-->

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الأول


 مقدمة الرواية

اذا مست فتاة كبرياء رجل اما ان يقتلها او يقُتل فيها عشقا، انتصرت صمت عيونها على مسدسه الكاتم للصوت، أمامها قرر أن يخلع عباءة الشرقي المكونة من خيوط التهديد والتوعد إلى متيم لا ملجأ له الا إليها.
الرائد هشام السيوفى و فجر في الرواية الجديدة الحرب لاجلك سلام.
اقتباس من الرواية

لكل فعل رد فعل
رجع ( هشام ) قسم الشرطه مجددا ثم دلف من سيارته صافعا بابها بقوه ارعبتها وهي تراقبه بعيون ضيقه منتظره مصيرها نتيجه مافعلته، فتح بابها ثم رجعت بجسدها للخلف لم يبال اي اهتمام لجسدها المرتجف .. جذبها بقوة من داخل سيارته وهو ممسكا بمعصمها ثم ركل الباب بقدمه وساقها خلفه كما تساق البعير بخطوات اشبه بالركض جعلتها تفقد اتزانها

" والله انت ماطبيعي بقولك سيبني احسن اصوت والم عليك الناس "

اعتصر ساعدها بين كفه وبنبره تهديديه: اخرسي .. مسمعش نفسك احسن انا اللي ادفنك مكانك هنا .
دلف الي قسم الشرطه  الي ان وصل الي مكتب  احد زملائه فتح الباب بقوه دون استئذان وصفعه بقدمه بنفس القوي.

(علي) صاحبه كان واضعا ساقيه فوق سطح مكتبه وينفث في دخان سيجارته متحدثا في الهاتف

(هشام) بحده وحزم وهو يدفعها فوق الاريكه
"البت دي تترمي في الحجز دلوقتي ياعلي "

اعتدل (علي) في جلسته بعدما انهي اتصاله
"مالك بس ياسيوفي باشا هببتت ايه البت دي وانا افرمهالك "
رمقها بنظره ناريه يتوهج منها الشرار
"لا بس ارميها فى حجز انفردي كده .. اصلها محتاجه تتربي من اول وجديد "

(فجر) بانفعال وهي تلوح بكفها نحوه
" انت اكيد مجنون صح! .. انت فاكرها سايبه ولا ايه ياحضرة الظابط هو ايه اصله دا !"
نهرها ( علي ) بقوة: دانتي اللي اتجننتي ياروح امك وكمان بتعلي صوتك علي (هشام السيوفي) دانتي ليله امك مش فايته.

كلامها كان له علقما استجمع شتات اتزانه ثم دني منها للحد الغير مباح حتي اخترقت انفاسه قانون المسافات ملامسه وجنتها
"عند (هشام السيوفي) لكل فعل رد فعل ياقطه .. نفذ يا(علي)"
انهي كلامه بابتسامة ثقة مزقتها (فجر) عندما نزل كفها علي وجنته بصفعه قويه جعلته يقبض كلتا يديه كالقابض علي الجمر واحمرت عيناه بنيران الغضب .. وعلي حدا تراجعت للخلف بجسد مرتعش تترقب رد فعله على جريمتها

تبادلت الانظار بينهم بذهول .. وقف (علي)امام (هشام) لانه يعلم بنيران غضبه القادره علي حرق مدينه .

" خلاص ياهشام ..  ياعسسسسكري .. تعالي ارمي البت دي في الحجز "
قال (علي) جملته وهو يربت علي كتفي هشام الغارق في بحر غضبه واخذت رياح الشر تزمجر من داخله حتي اتي العسكري علي الفور لانقاذ (فجر) من لهيب نيرانه
استجمعت ما تبقي من شجاعتها وتحركت مع العسكري من جانبه ثم وقفت لبرهه هامسه في اذنه بشماته
" مش في قانون حضرة الظابط لكل فعل رد فعل!.. وانا سهلتها عليك علي الاقل تلاقي سبب تحبسني عشانه متشكره كنت شايله هم هبات فين الليله دى ."

استدار بجسده اليها لينقض عليها بعدما مرت علي جروح كبريائه وكرامته بكرباج اشعل بداخلهم نيران الثأر
علي الفور كبل ( علي ) يده صراخا بصوته الاجش بأن يأخذها العسكرى للخارج.

 

 الفصل الأول

حاولت قتلك بالعبث فوق لوحتى فوجدتنى رسمتك بمظهر انيقٍ هيئة ما يتمناك به قلبى دوما .. لو كُنت حلما لرغبت العيش به .. ولكنك للاسف واقع فعلى الفرار منه قبل ما يفر هو منى .. الواقع دائما يتبخر .. ولكنى اليوم احكمت قفل ناقوسى على شبح فرارك ..

تقف تلك الحسناء امام المرآه تتفقد هيئتها المشرقه بشفاه تشقها سيوف الفرحه للحد الذي لم تقدر على اخفائه كأن الشمس قد هلت بشائرها وايقظ الفجر نوارا فااحياها اخيرا بعد اعوام من الركود واليأس والحزن اللصيق بأيامها .. فاليوم حان وقت تجاهل كل هذا لتنعم .. لتجنى ثمار صبرها وردا يملأ ايامها المُقبله ..

تدلت بكفوفها لتحيط خصرها بدلال انثوى وتدور قليلا لترى صورتها المنعكسه فى المرآه بفستانٍ ابيض قمة فى البساطه والجمال لتبدو كفراشه بيضاء تتربع على بساتين الحب ..
 دارت  صوب الباب الذي فُتح بدون انذار مبسق بنفس الطريقه التى اقتحم بها الحب ابواب قلبها .. فاتخذت نفسًا عميقا عندما رأت الطارق وظن املها بقدوم المنتظر فخاب كعادته ..

هتفت رهف بانبهار وهى تتفقد تلك الحوريه
- اش اش اش .. اي الجمال ده يا ديدى ! يابختك يااتش لا دانا هبدا اقر بقي .
قفلت رهف الباب خلفها ثم عادت لخطيبة اخيها التى ستصير بعد دقائق حرمه مواصله حديثها وهى تمسك بكف مياده وتديرها امام انظارها قائله
- اى الحلاوة دى ! دانا هيغمى عليا مابالك هشام ! الله يكون فى عونك ياخويا والله ..

لكزتها مياده بخجل: يابنت انت ما تتلمى ؟! الفستان حلو ؟ مش كده ؟
- الا حلو ده هياكل منك حته ..بجد بجد ياديدى يابختك بهشام ويابخت هشام بيكى .. شكلكم حلووو اووى اوووي .. انا هعيط من كتر منا فرحانه بيكم ..
وضعت مياده كفها فوق صدرها لتُهدأ من ضجيج قلبها متخذه نفسا طويلا باسترخاء ثم اردفت
- لقد هرمنا ياشيخه عشان نوصل لليوم ده ! اخوكى خلانى اعد النجوم فى نص الليل ..

جلست رهف على ( التسريحه ) بخفه وهى تعبث بكل ما تسقط عليه انظارها قائله
-" ممممم معاكى حق والله .. بصي انا عارفه ان هشام اخويا لا يُطاق وتقيل ورخم حبتين لكن والله ما فى اطيب من قلبه .. "
- هو بس يسيبلى نفسه وانا هطلع منه هشام تاني خالص .. بس المشكله اييييييييــ
اردفت رهف مسرعه لتقطع حديثها التى حفظته:

-  بس ايه ! النهارده كتب كتابكم ياهانم خلاص بقي انسي وكلها كام يوم ويتقفل عليكم باب واحد واعملى اللي انت عاوزاه بس اللي ما يزهقش بعدين .
اردفت مهيمه: ازهق من هشام ! انت جرى لعقلك حاجه ؟! هشام ده العشق اللى يتاخد توتل كده بعيوبه بمميزاته .. راجل اتخلق على مقاس قلبى عشان يحبه وبس .. انا بقيت مجنونه بأخوكى ..

- ايه ياستى حيلك حيلك .. مش كده ! راعى مشاعر السناجل اللي زينا ..
ضحكا الاثنين معا .. فتقدمت رهف وبيدها فرشاة الميك اب وتضع لمساتها الاخيره على وجنتى مياده وتتفقد هيئها الجميله بالمرآه لتردف متغزلة بنفسها
- والله قمر يارورو .. خسارتك فى السنجله ؟! هما الشباب عميوا للدرجة دي ؟!
- اه لو مجدى سمعك ؟!

- هيعمل منى بوفتيك .. يلا ادينى سيباه استبن لحد ما القى اللي ينسينى العالم زي ما اتش اخويا عمل فى قلبك ...
تلك اخر جملة اردفتها رهف وهى تضع مساحيق التجميل الورديه فوق وجنتى مياده  حتى دخلت والدتها .. سالى الجوينى امراه غايه فى الاناقه والرشاقه بنت مساعد وزير الداخليه الاسبق وزوجه اللواء (كامل بشير) .. لتتقدم بخطوات ثابته فتحدث صوتا هادئا إثر حذائها العالى و فستانها الاسود القصير الذي يبرز معالم جمالها بحرافيه وشعرها الذي يغطى نصف ظهرها قائله بمرح
- مش كفايه رغى يابنات !

اطلقت رهف صوت صفاره هادئة وهى تتفقدها:
- حضرتك متأكده انك مامت مياده  مش اختها الصغيره كمان ! اى الجمال ده ياطنط .. مممم لالا طنط اى انا هسحب طنط دي خالص .. وانا اقول جمال مياده  ده جيباه منين !
ضحكت سالى على طريقه غزل رهف قائله
- مش هتبطلى بكش يابنت انتِ ..

اقتربت رهف منها لتقبلها وهى تقول
- دى الحقيقه اللى حضرتك لازم تتأكدى منها ..
- حبيبتى ياروفا .. عقبال ماافرح بيك انت كمان ياصغنن !
- اااه ياطنط ادعيلى بقي عشان الموضوع طول اوفر يعني ..
مياده ممازحه: شوف البنت اللى مكملتش 20 سنه بتقول اى !

ردت سالى بثقه: بنات بتفهم .. بنت ياروفا انت كده فى االسليم اتجوزى وانت وصغيره عشان مايبانش عليكى سنك وتلحقى تدلعى .. مش زى ناس كل اللى هاممها الكيان والكارير ونسيت نفسها خاالص ..
- احمم احممم لقد وقعنا فى الفخ .. اى يامامى ماقولتيش رايك فالفستان ..
- طبعا قمر ياعمرى .. الله اكبر عليك .. طيب يلا عشان الناس وصلوا وتحت وكمان المأذون على وصول ..
تشبثت رهف بذراع مياده قائله: انا كمان بقول كده .. يلا خلونا نكتب الكتاب ونخلص منكم ..

يقف امام مرآة المرحاض يتفقد هيئه التى تبدو اكثر وسامه عن المعتاد ولحيته المهندمه التى اعتاد على فوضويتها يربط زرار معصم كُمه ببطء شديد على عكس الحروب الناشبه بجوفه
" اهل الحكمه يقولون أن تُضيء شمعه خير من الظلام .. ولكنه مبدا الكُسالى اصحاب الفراش والبطون الممتلئه ..البحث عن اكتشاف مصدر الضوء افضل من الرضا بقناعه اهل الشمع ...

احيانا يقودنا قطار الايام الى المحطات الغير مقصوده لنلتقى باشخاص غير مقصودين فينفرض وجودهم فى حياتنا كما فُرض علينا اشياء لا مفر منها .. لان ما ترسخ بذهننا انها المحطه الاخيره لا مجال للعوده ولا طاقه للتقدم ..

