-->

رواية رحلات جوليفر للكاتب جوناثان سويفت الفصل الثاني

 

 لقد عرفت في وقت لاحق ان الحراس قد أخبروا الملك ماحدث من لطفي مع الرجال الذين حاولوا أن يؤذوني، وأعتقد أن هذا دعم موقفي لدي الملك. قرر الملك أن يصنع لي السرير فأمر العمال أن يجعلوا 600 سريرا من أسرتهم بجانب بعضها لكي أتمكن من النوم عليها، وللحق فقد أصبحت ليالي ونومي أكثر راحة.



وخلال الأسابيع القليلة التالية، جاء الناس من جميع أنحاء البلدة لرؤيتي مما جعل الملك قلقا لأن بعض القرى أصبحت خالية الان بحيث لم يكن هناك عدد كاف من الناس للعمل في الحقول مما حدا به ان سن قانونا جديدا يمنع أي أحد أن يراني دون ترخيص، والا سيدفع غرامة
اكتشفت لاحقا ان الملك كان لديه مخاوف أخرى حولي. وعقد العديد من الاجتماعات مع مستشاريه ليطلب منهم ما يمكن أن يحدث لو أنني هربت، وإذا كان بإمكانهم أن يبقوني فكيف سيحملون نفقاتي. وانتهي الاجتماع بأن تقرر أن جميع الناس الذين يعيشون بالقرب من المدينة يجب عليهم ارسال 60 رأسا من الأبقار، 40 من الخراف، والخبز والفاكهة في كل صباح كطعام لي. بالاضافة الي قرار الملك ان يكلف حوالي 600 رجلا مدفوعي الأجر للتفرغ لخدمتي والعناية بي، وأنهم سيعيشون في خيام بالقرب من بيتي. وسيتم توظيف 300 شخص آخر لصنع ملابسي وستة من أفضل مستشاري الملك ليصبحوا أساتذتي ويساعدوني في تعلم لغتهم.

وفي غضون ثلاثة أسابيع بدأت بالفعل في التحدث بلغتهم بشكل جيد. و كان الملك يزورني في كثير من الأحيان وكان يعرب عن سروره بمستواي ويتحدث معي ويساعدني في معرفة المزيد.

عندما أدركت أن الملك يمكن ان يفهمني سألته أن يطلق سراحي فأجابني "إن هذا سيستغرق وقتا " "يجب ان نتحلى بالصبر، يا جليفر. أولا يجب أن تسمح لاثنين من جنودي بالبحث في ثيابك عن أي أسلحة يمكن أن تشكل خطرا لنا، وأتمنى عليك أن تدرك أنه لا بد لي من حماية قومي ".واضاف الملك ان كل ما سيجدوه في جيوبي سيحتفظون به لكن سأسترده كله عندما أغادر بلدهم، أو يدفع ثمن كل ما لا يرد. وأنا بدوري وافقت.

رفعت اثنين من جنود الملك ووضعهتما أولا في جيوب معطفي ثم في جيوبي الأخرى. سجل الجنديان كل ما وجداه وقدما القائمة إلى الملك الذي بدا مسرورا، على الرغم من انه لم يدرك ان الجنديان لم يعثرا على نظارتي، وبعض الأشياء الأخرى التي كنت قد احتفظت بها في جيب سري. وكان فيما قرأ الملك في القائمة ان لي سيفا وبعض البنادق، وظهر عليه انه مهتما فقال لي "هل يمكنك أن تريني هذه الأسلحة؟ "وعندما التقطت سيفي، صدم رجال الملك من حجمه وصرخوا من المفاجأة، ولكن الملك طلب مني بشجاعة أن أضعها على الارض، وهو ما قمت به. ثم عرضت لهم المسدسين. فقال الملك "ما هذا؟ ماذا تفعل؟". فأجبت "سوف أشرح لك،ولكن من فضلك لا تقلق،" ثم أطلقت النار منهما في الهواء من دون رصاص.

