-->

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل السابع

 

 

 قفل هشام الباب فى وجههم بغل متخذا نفسه بارتياح .. ثم وقعت انظاره عليها وهى ترتعش وتتراجع للخلف منتظرة مصيرها معه .. فك حزام بنطاله ثم ثناه متوعدا .. فهبت صارخه وركضت من امامه لتتحامى بغرفتها .. فاردف بغضبٍ
- هتروحى منى فين .. دانت وقعتى مع اللى ما يرحمش ...


على عين غُرة وصلت فجر للغرفه وقفلت بابها ووقفت خلفه وهى تهتف
- مش طريقه راقيه للحوار دى على فكرة !!

وقف أمام الباب وهو يعصر حزامه الجلدى فى قبضة يده
- طيب افتحى وانا هوريكى طريقة الحوار اللى تستاهليها !!
حاول فتح الذي كانت تتحمل عليه بثقلها لتمنع دخوله .. فدفع الباب بخفة ثم ردته فى وجهه مرة ثانيه .. عض على شفته السفليه متوعده
- انت مش واخده بالك أن مفيش مفر منى !!
- لا فى !!!

كانت اخر جمله اردفتها وبعدها انكتمت انفاسها وحركاتها العبثية وراء الباب مما اشعل الفضول برأسه الى أين ذهبت .. فتح الباب بسهوله فلم يجدها خلفه .. لم تكبح انظاره أن تتفقد بقية ارجاء الغرفه باحثا عنها .. فخطفت انظاره بجهرها
- الله اكبر .. _ثم انخفضت نبرة صوتها المرتجفة _ بسم الله الرحمن الرحيم..
وقف متجمدا فى مكانه يترقبها وهى تغطى جسدها كله من الرأس الى الكاحل بمفرش السرير وتؤدى مناسك الصلاه .. هدا روعه شيئا فشيئا ثم تمتم عدة مرات.

- استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ..
لازال يتفقدها بعيون صارت تشع نورا بدلا من نارا .. فتحرك بخطوات هادئه تتناسب مع نبرة صوتها وجلس على طرف السرير قائلا
- القبله غلط على فكرة ..
اتسعت مقلتيها التى تتدلى لاسفل متحركه يمينا ويسارا بوجه ثابتٍ ثم ارتفعت نبرة صوتها مرة آخرى
- الله اكبر ...

ظل يترقبها باعجاب انساه جميع كوارثها السابقه .. وهو يتأمل تلك الصغيره التى كبرت به على سهوه .. انتابه شعور بأن يقوم ليتوضأ ويصلى بها .. أن يأمها .. للحظة بات قلبه يشع شُكرا لربه .. لا يعلم ما الذي يستحق الشكر ولكنه أحس انه واجب لابد من النطق به .. عاش مغامرة مختلفه مع مُصادفات القدر أخرجت منه شخصا جديدًا .

لا يعلم كم مر من الوقت لم يكن رجل ينجذب لاى فتاة .. ولكن ماذا حدث بمبادئه تلك المرة .. ولكن ثيران دواخله هاجت فجأه
- ما تنجزى ياختى !! مش تراويح هى !!
تشعر برجفه الحمى التى كان سببها رعب رجل وهى تُسلم لتنهى صلاتها يمينا اولا ثم يسارا .. ثم رفعت عينيها ببطء
- هو أنت عاوز ايه !!

علينا ان نتأقلم مع كل ريح للوصول للهدف .. قاوم جيوشه بعناء ثم اشار إليه بكفه لتقف وتجلس بجواره .. نفذت اوامره ولازال الخوف يقرض بجوفها على مهلٍ .. فقال بمسايسه
- أنت شايفه مستقبلى بيضيع قدامك وفى ايدك الحل وبتخبيه وبتألفى كذبه كمان ؟!
تحررت من ملايتها وتحررت معها خصيلات شعرها التى أحس بأنها التفت على عنقه .. فقالت
- ما هو مش معقول اكون هربانه من جواز واجى هنا عشان اتجوز !

- لا ضيعى مستقبل احسن !! بجد مبهور بذكائك !!
صمتت للحظه ثم تزودت منه بأخر نظرة
- تمام .. حوارنا ده هيتفض أمتى .. عشان اكون عامله حسابى !!
رفع حاجبه فسقطت عيناه على مقلتيها اللاتى فتحن شهيته على الكلام .. متسائلا
- حوار اى؟!

- تطلقنى !! عشان حاسه فى حمل على قلبى خانقنى وانا مكتوبه على اسمك وكده ..
عجز لسانه عن اهانتها بأى لفظ .. عن كسر غرورها .. كل ما فعله تناول حزامه الجلدى مره ثانيه
- تصدقى انت الذوق مش نافع معاك !! طيب اقتلك وارتاح منك !!

فرت من امامه لتختبىء من نيرانه التى تشتعل بكلمه منها فى الحمام الخاص بالغرفة .. تابع خطاها
- أنت ليه محسسانى انى هموت واتجوزك مثلا ... ولا فرحان بنسبك اللى يشرف ... بالعكس ياروح خالتك دانا عشان اطلع من مصيبه واحده بجوازك ده وقعت فى مصايب ملهاش آخر !!
لازالت تتراجع للخلف حتى ارتفعت قدمها لتدخل فى حوض الاستحمام وهى تقول
- ده بدل ما تشكرنى إنى فكيتلك عقدتك !! وحسنت صورتك قدام الناس ؟!

تلك المرة ألقت فى حلقه جمرًا .. جعله يتصرف بدون وعى .. تناولت اصابعه العلبة البلاستيكيه الخاصه بموضع الصابون وبغل رماها بها .. فتحركت بدون وعى صارخه مما اطاحت يدها بصنبور مياه الاستحمام فوقها .. فشهقت شهقه قويه تُكاد أنها سحبت اوكسجين المكان بما فيها هو ..
فاقت من صدمه على كارثة حصاره .. زالت عواقبه لينعم بفطرته متى شاء .. لم يعطها اى فرصه للهرب للمقاومه .. للرفض او القبول ، انقض على ثغرها الذي يتدلى منه غازا كافيا أن يشعله عمرا .. وسرعان ما حال الغاز لشهد لا يود الابتعاد عنه ...

كبل كفها الذي يعوقه عنها بمهاره .. وروضت انفاسه ملامح وجها التى بات الورد ينبت من بينهم ، فصاحة حضوره كانت طاغية للحد الذي افقدها مقاومتها فخضعت مستسلمه .. لا تعى اي شيء سوى أن قلبها يتراقص بداخلها ..
هناك بعض الرجال ان التقيت بهم ... تشعر انك التقيك بقدرك الجميل .. لم يكف عن افعاله التى يتمرسها لاول مره بعمره بدون كلف مع إمراه لازالت فى محض كبريائه تحت العادى ..

ادركت معنى كيف يكون شخصا قادرا على ان يغير الحياه بنظره من مقلتيه .. وربما بشدقيه .. وربما وجوده شيئا استثنائيا كافيا ان يغيرها و يغير التاريخ بأكمله ..
أحس باستسلامها تحت يده .. بجيوشه نهضت فجأة متذكرة مهامها التى تناساه فقد قدرته أن يبتعد ولازال عقله الرافض دوما لتصرفات قلبه يتسائل : ماذا تراكِ فعلتى به يافتاه ؟!

فى اللحظه التى أحس بعناقها واناملها التى جَنت على عقله بالمره فلا يعلم اذا كان انطفىء او اشتعل بها ولكن كبريائه حسم الموقف سريعا .. فاقتربا شدقيه من أذانها هامسا
- كنت بجس نبض مش أكتر .. ولقيت الاجابه خلاص ، وعشان متتغريش أوى سبق وقولتلك مش أنت النوع اللى يحرك هشام السيوفى ..

كل شيء بامرنا الا الحب نُساق اليه جبرا رغم عن انف قلوبنا الرافضه له دومًا .. تضرجت وجنتها بحمره قانية وهى تراقب خطواته الشائكه فوق جدار قلبها وتعض عليه ندما باحثه عن رد ( أين كان عقلى ) .. فاقت على جملته الاخيره التى يخفى خلفها فعله العابث
- ااه وباب الاوضه بره هقفله .. عشان لمصلحتك مش عاوز اشوف وشك النهار ده ..

اردت ان افسح لك مكانا بقلبى فاطلت النظر بهمس شفتيك حتى وان كنت تقطر سُما .. رأته يقفل باب الحمام خلفه منتصرا حاملا ذيول ضعفها فوق كتفه .. فلم تجد امامها شيئا تُفرغ فيه غِلها سوى العُلبه البلاستيكيه التى ضربت بها الباب متأففه
- وربنا فى حاجه فى عقله .. ده يشل ، ايه اللى وقعنى مع البنى آدم ده بس ياربى !!

لازالت قوانينه تنهاه عن اشياء سنساق اليها مُكبل يوما ما كالحب .. خرج من غرفتها وهو يفكر فى قربها الذي بات له أرق من النسيم .. ويتذكر الحاله التى اخضعته بها إليها .. ويتذكر قوانينه الصارمه التى لانت تحت انفاسها .. فشمر كُمه ودخل المرحاض ليتوضأ .. ليؤدى فروضه المتقطعه التى تجذبه من قلبه من كل حين والاخر ...

- أنا ابنى يتجوز من واحده فلاحه ليه ؟! افهم !! طيب هقول إيه لاهل مياده وصاحبة عمرى !! طيب شكلنا قدام الناس لما يعرفوا اصلها والكل مفكر انها من عيلة النورماندى ! لالالا انا هتجرالى حاجه ؟! يعنى فجاة هلقاه داخل بيها كده ويشلنى !!! طيب هو من امتى له نفس يتجوز !! ااه منا عارفه كهن الفلاحين اكيد عملتله عمل !!

تأكل عايده خطاوى الارض ذهابا وايابا .. تتجرع حبوب مهدأه واحده وراء الاخري .. تمسك رأسها الذي اوشك على الانفجار إثر ما رأته فى الشاشات وما تتداوله السوشيال ميديا ... ثم جهرت صارخه
- هما مش المفروض هربانين من مصيبه !! وكمان بيرقص معاها ؟! لا ده اتجنن رسمى .. البت عملت حاجه فى اخوكى ..
تحركت بسمه بتردد لتربت على كتف عايده
- اهدى ياخالتو مش كده هتجرالك حاجه !! لحد ما نفهم اى الحوار ؟

دفعتها ولازالت تواصل هذيانها
- نفهم ايه !! ماهى واضحه وضوح الشمس !! دا بيرقص معاها وعايشين اخر روقان !! اومال كان مطفشنى ليه مع كل واحده يخطبها وخلى سيرتنا على كل لسان !!
احتارت بسمه فى البحث عن وسيله لتهدأ بها خالتها التى فقدت عقلها .. فاعطتها كوبا من المياه
- طيب اشربي وارتاحى لحد ما يتكلم هشام ولا يجى زياد نفهم منه ؟!

القت عايده كوب المياه أرضا جاهره بغضب وقلة حيله
- أهدا ؟! اهدا ازاى ؟! دانا حاسه دماغى هتنفجر ؟! انا مستحيل اوافق على المهزله دى !!
اخيرا نطقت رهف بعدما شاهدت فيديو اخيها مرارا وتكرارا فقالت
- اللى مجننى انه مكتوب كتابها على البلطجى اللى هربت منه !! طيب ازاى هشام اتجوزها !! فلنفترض أنه اتجبر عشان يخلص من الورطه دى ؟! اى اللى اجبره يرقص معاها .. الموضوع فيه إنه يا دودو ؟!

صرخت عايده كمن وجد قشايه فى قلب بحر حيرتها لتتعلق بها .. وهى تقول
- ما هو ده اللى مجننى !! ابن السيوفى طَّب .. ما هو لازم يحن .. عرق الفلاحين بيجرى فى دمه !!
لكزتها بسمه لتسكت محاوله كتمان نيرانها التى ستحرق الجميع بدون نية
- خالتو خدى خدى مهدئاتك وروحى نامى ... وووو انت ياست رهف اخرسي .. متولعهااااش ؟!!!!!!
رهف ببراءه : منا بحاول افكر معاكو يعنى !!

بسمه بنفاذ صبر : لا اسكتى !! مش ناقصاكى هى !!
ثم عاودت الاتصال مرة آخرى بزياد ولكن بدون رد فزفرت باختناق
- وده وقتك بردو يا زياد !!

- قووووم قوووووم اصحى يا زيدان شوف المصيبه ... قوووووم !!
تهز مهجة كتف زوجها بفزعٍ وهى تشاهد الاخبار المنتشره على جميع مواقع التواصل الاجتماعى .. فباتت فجر حديثهم .. وشعلة مكاسبهم وشهرتهم .. كل منهما بات يتداول الموضوع بنظرته الخاص .. فمن يوم وليله اصبحت اشهر من نجوم هوليوود .. وصار الرائد هشام السيوفى زوجا لفتاه اشتهاها الجميع كما تُضخم الاخبار الصورة ..

فزع زيدان من نوم محاولا استعاده تركيزه مُسبا
- جرى ايه يابت ال ****
- انت لسه هتسأل قوم شوف الهانم هببت اى ؟!
التقط الهاتف من يدها وهو يشاهد الفيديو .. وباقى الاخبار المنتشره متحولا لكتله ناريه تقيد .. القى الهاتف بعشوائيه اطاحت بلوح المرآه فاسقطته ارضا .. فربتت مهجة على كتفه
- استهدى بالله يا خويا ... تعملش فى نفسك كده ..

هاجت مشاعره وانطلق توره المدفون وهو يدفعها للخلف فارتطم ظهرها بالكومود متألمه .. ثارت نيرانه لتكسر كل جزءا فى الغرفه جااهرا بصوت كالرعد
- انتوا يا خفر الغبره ..
ركضت مهجه لتقف امامه : فهمنى بس ! كله هيتحل ..
دفعها لتسقط ارضا وهو يتناول سترته.

- اكتمى انت مفهمااااش حاجه ... بت المحروق لعبت بى الكوره ... هقتلك .. ايوه هقلتها يا مهجة .. وهقتل ولد السيوفى ، وهتبقي مجزرة ..
خرج من الغرفه وقفل بابها بقوه اوشكته على الانخلاع .. فبرغم من فرحتها الداخليه الا انها تمتمت متوعده
- طيب يا زيدان انا وراك والزمن طويل ..

- يا إتش .. كل حاجه هتحتاجها هتلاقيها فى الشنطه اللى قدام الباب .. اخوك صايع بردو ويفهم فى الحاجات دى ؟!
تطأ عجلات سيارة زياد الطريق الصحراوي متجها نحو القاهرة وهو يتحدث مع آخيه بمزاحٍ .. فأوقفه هشام متأفقا
- انا مش عاوز غير سجاير !!

لازال مزاح زياد مستمرا : سجاير هتلاقى عندك ولو عاوز فياجرا كمان رقبتى .. انا كزياد مستنيك تبهرنى !!
قطم هشام شفته السفليه من مزاح اخيه العابث
- متخلنيش اتغابى عليك !!
قهقهه زياد : متظلمنيش !! كنت عاوز اعرف بس هو اى الحوار مزاج ولا مجرد مصلحه .. عشان انا من ساعة ما شوفتك وشوفت فى عينيك نظرة كده متطمنش .. !!

غلت الدماء فى عروق هشام فاردف جملته الاخيره
- انت اصلا عيل متربتش ..
ثم قفل الهاتف فى وجهه متأففا على حال اخيه
- عيل مفيش حاجه فى دماغه غير مجاله وماشي يطبقه ع كل تاء مربوطه يقابلها ..
ثم وثب قائما: ربنا يهديك يا زفت ..

تناول الحقيبه الموضوعه خارج الباب وفتحها باحثا عن عُلبة السجائر .. فاتسعت حِدق عينيه مذهولا عندما رأى الملابس التى اشتراها زياد لفجر وما هى الا عباره عن حرير لا يخفى اكتر ما يظهره .. فتوالت السَبات واللعنات فى سره وهو يستكشف الملابس بامتعاض
- اى الارف ده !! يخربيتك وبيت اللى يطلب منك حاجه يازياد الكلب ...

خرجت فجر بملابسها المُبلله واطرقت بخجل .. فلا تمتلك الجراءه لترفع انظارها اليه فقالت
- عاوزه هدوم البسها ..
- أنت ايه اللى طلعك من الاوضه !! مش أنا قولتلك مش عاوز اشوف وشك النهارده ..
فاجابت ببراءه : ما انت نسيت تقفل الباب ..!!
ثم اقتربت من الحقيبه القماش لتأخذ اى شيء ترتديه ولكنها سرعان ما انفجرت شاهقه
- اى قلة الادب دى ؟!

رد ببرود وهو يتفحص ما احضره زياد من ملابس نسائية
- انا نفسي مش عارف اى الارف ده !!
- أنت هتستهبل ؟! تلاقيك أنت اللى قايله اصلا ؟!
غمز لها بطرف عينه مبتسما
- يبقي متعرفيش هشام السيوفى يا حلوة ..
فضت احشاء الحقيقه متأففه كأنها تتشاجر معها وهى تهذي
- هشام السيوفى وسنين هشام السيوفى واليوم اللى قابلت فيه سي هشام السيوفى ..
- ما بحبش البرطمه !!

تناولت تي شيرت الخاص به وبنطال قصير نسائي .. فوقعت فى يدها عُلبه السجائر التى يبحث عنه .. فلازالت تتجنب النظر إليه .. فالقت السجائر بغيظ
- خد الزفت ده بتاعك ..
التقطت يده السجائر وهو يشير على ال تى شيرت الخاص به
- والزفت التانى اللى فى ايدك ده بتاعى بردو !!

نظرت له بازدراء ثم طاحت يدها بالحقيبه ارضا .. فالتقط نظرتها اللامعه بانتشاء انقشعت غمامه حُزنه بمجرد شروق شمس عيناها فى سمائه التى تعمدت غروبها قائله
- خليك فى حالك !!
حك شعيرات ذقنه النابته التى مر اسبوع على اهمالها وهو يقول مندهشا
- على الهيبه اللى اتمرمطت ياسيوفى!!

- كلمة ملهاش تانى .. هتطلعوا على اسكندريه تقلبوها شبر شبر .. وتجيوا برقبة ولد السيوفى وبت المركوب حيه .. لازم اشفى غليلى منها !!
يقف على فوهة بركان اوشك على الانفجار فى وجه الجميع .. يلقن خفره بأوامره الصارمه .. فلا يعد امامه فرصه للاهمال والتسامح .. فهجر أحد الخفر
- مااحنا دورنا ياعُمده وماوصلناش لحاجه !!

- اكتم ياولد المحروق .. تقلبوا سيكندريه فوق التراب وتحته ومترجعوش غير باللى امرتكم به .. والا هتاويكم ولا حد يعرف لكم طريق ..
طأطأت رؤوس الخفر مستسلمين : اللى تأمر بيه جنابك ..
تدخل خالد فالحوار قائلا
- فى ايه يا عمى !!
- تعالى .. تعالى يا خالد شوف اللى حُصل .. بت المحروق تختمنى أنا على قفايا !!
ميل خالد على شيخ الخفر متسائلا
- هو حُصل ايه !!

لم يكد يجيبه الرجل .. فهبت زعابيب زيدان قائلا
- بت مزيون تتجوز !! ومن مين من ولد السيوفى ؟! ياوقعتك المربربه معاي يافجر .. بس العيب منى انا اللى سمعت كلامها وطاوعتها ومرضتش اكتب عليها بدرى ..
ثم زمجر بعنف لرجاله : انتو لسه وقفين !!

توقف خالد مسلوب القوى والاراده .. عجز عن الكلام فهو من ساعدها لتهرب وتبتعد عنه للابد .. مهما كتبت فالكلام غير كافيا لوصف حالة شخص اصيب بسيف الفقد فى منتصف صدره ..
"‌‎طَالَتْ عَلَى مَضَض الْأَيَّامِ غُصَّتُنَا فَالْأَمْسُ يَنْهَشُنَا وَالْيَوْمُ يُشْجِينَا.."
انسب بيت شعرى يصف الحاله التى وصل لها خالد وهو يرى الجميع خلف غيمة احزانه ...

وان كتم المشغوف عن سر ضلوعه ف نور العين خاين ودوما يا يفضحه .. وقف على باب غرفتها وجدها تجلس كالقرفصاء شارده الذهن مع نفسها للحد الذي لم تلتفت لعطره الذي ملأ المكان ..
طرق بخفوت على الباب ليثير انتباهها إليه قائله
- اى افتكرت خناقه تاني .. ولا لقيت نفسك فاضي فقولت اجى انكد عليها شويه ..
لاول مرة يتبسم شدقه بضحكه من قلبه .. فأصبح للحديث معها لذه خاصه .. فعقد ساعديه أمام صدره فبرزت تقسيمات عضلاته
- جعان ..

لم يتحرك بها ساكن سوى حاجبها الذي رُفع مندهشا
- ما تروح تأكل ..
- مابعرفش اعمل أكل ؟!
لم تخل نظراتها من السخريه
- منا مش خلفتك ونسيتك ..
تقبل احجار كلماتها ثم واصل قائلا
- وكمان عاوز حد يغيرلى على الجرح ..

جالت ببصرها على ملامحه ثم قالت معلنه حربا عليه مشيره بسبابتها التى لفتت انظاره
- بص كده عشان نبقي على نور ..
تسكعت انظاره علي ملابسها التى ادخلته فى غيبوبة ضحك عصفت بغضبها وعقلها فتلك اول مرة تراه يضحك بصوت اغلب ضحكاته ممزوجه بالسخريه وما تبقى مجرد مجامله .. تجاهلته وهى تقترب منه
- من النهارده كل واحد فينا فى حاله .. ولسانى مش هيجي على لسانك لحد ما نخلص من الموضوع دا ..

لازال ينصت لها مهتما ويومئ اجابا كمن تفهم الامر
- تمام .. واى كمان ..
- ولازم تفهم انك مش جايب امك معاك تأكلك وتشربك .. تقدر تخدم نفسك بنفسك ..
بنبره اكثر ارتباكا متجاهله انظاره التى تسرب قشعريره بجسدها
- والبس حاجه استر بيها نفسك مش فاهمه أنا اى الوقاحه دى ؟!

بمنتهى البرود : خلصتى ؟!
اومأت ايجابا وسرعان ما هزت راسها نفيا وهى تشير له محذره
- واياك تحاول ولا يوذك عقلك بس إنك تفكر تقرب منى تانى ، ساعاتها هتصرف معاك بطريقتى ..
انعقد ما بين حاجبيه منتشيا لعبثها الطفولى
- اللى هى .. ممممم من باب العلم بالشيء !
تلعثمت الكلمات فى حلقها مما يوحى وقوعها فى مأزق هاتفه بثرثره
- طريقتى وخلاص .. وبلاش اسئله كتير ..

اتكأ بكتفه على مقبض الباب
- خُلاصة اللوكلك الكتير ده .. جعان وعاوز اكل ..
اتسعت نظرة عيونها مندهشه من بروده فالتقت باعينه فايقنت بداخلها أن لديه نظره قويه كالريح عصفت بكل ما يمتلكه قلبى ولا تذر .. زفرت باختناق
- انا بهاتى مع نفسي من الصبح !!
فك ساعديه المنعقدتان وهو يدنو منها بقامته المثيره على اوتار مشاعره الثائره ليطبع قُبله خفيف بالقرب من ثغرها هامسا
- نفسي رايحه على كبدة اسكندرانى .. نص ساعه وتكون جاهزه ..

بغتة ما ابتعد عنها وترك غرفتها كأنه لم يفعل شيئا مثيرا للدهشه مستمتعا بطعم الانتقام معها حيث كان لذيذا .. أما عنها فتصلبت فى مكانها فقدت قدرتها على النطق .. عصف الفعل بكيانها تلك المره وهى تتحسس موضع شفتبه فسرت قشعريره خفيفه تجتاح جسدها وهى تضرب الارض بقدميها إثر هتافه المرعب
- عدى 5 دقايق وانت لسه موقفتيش فى المطبخ ..

- زيزو أنت فين ؟!
اردفت نور جملتها وهى تطوف بأنظارها باحثه عنه وتهاتفه قائله جملتها الاخيره .. فرد قائلا
- اتاخرت عليك ..
زفرت بضيق : بصراحه كتير يا زياد .. انت كل ده على الصحراوي ؟!
- طيب أنت فين الاول ؟!
- مستنياك فالكافيه .. وشكلى بقي زى الزفت ..
- طيب لو قولت هتأخر نص ساعة كمان !!
اصابها الحزن فى مقتل وتغيرت نبرة صوتها
- لا متقولش !! بجد همشي ..

كانت تلك آخر جمله اردف قبل ما تحاصر سلسلته عنقه من الخلف بنعومه وهو يقول
- هتمشي .. واهو عليك المشوار اللى ضاربه ده !!
تحسست القِلاده التى تحاوط عنقها فقرأت اسم زياد بالانجليزيه .. لم يكف عن ربط القِلاده ولكنه انحنى ليطبع قبله طويله على كتفها هامسا
- وحشتينى !!
احمر وجهها خجلا وهى تترقب الناظرين حولهم
- زياد الناس .. يخربيتتتتك ..

سحب المقعد وجلس بجوارها وهو يتذوق مشروبها
- كده تشربي من غيري .. !!
اتسعت ابتسامتها : ما انت اللى اتأخرت ..
- احمم.. احنا فيها تشربي إيه ؟!
هزت رأسها نفيا وهى تسحبه من يده بعفويه
- لا مش هشرب .. انت اللى هتقوم معايا حالا ..
شد يده ليكف من طيشها
- استنى بس فهمينى !!

- سيبلى نفسك خالص النهارده .. بمناسبة السلسله الحلوه دى فأنا لازم اردها .. يلا بقا ...
تابع خطاوها وهو يسير خلفها متبعا جنونها وفوضويتها .. الا أن توقف اثر رسالة جائرة من ناريمان
- هستناك الليله ولو مجتش يبقي أنت اللى جبته لنفسك !!

لازال هشام يتطلع اليها بنظراته الثاقبه القويه التى كانت اشبه بمغناطيس يجذبها اليه .. ولكنها تعمدت اخفاء اهتمامها وفضلت التجاهل متسلحه بالصمت للتفادى شجاره الذي ينتهى بهزيمتها ..
تعد الطعام بهدوء يعصف بكيانه ، فالتفت انظارها نحوه عندما كان يتحدث مع رهف ليطمئن عليها
- امانه عليك ياهشام تليفونى .. ده عليه اسرار الدنيا كلها وأبحاثى القيمه ..

رد هشام ساخرا : هتستهبلى يابت .. دانا مش لاقي فيه غير صور الواد التركى اللى مجننك ..
- وات ايفير يا أتش .. احترم مشاعر اختك ..
لازالت انظاره ثابته عليها فاردف
- طمنينى .. رجلك كويسه !

بثرثره طفوليه : لاااا ياهشام مش كويسه خالص .. وانا ماليش فى قعدة العواجيز دى انا خلاص كبرت وراحت عليا حاسه انى مش هعرف امشي على رجلى تانى هبقي مشلوله وعالة عليكم ..
جز على فكيه بنفاذ صبر : اكتمى بقي ..
عادت لتتدلل على اخيه : اتخضيت عليا . !!
- عاوزه ايه يابت انت ؟!

ضربت جبهتها بكفها : اووووف كنت هنسي .. امك هنا بتطلع نار من جسمها .. وناويه تولع فيك انت وفجر .. إتش ده جواز لعب عيال صح ..
وثب قائما بهيئته التى تربكها كثيرا ولا زالت تتعمد الانشغال بأى شيء الا يكون هو فى نهايته .. فارتفعت نبرة صوته وهو يقترب منها
- مين قال كده .. وانا بردو بتاع جواز عيال !

هتفت رهف مستفهمه : افهم انك مش هتطلقها ؟! يالهوى..
تناول ثمرة االخيار من جوارها ولازال يحوم حولها وهو يقول
- اطلق مين ؟! أنت فاكره دخول الحمام زى خروجه !!
شهقت رهف حتى تناست حالتها وساقها فأول مافعلته حاولت النهوض عليها فهبت صارخه .. فخطفت قلب هشام قائلا
- مالك يابت ؟!

- هموت بسببكم ياولاد السيوفى .. هشام قول لى انك بتهزر ..
ضاقت انظاره التى تفحص قدميها العاريه بنظرات غريبه
- لا مش هقول ..
- طيب اديهانى اكلمها .
فرفع نبرة صوته قاصدا اثاره غضبها .. فصمتها يقتله
- عاوزه تكلمى فجر .. بس للاسف هى مش جمبى .. اصلها بتاخد شاور .. تحبى ادخلها التليفون ..

هبت رهف كالبوتاجاز صارخه : نعمممممممممممممم ..
سقطت الابريق الزجاجى من يدى فجر مغتاظه وهى تأكله بأهدابها .. فتجاهل هشام ثرثره رهف
- الو الو .. رهف .. مش سامع .. طيب شويه وهكلمك لو سمعانى ..
ثم قفل الهاتف واستدار نحوها مشيرا بأعينه
- إيه ده ؟!

تناست اتفاقها ومعاهدتها مع الصمت فانفجرت قائله
- احمد ربنا أنه مكانش فوق دماغك ..
- كمان .. !!
- انت ازاى تقول لاختك كده .. انت عاوز ايه منى اصلا ؟!
ثم تطاولت عليه بالسكينه التى بيدها ووضعتها امام عينيه
- اقسم بالله لو فكرت بس تعمل حاجه ماهتتردد لحظه انى اقتلك ..

تارة ينظر للسكينه وطورا ينظر لانظارها المرتعشه .. فبمنتهى البرود .. ازاح يدها شيئا فشيئا حتى زال حاجز ملامحهم .. فلم يستح ان يخفى عنها رغبته فيها ظلت انظارها المرتجفه تتصلق ملامحه ولكنها لم تنج من فعله تلك المره فعاد يتكرار مصيبته التى يأبها ظاهرها ويتمناها داخلها ولكن بطريقه هادئة قضت على اعصابها فسقطت السكينه من يدها ..

لم يستمر طويلا فابتعد عنها موليا ظهره فجهرت معارضه
- انت اصلا همجى وقليل الادب !!
عاد اليها بنيرانه التى يحميها منها مكررا فعله الذي يحمل رساله صريحه بالتهديد والتوعد .. بااتت فى يده كالثماله التى اضعف من أن تقاوم .. ثم ابتعد هامسا
- الراجل بيحس بالست اللى قدامه .. فأنا مش بعمل غير اللى عيونك بتقوله .. اااه واى فرعنه وصوت عالى هعتبرها دعوه صريحه .. تمام ..

ابتعد عنها تلك المرة بصعوبه بالغه وهو يحارب نفسه اولا .. ترقرقت العبرات من مقلتيها .. فجهر قائلا
- القزاز اللى اتكسر ده يتلم .. وامسكى اعصابك بعد كده مش قاعدين فى بيت ابونا إحنا ..
تدلت تدريجيا لتجلس على الارض غائصه فى بحور حزنها ..كانت افعاله إعصار بعثر مشاعرها .. باتت تتلهف رؤيته دوما لتغتنم وقربه لترتوى فالحضن غير كاف لترميم روحها .. فلحظاته غير كافيه لتعويض ايام انتظارها .. ولكنها كافيه ان تذيبها مع اول لمسه منه .. رفثت الزجاج بكلتا قدميها باكيه بصوت عال
- بكرهك ...

لازالت دماء زيدان تغلى على مراجل نيرانه ويضرب كف على الاخر ويعض على انامله ندما حتى اتاه هاتفا غير متوقعا فاجاب
- ايوة مين .. رد يا ولد ال ***
اتاه صوت ذكورى قهراوى : زيدان بيه معايا ؟!
- اخلص مش فاضيلك ..
- بس انا معايا حل لكل اللى شاغلك
جلس زيدان مستمعا له باهتمام : قصدك ايه ..!!
- ولد السيوفى ... فى شاليه فى اسكندريه هبعتلك عنوانه حالا ..
(مؤمنة أن كل قلب فى الحياه خُلق لاجله قلبًا ليسعده حتى وأن رأينا السعادة فى غيرهم وتوقفنا على اطلال الاقدار نتمرد ونعترض مودعين اساليب السعاده مع اصحابها للابد .. فالابصار خداعة والقلوب يتيمة وإن اجتمع الخداع من اليُتم باتت المشاعر جائره وجائعه مُتعلقة فى حبال أى عابر سبيل ينتشلها.)

- "متبعتش حاجه غير لما اعرف إنت مين .. وكيف وصلت لنمرتى !! "
جهر زيدان وهو يتحدث فى الهاتف إثر اندلاع حروبه الداخليه .. فأجابه الشخص
- أنا فؤاد الاحمدى .. من اشهر الصحفيين فى مصر ..
- ااه واشهر الصحفيين فى مصر ايه فايدته لما يساعدنى ؟!
شد نفسا من سيجارته : تقدر تعتبره عربون محبة يا عُمده ..
صمت زياد للحظه محاولا تقليب الحديث برأسه ، فاردف
- ولو مطلعش صح ؟!

واصل فؤاد رده بثقة : اختبرنى جنابك .. عموما فؤاد الاحمدى مش بيحب يضيع وقته فى كلام .. هتشوف كلامى أفعال وبس يا زيدان بيه ..
- معرفتش بردو ايه مصلحتك ..!!
ضحكة شريره شقت ثغر فؤاد .. وهو يقول بنبره أعتراها الانتقام
- رد جميل لهشام السيوفى ... وواثق أن مصلحتنا واحده
كانت تلك آخر جُملة أردفها فؤاد ثم انهى المكالمة بدون سابق إنذار وهو يفرم بقايا سيجارته تحت قدمه متوعدا
- والله وطلع لك دراع بيوجعك يا سيوفى وهنعرف نمسكك بيه !!

فلاش بااالك
انتهى فؤاد من شراء عُلبة السجائر واتجه عائدا لمنزله فأوقفه نداء شخصٍ
- لو سمحت فين شاليه 406 !!!
رمقه فؤاد بفضولٍ : انت جاي لمين ، الشاليه دا صحابه مسافرين ومش بيجوا غير فالصيف !!
اومئ الشخص ايجابا متفهما الوضع .. فواصل قائلا
- انا جاى لجماعه تبعهم هنا ..
- مين حضرتك !!

انتصب عود الشخص بشموخٍ : الدكتور رؤوف سليم .. وجاي اعالج جرح الرائد هشام السيوفى .. ممكن تدلنى على المكان من فضلك شكلك عارفه ..
رفع حاجبه بمكرٍ وهو يسترجع الذكريات
- " إلا عارفه .. !!"
ومرت على شاشة ذكرياته مشهدا آخرا وهو يقف مع احد رجال الامن ويتفق معه متظاهرا بأن كلبه الخاص مفقود ليتأكد من هوية هشام ، إذا كان هو ام لا برغم من تأكد بأنه نفسه فلا يخلق من تلك الصخرة نسختين ..
{ فوجد احد رجال الامن معتذرا
- احنا اسفين يافندم ..

اطمئن قلب فجر التى تطلعت برأسها تدريجيا عندما سمعت صوت الامن .. فهتف هشام بنبرة عسكريه
- اى الدوشة اللى بره دى !!
- متأسف على اى ازعاج لحضرتك انت والمدام ... بس كنا بندور على كلب حد من الجيران فممكن يكون مستخبى فى الجنينه او حاجه !
فارت دماء هشام للحد الذي شعر بأنه يود ليلتهم رجل الامن قائلا
- ماشوفناش حاجه .. ولو سمحت تانى مرة مش عاوز دوشه من اى نوع .. اتفضل ..}
#بااااك ..

فاق من سطوه المريض على ضحكة شريره إندلعت من شدقيه مستمتعًا بمذاق الانتقام وهو يتكأ بظهره على الاريكه قائلا
- اضررب يا عم فؤاد ميهمكش !!
الشر لا تُخمد نيرانه مهما ارتوى بمياه الايام .. دوما ما أرى الشر كسرطان له قُدره هائله على الانتشار والانتقال من هُنا وهناك مهما حاولت علاجه فله يومٌ ليعاود فيه بجيوشٍ أكثر شراسة.. الشر مرض لا يُعالج ولا يُستئصل هو عضو خُلق مع اجهزة جسمك لا يفارق اصحاب النفوس المريضة ..

تغلفت روحها بابتسامه مفرحه بمجرد ما سمعت صوت رنين الباب .. كفراشه نهضت من فوق حقل شوكها ل بستان اوهامها لتفتح الباب .. مهتفه بلهفه
- ده آكيد زياد !
تسمرت مكانها عندما خاب أملها فوجدت سامر أمامها يشيعها بأنظارٍ تلفت انتباه الاعمى .. عيون منبهره كمن رأى الشمس بعد اعوام من العتمة .. وهو يتكأ على جانب الباب قائلا
- انتوا عندكم عادى تفتحوا الباب بلبس البيت !!

ظلت اناملها تداعب هاتفها بتوتر بلغ ذروته .. ثم اطرقت بخجل
- ما هوو .. اصل ..
خطف سامر الحديث منها ليُعفيها من الارتباك الذي تقاذف من حِدقها
- اصل هتسبينى واقف كتير كده ..

ابتسمت بخجل إثر حيرتها وتشويش كلامه على دواخلها وخيبة املها .. فأفسحت مجالا للدخول
- لا طبعا مش قصدى .. اتفضل اتفضل .. هنده على خالتو
هز سامر رأسه نفيا وهو يمد يده التى تحمل هاتف هشام قائلا
- أصل لقيت تليفون هشام فالعربيه .. قولت اسيبه هنا لانى راجع الشغل بكرة ..

تناولت الهاتف وعلى فاهها ابتسامة شُكر وامتنان
- تمام .. شكرا لتعبك وكمان شكرا على وقفتك معانا فالمستشفى ..
تحمحم برسميه وهو يبادلها بابتسامه اكثر اتساعا
- متقوليش كده .. جمايل هشام مغرقانى .. وكمان إحنا أهل ..
رمقتها بغرابة وسرعان ما تجاهلت الجُملة الاخيره وهى تهم بقفل الباب الذي اوقفه بكفه قائلا
- دكتوره بسمه ممكن رقمك !!

اتسعت مُقلتيها بذهولٍ .. فأطفئ سامر نيران ذهولها سريعا
- عشان اطمن منك على هشام .. وهو مش معاه تليفونه .. ممكن !!
هزت رأسها نافيه ثم ايجابا ثم توقفت ملامحها عن ابداء أى رد .. ظلت عيناه تتقلب مع تقلب ردود فعلها فاردفت بعد عناء وحيرة مع نفسها
- ااه مفيش مشكله ...

(مؤمنة أن كل قلب فى الحياه خُلق لاجله قلبًا ليسعده حتى وأن رأينا السعادة فى غيرهم وتوقفنا على اطلال الاقدار نتمرد ونعترض مودعين اساليب السعاده مع اصحابها للابد .. فالابصار خداعة والقلوب يتيمة وإن اجتمع الخداع من اليُتم باتت المشاعر جائره وجائعه مُتعلقة فى حبال أى عابر سبيل ينتشلها.)

رجلٌ مثله لم ينضب فى دولاب قوانينه وسائل معاقبة النساء ، هو ارقي من أن يداه تطأ جسد انثى ليؤلمها .. الضرب والهمجية لا تليق بشموخه ، ولكن لابد من نيل عقابها .. لا بد من ممارسة اساليب ترضي غروره ولا تمس هيبته ، فبدأ يحارب فى المعركه التى نشبتها عيون إمرأة بأسلحته الفطرية التى راقت له متعجبا على المحطه التى انزله فيها القطار عندما فقد الامل ، تنهد بحرارة ليملأ قلبه بهواء البحر وشعور التمنى يغمره ( اجعلها المحطة الاخير يالله وإن لم تبد مناسبه .. ).

تنزف روحها اثر طعنات خذل تصرفاته التى بدأ ان يتمرسها على قلبها .. تنهار على حالتها الضعيفه التى وصلت إليها تبحث بدواخلها عن وسائل تمردها .. عنادها الذي وقف أمامه متحديا .. شيء ما يُجبرها على البقاء حتى وإن كان فيه إهانة لها .. ولكنى لا ارى إهانه ألطف من إهانة الحُب ..
تحمل فجر ( صنية ) من السندوتشات وتغادر باقدام منتفضة وانظار تحرق ظهره العارى .. محاول حجب انظاره عن امواج البحر العالية .. فهتفت مناديه بصوتٍ ممزوج مع صخب البحر
- تعالى خد اكلك ..

استدار هشام نحوها بكبرياء وهو يتحرك نحوها
- فى طريقه ألطف من كده للكلام معايا ..
ترتعش انظارها محاوله تمالك نفسها كى لا تنهار متجاهلة قصفاته المُهلكة لروحها .. تحولت نظرته من التحكم للاستغراب عن ملامح وجهها التى شحبت فجاة .. تناول المائده منها ولم يكبح شغفه ليسائلها
- تعبانه ؟!

لازالت تتمرد فهى اقوى من أن تبرز له ضعفها حتى فى لحظات انهيارها .. هزت رأسها نفيا وفى غرت عين تغيبت عن الوعى فوجد نفسه يلفحه بذراعه بحركه لا اراديه .. ثنى ركبتى تستند عليها ووضع ما بيده ارضا محاولا إفاقتها
- فجر .. فجر مالك ؟!

تجاهل صدح ذراعه لينثى بظهره ويحملها .. فتفاجئ من خفة وزنها متسائلا .. كيف لامرأة لا يتجاوز وزنها عدد الكيلوجرامات ترسو فى قلبه بهذا الكم الهائل من الثُقل الذي يسكنه .. بسط جسدها برفق فوق ( شازلونج البحر البلاستيكى ) .. وشرع فى محاولات افاقتها برفق لم تمر نسائمه على جسده من قبل ..
تناول رشة مياه من الزجاجه ونثرها على ملامحها التى انجذبت لهم كفه لتتحسسه برغمه عارمه متصفحا وجهها الممتلئ بكدمات الخيبات ..
فاقت تدريجيا الا أن رأى قرص الشمس مدفون بين جفنيها فتنهد بارتياح .. ثم قال بنبرة ممازحه
- مش هتبطلى حركات العيال دى ؟!

تعكزت على ضعفها لتنهض فأفشل ذراعه مخططها
- استنى مش قصدى حاجه .. قصدى اقولك كلى مش لازم افكرك ..
صمتت للحظه تترقب ملامحه عن قربٍ فى شمس النهار ملاحظة غمازه دفينه فى خده الايمن تعمد اخفاءها بوجهه المكتظ دوما .. اصيبت بوعكة مخمور بنبيذ الملامح .. فكانت تظن أنها ترى كل شيء من قبل ولكن قلبها نفى اوهامها .. فهى لم تدرك انها ترى إلا عندما رأته فكل رؤية غير رؤيته سراب !!

فاقت على صوت نبرته التى ارتطمت انفاسها بارنبة انفها
- حصل ايه !! ماانت كنتى كويسه .
اغمضت عينيه المرتجفه كى تحجبها عن امواج البحر لتتمتم
- عندى دوار البحر .. ما بقدرش اشوف البحر بالنهار ..
التقط مغزى حديثها بصعوبه وهو يستائل
- على الشط وعندك دوار بحر.

دارت بجسدها فارتطمت بسد ذراعه الذي يحاصرها فتصلقت انظارها لاعينه
- ممكن اعدى ؟!
- ااه هتعدى بس لما اعرف مشكلتك إيه مع البحر .
ترقرقت العبرات من مقلتيها وتعالت انفاسها وهى تقاوم مخاوفها وتراقب امواج البحر العالية فاندلع الصداع برأسها وندائات الاستغاثه وصراخه تتردد فى اذانها
- ياافجججججر ياااااافجررررررررر .... يوووووووووووسفففف ..

فزعت منهاره وكل ما بها ينتفض تداعب لعابها لتبلل حلقها ولكن بدون فائده .. هتف هشام متعجبا
- لا ده شكل الموضوع كبير .. تعالى طيب ندخل جوه !!
نصب عوده وهو يمد له يدها ليساعدها على النهوض ، ظلت تراقبه وتراقب شقوقه واول لمسة استمدت منها دب الحياه بقلبها ، ظل منتظرا نهوضها ولكنها استدارت متجاهله كفه الممتد وركضت امامه بدون اى كلمه او اعتذار ..

القوة لا تعنى مناطحة الرجال بل فى المساهمة لتحقيق رجولة رجل يهابه الجميع وتطيح بهيبته بنظرة .. إمراة كانت بارعه فى التحرش بعقل رجل حتى لم ينج بجبروته من براثينها ..
تابع خُطاها ضاحكًا فبات سُمها عسيلته .. وصل الى باب السور المحاط بالشاليه فوجدها تجلس تحت ظل شجره لتتمرس نحيبها وأنين حزنها بصمت .. اقترب منها وجلس أرضا بجوارها وهو يرفع وجهها بحنان بالغ ..

- فى حاجه مزعلاكى ؟
هبت قائله : انت مش وراك غيرى يعنى !! فكك منى ؟!
اومئ ايجابا محاولا تلطيف الجو : اااه للاسف مش ورايا غيرك .. انا واحد طول اليوم بيهاتى مع المساجين ، فجاة لقى نفسه هربان و لوحده ومفيش غيرك .. فمضطره تستحملينى !!
ردت معانده : مش مضطرة خالص على فكره ..

رمقها بعدم تصديق وهو يحسد دمع عينها القائم فوق وجنتيها قائلا
- اى مشكلتك مع البحر !!
شردت بعيدا ثم اردفت بوهن : خد أغلى حاجه منى !!
لازالت عيونه ثابته تتفحصها بتركيز .. فواصلت حديثها قائله.

- وعدنى انه مش هيسيبنى وهيفضل على طول يحمينى .. كان بيشتغل ليل نهار عشان يجيبلى الكتاب اللى نفسي فيه .. لما كنت اقوله خايفه يا يوسف كان يحضنى ويقول لى " ما هو خوفتى وانا معاك يبقي مستهلش اكون راجلك ياهانم " .. كنت افضل طول اليوم اصدعه ببطل الرواية الجديده وأد ايه ضحى عشان اللى بيحبها .. كنت اسأله ( تفتكر أنا هلاقى حب الروايات ) .. كان بيرد يقول لى ( أنت ما تستاهليش غير حب الروايات !) ..

تجفف وجهها الذي غرق ببحور الحزن مواصله
- كنا بنفطر وقولت له أنا مش هتجوز عشان افضل عايشه جمبك العمر كله .. رد عليا وقال لى ( لا مانا عاوز ارتاح منك .. مش هفضل شايل همك العمر كله .. انا عاوز اتجوز ياهانم ) .. الضهر خرجنا سوا وكان كل شويه يحضنى ويقربنى منه .. نزل الميه رجعت أنا اللى حاضناه ..

اجهشت بالبكاء اكثر وشفاها ترتعش.
- اليابس حرق جمال الدنيا فى عينيا .. والبحر خد عكازى الوحيد وأمانى .. لو هو كان موجود دلوقت أنا مكنش زمانى متعذبه كده وواقفه رجليا على جمرات نار .. انا كنت عاوزه بس يبقي ونتبهدل سوا .. وجوده كان بيهون كل حاجه !! أنا خسرت نفسي من لحظة ما خسرته ..

خربشت بأهدابها على جراح قلبها تفتحها فشعور الشفقه والرغبة فى الحديث معها خيم على رأسه .. ولكن شموخه رفض .. حتى دموعها غير قادره على إذابة كبريائه وتعرية قلبه أمام إمراة .. وعلى الرغم من شغفه المُهلك الذي يود أن يعصف بها من مكانها لبين ذراعيه ، تجاهل كل هذا و تحرك ليجلس بجوارها قائلا بهدوء
- أنا كمان حاسس انى فاقد نفسي من يوم ما وعيت على الدنيا بس الفرق ما بينا انتِ عارفة فقدتى ايه ، أما أنا حاسس إنى مفتقد أهم حاجه بس مش عارف أيه هى !!

تصلقت ملامحه عيونها الذابله إثر البكاء بعدم تصديق .. فكيف لشخص لديه الجاه والمال والاهل ويصاب هو الاخر بلعنة الفقد .. على كلٍ أشعر بإننا خُلقنا لنَفقد حتى نُفقد ..فلعنة الفقد لا تفرق بين غني من فقير .. استقبلت جملته بنظرة اشبه بالسخريه فواصل هشام حديثه
- تصدقى صعبتى عليا ؟!

ارتدت ثوب القوه مرة آخرى إثر قشعريره خفيفه انتابت جسدها ترغمها على الميل فوق كتفه ولكنها كعادتها تمردت ونهضت بغتة مردفه
- مش عايزه اصعب على حد أنا ..
تحركت امامه معتقده انها ستنجو ولكن أنظاره التى تفحصتها لم تنج منها .. وثب قائما خلفه مرتديا ثوب التمرد هو الاخر .. وما أن وطأت اقدامهم عتبة المنزل قبض على ساعدها ودارها بجسدها امامه ليقفل الباب بظهرها قائلا بنبرة شوق مغلفة بالتهديد
- أنت هتتلمى أمتى وتتكلمى كويس !

تتفحص تقسيمات جسده التى تراها للمرة الالف ولكن كل مرة كأنها اول مرة .. اتجهت عينها يمينا اثر ذراعه الذي استند به على الحائط لمنع هروبها .. فقال بنبرة مهزوزة مغلفة بالقوة
- لما تبطل اسلوبك الهمجى اللى مش بتتكلم غير بيه ؟!
زام ما بين حاجبيه وضاقت نظرته
- أنا اسلوبى همجى ! بقولك ايه ما تيجى نتفق عشان شكلنا مطولين مع بعض !!

- نتفق على ايه !! أنا اصلا مش عاوزه منك حاجه ..
هتف بتلقائيه ارعبتها : بس أنا عايز !
- هاااا !!
صلح الموقف سريعا مردفا : عاوز اتفق ..

زفرت باختناق صهر ثباته الانفعالى الذي يقاومها دومًا .. اغمض عينه لوهلة ثم قال
- تتعاملى معايا زى ما رهف بتتعامل .. وانا هتعامل معاكى زى ما بتعامل مع رهف !!
ضاقت انظارها وهى تتفحص وضعيتهم التى اخترق فيها قانون المسافات فقالت متمرده بعد ما اوشكت على تقطيع شيفاها
- لا انا مش عاوزه اتعامل معاك اصلا ..

ظل طويلا يقاوم نيرانه المُلتهمه عاجزا على ايقاف ارتعاشة شفتيها التى تحمل دعوة صريحه سقط قلبه بين يديها وناشده قلبه أن يذهب اليها بكل اوتى من حب وراق له مذاق شيفاه فبات بسبب وبدون يتناول شيئا لم يمر على ابوابه ثلاثة وثلاثين عاما فلم يعد بوسعه البقاء معها فى مكان واحد بدون ما يختلس من شهدها ..

عندما رأت عيون المنغلقة التى تنخفضت تدريجيا وانفاسه التى باتت تعصف بها علمت مصيريها معه .. انتفض قلبها فأصبح يتراقص على اوتار انفاسها الحارة وظل يرتفع ثم يتخفض كطائر ذبيح يتمتع بأخر انفاسه .. ما كادت أن تغلق عينيها فأحست باحتوائه .. بات التمرد خارج قوانينها ، والقوة اطاح هو بها من لمسه .. رايات الرفض حالت لقبولٍ .. اُصيبت بوعكة من الامان لم تُصاب بها من قبل .. فكان بارعا فى تحقيق ذات انثاه ..

احتضن شفاها برفقٍ متمتما بكلمات غير مفهومه ليعطيها مساحة من الاعتراض تطاوع كبريائه ولكن مساحتها كانت مرحلة آخيره للتفاوض .. اردفت بجزل طفولى حطمه وسلبه عقله
- هشام ؟!

ولاول مرة تنطق بأسمه بدون القاب بدون سخريه .. لاول مرة يسمع لحن اسمه من امراه اشتهاها ذاب جليد فؤاده وطوق خصرها ليدنوها منه اكثر مستمتعا بمذاق قربها وهو يفتنن فى طرق إرضاء ذاته اولا ..استندت على صدره ملتحفه بذراعيه وكأن راق لها مذاق قربه ..

أحس بكفوفها الملتفه حول عنقه فاتخذ من بين ذراعيها تلك المرة ملاذا لاحزانه .. ولازال مذاق تفاحته يُداعب لعابها ممزوجا بشهد افعال المباغتة التى اسقطتها فيه على سهوه .. تدلت باقدامها العاريه حتى لمست الارض وقصرت قامتها قليلا فلم يلتفت للتغير بات كمجنون فقد عقله حتى اطاحت يده ب ( فازه ) سقطت ارضا وكانت اقوى منبه للافاقه من سُكرهم ..

دفعته عنوة مبتعده عنه متخذه انفاسها سريعا وهى ترمقه بنظرات الخسة التى تجاهلها مبتسما وكأن لا شيء حدث متحديا ثورته الداخليه ليقول ببرودٍ
- ابقي نضفى مكان القزاز ده !!
لديها شموخ يمكنه ان يتراقص فوق حد شفراته ولا انه تأتى لقلبه خاضعة معترفة بصخب مشاعره تجاهه .. تحركت لتفجر طاقات غضبها فى وجهه لتقف امامه قائله.

- انت مش هتبطل الاسلوب الهمجى بتاعك ده ؟!
حك ذقنه ببرود : تانى همجى !!
- اووووف .. ممكن يعنى لو سمحت وتكرمت متعملش كده تانى عشان أنا مش حباك تلمسنى ياخى ؟!
انعقد ما بين حاجبيه : وهو أنا عملت ايه !
حكت رقبتها بنفاذ صبر ثم قالت
- اللى انت عملته !!

لازال متسلحا بالبرود مداعبا اطوار خجلها : منا لازم اعرف عملت أيه عشان اقولك السبب !!
تلعثمت الكلمات بحلقها وطافت عينيها يمينا ويسارا بوجه ثابت، وهو تلوح بذراعها وبصوتٍ يرتعد من الخجل هاتفه بفوضويه
- ما هوو .. مش كل مااا .. ماا تشوفنى تبوسنى وتعمل كده .. مش اسلوب ده علفكره ..

ضاقت انظاره مستلذا بحديثها وكلماتها المتقطعه
- اومال ده أيه ؟!
- دى قلة أدب !!
لازالت نبرته ثابته برغم حروبه الداخليه التى تود أن تصيبها بسهم يجمعهما فى نقطه واحده.. فقال
- فين المشكله يعنى .. مش فاهم
ضربت الارض بقدميها كطفلة نفذ صبرها وقالت
- أنت مش لسه قايل هتعاملنى زى رهف اختك ؟!

رفع حاجبه متناول قارورة المياه ليفتحها ويرتشف منها ثم قال
- منا بعاملك زى رهف .. والدليل أهو واقف بتكلم معاكى ومديكى وقتك !! ودى حاجه مش فى قانونى !!
وضعت كفيها فى منتصف خصرها
- وانت كل ما تشوف رهف أختك بتبوسها كده زى ما بتعمل ..
ابتسم ابتسامه تحول الجليد لنارٍ فى لحظه
- ااه عادى .. فيها أيه لما ابوس اختى !!

اصبح وجهه مضرجًا بدماء الغضب تجمع لعناتها لتلقيها بوجهه ..ولكن نظراته الحاده ارغمتها ان تبتلع ما علق فى حلقها من جمراتٍ .. فلا تجد حلا سوى ان تصرخ فى وجهه وتختفى كالبرق ..
يستمتد بلذة انتصار متذكرا لحظات قربها وملامحه الممتلئه بعطر انفاسها .. فتنهد بارتياح متجها نحو الالعاب الرياضيه ليقتل ما احيتته عيون أمراة بصدره...

بعد يوما طويلا قضاه زياد بصحبة نور فى الملاهى والمولات والضخكات التى ترد القلب .. اقترح عليها الدخول لبيت الثلج .. ترددت للحظه ولكنه قضي على ترددها بنظرة توسل .. فاومات ايجابا بصدر رحب
لحسن حظه كان المكان يحوى على اعداد قليله من البشر فاتسعت ابتسامة زياد وهو يتفحص المكان .. وفجاة وجدت ذراعه يحتويها ويدنوها منه أكثر ..
شهقت مندهشه ثم همست : زياد ؟!
تمتم : عيون زياد !!

حاولت الابتعاد عنه ولكنها فشلت ، فجذبها عنوة لتصبح اسيرة ذراعيه صارخه بصوت خفيض فاحكم قبضته عليها
- نور أنا بحبك ..
لمعت عيناه إثر كلمته المُزيفة .. فاجابت بدلال
- والحب ده اخرته إيه .
تطلعت انظاره على ما يشتهيه ثم قال بهيام
- معاد مع سياده المستشار ..
ضاقت انظارها مندهشه .. فلازالت تتدلل على نبرات صوته الخفيضه ..
- وهتقوله إيه بقي معالى المستشار !!

- هقول ياعمى أنا جاي اخطف منك نور عشان تنور حياتى وعمرى كله .. ومش هقدر اعيش منه غيرها ..
تطلعت فى ملامحه باعجاب قائله : وانا كمان مش هقدر اكمل حياتى من غيرك .. زيزو انت الراجل الوحيد اللى ملا قلبى وعقلى ..
- وهيملى حياتك كلها من النهارده .
لازالت كلماته تحمل نبيذا يُسكر كل انثى .. فكانت لها المهاره الفائقه على التظاهر بالحب وداخله يظهر بحب اهوائه .. اوشك أن يقبلها ولكنه فاق على صوت رساله نصية من ناريمان ..

- تمام .. انا استنيتك كتير وشكلك مش جاي .. ابقي احسنلك متروحش البيت لان فيديوهاتنا هتوصل لمراتك .. الدكتورة بسمة ..
انتفض زياد كالملدووغ مبتعدا عن نور وهو يجذبها خلفه ليغادر المكان سريعا .. لازالت تتبع خُطاه بدون فهم متسائله
- فى ايه طيب طمنى ؟!
هتف بكذب كعادته : اخويا هشام فى ورطه ولازم اعمل مكالمه ضروريه ..

- مالك يا عمى .. ايه شاغل بالك !!
اردف خالد جملته بعد ما حرر نفسه من زنزانة غرفته .. فوجد زيدان يصدح وكأنه يجلس على فوهة بركان نشط .. فنهض زيدان جاهرا
- لقيتها يا خالد .. بت صبري خلاص كلها ساعات وتقع فى يدى ..
ايقن أن ما تبقي على عمرها بضعة سويعات وتغادر عالمهم للابد .. رجل يتحرع الظلم ويرتوى بدماء البشر ويحكم بقوانينه المتغطرسه ، فشرد طويلا حتى قال
- حلو حلو .. فين وكيف لقيتها !!

هتف زيدان بانتصار : فاكرة نفسها هتهرب منى بت صبري !!
حاول خالد ان يحصل منه على اجابه مفيده قائلا
- وانت ناوي معاها على إيه !!
- هشرب من دماها وهرمى لحمها للديابه .. بس تقع فى يدى .. دى لعبت مع اللى مايرحمش !!
جف حلق خالد فهتف متلجلجا : طيب انا هروح اشق على الرجاله والحرس ..
- روح روح ياخالد .. وسيبنى امخمخ لبت المحروق دى !!

اختفى خالد من القصر راكضا وهو يتفحص الطريق كالسارق خشية من ان يراه احد .. فتح هاتفه ليهاتف هشام ليترك مكانه ولكن وجده مغلقا فظل يسب فى نفسه سرا ويتشجار مع احجار الارض ..
وضعت بسمه هاتف هشام على الشاحن وشرعت بفتحه ولكن التفتت لرنين هاتفها .. فاجبت
- الووو .. مين ؟!
اخفض سامر من سرعة سيارته متحدثا بنبرة هادئه
- أنا سامر يا دكتور بسمه ..

تلعثمت الكلمات بحلقها : ااه ااه اتفضل حضرتك ..
- هو مفيش أى اخبار عن هشام ؟!
هزت رأسها نفيًا باسف : للاسف .. كل اللى عرفناه انه اتجوز فجر ومستنين القسيمة تطلع عشان ورقهم كله يبقي قانونى ..
اومئ ايجابا مصدرا ايماءه خافته
- مممم طيب على خير ربنا معاهم .. المهم أنت اخبارك أيه ، انت اتخرجتى صح ؟!

اتسعت عيون بسمة وجحظ بؤبؤ عينها وزادت سرعة قلبها
- هااا .. اه اتخرجت .. لالا لسه فى اخر سنة يعنى .. طيب اصل خالتو بتنادى عليا مضطرة اروح اشوفها عاوزه ايه سلام...

غزى رأسها صداعا عنيفا وهى تمتمت بافكار مبعثره ( هو عاوز ايه .. وماله بيتلكك عشان يكلمنى .. هو مش عارف انى مراة زياد ولا ايه .. ماهو العيب على البيه اللى مكتم على جوازنا وكأنى جايه من الهرم .. طيب يازياد ) كانت كلمات سريعه حد الهذيان هى اوشكت على البكاء متمنيه أن يكون لديها آله زمنيه تعود بها لايام لا تطأها اقدام الفقد ولا مرارة الوداع .. فكلما تضيق علينا الايام تمنيا ولو يعود بنا الزمن حيث ما كنا صغار ..

- دودو يلا العشا ياحبيبتى .
اردفت مايسه جملتها بصوتٍ عاليه مُنادية على ميادة اختها التى هتفت
- جايه اهووووو.

الا أن توقفت اعينها وتجمدت دمائها عندما ظهر امامها صورة لهشام واخرى لفتاة لم تراها من قبل وفوقهم خبر زواج ... بلعت صبار الخبر بتكذيب وهى تقرأ التعليقات لتتأكد من صحة الخبر .. فوجدت الفتيات يتغزلن بهشام .. والرجال التى باتت امانيهم وفتاة احلامهم التى عُقدت على اسمه ..
نهضت مفزوعه تأكل خطاوى الارض محتشدة العبرات بمقلتيها ..تردف بصوت متهدج بالبكاء
- مايسه .. شوفى كده !! ده هشام . . هشام جوزى صح !! فسري لى حالا اى ده .. انا اكيد مش بحلم ؟!

التقطت مايسه الهاتف من اختها ولم يقل ذهولها عنها .. وهى تقول
- معقوله ! هشام !! اكيد فى حاجه غلط ..
انفجرت بحور الفقد والالم من قنواتها الدمعيه وهى تحضن رأسها .. فاخنتقت كلماتها بعبراتها المنهمره وهى تطوف بعبث
- طيب وانا !! أنا فين ؟! والله حبيته ..
ثم عادت لتتشبث بذراع اختها
- قوليلى ان فى حاجه غلط قوليلى ..

ثم ابتعدت عنها بخطوات جائره
- اتجوز ؟! ومين دى اصلا .. وانا اللى بنام واصحى مستنياه يكلمنى .. مايسه ارجوكى اعرفيلى هو ليه عمل فيا كده .. انا كنت عملتله اى غير إنى حبيته ..
عُقدت حبالها الصوتيه تدريجيا وهى تلفظ انفاسها بتثاقل.

- دانا كنت بنزل ادور على لبس عشان يعحبه .. جايبه كل هدومى بالالوان الغامقه عشان هو بيحبها .. انا عملتله كل حاجه وهو ردلى الجميل بقلم مش هخلص من وجعه طول عمرى ..
تلك اخر كلمات اردفتها مياده ممزوجه بكلمات اختها المهدئه حتى سقطت مغشيا عليها بين ذراعيه فلفحها صراخ مايسه مستغيثه بزوجها ..

تقف امام المرآة تتفقد هيئتها بشموخ وتمرد انثى معلنه عليه الحرب .. تدلت انظارها على ما ارتدته المكون من ( هوت شورت جينز وتوب باللون الاصفر ) وشعرها التى تعمدت تحرره ليغطى شعرها واحساس الانتقام بات معه لذيذا للغايه .. القت اخر نظراتها الخبيثه بالمراة متوعده
- طيب يااابن عايده .. قال زى رهف قال !! بتشتغلنى !! انا هثبتلك عكس كلامك ويانا ياانت ..

خرجت من غرفتها متدلله فى خُطاه فوجده لازال في غرفة الرياضة .. فالقت عليها انظارها الخبيثه وغادرت لتجلس على الاريكه متصفحه الجرائد ..
مر طيفها امام عينه التى كانت منغمسة فى تمريناته الشاقة .. ولكن انتابته رغبة عارمه فى الخروج ليتأكد مما مر امامه ..

خرج ولازالت قطرات العرق تتصبب من اجزاء جسده لا يرتدى سوى بنطال فضفاض .. فانزلقت انظاره عليها وعلى شعرها الذي يغطى نصف جسدها وهى منغمسة فى قراءه الجرائد فلم يحل للعين بعدها رؤية .. فاقترب منها ليجلس على المقعد المجاور متناولا قارورة المياه .. وتعمد تجاهل امراة ترقص باقدامها العاريه فوق صدره ..

شرب حتى نفذت المياه كأنه يروى بجوفه شيئا اخرا كعطش قربها مثلا .. تنهد بعمقٍ وهو يغمض عينه متكئا للخلف متعمدا بالتغافل عنها .. ثارت انظارها بفضول لانه لم يحاول ان يوجه لها كلمه ..

القت الجرائد قاصدة احداث صوتا ثم نهضت لتشعل التلفاز متعمده الوقوف اطول وقت ممكن امامه .... فلم يكبح انظاره بان تلتهم فتاة عشرينيه بروح طفلة فيها وجد كل ما كان يشعر بفقده ... تردد فى ذهنه جملة حدثه بها مجدى عندما قال
- لما تحب تتجوز يابن عمى خد المغناطيس .. تفضل تشد فيك لحد مايجيبك على جدور رقبتك ..
كتم اصوات ضحكه هاتفا بثبات تام
- فى مشكله عندك ..

لم يتحرك بها إنش اكتفت بالرد المختصر : خلاص لقيتها .
اشتغل التلفاز وعادت هى لمكانها بخفة راقصات الباليه ثم مددت قدميها على الطاوله الصغيره امامه وهى ترمقه بنظرات ماكرة ..
ميل ليتناول الريموت كنترول فى تجاهل تام واخد يقلب فى القنوات الا أن توفف عند فيلم اجنبى فهتفت
- سيبه شكله حلو ..

بدون اي رد ترك الريموت كنترول والتفت نحو التلفاز متجاهلا تواجدها ... تغاضيه عنها اثارها فضولا لحل لغل رجل غامض مثله اكثر من الفيلم المتذاع ..
مرت قرابة الساعة واوشك الفيلم على الانتهاء وهو لم يرض غرورها بنظرة اعجاب واحده حتى اختنقت من فشل مخططها .. انتهى الفيلم على مشهد رومانسي جذب انظارها للتلفاز وجذب انظاره لها .. لم يمر طويلا حتى التقت باعينه قائله بارتباك
- خلاص اقلب الفيلم خلص ..

هبطت انظاره على ساقيه الممتدين امامه يأكلهم بأعنيه بشراسه ، لاحظت تركيزه على ارجلها فاهتزت قليلا محاوله التظاهر بعدم الاكتراث ، فهتف قائلا ببرود
- السمانه عندك عاوزه تتظبط مافيهاش عضل!!

شهقت بصوت خفيض وهى تلملم ارجلها قائلة بتوتر
- اى قلة الادب دى !! وانت تبص ليه اصلا على رجلى ؟!
- عادى بحب الفت نظرك إنى واخد بالى من كل جزء أنت قاصده تخلينى اخد بالى منه !!
تلجلجت من مكانها إثر وقاحته : إيههه !!

لازال يتحدث بنبره جليديه
- بس سهله تقدري تلعبى رياضة او تسيبهالى وانا هظبطها !!
هبت زعابيب غضبها قائله وهى تلوح له بعشوائيه هاربه من اتهاماته الصريحه
- اي الوقاحه وقلة الادب دى ؟! انت بتقول ايه !! انا غلطانه انى جيت قعدت جمبك اصلا !!
التوى ثغره باسما بانتصار : والله غبيه ، مفكرة نفسها هتغلب هشام السيوفى !!

بعد قليلا ارتدت فستنانا فضفاضا وظهرت امامه مره آخرى ولازالت ترمقه بنظرات الخسه والازدراء .. نصب طوله هامسا
- غيرتى ليه كان حلو عليك ! بصي هاخد شاور وارجعلك نتفاوض فى حوار السمانة ده تانى عشان مضايقنى!!
حاصرها القلق من كل صوب وحدب .. فتركها فى ثورة اوهامها ودخل ليطفئ نيران لا تشتعل إلا لاجلها .. شعرت بأنفاسها تضيق شيئا فقادتها اقدامها لخارج الشاليه متأففه
- لووح تلج ياربى .. قطب شمالى قاعد معايا فى البيت ياباى منه !!

ظلت تهذي مع نفسها تارة تضحك وتارة اخرى تشتاظ منه غضبا وتارة تصمت وطورا تتذكر ملامحه التى أُسرت بمخالبهم .. ما هى الا عدة دقائق فى ليلها الكاحل وفوجئت بيدٍ تكتم انفاسها بقطعه قماش فتفقدها وعيها بدون أى مقاومه تسقط نائمه ..
جارت الانظار وانفلتت زمامها فدكت القلوب دكًا لاسقط زعم عن انف العقل والمنطق مُتيمه .. لو كان الامر باختيارى ما كُنت اخترت المُر فى حقولك لدقيقه زمنيه .. فالأصعب من الترك هو الاعتياد .. الاعتياد على كل ما يُعاكس هوانا.

سيجارة تتبع الاخرى بدون توقف .. نيران تحرق كل ما يُقابلها بدون تَميز الضار مع المفيد كُله يحترق .. تجوب ناريمان ارضية شقتها حافية القدمين إلا أن توقف خُطاها للحظة لتعيد تهندم هيئتها وتركض سريعا نحو الباب إثر رنينه .. قائله
- لسه فاكر تيجى ؟!
القى عليها زياد نظرات فاحصه :
- ما أنت لسه عايشه اهو !! ما موتيش ؟!
زفرت بهدوء وهى تسحبه للدخول من كفه :
- ادخل يا زياد !!

تحولت نيرانه الخامد لمشتعله وهو يقبض على معصمها بقوة جعلتها تتأوه متوسلة أن يتركها
- فيديوهات اى يا روح أمك ؟! انت هتشتغلينى يا بت ..!!
تتملص وتتلوى وجعًا تحت يده : " أفهم الاول بس .. "
ركل الباب بقدمه ومرت غمامة الغضب امام عينيه فألقاها ارضا بكل قوته جاهرا بصوت كالرعد
- مش أبن السيوفى اللى يتجاب على ملا وشه .. ومن مين !! من واحده زيك ؟!

زحفت ارضًا لتبتعد عن مرمى انظاره ومتناول يديه فانطوى مفرش الارضيه تحت قدمها قائله بصراخ
- افهم بقي مفيش حاجه من اللى هددتك بيها .. انا من الصبح هتجنن ومكنش قدامى حل اجيبك بيه غير كده ..
انخفضت انفاسه تدريجيا وهو يستند بمعصمه على ظهر المقعد قائلا
- انجزى عشان مش طايقك ..

وثبت ناريمان قائمه لتجلس على اقرب مقعد وتشعل سيجارة آخرى
- امك كسبت القضية .. ومطلوب منى ادفع الشرط الجزائى ؟!
دار بهدوء ليجلس على المقعد وهو يقول
- وانا مالى دى غلطتك وانت اتحمليها .. هو انا اللى قولتلك متروحيش ؟!
تحركت بضعفٍ لتجثو على ركبتيها تحت مقعد مستنده بكوعيها على فخذيه
- زياد أنا فى ورطة كبيره أوى ..

زفر بنفاذ صبر : انا هنا باجى اعدل دماغى مش اتحمل نتيجة بلاويكى !!
ارتفعت انظارها تدريجيا وهى تقول بوهن
- زياد .. أنا حامل ..
مال على أذانها وكأنه يبوح لها بسرٍ فألجمها فى منتصف صدرها بدون اي اندهاش وبنبره ثلجيه
- مش زياد السيوفى اللى يتختم على قفاه ويشيل بلاوى غيره .. تمام ياحلوة ؟!

ثم وثب قائما وهو يدفعها بقدمه ليرتطم ظهرها بالمنضدة الصغيره خلفها .. وهو يقول بنبرة توعديه هادئه
- رقمى يتمسح .. وتنسي حاجه اسمها زياد السيوفى .. والا. مممم... بلاش تعرفيها لانك ممكن ماتعرفيش تنامى من الكوابيس ..
حديثٌ قصير جرى بينهم انهاه زياد بالتخلى عنها وهو يقفل خلفه باب شقتها بدون ما يلتفت لحالتها الهزيله .. وهى تحرقه بانظار الخسة والتوعد مردفة
- وحياتك امك عايده يا زياد هوريك هعمل فيك إيه !!

" تحرر من تمردك وانفض غباره اللعين عن روحك وافصح عما تخفيه بين ضلوعك إلى صاحبه .. تحرر من غزو أوهامك قبل فوات الاوان .. "
يقف هشام أمام مرآة الحمام يصفف خصيلات شعره القصيره بعناية بعدما انتهى من حلق ذقنه ومن لحظه للاخرى يقتحم طيف ذكراها امامه فيبتسم بخفوتٍ قائلا لنفسه
- هى دى آخرتك يا سيوفى !! يافرحة مجدى فيا !!

تناول المنشفة البيضاء ووضعها على كتفي فوق صدره العارٍ مكتفيًا بارتداء شورت فضفاض يصل لأسفل ركبته قليلا مصدرا صفيرا خافتًا وهو يختال فى خروج من باب الحمام ..
تجوب عينيه هُنا وهناك بفضول باحثا عنها فلم تمر نسائم عطرها فى المكان !! زام ما بين حاجبيه فعاد الى الغرفه الخاصة بها وجد الباب مواربًا .. خمدت شُعلة فضوله قليلا فأطرق الباب قائلا لنفسه
- هى نامت ولا إيه !! دانا كنت ناويلها !!

امتدت انظاره لداخل الغرفه عندما لم يجد ردا .. ففتح النور مناديا
- فجررر !!
واصل خُطاه الى الحمام الخاص بالغرفة فوجده فارغًا .. تفاقم قلقه وهو يتسائل
- راحت فين دى !!
اسرع خُطاه للخارج فوجد باب الشاليه مفتوحًا .. فوقف قليلا وهو يسب فى سره
- نهارك اسود معايا !! اى اللى مطلعها الساعة دى ؟! طيب !!

أُلجِم بصاعق المفاجأه عندما خرج ولم يجدها ووجد المكان فارغًا من إثرها ولكنه لم يخل من عطرها .. هبط درجات السلم متفقدًا رمال الارضيه التى تعكس آثارا لخطاوى عشوائيه فى بقعة واحدة ثم عدة خطاوى ثابته لشخصٍ واحد سار ليتبعها الى أن اوصلته الخطوات الى الشاطئ .. وقف يتسأل
- هى بتخاف من البحر !! مستحيل تيجى هنا لوحدها !!

رعد صوته مع صوت امواج البحر مناديًا عليها بدون فائده ، جميع الظواهر الكونيه انهالت على رأسه عندما اقتحمته افكاره الشيطانين بأن براثين زيدان تطاولت و وصلت إليها وهى فى أمانه !!
عاد راكضًا نحو الشاليه يبدل ملابسه على حين غُرة مجاريا اتصالا هاتفيا بمجدى وهو يهذي
- مجدى .. فجر ملهاش اثر هنا .. خايف الحيوان ده يكون وصلها !!
خفض مجدى سرعة سيارته تدريجيا
- ازاى الكلام ده ؟! وانت كنت فين ؟!

تناول مفاتيح الشاليه وحفيظته وهم مُغادرا وهو يحرق خطاوى الارض مردفا بنبره آمره
- مش وقته الكلام ده .. كلم صحابك اللى فى المرور يقفلوا مداخل ومخارج اسكندريه ، وكل عربية تعدى تتفتش !
زفر مجدى بقلة حيلة :
- سيوفى أنت عارف انت بتقول ايه ؟! طيب ازاى ؟!
نفذ صبره وهو يسارع فى خطاه جاهرا
- ازاى ايه ؟! بقولك مراتى اتخطفت !! نفذ يامجدى واتصل بابوك يتصرف ويعمل اتصالاته يلا مفيش وقت .. وانا هدور عليها هنا .

مجدى مستسلما : طيب طيب هعمل كده ..
انهى هشام المكالمة بغتة وهو يتجول الطرقات بأعينه كالمجنون باحثا عن أى كاميرات بالقرب منه ، عاد مجدى ليدير سيارته مغرمًا وهو يهتف بدهاءٍ
- كمان ابويا !! دى يبقي كملت ؟! ده اصلا مش طايقنى ولا طايق هشام يلا اهو نحاول وامرنا لله !!

وصل هشام لأمن راكضا وتتسارع انفاسه فزمجر رياح غضبه
- ورينى الكاميرات اللى هنا حالا ..
استغرب رجل الامن وشرع أن يتفوه معارضًا فسبقه هشام الرد وهو يعطيه بطاقة "آمن الدوله" قائلا بنفاذ صبر وشظايا الغضب تهب من فاهُ
- انجز احسن ما ابيتك فالحجز الليله دى ..

- ايوة يا زيدان بيه .. البت معايا !!
هتف فؤاد الاحمدى وهو يقف فى منتصف اللانش الذي يقوده السائق ويرمق فجر بنظرات خبيثة وهو يهتف جملته ممزوجة بصوت امواج البحر التى تود ان تبتلعه .. فتنهد زيدان بارتياح.
- عال زى ما اتفقنا .. رجالتى هتلاقيهم فى رشيد ، سلمهم البت هيسلموك حقك وفوقه بوسه ..

قهقهه بضحكة خبيثه وهو يأكل فجر بأنظاره الدنيئه
- هنسيبلك أنت البوس ياعُمده .. وانا كفايه عليا حقى .
- قدامك كتير وتوصل ؟!
- نص ساعة بالكتير ، وبعدين مش كده احسن بدل ما رجالتك كانوا هيعكوا الدنيا ..
ارتفعت نبرة صوت زيدان ضاحكا
- دماغ المااااظ .. وانا بحب الناس الالماظ ..
- واحنا خدامين جنابك .

