رواية رحلات جوليفر للكاتب جوناثان سويفت الجزء الأول
رواية رحلات غوليفر أو رحلات جليفر - جوليفر Gulliver's Travels هي: أشهر أعمال الكاتب جوناثان سويفت (1667-1745 م)، الذي يعده الكثير أعظم مؤلف ساخر إنجليزي. و تروي القصة حكاية لومويل جوليفر و هو طبيب إنجليزي بارد الأعصاب، ونادراً ما يبدي أي انطباع شخصي أو استجابة عاطفية عميقة.
تهدف هذه الرواية إلى توضيح الانشقاق الذي حدث عندما اختلف هنري الثامن مع الحكومة الكاثوليكية الرومانية. حيث تدور أحداث رواية "رحلات جليفر" التي كُتبت عام 1726 حول الرجل الإنجليزي ليمويل جليفر Lemuel Gulliver الذي يكتب عن رحلاته ومغامراته. عمل جاليفر كطبيب فوق سفينة تتجه إلى الشرق، لكنها غرقت بعد أن ارتطمت بصخرة، وأخذ يسبح حتى وصل مجهداً إلى شاطئ جزيرة ليليبوت حيث استغرق في نوم عميق. عندما استيقظ وجد نفسه مقيداً إلى الارض بعدد هائل من الخيوط القوية ومحاطاً بأقزام .
الجزء الأول الفصل الأول
قبل أن أبدأ قصتي، أود أن اخبركم قليلا عن حياتي الاولي، لقد ولدت في مزرعة كبيرة في وسط انجلترا ولقد سماني والدي "لميول جليفر"، وبعد ان أنهيت المدرسة درست في جامعة كامبردج لمدة ثلاث سنوات وبعد ذلك أصبحت متدربا تحت يد جراح في لندن. وكان الجراح - السيد بيتس- رجلا جيدا جدا، ولكن نفسي كان تتوق دوما للسفر. لذلك في وقت فراغي كنت أتعلم كيف أن أبحر فقد يأتي يوم ما استطيع فيه أن ترك انكلترا واستكشف العالم. وعندما أتممت بالفعل دراستي الجامعية، ساعدني السيد بيتس في الحصول على العمل كجراح على متن سفينة تدعى "سولو"، ولمدة ثلاث سنوات ونصف عملت على متن هذه السفينة حيث أنها كانت تسافر حول البحار الشرقية. ثم تزوجت من امرأة طيبة القلب تدعى ماري بيرتون وقررت البقاء في لندن مع زوجتي الجديدة لبضع سنوات، ولكن لم يكن من السهل العثور علي عمل في لندن،فاتفقت أنا ومريم أنه سيكون من الأفضل أن أجد وظيفة أخرى على متن سفينة. وبالفعل قمت بذلك، وعلى مدى ست سنوات سافرت في جميع أنحاء العالم وكسبت المال بشكل جيد، و في وقت فراغي كنت أقرأ الكتب وأعلم نفسي أن أتحدث لغات عديدة.
تغيرت حياتي في 1699 بعد ان حصلت على وظيفة جديدة على متن سفينة تسمى "أنتيلوب". تركنا إنجلترا في مايو وكنا في عرض البحر لمدة شهرين تقريبا عندما تعرضت السفينة لعاصفة عنيفة أبعدت السفينة جدا عن الطريق الذي اخترناه، فلم نكن ندري أين نوجد بالتحديد كان البحر عنيفا حتى أننا قد فقدنا بالفعل بعض من أفراد طاقم السفينة وبعدها اصطدمت السفينة فجأة بصخرة. نتج عن ذلك اصطدام فظيع وكنت أرى أن السفينة في خطر كبير. وقبل ان تغرق السفينة، تسلقت إلى قارب نجاة مع خمسة من البحارة الآخرين، وتمكنا من الفرار. لكن على الرغم من أننا جدفنا لمسافة كبيرة، لم يكن البحر أكثر هدوءا ثم ضربتنا موجة ضخمة وألقتنا جميعنا في البحر.
وسبحت أنا لبعض الوقت في هذا البحر الهائج. لم أكن أعرف ما حدث للبحارة آخرين فربما كانوا جميعا في عداد الموتي. كانت الرياح والأمواج هي التي تحدد الاتجاه الذي اذهب فيه، وعندما ظننت أنني لا يمكن أن أسبح أكثر من ذلك لمست قدمي شيئا صلبا، لقد وصلت إلى الأرض . وفي النهاية وصلت ومشيت علي الشاطئ كنت مبتلا منهكا القوي ومصابا بالبرد ونظرت من حولي ولكن لم تكن هناك بيوت أو بشر أتمكن من رؤيتهم. لقد وجدت بعض العشب الناعم، فرقدت عليه وذهبت في نوم طويل. وعندما استيقظت، في الصباح الباكر والشمس كانت قد بدأت للتو في الارتفاع. حاولت الوقوف، ولكنني وجدت أن هذا كان مستحيلا. أدركت أن ذراعي، ساقي، وحتى شعري كانت كلها مثبتة بطريقة ما في الأرض وتم ربط حبالا دقيقة رفيعة حول جسدي وعنقي، فلم أتمكن فقط الا من النظر لأعلي إلى السماء الصافية.
