عالم تقرير الأقلية هوارد ماركس Howard Marks


 كان هوارد ماركس في حجرة نومه يضع نظارته عندما اقتحم المكان مجموعة من ضباط الشرطة المسلحين، وصارعوه بغضب، ووضعوه في القيود.

تم القبض عليه، كما أوضحوا بتهمة ( قتله في المستقبل ) لزوجته سارة ماركز، وهي جريمة عاطفية سوف تحدث بعد ثوان فقط في المستقبل عندما سيجد زوجته في الفراش مع عشيقها.

أصبحت عمليات الإيقاف المستقبلية هذه ممكنة بواسطة (المستبصرين)، وهم ثلاثة أفراد يعرفون الأحداث قبل وقوعها ويعملون لصالح الشرطة ويتنبؤون بالجرائم التي توشك أن تحدث إذا لم تتدخل الشرطة. والآن أصبح بفضل بصيرة المستبصرين أن تمنع الشرطة هذه الجرائم قبل وقوعها وتسجن أولائك الذين من المتوقع أن يرتكبوها.

وأصبح من الطبيعي أن يعلن المتهم برائته: لأنه لم يرتكب أي جريمة بالفعل وقت القبض عليهم. وتقدم الدولة حجة أن المتهم كان سيرتكب الجريمة لولا تدخل شرطة (ما قبل الجريمة). وكما يوضح أحد ضباط الشرطة: حقيقة أننا منعنا وقوعها لا تغير حقيقة أنها كانت على وشك الحدوث.

 

مع ذلك يبدو أن الأفراد الذين يعاقبون تحت طائلة قوانين ما قبل الجريمة يتاح لهم دفاع فلسفي إجباري مفاده: لو حدث، كما يؤكد ذلك الضابط (أن نظام المستبصرين لا يخطؤون أبدا)، يمكن لهذا أن يعني فقط أن المستقبل محدد بشكل مسبق. والطريقة الوحيدة لتغيير المستقبل المحدد مسبقا بواسطة المستبصرين، كما نحن مضطرون للاعتقاد، هي بالتأثير على المسبصرين أنفسهم (معرفة ما يمكن أن يكون عليه المستقبل تتيح للمرأ أن يغيره).

هذا يعني أن هوارد ماركس، على سبيل المثال، لو كان في استطاعته تجنب مصيره - في غياب تدخل المستبصيرن وإدارة ما قبل الجريمة - لم يكن ليختار ببساطة قتل سارة ماركس. لكن لو أن الأمر كذلك - لو أن مصائرنا محدد مسبقا وليست هناك إرادة حرة - لكان يبدون أنه من الظلم معاقبته على ما كان يوشك أن يفعله. حيث أنه من الظرم معاقبة شخص ما على ما هو غير مسؤول عنه، وإذا لم تكن لدينا إرادة حرة لن نكون مسؤولين عن أي شيء.

 

هنا نأتي إلى تقرير الأقلية، والذي يعني أن هناك بين فترة وأخرى ترى واحدة من المستبصرين مستقبلا قد يكون مختلفا عن ما يراه المستبصرين الآخرين، وينتج عن ذلك ما يُطلق عليه تقارير الأقلية.

ومن القضايا التي حدثت وتجعل نظام الأقلية مدانا أخلاقيا ويجب إزالته هي قضية جون أندرتون الذي ليس له تقرير أقلية ولكنه يعمل في إدارة ما قبل الجريمة وكان موجودا أثناء ظهور أحد تقارير المستبصرين والذي كان يظهر أنه ( أي جون أندرتون ) سيقوم بقتل شخص ما. الأمر الذي لم يتقبله وقام بخطف المستبصرة والتي أكدت له بدورها أنه قادر على تجنب مصيره. والسبب يرجع فقط إلى اطلاعه على تقرير تنبؤ المستبصرين.

تنتهي كتابتي هنا بختام حول أن نظام ما قبل الجريمة مدانا أخلاقيا في كلا الحالتين سواء كان المستقبل محتوما أو لن القدرة على الاختيار. حيث لو كان ينقص مجرمي المستقبل المفترضين الإرادة الحرة، عندئذ يكون من الظلم معاقبتهم حيث أنهم ليسوا مسؤولين على ما قد يكونوا ارتكبوه من جرائم. ولو أن لديهم إرادة حرة، سيكون من الظلم حينئذ معاقبتهم حيث لا نستطيع التأكد بما فيه الكفاية من أنهم سيرتكبون تلك الجرائم.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال