رواية أباطرة العشق ( عشق من نار ) ( عندما تعشق الفرسان ) الجزء الحادى عشر
امرح اليوم بطيف وجودك الذي يحاصرنى .. واخشي ساعه الفراق وفقدان الامل .. واحتلال اليأس محل طيفك .. كلمة سريه لك .. لازال قلبى يسد مسامه كى لا يتعكر صفوى امتلائى بك ولكن الحقيقه المُره المكتوبه فوق جباه العشاق " كلنا على موعد مع الغياب " .. كلنا سنتفترق مهما طال البقاء .. -
- " الحق ياحمزه بيه نصيييبه وحلت على النجع كله " ..
كانت تلك اخر جمله تلفظ بها الخفير قبل اقتحام مجدى مجلسهم .. فتفوه قائلا
- اى الدوشه دى ... فى اييه بره ؟!
جهر حمزه الخياط مردفا
- ماتنطق ياجدع انت .. فى اييه بره والناس دى ملمومه ليه ؟!
يقف الخفير يرتعد كأن ساقيه على ارض طينيه رخوه .. فاردف بصوتٍ متردد:
- اهل البلد كلهم متجمعين وعاوزين يهجموا على القصر ..
صوت سليم من الخلف وهو يستمع كلامه بعنايه
- ليييه ايه اللى حوصل .. الناس دى مش واخده مرتباتها ولا اييه ..؟!
الخفير بقلق: يابيه دول عاوزين ياخدوا تار راجح بيه الله يرحمه .. ومحدش قادر يقف قصادهم واصل ..
فى نفس ذات اللحظه اقتحم اهل البلده دهليز القصير .. استداروا جميعا ليجدوا احتشاد من عشرات الفلاحين بيدهم فوانيس تلتهب بالنيران مجمهرين بصوت تُقرع له القلوب .. اقتحم النقيب حمزه اجتماعهم متسائلا
- فى ايه هناك ؟!
استند حمزه الخياط على عكازه لييتقدمهم متجها نحو احتشادهم المفزعه الذي خكف القلوب قبل الانظار .. واكب سيره سليم ومجدى والنقيب حمزه وكلٌ منهما تعلو ملامحه علامات الدهشه والفضول .. انضم لهم محمد وعماد ف آنٍ واحدٍ وهما فى حالة من الذعر والذهول ..
" في شقة سليم "
تأكل خطاوى الارض اغتياظًا .. شيء ما يتأكل بجوفها كفأر يقطم في حواف قلبها بدون رحمه .. تجوب غرفتها ذهابا وايابا .. ثم اطلقت زفيرا قويًا وهى تنظر لاعلى
- اعمل اي بس ياربى .. انا تعبت والله ..
فالتفت سريعا نحو صوت هاتفها لتلقى نظرة على اسم المتصل " xxxx" صاحب الاسم المستعار .. اخذت شهيقا عميقا وبعد تفكير استمر لدقيقه عزمت على الرد .. نطقت بتأفف
- افندددم ..!
اذاً بصوت يرتسم معالم الحزن ببراعه قائلا
- قبل اى حاجه مش عاوزك تاخدينى بذنب عمى وولد عمى فايز ..
تحركت في منتصف غرفتها بتثاقل .. فهتفت قائله بارتباك
- انتوا تقتلوا القتيل وتمشوا فى جنازته ! وبعدين انت متصل بيا ليه .. انا مش عاوزه اعرفك تانى ..
- حقك .. وحقك كمان تقولى اكتر من اكده .. بس واجبى انى اعزيكى !
- شغل التعابين دا مش هياكل معايا .. انتوا اى خطتكم! وجد بت عمك لسه قافله مع جوزى وانت جاى تكلمنى دلوقت .. ناويين على راس مين المره دى ؟!
صمت آدهم لبرهه ثم اردف قائلا بنبره هادئه يخفى خلفها شياطين افكاره .
- شوفتى عاد ان مصلحتنا واحده .. بصي انا مش هتقل عليكى .. احنا ياستى ولاد بلد وبنفهم فى الاصول وكنت مكلمك اعزيكِ .. بس شكل موت جدك مأثر .. عموما اسف على الازعاج ياست الستات ..
طافت عينيها يمينا ويسارا بحيره ثم اردفت بتردد
- استنى ..
ضحكة انتصار ارتسمت على ثغره ثم قال بتصنع
- خير ياهانم .. انا هقفل اهو ومش هزعجك تانى ؟!
وقفت على طراطيف صوابعها لجزء اقل من الثانيه ثم عادت لتجوب غرفتها مما يعكس صورة على ارتباكها وفوضى مشاعرها .. فاطرقت قائله بنبره متراقصه على اوتار القلق والحيره
- عاوزه اقابلك ..
نقطه آخرى تحسب لكيده وتدون فى سجل انتصاراته .. لبس ثوب التجاهل وعدم الاهتمام فرد قائلا
- طالما مش واثقه فيّ عاوزه تقابلينى ليه !
- اووووف .. انا لازم اشوفك ضرورى .. لازم نشوف حل للمصايب دى كلها ..
- تمام ياست هانم .. شوفى فين وامتى وانا تحت امرك ..
- تمام .. الصبح بدرى فى مكاننا ..
- " عمد ومشايخ وكبار قنا عاوزين ايه ؟! "
صوت قوى جمهورى مصدره رجلٌ من جبل .. جهر حمزه الخياط بجملته وهو فى كامل هيبته التى تتهتز بها خطاوى الارض .. ارسل انظاره على الجميع منتظرا ردهم .. فاطرق شيخ الخفر قائلا
- عاوزين تار كبيرنا ياحمزه بيه اللى البلد كلها عايشه فى خيره .. مش راجح الهوارى اللى يتقتل على يد عيل مايساواش ..
اجابه حمزه بفظاظه
- اهاا انتوا عاوزينها حرب عااد !
رد اخر: " حرب بشرف وبأخلاق ياحمزه بيه .. حرب نرد بيها كرامه النجع وكبيره .. مااحنا لو سبناها عايمه اكده هيركبونا لامؤاخذه وهتبقي بلد ملهاش كبير "
شرع عماد ان يتفوه ولكن سبقه حمزه الخياط قائلا
- حرب ايه اللى بشرف واخلاق واذا كانت الحرب وحدها منافيه للاخلاق والشرف ! .. عاوزين تقوموا حرب عشان تبقي الخساير اكتر "
تفوه اخر قائلا بنبره قويه
- الحرب هى اللى بتختارنا مش احنا اللى عنختاروها يابيه .. واحنا جايين اهنه نتكلموا مع رجالة الهوارة اللى لو سكتوا على تار جدهم ولبسوا طُرح احنا مش هنسكتوا واصل..
اشتعلت النيران فى جوف الجميع .. ندبت عفاف على خديها بقهرة تترقب رد اولادها الذين لم يمروا الحديث كمرار الهواء المحمل بشظايا اتربه عابثه .. تأهب سليم ومحمد للانقضاض عليه ولكن انظار حمزه الخياط كانت اقوى من ثورتهم العارمه .. وعلى حِده جهر مجدى قائلا
- انتوا جايين تغلطوا فينا .. جرى ايه ياشيخ البلد ماتقول كلمه .. !
شيخ البلد: معاد الحرب أذنت ياولدى ولازمن نكون يد واحده عشان النجع يفضل بقوته قصاد الكل واللى يستجرى ينطق بكلمه يفكر الف مرة قبل مايقولها .. احنا جاايين نكون مع بعض مش ضد بعض ..
اخترق حمزه الخياط صفوفهم المترابطه بمفرده .. هيبته وقوته اجبرت الجميع على الصمت والالتفات اليه باهتمام .. شرع فى التحدث بثقه وحكمه وهو يردد:
" عال! .. عاوزين تقووا الحرب .. ونسيتوا ان الرغيف المغموس بالدم الكل عينفر منه .. انتو مفكرين ان الدم والقتل هو اللى هيرفعكم قصاد الخلق ؟! .. راجح الهوارى قضاه وحل اييه هتمنعوه ؟! هتستكتروه على اللى خلقه .. سايبين الشيطان يدغدغ فى مخكم ليه ويضحك عليكم ويجركم لطريق واعر انتوا مش قده ! انتوا عاوزين تتكلموا بالسلاح ليه وتتاحموا ورا زناده وانتوا اقوى بعقلكم وسماحتكم وتفكيركم .. عاوزين ترملوا حريمكم وتيتموا عيالكم ليه ! الكل ف الحرب خسران حتى الكسبان دا يعنى خسارته اقل .. كل الربكه دى عشان قوة ونفوذ خداعه بتجركم لطريق الخراب والفساد .. راجح الهوارى طول عمره ضد الدم والحرب وانتوا جاايين تعلقوا الدم على روحه ! الحرب طول عمرها كر وفّر يوم ليك وعشرة عليك .. لو كل دا انتوا عاملين سحابه ومتنازلين عنه اتفضلوا وانا اولكم نقتل فى خلق الله كأننا ملوك الارض .. سكتوا لييييه عاوز اسمع كلامكم واعرف الميزه اللى هتطلعوا بيها من الحرب ؟!"
تفوه آخر بجدال
- من قتل يُقتل يابيه .. وربنا قال " وَلَكُمْ فِى ٱلْقِصَاصِ حَيَوٰةٌ يَٰٓأُوْلِى ٱلْأَلْبَٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " ..
رد عليه بحزم
- وربنا قال ﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾ واللى قتل اتقتل نبقوا خالصين ... ولا ايييه يارجاله .. ؟!
نظر محمد الى اخيه سليم بحيره .. فاقترب منه سليم متعمدا ان يلصق كتفه بكتف اخيه فهمس قائلا
- تخافش الحق هيرجع ومش بالدم .. بالنار !
طأطأ شيخ البلد رأسه مردفا
- صوح كلامك ياحمزه بيه .. عندك حق فى كل كلمه قولتها ..
جهر حمزه قائلا.
- هاا يارجاله اللى عاوز يكمل فى سكة الدم يتفضل احنا ممنعناش حد .. بس رجالة الهوارى عاقلين ومأمنين بقضاء ربهم وحقهم رجع والنصبه اللى هنا منصوبه عند عدوهم .. يبقي ليه تولعوا النار اكتر ما هى والعه ... روحوا لبيوتكم وعيالكم .. وواجب الهوارى عليكم انكم كلكم تقفوا فى عزاه وتدعوله ربنا يرحمه ...
بدات صفوف الاهالى تتفكك ببطء ويتراجعوا للخلف وكل منها يتهامس مع الاخر ليبدى رايه الذي يؤيد حديث حمزه الخياط والذى يستغفر ربه .. واخرون يتهامسون بكلمات غير واضحه .. بعد عدة دقائق اصبح القصر خاليا من اى شخص اجنبى .. استدار حمزه الى احتشاد اهل البيت فالقى سؤاله على الاخوه قائلا
- يارب تكونوا اقتنعتوا يا رجاله ؟!
عماد بحزم
- عداك العيب ياابو عاصم ..
نكز مجدى اخيه سليم معاتبا
- لموا دوركمم .. وبلاش فتونة الدراع دى ..
محمد بتحدٍ: ياويلهم من اللى هيجرالهم منينا ..
النقيب حمزه: انا شايف ان لمتنا هنا ملهاش لازمه وسايبين الصوان من غير صحابه ..
تحركوا جميعا نحو الصوان الضخم ليبداوا فى مراسم العزاء حتى انتهى اليوم بسلامٍ ..
" فى الصباح الباكر "
تقف امام المرآة ترتدى تي شيرت فضفاض باللون الاسود وبنطلون اسود وشال صوف لُفح على رأسها .. ضغطت على هاتفها بقبضه كفيها وهى تسحب نفسا عميقا كأنها تطفىء نيران جوفها ناسيه ان الاكسجين يزيد من اشتعال نيران الشوق والحقد معًا بدون تميز ..
- اخرتها اى ياماجده .. انت متاكده انك عاوزه سليم وبتحاربى عشانه !