انت هنا لانهم جميعا يسعدون بمكانتك .. بصرف النظر عن حرائقك الداخليه .. عن كل المشاعر التى يرفضها قلبك .. عن نفورك لحياة مُتت بها قبل ان تحييا .. حتى القطار خدعنى تلك المره والقى بي فى محطتهم التى اختاروها .. فبعد اعوام من الركض سطر التاريخ نهاية الحكايه وهى الاسر خلف سياج التقاليد .. تزوج افضل من ان يفوتك قطار العمر بدلا من تجوز لتنعم بحب الحياه .. وها انا آُسر للمره التى لم اتذكر ترقيمها ".

فاق هشام على صوت طرق ابن عمه الذي هتف بمزاح
- ايه ياسيادة الرائد ده مجرد كتب كتاب كل ده فالحمام .. اومال هتعمل فينا اى يوم الفرح ؟!
بمجرد ما انتهى مجدي من القاء جملته الساخره فتح هشام الباب قائلا
- اتكلم مع القائد بتاعك باحترام يلااه ..
- جرى اي يااتش ما تطلع من بدلة الداخليه وتركز فى بدلة الفرح احلى ولايقه عليك ... ده حتى االلى فات حماده واللى جاي حماده تانى ياابن عمى ..
اشار اليه بسبابته: ينفع تخليك فى حالك .. ؟!
- قلقان عليك بس وبحاول اقدملك خدماتى !

- رجالة السيوفى ياكلوها نية ؟!
- اقسم بالله حاسس انك هتفضحنا .. يابنى افصل بين الشغل اللى عند سيادة اللواء والشغل اللى مستنيك .. مش بيجوا بالاسلوب ده هما !
جز هشام على شفته السفليه وهو يكور قبضته مغتااظا .. فاردف مسايسا
- اومال بيجوا ازاى !
نصب مجدى عوده بثقه وهو يهندم بدلته قائلا
- شوف لكل واحده دخلتها .. بس فى حالتك دي عاوزه المسايسه والصياعه والدلع .. هتعرف تبقي صايع !

ربت هشام على كتفه ساخرا: خصم 3 ايام .. حصلنى ..
- خــ خصم ايه ! يخربيت معرفتك .. دانا عاوز مصلحتك .. يااهشااام خد بس هفهمك متبقاش قماص ..

 فى تلك اللحظه التى غادر بها هشام مكانه متجها لساحه القصر الفارهه سقطت عيناه على مياده  بصحبة اخته واقدامهن تطأ اخر درجات السلم .. فهللت رهف قائله
- ياهشااام .. تعالى شوف عروستك زى القمر ازاى .
لكزتها مياده بخفه لاحظها هشام صاحب العيون الصقريه التى تقتنص اهدافها عن بعد اميال قائلة
- بس متكسفنيش ..

ضحكت رهف متجاهله جملتها وهى تركض صوب اخيها لتعانقه بدفء وحب
- الف الف مبروك ياجمل واحلى رائد فى الداخليه كلها ..
ثم حسبته برفق من كفه خلفها قائله
- يلا سلم على عروستك القمر دي .. والله لو كنت ولد ما كنت هسيبها ابدا ..
احمرت وجنتى مياده خجلا مقاومه نظراتها بان تتأمل ملامحه الحاده التى تُربكها كثيرا مردفه بهدوء
- ازيك ياهشام ..

اجابها برسميه: ااه الحمد لله ..
تدخلت رهف سريعا: اى رايك فى فستانها .. قمر اوى مش كده ؟!
لم يعر اى اهتمام لسؤال اخته فلم يتكرم ويلقى نظره سريعه على ما ترتديه مياده قائلا بسرعه
- ااه اهه حلو ..
لكزته اخته وهى تهتف بهمس من خلف اسنانها المنطبقه: ااايه حلو وبس .. هِششاااام !
- احم .. اقول ايه يعنى ..

اغرورقت مقلتى مياده بدموع الخزى كعادتها فادرك هشام نتيجه رده الجاف .. فاقترب منها متجملا وتعمد ان يلمس خصيله من شعرها ويضعها خلف اذنها قائلا بهمس
- الف مبروك ..
جملة احيت روحها مرة اخرى لترفع انظارها وتتأمله بحب ولوهلة ادرك كم المسافة بينهم اصبح ضئيلا للغايه للحد الذي باتت فيه انفاسه تداعب وجنتيها .. فحركت شفيتها لتتحدث حتى سبقها هتاف رهف مهللا
- المأذون جييييه ...

دار هشام رأسه ليقلى نظره خاطفه على الحركه الادميه بالخلف فعاود النظر اليها ممتنا
- المأذون جيه !
اومأت اجابا وهى تتراجع خطوة للخلف وتفسح له طريقا للذهاب وعلى ثغرها ابتسامة انتصار فرفعت مقلتيها لاعلى
- يارب تمها على خير بقي ..

- قولتى زيرو كام  ؟!
اردف زياد جملته بفظاظه وهو يفتح هاتفه للفتاه التى تقف امامه مرتديه فستانا يصل لركبتيها وشعرها الذهبى الطويل الذي يغطى ذراعها الايمن قائله بدلال
- ما قولتش على فكرة .. !
- أحنا فيها .. يلا قولى ..
- انت غريب اوى ! يابنى انت تعرفنى ! احنا لسه متعرفين على بعض المغرب ..

- ودلوقت الساعه ٩ ! ومع زياد السيوفى ده وقت كفايه انك تقوليلى عنوان بيتكم مش رقم تليفونك .
رمقته بنظرة انبهار  وهى تعقد ساعديها امام صدرها
- غريبه ! انت متأكد انك اخو الرائد هشام !
- تحبى تشوفى البطاقه !
- لالا ياعم صادق .. بس مستغربه بس !
رفع زياد حاجبه متعجبا وهو يتكأ على جذع الشجره خلفه قائلا
- مستغربه ليه !

بد عليها بعض الارتباك حتى اردفت بكلمات متقطعه
- اصل اسمع يعنننى انه قفل وكان مزهق شروق فى عيشتها وكذا مرة يفسخوا الخطوبه وكده  ...
اعتدل زياد فى وقفته وهو يقترب منها للحد الغير مباح
- يخربيته ! والله ما حد مبوظ سُمعتنا غيره .. انا بقول انى لازم اصلح صورة العيله دى قدامك !
ضحكت بميوعه: ازاى ..
- احم .. صلاة النبى احسن .. قولنا زيرو كاام !

- "بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكم بخير .. "
بعض الكلمات إثرها كصواعق تجلد الروح .. دعاء كبله مغلولا فى حياة لم تكن باختياره .. يحدث ان يقف الانسان حائرا بين الطفوله والشباب .. شيئا فشيئا يتحول من طفل متدلل لمسئول يلزمنا عمرا نبحث عن:" لِمَ وكيف واى ريحٌ اتت بنا الى هنا ؟!"

والاجابه لا شيء ف اللاشيء دوما ما اشعر أن الانسان خُلق ليكون فى صراع مع نفسه دائما فعلينا ان نرتضي بمصادفات القدر .. ان نعشق بعضنا بدون هلك فى البحث عن انفسهم وعن وذيول الماضي الطابعه فى ذكرياتنا كوشم لعين يأبى المحو .. والا ينتمى الشخص لاحد غير نفسه .. نفسه فقط .
همس مجدى لرهف بحذر: عقباال كتب كتابنا
ولم يعطيها فرصه للرد فهلل مجدى واصدقائه: الف الف مبروووك ياسيادة الرائد ..
اقتحم زياد مجلسهم إنذالك
- انتوا كتبتوا الكتاب من غير مااكون شاهد ؟!

تدخلت رهف بمزاح: وانت حد متجمع عليك ياعم انت ! كنت فين ها ها ..
لكزها زياد بخفه: وانت مالك يارخمه ...
ثم اقترب  من اخيه ليحضنه
- الف الف مبروك يااتش .. كفاره يااعم !
ربت هشام على ظهره بعنفوان مردفا بصوت مسموع
- عقبال ما نفرح بولادك انت وبسمه !

ضغط هشام على  مشط قدمه بقوة مما جعله يكتم تأوهاته قائلا بهمس
- اتلم ولم دورك يازياد .. سايب مراتك من الصبح لوحدها وشغال تتسرمح مع البت المايعه دى ..
اصطنع زياد احتضان اخيه من الجهه الاخري
- وانت لقطها ازاى ! شغل المباحث ده مش عليا ده انا اخوك .. عشان اعرف اوجب معاك ..
- يبقي تتتتتتتتتلم ...

تدخلت امهم بشياكه: مش كفايه رغى وتسيبنى ابارك لاخوك ...
تبادل الجميع التهنئات والمباركات بين اللواءات واصحاب المناصب العليا وكل منهم كان بارعا فى رسم ابتسامته المزيفه... تجلس مياده مطأطأه الراس منتظرة عودة هشام وحضنه المنتظر الذي طال .. تقدمت رهف بخفه لتسحب اخيها من وسط البدل السوداء المحيطه به قائله بهمس
-حد يسيب الفساتين دى كلها ويجى يقف جمب البدل دى ! هعلم فيك لامتى .. تعالى بارك لعروستك يلااا
- يعنى انت جيبانى من وسط الناس عشان اباركلها ..
- ااه احنا كبنات بنهتم بالتفاهات دى !

جلس هشام بجوار مياده  التى انتفضت بمجرد ما استنشقت عطره المميز .. وبهدوء تقدم كف هشام ليحتووى كفها الصغير ويشعر ببرودته .. فرفعت انظارها المتيمه به مبتسمه .. هم بتقبيل يديها كمن يؤدى وظيفته مجبرا خاليا من اى انتماء او حب الا ان انقذه رنين هاتفه فجاة .. فتوقف حائرا بين المتصل والمهمه الغير مرغوبه .. فسحبت شروق كفها بتفهم
- رد ...

اومىء بهدوء وهو يخرج هاتفه مجيبا
- ايوة ياعلى .. خير !
- انت فينك ياعم الحق مصيبه !
نهض مفزوعا فلحقت به مياده بعد ما شُحنت بفضول لمعرفة هوية المتصل
- فى حاجه يا هشام!
اشار اليها بكفه لتصمت مواصلا استماعه لحديث على المنفعل
- طيب طيب انا جايلك حااالااا ... قولت هتصرف ياعلى ...

( قبل ثلاثة ايام ) ...
ف احد قرى محافظه بنى سويف
صوت مرح يأتى من هُنا وهناك وركض فى الجنينه المظلمه المحيطه باشجار كثيفه وقطة لم تكُف عن نواحها الخافت المُلتاع كأنها تُنذر بخطر لاحقٍ  .. ونداء من صغير يتوج المكان فرحا ..

-" حياة على كف عفريت .. كل لحظه فيها بفارق، اشخاص بوجوه متبدله وأحوال مائله .. بات الحرام مألوفا والحلال شاذا .. الطيب سذاجه والشر ذكاء .. ان تراهم فى العلن ملائكه وفى الخفاء شياطين ..فالكرة الارضيه معمورة باشخاص طبعهم النقص صنعوا من اعصابنا حبالنا ومن اجسادنا كباري يصعدوا عليها .. اشعر بأننى فقدت قدرتى على العيش بينهم، اشعر بإننى اسطر صك انتحارى  "
اخر كلمات كتبتهم خديجه فى اجندتها الصغيره قبل أن تقفلها وتقوم راكضه إثر نداء فارس الذي يمرح بين اشجار الفواكه مناديا عليها ..
- يا ايوب وصلت فين ...

