-->

رواية أباطرة العشق ( عشق من نار ) ( عندما تعشق الفرسان ) الجزء الخامس عشر

 

 

 البعض منا فى امس الحاجه لفرصه ثانيه .. فرصة ثانيه اثبت فيها لك اننى لست الشخص السىء الذي بدَ لك اول مرة .. لست الشخص الذى اقتحم حياتك كصديق يود ان ينعم بصحبته فرصة ثانيه اغتنمك فيها كحبيب .. كنت صديقا رائعًا وستكون حبيبًا اروع .. اثق فى ذلك وعلى الارجح اثق بك وبقلبك الذى لا ينبض الا لينًا .. فرصة ثانيه اخبرك بأن الغياب جعلنى من محبه لمتيمه بك .. وكلمه سريه لقلبك الذى يرافق كل دُعائي " ان لا موطن لقلبى الا بين ذراعيك وكل العالم ظلام وعيناك نور اهتدى به " -



- لا ياثريا متبصليش كده .. انت فاهمه انا اقصد ايه كويس قوى .. وخابره كمان ان اللى فات مندفنش مع اللى راح ! اخر حاجه اتوقعتها انك تحاولى تتخلصى منى انا .. من حيدر اللى عاش ليك عمره كله من غير مايسلم قلبه لواحده غيرك ... انا كنت راضي بالليله بتاعة كل شهر وكنت شايفك الدنيا بس شكلى كنت اعمى مش شايف حاجه خالص ...

اردف حيدر جملته وهو يتمايل يمينا ويسارا .. ويدنو منها تارة يتشيث بذراعيها وتارة اخرى يدفعها بعيدا بكل قوته .. ولازال تحت سطو مخدره الذى يتجرعه بشراسه ... ظلت تستمع اليه بعد فهم حتى انفجرت كالقنبله مردفه

- جررى اييه حيلك حيلك ياحيدر ... انت هتسكر عليا ولا ايه .. انا مش فاهمه اى حاجه من كل كلامك دا ... هو كان حصل ايييه ! ..

- حصل اللى مكنتش واخد بالى منه زمان ياثريا ... بس تعرفى خطه فى منتهى الذكاء اتسجن انا واعفن فى السجن وانت بقي تاخدى حريتك من غير ما حد يكشف سرك ...

ثم انقض عليها وجذبها من ذراعها بقوه نحو غرفه تقع بمناى عن القصر مما اثار فضول حسن وادهم اللذان يترقبهما .. فاردف ادهم بضيق

- هو واخدها وراح فين .. الكاميرا مش جايبه ليه ...؟!

حسن بحنقه: انا معرفتش اركب غير فى الصاله والاوضه .. ده اللى لحقت اعمله ...

ضرب ادهم سطح المنضده بكفه باغتياظ
- اووووووووف .. هو خدها وراح فين وهيقولها ايه ! واى علاقة ساعه ناصر دى ؟! انت فاهم اللى انا فاهمه ياحسن ؟!

اتكئ حسن للخلف عاقدا ساعديه بتفكير وهو ينفث دخان حيرته قائلا
- هما اكيد عارفين ناصر فين ! بص شكلهم كده وراهم موال كبير واحنا اكيد هنعرفه ...

الى ثريا وحيدر الذي فتح غرفه متوسطة الاتساع ولكن يبدو عليها القدم .. حيث ممتلئه بالاتربه التى كست اثاثها وجدرانها واتخد العنكبوت من جوانبها بيوتا .. سعلت ثريا بقوة اثر ضح الاتريه وهى تلوح بكفها امام ملقط انفاسها بصعوبه

- كح ح .. انت جايبنا هنا ليه ؟! انت مالك حالك متشقلب ليه .. انا مش فاهمه حاجه !

حيدر بنبرة غضّب عارمه وهو يجثو على ركبتيه ليرفع مفرش الارضيه بحركات جنونيه قائلا بلوم
- عارفه مين هنا ! فاكرة دفتنى مين هنا وهو لسه فيه النفس من غير ما يرفلك جفن الرحمه ! هنا دفنا سرنا احنا الاتنين وردمنا عليه .. هنا خوفنا واترعبنا سوا .. هنا رصاصة مسدسى اتغرزت فى قلب اخوي .. هنا احنا قتلنا عشان نعيش ...

صرخت ثريا بصوت عال وهى تجثو على ركبتها ايضًا وتضربه فوق ظهرها بعتبٍ ولوم
- ليييه عتغكرنى لييييييه ... انا مش عاوزه افتكر .. قولنا ماضي وادفن اي اللى فكرك تفتحه تاني ... ليه عاوز تقلب حياتنا جحيم .. ليه ليه ؟!؟!؟!؟!؟

 

تجوب غرفتها ذهابا وايابًا وينأرجح خطاها على اوتار القلق التى بدى ان يتراكض على معالم وجهها .. مرت اكثر من ساعتين الا ان عاد سليم اليها .. بمجرد ما سمعت لصوت فتح الباب ركضت صوبه متلهفه

- خير ياحبيبي .. حصل ايه !

تقف وجد امامه متشبثه بذراعه فدار سليم ليقف الباب ويرتسم على وجهه معالم الحزن مردفا

- والله انا نفسي مابقيت فاهم حاجه ياوجد .. يلا يلا اجهزى بسرعه خلينا نمشي ..

- احكيلى بس الاول النقيب حمزه كان عاوزك ليه تتنازل .. فهمنى ياسليم ..

دلف سليم غرفته وتابعت وجد خطاه منتظره رده باهتمام بالغ .. فردّ سليم قائلا

- عاوزين يمسكوا عمك متلبس والواضح كده انه هو وادهم اتقبلوا على بعض .. لان اللى عرفته ان ادهم بنفسه اللى راح النيابه يشهد ضدته عشانك .. ياترى ناويين على ايه ..

نظرت له باقتطاب وهى تستدير لتقف امامه حائره
- مش فاهمه وليه ادهم يعمل كده ؟! طول عمره هو وعمى روح واحده ومحدش بيوقع بينهم ! ياترى ناويين على ايه واصلا هما ساكتين ليه على حقهم .. سليم دول معطوش موضوع جوازنا اي اهميه .. هو فيه ايه ياسليم .. اى الدوامه دى ؟!

جلس سليم على مقعد " الانتريه " بتثاقل مردفا
- انا حقيقي مش عارف ممكن يكونوا ناويين على ايه ؟!

جلست وجد بالقرب منه وهى تربت على كتفه بهدوء قائله
- ربنا يستر ياسليم ..

ثم نهضت من موضعها بلهفه لتركض نحو " التسريحه " ممسكه بالكارت الورقى قائله بتعجب
- سليم بقولك .. الاسم اللى على الكارت دا مسمعتوش قبل كده ؟!

نهض سليم وتحرك ببطء صوبها قائلا بحيره
- اسم ايه ياوجد !

قربت منه لتعطيه الكارت قائله بشكٍ
- ياسر فؤاد فتح الله ! مش هو نفسه الاسم اللى كان بيسال عليه مجدى ! ودكتور زي ما مجدى قال ؟! انت فاهم حاجه ؟!

ضرب سليم على جبهته متذكرا
- اوووف .. وانا اقول الاسم دا مش غريب عليا ... وجد البسى بسرعه وانا هكلم مجدى اعرف اي حكايته الواد دا ؟!

 

- ورد .. هو فى اي جديد عندك ...
يخرج يوسف من قسم الشرطه متجها نحو سيارته وهو يتحدث مع ورد ويرتسم على ملامحه معالم الجديه .. تأكدت ورد من قفل باب الغرفه جيدا فهتف بصوت منخفض قائله

- معرفش والله .. البيت فى حركه غريبه .. والحكومه امبارح جات لعمى ... بس الغريب انه هو وادهم اختفوا وبعد كده ماشوفتهمش تانى .. هو حصل حاجه يا يوسف .. مم قصدى يايوسف بيه ...

صعد يوسف سيارته بعدما ارتسمت على ثغره ابتسامه سعاده قائلا بمزاح

- مااحنا كنا كويسين .. اى يوسف بيه دى ؟! مش بحب التكلفه خالص ياست ورد ...

شعرت ببعضببعض الارتباك فاطرقت قائله بخجل
- احم .. اومال اقول ايه ؟!

اتكئ يوسف بظهره للخلف ليتظاهر بنبرة صوت تحمل جيوشا من الثقه قائلا
- قولى يوسف باشا عادى .. بحبها ..

ضحكت ورد اثر تلقائيته .. فاعتدل يوسف فى جلسته قائلا
- منا بقول بحبها وشكلى وهحبها اكتر لما اسمعها منك..

تظاهرت ورد بمعالم الجديه ونبرة صوت اقوي مردفه
- تمام حضرتك مضطره اقفل دلوقت .. سلااااام

هربت من تلقائيه يوسف بسرعه دون ان تنظر منه رد قائله لنفسها باستغراب
- هو ماله دا ! بييسرح بيا ولا ايه ؟!

اقتحمت كوثر غرفتها فجأه لترمقها بنظرات ساخطه
- عتكلمى مين ياروح امك .. ومالك متوهه اكده !

وضعت ورد يدها خلف ظهرها سريعا لتخفى الهاتف مجيبه بتردد وارتباك بلغ ذروته
- هااا .. لا ما بكلمش حد ده ده ..

جحظت لها كوثر متوعده: قسمًا بالله لو عرفت انك عتحكى مع اختك هقتلك زيها ياورد ..

ثم نهرتها بنبره اقوى: مفهووووووووم يابت بطنى  ؟!

- مجدى .. انت في ايه بينك وبين اللي اسمه ياسر ده ؟!

اعتدل مجدى فى جلسته مفزوعا وهو يقطن داخل سيارته قائلا
- سليم .. انت لقيته ..

سليم زاد قلقه فارسل نظره استغراب على وجد انت تقف مستنده على الحائط تراقبه باهتمام .. فواصل سليم حديثه قائلا
- مش بالظبط .. بس فهمنى فى ايه ؟!

سكت مجدى قليلا مردفا بغضب مكتوم: هو فين ياسليم ؟!

- قولتلك فهمنى اى علاقه الشخص ده بصفوه يامجدى ؟!

مجدى باختناق: زعلها ياسليم .. وانا عاوز ارجعلها حقها ؟! بص ياسليم الشخص ده لو متأدبش بت عمك هتتأذي بزياده .. فورحمة ابوك ياشيخ عاوزه حى او ميت ؟!

اقتربت وجد من سليم بخطوات بطيئه وترمقه بنظرات استكشافيه .. فجذبها سليم اليه لتستند براسها على صدره معاودا الرد على مجدى قائلا
- عاوزنى اجيبهولك فين ؟!

مجدى بلهفه: انت ليك سكه معاه ؟! واصلا هتجيبه فين وازاي ..

- اوووف يامجدى كل القصه ان حظه الهباب رماه فى طريقى انا ووجد واحنا فالفندق .. وعرفنا بنفسه لان وجد وقتها كانت تعبانه .. وانا كنت مع عماد لما طلبت منه معلومات عنه .. هاا اعمل ايه ..

مجدى باهتمام وهو ينزع نظارته السوداء: بص ياسسليم انت تقوله مرتك تعبانه وتاخد كام راجل بيت جدك القديم وتكتفه اكون انا وصلت ..

- اخرها هنبقوا بلطاجيه ياولد ابويا ؟!

جز مجدى على اسنانه: ياسليم اسمعنى انت متعرفش الكلب ده عمل ايه .. هاجى هفهمك يلا نفذ وتابعنى بالتليفون ..

انتهت المكالمه بينهم فاردف مجدى متوعدا: والله وجيه يوم الحساب ياسي ياسر !

نظرت له وجد بتساؤل فبادلها سليم نفس النظره ولكنها اكثر حيره مردفا
- مجبر انفذ .. يلا تعالى ننزل ...

" امام موظف الاستقبال "
اردف سليم بتساؤل: لو سمحت كنت عاوز اوصل لغرفه الدكتور ياسر فؤاد .. ممكن تكلمه لان تليفونه مقفول ..

نظر له الموظف بأسف قائلا: الدكتور ياسر دفع حسابه ومشي الصبح يافندم .. للاسف ..

رمق سليم وجد بنظره استغراب ثم عاود الحديث الي الموظف وهو يمسك بالقلم الامامى قائلا
- طيب بص دا رقمى .. لو رجع هنا تانى كلمنى ضروري ..

الموظف: حاضر يافندم اللي تأمر بيه ...
مسك كف وجد فسحبها خلفه بلطف نحو سيارته وكل منهما بداخله جيوش من علامات الاستفهام ...

- يسر .. اسمعى الكلام انا بقولك ورجلك دى ماتعبتش القصر .. انت فااهمه ..
اردف محمد جملته بصيغه آمره على اذان يسر بعدما اراحها فى مخدعها .. فرمقته بتساؤل
- لا يامحمد .. انا متأكده ماجده اختى ماتعملش كده .. ولو صدقتها تبقي غلطان ..

قبض محمد على كفيه بغضب وهو يتحدث خلف فكيه بنفاذ صبر
- يسر .. اسمعى الكلام قولت ونفذي ... مش عاوز مناهده ؟!

اطرقت بحزن: انت رايح فين وسايبنى ؟!

- رايح المستشفى اللي كل حسابتها متلخبطه دى وكل يوم حاله متوفيه فيها .. رايحه اشوف المصايب اللي بترف على دماغى دي .. هقولهم يبعتولك اكل من تحت متتعبيش فى حاجه ..

كظمت غضبها قائله: يامحمد يعنى هتسيبنى لوحدى وممنوع انزل تحت .. اي ده ؟!

اقترب محمد من شاشه التلفاز وفتحه بغضب وهو يردف: وكمان امك او ماجده لو جم هنا متفتحيش يايسر وانا هنادى بنت من تحت تخدمك .. وهنبه عليها بالكلام ده .. وادى التلفيزيون يسلى العفريت .. هخلص شغلى وارجعلك .. حاجه تانيه ؟

- انت متعصب ليه .. وانا عملت ايه لكل ده عشان تتعصب عليا يعني ...
رمقها محمد بنظره غاضبه ثم تركها وغادر بدون رد .. فزفرت يسر باختناق وهى على وشك البكاء
- اووووف مش عيشه دي , كله اوامر وتعليمات والممستشفى ياايسر .. هو كان متجوزنى انا ولا المستشفى ؟!

- بس غريبه دي انك مضربتنيش ولا مازعقتيش ولا لومتينى على اللي عملته ؟!
اردفت ماجده جملتها بنيره ساخره وهى تفقل باب غرفة امها خلفها وتدلف بالداخل تتمايل فى خطاها .. فرفعت ثريا عينيها ببطء شديد من بين ركبيتها ويبدو عليهم اثر الانتهاك والارهاق قائله بتعب

- حلى عن راسي ياماجده مش فاضيالك ؟!

وقفت ماجده فى منتصف الغرفه عاقده ذراعيها وتدير جسدها بتمهل قائله بسخريه
- تؤتؤتؤ اوعى تقوليلى انك زعلانه على يسر ؟! هتفاجئ والله !

وثبت ثريا قائمه وهى تلملم شتات قوتها قائله باختناق
- يمين بالله لو مااتعدلت ياماجده مش هيحصل خير !

ضحكت ماجده بسخريه وعدم اهتمام: هاهاها ايه هتسقطينى انا كمان ولا هتقتلينى .. ولا هتضربينى بعادتك ؟!

ثريا باقتطاب وهى تقف امامها: انت ليك عين تتكلمى اصلا بعد اللي هببتيه ؟!