صوت اخر يخضعها تحت تاثير اوهامها
- انا بحميه .. وجد مش ناويه على خير معاه !
اهتز بدنها على صوت ذبذبة الهاتف .. فردت سريعا
- ااه نص ساعه واكون عندك ..
يفتح باب سيارته مبتسما بمكر
- على نار .. مستنيكى على نار ..
تحركت سريعا وهى تأخذ مفاتيح منزلها وتركض وما بداخلها يركض معها خوفًا .. وصلت الى الحديقه المشتركه بين القصر وبنايه شققهم .. طافت بعيون مرتبكه حتى ارتعد جسدها بصوت سليم الذى اتاها من الخلف
- على فين العزم !
شهقه عاليه انطلقت من جوفها وهى تردد بارتباك
- س سليم .. انت كنت فين طول الليل ؟!
- ما اكيد مش هسيب الرجاله واجيلك ..
اطرقت باسف
- ااه صح .. طيب انا كنت عاوزه مفاتيح عربيتك ياسليم .. ممكن .. !
نظر لها بشكٍ
- رايحه فين على وش الصبح اكده !
خفضت انظارها لاسفل وهى تحكم حبكة خطتها ..
- اصل ياسليم كنت راحه مشوار كده .. تقدر تيجى معايا على فكرة ..
زفر باختناق فاتحدث من خلف اسنانه قائلا
- انجزى ياماجده رايحه فين ٧ الصبح !
دنت منه فجاة حتى اصبحت ملاصقه بجسده وهى تلبس رداء الخجل
- رايحه المستشفى اكشف ..
- تكشفى على ايه .. والدكاتره اللى هنا عندك اختك وعندك محمد .. ماتتعدلى وتحكى على طول ..
- اووف ياسليم .. مش هينفع محمد ولا صفوة ... لانى رايحه اكشف نسا ..
رفع حاجبه مستنكرا
- تكشفى اي يااختى ؟!
دمعه من طرف عينيها سالت كدموع التماسيح وهى تردف بخجل
- سليم بطنى من امبارح منيمتنيش وطول الليل بعيط وبشرب حاجات سخنه ومش عارفه فى ايه ووووووو اصلها متأخره وكده يعنى ؟!
رمقها باستغراب .. فاقال
- هى مين دى المتأخره !
- سليم ! اوووف اصل اصل ... بص انا مش هينفع اقولك تقدر تيجى معايا بنفسك وتشوف الدكتورة هتقول لى ايه عشان انا مش مطمنه خالص ..
اختنق من حوارها فأخرج مفتاح سيارته سريعا وهو يتحدث بنبره آمره
- المفاتيح اهى ياماجده خدى واحده من اخواتك وروحى ومتعوقيش ..
- طيب ماتيجى معايا انت .. هو انت مش جوزى بردو قدام الناس ..!
- انا ماليش خُلق للحوارات دى .. قولت تاخدى اختك معاكِ وتنجزى قبل ما حريم البلد يتلموا ..
اطرقت بطاعه
- حاضر ياسليم ..
ترقبت خطاوى سليم حتى اطمئن قلبها .. فاسرعت نحو سيارته لتفر هاربه نحو مقصدها الكيدي ..
" فى شقة مجدى "
تسلل على اطراف قدمه وهو يدخل الغرفه التى تقطن بها صفوة .. ففتح خزانه ملابسه ليخرج منها ما يلزمه .. قاصدا ألا يقلق نومها .. يستمع الى صوت انين متأوه يصدر منها فيمزق روحه لاشلاء .. تنهد مجدى قائلا برجاء
- سامحينى ياصفوة ..
علبه صغيره سقطت ارضا بدون قصد ففزعت من نومها وهى تشهق بصرخه مكبوته .. اشعل مجدى انارة الغرفه سريعا ليطمئنها
- متقلقيش مافيش حاجه حصلت ..
اكتظت ملامحها واصبحت اكثر عبثا وضيقا
- انت جاى هنا تعمل ايه .. اطلع بره مش عاوزه اشوفك اصلا ..
تعمد تجاهل حديثها تماما .. فدار بجسده ليلتقط ملابسه .. كررت جملتها مرة ثانيه ولكن الفارق ف تلك المرة كانت تقف خلفه تماما وهى تضرب على كتفه بقوة ..
ضغط مجدى على شفته السفليه دون ان يلتفت اليها قائلا
- حلى عن نفوخى ياصفوة !
- انا مش طايقه اشوفك قدامى ولا طايقه مكان انت موجود فيه ..
ضرب بقبضة يده ضلفة الخزانه مما بث الرعب بداخلها فتراجعت خطوة للخلف وهى ترتعد لصوته
- متخليش الواحد يخرج من شعوره معاكى ..
- انت معندكش دم ولا احساس .. وبصراحه جيه الوقت اللى اقولك فيه انى مش عاوزاك من كل قلبى يامجدى .. انا مش هعيش مع بنى ادم رجعى متخلف كده زيك .. همجى كل حاجه عنده بالبلطجه ..
وضع المنشفه على كتفه وهو يتناول باقى ملابسه
- سبحان الله وامبارح كنتِ بتتخانقى معايا لانى مش بلطجى .. انت عندك انفصام ياما ! هااا تمام وايه تانى !
- شايفه انك تخلى عندك كرامه وتطلقنى .. خلاص اللى جوزنا مات .. نطلق بقي عاوزه ابقي حرة ياخى ..
تحرك بحريه ف غرفته وهو يبحث عن شيء ما بداخل الادراج متعمدا تجاهل حديثها تماما عاقدا العزم بأن بركان غضبه تلك المرة اقوى من انها تفجره بكلمات .. فهتفت قائلة بغضب
- كلمنى هنا زى مابكلمك ...
- اوووووف صفوة البسي عبايتك وانزلى اقعدى مع الحريم تحت وبطلى تصرفاات عيال لاوقتها ولا اوانها ..
وقفت امامه لتعيق طريقه بحده
- انت ازاى راجل وقابل على نفسك تفرض حياتك عليا .. !
بعدها عن طريقه بلطفٍ متجاهلا سؤالها .. فصرخت ساخره
- هااا حتى دى بدات اشك فيها .. اى الغباء اللى انا فيه دا اصلا .. وهو فيه راجل يسيب مراته كده لحد دلوقت .. شكلى لبست بدل الخازوق اتنين .. عينى على بختك المايل ياصفوة !
استدار اليها ببرود لامتناهى وابتسامه مثلجه قائلا
- طيب مش كنتِ تقول لى ! عموما كلامك دا هتتحاسبي عليه بعدين .. ليك روقه يابت عمى ونشوف ...
ثم دنى منها خطوة وهو يتحدث بنبرة اقوى
- ١٠د وألقى فطارى جاهز .. وعاوزك تعندى ومتعملهوش ياصفوة !
- هتعمل ايه يعنى !
نظرة حاده خلعت قلبها .. فلونها ببسمة ماكرة
- هعمله انا ...
بروده اشعل النيران بداخلها اكثر مما جعلها تضرب الارض بأقدامها كالاطفال .. مع كل كلمه تحاول بها ان تتفجر براكين ثورته كى تتخلص من حصاره فبمنتهى السهوله يلبسها ثوب كيدها ضاحكا ..
" فى مكان زراعى بعيدا عن الانظار "
صفت سيارتها مقابل سيارته ورمقته بنظرة خائفه .. اتخذ ادهم قراره سريعا ودلف من سيارته واتجه نحو السيارة التى تقطن بها ماجده ليفتح لبابها بجراءه ويجلس بجوارها ويتكأ للخلف:
- يا صباح الورد على الورد ..
استدارت بجسدها نحوه ولازالت طبول الخوف تُقرع بجوفها
- لا ورايق كمان !
- وماروقش ليه وانا جمبى القمر بحاله ومنظر طبيعى وصوت العصافير واحلى جو يروق اى دماغ ..
- " هو انت شايفنى حلوة بجد " ؟!
هربت الجمله من بين شفتيها فاره من كبت مشاعرها المكبوته .. وكانت اشبه بصنارة جديده يعزف على طُعمها .. فاجابها بهيام
- المفروض واحده زيك متسائلش سؤال زى دا .. انت اللى يكون معاكِ يصلى ليل نهار شكر لربنا .. تعرفى ان سليم اول مرة يطلع غبى ! اول مرة يرفس النعمه ومايقبضش عليها زى كل مرة .. هو سليم معندهوش نظر للدرجه اللى تخليه يسيب واحده زيك ويبص لبره !
كلماته كانت كمخدر لروحها الهرمه .. شعرت بقشعريره ربيع تدب الحياه بأرضيها البور مرة ثانيه .. ظلت تستمع اليه باهتمام بالغ تريد ان تسمع المزيد والمزيد من الكلمات التى تعطش لها قلبها حتى جف .. اخذت نفسا طويلا لتفيق من سطو كلامه على ممتلكات روحها .. ولكنه بادر بتصرف آخر انتشت له كل حواسها عندما تجرأه على كفها ليغتصبه بانفاسه الممزوجه بدفء المكر مقبلا اياه بحنو بالغ .. جذبت ماجده كفها كمن اصابه صاعق كهربى .. وهى تقول
- انت ازاى تعمل كده .. انت اتجننت ..
اكمل ادهم مسرحيته
- اسف مكنتش اقصد .. كنت عاوز اعبرلك عن مدى اعجابى بيكِ بس ..
- احنا هنا عشان نوصل لحل مش نعجب ببعض ..
اطرق بأسف مصطنع
- اسف ياست الكل .. مش هتتكرر .. ها نخش فالمهم ..
- ياريت تخلينا فى المهم ..
غمز لها بطرف عينه بطريقه لفتت انتباه قلبها
- هو فى اهم من انك قمر فعلا وكل مرة شافتك فيها عينيا دغدغتى قلبى ..
استدارت بجسدها متأففه كى تدلف من السياره .. فأحكم قبضته عليها بسرعه وهو يقول
- وسعى خُلقك عاد .. سكتت اهو مش هنطق تانى ..
عادت ماجده لمقعدها واتكأت للخلف وهى تسأله
- انت عاوز ايه !
- فى ايه بالظبط ؟!
- منين انك متفق معايا عشان تبعد سليم عن بنت عمك لانك بتحبها ومنين شغال تتغزل فيا من الصبح !
ضحكه ساخرة انطلقت من جوفه مع تنهيده مكتومه وهو يقول
- ااااااه .. ومين بس قالك انى حابب وجد .. عاوزك تفهمى ان وجد اتفرضت علىّ زيها زي نسبي للعتامنه .. فجاة لقيت نفسي يتيم الاب وعم بيربيه على كل حاجه تتدمر الانسان اللى جوايا من غير مااعترض ولا اقدر اقوله كلمه تعكس اوامره .. حتى وجد اتفرضت عليا عشان ورثها وعشان ابعدها عن سليم اللى طمعان ف مالها ..
شرعت ان تعترض كلامه لتخبره بأن سليم الهوارى لديه من الاموال ما يكفل بلده بأكملها ولكن سرعان ما رد ادهم قائلا
- عارفك هتقولى سليم مش محتاج بس البحر بيحب الزياده ياماجده .. تعرفى! انا حقيقي مابقتش عارف عاوز اى نفسي اعيش حياه هاديه بعيده عن اى دم ومشاكل نفسي فى واحده تخطفنى من عالمى لعالمها .. انا بكره العتامنه كل يوم اكتر من اللى قبله ...
مابتستغربيش دى الحقيقه اللى مش بعرف اقولها حتى لنفسي .. انا مش عاوز اى حااجه حتى وجد متلزمنيش وسبب انى معاكى هنا انى عاوز اساعدك .. مش عاوزك تدوقى المر اللى انا فيه .. انا عارفك مظلومه ويمكن اكتر منى .. وانت ست مكسورة الجناح وزى القمر متستاهلش غير تعيش فوق السحاب مش فى بيت راجل بيجى عندها ويبقي اعمى ..
انخطرت دموع عينيها حسرة اثر حدة كلماته التى تبرى في حواف قلبها .. كلماته صحت كل الامها المكبوته .. فاكمل ادهم حديثه لاعبا على وتر اكثر حده
- واحده زيك تكون جمبى وشعرها زى الستاره الملفوحه على كتفى اروى منها روحى .. تفتكري الواحد عاوز اي اكتر من كده .. ماجده انت تستاهلى تتحبى وتكونى محور الكون لشخص مش شايف غيرك .. مش واحد عايشه معاه كأنك اخته .. مش هى دى الحقيقه !
صرخه وجع انفجرت من ثغرها وهى تبعد انظارها عنه مستنده برأسها على مقود السياره
- انزل ... قولت انززززل .
هرب حجابها من فوق راسها .. فثارت جيوش الانتقام في عروق ادهم اكثر .. مد كفه كى يرويه من امواجها المنسدله خلف ظهرها وبعد تردد رفع كفه بصعوبه ثم ربت على كتفها بحنو
- ماجده مش بقولك كده عشان تبكى .. ممكن تهدى ..
صرخت بانفعال اكثر مع رجفة قويه احتلت جسدها
- قولت اتفضل انزل ..
استسلم ادهم تلك المرة لرغبتها ودلف من سيارتها وهو يضغط على شفته السفليه بتوعد كأنه يُحضر كل شياطين شره لتحقيق مخططه الجديد ..
" بعد مرور ثلاثة أيام "
مرت الايام بعقارب سلحفيه على قلوب الجميع .. ولم يختلف الحال كثيرا عن الايام السابقه .. كل منهما تقوقع داخل صدفة احزانه وهمومه ملتزما الصمت متسلحا بالدمع ..
اليوم بعد انتهاء العزاء قرر حمزه الخياط ان يعود لمنزله .. ولكن قبل مغادرته قرر ان يجتمع بهما كى يضع حدا نهائيا للوضع الذي تبدو معالمه مخيفه للغايه ..
- هتفضلى مبوزه كده كتير .. !
اردف النقيب حمزه جملته وهو يستعد للخروج .. فتجاهلت حديثه تماما ولم ترفع نظرها اليه بل زاد تركيزها فى شاشه هاتفها .. فعاود مناديا عليها بحزم
- عششق !
- اوووف هو مش واضح انى ليا ٣ ايام مش بكلمك ولا هكلمك ياحمزه ..
- اقولك ايه اتعدلى وبلاش جنانك دا ..
- براحتى ..
حمزة معاتبا
- كده ياعشق !
رد معانده: هو كده يا حمزه ..
- تمام .. اللى يريحك ..
- تطلقنى ...
- وماله .. ادينا هنروح وابقي نشوف خالى رايه ايه ..
- عاوز اعرف رجاله الهوارى ناويين على ايه قبل ماامشي ..
اردف حمزه الخياط جملته على اذان الحاضرين من محمد وعماد وسليم ومجدى وامهم .. فردت عفاف سريعا
- ولادى هيفوقوا لمصلحتهم يااحمزه بيه ويديروا اشغال جدهم ولا اييه ؟!
عماد بحكمه: جدى قبل ما يتوفى كان وزع تركته وكل واحد فينا عارف اللى ليه واللى عليه ..
حمزه بتشجيع: عاااال .. يبقي كل واحد يراعى مصالحه وتكونوا يد واحده محدش هيقدر يفرقكم ابدا ..
رمقه محمد بنظره غاضبه لفت انتباه حمزه ليوجه حديثه اليه سريعا
- مالك ياامحمد .. هو الكلام مش عاجبك ولا ايه ؟!
- لا جنابك عداك العيب ومتشكرين على وقفتك جمبنا طول الفترة دى ..
- مافيش شكرانيه يامحمد خير جدك راجح على الكل واولهم عيلة الخياط واكراما ليه انى واقف جمبكم فى محنتكم ..
اجابه على مضضٍ
- عشان كده بردت ناره وردمت على دمه .. ونعم رد الجميل !
جحظ عماد بكلتا عينيه لمحمد .. فرد حمزه سريعا
- وليه هو انا قفلت عليك ولا خدت منك سلاحك .. يلا طبنجتك فى يدك واتفضل اقتل اللى عاوز تقتله ..
عماد بحده: ماتفضها سيره بقي يامحمد !
- العتامنه تعابين سمهم لسه مالى البلد .. ولازمن نخلصوا الناس مش شرهم ..
مجدى بانفعال: ماتسيب الملك للمالك يااخى انت محمل نفسك فوق طاقتها ليههه ..
- راجح اتخطف من وسطينا ياعماد ومحدش فينا قدر يعمله حاجه .. انتوا ازاى قادرين تبقوا بالهدوء دا ؟! ولا طبعا واحد عاش حياته كلها ف اسكندريه والتاني متربي ف مصر مع خاله .. تعرفوش حاجه عن تاريخ الهوارى ..
سليم بهدوء: هو انا مش قولتلك اللى مابيرجعش بالدم عيرجع بالنار ياضكتور ...
محمد بانفعال: كيييف ! هااا اى هو مخطط الهوارى الصغير؟!
وقف سليم فى منتصف مجلسهم ليفجر قنبلته الموقوته وهو يقول
- لما وجد سالم عتمان مراة سليم الهوارى على سُنة الله ورسوله تشرف من بكره اهنه تبقي اول ضربه فى مقتل للعتامنه ... كيف ماعيقولو حرب بارده !
والامسيه التى اتخذت فيها قرار نسيانك .. استيقظت لأجدك قابع فوق ساقى ككره زرقاء .. تبدو ان الروح تعاقبنى على قرار تخلصها منك .. كأنها تخشي ان تفقدك فلم يتبق منها لى شيئا .. وذات الليله اكرر خطأى، فماذا سيكون العقاب ياترى ؟! اظن انها ستفر هاربه من ذلك الجسد الذي يؤلمها كثيرًا .. - جنتنا
وقف سليم فى منتصف مجلسهم ليفجر قنبلته الموقوته وهو يقول
- لما وجد سالم عتمان مراة سليم الهوارى على سُنة الله ورسوله تشرف من بكره اهنه تبقي اول ضربه فى مقتل للعتامنه ... كيف ماعيقولو حرب بارده !
حاله من الصمت خيمت على الجميع وهما يتبادلون الانظار بصدمه شديده .. حاول كل منهما استيعاب عبث جملته بشتى الطرق ولكن دون جدوي مهما حاولت ان تهرب من الحقيقه ستعود إليها .. وقف عماد بتثاقل وهو يقترب من سليم متسائلا بشك
- اه دا مخططك الجديد اللى مش هيتم ! مش كده ..؟!
ثم تدخل محمد سريعا فى حوارهم
- انت عتخطط لجوازك منها بعد كل اللى حصل ياولد ابوى ؟!
صمد سليم فى مكانه عاقدا كفيه خلف ظهره فاردا كتفيه هاتفا بهدوء
- متحاولوش تكدبوا ودانكم .. انا عارف زين قولت اى .. وانتوا سمعتوا وفهمتوا اى !
حاولت عفاف تستجمع قوتها كى تقف على ساقها مرة اخرى وبعد عدة محاولات اخيرا تشبثت بساعد عماد لتقف امامه جاهرة بلوم
- اتجوزت بت قتالين القُتله ياسليم ! ليييه ياولدى تعمل اكده ؟ ليه تموتنى بقهرتى عليك .. طب ميته وفين وكييف ! اتجوزت فى السر ياسليمممم ؟!
اجابها باختناق يكسو صوته
- القلب ومايريد ياعفاف .
- ياخى ملعون ابوه القلب اللى يحط راسنا كلنا فى الطين .. كيف هتأمن على اسمك معاها .. دى واحده خانت اهلها ونامت فى حضنك من وراهم .. قول لى كيف واحده سلمت نفسها رخيص تديها ثقتك .. ! فين عقلك ؟!
جهر سليم مقاطعا بحزم
- فى الحب والحرب لازمًا نخلعوا عقولنا .. وكلمة تانى وهنسي انك امى ياعفاف .. لأنك لو امى صوح كنت هتثقى فى ولدك واختياراته .. ومش تربية عفاف اللى تخلينى انام فى حضن واحده تانيه بالسر ..جوازى لوجد على ورق وبس ..
- يبقي احنا فيها وخالصين ياولدى .. تطلقها ويادار مادخلك شر .. ولا ايه يااعماد متنطق ياولدى !
- وانا متجوزتهاش عشان اطلقها ياما .. وجد هتيجى تعيش اهنه وهتبقي ام احفادك اللى سليم مستعد يعيش محروم من الخِلفه عمره كله لو مكانتش هى ام ولاده ..
محمد بعصبيه ووجه لطخ بدماء الغضب
- انت اكيد جرى لمخ حاجه .. واعى لكلامك ياخوى ..
سليم بحده: شكلكم انتوا اللى مش واعيين انها بقيت مرتى يعنى حديتكم لا هيقدم ولا يأخر .. وياريت كلكم تقبلوا بالامر الواقع .
عماد بغضب مكبوت
- كنت رضيت بيه انت ! .. ومشيت مع الريح مش يمكن كانت هتاخدك لمكان ماتهواه روحك مش ماشي مع قلبك لحد ما هيوديك فى داهيه ..
- ماليش غيره امشي وراه ياخوى .. ولو مشيت مع الريح زى ماعتقول كان هيطفى نار شغفى وحبى ومكنتش هحييا بعديها .. هعيش ميت بلا قلب ..
قبض محمد على لياقة جلبابه بعصبيه
- البيه جاى يحبلنا واحنا فى قلب النار ..
ثم لكمه بقبضه يده بقوة صارخا
- ودى عشان تفوقك من وهمك ياولد الهوارى ..
صرخت عفاف بحسره .. وسرعان ماتدخل حمزه الخياط ومجدى فى حوارهم العنيف .. استطاع عماد ان يبعدهما بصعوبه بالغه .. فتراجع سليم خطوتين للخلف باتزان مختل .. صرخ عماد قائلا بعتاب
- هى حصلت تمد يدك على اخوك يا محمد ..
-اللى يبيع دمنا مايبقاش اخوى ..
حمزه بصرامه: ماتهدى يامحمد .. مالك طايح فى الكل ولا عامل احترام لحد .. هو كان جدك لوحدك اللى مات !
مجدى وهو يربت على كتف سليم
- كويس ان الهوارى مات قبل مايشوف اليوم اللى بتستقوى فيه على بعض ياولاد عادل ..
دفع سليم مجدى بعيدا وهو يحدف اخر متفجراته
- عتمد يدك عليا ياضكتور ! طب اسمعوا كلكم سواء قبلتم او رفضتم مراة سليم الهوارى هتيجى اهنه .. والكل هيحترمها غصبا عنه .. والا انا اللى هتصدرله ..
صرخت عفاف بحسره وعتب
- روح دارى خيبتك وداويها ياولدى .. مش تجيبها لحد عندنا ... روووح ..
عماد بحزم: ماتحرجش نفسك وتجيبها ياسليم لانى وقتها انا اللى مش هخليهم يدخلوك ..
سليم بعناد: تمام .. هنشوفوا ..
لاول مرة يقف حمزه الخياط عاجزا عن التصرف .. فوضع امامه ميزان بكفتين باحدهما القلب الذي يقدسه والاخرى العقل الذي يتنافر مع كل مانميل اليه .. ضرب كف على الاخر قائلا
- لله الامر من قبل ومن بعد ..
خرج سليم يأكل خطاوى الارض غضبًا كل ما يملأ عقله وقلبه كيف يظفر بها كى يستمد منها قوته التى تهشمت فى بعدها .. مع صوت اخر بداخله يذيع ما يرميه اليه القدر دائما فيرتل دعنى انصب خيمة الشوق على بابك، لعل جفن الغياب يرق لنا ولو ليله يدونها سجل الانتظار انه انتصر .. انتصر بليله واحده اروى منها عطش الغياب .. وجد امامه النقيب حمزه خارجا من غرفته فاشار له
اقترب حمزه بتعجب وهو يترقب هيئته قائلا
- خير ياسليم .. مالك ؟! ووشك ماله !