اتى صوته منخفضا مما يدل على بعده عن مكانها قائلا
- انا هنا ياخديجه تعالى ..
تجوب بانظارها بحثا فى المكان المظلم قائله
- يلا عشان نروح .. انت بعدت لييه .. يااايوووب الوقت اتاخر   ..

واصلت سيرها وواصلت ندائها عليه ولكن تلك المرة بدون اى فائده صوته المنخفض انعدم مما زاد ارتباكها وهلعها حتى بااتت كمن فقد عقله وهى تبحث عنه ... و بعد مرور عدة دقائق جن عقلها للحد الذي حال ندائها لصراخ مستغيثه بالخفر بالخارج الى ان انكتم نحيبها إثر يد حديديه وضعت على ثغرها محاولة كتم انفاسها ... تملصت خديجه باشمئزاز بين يدي الملثم محاوله الهرب ولكن بدون جدوى ... ازداد فى قوة حصاره عليها حتى شعرت بخصرها يُعتصر بساعده ..

لم تكف الحياه عن مصائبها بل خلقت من بيننا اشخاصا عكس الطبيعه فهم لم يخلقوا من طين بل هم امتدادا لنسل الذئاب والثعالب فقط .. طباعهم الغدر والعنف دون ان يغمض لهم جفن الرحمه .
نجح المجهول فى وضع شريطا لاصقا على ثغرها وبعدها كبل كفها بعنف فحملها على كتفه نحو جهته المقصوده ...

اوشكت الحرب الناشبه بين الليل والنهار برفع الليل راية الاستسلام لانتهاؤه .. مع سماعها صوت صفير الرياح المتصادم هنا وهناك  ومرور قطع السحاب امام عينيها الهرمتان .. عارية القدمين ، فقد زاد توترها وارتعاش فؤادها مع دقات الساعه الرابعه فجراً و القمر ينحدر رويدا رويدا من الافق لتحل محله شمس يوما جديداً .. شرع اهل القرية بالنهوض وحركاتهم الهادئه وصوتهم الاشبه بالهمس بين المارة  استعداداً لصلاة الفجر.

كانت تجوب بحيره وقلق وخطوات متثاقلة فى غرفتها ثم اقتربت من النافذة حائرة غائصه في اعماق افكارها ونسمات الفجر البارده  تُلامس وجنتيها وتختلط بأنفاسها الحارة النابعة من نيران جوفها  .. رافعة عينيها  للسماء بتنهيده قويه حامله براكين الاسي والحزن
" ياااااااااااااااااارب "
عادت الي فراشها مجددا تلملم الكُتب المبعثره فوقه محدثه نفسها
" وادي كتب (لبني) لازم ارجعهم لها قبل ماامشي .. خلاص يا(فجر) مقدمكيش حل تاني ".

اتسعت حدقة عينيها وهما يتحركان يمينا ويسارا في جميع ارجاء المكان تتأمل جدران غرفتها الصغيره بعيون لامعه حامله بداخلها شلالات من الدموع والحزن اقتربت من اصيص الزرع الصغير ترويه للمره الاخيره بكوب المياه تحدثه بآسف
" عارفه انك هتدبل وتموت بس سامحني انا كمان لو قعدت هنا هموت ومحدش هيحس بيا ".

هَمت بمغادرة غرفتها بخطوات متباطئه حامله كتب رفيقتها علي ساعدها وهي تفتح بابها الخشبي القديم وتغلقه بهدوء دلفت لاسفل وهي تترقب ارجاء المنزل بخوف وخطوات متأرجحه ثم  اقتربت من ذلك الباب الخشبي القديم الذي يحمي بيتهم الطيني المكون من طابقين لينتفض جسدها هلعاً ورعباً لمجرد سماع صوت تلك اللعينة  
" ع فييين العزم يااصاحبه الصون والجمال وانتي لسه الحنه في يدك  ".

قالت (عنايات) طليقة والدها جملتها بنبره حاده وهي تتكأ علي احد جدران الحائط متوعده .. تسمرت ( فجر ) في مكانها تستجمع قواها لبرهه ثم قالت بهدوء
" هروح ادي (لبني) كتبها .. وبعد كده هروح اجيب ميه من البير نشربها قبل ما يتزحم "
" طيب متعوقيش وتعاودي طوالى ياعروسه .. ورانا حاجات كتير نعملوها قبل مااعريسك يجي يااخدك "
قالت (عنايات) جملتها بنبره ساخرة وهي تجلس علي مقعدها الخشبي وتهم بوضع حجر ( الشيشه ) .

اومأت  ( فجر) راسها ايجاباً وتركتها متجاهله سخريتها فوجدت امامها تلك الشخص الضخم الموكل بحراستها عائقاً طريقها بلهجته الصعيديه الجافة
" رايحه فين ؟ .. البيه منبه انك متخرجيش من اهنه واصل "
اغمضت عينيها لبرهه متأففه
" اوووف مش هنخلص من تحقيق كل يوم دا !..هأدي كتب صحبتي .. وبعدين هروح اجيب ميه من البير عشان نشربها .. ممكن توسع عشان الطريق بس "
* طب استني ادي البيه خبر.

" ع بال ما تدي البيه بتاعك خبر هكون انا خلصت كل شغلي .. وسع كده من طريقي"
قالت جملتها بنفاذ صبر وهي تزيحه من أمامها مغادرة  .. شرع بالسير خلفها ليقطعه الخفير الاخر ( مسعود) الذي يدفث الدخان من انفه وفمه معاً
" تعالي اهنه واقعد .. هتروح فين يعني ماهي كل صبح عتطلع وتعاود"
(سيد) وهو يجلس بجواره متنهدا: علي قولتك يلا اهي هانت كلها النهارده ونخلصوا وتتجوز العمده .. بالك لما ربك يفتحها في وش عباده !
(مسعود) وهو يمد له خرطوم الشيشة: اهي كلها ارزاق بتتقسم علي الخلق .

وصلت (فجر) امام منزل متوسط الاتساع يتكون من طابقين ثم طرقت الباب ليفتح لها رجل ذو لحيه طويله اختلطها المشيب مما تعطيه هيبه ووقار قابلها بابتسامته العريضه
" فجر يافجر .. خير يابتي مااالك !"
_ متقلقش كده ياعم (محمد) عارفه انك صاحي عشان الجامع ممكن بقي تدي الكتب دي (للبني) اول ماتصحي .
قطب الشيخ ( محمد ) حاجبيه حائرا: مالك يابتي حد مزعلك !

سرعان ما ارتسمت ابتسامه باهته علي وجهها
" لا ياعم محمد انا بخير ماتقلقش ابقي سلم لي علي ( لبني) بعد اذنك "
ثم تركته في حيرته ودهشته دون ان تبدي له اي رد
ليقول متمتماً: ربنا يسترها عليكي يا ( فجر ) يابتي .

جالسا في مكتبه  متصفحا ملفات القضايا التي امامه ذلك مايدعي ب (هشام السيوفي) صاحب الملامح الحاده القوية والابتسامه الجافه والصمت الدائم مع صلابة عظامه وفتول ذراعيه وعضلاته البارزه للحد الذي اوشك على انفجار قميصه .. ذو البشره القمحاويه واللحية الكثيفة القصيره
ليقطع شروده صوت دق الباب
اذن له ( هشام ) بالدخول: اتفضل !

العسكري: هشام بيه واحد جاب الملف دا ووصاني اديه لحضرتك في يدك .
مد كفه واخذ الملف بعدما ارتسمت علي وجهه معالم الدهشه والتساؤل
" مين ؟.. وبتاع اي الملف دا"
العكسري: مخابرش يابيه
_ طيب اتفضل انت .

تصفح الملف بدقة وتمعن حتي بَدَا علي وجهه علامات الضيق .. القي الملف من يده ثم امسك بهاتفه سريعا يجري اتصالا ما مرارا وتكرارا دون اي رد
ضغط بسبابته علي الجرس، اردف العكسري سريعا بعدما ضرب له التحيه
" اؤمرني يافندم "
(هشام) لم يرفع وجهه من الملف الموجود بين يديه قائلا بصيغه آمرة
" تاخد المفاتيح وتجيبلي عربيتي حالا قدام المركز .. يلا "
انصرف العسكري ثم اجري مكالمه تليفونيه اخري
" مجدي .. هو (صبري مزيون) امتي هيتم تنفيذ حكم الاعدام "..

مجدي بصوت كله نوم: المفروض النهارده يا(هشام) بعد صلاة الفجر .
ليرتجف جسده من مكانه قائما: ازاي !.. مجدي اتصرف الحكم دا لازم يقف المتهم بريء ..واهو كل توقعاتنا حصلت.
نهض مجدى مفزوعا من نوم: فهمني بس يا (هشام)  حصل ايه ؟!
ليجيبه سريعا: مافيش وقت اتصرف، انت اقرب مني وانا هحاول اوصل لحد من المسئولين حالا .
غادر مجدى مخدعه مهرولا  وهم يهم بخلع ملابسه: طيب طيب يا ( هشام ) انا هلبس اهو ونازل ..  ان شاء الله خير .
ظل يجوب غرفته لدقائق ثم امسك هاتفه مجددا يجري مكالمه اخري..

" ايووة يابني معاك الرائد (هشام السيوفي) حولني لمكتب سياده المأمور "
العسكري: للاسف معالي المامور تحت ف زنزانه 9 عشان اعدام المتهم جنايات رقم 802.
نهره بحده وهو يضرب المكتب بقبضته
"اتصرف لازم الحكم دا يقف .. روح ادي التليفون للمأمور بسرعه يلاااااا "
العسكري متلهفا: حاضر حاضر يابيه .

جن جنونه وقف عاجزا في منتصف الغرفة حائرا في تفكيره الذي قطعه قدوم العسكري
" اتفضل المفاتيح يابيه العربيه برا المركز "
اخذ مفاتيحه  وجاكته الجلدي الاسود ليرتديه ململماً بأشيائه
وبصيغه آمرة للعسكري وهو يشير بسبابته قائلا
" تقفل المكتب وممنوع حد يدخله فاهمني ؟!"

ثم خرج من مكتبه  مهرولاً بخطوات واسعه و ثابته علي امل انقاذ تلك الروح التي تُزهق دون وجه حق .. اثناء سيره ف دهليز القسم لم يبال اي اهميه للعساكر اللذين يقدمون له التحيه العسكريه  واخيرا خرج من قسم شرطه احدي قري[ بني سويف ] الي ساحته شاسعة الاتساع توقف بمجرد سماعه صوت رنين هاتفه ردَ متلهفاً
"سياده المأمور .. المتهم بريئ .. حاول توقف حكم الاعدام باي طريقه وا.."