ماجده بحزن خارج من جوفها بنفس ذات النبره الساخره قائله
- سقطى يسر ليه ؟! انت مش معقوله تكونى ام ؟

ثريا باستنكار: مسقطهااش .. محصلش !

ماجده بانفعال: لا حصل .. حصل ياما وانت عارفه كده كويس .. قتلتى حفيدك ليه ؟!

- انت جايه ترمى بلوتك السوده عليا يابت انت ؟!

- ياريتنى كنت انا .. كانت نار قلبي انطفت وقتها .. لكن لما اعرف امى تعمل كده هأمنلك ازاي .. بصي من غير مناهده ولف ودوران .. سقطى يسر اختى لييييييه ؟!

انفجرت ثريا وهى تبتعد عنها قائله بدموع
- عشان عاوزالها  عيشه احسسن .. عيشه بره قنا والنجع والدم والقرف ده كله .. مش عاوزاها تخلف من ولد عفاف .. وتنصر عليا هى فالاخر .. قبل ما تتجوزوهم شرطت عليكم .. وقولتلكم تعملوا ايه.. بس ولا واحده سمعت الكلام حتى انت طلعتى من المولد بلا حمص واهو سابك لوحدك قفاكى يقمر عيش .. فوقى .. فووقى وشوفى لعبتهم .. واكسبى وحبى نفسك ودوسي عالكل برجلك ..

فرت دمعه من طرف عين ماجده: سليم عمره ما حبنى .. بس يسر ومحمد بيحبوا بعض ليه تكسري فرحتهم .. ليييه تبقي قاتله حفيدك ! انت بتنامى على المخده ازاي ياشيخه ! انت مصنوعه من ايه !

- انتوا اللي اغبيه .. انتوا اللي بتجروا ولا وهم وحب لحد ما جابكم الارض .. انتوا اللي هتخسروا وهما اللي هيكسبوا .. تقدرى تقوليلي كسبتى ايه وهو متمرمغ فى حضن مرته وانا اسمك على اسمه ورق .. متعلقه حالك كيف البيت الوقف .. فوقى ياماجده وبدل ما جايه تحققي معايا روحى شوفى حقك وكوشي عليه ..

خناجر متتاليه طُعنت فى قلبها واحد تلو الاخر سال نزيف الحزن على وديان وجنتها يتدفق بمراره من بؤرة عيناها .. تقف ترمق امها بنظرات متوسله لتصمت عن جمراتها المتقاذفه صوب جروحها فقط .. لاول مره دقه الشوق لسليم قُرعت .. لاول مره شعرت بأنها تحتاج لحضنه لترمم شيء ما بعثر بداخلها .. لاول مره يقودها شغفها لنور عيناه فقط .. كأن كلمات امها كانت الريح التى طاحت بكل الاتربه التى دفنت مشاعرها بداخلها .. انسحبت ماجده من امام امها بهدوء وهى تردف اخر جمله بيأس قبل ما تقفل الباب بقوة خلفها

- انت اخر واحده تتكلمى عن القلب والهوى ..

وصلت ماجده غرفتها لتلقى بجسدها فى منتصف الفراش وهى تجهش بالبكاء وتتشبث بقلبها كمن يتشبث بشيء يخشي سقوطه وما هى الا دقائق وصلتها رساله اخرى من ادهم
- ماجده لازم اشوفك ضروري اتصرفى !

نظرت للرساله بدون اي اهتمام لتلقى هاتفها جنبا عائده الي حملة بكاؤها الشديده

 

-( مساءا)
"بعيدا فى سوهاج "

فتح باب الغرفه ببطء وهو يخطو بخفه كى لا يقلق سباتها .. بينما عنها فكانت تلتف بغطاءها متظاهره بالنوم كى لا تنكشف امامه .. انتهى النقيب حمزه من خلع ملابسه ثم اقترب منها بهدوء باسطا جسده بجوارها ثم طبع قبله طويله على بطنها المنتفخه كالبلون واخرى على كفها فلاحظ حركه عيونها العشوائيه فابتسمت بذكاء ليعود ويداعب شعرها

- كل ده متسائليش عنى ياعشق .. جالك قلب ؟! ممممم بس انا قلبي ماطاعنيش اسيبك كل ده زعلانه سبت كل حاجه فى ايدى وجيتلك عشان اراضيك واقولك انك وحشتينى ووحشنى خوفك ولهفتك عليا .. كان نفسى تكونى صاحيه عشان اخدك فى حضنى واقولك انى اسف ومتحرمنيش من صوتك تانى عشان الايام من غير لحن صوتك ميتم مشافش نور الفرح ..

فرت دمعه من بين جفنيها المنغلقين رغم عنها فسرعان ما رطبهما حمزه بقبله سريعه قائلا
- عارف انك صاحيه .. بس مكنتش عارف انك بالقسوة دي واول ماتعرفى انى جيت متترميش فى حضنى وتتخانقى وانت فى حضنى بردو ..

ثم انحنى ليطبع قبله اخرى طويله على ثغرها كأنه يروى عطشه من غيابها قائلا بمزاح
- بت انت خلى عندك دم وقومى يلا .. دانت ابوكى مش بيبص فى وشي عشان مزعلك ولا ورضى يسلم عليا غير لما اصالحك .. بذمتك ينفع ازعل حمزه الخياط منى ؟!

فتحت عينيها اخيرا وهى تستجمع شتات قوتها قائله
- لسه فاكر انك متجوز .. حمزه قولتلك طلقنى مادام شغلك دا اغلى من مراتك طلقنى ؟

قبل كفها بحنان مردفا: طيب هو انا مش بتعب واتسحل فى شغلى عشان اجى ارتاح ف حضن .. حتى دى مستكتراها عليا ..

عشق بمراره حزن: ياحمزه طول ماانت هناك انا هتجنن الناس دى مش سهله .. انا بقيت اخاف من كل يوم جديد واترعب مع نهايته .. كنت دايما اخلى ماما تكلمك وتتطمن عليك وتطمنى بس زعلى منك كان اكبر من شوقى ليك ..

ابتسم حمزه بحب مردفا بمزاح: كذابه .. وجدا كمان .. شوقك انا شايفه فى عينك وسامعه فى صوتك وحاسه بنبض قلبك .. قومى بس نتكلم بعقل ومش عاوز جنان .. بس اصالحك الاول وبعدين نتخانق تانى زي ماانت عاوزه ..

كظمت ملامحها لترتسم الغضب فاقترب حمزه منها ليوزع قبلات خفيفه على ملامحها قائلا
- قولت افردى وشك ده ... ولا انت عارفه هتغابى عليك .

ابتسمت عشق اخيرا فاردف حمزه بفرح
- ايوه كده ياستى خلى الشمس تنور .. بقي انت عاوزه تتطلقى ؟!

اومأت ايجابا بلكنه معانده .. فضحك حمزه قائلا
- وتسبينى لمين طيب ..

- لشغلك ...

- خلاص بقي فكى .. وروقى كده واتعدلى عشان عاوز اخدك فى حضنى تلات اربع ايام كده انت والمفعوص اللي جاى ده ..

لم تقاوم شوقها تلك المره فنهضت لتعانقه بلهفه وحب وهى تتشبث به اكثر .. ربت حمزه على ظهرها بحنان وهو ينثر بعض نسماته على عنقها قائلا بهمس
- وحشتينى ..

اكتفت بأن تضمه اليها اكثر فكان حضنها ورجفتها بين يديه خير ردا على مدى اشتياقها له ..

 

- ايوه ياسليم .. وانت فين دلوقتى!
اردف عماد جملته وهو يتحدث مع سليم فى الهاتف .. فاجابه سليم وهو يقود سيارته ويدلف داخل البوابه قائلا
- اهو يادوب واصل القصر .. هتنزل ولا الوقت متأخر ؟!

- مممم طيب انزلك لو فى حاجه ضروريه .. ونشوف ايه حكايه الواد ده ؟

استمعت نورا لجملة عماد الاخيره فقامت سريعا لقفل باب الغرفه بتحد وتخفى المفتاح وهى تنظر له مبتسمه .. فاتسعت عيون عماد لها بذهول فهزت كتفيها بتلقائيه وصوت اقرب من الهمس
- قولت ما فيش نزول ؟!

واصل عماد حديثه مع سليم قائلا
- طيب هو ملهوش اثر فى قنا خالص ؟!

- والله ياعماد فضلت مستنيه فى الفندق ملهوش اثر وكمان كلمت جماعه صحابى على الصحراوي وفى المحطه .. بردو ملهوش اثر .. انا مش عارف اى اللي بينه وبين مجدى وصفوة الجدع ده ...

عماد بتفكير: والله ولا انا .. عموما انا لسه قافل مع مجدى وقالى كلها ساعه ويكون هنا .

دلف سليم من سيارته وهو يشير لوجد ان تسبقه قائلا باهتمام
- طيب يلا انزل انا مستنيك تحت ..

تنحنح عماد بخفوت وهو يرفع حاجبه لنورا التى تقف امام المراه تصفف شعرها ببرود قائلا
- ممممم طيب بص ياسليم خليها بكره عشان افتكرت كذا حوار كده مهمين .. ولا اقولك خليك عندك اول ما يجى مجدى كلمنى وهنزلكم .. فى مصلحة كده هخلصها وانزلكم ...

ضحك سليم بمكر مردفا وهو يقترب نحو منزله: مصلحه ؟! طيب ياعم خلى بالك منها وربنا يقويك ياهوارى .. عاوزين نشد بره وجوه ..

- انت عيل متربتش اصلا .. يلا اخلع انت هتصاحبنى!

ضحك الاثنين سويا وانتهت المكالمه .. فواصل سليم سيره نحوه منزله تحت عيون تتربص له كالصقر واحده من اعلى وهى عيون ماجده التى تلتهمه شوقا والاخرى عيون ياسر الذي يختبئ خلف شجره كبيره يتابع حركه اهل البيت ..

 

نظر عماد لنورا بتساؤل فبادلته نفس النظره ولكنها اكثر عنادا وهى تدور بجسدها امامه كالفراشه مردفه
- اي هتكسر الاوامر ولا ايه يامعالى المستشار ؟!

وقف عماد وهو يلقى عليها نظرها سريعه من اعلى لاسفل قائلا
- معالى مستشار ايه بقي ما خلاص .. الهيبه راحت على ايديكى ...

ثم دنى منها ببطء
- الا انت قفلتى الباب ليه صحيح ..

- مزاجى كده .. الله ؟!

مط شفته لاسفل "ممممممم" ثم تابع خطاه نحوها: بس كده يعني مافيش سبب تانى ..

- احم .. لا مافيش .. هى طلعت فى دماغى كده مافيش نزول ...
- طيب خليك فاكره انك انت اللي جنيتى على نفسك..
اردف عماد جملته وهو يجذبها ف لمح البصر بذراعه لتبقى بقربه .. اعتلى صوت ضحكها قائله
- بهزر والله .. خلااص المفتاح على التسريحه اهوو .. مش هتتكرر تانى ؟!

حملها عماد بذراع واحد وهو يقترب من اريكه " الانتريه " ليغتنم بقربها قائلا
- تؤؤء انسي .. عماد الهوارى مابيهزرش فى الحاجات دى ؟!

تجلس صفوة فى غرفتها تستكمل ابحاثها .. فنهضت تبحث عن جهاز الحاسوب بدرج مكتبها ولكن دون جدوى .. وقفت فى منتصف الغرفه حائره وسرعان مااخذت قرارها فجثت على فراشها تلملم كتبها واوراقها تدندن مع نفسها
- هنا مش هينفع .. كل حاجاتى فوق اصلا ...

وصلتها رساله على هاتفها المحمول
" صفوة بكره تيجى المستشفى ضرورى "

قرأت صفوة الرساله باستغراب ثم عاودت الاتصال بصاحب الرساله وهى تحمل كتبها على ذراع والاخر تمسك به الهاتف قائله
- خير يامحمد ! حصل ايه ؟

محمد باهتمام وهو يقلب فى الاوراق المبعثره امامه قائلا
- كارثه ياصفوة .. هتيجى بكره وتفهمى كل حاجه ؟!

- قلقتنى يامحمد .. اجي دلوقت طيب اخلى السواق يوصلنى ؟!
محمد بسرعه: لالا خليها بكره الصبح افضل ...

- اللي تشوفه .. عموما الصبح بدرى هكون عندك ...

ظهرت صفوة امام عيون ياسر التى تراقصت فرحا .. فاوشك مخططه على الانتصار ..

 

دلف سليم منزله بخطوات هادئه قاصدا الا يحدث اى ضجيج .. فدخل الغرفه ليشاهدها وهى تنزع ملابسها فتعمد ان يخطوه نحوها بهدوء ويجذبها من خصرها فجاه فاصدرت صوت صراخ اثر صدمتها وهى تضربه بكوعها قائله
- والله ياسليم بتستهبل ! خضتنى والله ..

ضمها اليه بحب قائلا
- الف سلامه عليك وعلى نبضك وعلى قلبك من الخضه يانور عين سليم ؟!

- يابنى انت بتتحول ! خبر ايه ؟! وبعدين هو عماد منزلش ولا ايه ..
ابتسم سليم وهى يستند بذقنه على كتفها قائلا
- عنده مصلحه مستعجله ..
قطبت حاجبيها باستغراب: مصلحه ايه دى ؟!

- انت بتسائلى كتير ليه ؟! وبعدين هى فين تورتايه عيد ميلادى اوعى تكونى سبتيهالهم ؟!اروح فيكى فى حديد .

ضحكت وجد بصوت عال وهى تميل برأسها للخلف لتستند على صدره قائله
- ما انت قفلت لى اليوم الله يسامحك .. كنت ناويه على حاجات كتير بس يلا مالكش فى الطيب نصيب يا سلومى ؟!

ثنى ركبته قليلا ليضربها فى ركبتها برفقٍ فاتخل توازنها قليلا فارتفع صوت ضحكها وهى تتشبث بكفه اكثر .. قائله
- بطل جنان .. هقع ؟
- وهو انا مش قولت نبطل سلومى دى ؟!
- تؤ .. بس انا بحبه ..
- وانا بحبك انت اكتر .. وبعدين تعالى هنا دانت ليلتك طين ! ازاي بتقولى خايفه اقع وانا فى ضهرك ؟! انت عبيطه يابت ..

- انت هتوقعنا فى الغلط ليه بس ياعمنا .. مش قصدى والله .. ربنا يديمك سندى على طول ..

ابتعد سليم عنها قليلا ليخرج من جيبه سلسله ذهب مكتوب عليها " سليم " بخط جميل .. وشرع فى ازاحة شعرها جنبا وبدء انا ينور بها عنقها قائلا

- عشان الدعوة الحلوة دي يبقي تستاهلى الهديه .. يلا مش خساره فيكى
دارت وجد لتقف امام المراه بسعاده عارمه وهى تتحسسها بأناملها
- الله ياسليم .. دي حلوة اووى اوى .. خطف قلبى ؟!

استدار ليقف امامها ويرمقها بعيون ضيقه
- وبالنسبه لصاحب السلسله ملهوش اى دور ف الخطف ده ..

كتمت ضحكتها وهى تعانقه بحب
- يكفى انى مقدرش اعيش من غير صاحب السلسله ولا انت ايه رايك ..

- ممممم غلبتينى .. ماشي ياستى

ثم انحنى ليطبع قبله طويله بجوار قالب السلسله العالقه بعنقها قائلا
- مبروكه عليك يااحلى وجد شافتها عينيا ..