- سيبك انت .. المهم عاوزك فى طلعه كده .. قولت اى ؟!
غمز له حمزه بمزاح
- رقبتى سداده !
فى قصر العتامنه
- مالك ياوجد ماتهدى اكده .. جرالك اى راحه جايه كيفك كيف اللى فقد عقله !
اردفت ورد جملتها وهى تقفل كتابها .. فتنهدت( وجد ) بكللٍ
- قلبى واكلنى قوى على سليم ياورد .. حاسه فى نصيبه ..
- نصيبه اى بس كفا لنا الشر .. بطلى جنان واقعدى او انزلى شغلك اللى منزلتهوش ليكِ اسبوع دا ..
- اووف ياورد انت كمان .. مش وقتك خالص ..
كانت اخر جمله اردفت بها قبل ان يصدر هاتفها صوت استغاثه لقلبها .. ورد بتعجب
- ادهم رجعلك محمولك ؟!
- اشش اششش .. دا سليم مش قولتلك قلبى مش مطمن !
ركضت ورد إليها بفضول حتى التصقت بها قائله
- ردى طيب .. يلا بسرعه ..
وجد بخوف مكبوت: سليم ! حصل حاجه ..
سليم بعصبيه: طبعا حصل وانت ولا على بالك ياهانم ..
عبثت ملامحها وخلع الرعب قلبها من مكانه .. فوجهت كلامها لاختها بتلقائيه وخوف بالغ
- مش قولتلك ياورد .. قلبى مش مطمن وحاسه فى نصيبه ...- ثم وجهت سؤالها لسليم -
حصل اى ياسليم .. خلعت قلبى
ابتسم ابتسامه نصر مردفًا بغزل
- حصل ان قلبى مش لاقيه من ساعة مابعدتى عنه .. حصل انك وحشتينى اكتر من اى مره قبل اكده .. حصل انى عاوز اغمض عينى وافتحها القاكى فى حضنى بالظبط..
لكزه النقيب حمزه بنفاذ صبر: ماتخلصنا ياعم النحنوح ..
ضحكه سريعا انطلقت من ثغر سليم قائلا
- خلاص ياعم .. اسمعنى زين ياوجد ..
رفعت وجد نبرة صوتها باغتياظ مما جعل اختها تلصق اذنها اكثر فى الهاتف لتستمع لحديث سليم بفضول .. فجهرت وجد
- اسمع ايه دانت ايامك سودة معايا .. بتشتغلنى ياسليم ..!
- لو مشتغلتكيش انت هشتغل مين ! المهم عاوزك تجهزى وجاى اخدك دلوق ..
- اجهز فين وتاخد مين ومنين .. انت مالك مش مظبوط فى كلامك ؟!
- وجد .. من الليله هتكونى مرتى قدامك الخلق كلهم وهاجى اخدك .. وعيلتك كلها ماهتقدر تقف قصادى ..
احتشدت الكلمات بحلقها محاولة استيعاب صاعق كلماته بذهول
- انت اتجننت ! تيجى تاخد مين! .. عاوز تولعها ياسليم ..
سليم بحده: وجدددددددد
- وجد مين بس .. بص ياسليم انا مش هخاطر بيك .. ومن الاخر كل واحد فينا يروح لحاله يابن الناس .. انا ولا هاجى ولا هروح وانت طلقنى بسكات ونرضي بالمكتوب .. لكن كل اللى قولته دا مستحيل .. يامررررررى دا كانت تبقي مجزرة !
سليم بهدوء اثار جنونها اكثر
- تمام .. خلصتى !
- انت ناوى على ايه .. مش مرتحالك ؟!
- بكره هتعرفى .. يلا سكتك خضرة ..
- سليممم !
- قولت سكتك خضررره ..
ثم قفل الهاتف سريعا بدون ماينتظر منها ردا .. موجها كلامه لحمزه
- قولتلك دى بوومه وراسها حجر .. ومايمشيش معاها الذوق
ابتسم حمزه ثم اردف
- يبقي طريق القانون .. مافيش غيره ..
ورد بفضول: تفتكرى سليم هيسمع الكلام !
لازالت تحت تاثير صدمتها مردفه: سليم اللى اعرفه مش هيسمع كلام حد .. وهيقلبها مجزرة ... استرها يارب .. ناوى على ايه ياولدى الهوارى !
- هتفضلى قاعده كده من غير مصلحه !
اردف مجدى جملته وهو يدلف من باب شقته ويلقى مفاتيحه جنبا .. فركل الباب بساقه قائلا
- مش وراكى غير المخروب اللي في يدك دا ! هموت واعرف جايبه الروقان دا من فين !
اعتدلت صفوة في جلستها متأففه
- ياريت كل واحد يخليه في حاله !
رمقها بنظره خاطفه قبل ما يغادر مجلسها قائلا
- سبحان اللى مطول بالى عليكِ
ظلت تحرق ظهره بنظرات ناريه فانعكس دخانها علي قلبها ليشعرها بشيء ما قُرعت له طبول قلبها متنهدا سرا
- هو انا ليه طول اليوم كنت مستنياه يجي واول ماجيه الف حاجه جوايا عاوزه تتخانق معاه .. !
ثم عادت مره اخرى لتنظر في هاتفها متجاهله كم المشاعر المتدفقه بجوفها .. فشهقت بصوتٍ مكتوم عندما فتحت تطبيه واتس اب وجحظت كل اعضاء جسدها بذهول وزعر
- ياحيوووان .. يالهوووووووى ..
اذًا بمجموعه صور فاضحه من رقم غير مسجل ولكنها تعرف هويته جيدا .. تفحصت الصور بجسد منتفض وهى تلهث خوفا والما يحرقها بالداخل .. ثم ارسل لها رساله اخرى
دي حاجه بسيطه من ياسر حبيبك يادكتوره .. والله كنت هبعتهم لجوزك اولى .. لولا انه سبق وطلعلك دلوقت
جمله اخرى ارتعد لها كل ساكن .. جعلتها تتلفت حولها وكأنها تقف على مراجل تتوق .. استجمعت ما تبقي ما اعصابها لتكتب له رساله غمست بدموع عينيها
- انت عاوز اى منى ..
رد سريعا
- بصي كده من شباك شقتك وبعدين هقولك انا عاوز ايه !
لملمت شتات روحها المفتته وتعكزت على عكاز الخوف لتنظر من النافذه فتراه يقطن بداخل سيارته مرتدي نظاره سوداء ويلوح لها بمكر .. عادت لتراسله مره اخرى ولكن تلك المره كانت اقوى
- انت لو ماقولتش عاوز اي مش هتروح من هنا سليم
- انت اعقل من انك تعمليها ياصافى .. اى عاوزه تفضحى نفسك وجوزك البيشمهندس وتوريله نفسك وانت فى حضنى علي البحر !
- انت عارف ان الصور دي متفبركه ومش انا اللي اسلم نفسي لوحد قذر زيك .. وبلاش توهم نفسك مجدي مستحيل يصدق كده
- تيجي نشوف !
طرق الخفير بهيئته المفزعه على باب سيارته قائلا
- انت ياخينه واقف ليه اهنه ..
الشهقه خرجت من جوفها اثنين عندما وجدت مجدي يقف خلفها يتسائل
- بتعملى ايه !
القت الستار سريعا وهى تلهث رعبا مردفه بارتباك
- هاا مافيش .. مافيش حاجه لوسمحت وسع من قدامى.
نظر اليها بشكٍ
- متاكده!
دفعته من امامها وكأنها قاصده الهرب من حصار عينيه .. فاقترب مجدي من النافذه ليرى ما كانت تنظر له .. فلم ير شيئا فرفع حاجبه متعجبا
- اى وراكى يابت عمى ..
- والله واحشنى .. كده ياواد متسألش على ثريا .. دانا فى يوم من الايام كنت حماتك بردو !
اردفت ثريا جملتها وهى تتاكد من غلق باب الغرفه خلفها كأنها تنصب خيمه مكيده جديده .. فرد عليها محسن قائلا
- فين بقى ما ست الدكتوره صدقت ما مشيت وقفلت الباب وراها .
ضحكه ماكره شقت ثغر الحييه
- افهم من اكده انك لسه باقى ومستنى ..!
ضم محسن الفتاه العاريه الى صدره اكثر .. ليردف بخداع
- والا مستني .. وغلاوتك عندى ياحماتى قلبى وعينى ماعارفين يشوفوا ست تانيه بعد نورا .. انا من بعدها بقيت يتيم والله ..
ضحكت بانتصار وهى تتكأ على فراشها بتمايل
- عال .. يبقي اسمعنى وفتح ودانك معاي زين !
- هو حصل حاجه .. يعني اقصد وشك متغير ليه !
اردفت نورا سؤالها بعد تردد استمر طويلا وهى تراقب عبث ملامحه التى ينبعث من دخان الغضب .. رفع انظاره اليها قائلا بتساؤل
- هو انا ليا حق اقف فى وش اخواتى لو اللي بيعملوه غلط ..
غادرت مقعدها سريعا لتتجه اليه وتجلس بالقرب منه وكأن شيء ما بداخلها يقودها اليه ولكنه منتظرا فرصه واحده .. فاجابته بحكمه بعدما اطالت النظر بعينيه لتقول
- من حقك تنصح اخواتك .. ومن حقك تساندهم لكن مش من حقك ابدا تقف ضدتهم مهما عملوا كل واحد حر ف اختياراته !
تنهد بمراره وهى يتأملها طويلا .. فاجابها باعتراض
- لا .. لأول مره متفقش معاك في حاجه .. انا اخوهم الكبير ومن حقى اكسر رقبتهم لما يغلطوا !
ردت بهدوء
- بأى حق ! انت ترضي حد يتدخل في حياتك ! ويقولك تعمل اي ولا متعملش !
- انا مش بعمل غلط عشان اسمح لحد يعدل عليا يانورا ..
اجابته باعتراض وثغر لم تفارقه ابتسامه الامل
- كلنا بنغلط .. احنا فيها عشان نغلط وفكرة انك تقول مابغلطش دا فى حد ذاته اكبر غلط .. احنا بشر مش ملايكه ياعماد .. طيب هو انت ممكن تقول لى حصل ايه !
فكر عماد لوهله فماذا يجيبها ايخبرها بأن اخيه تزوج على اختها ويشعل النار التى يسعى لاخمادها !
- مش مهم .. متشغليش بالك ..
- انت تفكيرك غريب وكلامك اغرب النهارده على فكره ..
ابتسم باستسلام فهربت جمله من جوف قلبه بدون اى رقابه منه قائلا
- انا اول مابشوفك ببقي شخص تانى مابعرفهوش !
امتلأ وجهها بدماء الخجل .. فأطرقت بحياء قاصده استماع المزيد منه
- وياترى الشخص دا انت حابه ولا ...!
تخلص من باقيا الحزن بجوفه بزفير عميق مردفا بعيون مضئيه كنجوم الليل
- مش عارف .. هو شخص كل مابيشوفك بيقي عاوز ياخدك فى حضنه كأن فى جوايا فراغ مش هيملاها اى حد غيرك ..
لاول مره تستشعر بقلبها يدب به الامل مجددا .. فزهر وجهها بورود الحب ورفرف فوقها طير الولع فوثبت هاربه من عذوبة كلماته التى استحوذت كيانها ولكنها فوجئت برد فعل اقوى عندما تشبث بكفها قائلا بعتب مصطنع
- هو انت مخدتش بالك انى قولت عاوزه اخدك فى حضنى !
بللت حلقها الذي جف من صاعق كلماته المفاجئه
- عماد .. فيك ايه !
سحبها بلطفٍ يكاد شق قلبها لنصفين ليغرز به عشقا من نوعٍ خاص فجلس بجواره قائلا
- بس المره دي الالم فاض بيه .. فعاوز يشوف نفسه فى حضنك ..
لم ينتظر منها اى رد بل تركها فى غيوبة كلماته التى تدفقت من صميم الوجع فأزاح ذراعها بعيدا ووضع رأسه فوق قلبها تحديدا .. كأنه اراد ان يستمع للحنه الذى يتخدر به كل ما تبقى من اوجاعه .. فاقت نورا على يدها التى تمر على كتفه بحنان ام ف ثمه نقص بنا لا يعوضه الا شخص واحد ..
فى غرفة الضيوف التى يقطن بها حمزه الخياط وزوجته
- يعنى مش هنمشي النهارده .. حمزه تقلنا على الناس ماينفعش كده !
قالت وعد جملته وهى تزيح العباءه البُنيه من فوق كتفيه بلطف .. فنصب ظهره اكثر ليساعدها مردفا
- لا طبعا المسا هنروحوا .. عاصم والهام لوحدهم هناك وكمان امى بعافيه شويه وعندى مصالح ياوعد واقفه ..
تحركت بهدوء لتقف امامه وهى تظر له بعيونها التى تفيض بالحب
- طيب وسليم !
شق ثغره ابتسامه لونت ملامحه بحب فريد من نوعه قائلا
- تصدقى عجبنى .. هو مجنون بس خلينا متفقين ان العشق من غير جنانه مايدومش ..
رفعت حاجبها باعجاب ثم اردفت معانده
- بس الريح المره دي مش فى صالحهم ياحمزه .. دا تار ودم ياحبيبى !
دنى منها بهيبته العظيمه ليضع كفه على خدها بحنان قاصدا اطالت النظر بعينيها فقال
- واى ذنب الريح طالما الحب من ورق ياوعد ..
ابتسمت بانبهار وهى تضع كفها على كفه قائله
- مافيش مرة فشلت انك تغلبنى ياابن الخياط ..
- ومافيش مره فشلت عيونك تخلينى اقدر اخبى حاجه جوايا عليكى ..
- ربنا يديمك فى حياتى ياابو عاصم .. اقولك صح فى حاجه ملاحظها كده بس مش عارفه تخمينى صح ولاا غلط
- خير ياوعد .. احكى
- مش عارفه بس شكل بنتك وجوزها متخنقين .. وخناقه كبيره اوى كمان !
تنهد بارتياح مردفا
- هى حكتلك !
- تؤ مقالتش حاجه
- يبقي خلاص ولا كأنك شوفتى حاجه !
- ازاي ياحمزه .. بنتك مجنونه وانا عارفاها ..
- ياستى كبري دماغك .. زي مابيقولوا اكده زيتهم يقليهم ..
- ياسلااام !
- بس انت محلوة ليه النهارده كل دا عشان عرفتى اننا هنروح ؟
- حمزه متغيرش الموضوع ..
- متغيريش انت الموضوع وخليكى جدعه ..
- واجبك كأب لما تكون بنتك فى مشكله تحلها مش تعاكس فى امها ..
حاوط كتفيها بذراعه وتحرك نحو الاريكه مردفا
- واجبى كأب اخلى بتى تعيش حربها بنفسها .. ومش هقولك عشان انا معاها النهارده مش باقى لها بكره والجو دا .. لكن هقولك ان العيش ريحته مش بتفوح غير لما يدخل الفرن وتلسعه النار .. الحب كده لازم تلسعه النار عشان يعرفوا يعيشوا فى عزه ولا ايه ياام عاصم ..
وقفت مكانها لبرهه ثم عادت لتقف امامه مره اخرى وتلك المره تشيعه بابتسامه فخر قائله وهى تحضنه بشوق
- كده يااعظم ابو عاصم فى الدنيا كلها ..
- طيب انت مش هتقول لى متعصب ليه ..
اردفت يسر جملتها بفضول وهى تقترب من مرقده .. ف زفر محمد باختناق
- يسر مش طايق نفسى حلى عن سمايا ورحمة جدك ..
بسطت جسدها بجواره برفق: طيب قول لى في ايه اوعى تكون اتخانقت مع اخواتك !
تقلب في فراشه لينام على جنبه مبتعدا عنها
- يووووه انت مابتسمعيش الكلام ليييه !
- يوووه يامحمد طيب خلاص بص لى طيب عاوزه اقولك على حاجه ..
تجاهل توسلها اليه مصطنع النوم فدفعته بقوة تجاهها
- منا مش هقدر اسكت اكتر من كده ..
اعتدل من نومته ليجلس متأففا
- عاوزه اى انت كمان !
تشبثت فى كفه بحنيه وهى تتحدث بصوت منخفض
- عاوزه اقولك حاجه يمكن تفرحك !
- مافيش حاجه هتفرحنى لانى مش شايف غير سواد قدامى .. فاحسنلك تسكتى !
خطفت كفه بعنوه لتضعه فوق بطنها مردفه
- حتى ولو قولتلك ان راجح الصغير جاى فى الطريق !
نظر على موضع كفه فوق بطنها ونظره اخري لعينيها ثم عاود النظر لبطنها مره اخرى متسائلا بغباء بّين
- مش فاهم !
ابتسمت كضياء الصباح الذى محى عتمة ليله قائله
- هو انا معرفش حصل امتى بس الواضح كده ان حتى حبوب منع الحمل مقدرتش تقف فى طريق حبنا وسعادتنا .. محمد انا مبسوطه اوى حاسه ان ربنا حب يعوضنا على غياب جدو الله يرحمه ..
جيوش من المشاعر المختلطه تهجمت بداخله .. فكانت تنظر له بابتسامه كافيه ان تقلع احزانه بجوفه من جذرها ..شيء ما بداخله اصبح مضئ جعله يحب الحياه اكثر لازال غائصا فى صمته حتى تحدثت يسر قائله
- يامحمد فى اي انت مش فرحان زيي !
واخيرا زهرت ملامحه بابتسامه بعد ايام من الذبول .. خطفها بقوة بين ذراعيه مما جلعها تنفجر ضاحكه ومدتلله كطفله صغيره تمرح مع حبيبها .. تنهد محمد فى حضنها كثيرا ثم اردف قائلا
- متتصوريش انت بالخبر دا عملتى فيا ايه .. يسر انا بحبك اوى وحقيقي مابقاش ليا فى الدنيا غيرك انت والطفل اللي جاى دا ..
رفعت انظارها اليه ولازالت تتشبث بجلبابه: ربنا يخليك ليا ياروح قلبى .. كنت متاكده ان الخبر دا هيبسطك ..
جذبها اليه وهو يريح ظهرها حتى اصبح جزءها العلوى مستندا على صدره وهو يدلع كتفها بانامله قائلا
- ليك عليا لو طلع ولد هعمله ليله ولا الف ليله وليله وهدبحله عجل ولا اقولك اتنين بس هو يجي بالسلامه بس
- ياسلام اومال لو بنت !
-هدبحلها 5 عجول .. دانا اتمنى تطلع بنت ياسلام اكيد هتكون اسد زي امها ولا اي !.. تم فرحتنا يارب ..
استندت بذقنها على صدره قائله
- ممكن محدش يعرف بالموضوع دا .. وخصوصا ماما يامحمد ..
رفع حاجبه مستنكرا: حماتى !
اومأت راسها ايجابا: ااه معلش .. عشان فرحتنا تتم !
- اااها طيب اي رايك اول واحده هتعرف ثريا وتورينى هتعمل ايه
زغرت له بتوسل
- محمد ماينفعش .. لا عشان خاطري بلاش ..
مساءًا
- اتمنى تكونى احسن دلوق
رساله نصيه على الواتس اب من ادهم انارة شاشه جوالها فقرأتها مرات متعدده وبعد تفكير اجابت
- ااه بقيت احسن الحمد لله ..
- ينفع اسمع صوتك ...
ممم عشان بس اتاكد انك بخير فعلا ولا لا ...
- ملهوش لزوم .. واصلا سليم هنا
- ممممم .. تمام اسف لو ازعجتك
قرات الرساله ثم فكرت دقيقه وبعدها واصلت الكتابه قائله
- كنت بتطمن عليا بس !
- بصراحه كل مااحاول انام كنت بشوفك فى كل مكان حوليا .. حتى جوايا حاسك بتجرى زي الدم فى عروقى .. فقولت اكلمك واقولك خفى جري جوايا عاوز انام ..
فتح سليم باب المرحاض وهو يجفف شعره بالمنشفه ..وبسرعه البرق حذفت ماجده الشات مع ادهم واغلقت بيانات الهاتف بتوتر بالغ ولكنه لم يلفت انتباه سليم الذى تناول باقى ملابسه وخرج من الغرفه بصمت تام .. ظلت تنظر له طويلا حتى نزف صوت بداخلها قائلا
- تجاهلك يؤذينى حتى اشعر بألا يوجد قلب بصدرى
فى صباح اليوم التالى
يقف امام باب القصر العملاق شخص معلقه بكتفه حقيبه جلديه ، يحمل بيده مجموعه من اوراق .. يرتدى على عينيه نظاره زجاجيه عدستها مُقعره وزى رديء باللون الرمادى .. خلفه الخفير بزيه الصعيدي حاملا سلاحه على كتفه .. هتف المُحضر قائلا
- يابتنى عاوز المُدعى عليها ( وجد سالم عتمان ) ..
رمقته ورد بنظرةِ حائرةٍ خائفه تتأرجح على اوتار القلق
- خير .. انت عاوز اختى لييه ؟! ماتنجز ياعم انت !
اوشك الشخص على التحدث فأوقفه هتاف وجد المدلفه من أعلى مردده
- فى ايه عندك ياورد ؟! واقفه ليه اكده ؟!
تكورت اصابع قدمها قلقا لتجيبها بنبره مرتعده
- وجد .. تعالى في واحد عاوزك .. وشكله ميطمنش واصل !
ودعت ساقيها درجات السلم لتلمس سطح الارض وتخطو بارتباك نحو اختها مردده
- ما تقول عاوز ايه ياجدع انت !
صوت جمهورى انبعث من الخلف ليردد بفظاظةٍ
- فى اي يابت اهنه !
كانت جملة اشبه بطلاقات الرصاص المنبعثه من فوهة بشرية لديها قدرة عجيبة فهى قادرة على اختراق جميع اجزاء الجسد ولست موضع نيشانها فقط، تجمدت ( وجد ) بموضعها لترمق اختها بخوفٍ بدّت معالمه على اعينهم المنتفضة، وحلقهم الذي جفّ .. تفوه المُحضر قائلا
- يابيه ماتخلصونا عاد !
تقدم ( حيدر ) نحوه بغضبٍ
- جرى لك ايه ياجدع انت .. عاوز ايه ؟! وانت مين اصلا ؟!
- يابيه انا معايا انذار للمدام وجد سالم عتمان ..
كانت تلك المرة جملة اشبه بقنبله قُذفت من فمّ رجل غريبٍ لديها القدرة على تحطيم بلدة بأكملها .. شهقة مكتومه انبعثت من الفتيات وهما يرمقان بعضهما بهلعٍ .. اقتحم ( حيدر) مجلسهم ليهتف بزمجره
- مدام مين ياجدع ! ... انت اتخوتت في راسك اياك! بتنا لسه خطوبتها على ولد عمها اخر الاسبوع .. اسمها الست الضكتورة وجد سالم عتمان ..
تأفف المُحضر قائلًا.
- يابيه دا انذار ب ( طلب طاعه زوجيه ) من المدعى سليم الهواري بيتهم فيه الهانم بتغيبها عن منزل الزوجيه وهو عاوز مراته خلال ٣٠ يوم والا المحكمه هيكونلها تصرف تانى ... ماتتفضلى تمضي وتخلصينا ياست ...
تلعثمت الكلمات في حلقها محاولة استيعاب عواقب المصيبه التى حلت على رأسها .. تراجعت خطوة للخلف ليرتطم ظهرها بمؤخرة سور السلم منتظره رد فعل الاسد على تمرد احد سُكان عرينه .. لينبعث من جوفها صوت معاتبٍ
- كل مره بسحبنى منك جوايا بتنتهى كل محاولاتى بالفشل .. ليه كده ياسليم ليييه بتفتح فى وشنا طاقات نار احنا مش قدها !
سالت دموع اختها رعبًا تترقب نظرات عمها المرعبة .. اما عن حيدر فأنقضّ على سترة المحضر مزمجرًا بعنف
- انت عتقول ايه ياولد المحروووق ... !
وجدك فاض بى، وانتِ بناره جاهلةً، استغيث بقربك لترحمى عاشق يحرقه غيابك، اود ان اطفىء نار اشتياقى بقبلة او حضنِ تالله القلب من ملّح فقدانك ذاب، إما اوص نار الشوق ان تكون بردًا وسلامًا على قلب عزيز ذلهُ عشق وجدانك.
"كثيرا ما نتشبث بالخوف عندما نريد ان نحتفظ بأقصى درجات الامان "
على ارجوحه مخاوفها كل مابها يرتعش حتى تفككت اعضاء جسدها فجعلتها عاجزه عن الحركه .. وقفت متجمده فى مكانها منتظره جلادها الذي لا مفر منه .. اليوم اصدر حبيبها على روحها حُكم الاعدام وجاء عمها المنفذ للحكم بأشد انواعه .. التصق ظهرها بنهايه " درابزين " السلم وهى تلهث اخر انفاسها بصعوبه ..
زمجرت رياح غضب حيدر التى قررت أن تطيح بكل ما يقابلها بعدما قرأ الانذار بعنايه ثم عصر الورقه بين اصابعه القويه وينظر لها بعيون التهمتها ثوره الضجر ووجه لُطخ بدماء الشر وهو يصرخ فى الخفير
- ارمى ولد المحروق دا برا ..
صاعق كهربي فتك بها .. فتراجعت للخلف بخطوات سلحفيه وهى ترتعد وكل ما بها يصرخ خوفا كشعور البرئ المقبل على حبل مشنقته متسائلا " بأى ذنب قتلت " .. التفت سريعا كى تهرب من حصار نيرانه التى حولت كل ما بها لرماد .. ولكنها سرعان ماصدرت صرخه دوى صداها جميع انحاء المنزل حتى احتشد الجميع ...
بمنتهى اللا رحمه والجبروت قبض حيدر على شعرها المختبئ خلف حجابها وجذبها اليه حتى سقطت ارضا تتأوه بين يديه من شده الالم ..
استمر حيدر فى سحبها وهى تتوسل اليه برجاء والم وصراخ ممزوجا بكلمات غير مفهومه .. ركضت كوثر بلهفه لتجثو على ركبتيها مدافعه عن ابنتها باستغراب
- حوصل ايه بس .. هببت اى البت دي كمان !
ركلة باب قويه التفت اليها عيون الجميع ممزوجه بصوت هاتفا كالرعد
- وانت مكنش حد قالك انه اللى يمد يده على مراة سليم الهوارى اقطعله !
تلفظت باسمه مستغيثه وهى تزحف لتبتعد عن جبروت عمها الذي صدم بتواجد سليم امامه .. فاستقام بتثاقل وهو يدخل كفه بسترته ليخرج سلاحه ولكنه فوجئ بعساكر الشرطه تنتشر فى القصر ..
ركضت وجد عليه كالماء الذي يبحث عنها تائها فى الصحراء .. تعلقت بكتفه وهى تلهث انفاسها بصعوبه بالغه وكل ما بها يرتعش ..
دار سليم للخلف وهو يقول: اهو شوفت بعينك ياحضرة الظابط اثبت عندك .. خاطف مرتى وعيضربها كمان ومانعها تيجى بيت جوزها ..
كان النقيب يوسف هائما بملامح ورد التى اصيبت بحاله من الصدمه محاوله استيعاب ما يحدث امامها .. فالتفت الي سليم قائلا
- هااا .. تمام هنسجل كل اللي انت عاوزه ياسليم بيه ..
تعمد سليم ان يقرب وجد منه اكثر ثم اردف بصيغه آمره
- يلا ياورد هاتيلى حاجات وجد على السريع عشان نلحقوا نروحوا بيتنا ..
التفت يوسف اليها باعجاب: وكمان اسمك ورد !
تدخل حيدر مزمجرا بغضب شديد
- تاخدها فين ومين قالك انى هسمحلكم تخرجوا على رجليكم اصلا ..دانا هقتلكم ولو هاخد فيكم اعدام
تتدخل النقيب يوسف سريعا ليقف امام حيدر
- لو سمحت مافيش داعى للشوشره اكتر من كده .. سليم بيه مقدم فيك بلاغ انك خاطف مراته وكمان بتضربها واحنا شوفنا دا بعنينا .. ممكن تتفضل معانا بهدوء ..
حيدر باقتضاب: اتفضل فيييين واخطف مين يابيه .. دي واحده قل
جهر سليم مقاطعا: دي مراة سليم عادل الهوارى واللى يرشها بالميه ارشه بالنار !
ثم رفع نظره بعيدا ليوجه حديثه لورد
- ولا اقولك ياورد بلاش مش عاوزين حاجه منيكم ياعتامنه .. انا اكده اخدت اللي يلزمنى والباقى له روّقه ..
التهبت كلتا عيني حيدر بنيران لم يكف المحيط على اخمادها .. تدخلت كوثر مردفه بضجر محاوله مد يدها على ابنتها
- حطيتى راسنا فى الطين ياوجد .. قصفتى راسنا خالص وارتحتى واتجوزتى من ورانا !
زاح سليم وجد بلطف لتقف خلف ظهره ثم واجه مدفع نيران امها بنفسه قائلا
- سيبك من الحديت العفش ده .. بتك مرتى قدام الدنيا كلها وخالها شاهد واظن ان دي حاجه تفرحك متزعلكيش .. دى فى عصمة سليم الهوارى ! وانت عارفه زين مين هو سليم الهواري !
- ماهى دي المصيبه .. عندى تتجوز عبد ولا دمها يتخلط بدمكم المليان بالمكر والغدر ..
تنحنح سليم بخفوت قائلا
- طب يلا احنا ياوجد تكون امك هديت وفكرت وعرفت زين هى عتتكلم مع مين ..
اصدر يوسف الامر للعساكر قائلا وهو يشير على حيدر
- هاته يابنى لما نسمع اقواله !
عاند حيدر مع العساكر غير قابل باقترابهم منه وهو يرتل كلمات غريبه غير مفهومه .. شرع سليم بالتحرك بعدما قبض على كف وجد بقوة امام الجيمع ولكنه توقف للحظه على سؤال يوسف
- سليم .. الا هو المحضر كان باسم وجد بس ولا وجد وورد عشان اعمل حسابى !
غمز له سليم بفهم ثم ارسل نظر خاطفه لورد المغيبه عن العالم خاضعه تحت اثر صدمتها ثم قال
- هاتلى اعدام للراجل ده بس ومتقلقش هظبطك عشان شكلك واقع واقع يعني ..
تمازح الرفاق بصوت خافت ثم سحب سليم وجد مغادرا حصارها اللعين بخطوات متحرر من سجنه للتو وهى تتعلق بذراع سليم كالغرقان الذى عثر على طوق نجاته حالا .. ثم عاد يوسف لاستكمال مهمته ولم يخل ذلك من مهمته الاساسيه التى خضعت تحت رحمة تلك الحوريه التى تجلس لوحدها بعيدا فى ركن تشكل على مقاس جسدها الممشوق .
صعدت وجد سيارة سليم وهى لازالت تحت تاثير دهشتها .. قفلت باب السياره ثم التفت اليه مزمجره بصوت عال
- انت اتجننت ياسليم ! فى حد عاقل عيفكر لدقيقه ينيل اللى انت هببته ده !
- حبى ليكِ اجن من انه يتحمل غيابك ياوجد !
- الحب الخالى من العقل بيداس بالرجلين ..
- وحب العاقلين ده مايلزمنيش .. انت لى لوحدى ياوجد حتى لو هطربق قنا بحالها فوق دماغ كُل من يبعدنى عنك ...
- دانا هخلى ايامك سودة عشان اللي عملته دا !
شرع سليم فى التحرك بسيارته قائلا بمزاح
- احنا فيها ارجعك لحيدر ونقطع المحضر ونفضها سيره وعليه العوض ف الخطه اللي سهرانين من امبارح نظبطوها دي ؟!منا مش عامل كل ده وتيجى تسوديها ف الاخر..
- وتعالى هنا كمان انا تطلبنى في المحكمه ياسليم ! وطلب طاعه كمان اى الجبروت دا ؟
لوح راسها للخلف وهو يرجع بسيارته قائلا
- انت هبله يابت ! انا كل اللي عملته محضر بخطف وتعذيب مراتى وبس ا كده...
ثم اعتدل واستراح على مقعده حتى لمست سيارته بوابات القصر الملعون .. لكزته وجد بحده: انجز كمل انت لسه هتاخد نفس
- وبس ياستى ظبطنا واحد من العساكر يعمل نفسه محضر من المحكمه اللي يومها بسنه وف نفس اللحظه نمسك دليل على حيدر يثبت كلامى ..
نظرت له بانبهار: كل دا عشانى !
- لا عشان عيونك عمك .. ماتعدلى يابت !
- مين صاحب الخطه الجباره دي بقي ؟!
ابتسم سليم وهو يدور بمقود سيارته: وفى غيره دماغ الخياط السم ..
- النقيب حمزه ؟!
هز راسه نفيا ثم قال: ملك الحب .. حمزه بيه الخياط هو اللى ساعدنا نعمل كل دا بصراحه قبل ما يمشي ..
نتهدت وجد بارتياح ثم قالت: ياخى انا الرجل دا بحبه لله ف لله كده
جحظ لها بطرف عنيه قائلا: ماتتلمى .. وبعدين دى مراته لو سمعتك تاكلك ..
ضحكت بسعاده تكسو الكون كله قائلا: خلينا فيك طيب .. كنت متاكده انك مش هتعديها ..
- مكنش ينفع تباتى بعيد عنى ليله زياده .. وانت صرمه وراسك انشف من الحجر قال طلقنى ياسليم .. فكرينى احاسبك على الكلمه دى بعدين !
مسكت كفه بلطف ثم طبعت قُبله رقيقه عليه لتقول
- سيبك انت المهم انى اكتشفت حاجه مهمه جدا وهى انى طول الوقت ناقصه حتى لو مثلت الاكتمال ودلوقت حاسه انى واحده تانى وجديده اتولدت حالا على ايديك .. او واحده اول ماشافتك رمت كل هموم قلبها على كتافك وبقيت حره من اي هموم ..
سحب كفها ليقبله برفق ثم همس قائلا
- ارمى انت بس همومك فوق كتافى مايهمكيش .. المهم تكونى الملجأ اللى ارجعله كل ليله واطفى فيه كل نار الهموم دى ..
مالت لتستند على كتف كانه ركنها المفضل فى الكون مهما فاض اتساعه فلا يسعها الا كتفه الذى خلقت منه فهو مأمنها ومأواها .. صَدفتها التى تحتمى بداخلها من شر الطامعين بها...
- الف الف مبرووك يايسر .. يعني انا هابقي خالتو خلااص ! انا بجد مش مصدقه .. ربنا يتم حملك على خير ياحبيبتى ..
قالت نورا جملتها بمنتهى السعاده وهى تحتضن اختها .. فظلا الاختان يتمازحان بهمس فى حديقه القصر .. فردت يسر قائلة
- ماتتخيليش انا مبسوطه اد ايه حقيقي احساس حلو اوي اوي يانورا .. احساس ان حته جوايا من محمد بتحرك بيها وبعد كام شهر هلمسها بين ايديا سعاده ماتتوصفش ..
- ربنا يكمل فرحتك ياحبيبتى .. المهم بقي محدش هيسمى البيبي غيرى !
- والله لو هتعرفى تقنعى محمد يبقي برافو عليك
- احمم .. محمد لا ياعم الطيب احسن .. خلاص
ضحكت يسر بخفوت ثم اردفت بتلقائيه
- عقبالك كده انت وابيه عماد ..
تدخل عماد الذي اقتحم مجلسهم بدون قصد قائلا بمزاح
- مين بقي بيجيب سيرة عماد !