توقف صوت المتصل لبرهه .. ثم اتاه صوت انثوي
" انا ( رهف )  ياابيه .. كنت عاوزه اقول لحضرتك ــ"
 يلفظ انفاسه بسرعه ليجيبها بعصبيه
" ( رهف ) اقفلي دلوقتي مش فاضي لك "

نهضت من مضجعها سريعاً تتحرك يمينا ويسارا تتحدث بصوت اشبه بالثرثره
"يا ابيه اسمعني بس دقيقه .. الاول بس يارب مكنش صحيتك ركز معايا .. (مياده) واخده ع خاطرها منك جامد .. وانا معرفش هي زعلانه ليه بس هي بتعيط وخاربه الدنيا دلوقتي ... فأنا متاكده انك زعلتها .وانت لازم تصالحها .. قولي ليييه ! .. هقولك انا .. عشان المفروض كتب كتابكم يووم الخميس .. وهي لحد دلوقتي مختارتش فستان الفرح .. ومافيش وقت .. وحضرتك لازم تتصرف وتشوف حل ف خناقاتكم اللي مابتخلصش دي  "

هشاام  مقاطعا بصيغه آمره: ( رهف )  افصللي شويه بقولك مشغول مش فاضي لدلعك انتي و ( مياده ).
قرب من باب سيارته _ الجيب شروكي _ داكنه اللون .. وهو ينهي المكالمه دون سابق انذار  في وجه اخته الصغري ويلقي بهاتفه ع المقعد المجاور له .. ثم ينطلق باقصي سرعه نحو الطريق الصحراوي متجهاً الى القاهرة
( رهف ) نفذ صبرها فتحت باب غرفتها راكضه نحو غرفة والدتها..

"يامامي كويس انك صاحيه .. الحقي الفرح مش كل مره يتأجل عشان خناقاتهم التافهه دي .. ماتقولي حاجه بدل ما انا بكلم نفسي كده "
(عايده) جالسه تقلم  اظافرها: وانتي عاوزاني اعملهم اي يعني ! هما حرين انا قررت مش هدخل في خناقاتهم تاني .
(رهف) بنفاذ صبر وهي تضرب الارض بقدميها

" انتو ناويين تجننوني مش كده! .. حرام عليكم بجد .. اخويا عنده انفصام وهي مجنونه وهتجنني معاها وحضرتك ولا علي بالك وزيزو لسه مرجعش لحد دلوقتي انتو لو قاصدين تجننوني مش هتعملو كده "
 (عايده)بلا اهتمام: امشي يابت خشي اوضتك وملكيش دعوة ركزي في مذاكرتك .. وبعدين انتي منمتيش ليه لحد دلوقتي؟
نظرت اليها ابنتها وهي تشطاظ غضباً..

" هو فعلا اللي هيركز معاكم هيتعب اووي .. اووووف ياربي في العيله دي كل واحد فيها في وادي . "
خرجت من غرفة والدتها وغلقت الباب خلفها بقوة .. سارت تتمتم مع نفسها بكلمات غير مفهومه الي ان وصلت غرفتها
ووقفت امام المراه تتأمل ملامحها بإعجاب
" طب وبعدين ف  القمر  اللي عايش علي الارض دا بس ياربي ! "

مرت حوالي نصف ساعه وبدأت الشمس تشرق  لتنير سماؤها .. وتزيح الغيوم المنعقده علي خديها
مازال يقود سيارته بسرعه فائقه اشبه بالطيران
(هشام) متأففا وهو يضرب المقود بقبضه يده الحديدية مسك هاتفه يجري اتصالا اخر
"اووووووووووووف .. ودا وقته ! "
وقعت عينيه علي المرآه يتفاجئ بفاتنه  تبدو في طلتها كشروق الشمس تعلو رويدا رويدا خلف مقعده الضخم محدقة النظر  بعيونه العالقه بالمرآه  بجسد مرتجف وعيون لامعه ممتلئه بالدموع والضعف..

(هشام) بكل هدوء اخفض سرعه سيارته بالتدريج حتي صفها جنباً ثم استدار بجسده للخلف نحو صاحبة العيون الملونه بلون قرص الشمس كإنها اختبئت بداخلهم ذات اللون العسلي الفاتح متوسطة الاتساع .. وانفها  الذي يتميز بطوله قليلا ودقة ارنبته وحدبته في وسطها وشفتيها اللتان تشبها الكريز .. ذات الشعر الكستنائي البني المموج قليلا  كامواج البحر الهاديء المنسدل اسفل شالها..

ارتفعت دقات قلبها وارتجف جسدها عندما رأت نظراته الناريه التي تفتنها بهما ساد الصمت للحظات وكإنه يود استجماع مابداخله من قوة .. ( هشام ) قطب حاجبيه متسائلاً
"انتي مين وبتعملي ايه هنا !"
فرت دمعه من عينيها تسيل فوق وجنتها ببطء وضعت  كفها المرتعش علي مقبض الباب لتفتحه محاولة الهرب من حصار عيناه اللعين وسرعان مافشل مخططها عندما احكم (هشام) قفل سيارته آلياً قائلا بنبره اكثر حده
"مش هكرر كلامي .. انتي مين؟!"..

انتفض جسدها وزاد احمرار وجنتها
"انا فـ فجر .. اسمي فجر "
لم يهتز ساكن بداخله شفقة علي حالتها المسيرة للشفقة
-"وانتي ايه اللي جابك عربيتي؟! "
شرعت ان تجيبه  .. ولكن قطعمها صوت هاتفه
تذكر (هشام) الروح التي تصعد الي خالقها بدون وجه حق
ليرد بلهفه: هااا يا (مجدي) حصل ايييه ؟!
(مجدي) يلتقط انفاسه بصعوبه: الحمد لله ياهشام المتهم حالته الصحيه متدهوره ووقفوا حكم الاعدام وهو حالياً في مستشفي السجن.
تنهد ( هشام ) بارتياح: طب الحمد لله..

* سياده اللواء (نشأت) عاوز يقابلك
_ ساعتين كده واكون عندكم انا ف الطريق .. اقفل دلوقتي
لم يلتفت اليها ثانيا  عاد واكمل طريقه ومن حين للاخر
يختلس نظره خاطفه في مرآته الاماميه  علي تلك التي تجلس خلفه محاولة اخفاء اعينها عن نظراته النارية التي تحمل بين طياتها لهيب من التوعد والغل ..

" اعوان ابليس "
في تلك  البيت الطيني القديم الذي  يتكون من طابقين فقط والثاني الذي يعلو سطحه حزم البوص النباتي المجفف ليقوم من نومه رجلا في سن ال60 من عمره متنحنحاً  مناديا
"ياعناياااات .. انتي يااابت "
اردفت عليه زوجته مهروله وهي تعقد الاشرب علي راسها
"ايوه ياسي (غازي) .. مالك متزربن اكده .. حوصل ايه ياخوي "
(غازي)  يتكأ علي المقعد الخشبي [ الكنبه ]   ويمسك بخرطوم الشيشة
" تعالي اظبطيلي حجر المعسل ديه .. خلي الواحد ياخدله نفسين يعمر بيهم راسه "..

جثت علي ركبتيها وشرعت في تنفيذ ما امرها به
 وهو يسحب نفسا عميقا: الا قوليلي البت (فجر) فينها سامعش حسها لييه! .. متعوده تقوم تغني وتزربنا كل صبح .
(عنايات): وصلت تعبي ميه من البير .. وزمانها جايه نبهت عليها متعوقش.
(غازي) يثني ساقه ويتكأ عليها بمعصمه مفكراً
 " هانت خلاص هتدخل الليله .. وتنقلنا كلنا لعيشه فوق  فووق قووووي يا بت"
جلست بجانبه ثم سحبت نبريج ( خرطوم ) الشيشه متخذه نفساً عميقاً
" على قولتلك جوازها من حضرة  العمده  هيشبرقنا كلنا والله يا(غازي) بت (مديحه) اتباضتلها في القفص  "

(غازي) وهو يكح بصوت مزعج اشبه بجرس الترماي
"انتي شايفاش العز ولا ايه ياوليه .. دا كإن طاقة قدر واتفتحت لنا "
_بقي حد يصدق ان (فجر) تبقي مراة (زيدان نصير) علي سن ورمح انا مش عارفه اي اللي عاجبه فيها .
قطع صوت حديثهم صوت دق قوي علي الباب
" يلي هنا "
شرع( مسعود) بالدخول: ياساتر .. ست فجر لسه معاودتش ؟!
(عنايات) وهي تضرب كف عالاخر: لا ياخوي لسه معاودتش .. روح شقر عليها عند البير يمكن زحمه بعادته .
رحل (مسعود) من امامهم حائرا في تفكيره
" سيد تعالي نمد رجلنا للبير نشوفها عوقت لييه "..

"راس الافعي "
في ذلك القصر المُقام علي مساحه شاسعه يتغلله الحرس من كافة الاتجاهات حول ذلك المبني الضخم ذو الطراز الكلاسيكي قصر (زيدان نصير) ..
رجل يبدو عليه الوقار والقوه والضخامه في عقده السادس من العمر يفتح باب غرفته ويردف منها مصدرا ذلك الصوت المزعج بحنجرته كأن غصه علقت بداخله مرتدي سترته الفضفاضه وجلبابه الصعيدي مستندا علي عكازه الفاخر ..
اقترب من بدايه السلم ليَهُم بالنزول لاسفل
"انتي ياابت .. فيييييييييييين الوكل عاد خلونا نشوف مصالحنا ".

خرجت سيده من غرفتها في عقدها الرابع مرتديه
ثوباً ضيقاً مجسم معالم جسدها
متحدثه باللهجه الاسكندرانيه مقتربه منه بدلال
"ايييييييييووووووووه ياعمده  .. جالك قلب تغيب كل ده عن مووهجه حبيبتك "
(زيدان) تفتنها بعيونه الحاده كالصقر: خبر اي اومال .. اتحشمي عاد وخشي استري نفسك ومرقى يومك.
(مهجه) بدلال : ايووووووه عليك  .. بقا موهجتك حبيبتك موحشتكش .

(زيدان) انحني هامسا في اذانها : مش ليلتك ياموهجه .. ولمي الدور عاد وخشي جوه.
اقتربت منه اكثر وهي تضع كفها فوق كتفه
"شكل العروسه الجديده هتاخدك من حضن موووهجة حبيبتك .. لا انا كده ازعل واجيب ناس تزعل."
(زيدان) متنحنحاََ بنفاذ صبر: احمم يامستقوووووي
ثم ارتفعت نبرة صوته الاجش مناديا ع الخدم
"الوووكل فييييينه ياولاد المحرووووق "

خرجت من غرفة اخري سيده مرتديه اسدال اسود فضفاض وبين اصابعها سبحه اقتربت منهم باهتمام
"حسك عالي ليه ياابو (ايوب) "
(مهجه) قطبت حاجبيها بضيق: اهي ستنا الشيخه وصلت .
(زيدان) نفذ صبره ثم  امسك بطرف جلبابه وهَم بالمغادره
رمقت (مهجه) نظرة ساخره علي (ناديه) واطلقت ضحكه مرتفعه قبل ان تسير من امامها بمشيتها المختالة يميناً ويساراً
ضربت (ناديه) كف علي الاخر
"يامثبت العقل والدين ياارب "

جلس زيدان ع طاولته الفاخره المملؤه بأشهي المأكولات
اتت زوجته الثالثه ( نورا ) تعبء له الطبق وتضعه امامه بعدما ما ربتت علي كتفه بحب
"هنا وشفي ياحج .. مطرح مايسري يمري ياخووي "
(زيدان) شرع في تناول فطاره
"تسلم يدك يانورا"
 أتى (خالد) ابن اخيه وجلس بجواره شرع في تناول طعامه بعجله " خير ياعمي "
يقتسم رغيف الخبز بكفه: خير عليك ياولدي .. هاا جهزت كل حاجه صوح؟

اجابه بحنقه: تمام ياعمي كل حاجه تمام .. الدبايح ادبحت خلاص كيف ماامرت.
(زيدان) بفرح: عال عال .. عاوزها ليله من الف ليله وليله فاهمني يا(خالد) عمك عريس و عاوز يفرح ياولدي .. الليله ليلته .
اغمض ( خالد ) عينيه لبرهه كإنه يحتبس الدموع بداخلهما قائلا في سره: يعني خمس جوزات ومعرفتش تفرح جيت علي البت اللي عحبها في الاخر !
قطع شروده صوت عمه الاجش: عقلك راح فين اومال .. انا عكلمك ؟

اومأ راسه متفادياً نظراته الحادة: معاك ياعمي معاك
( زيدان) قطب حاجبيه: مال خلجاتك متغبرين اكده ليه ؟!
امتعض ( خالد ) قائلا
- ابدا ياعمي كنت بساعد الرجاله بس في الدبيح.
* مممم طب كل كل .. يومنا طويل .