- يعنى أي الشاطىء مش عليه كاميرات !! ازاى يعنى ؟!
ضرب الطاوله التى فوقها اجهزة الحاسوب بقبضة يده .. ويترقب ما سجلته الكاميرات بدون فائدة .. فهبت عواصف غضبه بجُملته الاخيرة التى ارعبت رجال الامن .. فاردف احدهم مهزوزا
- ده بناء على طلب الاهالى .. الكاميرات جوه المجمع بس لكن الشاطئ ممنوع ..
اخذ يسب فى نفسه سرا .. فلفت انتباه لقطه خاطفة فهتف سريعا
- وقف كده ؟!

تابع الموظف اوامر بطاعة .. فواصل هشام قائلا
- كبر الصوره .. كماان .. مممم حرك الفيديو ..
هتف رجل الامن : ده ظل ؟! واضح ان اللى عمل كده واحد عارف مكان الكاميرات بالظبط ..
جلس هشام على المقعد سريعا وهو يتفقد هيئة الظل التى التقطتها الكاميرا تحت عمود الاناره .. فكان عبارة صورة معكوسة لشخصٍ يحمل فتاه على كتفه عرفها من ظل شعرها .. فعصف من مكانه وهو يركل المقعد بقدمه ويجرى مكانه هاتفيه ..

- مجدى عملت ايه !
- كلمت رئيس مرور اسكندريه وأمر بتوزيع لجان فى المداخل والمخارج ..
جهر هشام وهو يركب التاكسي
- مجدى ... اللى خد فجر هرب بيها من الساحل، واقرب ساحل لاسكندريه رشيد .. احنا لازم نروح هناك ..
مجدى : اهدى بس مفتكرش ان رجالة زيدان بالذكاء ده وانهم يعملوا كده ؟! دول اخرهم بلطجه ؟!
- اللى خلاه يوصلنا قادر يعمل اى حاجه عشان مخططه يكمل ... مجدى اعمل اتصالاتك ولو مش هتعرف تتكلم مع ابوك هكلمه أنا ..

- اهدى بس ياعم .. انا حكيتله وهو هيتصرف ..
ضرب صندوق السيارة الاجره بغل وعجز مما ثار غضب السائق فكتمها فى نفسه متأففا .. فواصل مجدى
- البت مش لازم تقع فى ايده .. اقسم بالله اقتله ولا انه يلمس شعره منها ..
- طيب اهدى وهنوصلها متقلقش ، المهم انت رايح فين ؟!
- رايح البيت اجيب عربيتى منا مش هقعد متكتف على بال مااعرف اقدم بلاغ فالقسم ..
- حلو حلو .. خليك هناك وانا جيلك ...

رسي لانش فؤاد فى المكان المتفق عليه وهبط منه فظلت اعينه الماكرة تتفقد المكان باحثا عن رجاله .. ولم يمر طويلا حيث ظهر طيف رجلا بعمة وجلباب فأشاره له ليلفت انتباه ... وما هى لحظات كان الخفير يحمل فجر على كتفه والاخر يعطى حقيبة النقود لفؤاد الذي بادله بعُلبه مغلقة قائلا
- العلبة دى فيها مناديل مخدره .. اول ما تبدا تفوق خلوها تشمه هتنام تانى ، بس عشان متعملكمش شوشره ..

اومئ الخفير ايجابا وهم بالرحيل فوقفه هتاف فؤاد قائلا
- امشوا من الطرق الزراعيه بلاش الصحراوي ولا الاساسي عشان اكيد سيادة الرائد هيجند الداخليه كلها لحسابه وينطور رجالته فى الشوارع ..
تبادلا الخفر الانظار ثم اومأوا ايجابا كانهم تفهموا الامر
- زين انك لفتت انتباهنا .. يلا ياولد شهل خلينا نوصلو قبل طلوع الشمس ..

يتشاجر مع كل شيء يعوق طريقه حتى الباب لم يرحمه من نيازك غضبه .. فانهال عليه بالضرب بدون وعى ، ففزعت بسمة من نومها وهى تركض لتفتح الباب بلهفه متمتمه
- استر يارب !!
فضول رهف لم يعوقه ساقها المكسور .. بل استندت عليه لتخرج وترى ما الامر ..
دفع هشام بسمة بقوة وكالثور الهائج فجحظت انظارها بذهول
- هشام !! حصل ايه ..

تجاهل ندائه وتجاهل وقف رهف امامه فسار نحو غرفته سريعا كمن لا يري لا يسمع ولا يتكلم ..وكأن برحيلها سلبت كل حواسه .. اقتربت بسمة من رهف لتساعدها فى المشي وتجلسها فى الصالون ولم تخل انظارهم من الذهول فاردفوا فى نفسٍ واحد
- هو فى إيه ؟!
دخل مجدى الذي تتصبب جبهته بالعرق وياخذ انفاسه سريعا
- هشام جيه !

بسمه اعتراها الذهول : اااه جيه ..
ثم هتفت رهف : مجدى مجدى هو فى ايه ؟!
هتف مجدى سريعا وعيناه تبحث عن هشام
- فجر .. شكل الزفت اللى هربانه منه خدها ..
شهقة واحده اندلعت من جوفهما كانت كافيه ان تسحب اوكسجين المكان فهتفت رهف
- ياعينى عليك يافجر..
بسمه بقلق : ده هشام هيتجنن !!

هبت رياح عايده التى انقطع نومها وهى تربط حزام منامتها الطويله جاهره
- هو فى ايه هنا ..
تبادلوا الانظار سريعا ثم هتفت رهف
- فجر اتخطفت ياماما ..
صمتت للحظه ثم اردفت بتجاهل
- يلا فى داهيه .. عنها ما ترجع تانى ..
خرج هشام من غرفته متجها نحو احد ادراج ( الجزامه ) الخاصه به ففتحه بمفتاح صغير واخرج سلاحه تحت انظارهم .. فاقتربت عايده منه هاتفه
- والله! هتودى نفسك فى داهيه عشان فلاحه ؟! ما تعقل ياهشام !

بات غضبه دقيقا يقتحم الاوجه .. هاتفا بلا وعى
- الفلاحة دى مراتى ... عارفه يعنى اى مراة هشام السيوفى تتخطف .. يبقي القيامه قامت يا مدام عايده !!
دفعها هشام من امه فاصدرت صدره تأوه تبعتها بهتاف
- اصلك غاوى رمرمة زى ابوك .. مهما احاول اغير منكم بردو الدم بيحن ..

توقف هشام محاولا تمالك غضبه وهو يكور قبضته بقوه وباتت عروقه بارزه كالاحبال التى تتصلق عليها المصائب متخذا نفسه بتثاقل .. ثم قال بغضب مكتوم وبنبره متوعده
- طيب احمدى ربنا إنى مش فاضيلك عشان ارد عليك ..

وخزات الندم اصابت قلب عايده فتشبثت برأسها محاولة تهدئة اعصابها وهى تجلس على اقرب مقعد تحت انظار الجميع .. اما عن هشام انسحب بهدوء فلحق به مجدى هاتفا
- استنى يا هشام هاجى معاك ..
وقفه نداء بسمه السريع : مجدى مجدى .. خد تليفون هشام معاك !!

اشتعل الفضول برأس رهف قائله
- ماما .. هو اى حوار الرمرمه ده اللى قولتيه لهشام ، وهو بابا كان عمل ايه يعنى !
صمتت بسمه ولم تكف انظارها عن العتب .. فتضاعف ارتباك عايده التى ركضت سريعا على تناول الحبوب المهدئه وهو تذم نفسها بهستريه
- اعقلى ياعايده .. اعقلى .. هشام بردو ابنك .. ومايقلش عن زياد فى حاجه .. هو طايش بس وهيفوق لنفسه ...

دخل زياد ونظرات الدهشه والغرابة متزاحمه فوق وجهه قائلا
- فى إيه !! ومجدي وهشام مالهم طايرين كده ؟!
هتفت رهف بتدخل سريع : اصلا فجر اتخطفت
- اووف هو يوم باين من أوله ؟! هى كده المصايب متجيش غير جُمله واحده دد
هتفت بسمه بلهفه ممزوجة بتنهيده ارتياح
- انت فين من الصبح يا زياد !

القى مفاتيحه بتأفف وهو يركل الباب خلفه مجيبا بضيقٍ
- هكون فين يعني يابسمه !! مطحون فى المستشفى ؟!
توقفت امامه لتعوق طريقه
- سألت عليك قولولى ما جتش طول اليوم ؟!
- يوووووه بقي يابسمه !! تحقيق هو ؟! انا تعبانه ومش قادر .

قال جُملته وهو يزيحها جنبها ليفسح المجال لخطواته هاربا من تحقيقها الذي سينهال فوق رأسه فى النهايه .. شعرت بوخزه مهانة تصيب صدرها فترقرقت مُقلتيها بدموع الوجع متسائله : ما ذنبى ان جاءنى حبك فى شكل خطيئه ... ؟!

- ياحبيبتى ماهو ماينفعش كده .. كلى حاجه بس !
اردفت مايسه جملتها الاخيره لتعيد محاولاتها الغير مُجديه مع مياده ان تتناول اى شيء .. ولكنها لازالت تحت ضغطها النفسي والعصبى .. فهزت رأسها نفيا بنفاذ صبر
- مش عاوزه اكل اى حاجه يامايسه .. سبينى فى حالى .

جلست بجوارها وهى تحتوى كتفيها : أنت زعلانه ليه .. ما فى داهيه .. ألف مين يتمناكى يا حبيبي ..
استندت مياده على كتفها بصوتٍ خافت : وأنا متمنتش غيره !!
- بأى دليل !! ده حلوف ؟! عملك ايه عشان تحبيه ؟! ده كان منكد عليك .. ياحبيبي رب القلوب اعلم بأماكن فرحتها وانت فرحتك مش مع هشام حتى ولو شايفه غير كده ..

ابتعدت عن اختها وهى تجفف دموعها : " طيب اكلمه .. اسأله هو عمل كده ؟! منا لازم القى اجابه تبرد ناري ؟!"
- بلاش يامياده .. بلاش وسيبى بابا يتصرف وحقوقك توصلك لحد عندك وانت كرامتك متصانه .. بلاش محاولا من نار مع ناس مش شيفانا ولا حاسه بوجودنا..

صمتت للحظات محاوله الاقتناع بكلام اختها ولكنها كالمجنون الذي فقد عقله
- انا عاوزه انزل مصر ..
اصيبت اختها بصاعق قرارها المفاجئ هاتفه بفاه مفرغ : اييييه ؟!

- وصلها يأما .. وصلها وهيموتها ؟
رفعت ناديه رأسها عن المصحف بتثاقل وهى تزيل دمعاتها المترقرقه
- خير ياخالد .. مالك ياولدى ؟
فتح خزانة امه بدون استئذان باحثا عن سلاحه .. فنهضت مفزوعه
- عتدور على ايه عندك ياخالد ..

لازال يتفوه بهذيان كمان فقد عقله وهو يفرغ محتويات الخزانه بعشوائيه
- لو وقعت فى يده مش هيرحمها .. ده راجل ما بيرحمش انا عارفه زين
لم ينه خالد جملته فانتهت بصرخه مداويه من امه وهى تتوسل اليه ليترك السلاح من يده
- احب على يدك ياخالد اعقل .. متوديش نفسك فى داهيه ؟! كله هيتحل ..
اخذت امه السلاح منه بعد مُعاناة هى تربت على كتفه
- عاوز تموت روحك وتسيبنى لحالى ياولدى ..

لطخت ملامحه بحمرة الغضب : ودي عيشة اللى احنا عايشينها دي ياما .. عاجباكى عيشه فرعون وجنوده .. ظلم وقهر وقوانين تقصف العمر ..
فرطت فى الانهييار محاوله تهدئه ابنها : كل حاجه بالعقل لحد ما نرتاح منه ياولدى ؟!بالعقل ..
ثم رفعت وجهه بجبروت امراه : العقل عيقول اننى نوقع عدونا مش نقع معاه ؟! هتستفاد اى لما تضيع انت حياتك وهو عيرمح فى ملكوت الله ..

هدأت انفاس خالد المتصاعدة تدريجيا وهو يشعر بقلة الحيلة والعجز
- والحل .. عاوزانى اعمل ايه يعني !! مش كفايه سكوت ؟! هنفضل ساكتين لميته
- لا بالعقل .. كلم الظابط اللى كنت متابع معاه ..
التوى ثغره ساخرا : ااه جوزها !!
لم تتحمل ناديه هول المفاجأه فجلست تدريجيا محاوله استيعاب الكلمه
- هى اتجوزته ؟! يامرى !! دى هتبقي مجزره !! استر يارب ؟

اتى صباح اليوم التالى بعد ليله مرت عقارب ساعتها على حقل شوك ولازال هشام يلف على كمائن المرور ويتحسس عن اى اخبار تؤدي به إليها ولكن بدون فائده .. قفد زمام السيطره على امره وجن عقله فحسم امره منطلقا بأقصي سرعه نحو بنى سويف ..