التفت اليه نورا بحب وهى تتأمل طلته التى تبدو كالبدر في ليلة تمامه .. فنظر الاختان لبعضهما بتساؤل ثم ضحكا سويا .. مما ثار فضول عماد اكثر قائلا بمداعبه
- لا دا شكل الموضوع كبير ولا اييه .. خلاص اسيبكم كملوا نم عليا براحتكم ..
بتلقائيه تشبثت نورا فى كفه وهى تبسم
- تعالى بس وبارك ليسر ومحمد .. احم هتبقي عم قريب يامعالى المستشار ..
لبس رداء الفرح ولمعت عيناه بانبهار وهو يقول
- ده بجد ! الف الف مبروك يايسر .. شوفى الهوارى الصغير طلع صايع عملها قبلنا بس اشوفه ..
يسر بفضول: هو فيه ايييه !
عماد وهو يدور ليجلس معهما قائلا: دا حوار كده .. المهم سيبك انت ربنا يقومك بالسلامه وتجيبلنا ولى العهد كده يكون بطل من صلب راجح الهواري ..
- يارب ياابيه .. وكمان عقبالكم انت ونورا وتبقي الفرحه اتنين ..
تبادلت الانظار سريعا مع ضحكه لم يفهم مغزاها غيرهم .. فاردف عماد قائلا بغمز وهو يتنوى لشيء ما
- احم قريب هنجيب ابن عم او بنت عم لحفيد الهواري .. ولا اى يانورا !
اطرقت نورا بخجل واحمرت وجنتيها من نظرة عيناه التى لا تشع الا بحب يخطف انظار الاعمى .. فاقتحمت عفاف مجلسهم
- مجتمعين عند النبى ..
جميعهم: عليه افضل الصلاه والسلام ..
هلل عماد قائلا: هتبقي جده ياعفاف بعد كام شهر ..
شهقت عفاف بفرحه وعلمات الدهشه تعلو ملامحها قائله
- نورا حامل ... يافرحة قلبك ياعفاف ..
نورا بمرح: لا ياعمتى .. دى يسر ..
انحنت عفاف لتحتضن يسر بحب وهى تربت على ظهرها بامتنان وتتحدث بصوت جمهورى
- الف بركه يابتى .. ربنا يقومك بالسلامه ويفرح قلبك زى مافرحتينى ..
غمز عماد بطرف عينه لنورا فرفعت حاجبها باستغراب وهى ترتسم معالم عدم الفهم .. فمال عماد على اذنها ليهمس لها بثقه
- ايييييييييييييييه ..هو مش عقبالنا ولا ايييه ..
كتمت نورا ضحكتها محاوله ابتعاد عينها عن انظاره التى لا تصدر الا اسهم الحب صوب قلبها تحديدا .. فانضمت اليهم ماجده بفضول
- اى الانبساط دا .. يارب دايما فراحنين ..
نورا بتلقائيه وهى تدور براسها تجاهها: هتبقي خالتو ياميجو .. باركى ليسر يلا ..
يسر بمزاح لنورا: ااايييه وكالة ناسا .. نشره اخبار يابنتى ارحمى شويه ..
انقضت ماجده على اختها مهلله بمرح وهى تقبلها وتحتضنها وتتدلل فرحا بين ذراعيها: اللللللللللف مبروك ياحبيبتى .. فرحتلك اووووووووي ...
صف سليم سيارته امام باب القصر فالتفت وجد اليه والخوف يحتل ملامحها لتقول بخوف
- سليم مينفعش .. مش هقدر اواجهم واستحمل اهانتهم عشان خاطرى نمشي ..
خرج مفاتيح سيارته مردفا
- دى الحقيقه اللى لازمًا الكل يتقبلها ...
- طيب وماجده .. سليم دى بتحبك بلاش تبقي مفترى وانانى وماتشوفش غير نفسك
- ماجده لازمًا تعرف ان سعادتها مش معاى .. وانها امانه فى رقبتى واول ما الوضع يتحسن هطلقها واسلمها للراجل اللي يستاهلها .. قلوبنا مش بيدنا يا وجد ..
- اول مرة اشوفك انانى ياسليم !
- مش انانيه .. وجد انا واثق ان ماجده عمرها ماحبتنى .. هى بس وخدانى تحدى مع نفسها رهان خدته وحلفت تكسبه .. انا ليا نظره ف اللي بيحب وعاوز واللى واخدها عافيه على قلبه .. ورحمة جدى ياوجد لو حسيت انها حبانى صوح لدقيقه ماكنت هسيبها ولا افكر اجرحها وكنت هرضي بنصيبى معاها واكمل .. بس ماجده ماحبتش .. فبخاول افوقها من وهمها ..
- اوووووف ربنا يستر ياسلييم ..
دلفت ثريا من اسفل ثم طافت بعينها لتجدهم متجمعين فى الخارج فتحركت صوبهم بفضول وهى تمد انظارها محاوله اكتشاف الامر .. فهتفت قائله
- خبر ايه اومال .. متجمعين وعاملين فرح ولا كأنى كان فى صوان من يومين ..
تنهدت عفاف بضيق مردفه: الحى ابقي من الميت ياثريا .. واللى خلق الخلق موجود وبيعوض وزى ما فى يده الحزن في يده الفرح اضعاف ..
تمايلت ثريا بغل وهى تدنو منهم اكثر: اها سبحان مغير الاحوال ياستى ... بس خير ايه اللي شقلب حالكم اكده ؟!
شرعت عفاف ان تتفوه باندفاع لترد علي ثريا ولكن جميهما التفتوا لسليم الذى يسحب وجد خلفه رغم عنها ويقتحم حديقه المنزل بشموخ .. والى وجد التى تنظر للجميع بخوف وجسد تجمدت الدماء به فاصبح كفها مثلج وتعالت ضربات قلبها على طبول الرعب .. وقف سليم بهيبته الفارهه ليقول
- انا جبتها لحد اهنه عشان متقولوش انى ععمل حاجه من وراكم .. ومش سليم اللى يتجوز فى السر ويدارى ..
احتشد الجميع بذهول وهما يتسائلون فيما بينهم بعيون متسعه يتدفق منها جيوش من الاسئله .. ضغطت يسر على كف ماجده اختها كانها اردت ان تطمئنها وعلى حدا تشبثت نورا بذراع عماد لتهدا من روعه فهى عثرت للتو على سبب غضبه ليله امس .. اما عن ثريا فجلست واضعه ساق فوق الاخر بشماته
- من مات كبيره ياتعاتيره ..
اختبئت وجد خلف ظهر سليم ومن عيونهم ونظارتهم التى كانت اشبه بقذائف ناريه .. فدنت عفاف وهى تحت مخدر صدمتها
- نفذت اللي فى راسك ياسليم ! جبتها لحدت اهنه .
سليم بثبات: مرتى ياما .. ومش هسيبها ..
انقضت عفاف على سترته منهاله عليه بضربات متتاليه
- مراتك بعيد عن اهنه .. روح شوفلها لوكانضه تلمكم وتستركم اما اهنه بيت راجح الهوارى مش هيتلوث بدمهم ..
تخلص عماد من حصار نورا ليقترب منه محاولا الاحتفاظ على ثباته
- هو لو راجح الهوارى كان عايش كنت هتستجرى تعملها ياسليم ..
تشبثت وجد بملابس سليم اكثر وهى تراقب نظراتهم اليها .. فرفع سليم راسه معاندا ملتزما صمته متجاهلا سؤال اخيه الذي القته عفاف علي مسامعه بنبره اقوى
- ماترد ! اتكتمت لييه ... ولا معندكش رد .
اكمل عمااد بنفس هدوئه: طبعا معندكش رد .. لاننا كلنا عارفين الاجابه زين ..
اكملت عفاف بحده وجبروت امراه الصعيد
- واللي مايرضيش الهوارى وهو وحي يحرم علينا فعله لما مات ..
رد عليهم سليم بانفعال مكتوم: راجح الهوارى الف رحمه ونور عليه .. وهو عارف سليم ومربيه اكيد مش هيزعل منه لانه اختار قلبه .. وانا شايف انكم تقبلوا الوضع لانه مش هيتغير ..
دندنت وجد بصوت مرتعد: سليم خلاص والنبى يلا بينا ..
رمقتها عفاف بسخريه: خايفه عليه قوى ياسنيوره بعد ما لفيتى سِمّك عليه زى الحيه ..
جهره سليم بحده: عفاف .
عماد بقويه: انت كمان هتعلى صوتك على امك ياسليم !
عفاف بحسره: سيبه ياولدى دا ساق فى الكل ومحدش هامه..
اغمض عماد عينه لبرهه ثم اردف بتوعد
- اقسم بالله ياسليم لو ما لميت دورك ماهيحصل طيب
جهرت عفاف بتحدٍ: ويمين فوق يمينك بت العتامنه ما قاعده فيها ولا رجلها تهوب القصر ..
اكتظت ملامح سليم ليتشبث بكف وجد التى حاولت الفرار اكثر من مره قائلا
- مش هكسرلك كلمه ياعفاف .. وكل امرك مطاع .. وانا عارف هقعد مع وجد فين ومش هستاذن من حد .. بس يمين فوق يمينكم اللي هيفكر يضايقها يبقي هو الجانى على روحه ..
بمجرد ما انتهى سليم من تهديداته القويه .. دار الجميع يجهرون بصوت صراخ عال اثر سقوط ماجده المفاجيء وارتطام جسدها بالارض
يسر صارخه: مااااجده ..
ركضوا جميعا صوبها حتى سليم ترك وجد وجثى على ركبته ليساعد ماجده فى استعاده وعيها .. وقفت وجد تراقب المشهد وما بداخلها يحترق فاشعتله اكثر جملة عفاف الناريه
- يارب تكونى مبسوطه يابت كوثر ..
تلقت جملة عفاف باوجاع تتسابق بداخلها ولكنها قررت التحمل فمهما قالوه سيكون اهون من ليله واحده تعود فيها لعمها وتأسر نفسها داخل زنزانته ..
صرخت ثريا في سليم الذي يحتضن راس ماجده فوق فخذه
- بعد عن بتى ياولد عفاف .. هى محرمه عليك من الليله ..
تجاهل سليم حديثها واكتف بنظره حاده اخرستها ..بينما نورا حاولت اجراء اللازم لتساعدها على استعاده وعيها من جديد .. ظلت وجد تراقبهم من بعيد حتى وقف عماد بجوارها وهو يعقد ساعده وينظر بعيدا فيقول
- اتمنى انك تمشي وتقصري الشر .. اديكى شايفه قلبتى البيت حريقه كيف ..
ارتعدت وجد فابتعدت عنه خطوة .. فبدأت ماجده ان تستعيد وعيهها ببطء .. انثنى سليم ليحملها فوق الاريكه بعدما اطمئن على حالها ثم عاد الي وجد ليسحبها بسكوت خلفه تاركا مجلسهم تحت عيونهم الاشبه بطلقات الرصاص ..
- الدنيا مقلوبه كده ليه .. مالك يامراة عمى .. فى ايه يااماا ماتنطجوووا
يقف ادهم على اعتاب المنزل يتفتن حال الجميع الذين يجلسون ارضا ومنهما كوثر التى تعول بكلمات الوجع والقهر .. ربتت رود على كتفها
- اهدى ياما وجد محصلهاش حاجه لكل دا ..
دفعتها كوثر بعيدا حتى ارتطم ظهرها بالمقعد الخشبي
- ياريتها ماتت ولا حطت راسنا فى الطين ... هقتلها وهصفى دمها .
اقترب ادهم منها وهو يرتسم معالم الاستغراب
- خبر ايه ياما مالكم اوعوا يكون الحديت بتاع اهل البلد ده صوح !
ردت ام ادهم قائله بشماته
- صوح ياولدى .. مااحنا بقينا فى بلد العجايب كل اللي تحبلها واحد تروح تتجوزه .. وجد بت عمك طلعت متجوزه سليم الهوارى فى السر ..
التهبت عيني ادهم بالغضب الذى كسا جسده وهو يجهر بصوت
- الكلام دا صوح ياكوثر .. بتك اتجوزت ولد الهواري من ورانا ! هى دي تربية سالم ..