اسدلت الشمس ستائر نورها الدافيء ولا تزل سماؤها ملبدة بالغيوم تارة تحجب اشعتها وتارة اخري تتغلب عليها لتذيب غيمة سحبها
وصل (مسعود) و(سيد) بخطوات مسرعة الي فوهة البئر العميق الذي يحاوطه اهل القريه الصغيره مخترقين صفوفهم باصواتهم القويه قبل اجسادهم
لينهرهم (مسعود): وسعوا كلكم اكده.
تمايلوا الموجودين علي اذان بعضهما متمتمين بصوت اشبه بالهمس
" هما مالهم دول ؟ "

* رجالة زيدان نصير ! اعوذ بالله .. استرها يارب.
واخري تحمل دلوها فوق راسها بعجله بعدما انتابها الخوف من هيئتهم المريبه.
طافت اعينهم في جميع ارجاء المكان .. تقابلت اعينهم سويا بعدما اعتراهما الخوف والتساؤل
" حد فيكم شاف (فجر ) مراة العمده "
قال (سيد) جملته بنبره قويه وهو يرمق نظراته الحاده اليهم
هز اغلبهم روؤسهم بالنفي
قال (مسعود) مغموماً: ماتنطقوا حد شافها ضواحي اهنه ؟

تقدم اليه طفل ذو العشر سنوات ببراءه وهو يشير بسبابته في اتجاه ما  قائلاً
"ابله ( فجر ) مراة العمده كانت عتجري من اهنه علي الطريق السريع "
نهرهه (سيد) بقوه رجت جسده الصغير
" انت عتقول اي يااولد  انت !"

ليكرر الطفل كلماته مؤكدا بحركات كفيه
" والله انا شوفتها بعني عتجري وتتلفت وراها "
امتلأت عينيهم بنيران الغضب مع اتساع حدقتهم بذهول
" البت هربت ياحزين دا هيكون اخر يوم في عمرنا .. تعالي نلحقوا المصيبه دي قبل ماتبعد عن اهنه "
ركضا كلاهما سريعا لتفادي الواقعه التي سقطت فوق اعتاقهم كجمرات من نار.

شبح الوحده لا يثير مخاوف امراة تحررت من قيودها للتو مستنشقه اول نسمات الحريه التي تملأ وجدانها ارتياحاً
كانت جالسه خلفه بثبات محاوله استجماع شتات شجاعتها الى ان وصل بسيارته لمداخل القاهره انحنت قليلا قائله بصوت منخفض
" لو سمحت ممكن تنزلني هنا وشكرا اوي لحضرتك "
كلامها لم يرف له جفن متجاهلا لحديثها تماماً مما اشعل الغضل بجوفها فزفرت بضيق وحنقه
" هو حضرتك مابتسمعش ؟"

هرب اللفظ من بين شفتيها فجأة سرعان ما وضعت اناملها علي فمها معاتبه نفسها
لم يلتفت اليها ولكن تجمد جبينه منذرا بنظره اشبه بالعاصفه  الناريه، اكتفي برفع حدقة عينيه في المرآه الاماميه التي تعكس بريق عينيها جعلتها تصمت وترجع بظهرها للخلف مستنده علي باب سيارته تود اختراقه علي الفور للنجاة من ذلك المعتوه قائله في ذهنها
" هو انا اهرب من زيدان ومراة ابويا !.. اقع مع المجنون دا !.. هتعملي ايه يافجر دي عينيه كلها شرار! .. انا انسب حل افضل ساكته كده لما اشوف اخرته ايه "..


تكاثر الخبر كالفيروس داخل الخلايا الحيه في تلك القريه الصغيره بين اهلها باختفاء عروس العمده التي يُقام حفل زواجها الليله .. جالسا في حديقة منزله يرتشف كأس الشاي وتعلو ثغره ابتسامه عريضه تضيق حدقة عينيه وتبرز تجاعيد وجهه اكثر
- عال عال كل حاجه ماشيه مظبوط زي ماانت مخططلها يازيدان .. وبكده هنبقي ضربنا ٣ عصافير بحجر واحد
قال جملته بصوت مسموع قبل مايدخل في قهقهته المزعجه الممزوجه بسعاله القوى ..ليقطعه احد خفره هائما علي وجهه نحوه..

- ياحضرة العمده .. ياحضرة العمده الحقنا مصيبه
وضع كوب الشاي بجواره ثم اجابه باقتطاب وهو يلوح له بكفه مستفهماً
- حسك عالي ليه كده حووصل اييه
وقف الخفير امامه يلتقط انفاسه بصعوبه ويقول بصوت مرتاب
- الست (فجر) مراة جنابك هربت من البلد كلها و
انقض عليه مذعوراً ممسكاً بجلبابه وهو يرج جسده بقوة
- انت اتهوست يااك كيف اكده يعني اي هربت !

ابتلع الخفير ريقه بصعوبه وهو تحت ايدى زيدان التى غُرست اظافره بجلبابه الهالك:
-  قلبنا البلد عليها بيت بيت ملهاش اتر كإن الارض اتشقت وبلعتها.
احتشد الغضب في صوته وتهجم وجهه وهو يدفع الخفير من امامه بكل قوته ثم لحف عبائته مزمجرا
- البت دي تكون عندي قبل سواد الليل مفهوم والا هشرب من دمكم كلكم ياولاد المحرووق .. يلااا اخفي من وشي
انتفض جسد الخفير وهو يهرول أمامه  متأهبا بالذهاب بخطوات متعجله مسك ( زيدان ) عكازه الخشبي مستندا عليه نحو داره متوعدا بصوت عالٍ
- ماهي مش عيله صغيره زيك تيجي تخرب لي كل ترتيبي .. اما وريتك ياست فجر مابقاش انا زيدان نصير

- كم كان الزمان صافيا ! هواء السماء والارض مشبع بالرضا والحب كل من عليه لا ينطق الا صدقا جميعهم اهل خير
نشبت الحرب بين قلبها وعقلها طوال الطريق حتي اتفقوا اخيرا علي تلك الكلمات التي احتلت آفاقها متأملة ان لا يُخيب ظنها بما اقتنعت به .
تفيق علي صوته الاجش بعدما وقف بسيارته امام احدي اقسام شرطه القاهره بالاخص منطقه (باب الخلق) ينظر لها بعينيه الثأريه بالمرآه قائلا بنبرة تحذيريه
- تقعدي هنا ومتتحركييش فااهمه ! لحد ماأروقلك..

رمقته بنظرات حائره ثم ارتسمت ابتسامه خافته علي ثغرها
- لالا خلاص اتفضل حضرتك وانا همشي ولا كإنك شوفتي .. ممكن تفتح العربيه بقي
زفرت بقوه فقدت املها فى ان تُخرج من فمه ردا مُرضيا .. لم تجد منه اي جواب سوى الامساك بسلاحه وشد اجزائه بصوتٍ ارعبها ثم وضعه في مكانه المعتاد ( خلف ظهره) فنزع جاكته الجلدي الاسود والقاه علي المقعد المجاور..

فتحت الباب خلفه سريعا وشرعت ان تحرك شفتيها للتحدث امسك ذراعها بقبضته الحديديه وهو يعض علي شفته السفليه متوعدا، جذبها خلفه بقوة ودفعها داخل سيارته  علي المقعد المجاور له بغل وعيون ملتهبه بنيران الغضب
فزعت لتصرفه المريب بنفاذ صبر: انت بتعمل ايييه !؟
ركل بقدمه باب السياره ولف نحو الباب الاخر فجلس بجوارها باحثا عن شيء ما انتفض جسدها اكثر وطافت عينها يمينا ويسارا علي حركاته العشوائيه
- طيب حضرتك بتدور علي ايه؟

اخذت رياح صوته تزمجر من جديد عندما وجد ما يبحث عنه .. اتسعت حدقة عيونها عندما رأته ممسكا بالكلبشات الحديديه يكبل كفها  الصغير متصلا بمقود السياره جن جنونها واشتعل غضبها الذي يُزاحم خوفها بدواخلها وهي تشد كفها المكبل بذهول
- انت مجنون .. انت بتعمل اييييييه! هو انا مقبوض عليا !
 التقط انفاسه سريعاً  ثم فتح ( تابلوه السياره ) ممسكا ببعض الاوراق في كفه يشير اليها بسبابته قبل ما يختفي من امامها
- تقعدي هنا زيك زي الكرسي نفسك مايطلعش .. فاهمه  .

_ ماله دا ! هو جري لعقله حاجه ؟!
نظرت الي كفها المكبل ثم اطلقت زفيرا قويا راجيه ربها
- اووووف ياااااربي اعمل اي بس في المجنون دا .. هبب اى انا دلوقتى
وصل( هشام السيوفي ) ذلك الشخص الذي لايخشي في الحق لومة لائم الي مكتب سيادة اللواء( نشأت) بخطوات متزنه ثابته حد الهدوء التام .. وقف اللواء (نشات) للترحيب به
- اتفضل يا( هشام ) .

جلس علي المقعد المجاور وهو يقدم له ملف بداخله بعض الصور والاوراق
- الورق دا حد بعته لي الصبح .. والصور اللي جوه الملف  تثبت ان ( صبري مزيون ) مقتلش ولا العربية كانت بأسمه ولازم ملف القضيه يتفتح تاني معاليك زي ما سبق وقولت
فحص اللواء محتوي الملف
(هشام) بقلق: حضرتك شايف ايه !

اللواء بتفكير : شايف ان المتهم الحقيقي لسه متعاقبش ..
هشام بلهفه وهو يدق سطح المكتب بانامله برفق
- يافندم ملف القضيه دى لازم يتفتح تاني .. انا متأكد ان (صبري) دا ماقتلش اضعف من انه يتاجر فالممنوعات .. والورق في ايدين حضرتك يثبت كلامي
اللواء باهتمام : تمام .. تمام يا(هشام) اوعدك اني هشرف على القضيه بنفسي ولازم اوصل المعلومات دي للسلطات العليا .. العدل لازم ياخد مجراه.
تنهد (هشام) بارتيااح : تمام يافندم .. وانا اوعدك هفضل ورا القضيه دي لحد مااجيب القاتل باايدي.