- ربنا يباركلى فيك انت ياسليم .. وبعدين المفروض انى انا اللي اجيبلك الهديه ده عيد ميلادك مش العكس ..

قبل كفيها الاثنين بشوق وهو يقول
- وجودك احلى هديه وضحكتك الحلوة دي الشمس اللي بتنورلى الدنيا .. وان كنت عاوز هديه بجد -ثم وضع يده على بطنها وهو يطيل النظر بعينها الاتى اخفقت لاسفل مع تسارع ضربات قلبها قائلا - " عاوز خبر حلو هنا  بعد كام اسبوع واتاكدى انه هيكون احلى تانى هديه لقلب سليم ..

فرت دمعه فرح من طرف عينها وعانقته بحب وامتنان
- ياحبيبي ياسليم .. انا مش عاوزه احسدنى عليك بس عاوزه اعترفلك انى لو كنت بحبك قيراط قبل الجواز حبيتك 24 بعد .. ربنا يتم فرحتنا ياروح قلبى..

قطع صفواهم صوت طرق على الباب فهمس سليم لها ومازالت عالقه بين يديه
- نفتح ولا كأننا مش موجودين ؟!

ابتسمت بمرح وهى تبتعد عنه قائله
- لا روح افتح ده اكيد عماد اخوك وانا هروح اخد دش سريع كده تكونوا خلصت كلام ..

تركته وجد بعد ما طبعت قبله خفيفه على وجنته ثم سار سليم نحو الباب ليفتحه اذا بماجده تقف امامه بعيون خائفه
- ماجده ؟! مالك ؟! حصل اي الساعه دي ومال وشك مخطوف ليه ..

بللت حلقها عدة مرات: سليم عاوزه اتكلم معاك ضروري .. ممكن .

- طيب الصبح .. انت مش شايفه الساعه كام ؟!

فركت كفيها بارتباك: لا ماينفعش التاخير ..
اطرق سليم بهدوء: طيب تعالى فى الجنينه ..

ردت ماجده سريعا: لا نطلع اوضتى او شقتنا .. ماينفعش نتكلم فى الجنينه .. مممم قصدى يعنى الموضوع اللي عاوزاك فيه ماينفعش هنا ..

استدار سليم برأسه للخلف ليأكد من وجود وجد .. فاومئ ايجابا بملامحه التى احتلها الغضب
- تمام ياماجده ... تعالى فى القصر طيب ...

 

" محمد انت وحشتنى اوى .. ممكن ترجع عشان انا مش عارفه انام فى البيت من غيرك "
ارسلت يسر رسالتها لمحمد الذي قرأها وعاود الاتصال بها على الفور
- يسر انت تعبانه ..

اجهشت بالكباء لتردف بصوت حزين: محمد انا خايفه وحاسه نفسي لوحدى ..

اغمض عينه لبرهه ليردف بهدوء: طيب انزلى القصلا نامى فى اوضتك .. متناميش لوحدك ..

- يعني انت مش هتيجى ؟!
- صعب يايسر معلش نعدى بس اليومين دول والدنيا هتظبط .. يلا البسي وانزلى وانا معاكى على التليفون مش هقفل غير لما تقوليلى وصلتى .

- حاضر يامحمد ...

 

قفل سليم باب الغرفه وهو يستدير بجسده صوب ماجده قائلا بعجل
- ها ياماجده مالك .. واى الموضوع اللي ينزلك فى نص الليل كده ..

احمرت عيناها بالبكاء فاردفت بحزن: سليم انا تعبانه اوى .. وعاوزه نتكلم شويه ..
- سامعك ياماجده حصل ايه ؟!

اقتربت من المنضده الصغيره لتمسك بكوب العصير بتردد وتعطيه له قائله
- طيب خد اشرب الاول وتعالى اقعد ياسليم ..

نظر لها بعيون ضيقه باستغراب وعلى العصير بيدها قائلا
- انت غريبه ليه .. مش عاوزه اشرب وانجزى ..

فرت دمعه من عينياها بحزن: انت كمان مش عاوز تشرب منى حاجه ! للدرجه دى ياسليم ؟!

نفذ صبر سليم فاقترب منها ليأخذ العصير ويرتشفه جرعه واحده ثم اقترب من النافذه ليراقب غرفته باحثا عن ضلها .. ثم عاد الي ماجده قائلا

- هااا عاوزه تقولى اي ..

بللت حلقها عدة مرات محاوله خلق حديث معه
- انت سمعت انى انا اللي اجهضت يسر !

اتسعت حدقت عيناه بذهول مردفا: ايييييه ! اي الجنان ده وانت عملت كده فعلا
- منا جايباك هنا عشان اقولك الحقيقه وانا قولت كده ليه ..

شرع سليم فى تراقص جفون عينيه مع دوران خفيف برأسه مستندا على المقعد الخشبى وهو ينصت لها بتثاقل .. ظلت تراقب حركاته بعيون متأرجحه وقلب يتراقص هلعا
- سليم .. انت كويس ؟!

وصلت صفوة شقتها ثم نسيت المفاتيح بالخارج وقفت الباب غائصه فى بحر افكارها ودراستها .. وحديثها مع محمد .. حتى وصلت لمنتصف مخدعها بعدما احضرت الحاسوب وشرعت فى تشغيله لتفتح رساله الماستر .. ولكن قلبها تلك المره انتصر ايضا فسرعان ما اغلقت الصفحه لتفتح "فيسبوك" تتجول فى حساب مجدى بفضول يقطمها بدون رحمه

- مممم وكمان اون لاين ورايق كمان ولا على بالك ! ياترى بيعمل ايه .. طيب بيكلم مين ! طيب هو لسه سهران لحد دلوقت لييه .. طيب انا على باله زي ماهو على بالى كده ولا خلاص صدق ما طلقنى ورتاح .. اوووووف وانا مالى .. فوقى ياصفوة فووووقى اي الهبل اللي انت فيه دا .. يعني اي محور تفكيري كله سي مجدى افضل بلف وراه من فيس لواتس لانستا .. مش اسلوب ده ... ده اسمه هبل رسمى .. خلاص خلاص نفوق كده وهنذاكر ومافيش مجدي ...

وصلت يسر للطابق الارضي ولازالت تحادث محمد وتضحك بصوت عال وسرعان ما اختبئ ياسر خلف السلم كى لا تراه .. اكمل يسر طريقها وظل ياسر يتنظرها حتى اختفى .. فتسلل خلسه الى الطابق الاعلى بالدور الثانى وهو ينظر خلفه يمينا ويسارا .. فاعتلت ابتسامه النصر على ثغره عندما وجد مفتاح شقتها بالخارج .. فواصل خطاه حتى وقف امام الباب وبعد تفكير لبره واخذ نفسا عميقا وضع يده على مفتاح الشقه وفتحها بخفه حتى لمست اقدامه عتبة شقتها وعلى وجهه ابتسامه نصر عجيب...

على حدا وصل مجدى الي بوابة القصر .. فهلل الخفير بقدومه .. فواصل السائق طريقه حتى صف امام باب القصر .. دلف مجدي بتعب من سيارته مستندا على عكازه واول ما سقطت انظاره عليه نافذة غرفتها فابتسم بمجرد ما لمح اضاءه الغرفه .. وفى نفس اللحظه فتح " الفيسبوك " وجدها متصل الان .. فتنهد بكلل

- كل حاجه جوايا بتشدنى ليك .. بس مش دلوقت ياصفوة هستنى الوقت المناسب اللى مش هسمحلك فيه تبعدى تانى...

استند سليم الذي فقد اتزانه على كتف ماجده وهو يهذي بكلمات غير مفهومه .. الا ان وصل الي مخدعها فبسطته فوقه بلطف وهى تلتقط انفاسها بصعوبه ثم انتصب عودها لتقول بحزن

- سليم .. انت لازم تكون ليا انا كمان...


اللون الاخضر بات لقلبى شبحًا بعد ما كان مصدرا لبهجته  .. اللون الاخضر على صورتك الشخصيه والاشارة التى تدل انك " متصل الان " تحرقنى وتحول ما بى من سنبلات الامل الخضر ليابسات .. وسمان شوق قلبى ياكلهن عجاف الغياب ..
انت الان تجلس امام شاشة هاتفك فترى هى عيناك وتشاهد ابتسامتك وتشهد على تبدل ملامحك التى اعشقها فى كل حالاتها .. تعرف ما يسعدك وما تفكر به ومع من تتحدث ومن تراقب .. ان يداك الان تحتضنها وتلتمس منها الدفء اما انا قلبى عارى مرتجف بارد يتمنى لمسه دفء منك ..

وانا ايضا جالسه خلف شاشة هاتفى ولكن فى الحقيقه انا اجلس امامك انت وامام صورك وحالتك ونشاطك .. ماذا لو كنت انت هكذا ايضا وتجلس امامى لتتابع آخر أخبارى ..ماذا لو كنت انا وانت نفكر فى ذات الشيء الذى يملأنا وهو " نحن "
شاشتك الوحيده التى تعرف الرد ... اما انا تائهه فى دروب الوهم انتظرك ...  شاشتك تعلم ما فشل فى لمسه قلبى ..
ياالله اصبحت اغار من جماد ؟ ا من حق الجماد ان يتلذذ بقرب من يتلهفه القلب ولو لدقيقه .. هاتفك محظوظا بك كثيرا لأنك دائما ماتحتضنه ويعلم عنك ما ابحث انا جاهده لمعرفته ... -

استند سليم الذي فقد اتزانه على كتف ماجده وهو يهذي بكلمات غير مفهومه .. الا ان وصل الي مخدعها فبسطته فوقه بلطف وهى تلتقط انفاسها بصعوبه ثم انتصب عودها لتقول بحزن

- سليم .. انت لازم تكون ليا انا كمان .. انا كل يوم بنام خايفه مش بلاقى حد يطمنى .. انا اقولتلك انى مش بحبك بس انا مكمتلش .. انا عشقاك يابن عمى ..

ثم تحركت ببطء نحو الجهه الاخرى من الفراش لتجثو على ركبتيها بهدوء فارده ذراعه لتميل برأسها ببطء فوق صدره .. سندت ماجده راسها فوق صدر سليم فتسلل بجوفها شعور الامان والاطمئنان .. مدت كفها ببطء لتحاصر خصره قائله بحزن

- انا مش عاوزه اوصفلك كنت خايفه ومرعوبه ازاى ودلوقت اطمنت .. اسمحلى بالليله الوحيده اللي انام فيها مطمنه بيك ياسليم .. اسمحلى اطلع انانيه المره دى ..

ثم رفعت رأسها قليلا وتتأمل ملامحه بشغف وهى تتحسسها بانبهار كالاعمى الذي رد اليه بصره ويري الورد للمرة الاولى .. لم تستطيع منع نفسها من تقبيله بشوق فاض بصاحبه .. اما عن سليم فغاص فى سبات نومه مغيبا عن العالم باكمله ماعدا قلبه الذي لا يغفو ولا يخدر عن عشق وجدانته .. تعالت ضربات قلبه حتى استحستها ماجده كأنها تأبى اقترابها .. حتى جسده الذي تعشقه كثيرا يرفضها .. لم تكف ماجده عن قبلاتها المختلطه بدموع الوجع حتى توقفت ببطء لتعود لراحة رأسها وهو صدره تحديدا .. غمضت عيناها بتنهيده قويه قائله

- سامحنى مقدرتش اقف قصاد قلبي فى حاجه زي دى .. سليم انا بتقطع من جوايا كل دقيقه انت مش معايا فيها ..

ثم مسكت كفه عنوة عنه لتضعه فوق بنطنها قائله بحزن شديد
- هو انا مش هيكونلى حتى طفل منك يعوضنى عن غيابك ياسليم ؟!

ثم اعتدلت فى جلستها بحزن يتقاسم معالم وجهها قائله بوجع مكبوت
- يمكن مقدرتش اسرق قلبك وده حقك .. وحقى كمان ان يكونلى ابن منك ومقداميش غير كده سليم انا مش هينفع اعيش غير على حبك ومكتوبه باسمك .. متخلقش راجل تانى بعدك ممكن احبه .. عاوزاك تسامحنى فاللى هعمله ...

***

تسلل ياسر داخل الشقه بحرص شديدٍ كى يكمل مخططه الدنئ .. حتى وصل الي غرفتها يتأملها بلهفه جنونيه وهى تخضع تحت تأثير شاشه الحاسوب فوق مخدعها .. اذا بيد لعينه تتسلل لخصرها فجعلتها تفزع صارخه باسمه

- مجدى !

تقف فوق الفراش ترتعد تلهث .. يجن جنونها برؤيته صارخه بوجهه
- انت اتجننت صح ! انت دخلت هنا ازاى وبتعمل ايييه هنا ... دانت بجح ياخى !

صعد اليها  فوق فراشها قائلا
- نتكلم .. 5 سنين رافضه تسمعى مكنش قدامى غير كده ..

ركلته بقوة محاوله الابتعاد عنه فى اثناء تشبثه بها بقوة صرخت بالم
- انت حيوان .. هتودي نفسك فى داهيه ..

استطاع ياسر ان يكبل يدها يأسرها بقربه هامسا بنيره جعلتها تختنق
- لا ... انت لسه بتحبينى محبتيش غيري .. انا ياسر ياصفوة .. مش هسيبك انا بحبك وانت كمان بتحبيى ومش هخرج من هنا الا وانت معايا ..

كل ما بجسدها يرتجف .. يرتعد .. يتنمناه بقربها الوحيد الذي يطمئن قلبها به .. اعتلت انفاسها حد الاختناق وهى تقاومه بكل مااوتيت من كره له  .. فى لمح البصر اثناء حديثه ولمساته التى نفرتها روحها .. انحنت بوجهها لتعضه بقوة مما جعلته يرخى قبضه عليها .. ركضت سريعا من امامه متجهه نحو النافذه لتستغيث .. فسرعان ماانقض عليها ليأسرها فى ركن جحيمها الذي سبق وان طبع مجدى عليه ذكريات حزنها ..

تحولت حاله صفوة من الخوف والفزع الي الجنون الهستيري .. تشعر بألم يتراكض بجوفها فهى لم تتحمل رؤيته ولا قربه .. سرقتها ذاكرتها لذلك اليوم المشئوم وكل جيوش مشاعرها تركض صوب عيناي مجدى بسعاده عارمه ماعدا كبريائها لم يخضع له ابدا .. تمنت ان يعيد فعله بفيديو سنيمائى ابشع ولكن معه فقط ولست مع مخلوق ك ياسر .. ركلته صفو بكل قوتها وهى تصرخ باختناق .. فكبل ياسر ذراعها الذي تقاوم به بالحائط وهو يتنفس بصعوبه قائلا

- مافيش مفر ياصفوة .. لازم تفمهى انى حبيتك ومخنكيش وصحبتك دي هى اللي جات انا ماروحتش لحد ..

- انت اقذر انسان انا شووفته .. ابعد عنى وانسانى بقي يااخى ..

- لا ياصفوة انا مش هبعد .. انا ماينفعش اسيبك تانى .. انت الحاجه الوحيده اللي قالتلى لا .. ومش انا اللي حد يرفضنى انت فاهمه .. انت هتخرجى معايا عشان انا عاوز كده ومافيش قوة هتمنعنى من اللي عاوزه .. انت ليا ياصفوة فاهمه يعني ايه ..

سالت دموع عينيها بألم وهى تحاول التخلص منه صارخه
- مريض .. انسان مريض ! بكرهك وكرهت الحب وكل الرجاله بسببك ...