ارتفع نواح كوثر وهى تتمايل على لحن الحسره: حطت راسنا فى الطين ياادهم ..
انحنى اليها وهو يحرقها بانظاره التى يتوهج منها ثوران الغضب وبصوت اهتزت له الجدران
- هتقلها ياكوثر ورحمه الميتين كلهم لاخليها تحصلهم .. هجيبلك راسها تحت رجلك .. طالما معرفتش تربى يبقى اخلص انا ..
تسحبت ورد كى تحتضن امها وتطيب خاطرها
- يعني هتفيد باايه عمايلك دى .. اهدى والنبى ..
صرخت كوثر قائله: اقتلها ياادهم واغسل عارنا ..
ام ادهم بسخريه: دى عاوزه يتولع فيها .. على اخر الزمن حتة بت دفنت راس العتامنه ف الطين واللى مرفوعه دايما ف السحاب ..
ركل المنضده بقدمه اثر انفعالاته الثائره وهو يجهر بعبارات توعديه تحت انظار الجميع .. خرج ادهم من المنزل وهو يناد على خفر منزلهم صارخا بحرقه
- ياااارجاله من الليله قامت الحرب اللي متاخره بقالها سنين .. من الليله نار العتامنه هتحرق مش هتقف قصاد حد مهما كان مين .. من الليله خراب لحد ما كله يعرف مين هما العتامنه .. جهزوا اسلحتكم وعاوز بدل الراجل ميه وبدل البندقيه دبابه .. والحق هيرجع لصحابه .
- يعني اى بردو نفذ اللى في دماغه ياعماد !
اخيرا بعد ثوره كلمات غير مفهومه اردف محمد جملته وهو يحاول تمالك غضبه .. فاردف مجدي قائلا بفرحة انتصار
- بصرف النظر بس زمان العتامنه النار عندهم والعه .. ياما نفسي اشوفهم ..
محمد باغتياظ: بالنسبه اننا يعنى مش هنطول من الحب جانب! .. النار دي هتحرق الكل ..
عماد لاول مره ينفث دخان سيجارته وكأن يفرغ كبته قائلا
- ركبت راسي ياولد امى وابوي
محمد باختناق: يبقي ياخدها ويمشي لو عنده دم .. وكمان مرته وبت عمه اى مفكرش فيها .. انا مش عارفه الواد دا جاب الجبروت دا كله منين ..
تدخل مجدي فى حديثهم بحكمه
- ماتهدوا وتفكروا بالعقل .. مالكم بقي حديتكم كيف النسوان !
خلينا كلنا متفقين ان ضربه سليم كانت ضربه معلم للعتامنه وقلم محترم .. وخلينا متفقين ان سليم ووجد عاوزين بعض من زمان قبل الحرب دى وبردو اللي عاوزكم تتاكدوا منه انه عمره ما حب ماجده وهو قالها اكده بدل المره الف .. والاهم عاد اخوكم وانا عارفه زين فى راسه حاجه كبيره وهيوصلها عشان مش سليم اللي يفوت دم راجح ..
محمد بعصبيه: بس بردو مايدلهوش الحق يجيبها تعيش معانا !
مجدي بحزم: مااحنا مش هنخسر اخونا عشان ست يامحمد ماتعقل ! مش هنقوله ارمى مرتك في الشارع خصوصا بعد الضربه اللي فى مقتل اللي سببوها للعتامنه
عماد بتفكير: كلام مجدي صح .. سليم ناوي على حاجه كبيره قوى
محمد باصرار: حاجه كبيره حاجه صغيره مرته تقعدش فيها ولو على رقبتى ..
" فى قسم الشرطه "
- انت بتنكر ايه يابيه .. احنا شوفناك بعيننا وانت بتصرب بنت اخوك وبتعذبها وكمان مانعها تروح لجوزها .. انت عارف عقوبتها ايه ؟!
اردف النقيب يوسف جملته وهو يقفل محضر اقوال حيدر الذي استند على عكازه مستسلما عكس ما يشتعل بداخله قائلا
- اللي تشوفه يابيه معدتش فارقه ..
- يعني دا اخر كلام عندك ؟!
رد بنبره توعديه وهى ينتوى الشر
- لو ربنا عيحبهم اخرج من اهنه على القبر .. لانى لو خرجت علي رجليا مش هيشوفوا غير ضباب ..
يوسف بهدوء: طيب حضرتك هتنورنا هنا 24 ساعه وبعدين نشوف النيابه رايها ايه ..
ثم ضغط على الجرس قائلا للعسكرى: خده يابنى ف الاوضه اللي جنب المكتب .. واى حاجه يأمر بيها حيدر بيه تتنفذ ...
نفذ العسكري ما امره به النقيب يوسف وبعد برهه خرج النقيب حمزه من الباب الاخر بشموخ ليتسائل
- عاااااش يابطل .. الله ينور ..
اتكا يوسف للخلف وهو يشعل سيجارته: والله ياباشا انا نفسي اقوم ابوسك بس يلا اعتبرها وصلت ..
جلس حمزه على المقعد الامامى وهو يستمع له بفضول
- اى الانشكاح دا ... اشجينى ..
- ممممم هقولك ..
- علي جثتى تقعد فيها .. بت العتامنه تتهناش فى خير عمى واصل .. ولا دمها يتخلط بدم ولدى ابدددا
نورا بحكمه وهى تربت علي كتف عفاف الثائره غضبا
- اهدى ياعمتى متعملش كده ..
ضربت عفاف علي فخذها عدة مرات مما يعكس صوره لنيران الغضب بداخلها
- ااااه ياناارى ياسليم ! تعمل فى امك اكده ياووووولدى ..
قامت ثريا من جوار ابتها الراقده فى فراشها وهى تقول.
- مش بت ناصر اللي يكونلها ضره ياعفاف ولدك باادب يطلق بتى والا هلففه محاكم مصر كلها
نورا بحنقه وهى تجز على اسنانها: ما تهديها انت كمان ياما .. ياربي ايه اللي بيحصل دا ..
اردفت صفوة بلا اهتمام: ولا تحطى ف دماغك يابت ياماجده فى داهيه بكره هيعرف قيمتك كويس وهيحفى وراكى كمان .. يلا كلهم صنف واطى مايملاش عينهم غير التراب ..
لكزتها يسر بغلب: ما تقولى حاجه عدله انت كمان يتنقطينا بسكاتك
اطلقت صفوة زفيرا قويا: اووووووف .. سبتهالكم وماشيه
ثم تحركت نحو شرفه الغرفه وهى تحمل بداخلها هما ثقله كالجبل على قلبها ناظره للسماء: ياااارب استرها.
زاح سليم الستائر وعلى ثغره ابتسامه تروي القلب العطشان قائلا
- عارف انه مش قد المقام .. بس وحياة عيونك دي ياوجد لاجيبلك قصر يليق بمقامك ...
بيت صغير منفصل عن القصر يتكون من غرفه بحمام متصل وصاله صغيره ذات الطراز البدوى به اثاث فاره وفخم يتكون من اشياء بسيطه ولكنها تريح النفس مكان اشبه ب "شاليه" صيفي.
تطل الغرفه على حديقه القصر لتكشفه من ثلاث جهات .. للمنزل حديقه خاصه صغيره محاطه بالورود الخلابه ومنضده حولها مقعدين .. تفتنت وجد المنزل باعجاب فالتفت لحديث سليم قائلا.
- هنا ياستى بهرب من دوشه قنا والنجع والناس وباخد قلبى بس وباجى ف مكانى الخاص اللي بستفرد بقلبى وبيكى فيه .. عجبك !
اقتربت منه بابتسامه وسط الحزن: طالما انت معايا اى مكان هيبقي جنه ..
داعب شفتيها وخدها بابهام بحنيه بالغه وهو يقول
- منا عشان كده حاربت الكل عشان الجنه دي تكون ليا لوحدى ..
استندت بكتفيها على صدره وهى تطيل النظر بعينه
- انا خايفه قوي ياسليم .. مرعوبه من اللي جاى ... خايفه نرسم جنه مش مكتوبالنا .. امك مش طيقانى ولا اخواتك.
- هو انا كنت مفهمك انهم هياخدوكى بالحضن ! ماتكبرى راسك ياوجد ..
هربت دمعه من طرف عينيها بألم
- وامى صعبانه عليا قوي ياسليم .. حاسه انى مش مكتوبلى افرح ابدا .. انا تعبت والله .
ابتسم بمكر وهو يمرر ظهر اصابعه على وجنتها قائلا
- وسليم كمان تعب قوى ع فكرة و هو مش كفايه ولا ايه ..
طوقت خصره بذراعيها بقوة وهى تاخذ انفاسها لاول مره بارتياح ..ضمها سليم اكثر اليه وهو يطبع قبله خفيفه على راسها ثم عاد ليقربها اكثر اليه كأنها يرمم قلبه بقربها
- متخافيش ياوجد هتتحل .. والله هتتعدل .
استندت براسها على صدره وهى تتشبث بملابسه كالطفل الصغير مردده بكلل
- يارب ياسليم ..
استغل سليم الفرصه لينحنى ويحملها بين ذراعيه برفق فرفعت عينيها اليه بتساؤل اجابه بغمزه سريعه من طرف عينه وهى يضعها بلطف فوق الفراش .. فك قبضه كفيها حول رقبته بلين ثم استدار ليغلق الباب وينزل الستائر مره اخرى .. ظلت وجد تتأمله وتتأمل ملامحه التى ينبعث منها نورًا يزيل عتمه جوفها وريدا رويدا .. كان يبدو امامها بهيئته العظيمه وبروز عضلات جسده تعطيه مظهرا انيقا .. عاد اليها وعلى ثغره ابتسامه شوق فتكورت وجد حول نفسها اكثر منتظره رد فعله قائلا بتعجب
- مالك ! مش مظبوطه ليه !
هزت كتفيها بتلقائيه: مش عارفه بس
القى سليم جسده بجوارها بخفه وهو يجذبها بطريقها فكت كل قيود رعبها لتتحرر بنظر عينيه .. استسلمت له لتستريح على كتفه واضعه كفيها فوق بطنها ..
رفع سليم جزئه العلوى ليصبح مقابلا لمرمى انظارها ليزيل حجابها برفق .. تسارعت دقات قلبها وهى تراقب تصرفاته اللطيفه فتنتشي بها حواسها .. ابتسم لها سليم بحب
- خايفه منى ولا ايه ؟!
وضعت كفها الصغير على قلبه بلين وهى خاضعه لسطو عينيه
- هو دا حلم ..
ظل يداعب ملامح وجهها بانامله فرد قائلا
- دا لو واقع ان مش عاوزو .. خلينا كده نحلم .. اهم حاجه اننا سوا ...
- وانا مابقتش عاوزه اى حاجه من الدنيا غير اننا نبقي سوا ..
لم يسطع سليم التحكم فى مشاعره اكثر ... فعزم الامر على الفوز بها والارتواء منها حد التشبع .. دنى منها برفق ملامسا وجهها برحيق انفاسه مما جعلها تصمد فى موضعها تحت سحره .. وبعد طول انتظار اخيرا ارتوى مش شهد شفتيها ليطبع عدة قبلات متتاليه بهيام عاشق للتو عثر على معشوقته .. خضعت وجد لتصرفاته دون اى مقاومه منها بل كان هناك نورا ينبعث من عينيها يريد المزيد والمزيد منه .. همس سليم لها بصوت خافت
- وحشتينى يابت الايه ...
- احنا قولنا نيجوا بنفسينا نباركوا للعرسان .. عيب بردك الناس تقول علينا قليلين اصل ..
جهر صوت ادهم القوى ممزوجا مع ضربات الرصاص بالخارج مما جعل الجميع يرتعد ويركض ناظرا على مصدر الصوت .. اتفضت وجد من مكانها وهى تتشبث فى ذراع سليم بخوف
- قولتلك مش هيعودوها ياسليم...
تااابع ◄ أباطرة العشق