- نيران حواء
جالسه في مكانها مغلوبه علي امرها محاول فك الكلبشات والبحث عن مفاتيحها في صندوق السياره ازداد رنين هاتفه بصوته المزعج مسكته بنفاذ صبر لتكتم صوته الاشبه باجراس عربيات الاسعاف قائله باغتياظ
- اوووووف هي ناقصاك انت كمان .. انا اي اللي وقعني مع المجنون دا بس ياربي .. انا لازم اهرب من هنا  قبل مايرجع كان مالي انا بالورطه دي بس
عاد هاتفه يصدر صوتا اخرا .. امسكت به متوعده.

- طب والله عشان الكلبشه دي هرد .. حد فهمه اني متهمه عنده البني آدم دا !غريب اوى !
وجدت اسم  مياده  على الشاشه ...
(فجر ) بضيق وهي تضع الهاتف علي اذنها: اييوووه نعممم ميييييييين ؟
تجمد جبين ( مياده) ثم عاودت النظر مجددا في شاشه هاتفها لتتأكد من صحة الرقم
- انتي مين وفين هشام؟
فجر بتساؤل: (هشام) مييين ؟.. اه تقصدي الظابط اللي انا ف عربيته اسمه (هشام) يعني !

(مياده ) بنفااذ صبر: ايييييييييييه ! انتِ مين وايه جاب تليفون هشام عندك .. انطقي؟
 نظرت لكفها المكبل بالكلبشات  ثم زفرت بقوه ف سرها متوعده
- طب عليا وعلي اعدائي عشان تكلبشني زي المساجين كده
ثم قالت في ثقه
- انا مراته وانتي مين بقي!

لتردد في سرها راجيه ربها وتشفى غليلها : يارب تكون مراته يارب ياارب واكون اخدت حقي
اتسعت حدقة عيني (مياده ) كأن غصة علقت في حلقها
- مراة مين يابت انتي! .. اجري ناديلي هشام قوليله (مياده) هانم عاوزه تكلمك
 ( فجر ) لم ترد الجواب بعد ولكنها اسرعت بإنهاء المكالمه
معاتبة نفسها.

- يانهارك اللي مش فايت يافجر ! .. انتي اتجننتي ازاي تتكلمي كده ؟.. افرضي كانت مراته بجد ! .. كده بوظتي له حياته كلها! .. هو اصلا متكبر ويستاهل  .. عشان يجرجرني زي البهيمه كده تاني ... اووووف وبعدين الزفت دا بيتفك ازاي ياربي .. اهرب من سي زيدان زفت  .. البس فى سي هشام دا كمان  
《《 عندما تريد معاندة القدر .. وتهرب من قدر انت عالم بمصيره الي قدر مجهول الهويه .. ايهما افضل .. الاستكمال .. ام الوقوف علي حافه الهاويه .. علي امل ان تأت الرياح عكس الاتجاه .. فتنقذني من الاصطدام بقاعها 》》

- الاتفااااق
لازال مرتديا ثوب الصمت لا يُحرك عيناه الا بعد تفكير استغرق بضعة دقائق متنهدا
- يعني حضرتك تقصد مانجبش سيره عن الاوراق اللي معايا .. ونقدم اسباب وقف تنفيذ حكم الاعدام لاسباب صحيه خاصه بالمتهم
اللواء ( نشأت ) باهتمام: بالظبط ياهشام واحنا كمباحث بطريقتنا هنلاقي المتهم اللي حاليا مطمن وفاكر انه هيفلت بعملته .
(هشام) اومأ رأسه ايجاباً: تمام يافندم .. ولو تسمحلي القضيه دي قضيتي م الاول وانا اللي لازم اكملها للنهايه..

اللواء يضع حدا للنقاش مشيرا بكفه بالتمام: هثق فيك يا (هشام ).. بس مش عاوزين شوشره .. زي مابيقولوا شغل علي ميه بيضه.
نهض سريعا متأهبا للخروج : اوامر معاليك يافندم .. ان شاء الله في اقل وقت هنكون وصلنا للمتهم الحقيقي.
سياده اللواء مقاطعا لحديثه
- استني هنا انت مش فرحك الاسبوع الجاي علي بنت اللواء كامل بشير
هشام ابتسم قليلا: المفروض  يافندم .. لو الحكومه معندهاش مانع .

ارتسم ابتسامه عريضه علي ثغره
- يبقي تسلم القضيه لحد تاني ياعريسنا وتفرحلك شويه بقي شغل المباحث مابيخلصش
(هشام) حسم قراره الغير قابل للجدل
- هو مش معاليك قولت عاوزين نشتغل علي ميه بيضه واظن دا انسب وقت اشتغل فيه والعيون بعيده عني
ابتسم معاليه ابتسامه فخر بذكائه
- كل يوم ثقتي فيك بتزيد عن اليوم اللي قبله يا(هشام) .. وفعلا اللي خلف مامتش سايب صقر وراه
(هشام ) تنهد ثم ابتسم ابتسامه امتنان
- الله يرحمه .. اي اوامر تانيه معاليك ..

اللواء مؤكدا لكلامه: بدون شوشره يا(هشام) فااهم انسي شغل امن الدوله بتاعك دا وافتكر انك ظابط مباحث دلوقتي .
اومأ بالموافقه ثم وثب قائما يتذكر تلك الملقاه ف سيارته متوعدا لها
- هستأذن انا معاليك يافندم .. بعد اذنك

- المواجهة
خرج من المكتب محاولا اخفاء انفعالاته المكبوته الى أن اقترب من سيارته.. ارتبكت فجر بمجرد ظهوره امامها كمن رأى جلاده.. اصبحت مرتبكة للغايه كالطفله المنطويه حتي ان اصابع قدميها تكوروا داخل حذائها القديم المتهالك مع ارتعاش جسدها خوفا وهلعاً من نظراته الناريه ابتلعت ريقها محاوله اخفاء ضعفها .. تلك المرة الاولى التى تهاب فيها رجلا ..

فتح (هشام) سيارته وجلس بجوارها متكئا بظهره للخلف  .. دافثاً وجهه بين كفيه رمقته بنظرات تعجب واستغراب وبعد مرور عدة دقائق استجمع فيهم هدوئه وثباته
نظر لها من بين اصبعيه بعين واحده وجدها تراقبه بعينيها اللاتي تشعا خوفاً ورعباً
اعتدل في جلسته محمحما وهو يضع يده خلف ظهره ليخرج سلاحه ويضعه فوق التابلوه
- هااا بقي وانتي اي حكايتك
فجر ابتلعت ريقها.

- ممكن تفكلي الكلبشات دي الاول .. انا مش متهمه عند حضرتك
مط شفته لاسفل وبنبرة عاليه رجتها: ووجودك جوه عربتيتي دا تسميه اايييه  !
 التزمت الصمت وتراجعت بجسدها للخلف وهى تطيل النظر بثوارنه .. نهرها بصوت اجش اشبه بالذي قبض الجمر بين يديه
- منا مش بسألك عشان تسكتي يااروح امك
ذرفت عينيها بالدموع.

- لو سمحت ممكن تفكني واوعدك مش هتشوف وشي تاني
هشام فرك جبهته بانامله
- طلعي بطاقتك ؟!
لم يلق جواب منها بعد سوا حركه راسها يمينا ويسارا ودموعها التى حفرت وديانا على وجنتيها
عض علي شفته السفليه وهو يشطاظ غضبا منها محاولا تمالك اعصابه
 طيب بلاش بطاقتك.. ركبتي عربتي ازاي وامتي ولييه ؟
احتشد الخوف في صوتها قائله.

- كنت عاوزه اي مواصله توصلني لمصر عشان اهرب من ظلم مراة ابويا وجوزها .. وملقتش قدامي غير عربيتك ...  حضرتك يعنى اركب فيها .. عشان تحميني منهم ..
(هشام) حدق النظر بعينيها وهو يشعل سيجارته متخذا نفسا طويلا منها ثم زفره بقوه مما جعل وجهها غرق في سحب نيرانه ليقول ممتعضاً
- انتي عبيطه يابت ولا بتستعبطي .. انتي مش عارفه بتتكلمي مع مين ؟!

شدت كفها من قبضه الكلبشات اللعينه قائله بتوعدا
- بقولك نزلني احسن اصوت والم عليك الناس واقول خاطفني
فى لمح البصر تناول سلاحه وصوبه  رأسها مهددا: كلمه تاني هفجر دماغك.
تلاقت عينيه بعيونها المنتفضه المذعوره لوهله فشعر بسيال كهربي من المشاعر اقتحمه دفعة واحده .. تجاهل حروبه الداخليه و رجع سلاحه في مكانه واعتدل في جلسته متأهبا للقياده ومازال كفها عالقا بمقود سيارته
ابتعد عن القسم قليلا.

(فجر )بنفاذ صبر: بقووولك نزلني .. الله ! انت مش بتفهم ليه؟
وقف سيارته فجاه جانب الطريق .. واخرج مفاتيح الكلبشات من جيبه واخيرا حرر كفها ..تأوهت قليلا وسرعان مادارت بجسدها واضعة كفها ع مقبضه الباب لتفتحه
جذبها من معصمها حتي ارتطم ظهرها بالمقعد الجالسه عليه وبذراعه الاخر قفل الباب الذي فتحته
- هاا احكي هربتي ليه من مراتي ابوكي وجوزها .. سامعك
(فجر) معانده: حاجه متخصكش ..

هشام ساخرا: متخصنيش ازاي وانا متورط معاكي في قضية تهريبك .
 رمقته بعيون دامعه على كفه القابض علي معصمها بقوة
فهم (هشام) ماترمق اليه وبتلقائيه ابعد كفه عنها وبنفاذ صبر
- هااا احكي !
نظرت له بعيون راجيه متوسله
  سيبني امشي ممكن! .. وشكرا علي تعبك وانا مكنتش قاصده اورط حضرتك ولا حاجه .

(هشام) احمر وجهه بعصبيه وجز علي اسنانه وارتفع صوت انفاسه المتتاليه متوعدا
- مافيش زفت  انجزي .. والا ورحمة ابويا ارميكي في الحجز دلوقتي
نظرت له بعيون دامعه رأي فيهم نظرة تائهه تحتاج لمن يرشدها للطريق ينقذها من عتمة الظلام
هدأ من روعه قليلا: هاا سامعك قولي
 وبدات تروي عليه قصتها حتي تتخلص من نظراته الناريه.

- ابويا لفت عليه واحده اسمها (عنايات) وخدته من امي .. امي صممت علي الطلاق لما اتجوزها واطلقت .. كنت ٨ سنين وقتها ..  لما كان عندي ١٨ سنه امي ماتت آخر يوم امتحانات ٣ ثانوي روحت اعيش مع ابويا اللي رفض يوديني الجامعه عشان مصاريفها كتيره عليه .. وللاسف  اتقبض عليه من ٣ سنين  .. مراة ابويا اطلقت اتجوزت بعد العده من واحد اسمه (غازي) وطول السنين دي وانا عايشه اخدمهم استحملت وعشت في بيت ابويا مكنش ليا مكان غيره
هشام بعدم تصديق: حلو السيناريو دا  مع اني مش مصدقك!  بس جايه تهربي دلوقتي ليه؟! .. مهربتيش ليه من زمان.

ذرفت دمعه من عينيها سالت علي وجنتيها  
- والله كنت مستحمله وراضيه بس هما اجبروني اتجوز من من واحد اد ابويا عشان الفلوس وهو متجوز 3 وانا الرابعه و__
هشام باهتمام: سكتتي ليييييييييييييييييه كملي
ابتلعت فجر ريقها: فرحي النهارده مكنش قدامي حل غير اهرب علي مصر واشتغل اي شغلانه هنا .. ولو ركبت من الموقف رجالته متنطورين ف كل حته مكنش قدامي غير عربية حضرتك والعسكري بيركنها قدام المركز .