ثم دفعته برجلها بقوة فتراجع للخلف متألما
- انت عاوزه اي ؟! انا بحبك وعشانك عملت كل ده .. صفوة تعالى معايا نمشي ونعيش حياتنا اللي رسمناها زمان ؟!

- انا بكرهك وبكره اليوم اللي عرفتك فيه وقلبي دقلك .. انت مابتحبش غير نفسك ونجاحك ومستقبلك .. اما انا كنت كماله من ضمن الكماليات بتاعتك .. انت طماع وانانى كلب بتجرى ورا كل واحده ترميلك عضمة .. شخص عنده نقص عاوز يكمله .. بس مش انا يا ياسر واخرج من هنا احسن هقتلك وانت عارف صفوة ما بتخافش ..

وضع ياسر يده بجيبه بشرٍ يتناثر من عيناها ليخرج حقنه مخدره قائلا
- كنت متاكد انك هتعاندى ... ياسر مش هسيبك لحظه ياصفوة ..

ركضت صفوة نحو المطبخ وهى تأكل خطاوى الارض رعبا .. فطرقت بجسد مرتجف على شباك المطبخ مستغيثه
- يااعمماااااد .. عممممماااااااااااااد الحقنى  ..

هجم ياسر عليها بوحشيه كالضال المغيب عقله .. فتحت صفوة الدرج وهى تتخلص من قبضته لتتشبث بالسكينه قائله بصراخ وصوت متقطع
- هقتلك ... والله هقتلك لو قربت خطوه كمان .. ارمى اللى في ايدك دي قولت ..

تراجع ياسر ببطء وبدا الخوف يتراكض على ملامحه
- صفوة خلاص .. اهو اهوو هسيبها .. بس انت مش عاوزه تفهمينى ليييه .. ممكن نتفاهم بالعقل طيب

اجابته صارخه وهى تلتقط انفاسها بصعوبه: انت مابتفهمش انا بكرهك وبكره العالم المقرف اللي انت جااااااي منه ...

وعلى حدا وصل مجدى الى اعتاب شقته بتردد ممسكا بالمفتاح ليحدث نفسه بلوم
- انا مش عارف اي اللي جايبنى هنا .. وليه وصلت للباب القصر ورجعت .. انت عملت لى سحر يابت الهوارى ولا اييه ..

وماهى الا بضعة لحظات وصل مجدى الي شقته واستدار ليقفل الباب فالتفت لصوت صراخها
- بقولك امشي من هنا ياحيوااان ..

ركض مجدى الستند على عكازه نحو مصدر صوتها حتى اقترب من المطبخ فتعمد الا يحدث ضجيجا فهدئت خطواته وهدأت ضربات قلبها انذاك .. فهجم عليه وهى يمسك عكازه بالعرض ويطوق به رقبه ياسر قائلا
- والله وجيت لقضاك ياابن ال*****

انفجرت صفوة صارخه باسمه: مجدى!

ضغط مجدى اكثر على عنق ياسر الذي اوشك على فقد نفسه متشبثا بالعكاز ليبعده عن عنقه قائلا بصوت متقطع

- مكنتش متوقع انك ترجع تانى .. انت ليه مش فاهم انها حبيبتى ومحبتش غيري ..

صرخت صفوة بلهفه: كداب يامجدى متصدقهوش .. لا ...

استند مجدى على ساق واحده وتراجع للخلف وهو يجري ياسر بقسوه حتى خرج من المطبخ قائلا
- البنى ادم الغبي هو اللي بيجى لمكان موته برجليك .. انت عاوز منها ايه ..

تابعت صفوه خطاهم بهلع وجسد مرتجف وهى ترمق مجدي بنظرات من الشوق والخوف فى آن واحد .. فى لحظه استجمع فيها ياسر قوته ليركل مجدي على غفله فى ساقه المكسورة .. فجعلت توازنه يختل .. فصرخت صفوة باسمه راكضه نحو النافذه لتستغيث .. فتشبث ياسر بشعرها بعنف
- انت مش هتخرجى من هنا غير معايا ياصفوة ..

فى لمح البصر ضربه مجدى بقوه بطرف عكازه فى منطقه الحظر مما جلعته يتلوى الما .. ركضت صفوة للخارج مناديا على عماد
- عمااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااد .. ياعمااد الحق مجدى ..

فلم تكبح مشاعر خوفها فصعدت لاعلى راكضة لاهث وكل ما بجوفها يرتجف لتطرق  على شقة عماد بعنف ولكن دون جدوى ..

" فى حمام شقة عماد "
مع اندفاع صوت المياه وضحكات نورا العاليه فى حوض الاستحمام.. فاردف عماد قائلا بمزاح
- الضحكه دى بتزلزل قلبي على فكره ...

فتحركت نورا بدلال لتستند على كتفه قائله
- وانت لما بتكون رايق بتخطف قلبى ..

قطب عماد حاجبيه متسائلا: ولما اتعصب ..

- احمم .. بحبك اكتر والله .. وبعدين من هنا ورايح هيكون للبيت ده شويه قواعد .. اولهم مافيش خروج بعد الساعه 8 ..
- وتانى حاجه بقى ؟!
- ممممم تفضل سهران معايا لحد الفجر .. عماد انا عمرى ما مليت من انتظارك ولا عمري هشبع من قربك .. كنت شيفاك الاول كل حاجه قلبى محتاجها ودلوقت انت قلبي اللى انا ماينفعش اعيش من غيره ..بتحبنى ياعماد ؟!

اعتدل فى نومته داخل الحوض ليعلوها قائلا
- تؤ .. الحب كلمه قليله على وصف كل دقيقه معاك وبسمع فيها صوت ضحكتك .. يكفى انى حسيت معاكى بحاجه مفتقدها من زمان ..

- احم .. ينفع اطلب طلب ؟!
هز رأسه نفيا ليردف بحب: مش عاوز كلام حب تانى .. عاوز ارد على الحب ده بطريقتى ... ممكن .

 

عادت صفوة الي شقتها بعدما لم تجد فائده من النجاه .. فوجدت مجدى يتحمل على ساق واحد ويطوقه ياسر بساعده متأوها .. صرخت صفوة متوسله
- ياياسر سيبوه .. ارجوووووك ..

لهث ياسر مردفا: هتمشي معايا ياصفوة انت ليا لوووحدى !
لكزه مجدى بكوعه فى بطنه قائلا: ده نجوم السما اقربلك ياحيلتها ..

ثم صوب لكمه اخرى قويه اسفل عينه قائلا بنبره قويه
- نادى على الغفر ياصفوة ..

فزعت صفوة فأثر الصدمه على قلبها اكبر من ان تتحمله .. فتحركت وهى تلوم نفسها بدندنه
- غبيه غبيه ياصفوة .. اتحركى واقفه تتفرجى ليهه !

فجأة اخرج ياسر سلاحه وهو يركل مجدي بقوى على ساقه الموجوعه قاصدا ان يهزم قوته لاعبا على اوتار وجعه .. فانخلع قلب صفوه من مكانه اثر صرخه مجدي القويه التى جذبت اذان احد الخفر المارين تحت البيت .. فوقفت لبرهه تراقب فوهه السلاح المصوبه نحو مجدى وهو يقاوم وجعه بصعوبه .. فسقطت عيناها على الحقنه المخدره الملقاه ارضا .. ونظره اخرى ارسلت لكلماته ياسر التهديديه ..

فانحنت بلهفه وهى تقترب من ياسر الذى اوشك على الضغظ فوق زناد المسدس .. وبمهاره مهنيه غرزت صفوة الابره بعنقه فى نفس اللحظه التى حركت ذراعه الاخر بذراعه الذي يكسوه الجبس  لاعلى لتصيب رصاصته شاشه التلفاز .. فسقط ياسر ارضا فى الحال اثر الابرة المخدرة ..

ركضت صفوه نحو مجدى لتطمئن عليه بلهفه وقلق
- انت كويس مش كده .. رجلك بتوجعك طيب ... انت مابتردش ليه .. يامجدى طمنى عليك والنبى .. طيب ورينى رجلك فيها حاجه

ذاب مجدى فى سحر شعرها المنسدل على كتفه كخيوط الحرير .. واصلت صفوة عملها كحبيبه قبل ان تكون طبيبه فى تلك اللحظه وهى تفحص ساقه بعنايه .. بينما عنه تخدرت كل اوجاعه المؤلمه بعطر قربها ..

 

صوت طرق على باب غرفة ماجده

- ياماجده افتحى .. انت بتعملى ايه جوه ؟!

اردفت يسر جملتها الاخيره بعدة طرقها عدة مرات على الباب وهى تقف خلف باب غرفة ماجده .. فقتلها الفضول منذ اللحظه التى رأت بها سليم يدلف لغرفتها .. فهى تخشي ان تقوم اختها بعمل شيطانى يفسد علاقته بزوجته ويخسرها ذاتها .. تجاهلت ماجده نداء اختها اما يسر لاحظت حركه القصر المريبه .. فركضت نحو عفاف التى خرجت من غرفتها مرتعده

- فى ايه ياعمتى .. اي ضرب النار ده ؟!

عفاف وهى تركض على الدرج بخوف: سترك يارب .. سترك

يسر برعب وهى تبحث عن هاتفها: محمد !

بعد دقائق معدوده احتشدت الشقه بالخفر والشرطه التى اتت نتيجه اصرار صفوة على تبليغها .. لتأخذ كل من ياسر ومجدى .. اخيرا التفت عماد الجالس بغرفته الي صوت سيارة الشرطه وحركه البيت المربكه بالخارج .. فركضت نورا بجواره بنظره استكشافيه

- هو في ايه والشرطه دي بتعمل ايه هنا ياعماد ...

ارتدى عماد جلبابه سريعا مردفا: هنزل اشوف في اي يانورا ...
نورا بقلق وعيون خائفه: اووووف استر يارب ...

 

ركضت وجد نحو النافذة اثر الضجه القويه بالخارج .. فارتعد قلبها على سليم فعادت لتتصل به ولكنها فوجئت بصوت هاتفه بجوارها .. فانقبض قلبها اكثر
- ياتري انت فين ياسليم !

ارتدت عبائتها سريعا لتخرج من المنزل متجهه نحو اجتماع الخفر .. فالتفت الى عماد الخارج من بوابه العماره فسألته
- سليم فين ؟!

عماد بجهل وهو ينادى على احد الخفر: فى ايه يابنى والبوكس ده خد مين ؟!

الخفير: ده حرامى فى شقة مجدي بيه والحكومه جات وخدتهم ؟

نظره استغراب رمقت بها وجد عماد الذي بادلها نفس النظره مردفا
- حرامى ازاى ! وانتوا قاعدين هنا تعملو ايه ... ومجدي فينه ..

الخفير: ما البوكس خد سي مجدى والحرامى ياعماد بيه

وجد بلهفه: وسليم فينه ..

حك الخفير براسه قائلا
- ماخابرش بس يستهيألى راح ورا مجدي بيه ..

وجد بقلق: اووووف ياسليم .. - ثم التفت الي عماد - هتروحلهم مش كده !

عماد بدون تفكير: اااه لازم هروح .. خشي انت ياوجد وانا هخلى سليم يطمنك ..

زفرت وجد باختناق وهى تعود لمنزلها وتتمشي بتمهل فى الحديقه مردفه بضيق
- اى المصايب دى بس ياربي !

 

صوت تلكسات السياره احدث ربكه غير عاديه فى قلوب الغرفه .. فركض بعضهما نحو البوابه مهللين

- ياحيدر بيه .. نورت والله نورت ..

زمجرت رياح غضبه قائلا: ساعه يابهايم عشان تفتحوه
- معلش معلش ياحيدر بيه اللي ما يعرفك يجهلك ؟!

دلفت سيارة حيدر داخل القصر مصدرة ضجيجا عاليا .. اثر اخرج ادهم راسه من النافذه ليتفاجئ بوجود فلعن ذلك الحظ
- اووووف وده مش خايف ولا ايه ؟!

خرج ادهم بعجل ليكتشف ما الامر متظاهرا بالفرحه
- والله نورت يااعمى ... البيت من غيرك ملهوش حس !

اردف حيدر بغضب وهو يجلس على المقعد المجاور للباب
- ايه ياادهم .. مكنتش متوقع انى اجى ولا ايه ! فاكر انك هتستفرد بممتلكات العتامنه لوحدك !

حك ادهم ذقنه بتعجب فاردف بتمويه
- لا كيف ! بس مستغرب من الشجاعه دي .. انت مش خايف من الحكومه ياعمى !

التوى ثغر حيدر بتعجب: لا ماهو ولد الهوارى اتنازل خلاص .. لسه واحد من معارفى قايلين لى ..

اقتطبت ملامح ادهم باستغراب: ايييييه ! سليم اتنازل ! وده ليييه يعنى ؟!
حيدر بمكر: ماخابرش .. بس شكله ناوى على حوار اكبر ... ادهم خلصلى الشغل وبعدها هنروقوا لعيال الهوارى ؟

- ووجد ياعمى ؟!

- هقتلها .. ورحمه ابويا هقتلها على عملتها الهباب دي !

 

" صباحا "

استيقظ سليم من سباته اخيرا بتكاسل شديد .. ليتقلب فى فراشه ببطء ويفتح عيناه بتثاقل اى ان سقطت انظاره على تواجده بغرفه ماجده .. فزع سليم من موضعه ممسكا برأسه بتعب محاولا تذكر ليله امس .. ولكنه دون جدوى , نهض من فراشه كالمجنون باحثا عن ماجده التى لم يجد اثرا فى القصر .. فوقف فى منتصف القصر وركل المقعد الخشبي بقوة كشيء يفرغ به جيوش غضبه قائلا
- ياويلك ياماجده لو اللي فى بالى صح ؟!

لمح سليم وجد تسير بفردها فالجنينه .. فخرج سريعا ليذهب اليها فاستقبلته بلهفه كلهفه رد الروح
- سليم كنت هتجنن عليك ! كده تمشي من غير مااعرف !

عانقته وجد بشوق اما عنه فتغيب عن كل واقع وخيال التفت فقط لجيوش الالم التى تتراكض براسه .. فواصلت وجد حديثها
- مجدي عمل ايه طمنى .. ؟

نظر لها سليم باستغراب: ماله مجدي !

احتلت الدهشه معالم وجهها قائله
- سليم انت مش كنت معاه فى القسم ؟! الخفير قال لى كده .. انت مالك مش مظبوط ليه ؟!

مسك سليم راسه بقوة قائلا: دماغى هتتفرتك من الصداع ياوجد ..
لمست جبهته بلطف مردفه: ده اكيد عشان منمتش طول الليل .. بص روح نام وارتاح ومجدى معاه ربنا ..

زادت مشاعر الدهشه والاستغراب والفضول والقلق ف آن واحد بجوفه .. فهو يجهل تماما ما حدث ليلة امس ومجدي ما الامر الذي القى به الي القسم ! فالتفت اليها
- وجد هاتيلى محمولى من جوه بسرعه ..

- سليم انت هتروح فين ! انت مش صالب طولك ..

بنبره قويه اردف سليم: خشي ياوجد .. واسمعى الكلام ...

 

" فى شقة صفوة "

- يابتى ماتريحى قلبى وقوليلى الزفت دا كان بيعمل ايه هنا ؟!

اردفت عفاف متوسله لصفوة ان تجيبها .. ولكنها التزمت الصمت ايضا ولم ترد على احد .. اقتربت نورا منها راجيه

- ياصفوة انت من امبارح على الحال ده .. فهمينى طيب ؟!

صرخت صفوة بهم بنفاذ صبر: اطلعوا كلكم بره مش عاوزه اتكلم مع حد .. مش عاوزه اسمع اي كلام .. حرام عليكمم !

ثريا بغضب: ماتتعدلى يابت مش ناقصاك انت كمان .. وتردى وتفهمينا ..

وثبت صفوة قائمه الا ان انخفض ضغطتها فجاة وشعرت بدوران فارتمت على الاريكه بتعب
- الحقينى يانورا دايخه اوى ..

هتفت نورا بلهفه: يسر هات ميه بسكر بسرعه ..

ركضت ماجده ويسر نحو المطبخ لتعد ما طلبته منها نورا فاطرقت ماجده باختناق
- يسر .. انت مش بتكلمينى ليه ؟

زفرت يسر باختناق وهى تتحدث بصوت منخفض
- انت مش مكفيكى اللي عملتيه فيا وقتلتى ابنى وكمان عاوزه ترتكبى جريمه اكبر وتاخدى حاجه من سليم مش من حقك ؟! ليه ياماجده الغل ده ليه ؟! ليه واقفه فى طريق سعاده سليم ... احمدى ربنا انى لحقتك وقتها والا كان سليم هيكرهك طول عمره ومش هتلاقي حد تسندى عليه .. متحاوليش تخسري سليم حتى كأخ ليك .. واعقلى .. هما كلمتين واقفين فى زورى وبعدين مش عاوزه اعرفك تانى .. وسعى من وشي ..

اجهشت ماجده فى البكاء بصوت مكتوب وهى تتشبث بقلبها الذي شعرت بألم به كانسكاب الزيت الساخن فوقه .. ظلت تنوح بالبكاء بالم وهى تجثو على ركبتيها ارضا لتناد
- يارب خدنى بقي .. انت تعبت ...

 

لمح سليم عماد ومحمد من بعيد فركض نحوهم بتساؤل
- حصل ايه ياعماد ؟!

محمد بغضب: انت كنت فين من امبارح .. طبعا نايم ولا على بالك ..
ضغط سليم على فكيه قائلا باختناق: والله ما كنت اعرف .. ماله مجدي ..

عماد بحيره: بس انت كنت فين دي حتى وجد كانت بتسال عليك امبارح ..
شعر سليم بالاختناق فاردف بنفاذ صبر
- ياعماد خلصنى وقول لى حصل ايه مش فاهم حاجه ..

روى عماد ما حدث بليلة امس على اذان سليم التى تبدلت ملامحه ملتهما بها نيران الغضب .. فاردف سليم بحذر وصوت منخفض
- عماد وجد لو سألت انا كنت معاكم فاهمنى !
محمد بنرفزه وغضب يتأكل من ملامحه: وده ليه اومال انت كنت فين ؟!

سليم بضيق: انا صحيت لقيتنى فى اوضة ماجده معرفش ازاي .. ده اللي عاوز افهمه .. عموما زي ما قولتلكم ..

قطم محمد شفته السفليه بغضبه وعيون يجحظ منها تيارات الكره: الزفته دي تانى .. دي شيطانه عايشه معانا فى البيت ؟!

تجاهل سليم اتهامات محمد فاردف قائلا: ومجدي فينه دلوقتى ؟!

عماد باسف: ودناه المستشفى .. البيه فضل مقضي الليله فى الحبس امبارح ومستحمل الوجع لحد ما رجله التهبت وربنا يستر وما تقلبش بغرغرينه !

سليم بتساؤل: نعم .. ومجدي يبات ليه فى الحجز اصلا ؟!
محمد بنفاذ صبر: عشان بلاغ ست صفوة اللي هتلبسه فى 3 سنين سجن ...

ابتسم عماد بمزاح وهو يلكزه بمزاح: ماتعرفش فى فالقانون تبقى تسكت يابتاع الادويه انت ؟!
محمد باقتطاب: اومال اي اللي هيحصل فى اخوك يافالح ؟!
تنحنح عماد بثقه فاردف:
- منا مش قاعد ارش كنافه فى حقوق 4 سنين يادكتور .. بص طبقا لنص الماده504 " ان القانون بيعاقب بالاشغال الشاقه من جامع شخصا غير زوجه " وكمان الماده 503 " ان اكره غير زوجه بالعنف او بالتهديد على الجماع عوقب بالاشغال الشاقه المؤقته وهى من 5 ل 7 سنين " ... يعنى بالمختصر ولاسف الصريح ان القانون موضعش نص يجرم الاغتصاب الزوجى ... فااخوك خلع منها .. ممكن بس يلبس فى 3 شهور بتهمة الضرب البسيط ودى سهله وليها حل ... كل حاجه عند عماد الهوارى ليها حل ...

نظر سليم لمحمد بذهول .. فاردف محمد قائلا
- وانا اقول حال البلد دي مش ناوي يتصلح ليه .. طول ما القانون اللي بيحكمنا طرى عمرنا ماهنتعدل ..

اقتحمت وجد اجتماعهم قائله بهدوء: تليفونك ياسليم ؟!

تناوله سليم منها قائلا بامتنان: متشكر ياوجد .. روحى ارتاحى انت وانا هطمن على مجدي ومش هتأخر ...

 

دخل عماد ومحمد شقة مجدى حيث مكان اجتماعهما .. فنهضت صفوة بلهفه
- مجدى عمل ايه ... عماد انت ساكت ليه والنبى طمنى ؟!

تبدلت ملامح عماد متظاهرة بالغضب والحزن مردفا بسخريه
- يهمك قوي يعني .. عموما انا هقولك بسببك مجدى امبارح بات فى الحجز عشان يتعرض على النيابه الصبح .. وفضل مستحمل الوجع فى رجله لحد ماحالته اتدهورت وفى المستشفى حاليا ... حقك رجعلك كده يادكتورة ؟!

دمعه فرت من طرف عينيها باحباط ثم دارت الي محمد بتوسل
- محمد .. قوول لى ان كلامه ده مش صح ؟!

رمقها محمد بنظره جافه ونظره اخرى سقطت على عماد الذي يقف خلفها يغمز لمحمد بمكر فكتم ضحكته قائلا
- رجل مجدي ممكن تتبتر فى ايه وقت .. افرحى يابت عمر حقك رجع ..

ثم رفع نبرة صوته مناديه على زوجته
- يلا يايسر .. يلا من هنا ! ناقص نولع فى بعض !

ثم تظاهر عماد بالجديه قائلا بصوت كظيم
- واحنا كمان يا نورا يلا بينا ! سيبى النار تحرق صحابها !

ظلت صفوة تراقب كلماتهم ونظراتهم التى اشعلت نيرانها اكثر فوقفت مكانها متجمد غير قادره على التحدث .. بات الندم يقطم بجوفها بقسوة .. تسللوا جميعهم واحد تلو الاخر الا انها فاقت على صوت عفاف راجيه
- خدنى عند اخووك ياعماد والنبى ...

 

- فتحلى راسك ياادهم .. البضاعه كلها كام يوم وتوصل .. عاوزك تستلمها بنفسك .
اردف حيدر جملته بحرص بعدما تأكد من قفل باب المكتب .. وجلس بقرب ادهم مواصلا حديثه

- هتروح اسوا تستلم البضاعه وتحطها فى مخزن قديم هديك عنوانه .. وهنوزعها احنا بطريقتنا بعد كده ؟!

ادهم بتساؤل: مش فاهم ياعمى .. انت عارفه بتتكلم فى كام طن ؟! وبعدين انا محتاجه رجاله كتير وازاي هفرز الكميه دي لحالى ؟!

ابتسم حيدر بمكر وهو يمد له عينه بسيطه من الصنف
- شوف .. صنف مدخله زيه ولا هيجى بعده !

شم ادهم بانتشاء رهيب ثم رفع حاجبه باعجاب مردفا
- دى حاجه فاخره قوي .. عموما معاك .. طالما كل حاجه متأمنه ؟!

ظل حيدر يرمقه بمكر قائلا لنفسه
- لعبتك اتكشفت ياولد اخوى وهتقع فى شبكه حيدر قريب !

تقف ورد خلف النافذه بالجنينه تستمع لهم باهتمام .. ثم اخرجت هاتفها لتخبر يوسف عن كل شيء استمعت له .. وبعد ما انهت مكالمتها وهى تتمشي بالجنينه ظهرت لها ساميه المختبئه خلف الشجره لتقبض على شعرها بشده قائله

- والله ووقعتى ومحدش سمى عليكى يابت ساميه !

ثم نادت بصوت عال
- ياحيدر .. يااادهم تعالو الحقوا نصيببببه ! يااادهمممممم الحقق !

ركض كل من ادهم وحيدر للخارج نحو صوت ساميه المرتعد .. ومن ناحيه اخري دلف زين الصغير اخو وجد لغرفه المكتب فوجد سلاحا جذبه فضوله اليه .. فاقترب منه ليلعب به قائلا
- انا لازم يكون معاى سلاح حقيقي زي اللي فى اللعبه ..

ثم لفت انتباه كيس صغير باللون الابيض .. فوقف امامه قليلا فأخذ بدون وعى ليشمه عده مرات مردفا باستغراب
- اي ده ؟!

لم يكف زين عن ذلك بل اكمل سيره وراء فضوله ليذوقه حتى تجرع كميه كبيره اطاحت بحياته على الفور فسقط طريحا كالطير الذبيح الذي يسبح فى دماء روحه يلهث انفاسه بصعوبه بالغه ..

تصرخ ورد محاوله التخلص من قبضه ساميه القويه
- بقولك سبينى فى حالى .. عاوزه منى ايه ؟!

وقف حيدر متسائلا
- هببت ايه البت دي ياساميه .. ؟!
اردفت ساميه بشر: الهانم شغاله مخبر للحكومه .. وبتبلغهم كل خطواتكم .. مكفهاش عار اختها  لا وكمان عاوز تسجنكم !

نظر لها ادهم نظرات غاضبه وهو يقبض على ساعدها ويرجها بعنف
- الكلام ده حصل ؟!

صرخت ورد متألمه: محصلش ! وسيب يدى

اردفت ساميه مستنكره: افتح تلفونها ياولدى وانت هتعرف ..

شد ادهم الهاتف من يدها ثم عاود الاتصال بأخر رقم فظلت ترمقه بتوسل وصوت يصرخ من جوفها بالا يفعل ذلك .. رد يوسف على اتصالها قائلا
- هاا ياورد .. جد جديد ؟!

صرخت ورد لتستغيث به: ياايوووووسف الحقنى !

فزع يوسف من مكانه بينما اسرع ادهم فى انهاء المكالمه قائلا بغضب
- دانت وقعتى تحت يد اللي ماعيرحمش ؟!

اردف حيدر بملامحه يشتعل منها نيران الغضب
- البت دي تتحبس فى المخزن تحت لحد مانروقلها ؟!

التوى ثغر ادهم بمكر وهو يجرها بقوة على لحن صراخها وتوسلها ونداءها على امها قائلا فى باله
- كده احلويت ولقيت الطعم اللي ست وجد هتقع بيه فى المصيده ...

 

"فى المستشفى "

تجلس عفاف بجوار ابنها وهى تنوح الما قائله بعتب
- كان مستخبيلك فين كل ده بس ياولدى ... عينى عليك وعلى بختك ؟

اردف مجدي مازحا: جرى اي ياعفاف مانا زي القرد اهو قدامك واتسترت !

- لا ياولدى قلبى واجعنى عليك .. مجدي طمنى عليك فى حاجه بتوجعك ! يعنى حاسس بحاجه ؟!

هز مجدى رأسه نفيا وهو يضحك قائلا
- اقوم اتنطط قدامك طااب ياعفاف عشان تصدقى انى زين ؟! منا قدامك حى اهو .. اومال لو واخدلى طلقتين ؟!

اردف سليم بمزاح: تصدق ياض يا مجدى انت انقذتنى من ورطه كبيره لدرجه انى عاوز ابوسك دلوقت ؟!

رد مجدي ضاحكا: لا ياعم وفر بوسك لصحابه .. اما احنا غلابه بنخدم من غير مقابل ..

دلف عماد عليهم قاائلا بحماس وهو يلقى حقيبته على طرف السرير
- هااا ياوحش ازى الصحه؟!

- عااال ياعماد .. طمنى الواد الزفت ده حصله ايه ؟

اردف عماد باسف
- للاسف محاميه طلب انه يتعرض على دكتور نفسانى .. شكله عنده حاجه فى عقله ..

مجدي بحنقه: ده اكيد .. وهو فى حد عاقل يستجري يقرب من مراة مجدي الهواري .. ده كان اتنسف ؟!

التفت عفاف اليه بدهشه وذهوله وهى تشده برفق من ملابسه
- انت بتقول ايه ! انتوا مش اطلقتوا ؟!

اردف مجدي: اااه حصل ب

قطع حديثه صوت خبط صفوة على الباب فدخلت بتثاقل وهى تنظر لهم بخوف .. فاردفت بخجل
- انت عامل ايه دلوقتى ؟!

جهرت عفاف غاضبه: وانت كمان ليك عين تيجى لحد هنا مش كفايه انك السبب فى كل ده ! بقا ولدى انا يبات ليله فى الحجز بسببك .. روحى يابت ثريا مش مسامحاكى ؟!

لكزها مجدى برفق قائلا بعتب
- خبر ايه اومال ياعفاف ماتستهدى بالله ...

ثم نظر الي صفوة قائلا باتسامه واسعه
- انا احسن الحمد لله .. ودراعك اخباره اي ..

صمتت قليلا ثم اطرقت بهدوء
- اه الحمد لله .. على فكره انا متشكره على كل اللي حصل وكمان انا اتنازلت عن القضيه فتقدر تطمن وتعيش حياتك عادى ..

اتسعت ابتسامه عماد وهو يرمق سليم بمكر لنجاح مخططه مردفا فى سره
- والله ياواد ياعمده عليك دماغ المااااااظ ..

اعتدل مجدى فى جلسته ليردف برجاء
- طيب ممكن تسيبونى معاها شويه ...

احمر وجهها خجلت فاردفت سريعا
- لا لا انا همشي وبعدين نتكلم تكون خفيت ..

اوقفتها نبرة مجدي القويه قائلا
- صفوووة .. قولت عاوز اتكلم معاكى... عماد خد امك وامشوا يلا ..

عفاف بحنقه: مش هسيبك معاها ياولدى !
اطرقت صفوة بخجل وهى تستمع لحديث عفاف .. فاقترب منها عماد قائلا
- يلا يااما تعالى ..

خرجت عفاف وهى ترمقها بنظرات شرانيه ارعبتها .. فاردف مجدي قائلا
- تعالى اقعدى .. هتفضلى واقف !

دنت صفوة منه لتجلس على طرف السرير بخفه قائله
- عاوز تقول ايه اتفضل ..

ابتسم مجدى بهدوء: وحشتينى ..
التفت صفوه كى تهرب من حصار عيناه ولكنه قبض على كفها سريعا ليقربها منه اكثر
- بلاش دى ... حبيت لهفتك عليا اوى ؟!

تنحنحت صفوة بخفوت لترد
- خوفت على رجلك .. وكده وبعدين الحقير ده متخيلتش انه يوصل بيه الجنان يعمل كده ..

وضع مجدي كفه على راسها من الخلف ليداعبه بلطف
- ايوه .. انا عاوز اعرف حكاية الواد ده ؟

نظرت لذراعه الممتد على راسها باستغراب فاردف بتوتر
- هاا ! لما تخف وتبقي كويس هابقي احكيلك ..

ابتسم مجدي ابتسامه تراقصت عليها ضربات قلبها قائلا
- طيب اتنازلتى ليه .. انا كنت مستعد اتحبس عشانك على فكره ..

اطرقت بخجل: احمم حبيت اقولك شكرا بطريقتى ... وكمان شكرا للامان اللي بحسه فى وجودك ..مافيش مره اتمنيت وجودك الا ولقيتك .. ممممم مش فاهمه فى ايه .. فجاه لقيتنى فى المحكمه وبتنازل .. وجيت اطمن عليك ...

رجفة شفتيها وحركه عيناها القاصده الهرب عن اسهم نظراته حركت كل ما هو ساكن بجوفه .. فلم يكبح رغبته فى التهام رجفتها وقلقها وتوترها البالغ .. فدنى منها ببطء فتجمدت صفوة فى مكانها عاجزه عن الحركه حيث تحولت يدها الدافئه لمثلجه .. لاول مره تستنشق انفاسه بلهفه وحب .. لاول مره تثور اشواقها اليه فلم تمنعه تلك المره .. اكتفت بتقفل عيناها ببطء مستقبله لمساته بانتشاء مكبوت .. حظى مجدى من شهد قربها بعدة قبلات اسرته عشقا ليضمها من خصرها بشوق ولهفة اليها .. ففزعت صفوة من موضعها كالملدوغه

- مجدى كده ماينفعش ... لو سمحت

- ماينفعش ليه ياصفوة ..

- احنا اطلقنا لو مش واخد بالك ..

ابتسم بثقه قائلا
- بس انا رديتك امبارح ؟!

جملته الاخيره كانت ككرباج اندلى على قلبها خصيصا .. فاتسعت عيناها بذهول مع تبدل معالم وجهها من الحب للكره ومن المرح للغضب لتثور قائله
- دانت ايامك معاايا سوده ومهببه .. انت بأى حق تعمل كده ... ! دانا هوديك فى داهيه ...

فتحت وجد باب منزلها ففوجئت بالطارق .. فظلت ترمقه طويلا حتى ارتسمت ابتسامه مزيفه
- ماجده ! اتفضلى ؟َ! انت عاوزه حاجه ؟!

ماجده بحزن: وجد .. محتاجه اتكلم معاكى ...

اُصاب بنوبة حنين لذات تاريخ اليوم ولكن منذ عامين سابقين .. احاول ان اتذكرنى ولكن الصورة تبدو مشوشه جدًا .. كل ما اتذكره اننى لم اكن على ما يرام ولكنى كنت افضل من الان .. كنت بعد ثمان عشر يومًا من ذات التاريخ وهو يوم ميلاد قلبى على عيناك اصبحت واحده اخرى كل ما بها يتشكل بك ولك ..
كنت ذكيا للغايه لانك نزعت حزن قلبى من جذوره واغلقت مسامه ببذور شوقٍ تنمو لك وحدك فهى لازالت تتغذى على اوكسجين صوتك وهواء ضحكتك وترتوى بمياه صمتك .. تالله كل ما بى يتذكرك كأنك تركتنى بالامس وتالله برغم جفاف الغياب الا اننى ارتوى بذكريات نسقتها انت ببراعة محب اذابنى بهواه .. لِن لى , نحن لسنا فى ساحة الحرب , عد .. فأن حربنا الوحيده هى تدمير وسطها ... عد فذكرى ميلاد قلوبنا تقترب لنحييها بعوده حميده خاليه من دخان الغياب .. عوده بلا غياب ... -

ارتسمت معالم الحيره والاندهاش على وجه وجد التى قتلتها بابتسامه هادئه
- تعالى ياماجده اتفضلى ... تعالى محدش موجود وسليم عند مجدى ..
طافت عيون ماجده سريعا فى جوانب البيت .. فدلفت بهدوء وهى لازالت تقف مكانها .. اما وجد فقلت الباب ثم التفت اليها قائله
- تحبى تشربي حاجه ؟!

ردت ماجده على الفور مردفه: مش جايه اضاايف ..
تظاهرت وجد بعدم الاهتمام لجملتها فاردفت بتلقائيه
- انت صاحبة بيت ياماجده .. اتفضلى تعالى ...
تنهدت ماجده بحزن مكبوت ثم اردفت بتردد
- انا اسفه .. ومش عاوزاكى تزعلى من سليم بسببى بس ...
نظرت لها وجد بعيون ضيقه .. محاولة فهم ما ترمى اليه .. فاردفت بتجاهل
- مش فاهمه ! ومين قالك اصلا انى زعلانه من سليم ! انت اكيد فاهمه غلط ..

فكرت ماجده قليلا فلاحظت من حديث وجد انها لم تعلم حقيقه الامر .. فتنحنحت بخفوت ثم غيرت حديثها سريعا وعلى ثغرها ابتسامه كاذبه
- مممممم كنت فكراكم اتخانفتوا بسببي .. بس انا كنت عاوزاه فى موضوع ضرورى وكده ..
اتسعت ابتسامه وجد بطيبه مردفه وهى تفرك كفيها بارتباك
- انت مكبرة الموضوع .. محصلش حاجه لكل ده وبعدين سليم ابن عمك قبل اى حاجه .. اكيد مش هزعل لما تطلبى منه مساعده .. بصي ياماجده مافيش صدفه جمعتنا اننا نتعرف على بعض بس انا متأكده اننا لم نعرف بعض اكتر كل الاسوار اللي مابينا دي هتتهدم وانا واثقه  انك هتكونلى زي ورد اختى فى يوم من الايام ... وعلى فكره كمان انا كنت عاوزه اتكلم معاكى ولو مكنتيش جيتى كنت انا هجيلك ...

حاله من الذهول سيطرت على ملامح ماجده محاولة استيعاب اسلوب وجد الذي لم تتخيله يوما .. فاردفت باهتمام
- عاوزه تقولى ايه .. اتفضلى ..
- اكيد مش هنتكلم واحنا واقفين كده .. تعالى اقعدى ..
استسلمت ماجده لطلب وجد فتحركت ببطء لتجلس على اقرب مقعد منتظره حديث وجد اليها .. جلست وجد امامها بثغر لم تفارقه الابتسامه قائله
- تعرفى ان احنا الاتنين وجعنا واحد ! وتعرفى كمان اننا ضحايا ..

رفعت ماجده حاجبها باندهاش منتظره تكملة حديثها .. فواصلت وجد قائله
- انت بتحبى سليم ياماجده ؟! مممم مش عاوزه هروب لو سمحتى جاوبى ...
وقفت ماجده محاوله الهرب من نظرات وجد التى تحرقها وسؤالها الذي كان كصاعق كهربي على قلبها .. احيانا ما تكون بعض الكلمات على قلوبنا كجمرات من نار .. صمتت ماجده قليلا وهى تجوب المكان ببطء حتى التفت اليها قائله
- ولو قولت اااه ... بحبه !

وقفت وجد امامها بهدوء فاجبت: وهو ؟!
ردت ماجده سريعا: مش شايف غيرك ..
اغمضت وجد عيناها لبرهه مردفه: انت لو عرفتى ان فى حد بيحبك دلوقت ومستعد يحارب الدنيا كلها عشانك .. وانت مش شايفه غير سليم .. هتعملى ايه ! هتروحى للشخص التانى اللي بيحبك ولا هتعيشي على اطلال سليم ؟!
- احيانا الذكريات بتكون لنا المُسكن اللي بيخلينا نكمل ونعيش .. حتى ولو كان وجودها وهم !
اقتضبت ملامح وجد مردفه بنفس النبره الهادئه: وانت اى ذكرياتك مع سليم؟ .. انت شايفه ان سليم قدملك كلمه حلوة تستاهل تضيعى الحلو من عمرك عشانها .. انا عارفه مش بايدك وان لكل واحد مننا قلب اتخلق ليه وعشانه ..

- انت لو مكنتيش موجوده كان سليم هيحبنى مكنش هيلاقيى غير قلبي  اللي بيخاف عليه فهيحبنى انا متاكده ...
- وانت ليه ترضي بالجبر وبدل للتفقد .. الحب الحقيقي ان يكون قدام عيون سليم مليون بنت احلى واجمل منك وبيحبوه اكتر منك ويختارك انت .. مافيش حاجه اسمها ملقتش اللي يحبنى فحبيت اللي لقيته ! ارحمى نفسك ياماجده ... مش هقولك انسي سليم بس هقولك خافى على قلبك وبلاش تستنى حاجه مش مستنياكى .. كفايه وّهم .. لانه عامل زي الموجه اللي لو الواحد سابلها نفسه هتجري بيه لمكان عمره مااختاره ... اختاري المكان المناسب لقلب ياماجده ...
عقدت ماجده ساعديها محاوله تمالك دمع عيناها قائله بسخريه

- انت بتقوليلى كده ليه ! متحسسنيش انك خايفه عليا ! انت عاوزه تبعدينى عن طريق سليم وخلاص ..
- مش انا اللي هفكر كده ياماجده واكبر دليل انك لسه على ذمة سليم لحد دلوقت .. وحتى ولو كان على ذمته 3 غيرك انا واثقه فيه وواثقه ان قلبه معايا ومفتكرش ان الست تتمنى حاجه اكتر من كده .. يمكن كلامى بيوجعك بس لازم تسمعيه قبل فوات الاوان .. انا خايفه عليك مش عوزاكى تجري ورا سراب ... فى يوم ابويا وابوكى كانوا صحاب اوى واعتبرى كل كلمه بقولها اكرامنا لعلاقتهم ..

صمتت ماجده قليلا ثم اردفت بحزن: هو انا ليه مصدقاكِ .. ليه بسمع كلامك لحد دلوقتى ؟! غريب ان الانسان يسمع ويقتنع من ألد اعدائه ..
- احنا مش اعداء ياماجده ولا هنكون .. ومتمناش نوصل للمرحله دي حتى ولو كانت الحرب على سليم .. عاوزاكى تتأكدى ان لو احتار سليم للحظه بينى وبينك مش هقعد معاه دقيقه بعد كده لانى انا عارفه قيمه نفسي ومش انا اللي اتحط فى مقارنه مع حد بالذات فى الحب .. وع
ثم قطع حديث وجد صوت رنين هاتفها فالتفت سريعا نحوه لتجد المتصل امها .. ثم نظرت لماجده بحيره مردفه
- دي امى ؟!

اومأت ماجده راسها ايجاابا: اسفه عطلتك .. هسيبك وامشي ..
تشبثت وجد بكفها بدون رد مشيره اليها بعيناها ان تبقي وهى تجيب هاتفها قائله
- خير ياما ! مالك ..
كوثر صارخه: انجدينى يااوجد .. الحقي اخوكى بيروووح منى ياوجد !
وجد بلهفه وقلب منخلع: زيييييييييييين !
ماجده بقلق: فى حاجه ياوجد ؟!
رمقتها وجد بنظره خاطفه مواصله حديثها مع امها: انا جيالك دلوقتى ياما متقلقيش ... خير ان شاء الله ..
ماجده بخوف: حصل ايه ياوجد ؟!

تركتها وجد سريعا وهى تتأهب للذهاب بجسد مرتعد
- اخويا ياماجده تعبان .. انا لازم اروح اشوفه ؟
ماجده بتنبيه وهى تحاول ان توقفها: استنى بس هتروحى فين .. متتجننيش ياوجد !
تجاهلت وجد حديثها لتركض نحو الباب سريعا وهى تأكل خطاوي الارض خوفا .. فركضت ماجده ايضا نحو القصر لتتصل بسليم الذي رنت عليه مرارا وتكرارا بدون جدوى ..فاردفت باختناق
- اووووف ياسليم ... مش وقتك رد بقي !
ثم عزمت امرها على الذهاب اليه المشفى .. فركضت نحو الباب سريعا مناديه على احد الخفر
- حد يجيبلى عربيه حالا ..

 فى المشفى
سليم بمزاح: اي يارميو البت دى طالعه وواخده فى وشها ليه .. هببت اي يافقري ...
اتكئ مجدي للخلف وهو يفّرد ساقه بتأوه قائلا
- هى اللي خُلقها ضيق ياعم اعملها ايه !
غمز له عماد قائلا: طب ماتوسعه .. خليك ناصح ..
ركله مجدي بمزاح قائلا: والله ياعفاف ماعرفتى تربي عيل فى عيالك دول ..
جلست عفاف بجواره لتربت على كتفه قائله
-  خليك انت عاقل واسمع منى وفكك من بت ثريا .. دي نابها سم ياولدى .. روح هاتلنا واحده من بنات مصر كده تخزى العين وتدلعك وتسعدك مش دى وبوزها اللي يقصف العمر ..

رد عماد ممازحا: مش عاوز اصدمك ياعفاف واقولك انها جابت ولدك على جدور رقبته ؟!
ندبت عفاف حظها قائله: يانيله بختك فى ولادك ياعفاف .. ياريتكم بنات كنت عرفت احكم واربي بدل العيشه والغلب اللي شيفاه على يدكم ...
دنى منها سليم ضاحكا ثم قبل رأسها قائلا
- خبر ايه اومال ياعفاف .. دانت حبيبه قديمه .. مش هتحكيلنا عادل الهوارى كان بيعملك ايه ..
اتسعت ابتسامه عفاف واضاءت ملامحها بمجرد سماعها لسيرة زوجها .. فاردفت بارتياح
- وهيييييه وهو فى زي ابوكم .. يلى ما فى واحد فيكم طالع زيه ..

اقتحم محمد عليهم الغرفه بزيه الطبي قائلا
- متجمعين عند النبى .. خيررر ..
مجدي ممازحا: تعالى تعالى اسمع امك هتحكيلنا على غرامياتها مع ابوك ...
قفل محمد الباب سريعا ليقترب منهم والفضول يملأه
- اوبسسسس .. يافوفا ياجامد .. صح انت وقعتى فى ابويا كيف ولا وقعك كيف ! ماتحكى ياعفاف ..

شردت عفاف لبرهه ثم اردفت بهيام
- ابوكم كان راجل تتهز له شنبات وتقفله رجاله ببدل .. كان يتحجج ويجيلى البيت كل يوم بحجة انه يسلم على ابوي.. كان يجيبلى الخير كله فى كل مره يروح فيها مصر .. كانت كل البنات من سنى تطلع تلعب الا انا كان يجي ياخدنى ويقول لى مراة عادل الهوارى ماتلعبش الا معايا .. جيه خطبنى وانا عيله 13 سنه واتجوزت وانا 15 .. كنت بته ونور عينه .. كل مره اولد فيها واحد فيكم كان نفسي تيجى بت فهو مكنش يرضى كان يقول لى انا مش عاوز بت غيرك .. انت بتى وامى واختى وحبيبتى .. كان عليه دلع كل بنات العيله بتحسدنى عليه ...

تنحنح سليم بمزاح قائلا
- دا ابويا طلع دنجوان واحنا مانعرفش ..
اجابه عماد بسخريه: ابن الوز عوام يااهوارى ..
ثم اشار محمد على اخوته قائلا بضحك: واللي خلف مامتش ياعفاف ..
لاول مره تنطلق ضحكه عاليه من قلب عفاف قائله
- ياريته كان موجود دلوق .. كان خفف على قلبي كتير ..