يختال فى خُطاه داخل جلبابه وسترته الفضفاضه وهى يأكلها بنيران عيونه مُلقاه ارضا لا حول لها ولا قوة ترفع انظارها بتثاقل فترى حذائه التى يُرعبها صوته كثيرا كذبت نفسها ثقة فى قوة هشام فليس سهل أن تُخطف منه فى لمح البصر ولكن حُسم الامر بارتفاع انظارها المرتعشه التى تساقطت عليه .. فلكزها بمؤخرة عكاره فى كتفها قائلا بشر
- فكرك مش هطولك يابت ال*****.

اتسع بؤبؤ عينيها شاهقة ومتأوهه فى ذات اللحظه وجزئيات (التبن) المنثور تنخر فى جلدها بدون رحمه قائله بوهن وصوتٍ خافت
- زيدان ؟!
وعلى حدا انتشر الخبر فى القريه كالجراد على حقل مثمر فلم يتبق احدا دون أن يعلم .. الصغار يهتفون مهللين
- فجر مراة العُمده جااات ... ابلة فجر رجعت ..

وهناك تعددت الاقاويل بين الرجال قبل النساء من سخريه وشماته وبين شفقه ودعاء لها بالرحمه فتهامست فتاه مع امها فى الحقل
- انا شوفت صورتها فالتلفيزيون لابسه كيف الخوجات .. وبيقولوا اتجوزت من معاون المباحث القديم ..
لكزتها امها : اكتمى يابت احسن حد يسمعك .. كله كدب وكلام سيما ..
لازال الصغار مهللين بسذاجه حتى خرجت عنايات على ثرثرتهم
- خد هنا ياولد .. انت عتقول اى !!

هتف الصغير : ابله فجر رجعت خلاص ياخاله عنايات .. وهترجع تدينا دورس ..
عقدت عنايات (الإشراب ) الصعيدي فوق رأسها قائله
- والله جيه اللى يربيكى يابت صبرى .. وقعتى فى يد اللى ما يرحمش !

صرخة قويه اندلعت من فاهها تطلب استغاثه حيث انهال على رأسها بكل ما اوتى من خذلان وقوة ماسحا بجسدها قاذورات المكان .. لم يستح ان يظهره قوته على انثى اضعف من انك ترفع صوتك عليها .. على اي حال حتى العالم نفسه لا يستحى ان يظهر امامنا بتلك الصوره المروعه .. فى وسط نيرانها تذكرت خلافاتها اللطيفه مع هشام ولكن سرعان ما تعود الحياه قاسيه لتحطم امالنا .. تهتف مستغيه أن يتركها
- سيبنى والله هفهمك ...

يلهث كحيوانٍ جائر فاقد كل قوته : انت تختمينى على قفايا يابت المركوب .. ليه ؟! وتروحى كمان تتجوزيه .. دا اقتلك ولا انه يلمس منك شعره ..
لازالت ايديها وارجلها مُكبلين ولازال صراخها لا ينقطع إثر ضربها وتعذيبه المستمر
- انت فاهم غلط .. سيبنى وانا هفهمك !!

نكث على ركبيته والقى عكازه بجواره وانهال على وجهها بصفعات متتاليه جعلت انفاسه وصوته يتقطع تدريجيا .. لم يكف عن افعاله الوحشه .. تشبث اكثر بخصيلات شعرها وهو يشدها للخلف ليتأمل ملامحه وبكل شراسه فاجأها بصفعة اخرى قضت على ما تبقي من انفاسها فسقطت كقطعه القماش المُلقية ارضا .. وثب قائما ولازال يهذي بعنف
- وحياة ابوك لاحرق قلبك عشان تلعبى بيا انا الكوره ..

ركله قويه حظت بها من قدمه فى بطنها لم تضف اى جديد من الالمها فانحنى ليمسكها مش شعرها مره اخري مهددا
- عارفه لو سربت عليك الكلاب اللى بره هيكون اى مصيرك !! عشان تروحى ترمى نفسك فى حضن عدوى .. لكن على مين !! مبقاش زيدان اما اتغديت بيكى قبل ما هو يتعشي ..

تدخل احد خفره قائلا بنبره عاديه خاليه من اى شفقه
- شكلها ماتت جنابك ..
لازالت انظاره الخسيسه تحرقها قائلا
- تكون اترحمت منى ..
هم زيدان بالرحيل ولكنه توقف للحظه ليعطى اوامره المتغطرسه
- لو هتموت ما حد يوكلها ولا يشربها ولو حاولت تهرب _ثم صمت للحظه_ انت عارف هتعمل ايه !!
- حُصل جنابك !!

- فجر وقعت فى يد عمك !!
اردفت قمر جُملتها بنبره خافته من خلفه وهو يجلس فى الجنينه مدخنا بشراسه .. فاجاب بصوت غاضبا ممزوجا بدخانه
- بس اعرف هى فين !! ومش هرحمه ؟
تحركت قمر لتجلس بجواره بهدوء : انت لسه بتحبها حتى بعد ما بقيت فى عصمة راجل تانى ..

حاول قدر الاماكن ان يخفى حنقه والم صدره المكبوت
- بالعكس .. مقهور كنت مفكره هيعرف يحميها بس طلع كل مناصب فارغه ؟!
- يعني بطلت تحبها !!
- الاهم من انى احبها اكون ضامن انها بخير .. اطمن ان مفيش حاجه هتضرها ..
رمقته بنظرات اعجاب : ان شاء الله هتلحقها زي ما لحقتها اول مره !!

وللحظه دارت انظاره اليها باستغراب فاستقبلته بابتسامه
- مش لسه قايل بنفسك الاهم من الحب انك تطمن ان حبيبك بخير حتى ولو بعيد عنك ..!!
هز ساقه بغضب يتأكل فى كل إنش بجسده .. فقال
- اى رايك فى حال البلد !! بما انك متعلمه وفاهمه !!
- حال البلد !! ولا الحاله اللى عمك عاملها فى البلد !!
سحب نفسا اخرا من سيجارته باستسلام قائلا : اهو كله محصل بعضه !! مش هتفرق ..

- خالد .. البلد بره حيطان القصر ده بيكملوا عشاهم نوم وغداهم ظلم .. انا مستغربه ازاى مفيش راجل ولا حكومه واخده بالها من اللى بيحصل فيهم !! يعني اى بلد اغلب البيوت فيها مفيهاش حتى ميه !! الاسقف واقعه والاجور زي ماانت شايف .. عمك عامل دوله جوه الدوله ناهبها بكل خيرها ..
لازال يستمع لها مهتما ولازال حديثها يشعله ناحية عمه اكثر فأكثر .. فواصلت قائله.

- هو مفكر نفسه مين عشان يمنع اى حد يكون بيشتغل عنده ومن غفره يكون متجوز !! عاوز الرجاله تبقي متفرغه له ولخدمته وبس ..والشخص اللى يتجوز كأنه ارتكب جريمه !! بيقتله .. يعني اللى عاوز يعيش فى ظل نعيم زيدان يضحى بالفطره اللى اتبنى عليها الكون !! عمك فاكر انه هيخلد فيها ؟!
ثم التوى ثغرها ساخرا : ده غير الزفت اللى بيخليهم يطفحوه وبيدمروا بيه صحتهم .. خالد عمك لازم يلاقى اللى يقف فى وشه !!

لم يسطتع خالد ان يُبادلها الحوار فاقتحمت مُهجه مجلسهم بعودها المنحوت
- والله عال !! الدنيا خربانه وانتوا شغالين تتسايروا !! هو اي الحوار ؟
نهضت قمر كالملدوغه متجاهله حديثه مستأذنه بالرحيل فرمقتها مهجة بنظرات الخسه
- هو اى الحوار ياابن ناديه ؟! اى عجباك ؟! نقول لعمك يجوزهالك بدل من صاحبة الصون والعفاف ست فجر هانم !!

حالت كل انظاره الكارهه والساخطه التى تكفى ان تشعل النار بمدينه كامله وهو يرمقها من رأسها للكاحل وبصمت تام تجاهل سخريتها وتركها ورحل معاودا الاتصال بهشام ..

دخلت هاجر مكتب عايده لتُخبرها بتواجد ناريمان بالخارج .. فرفعت انظارها الذابله معانده الصداع الذي يصدح برأسها قائله
- قوليلها مش عاوزه اشوف وشها تانى ؟!
اقتحمت ناريمان المكتب بدون استئدان جاهره
- للاسف مايجيبنيش ليك غير الشديد القوى كوين عايده !!

جلست ناريمان واضعه ساق فوق الاخري فبرزت ساقيها اللامعه وهى تقول
- هتقوليلها تطلع بره ولا اتكلم قدامها وتبقي فضايح بفضايح ..
اشارت عايده لهاجر ان تخرج ثم التفت اليها بغضب وكأنها وجدت من تفرغه به
- احنا مش فين بين محكمه وافتكر ان معادها لسه مجاش .!
التوى ثغر ناريمان ساخرا : والاحسن انه ما يجيش ؟!

- هاتى اللى جواكى !! مش فاضيه لك ؟!
واصلت ناريمان حديثها بثقه : بصي من الاخر هنتفق وانت للاسف مش قدامك غير توافقى !
- وللاسف شكلك متعرفيش انى مش بعمل حاجه غصب عنى !!
- مضطره تعملى كوين عايده !!
اشعلت ناريمان سيجارتها واتخذن منها نفسا عميقا ثم اردفت
- هتتنازلى عن قيمة الشرط الجزائي !
- بتحلمى ؟!

لازالت نبره ناريمان مغلفه بالهدوء : وانت هتحققي والا ..
- اااه انا بقول هاتى وألا عشان قبل مااجيب انا الامن يرميكى بره ..
- بصي من الاخر انا حامل !
لم يبد اى تغير على ملامح عايده بل تضاعفت نظرات الخسه
- واحده زيك يتوقع منها اى حاجه ..

استقبلت لعنتها بابتسامه فقالت : وابوه يبقي ابنك الدلوع زياد .. يعني تلت الهيلامان ده انا وابنى لينا فيه ؟!
تجمدت ملامح عايده من هول كلامها قائله : انت كدابه !!! زياد ما بيعملش كده ؟!
قهقهت ناريمان بانتصار : زياد ابنك ياكوين عايده ما يعملش غير كده .. وممكن اثبتك ؟! واوريكى فيديوهاتى مع ابنك ياحرام !!
- اطلعى بره .. والا هجيب الامن يرميكى روحى ارمى بلاويكى على اى حد غيرنا ؟!

هدأت نبرة ناريمان قائله
- تتنازلى عن الشرط الجزائى وتدينى مبلغ انزل بيه اللى فى بطنى واعيش بقية حياتى مرتاحه هسيبكم مرتاحين .. هتعندى من غير يمين هقلب الترابيزه عليكم .. وفيديوهات ابنك المحترم هتتوذع فى كل مكان وساعتها هيتفصل من النقابه وابقي يقعد جمبك يصمم فساتين !! يومين وهستنى الرد .. يااما هرد انا باسلوبى ..
(صدق من قال ان المصائب لم تأت فرادي بل تأتى جُملة وتفصيلا).

فى تمام العاشره صباحًا اقتحمت قوات الشرطه قصر زيدان وانتشرت فى جميع ارجائه .. دلف هشام بكامل قوته وشموخه جاهرا
- مش عاوز ركن مايتفتشش ؟! يلا !!
خرجت مُهجه من باب البناء بزيها المثير للانظار وهى تقول بسخريه وتتمايل امامهم
- اى الدخله دي ؟؟هو فى ايه ياحضرة الظابط وليه الدوشة دي ياخويا !! انت ناسي انت داخل بيت مين !

تجاهل هشام هتافها وهو يجهر بصوته قائلا للعساكر : اسررررع يلا ..
- هو اى اللى اسرع ماتفهمنا ياخويا !!
هبت عواصف غضبه فى جهها قائلا : الزفت صاحب البيت فين ؟!
- ايوووووه زفت !! بقي سيد الناس كلهم يتقاله زفت ؟! مالكش حق واصل ياحضرة الظابط !!

رمقها بنظرات الخسه والاشمئزار ثم استدار بجسدها هاتفا : ننجز فى السريع يلا ..
فهتفت مهجة : الا انت ياخويا بتدور على قولى يمكن افيدك ؟!
تعمد هشام تجاهل زنها الذي جعله يحترق غضبا وهو يمسح بانظاره المكان .. فتدللت مهجه امام انظاره قائله
- جربنى ؟!
زفر هشام مغتاظا مشمئزا من حركاتها الانسيابيه التى تعمد ان تظهرها لتجذب انتباهه بها
- ينفع تلمى نفسك وتختفى من وشي ..

- هيييييه كنت هساعدك !! بس شكلك مالكش فى الطيب نصيب ؟
التفت انظار هشام نحوه بعدم تصديق ثم اتبعت قائله بصوت منخفضه بعد ما تأكدت من عدم انتباه احد لهم
- فاكر التليفون اللى جيه لاخوك زياد عشان يحذركم .. كنت انا ومستعده كمان ادلك على الهانم مراتك .. بس شكلك قفوش ومالكش فى الكلام الودى
القت جمر كلماتها بحلقه ثم استدارت امام لتهم بالرحيل ولكن كانت قبضته اسرع من خُطاها قائلا.
- هى فين ؟
غمزت له بطرف عينيها : اهو كده يحلو الكلام !!

 

تاااابع ◄