جعلت الضوضاء الخارجة من الطلقة الجنود تسقط على الارض في حالة خوف، وحتى الملك الشجاع بدا عصبيا للغاية.ثم وضعت المسدسين على الأرض بجانب سيفي.
"كن حذرا جدا معهم"، قلت ذلك للملك. وعرضت عليه أخيرا ساعتي، التي حيرت الملك إلى حد كبير. وقال انه لا يفهم ما هذه ولماذا تسبب هذا الضجيج المستمر. وطلب الملك من جنوده أن يأخذوا هذه الأشياء إلى قصره حيث يمكن للخبراء فحصها ودراستها.
فهم قوم الملك الآن أنني لست شخصا خطيرا ولم تعد الجموع التي تأتي لرؤيتي تخاف مني. بل أحيانا كنت انام أنا علي الأرض واسمح لخمسة أو ستة أشخاص الصعود لأعلي والرقص في يدي. وكان الأطفال يلعبون ألعابا حولي أيضا.

كنت أتمني بشدة أن يطلق سراحي لأفعل كل ما بوسعي لإرضاء الملك. وبدا هذا سيتحقق قريبا خصوصا لما دعاني الملك لبعض الأحداث الهامة. أولا: دعيت لمشاهدة عرضا لأفضل الرياضيين في البلاد. كان عبارة عن أن رجلين يمسكون أفقيا بعمود طويل والمتنافسون يتناوبون على القفز فوق القضيب الحديدي وبعد كل قفزة ناجحة يتم وضع القضيب في موضع أعلى. والشخص الذي يقفز أعلى نقطة يمنح شريطا ملونا من قبل الملك.

في يوم آخر، قرر الملك أن يريني حجم جيشه. أمر 3000 من جنوده بركوب خيولهم في صف بين ساقي في حين وقفت دون حراك في بوابات البلدة. استمتع الناس بمشاهدة هذا وصفق الجميع. كنت أطلب من الملك كل يوم تقريبا أن يطلق سراحي، وأخيرا اقترح مستشاريه أنه من الممكن. غير مستشار واحد يسمى Skyresh Bolgolam لم يكن يريد لي أن أكون حرا ووافق فقط بعد أن قدمت عددا من الوعود. هذه الوعود قرأها هو لي بصوت هام: "يجب أن تعدنا بعدم دخول المدينة ما لم يطلب منك - يجب عليك أن تعدنا بعدم الدوس علي أي من الناس في Lilliput - يجب السير في الطرق العريضة وعدم الاستلقاء في أي الحقول- يجب ان توافق على عدم مغادرة البلاد دون الحصول على اذن بذلك - وأخيرا، يجب أن تعدنا بالقتال من أجل الملك إذا نشبت حرب مع دولة بلفسكو Blefuscu، البلد المجاور لنا. "وافقت على كل هذا وأنا تغمرني السعادة لأن السلاسل التي حول ساقي تفك. أخيرا لقد أصبحت حرا...

انحنيت عندما رأيت الملك، لاظهار شكري فقال لي"آمل أن تكون خادما مفيدا لي يا جليفر،" يجب أن تثبت أنني كنت على حق للتمسك بإطعامك وإعطائك الملابس". فأجبته واعدا إياه "سأبذل قصارى جهدي،"، ثم طلبت من الملك أن يمكنني من ان أرى المدينة العظيمة، التي كانت تسمى ميلدندو Mildendo. "نعم، يمكنك،" وافق الملك. واضاف "لكن يجب أن تكون حذرا جدا لا تلحق الضرر بأي من المباني أو تصيب أي من الناس."ثم أمربوضع لافتات تحذيرية تنبه الناس بزيارتي وتأمرهم بالبقاء في منازلهم رفعت رجلي وخطوت من على البوابة الغربية للمدينة ومشيت ببطء في شارع المدينة الرئيسي. كنت في حاجه إلى أن أكون حذر حتي لا يهدم معطفي أسقف المنازل الصغيرة، والتي كانت تتكون من أربعة أو خمسة طوابق. كان هناك العديد من المحلات التجارية الصغيرة والأسواق وفي وسط المدينة كان يوجد قصر الملك. صعدت فوق السور الذي حول القصر إلى ساحة كبيرة مفتوحة لإلقاء نظرة على المبنى الجميل، الذي بلغ ارتفاعه مترين تقريبا. أراد الملك أن أرى ما في الداخل، لكن لم أتمكن من تسلق جدران القصر إلى الساحة المتوسطه من دون تعرضها للتلف، والنوافذ في هذا الجزء من القصر كانت صغيرة جدا لم تمكني من رؤية ما في الداخل. وزرت أيضا حديقة الملك التي كانت في مكان قريب، واضطررت لقطع بعض من أكبر الأشجار التي وجدتها و استخدمت سكينا لذلك ثم صنعت من الأشجار مقعدين خشبيين. و حملت المقعدين إلى القصر. وقفت على واحد منهما وعبرت من فوق سطح القصر ووضعت رجلي الثانية علي الآخر وتمكنت من تخطي القصر دون الإضرار بأي من الجدران، ووقفت في داخل ميدان صغير يتوسط القصر مما أمكنني الاستلقاء علي الأرض والنظر داخل أكبر نوافذ القصر وأري الغرف الملكية. لقد كنت مسرور جدا لرؤية أثاث القصر الجميل وخدم الملك وهم منهمكين في العمل. وكانت الملكة هناك أيضا، ولوحت في وجهي بابتسامة جميلة.