اردف سليم بمزاح: خبر اي يام عماد هو كان حد زعلك ولا ايه داحنا نرميه للسمك ...
اقتضبت ملامح عفاف لتعود لجبروتها قائله
- دانا اللي عاوزه ارميكم للسمك .. -ثم لكزت مجدى- وانت يلا قوم روح بلاها قعدة المستشفيات دي ..
مجدي ضاحكا: لا انا مرتاح هنا ..
ثم اكمل عماد قائلا: شكله عارف مصيره وان ست صفوة هترجعه تانى بس المره دي بعاهه مستديمه ...
اقتحمت ماجده الغرفه وهى تلتقط انفاسها بصعوبه:
- الحق ياسليم وجد ..

ارتعد قلب سليم وهو يدنو منها متلهفا: مالها وجد ياماجده انطقى ..
اجابته بصعوبه محاوله استجماع نبره صوتها
- امها اتصلت بيها وقالتلها اخوكى تعبان وهى راحتلهم .. الحقها ياسليم شكلو فخ ...
اتسعت عيون سليم وهو يضرب على الباب بقبضته القوة ثم غادر الغرفه سريعا
- ليييه كده ياااااااوجد ليه !
صرخت عفاف: الحق اخوك يااعماد .. ماتسبهووش ...

 فى قصر العتامنه
دخلت وجد وكل ما بجوفها يحترق .. فوجدت اخيها ملقاه على الاريكه لا حول له ولا قوة وتجلس كوثر على الارض بجواره تندب حظها وتصرخ بأعلى صوت فيها كمن اصابه سقم لا علاج له .. خطت وجد بقلب مرتعد لتدنو منه
- مال اخويا ياما جراله ايه ...
تصرخ كوثر وتضرب على ساقيها ورأسها وجهها وتنوح
- اااه ياوجع قلبي على اخوكى الوحيد ياوجد .. اخوك راح منى ..
صرخت وجد بنفاذ صبر وهى تفحص اخيها برعب
- حصله اي يااما .. زين جراله ايييه انطقى !

فتحت كوثر كفها بتثاقل وهو يرتعش كارتعاش كفها لتقول
- لقيت الكيس ده فى يده يابتى .. اخوكي ماات خلاص ياوجد .. ماااات
لازالت وجد تحت تأثير صدمتها فمدت كفها ببطء لتتناول الكيس وتشمه قائله بصدمه
- بودره !

ثم عادت لتهز جسد اخيها بصراخه وتوسل: يازين قووم عشان خاطري قووم والله كنت جايه اخدك انت وورد عشان تعيشه معايا .. زين قووم انت امانة ابوياا اللى معرفتش احافظ عليها .. هقول ايه لابوك .. ليه كده يازين ليييه .. قووم قووم انا جيتلك اهو مش هسيبك تانى خليك جدع انت كمان وماتسبنيش ...
اقتحمت ساميه صفوف النساء المجتمعين لتردف
- انت ليك عين تخطى عتبة البيت ده ؟!

لازالت وجد تحت سطو انهيارها تقبل كل عضو بأخيها متوسله اليه
- زين سامحنى ياحبيبي انا اسفه معرفتش احميك من شرهم .. انت تمن سكوتى وانا بدفع التمن غيابك ياحبيبي ..
انحنت ساميه لتمسكها من ساعدها بقوه وتجذبها بعنف قائله بجبروت وعيون متسعه يحاصرها كحل الشر
- اطلعى بره .. واياكى تعتبى اهنه تانى .. اخزى الشيطان واطلعى لان ولدى لو شافك مش هيروحك على رجليك .. فاقصري الشر يابت سالم ..
دفعتها وجد بكل قوتها لتنهرها بعنف وبنبره تهديديه
- ولدك ! اااه تاجر البودره ؟! انا هقتل ولدك بيدى لانه هو سبب كل المصايب اللي احنا فيها .. هريح البلد كلها من شره ياساميه بزياده ظلم وغدر ونشر فساد من تحت راسه ..

لطمتها ساميه بقوة صارخه بوجهها: قطع لسانك .. ولدى هو اللي هيقتلك ويغسل عاره منك يافاجره ..
وضعت وجد كفها على خدها بالم لتردف بنيران غضب وهى تتدفعها من امامها
- هتشوفى ! ولدك اللي فرحانه بيه محدش هيقتله غيري ياساميه .. نهايته قربت ...
دفعتها وجد بكل قوتها ثم اتجهت نحو غرفة المكتب باحثه عن سلاح ابيها فى الادراج بدون وعى .. فتحت كل الادراج ولكن دون جدوى
- اوووف .. فينه بس ده كان هنا ؟!
ثم استدارت نحو درج اخر به مفتاحه .. فشدته بدون تفكير لتبحث عن هدفها بين الاوراق حتى فوجئت بوجود ساعه فضيه فى الدرج فتجاهلت وجوده للحظه حتى اقتحم عقلها بعض الذكريات ..

##فلاش
- الله يابابا الساعه دي حلوة اوي ياحج سالم .. جايبها لمين ؟!
دنى منها ابيها ليخطف الساعه قائلا بمزاح
- هى مش واضح انها ساعه رجالى ولا ايه ! يعنى مافيش منها قلق ..
- ابدا ياقلب بتك ... لازم اعرف مين الغالى على قلبك كده عشان تجيبله من مكه ساعه بالجمال ده ؟!

حاوط كتف ابنته بحب قائلا
- وانا هرضي فضولك واجاوبك ياست الدكتوره ... دي جبتها لناصر الهواري ياستى .. صاحب عمرى ومينفعش احج وارجعله فاضي كده .. ولا ايه !
- ممممم اذا كان كده ماشي ياسي بابا .. يلا هسيبك انا بقي ترتاح شويه ..
- لا ارتاح ايه .. لازم اديها لناصر وافرحله بيها ..
- للدرجه دي انتوا صحاب ؟!
- الصاحب ياوجد يابتى عالم زي الضهر .. شخص مافيش مابينكم اي صله ده اتولد من رحم الدنيا وجالك هديه واحنا مش كل يوم هنلاقيه فلازم نسعده ويكون كتفنا بكتفه لاخر نفس ..
##بااااك

فاقت وجد من شرودها ولازالت تحت سطو صدمتها
- الساعه دي اى اللى وصلها لعمى حيدر ... واى علاقه ناصر بحيدر ! هو في ايييه .. اى المتاهه دي بس ياربي ؟!

- ياسياده النائب انا عاوز اذن عشان افتش البيت .. بقولك فى واحده هتروح فى داهيه !
اردف يوسف جملته على اذان النائب العام متوسلا اليه بالحصول على الاذن .. فأردف قائلا برسميه
- بتهمة اى يايوسف .. انا شايف انك بتتخطى حدود وظيفتك بطلبك ده وانا مش هوافقك ولازم اوقفك ..
جلس يوسف على المقعد المجاور للمكتبه بنفاذ صبر
- حضرتك بقولك البنت اهلها سمعوها وهى بتدينى المعلومات ودول ناس مابترحمش .. فى حياة انسانه معرضه للخطر لو انا مااقتحمتش دلوقت ؟!
النائب العام: بتهمه ! انت شكلك نسيت القانون ياسيادة النقيب .. وبدل ماتشغل نفسك بالحاجات دي الافضل تروح تكمل مهمتك اللي انت هنا عشانها ..
اجابه يوسف معارضا: يافندم اس
قطعه النائب العام بحزم: يووووسف قولت الموضوع منتهى !اتفضل شوف شغلك

- انا جهزت الشنط خلاص ياحمزه .. يلا بينا ..
اردفت عشق جملتها وهى تتحرك ببطء نحو حمزه الذي يجلس على مخدعه يتصفح هاتفه .. فاعتدل قائلا بنفاذ صبر
- ياعشق بطلى غلبه واسمعى الكلام مش هينفع تيجى معايا قنا ببطنك دي .. انت داخله ف  التاسع ؟!
عشق بنبره طفوليه: انت بترجع فى كلامك ليييه .. وبعدين احنا مش اتفقنا وده شرطى انى اصالحك اصلا ؟!
زفر حمزه باختناق: ابوكى مش هيرضي على الفوضي دي .. وبعدين انا هكون طول اليوم فى الشغل مش هعرف اخد بالى منك .. هى هكون مكمن عليك اكتر ..
عشق باصرار: ياحمزه انا عاوزه اجى معاك وبعدين عاصم والهام سافروا امريكا ومش راجعين دلوقتى وانا مش هقعد هنا لوحدى .. يلا بقي عشان نوصل قبل الليل .. وبعدين الدكتور اصلا قال لى اهم حاجه المشي الكتير والراحه النفسيه وانا نفسيتى مش هترتاح غير وانا جمبك وكمان عاوزه اتمشي معاك كتير زي زمان ..
زفر حمزه بنفاذ صبر ثم دفث راسها فى صدره قائلا بغلب
- يلا يااخره صبري .. يلااااا ربنا يستر من ابوكى ...

وصل ادهم القصر واتسعت ابتسامه عندما رأي وجد خارجه من غرفة غسل اخيها وترمقه بنظرات غاضبه فاردف قائلا
- والله عال مش كنتى تقولى انك هنا ياعروسه كنا فرشنا الارض رمل !
اردفت بغضب يتأكل من ملامحها: لا الرمل ده انا الل هدفنك جوه بيدى ياادهم ..
وقف ادهم امامها لم يفصل بينهما مسافه تذكر قائلا بغل
- العريس سابك يعنى تيجي لحد اهنه .. خبر اي اومال هو زهق حالا اكده ؟!

جزت على اسنانها بنيران وهو تكور يدها بغضب
- متجيبش سيرته على لسانك .. لانك لو وقعت تحت يده ياادهم مش هيرحمك .. لكن ورحمه زين اخوى لاوديكم فى داهيه ..
دخل حيدر انذاك ولم تخل نظراته من الدهشه والذهول وهو يرمق وجد قائلا
- والله عااال .. شوف ياخى بجاحة البنات .. دانت قلبك ميت وجايه برجلك لاهنه ..
اردفت بقوة: ااه جاايه عشان اموتكم بيدى ... واخد تار اخوي منكم ...
ثم اتاهم صوت سليم جاهرا من الخلف فاستكان قلبها فواصلت حديثها
- ورحمه ابوي واخوى لحقهم هيرجع تالت ومتلت ...

فابتعدت عنهم سريعا راكضه نحو الباب لتلقى بجسدها فى حضن سليم باكيه ومنتفضه .. حضنها سليم باستغراب قائلا
- فى ايه ياوجد مالك بتترعشي ليه !
اجابته باكيه ولازالت ترتعد بين ذراعيه: زين اخوى مات بسببى ياسليم .. انا اللي سكت ومبلغتش عنهم .. انا اللي سبت البيت ومشيت وسبته .. منفذتش وصيه ابويا ياسليم ..
ربت سليم على ظهرها بحنان مردفا:لا اله الا الله .. اهدي ياوجد اهدى ياقلبى ..
ابتعدت وجد عنه وهى تجفف دموعها عنوة عنها وتسحب سليم من كفه صوب عماد الواقف من الناحيه الاخرى للسياره قائله بضعف وهى تمد الساعه الفضيه له
- عماد انا لقيت دى فى مكتب عمى ..

سليم بتعجب وهو يتأملها قائلاا: الساعه دي مش غريبه عليا ؟!
اكملت وجد حديثها وهى تتمالك قوتها: بص ياسليم الساعه دي جابها ابويا من 4 سنين لعمك ناصر .. واللي مستغرباه ازاى الساعه دي وصلت لعمى ...
فكر عماد لبرهه فاردف بفطنه: ومن وقت وفاة ابوكي وعمى مظهرش ! يبقي اكيد عمك يعرف حاجه عن غيبه عمى ناصر ! والساعه دي وصلتله ازاي ... اى الحيره دى ..

صوت ضرب نار فى الهواء التفت اليه الجميع فلحقه صوت حيدر جاهرا
- والله رجليكم خدت على المكان ياهوارة ومابقاش حد هاممكم .. خبر ايه اومال احنا سكتناله دخل بحماره ؟!
شرع سليم ان يتحدث فتدخل عماد سريعا: لا ياحيدر بيه احنا ماشيين .. بس اتاكد اننا هنرجع تانى ..
تشبثت وجد بكف سليم: مش هقدر اسيب امى ياسليم بالحاله دي وفى نفس الوقت خايفه منهم .. وكمان ورد آآآآآآآآآآآآآ - ثم صمتت قليلا- هى ورد فين مالهاش اثر من الصبح !
ثم تقدمت بنيرانها نحو ادهم قائله: ورد فين ياادهم ..
هتف ادهم قائلا: وانا هعرف منين .. تلاقيها طفشت ولا اتجوزت كيف مااختها عملت ...

جهر سليم بقوة وهو يندفع اليه قائلا بتهديد
- ما تتلم يازفت وانت ولا شكلك نسيت انت بتكلم مراة سليم الهوارى ...
ثم دار الى وجد قائلا بحده
- يلا ياوجد ...
هزت راسها نفيا وهى تنظر له بعيةن راجيه
- لا ياسليم .. مش هينفع ..
اقترب عماد منهم بهيئته المريبه قائلا بقوة
- يلا احنا ياسليم وسيب مرتك تقف فى عزا اخوها .. ومتخافش مافيش حد عاقل هيفكر يلمس منها شعره ساعتها رجالة الهوارى هيدفنوه حى ... مش اكده ياحيدر بيه..!

جيوش من النظرات المتبادله بينهم التى تحمل بين ثناياها جيوش الغضب .. فاستدرات وجد نحوه برجاء وهى تتشبث فى كفه
- سليم امشي انت والنبى ماينفعش تقعد هنا .. وانا هجيب ورد وامى ونجيوا .. احنا خلاص مابقاش لينا قعده فى البيت ده ؟!
رمقهم سليم بنظراته القويه قائلا بتهديد
- طيب ياوجد تلفونك فى يدك وانا مش هبعد ولا هسيب نجعكم واللي يدوسلك بس على طرف رنى لى .. البقيه فى حياتك ...

تقطن صفوة بداخل غرفتها بالقصر وتجوبها ذهابا وايابا وبداخلها جيوش من نار
- ااااه ياناري ...هو ازاي يرجعنى اصلا من دماغه كده وكان طلقنى ليه من الاصل ! عيلة صغيره انا يضحك عليها بكلمتين ! طيب يامجدى اما خليتك تعد النجوم فى عز الضهر .. هو فاكر نفسه عشان دافع عنى ابقي كده هسامحه وارجع مراته ! عقله المريض فهمه انى هموت عليه ومقدرش اعيش من غيره .. بس دا بيحلم .. انا كنت قادره ادافع عن نفسي على فكره ولا الحاجه له ..
ثم وقفت امام المراه تتأملها هيئتها فانفجرت صاارخه: ااااااااااااااااااااااه هيجننى لييييه ...

وصلت عفاف ومجدي ومحمد القصر فدلفوا جميعهم من السياره .. فتحرك مجدي نحو شقته فنهرته عفاف قائله
- انت رايح فين ! ياواد انت هطير برج من نفوخى !
- رايح اشوف مرتى يااما !
- احنا نقوم تور يقولوا احلبوه ... هتجننونى ياولاد عادل ..
رفع مجدي انظاره لمحمد ضاحكا قائلا
- محمد استلم ...
ضحك محمد وهو يقترب من امه قائلا
- ماتيجى يافوفا تحكيلى باقى مغامراتك انت وعادل الهواري اهو منكم نتعلم بردك ..