انخلع قلبها من مكانه عندما رمقها بنظرات يتوهج منها الغضب
قطعهم سماع صوت رنين هاتفه
انحني باحثا عليه .. انتفض جسدها خشية من ان يكشف امرها ويعلم بمصيبتها بعدما نجحت فى الانفلات من شره
- فين موبايلي!؟
(فجر) بارتباك: معرفش .. ممم هنا .. لا لا مشوفتوش
شك ف امرها ... ثم انحني قليلا ممسكا بقدميها ليدفعهم جنبا يبحث تحتهم الي ان وجده
- ايوة يارهف انجزي .. حصل ايه! .

(رهف) بنفاذ صبر وثرثرة وهي تجوب بخطوات سريعه:
- يالهووي ياابيه انت كمان اتجوزت علي ( مياده) .. طب اجوزها هي الاول طيب ومادام اتجوزت معزمتنيش ليه علي الفرح
(هشام ):ف ايه يارهف .. ومالها مياده؟!
ضربت جبهتها بكفها.

- شوف يابيه كان عندي امل انك تصالحها .. بس بعد اللي عرفته عنك فتحت ع نفسك ابواب جهنم  وغير كده اخووك الدكتور بتاعنا ولا علي باله مقييم في المستشفي مابنشوفش وشه مافيش غير مصايبه اللي شغاله احل فيها ليل نهار انا خلاص تعبت منكم بقولكم اى ما تجوزونى
زفر بقوة قائلا
- بطلي رغي ع الفاضي .. اهدي بس وفهميني مالها ( مياده) .

وقع الاسم علي اذان ( فجر ) كالصاعقه التي رجت كيانها دارت سريعا لتهرب من حصاره في ظل انشغله بهاتفه
فتحت باب سيارته  ..للتفاجئ  بقبضته الحديديه علي ذراعها جعلتها تتسمر في مكانها والقي عليها نظرة تحذيريه ناريه
عقدت ( رهف ) ساقيها في منتصف فراشها محتضنه دبدوبها.

- اصلها اتصلت بيك من شويه وفى واحده ردت عليها وقالتلها انها مراتك وبس ! .. يلا اتصرف ياابيه انا خلاص عزمت كل صحابي ع الفرح ومش هلغي العزومه للمرة التالته اتصرف والا هموتلكم نفسي .. هموت والبس الفستان الجديد ياناس حسو بيا .. المهم ياابيه قولي انت اتجوزت صح! .. طب مين هي مش تعرفني عليها طيب  .. دانا حتي اختك من زمان يعني وووو.

بدون مقدمات انهي المكالمه .. (رهف) مازالت مكمله حديثها طويلا الا ان اقتطب حاجبيها وزمت شفتيها عندما نظرت الي شاشه جوالها
- اوووف عمره مايقولي سلام زي البني ادمين .. عملتو ايه انا لسه بكوون ياادوب هنطق بيقفل في وشي
استدار (هشام) اليها بجسده والشراسه تحتل حدقة عينيه
- انتي ردتي ع تليفوني!؟
تراجعت بجسدها للخلف ثم هزت راسها يمينا ويسارا بالنفي، ثم قبض علي معصمها بقوه
- وكمان قولتي انك مراتي! .

ارتفع صوت انفاسها المتتاليه وارتعش جسدها قائله بتوتر
- لا .. آآه .. لا محصلش
رفع حاجبه ماكرا ثم عاد النظر الي شاشه هاتفه باحثا عن شيئا ما لتتفاجئي بسماع مكالمتها الصوتيه
وضعت كفيها علي فمها بتلقائيه مع اتساع حدقة عينيها اللتين اغرورقتن بالدموع
لتقول بصوت متقطتع: ماهو اصلوو يعني هفهك __
ليقاطع حديثها عندما القي نحوها نظرة الثعلب الحذر حين تأتي اللحظه المناسبه لينقض علي فريسته
عض هشام ع شفته السفليه  متوعدا وهو يقود سيارته افهممم اييييييييييييه دانتي ليلتك سووووووووده

- شجار الاخوه
واقفه في المطبخ تعد مج من النيسكافيه متمتمه بأغان غير مفهومه، ثم استدارت  بجسدها ممسكه  بمقبض الغلايه الكهربائيه وسكبت محتواها بداخل المج .. شرعت في تقليبهم محدثه نفسها اثناء تذوقها
- ياسلام عليكي يابت ياروفا .. احسن واحده تعمل نيسكافيه فيكي يابلد .

خرجت من المطبخ بخطوات متمهلة وهي ترتشف مشروبها الساخن بانسجام كإنه مخدر حلال يهدأ اعصابها، اقتربت من السلم لتصعد الي غرفتها ولكنها توقفت علي صوت فتح الباب الحديدي  فتقول مهلله
- الدوك بتاعنا اخيراً تنازل وتواضع وتكرم وقرر يطل علينا طلته البهيه .. عاش من شافك يادكترة .

ركل الباب بقدمه وهو يحمل علي معصمه سترته  فالقي مفاتيحه علي المنضدة اقصي يسار الباب ليقول متأففاً.
- ياانهار رغي !.. يابت افصل والله مصدع مافيش دماغ لزنك.
قطبت حاجبيها 111 متحدثه بمسايسه اشبه بالثقه
- اقولك اي احترمني كده عشان جايبالك شويه اخبار من وش القفص .
دني منها واخذ مج النيسكافيه من بين حصار راحتها ليتذوقه ثم رفع حاجبه  قائلا
- مش حلو خدي خدي وبلاش البصه دي ..

خطفته من يده سريعاً
- احسن بردو .. المهم تعالي احكيلك شوفت اللي حصل واللي جري ؟
عقد ساعديه امام صدره متكئاً علي درابزين السلم
- لا مشوفتش .. قوليلي اي اللي حصل واللي اتنيل و جري !
جلست علي احد درجات السلم ثم ثنت ركبتيها واتكأت بمعصمها عليهما ساخرة.

- طبعا وانتي هتعرف منين! واحد مقضي حياته كلها بنات ف بنات .. يازيزو ارحم امي ياجدع انا مش كل شويه واحده تدخل تكلمني تشكيلي منك .. اقولك اعملي بلوك وريحني أو احذف Relationship اللي ما بينا .
لحف ( زياد) سترته علي كتفه بنفاذ صبر قائلا
- لا انتي شكلك فاضيه بقي وسعي كده خليني اروح انام.. انا مطبق ليا يومين .
ارتفعت نبرة صوتها سريعا
- استني بس اقولك علي المصيبه اللي حلت فوق دماغنا مش اخوك سياده الرائد طلع متجوز! .

نظر لها بعيون ضيقه متسائلا
- ومحدش عزمني علي الفرح لييه؟
زفرت بضيق وحنقه
- ماهو دا اللي مطير برج من دماغي .. يعني خطب مرتين وفشكل وقولنا مافيش نصيب !.. ممرمط الغلبانه اللي استحملته طول السنين دي وقولنا هبله وبتحبه تشرب بقي.. انما  يتجوز من غير مايقولنا هنا بقي
 (The secret is hidden ).

وانا مصيري هفضل وراه لحد مااعرف ايه اللي مخبينه عليا في البيت دا ياولاد السيوفى ..
مسك جبهته متأوهاً
- اقولك حاجه احسن ؟
لتجيبه بتلقائيه وهي تبرم الكوب بين كفيها
- ياريت  
شرع ( زياد ) في صعود درجات السلم بخطوات متثاقلة
- انتي لو فضلتي علي حالك دا .. استهبال ودلع ومناخيرك اللي مدخلاها في كل حاجه دي..  هتسقطي !
لتجيبه ساخرة.

-  علي اساس ان السنه اللى فاتت كنت من اوائل الدفعه ! اتلهى
القي سترته علي ظهرها بنفاذ صبر مما جعلها تتأوه ضاحكه
- بطل هزارك البايخ دا ياعم انت .. كله ضرب ضرب كده!
اكمل طريقه لاعلي قائلا
- اومال ماما وبسمه فين مش سامع لهم صوت ؟!
ضاقت حدقة عينيها بخبث
- وانتَ بتسأل علي ( بسمة ) ليه بقا .. ها قول قول.
 نظر لها مستنكرا
- ماهي لو قاعده مكنش زمانك فاتحه التحقيق دا معايا !.

قامت سريعا وركضت خلفه بثرثره
- اه صح عندك حق .. هي سافرت بلدهم امبارح وسابتني .. وطبعا انت ليك ٣ ايام محدش يعرف عنك حاجه فطبيعي متعرفش هي فين .. اصل عمها اتصل بها وقالها تعالي عشان فرح ابنه النهارده .. اما ماما بقي ياسيدي نزلت من الصبح بدري علي الشركه .. عارف ليه هقولك اصلها هتمضي عقد مع شركه اجنبيه هما عليهم الديزاينر وماما عليها التنفذ بمقابل فله ...

وصل سويا الي باب غرفته ليضع (زياد) حدا -لبوتجاز الرغي-  الذي اشتعل بداخل فمها مشيرا بكفه
- بس ايييييه ! افصلي يابابا لوكلوك لوكلك مابتصدعيش عضلة اللسان عندك مابتوجعكيش ؟!
قطبت حاجبها مصطنعه البراءة
- للاسف ربنا خلقني باخد بالي من ادق التفاصيل.. هتعترض على خلقة ربنا  ياخي !
دلف الي غرفته وصفع الباب في وجهها بقوة مما جعل جسدها ينتفض قليلا
- ع فكره يادكتره مش اخلاق اخوات دي خالص

قالت جملتها بضيق وهي تضرب الباب براحة كفها
تجاهل تام من اخيها الذي القي بجسده في منتصف مخدعه خالداً في سبات عميق.

- انقلاب القريه رأسا علي عقب
انتشر جيوش (زيدان نصير) في جميع انحاء تلك القريه صغيرة الاتساع كأسراب الجراد المتجمع علي حقل سكر لنجره، هائمين علي وجوههم خشية علي حياتهم من الموت الذي يلقي علي عاتقهم من ذلك الرجل الفظ .
تقدم وخلفه حاشية  من الرجال الذين اقتحموا بيتها الصغير
ارتجف جسد ( غازي ) وقفز الرعب بداخله وهو يُقدم له التحيه
- جناب العمده .. اتفضل اتفضل حلت علينا البركه .. ممم بس هو في ايه ؟

نكزه ( زيدان ) بمؤخرة عكازه في كتفه بقوه جعلت جسده ارتطم بالارض متالماً، ندبت زوجته علي وجهها ثم جثت لتربت علي كتفه صارخه
- غاااااازي ! اسم الله عليك
- فين البت دي .. كيف اكده تهرب .. دانا هطلع روحكم في يدي.
قال  زيدان جملته الاخيره مهددا وهو بداخله بركان علي وشك الانفجار تجمعوا اهل القريه امام بيتهم متحديثين بخفوت وتمتمة ارتجف جسد (عنايات) متوسله
- احنا في عرضك ياجناب العمده ارحمنا .. دي قالت راحه تجيب ميه من البير وتعاود .. كنا هنعرف منين انها هربت .