سمعت بعض الأصوات ثم شعرت بشيء يتسلق على ساقي اليسرى ثم عبر جسدي حتى كان على مقربة من رأسي حينها فقط علمت ما هو هذا الشيء .كان إنسانا، ولكن هذا الإنسان كان طوله فقط 15 سم وكان يحمل قوسا وسهما، "من أنت؟ " صرخت فيه بشكل مفاجيء" هل يمكن أن تخبرني أين أنا؟"
أدركت بعد ذلك أن هناك حوالي 40 رجلا آخر من نفس الحجم من حولي. كانوا جميعا متشابهين، كل واحد يحمل القوس والسهم الصغير. "ماذا تريدون مني؟"
عند سماع صوتي، انتقل الرجال قليلا بعيدا عني، لذلك حاولت الوقوف من جديد. حطمت بعض الحبال مما مكنني من أن أحرك ذراعي اليسرى.صرخ الرجال ضئيلوا الحجم بلغة غريبة، وشعرت بمئات السهام تصيب يدي اليسرى. وكانت الأسهم صغيرة، ولكن هناك الكثير منها تؤذي. لم يعجبني هذا، ولذلك قررت عدم التحرك ورقدت بهدوء على الأرض.
أصبح الرجال هادئين قليلا ربما لأنهم رأوا أني لم أكن أحاول الفرار،. بعد ذلك أصبحوا أكثر ثقة وبعد ساعة تقريبا بدأت أسمع تقطيع خشب بجانبي خمنت أنهم يبنون شيئا. ثم انقطعت الحبال حول رأسي وتمكنت أخيرا من رفع رأسي رأيت رجلا واقفا على منصة خشبية كانت قد بنيت أمام رأسي. وكان الرجل يرتدي ملابس يوحي شكلها أنه رجل مهم، وكان يقف على كل جانب منه خادم. وبدا انه يتطلع في وجهي ويحدثني حديثا لم أتمكن من فهم أي شيء مما قاله. عندما انهى الرجل الحديث، حاولت التحدث معه باللغة الانجليزية. " اسمي لميول جليفر وأنا من إنجلترا. سفينتي فقدت في عاصفة في عرض البحر فسبحت إلى هذا الشاطئ." ومع ذلك، كنت أرى أنه لم يفهم مني أي شيء. لذلك أشارت أنا على فمي لأبين له أننيعطشان وجوعان . فقال الرجل شيئا للخدم و شاهدت بعض الرجال ضئيلوا الحجم انطلقوا وعادوا علي الفور معهم العديد من السلال الغذائية وحاويات بها القليل من الماء. وضعوا سلالم علي كتفي وحملوا السلال والحاويات الى فمي. لم يكد الرجال يصدقوا كم شربت وأكلت، ولكن بدوا أنهم سعداء، وأعتقد أن الناس قليلا أدركوا أنهم يمكن أن يثقوا بي ومع الطعام في معدتي، شعرت بأني قد أثق بهم أيضا.
وصل رجل آخر، وكنت أرى أنه مهم وخصوصا لما انحنى الرجال الآخرين له ومن ملابسه فهمت أن هذا هو ملكهم. هو أيضا تحدث معي من منصة خشبية، وعلى الرغم من أننا لا يمكن أن نتكلم اللغة نفسها، الا أننا استطعنا التواصل مع بعضهم البعض باستخدام الاشارات بأيدينا. طلبت منه أن يحررني ولكنه رفض وقال أني لست في حاجة للقلق. ثم أشار بيده وقال شيئا حول نقلي لمكان ما.
يحيط الآن من حولي مئات من الرجال قصار القامة وببطء أخذوني حتى وضعوني على ألة غريبة لها العديد من العجلات. وكان قد تم تصميم هذه الألة لنقل الأشجار الثقيلة ويجرها فريق من الخيول، ارتفاع كل حصان حوالي 11 سم. أدركت أنهم يردون أن يأخذني إلى عاصمة بلادهم، التي عرفت في وقت لاحق انها تسمي Lilliput وقبل مغادرتنا سكب بعض الرجال بعض الأدوية في الجروح جراء السهام التي أصابت يدي وللحقيقة تحسنت هذه الجروح بسرعة.
كانت المدينة على بعد كيلومتر تقريبا، ولكن الامر استغرق ليلة كاملة لهذه الآلة أن تنقلني للعاصمة. أما أنا فقد نمت معظم الرحلة (لأنهم قد وضعوا بعض الأدوية في طعامي جعلتني أنام)، فقط استيقظت عندما قرر أحد الجنود وضع قطيب في أنفي ليرى ما سيحدث ثم ركض بسرعة بعيدا عندما استيقظت وعطست في وجهه.