بتلقائيه ارتسمت على ثغر عفاف ابتسامه جميله فلاحظها مجدي فبادلها نفس الابتسامه ثم دار متأهبا للذهاب مردفا فى سره
- ااااه ابو الحب وسنينه ياااخى ...
وصل مجدى لشقته ولكنه خاب امله عندما لما يجد صفوة بداخلها .. فدلف الي الشقه يتأملها بارتياح يقف امام كل ركن بها يتذكر وجودها امامه وضحكها .. فتنهد مردفا
- انا اكيد مش موهوم بحبك ياصفوة مش كده ! عملت لى ايه .. عملت اي فى مجدي الهواري ..!

وصل الي غرفة نومها فوجد جهاز اللاب توب ملقى على الارض فانحنى بتثاقل ليرفعه ولم يمنع فضوله من تشغيله قائلا
- نشوف كنت بتفكري فى ايه !
شغل مجدي الجهاز ففوجئ بصورته وحسابه الشخصي اخر شيء كانت تتأمله .. فاتسعت ابتسامته وهو يقف باب الجهاز بايتسامه نصر عجيب مردفا
- اومال البت عامله فيها الشحات مبروك ليه ! واالله ووقعتى فى شباك مجدي الهواري ياصفوة ومحدش سمي عليك !

- بتفكر فى ايه .. مالك ساكت اكده !
اردف سليم جملته وهو يتأمل عماد الذي يقلب الساعه بين انظاره قائلا
- ساعه عمك ناصر اى اللي يوصلها لحيدر !
اتكئ سليم على مقعد سيارته التى تصف بالقرب من قصر العتامنه فاجابه
- طيب  نمسكها واحده واحده .. الساعه دي كانت اخر حاجه لابسها عمك قبل مايروح يقابل سالم ومن بعدها سمعنا خبر قتل سالم ومن وقتها عمك اختفى ؟!
اكمل عماد حديثه: يبقي اللي قتل سالم واللي يعرف سر اختفاء عمك هو حيدر !

- بس حيدر ليه يحتفظ بالساعه دي ! مفتكرش انه بالغباء ده ؟!
- المجرم دايما بيسيب وراه اثر .. وافتكر ان ده الاثر ..
- بتفكر فى اي ياعماد ؟
تنهد عماد بأسف: عمك ناصر اتقتل ياسليم وسالم كمان اتقتل واللى عاوزين نوصله دلوق اى السبب اللي يخلى اتنين صحاب يتقتلوا والساعه دي تكون مع حيدر ..
سليم بتفكير: استنى استني ياعماد .. هو لما تقوم تار بين العيلتين ومنهم عيله تقضي على التانيه اللي هتتحبس يبقوا الاتنين راحوا فى داهيه مين الوحيد اللي هيستفيد بكل دا .. انه يستفرد بالثروه كلها لوحده !

ضرب عماد بيده على جبهته: سليم ! انت عارف ليه ثريا وافقت على جوازنا من بنتها .. لانها كانت متفقه معاهم انهم يمضنونا على عقود بيع وشرا وان فى مشتري مستعد ياخد كل دا ويدفع فى وقتها .. انا سمعتها بتقول كده لنورا .. سليم الموضوع بيتعقد ... وفى سر كبير واحنا لازم نعرفه !

صوت طرق على باب غرفة صفوة فهتفت بنفاذ صبر
- قولت مش عاوزه اكل ...
اخذ مجدي القرار وفتح الباب قائلا بمزاح
- وكمان مانعه الاكل ! لا متزعليش عليا للدرجة دي ياصافى انا كويس اهو قدامك !
بعثرت شعرها بنفاذ صبر وهى تزفر بقوه
- انت خرجت امتى !

دخل مجدي ليقفل الباب خلفه قائلا
- وراكى على طول .. مهنش عليا اسيبك لوحدك تانى ...-رمقته بنظره ساخره فى الحال فواصل حديثه قائلا - اااه والله زي مابقولك افرض الزفت ده خرج تانى من السجن مين يلحقك غيرى ..
- ما خلاص عارفه انك لحقتنى وسوبر مان ومعرفش اي .. متشكرين ياسيدى ..
جلس مجدي على فراشها ببطء وهو يتأمل جدرانها قائلا
- ممممممم يعني اوضتك مش اد كده ! افتكرت ذوقك احلى من كده بكتير .. ياشيخه دانا اوضتى احلى ...
استدارت اليه واضعه يديها على خصرها بغضب
- انت جاي هنا لييه !

- اوضة مراتى اييه هتمنعينى !
- لا مش همنعك بس هخلى رجلك التانيه تبقي زي اختها ..
استند مجدى على عكازه فنهض ليقف امامها وهو يقترب شيئا فشيئا
- واهون عليك بعد اللهفه دي كلها .. دانا اتمنيت اجيب ياسر كل يوم عشان يضربنى واشوفك خايفه عليا كده
اجابته ساخره ولازالت عيناها تتعلق بعيناه: وّهمك قاتلك على الاخر ودا خطر على صحتك ياهندسه ...
- والمكابره دي هتدمر صحتك ..

ارتفعت نبرة صوتها وهى تلوح بكفها: انت ازاى تعمل المصيبه دي مين قالك انى عاوزه ابقي مراتك مين سمحلك تردنى !
اجابها ببرود وهى يقترب منها وهى لازالت تبتعد: قلبى ! اي عندك اعتراض ؟!
- وان قولتلك هخلعك ؟!
- المحكمه قدامك ورينى ازاي ..
التصق ظهر صفوة بالحائط وهى ترمقه بعيون متراقصه خائفه ان تضعف امامه قائله
- انت جايب الثقه دي كلها منين !
اجابها بتلقائيه: من اللاب توب بتاعك ..
اتسعت عيونها: اييييييييييييييييييييييييه !
- احم سيبك عاوز اسألك كام حاجه كده .. ممكن !
- اووووف لما نشوف اخرتها ؟!

اقترب مجدى خطوة سلحفيه منها ولكن تلك المره لا يوجد اي تناسب طردى لتبتعد عنه .. فكل خطوه اليها يزيدها اقترابا .. شرع مجدى بالحديث قائلا
- نفسي اعرف اخرة عنادك دا ايه ! صفوة انت عاوزه تقنعينى انك دلوقتى مانفسكيش تترمى فى حضنى .. ان كل نبضه فى قلبك مش ملهوفه عليا .. ان مشاعرك اتعرت قدامى مع اول لمسه .. انت محستيش بنفسك وانت فى حضنى بتعاتبينى على كل دقيقه غياب ازاي ! انت مش شايفه نظرات عينك هتموت على لمسه منى وانت بجبروت بتقاوميها .. انت بتعاقبينى ولا بتعاقبي نفسك .. انت عارفه انى بحبك ومصممه تعملى مش واخده بالك .. صفوة انا عاوزك ليا ومافيش مفر ..

تحركت صفوه لتتخلص وتفر هاربه من حصار نظراته قائله بعناد
- لا طبعا كل ده محصلش .. انت بتوهم نفسك .. ووو
جذبها مجدي بقوة ليعيدها لمكانها مره اخرى قائلا بعدم تصديق
- ااه وبروفايلى وصورى اللي على جهازك دي ايه !
نظرت لها بهلع وقلبٍ يتراقص على اوتار الخوف .. فهى من تخشي ان تقودها مشاعرها مره ثانيه .. هى من اخفتها تحت ستار القوة والعناد .. هى التى انتوت الا تخضع لشبح الحب مره ثانيه ولكنه بنظرة واحده كشفها امامه .. اصبح قلبها عاريا امام عيناه .. اجهشت صفوة بالبكاء مردفه.

- انا بكدب .. كل مره حاولت فيها الهروب منك لقيت كل حاجه جوايا بترمينى ليك .. عاوزه اتخانق معاك اضربك بس مش عاوزاك تبعد .. فجاه لقيت جوايا جيوش من المشاعر كلها عاوزه تخضع لنور عنيك .. كل تلج الجبروت والعناد ذابوا فيك وبلمسه منك .. مالقتش طوق للنجاه منى ومنك غير صورك اللي كنت بنام حضناهم كل ليله .. معاك حق انا كنت بعاند كل حاجه جوايا انها تكونلك بس غصب عنى اتهزمت مع اول لمسه منك .. -اعتلى صوتها باكيا ثم اجهشت بالبكاء وهى تتشبث بملابسه - معرفش ليه بعاقبنى كده بس اللي عاوزاك تعرفه ان اللي جوايا مش سهل يترمم .. انك هتتعب معايا لحد ماتحولنى للشخص اللي حبيته ..  م ج د ى آآن ا مم مم  بحبك.

لم يكبح حيوش شوقه تلك المره فكانت اقوى من جيوش غضبه السابقه .. فلم يعطى نفسه فرصه للتفكير بل اكتفى بان ينقض عليها بجيوش شوقه ليلتهما عشقا .. فى كل مره كان يقترب منها كانت تتأوهه صارخه ومتألمه الا تلك المره فصوت انينها كان مدججا بالشوق وهى تتشبث بملابسه بقوة كمن يخشي الفراق بعد ما تجرع مرارته .. لم يكف مجدي عن افعاله فهو يريد ان يأسرها بجوفه ليرضي سلطان شوقه .. وقع عكازه من يده فلم يلتفت اليه الان اصبحت هى سنده الحقيقى .. ظل يرتوى منها حتى هزم كل جيوش عنادها الى ان امتدت يداها لتلامس خصرها وتدنوها منه اكثر ففاقت صفوة من سُكر قربه كالملدوغه وهى تتذكر ذلك اليوم المشئوم ف صفعته على وجهه بجسد يرتعد قائله ببكاء يقطم روحها
- لا يامجدى .. لا مش هسامحك .. انت هتطلقنى ...

تجلس يسر فى منتصف مخدعها كالقرفصاء تتذكر بعد تفاصيل امس وهى تركض نحو الشرفه وتتحدث فى الهاتف
- يامحمد الحق فو ضرب نار والدنيا خربانه هنا ..
ثم التفت يسارا فوجدت ماجده تقف ايضا فى الشرفه فانتهت المكالمه سريعا مع محمد ثم نادت عليها
- انت مابتفتحيش ليه !
بدا الارتباك والفوضي على ملامح ماجده .. فكررت يسر سؤالها
- سليم عندك ليه ! وهو فينه .
نفت ماجده اتهامها: سليم ! لا مش موجود
- انت بتكدبي .. عملى اي فى سليم .. ماجده قولت افتحى حالا يلا ..

عادت يسر لتطرق الباب مره ثانيه وبعد اصرار منها فتحت ماجده اخيرا فسقطت عيناها على سليم الخالد فى نومه فانفجرت ماجده باكيه
- بحبه .. بحبه يايسر ومش قادره ابعد عنه اكتر من كده !
فاقت على صوت محمد الذي اقتحم الغرفه قائلا
- البطل سايب شقته وقاعد هنا ليه !
ابتسمت بحب وهى تنهض لتقترب منه وتحضنه قائله بشوق
- كنت مستنياك يادكتور .. اى الغيبه دي كلها ؟!
مرر محمد انامله على ظهرها بشوق قائلا
- احم احنا خفينا خلاص !

لازالت عالقه فى حضنه فضربته برفق: دماغك دي مافهاش غير الشمال ! ياخى اقصد يعني تقعد معايا نرغى سوا وكده !
ضحك محمد بصوت عال قائلا: لالا احنا كرجاله ملناش غير فالشمال .. مش بنحب نضيع وقت يااسووو ..
ابتعدت عنه قليلا: طمنى اخبار الشغل ومجدي وكل المشاكل دى ايه ؟!
قضب محمد حاجبيه قائلا: بقي واحد يكون معاه القمر ده ولوحديهم فى الاوضه الحلوه دي وتالتهم الشيطان وتسالينى على سي مجدى والشغل والمشاكل ! اى النكد ده ! لالالا شكلى هعملها واروح اتجوز واحده تدلعنى ياعم !
كظمت ملامحها سريعا: طيب ورينى هتعملها ازاي .. والله اقتلك انت وهى !
- ياواد ياشرس انت .. خلاص ياعم وهو فى حد عاقل يكررها مرتين .. لا يلدغ المؤمن من نفس الحجر مرتين ياسووو ..

مساءا
تتحرك عشق بتعب فى شقتها لتحضر الريموت كنترول ثم تعود لتجلس مره اخرى على الاريكه بتثاقل ناظره للساعه
- اوووف باقى ساعتين وحمزه يجى !
بعد مرور قليلا من الوقت سمعت صوت جرس الباب فاصيبت بالدهشه
- الله ! مين اللي هيجي لى دلوقت ..
ثم نهضت لتقترب من الباب واقفه خلفه: مين بره !

اتاها صوتا قويا اجش: ياست عشق الحقى حمزه بيه اتصاب فى المهمه وحالته خطر وهو عاوزك حالا فى المستشفى
انخلع قلبها من موضعها ففتحت الباب سريعا لتجد امامها شخصيا يرتدى زي عسكري فهتفت قائله
- انت بتقول ايه .. حمزه محصلوش حاجه مش كده !
- بسرعه ياهانم .. ده بين الحيا والموت . . مافيش وقت ..
تناولت عشق شال سريعا بدون وعى لتركض للخارج مع هذا الشخص الذي غدر بها من الخلف ووضع قماشه مخدرة على انفها فسقطت بين يديه نائمه فى الحال...

- ياحمزه انا هتجنن .. ومش عارف اعملها ايه ومش عارف اوصلها ..
اردف يوسف جملته وهو يشعل سيجارته بغضب .. فرد عليه النقيب حمزه
- اهدى طيب يمكن عشان ظروف اخوها وكده فهى اتشغلت فى العزاء ..
- بقولك سمعتها بتصرخ بودنى يااحمزه اكيد سمعوها !
- يابنى مااكيد كلمتك تستنجد بيك عشان وفاة اخوها .. اهدي بس وان شاء الله خير ..
جلس يوسف وهو يهز فى ساقه بحيره وقلق يقرضه على عجل .. فاردف حمزه قائلا
- كنت عاوز اتنين عساكر يفضلو تحت الشقه عندي عشان عشق لوحدها وكده هكون مطمن عليها اكتر .. ويلا بقي اسيبك انت واروحلها عشان قاعده لوحدها ..
زفر يوسف دخان سيجارته: طيب يااحنين !
فى نفس الوقت رن هاتف حمزه باسم عشق فاتاه صوت الخادمه صارخه
- الحق ياحمزه بيه .. انا كنت فى الحمام وفى شخص جيه خد الست عشق وبصيت عليه من فوق لقيته دخلها فى عربيه ومشي ملحقتوش ... ست عشق اتخطفت ...

فى مجتمع النساء المندسين داخل الرداء الاسود بعد الانتهاء من مراسم دفن الصغير .. تجلس وجد بعيدا على احد درجات السلم لا حول لها ولا قوة تقرأ قرآن بصوت منتفض ودموع تسبق صوتها الذي ينقطع تارة ثم يعود ثارة اخرى بصعوبه بالغه .. اتت الخادمه عنايات
- ست وجد .. فى حاجه ضروريه لازمًا تعرفيها ..
قفلت وجد المصحف ثم نظرت لها بعيون ذابله ضعيفه حتى انها تراها مشوشه
- خير ياعنايات ..
فركت عنايات كفها بارتباك وهى تنظر خلفها
- ست ورد مش فى الدرس .. ست ورد ادهم بيه خطفها بره القصر لانها كانت بتخبر الحكومه عن اخر عمليه ليهم
فزعت وجد من مجلسها قائله: ايييه ! ورد !...

 

تااابع ◄