اغتاظ غيظا لامثيل له وهو يركل زوجها بقدمه في جنبه
- عشان اغبيه كلكمم بهايم ..
ليدور بجسده بصيغه آمره نحو رجاله تكاد النيران تخرج من اذانه
- تجيبوا البيت دا عليه وطيه .. والبت دي تكون عندي قبل سواد الليل فاهمين ياغنم
ليقطع حديثه ذلك الطفل ذو العشر سنوات راكضا نحوه مخترقا صفوف الجميع وخلفه الخفير( مسعود)
- ياجناب العمده .. انا عارف ابله (فجر) راحت فين ..

قبض علي كتف الصغير حتي رج جسده بنظرات ناريه
- انطق راحت فين .. احكي

فلاش باك
هائمة علي وجهها كالمضل لطريقه .. تجول عينيها يمينا ويسارا .. بخطوات متسارعه ملثمة الوجه .. الي ان وصلت الي راس البئر تلتقط انفاسها بصعوبه مستنده بذراعيها علي ركبتيها مستجمعه شتات قواها ثم وثبت قائمة راكضة خلف جدران المنازل .. لتتفاجىء بذلك الخفير المرتدي عمته وجلبابه يترقب خُطاها بعيون حاده كالصقر .. اتسع خطي ساقيها ممسكه بقلبها الذي يرقص هلعا ورعبا من ذلك الشخص الذي سيفسد مخططها .. مكثت تهرول كمن يبحث عن ضوء في جوف الظلام لتهتدي به .

آتي شخص اخر من الخلف متسللا بحرص ليضع يده علي فم  ذلك الخفير كاتماً لانفاسه وسحبه للخلف حتي اختلي به خلف احد الجدران .
اكملت العيون سيرا خلفها تتمثل في ذلك الصغير الذي نهض مبكرا لري الارض الزراعيه واعتراه الفضول للسير خلفها دون ان تراه .
وصلت للطريق السريع وسرعان ما اختبئت خلف احد السيارات عندما رأت رجاله منتشرين في بقاع مقصدها
ظلت طويلا تترقب الوضع حتي اوشكت خططها بالفشل وتعالت انفاسها رعبا بمرور احد رجاله بجوارها.

وضعت اناملها علي فهمها محاولة كتم انفاسها وسرعان ما آتت سياره فخمه لتعوق طريق ذلك الشخص وتقف بالقرب منها .
اقترب الصغير منها رويدا رويدا لم يبق امامها سوا الاختباء داخل تلك السيارة املا في نقلها خارج هذه البلدة التي يتعشي اهلها بخبز الظلم والقهر
ركض نحوها ذلك الصغير مما جعل قلبها رج بداخلها لندائه
- ابله فجر ياابله فجر
وعلي الفور ات صاحب السيارة لينطق بسيارته في انسب توقيت اغمضت عينيها مصاحبة تنهيدات مكتومه بارتياح لتنعم باول نسمات الحريه .
بااااك.

استمع الجميع لحديث الصغير وهو يروي عليهم ما رأه في ظل ذهول ودهشه من الجميع والف علامة استفهام رسمت علي وجوههم .
نهره (زيدان): انطق وقولي عربية مين اللي ركبت فيها
* مخابرش ياجناب العمده بس هي كانت سودة وبتاعت ظابط من القسم .
القي نظره آمرة لاحد رجاله
- روح شوفلي مين الظابط اللي مش فالقسم دلوق يلا
ثم اتجه مجددا للصغير.

- طب قولي مين الرجال اللي كتم نفس الخفير
هز الصغير  رأسه نفيا: كان مغطي وشه مشوفتوش ياجناب العمده .
جلس ( زيدان ) علي الاريكه مفكرا ليسأله الصغير القاطب لحاجبيه
- يعني اكده خلاص ابله (فجر) مش هتذاكرلنا تاني .

لم يلق اي جواب منهم .. سبح (زيدان) في بحر افكاره تائها في المصيبه التي وقعت علي راسه اضعاف وفشل كل مخططه
(عنايات ) الجالسه ارضا وبداخلها لهيب النيران يشتعل
- يعني اكده هربت خلاص! .. والله وطلعتي ناصحه يابت (مديحه)! .. طول عمري اقول عليها دي مش (فَجر) دي فُجر .. اهو حطت راسنا كلنا في الطين وخلت سيرتنا علي
كل لسان
لينهرها (زيدان) المستند علي عكازه بشراسه: اكتمي يامره .

تراجعت للخلف لتختبئ خلف كتف زوجها الملقى ارضا وتراقبه بعيون مرتعشه وهو يضرب الارض بطرف عكازه الى ان اخترق اجتماعهم قدوم خالد الذي يلتقط انفاسه بصعوبه وهو يهتف قائلا
- الحقنا ياعمى خديجه اختى من امبارح معاودتش البيت وايوب عيقول فى واحد قاله انها روحت وتقوله حصلنى ...
- يادى الليله اللى مش فايته ...

- لكل فعل رد فعل
رجع ( هشام ) قسم الشرطه مجددا ثم دلف من سيارته صافعا بابها بقوه ارعبتها وهي تراقبه بعيون ضيقه منتظره مصيرها نتيجه مافعلته، فتح بابها ثم رجعت بجسدها للخلف لم يبال اي اهتمام لجسدها المرتجف .. جذبها بقوة من داخل سيارته وهو ممسكا بمعصمها ثم ركل الباب بقدمه وساقها خلفه كما تساق البعير بخطوات اشبه بالركض جعلتها تفقد اتزانها.

- والله انت ماطبيعي بقولك سيبني احسن اصوت والم عليك الناس
اعتصر ساعدها بين كفه وبنبره تهديديه: اخرسي .. مسمعش نفسك احسن انا اللي ادفنك مكانك هنا .
دلف الي قسم الشرطه  الي ان وصل الي مكتب  احد زملائه فتح الباب بقوه دون استئذان وصفعه بقدمه بنفس القوي.
(علي) صاحبه كان واضعا ساقيه فوق سطح مكتبه وينفث في دخان سيجارته متحدثا في الهاتف
(هشام) بحده وحزم وهو يدفعها فوق الاريكه.

- البت دي تترمي في الحجز دلوقتي ياعلي
اعتدل (علي) في جلسته بعدما انهي اتصاله
- مالك بس ياسيوفي باشا هببتت ايه البت دي وانا افرمهالك
رمقها بنظره ناريه يتوهج منها الشرار
- لا بس ارميها فى حجز انفردي كده .. اصلها محتاجه تتربي من اول وجديد
(فجر) بانفعال وهي تلوح بكفها نحوه.

- انت اكيد مجنون صح! .. انت فاكرها سايبه ولا ايه ياحضرة الظابط هو ايه اصله دا !
نهرها ( علي ) بقوة: دانتي اللي اتجننتي ياروح امك وكمان بتعلي صوتك علي (هشام السيوفي) دانتي ليله امك مش فايته.
كلامها كان له علقما استجمع شتات اتزانه ثم دني منها للحد الغير مباح حتي اخترقت انفاسه قانون المسافات ملامسه وجنتها
- عند (هشام السيوفي) لكل فعل رد فعل ياقطه .. نفذ يا(علي).

انهي كلامه بابتسامة ثقة مزقتها (فجر) عندما نزل كفها علي وجنته بصفعه قويه جعلته يقبض كلتا يديه كالقابض علي الجمر واحمرت عيناه بنيران الغضب .. وعلي حدا تراجعت للخلف بجسد مرتعش تترقب رد فعله على جريمتها
تبادلت الانظار بينهم بذهول .. وقف (علي)امام (هشام) لانه يعلم بنيران غضبه القادره علي حرق مدينه .
- خلاص ياهشام ..  ياعسسسسكري .. تعالي ارمي البت دي في الحجز .

قال (علي) جملته وهو يربت علي كتفي هشام الغارق في بحر غضبه واخذت رياح الشر تزمجر من داخله حتي اتي العسكري علي الفور لانقاذ (فجر) من لهيب نيرانه
استجمعت ما تبقي من شجاعتها وتحركت مع العسكري من جانبه ثم وقفت لبرهه هامسه في اذنه بشماته
- مش في قانون حضرة الظابط لكل فعل رد فعل!.. وانا سهلتها عليك علي الاقل تلاقي سبب تحبسني عشانه متشكره كنت شايله هم هبات فين الليله دى .
استدار بجسده اليها لينقض عليها بعدما مرت علي جروح كبريائه وكرامته بكرباج اشعل بداخلهم نيران الثأر
علي الفور كبل ( علي ) يده صراخا بصوته الاجش بأن يأخذها العسكرى للخارج.

- ذكريات أليمه
ركض ( النقيب علي ) لغلق باب مكتبه سريعا، ثم دار اليه بجسده محاولا تهدئته
- هشام خلاص اهدي لو علي البت دي هتتربي وهتدفع التمن غالي
زفرا بضيق كإنه يود اطفاء النيران بداخله وهو يجلس فوق الاريكه محاولاً ادراك مافعلته تلك الحوريه التي تحولت لسمكة قرش وتخطت اعماق الحوت الكامن بداخله .
جلس (علي) بجواره بهدوء
- اجيبلك لمون ياهشام ؟ طب قهوة ؟!

انحني علي الطاوله المقابله ممسكا بمفاتيحه ثم وقف متأهبا بالخروج .
- لا .. همشي انا
قبل ان يحرك صديقه شفتيه للجواب كان اختفي من امامه
وصل الي سيارته التي قادها بسرعه جنونيه فقد انعقدت الذكريات حول رأسه كالسحابه السوداء وانهالت فوقه بثقلها حتي ضاقت عليه حد الاختناق جعلته يفرمل بقدمه فجاه مستندا برأسه علي مقود السياره يسترجع ذكرياته.

فلاش باك
- كل دا تأخير ياهشام
نطق والده الجمله الاخيره في تمام الساعه الثالثه فجرا بعدما عاد (هشام) من سهرته الليله التي كانت اول واخر مرة يفعلها طيلة حياته دني منه بخطوات متباطئة وجسد منتفض
- اسف يابابا بس كنت بذاكر مع واحد صاحبي وكده.
* ومين صاحبك دا .. ومن امتي انا عودتك تذاكر مع صحابك؟!
ابتلع ريقه بعيون متردده.

- اسف يابابا مش هتتكرر تاني .. بعد اذنك
نهره بقوة وبنفس نظرات العيون التي ورثها عن اباه
* خد هنا ياولد انا مخلصتش كلامي عشان تمشي.
تسمر امامه بينما قرب والده منه بخطوات متثاقله داعيا ربه يكذب ظنونه ليستنشق رائحه ملابس .. مما جعل جسد يرتجف (هشام) كالواقف علي ارض طينيه
* والمذاكره دي ماتنفعش غير بسجاير!
استدار بجسده اليه متوسلا.
- يابابا اصل...
ليفاجئه بلطمة قويه تركت اثاراً فوريه علي وجنته وذكرياته كالوشم القابع  ..
بااك.

فزع هشام من مقعده بانفاس متقطعه وهو يتذكر تلك التي تخطت حدودها علي قوانينه وقواعده متوعدا لها باشد عقاب وهو يهم ليشعل سجارتان فى آن واحد فلا يعلم كم ورقه من التبغ كافيه لينسي التى مرت على كرامته بسلك شائك ..  غاص فى الصراع المحتدم بين قلبه وعقله الذي سيفقده حياته ذات مرة .

تاااابع ◄