في صباح اليوم التالي، استيقظت لأجد أن الآلة قد حملتني الي منطقة قريبة من بوابات المدينة. توقفت الخيول خارج مبنى تبين لي في وقت لاحق أنه أكبر مبني في البلد. لا أحد يعيش في هذا المبنى الفارغ في ذلك الوقت وبالتالي فإن الملك قرر أنني يجب ان أعيش هناك. وكان حول المبنى حديقة صغيرة تستطيع أن تدخل فيها من خلال بوابتين، كل واحدة منهما يزيد أرتفاعها قليلا على متر .وكان الملك لا يريد أن أهرب لذلك طلب من بعض الرجال ربط ساقي إلى البوابتين باستخدام السلاسل المعدنية. وأمام بيتي الجديد كان هناك برج كان على ارتفاع مترين تقريبا وكان الملك يصعد إلى أعلى هذا البرج مع رجاله حتى يتمكنوا من مشاهدتي، على الرغم من أنني لا أتمكن من رؤيتهم. وخلال الأيام التاليه جاء مئات الاشخاص من المدينة من البوابات ليروني ملقي على الآلة الغريبة بجانب بيتي الجديد. في البداية استخدموا سلالم في محاولة للتسلق على جسدي، ولكن الملك أعلن ان هذا غير مسموح به بعد ذلك.
عندما أدرك الجنود أنني لن أستطيع الهرب بسبب رجلي المقيدة بالسلاسل في الابواب، قطعوا الحبال التي تثبتني في الآلة. الآن يمكنني الوقوف، ولكن السلاسل التي في ساقي تمنعني من الذهاب لمسافة أبعد ولكن يمكن أن أمشي على نحو قليل في محيط المبنى الفارغ، وفي الليل يمكني الاستلقاء و النوم على الأرض الصلبة في بيتي الجديد.
في اليوم التالي، نهضت ونظرت إلى الأرض في جميع أنحاء المدينة. لقد كان مشهدا جميلا. كان هناك الكثير من الحقول الصغيرة وغابات الاشجار، الحقول في حجم الحدائق الصغيرة والأشجار طولها لا يزيد قليلا عن 2 متر ارتفاعا. كما شاهدت بعض الرجال وصلوا في عربات صغيرة الحجم يدفعوها باتجاهي على عجلات خشبية. كل عربة تحمل الطعام والشراب، وترك الرجال العربات عند نقطة أتمكن من الوصول إليها قبل أن تمنعني السلاسل. أفرغت 20 من هذه العربات الخشبية لتناول الافطار. لم أكن أعرف ما كان الطعام، لكنه ذو طعم لذيذ.
وبينما كنت آكل، أدركت أن الملك كان يراقبني مع خدمه وبعض أفراد عائلته. كان عمره حوالي 28 سنة، وكان طويل القامة مقارنة بالآخرين، يحمل أسلحة قوية ووجه وسيم. وكانت ملابسه مثل الملابس التي يرتديها الملوك في الدول الأوروبية، وكان يمسك سيفا لحماية نفسه تقريبا طوله 7 سنتيمترا. تحدث لي مرة أخرى بصوت عال جدا. حاولت أن أجيبه بجميع اللغات التي أعرفها: الفرنسية والاسبانية والصينية والعربية، لكنه لم يفهم شيئا.
وبعد أن غادر الملك، بدأ الناس من المدينة يتوافدون ليتفرجوا علي مرة أخرى. حاول بعض من شجعانهم أن يصعدوا على جسدي لكن الحراس منعوهم.
ثم قرر بعض هؤلاء الرجال قصار القامة اطلاق السهام في وجهي، وبالفعل احد هذه السهام وصلت قريبا من عيني ولكن لحسن حظي قام الحراس بالقبض بسرعة على ستة اشخاص ممن فعل ذلك وقيدوا ايديهم معا ودفعوهم نحو ي، كانوا يتخيلون أني سوف أسحقهم.
بدا الستة رجال الأقزام قلقين للغاية. التقطتهم جميعا في وقت واحد، ووضعت خمسة منهم في جيبي وأمسكت السادس في يدي. نظرت إليه باهتمام والتقطت سكينا. ضحكت ووضعت السكين علي يد الرجل الصغير. بدا الرجل القزم- وحتى الحراس – في غاية الرعب. ظنوا أنني ذاهب لتناول الرجل الصغير كوجبة شهية .لقد أمسكت الرجل الصغير الذي كان قد أطلق السهام في وجهي وشعرت بأصدقائه الخمسة يتحركون في جيبي. أخذت السكين واشرت بها اليه وكان الصغير يتطلع إلي في خوف شديد.ولكن تحول خوفه الي استغراب ودهشة عندما رأني استخدم السكين لقطع الحبال التي قيدت يداه ثم وضعته على الأرض ثم أخذت أصدقائه من جيبي ووضعتهم علي الارض بجوار الرجل الأول فلاذوا جميعا بالفرار وهم يصرخون بصوت عال.
تاااابع ◄ رحلات جوليفر