لحقتي تنامي ؟!

لم يتحرك ساكن بها .. فاردفت قائله
- ماجده عاوزه انام اقفلي الباب واطلعى .

ترددت ماجده قليلا ثم استجمعت شتات قوتها
- صافى .. عندي ليكي خبر حلو .

- مش عاوزه اسمع حاجه ياماجي الله يخليكي .

فركت ( ماجده ) كفيها بحيره
- مانا لازم اقولك لاني لو مقولتلكيش هتبقي المصيبة اتنين .

اعتدلت صفوة في جلستها وارتدت نظارتها الطبيه .. ركلت ماجده الباب سريعا وركضت نحوها متلهفة لتجلس امامها
- شوفتي مش جدك امر ان انا وسليم هنتجوز .

التوت شفتها بلا مبالاة
- واي اللي يفرح في كده !
ابتلعت ماجي ريقها
- وكمان نورا وعماد هيتجوزوا .
ابتسمت صفوة بسخريه
- كمان ! تاني مصيبه ...

نظرت لها ماجي بتساؤل
- مصيبة ليه بس ؟

- جواز ! وهو في مصيبة اكبر من كده !

اومأت راسها ايجاباً
- آه فيه .. انتِ ومجدي فرحكم الخميس الجاي .

بلا مبالاة
- والله ! ابقوا اعزموني علي الفرح بقي متنسوش يلا قومي عاوزه انام مافيش دماغك لزنك .

- ياصفوة بتكلم جد .. جدك امر ولاد عمك عادل يتجوزوا بنات ناصر والقرار مافهووش رجعه .

رفعت صفوة حاجبيها وقطمت شفتيها بتوعد
- بقي كده ! دا الموضوع بجد بقي يعنى جدك هو اللي قرر ؟!

هزت ماجي راسها بالموافقة منتظرة ردة فعلها

وثبت صفوة قائمة مندفعه نحو الباب بخطوات متعجلة .. ركضت اختها خلفها بسرعة ..
" خدي يامجنونه انتِ .. رايحه فين "

تراقصت ساقين صفوة بعصبيه وزمجرت رياح غضبها وثوران نفسها

- هروح اكلم جدي واوقف المهزله دي قبل ماتحصل .

تشبثت اختها في معصمها
- استني بس اقفي هنا .. جدك مش قاعد .

رفعت حاجبها مستنكرة
- والله ! تمام .. بس سي مجدى اكيد قاعد .

اتسعت حدقة عيني اختها
- انتِ ناوية علي اييييييه ! وماله مجدي بس

دفعتها صفوة من امامها ودلفت الي غرفتها اخذت شيء ما وتوجهت صوب غرفة مجدى وهي بداخلها براكين الشر التي اوشكت علي الانفجار متوعدة له محدثه نفسها بكلمات لم تفهم مغزاها ولكن مابدي عليها من انفعال ان نيرانها ستحرق مدينة باكملها ...

 

تااابع ◄