وبعد اسبوعين تقريبا، زارني رلدرسال Reldresal، وهو مسؤول كبير ومهم يعمل لدي الملك قال لي ان لديه شيء ما يريد أو يقوله لي فاستلقيت على الأرض حتى يتمكن من التحدث معي بسهولة، لكنه طلب مني أن يقف في يدي بدلا من ذلك وقال لي" أنا سعيد جدا أنك الآن حر، ولكن هذا نلته فقط بسبب الوضع الصعب في "Lilliput ثم أوضح Reldresal ما هو هذا الوضع. قال لي ان هناك مشكلتين في الوقت الحالي تواجه البلد . "المشكلة الأولى هي داخل البلاد،حيث أن هناك جدال محتدم بين الحزبين السياسيين الكبيرين في البلد . الحزب الأول الترامكسان Tramecksan، ويعتقد أن الناس يجب أن يرتدوا الكعب العالي في أحذيتهم لأن هذا هو التقليد الرسمي المتبع في البلاد. الحزب الأخر السلامكسان Slamecksan، ويعتقد أنه يجب ارتداء أحذية منخفضة الكعب لأن هذا هو الأكثر حداثة وعلي الموضة، والملك يريد ارتداء الكعب المنخفض، بل وأمر كل رجاله أن يفعلوا الشيء نفسه، ومن ناحية آخري فإن ابنه الأمير يحب ارتداء الكعب العالي ". وبعد ذلك ما حدث؟"

فردالسيد قائلا" الآن الحزبان السياسيان يرفضان التحدث مع بعضهما البعض وهناك عدد أكبر من الناس في حزب Tramecksan، ولكن حزب الملك، وSlamecksan، هو أكثر قوة."

والمشكلة الأخرى هي خارج البلاد"، أن الملك يخشى مهاجمة بلاده من قبل أعدائنا من "Blefuscu". ولقد أخبرني رلدرسال أن هذه الجزيرة في نفس حجم وقوة Lilliput وكانتا الدولتان تتحاربان لسنوات عديدة ثم شرح لي كيف بدأت الحرب. فقال "الطريقة التقليدية لكسر البيضة قبل أن يؤكل منها هو كسرها من الطرف الأكبر فيها. ومع ذلك، فإن جد الملك، عندما كان صبيا، جرح اصبعه عندما فتح البيضة بهذه الطريقة. لذلك فقد تقدم بقانون يلزم الجميع بكسر البيضة من طرفها الصغير وليس الكبير وأمر بأن يعاقب الناس الذين يفتحون البيضة من طرفها الكبير، وبالطبع فإن هذا القانون لم يجد قبولا لدي غالبية الشعب ونشبت احتجاجات عديدة بسبب ذلك. ولكن هذه الاحتجاجات لم تنجح، وهرب الناس الذين شاركوا فيها بعيدا إلىBlefuscu حيث رحب بهم واستقبلوا كأصدقاء وبسبب هذا بدأت الحرب بين البلدين. وأوضح رلدرسال كيف أن Lilliput قد فقدت ما لا يقل عن 40 سفينة ونحو 30000 من الجنود. وبالرغم من أن Blefuscu فقدت عددا مماثلا من الناس، الا أنهم كانوا من المحتمل أنهم يخططون لمهاجمة Lilliput في أقرب فرصة سانحة . ثم قال رلدرسال " طلب الملك مني ان أخبرك كل شيء عن هذه المشكلة لأنه يريد منك أن تساعدنا" فقلت له"انا مستعد للمساعدة في الدفاع عن بلدكم من أي هجوم قادم،"
فقال Reldresal انه مسرور جدا لسماع هذا وسوف يقوم بإخطار الملك في الحال لأن وقت المعركة اقترب جدا.

 

 تاااابع ◄