-->

رواية أحفاد أشرار الجزء السادس عشر

 

 أقتربي... فأستمعي ماذا يهمس القلب ؟...
_عارفة أنك دلوقتي بتتألم لغيابي عنك ومتأكدة أنك بتحارب عشان تكون موجود جانب أولادنا واثقة أن ربنا هينجيهم من الموت،عارفة أن اللي أنت فيه دا صعب أوي بس محدش ييختار نهاية لعمره بس اللي أنا متأكدة منه أن وصول الرسايل دي بيك هيكون بعد موتي وزي ما عهدت نفسي لو قومت على رجلي من جديد هحرقها بنفسي ...عايزاك تتأكد من حقيقة واحدة يا عدي أني بحبك، أنت دايماً كنت فى دعواتي وهتفضل أغلى أمنياتي...


...رحمة ...

طوي الورقة بين يديه والألم يتربع بين كفوف العينان فيجعله كخيمة من الآنين،أحتضن كلماتها بين يديه مستنداً برأسه على الحائط من خلفه فكأنها ظهرت بالوقت الصحيح،أغلق عيناه بقوة يستجمع قوته ...نعم هو بحاجة لها ليكمل دربه المتناثر بأشواك فقدانها،يعلم جيداً بالمعاناة التى عليها أجتيازها ولكنه سيحتملها لأجل صغيرته، نهض عن الأرض وبداخله أصرار بأن يستكمل طريقه لأجلها ...

تخفي القمر بين ستاره الأسود المخيف على أرجاء القصر بأكمله كأنه يشهد على وعد قطعه عدي الجارحي بأصرار ليمضي لأجل صغيرته،سطعت الشمس بنورها الساطع لتنير العالم بأكمله .
بقصر الجارحي ..
الهدوء سائد على طاولة الطعام العملاقة رغم أنها بالعادة تعج بالحديث في عدم وجود ياسين الجارحي ! ...
تطلع رائد لأبناء العم بحزن يتسلل بين مقلتيه لرؤيتهم هكذا، المرح أصبح مدفون فلم يعد له وجود ! ...
نهض عمر يلملم أغراضه قائلاٍ بهدوء
_أنا هنزل المستشفي عندي جراحه كمان ساعة .

إبتسم له رائد بخفة
_خد بالك من نفسك ..
أكتفي ببسمة بسيطة له ثم غادر بصمت،زفر جاسم بملل_وبعدين يا شباب هنفضل ساكتين كدا كتير ؟ ..
أستدار معتز بأهتمام
_والمفروض نعمل أيه ؟ ..عدي عنيد جداً ومش هيسمع لحد ولا هينسى رحمة بسهولة
همس أحمد بحزن
_ربنا يرحمها
فرغ فاهه بصدمة وهو يتأمل ذاك الوسيم ذو العينين المذهبة يهبط الدرج بطالته المعهودة بالكبرياء والثبات،نظاراته السوداء التي تلزم عيناه كأنها فى تأهب لأخفاء سحرهم الخاص،هتف حازم وعيناه تراقب الدرج بعدم تصديق.

_شباب
أنتبهوا له جميعاً فراقبوا ما يتطلع له ليكون الذهول البادي على وجوههم حينما أقترب منهم عدي بملامح تنم عن الثبات،جلس على المقعد المقابل لاحمد كعادته،شرع بتناول الطعام بضيق من نظراتهم المسلطة عليه فوضع الملعقة من يديه قائلاٍ بلهجة تحمل السخرية
_شايفين شبح ؟..
جاسم  بأبتسامة واسعة
_أهلا برجوعك يا وحش
حازم بمرح
_رجوع مين يابا دا فى الأيام العادية مقعدش القعده دي !...الحكاية دي مطمنش ..
رمقه أحمد بنظرة نارية
_أنت تخرس خالص
ثم أستدار بوجهه لعدي بسعادة حقيقة سطعت بصوته بعدما وضع يديه على يد عدي _هو دا اللي نعرفه عنك يا عدي أنك أقوي من كل شيء ..
ظهرت شبح بسمة بسيطة على وجهه فغمر الصمت القاعة مجدداً ...

بمكتب القصر ..
تطلع له بأنصات حتى أنهى حديثه ليشير له بأستغراب:_بس يا عمي اللي بتقوله دا صعب فلنفترض أنه حقيقة تأكدها أصعب بكتير من الشك ! ..
إبتسم ياسين الجارحي والهدوء يسود على ملامحه فأستند على المقعد واضعاً ذراعيه أسفل رأسه،عيناه هائمة بسقف الغرفة بتلذذ لما يستمع إليه من وجهات نظر إبن رفيقه ...

ترقبه ياسين بذهول فكاد أن يجن من فكرة فهم ما يجول بخاطره،تحل بالصمت طويلاٍ إلي أن قرر قطعه بكلماته المبسطة بعد أن نهض ليرتدي جاكيته_ النقاش معاك ممتع، ثم أشار له بيديه_ اللي طلبته تعمله لأني مبثقش فى حد غيرك فاهمني يا ياسين ..
أشار له بتفهم ولحق به للخارج، وقف محله يتأمل طاولة الطعام ببسمة ثقة متخفية لرؤية عدي يجتاز ما به بقوة،أقترب منه فنهضوا جميعاً حتى عدي وقاراً له ...
تراقبه قليلاٍ ثم قال بغموض_المتوقع
طالت النظرات بين الأب وإبنه والجميع بحالة من الأستغراب لما يحدث بينهما فقطع الأجواء صوت الخادم قائلاٍ وعيناه أرضاً _سيادة العميد وصل يا بيه وبيقول أن فى معاد مع حضرتك ..

أشار له ياسين بهدوء _أستقبله وشوفه يشرب أيه ؟
_اللي تؤمر بيه يا بيه ..
كلمات مصرحه قالها الخادم وهو يهم بالرحيل بينما سادت نظرات عدي بالأستغراب فقال والذهول يصاحبه _العميد ! ...
تطلع له بعينان تنبعان بالثبات_ عندك مانع من وجوده ؟
أشار له نافياً ثم لحق به ليرى ماذا هناك؟ .
وضع كوب القهوة على الطاولة ثم نهض ما أن رأى ياسين الجارحي قائلاٍ بعملية مصافحاً إياه _البقاء لله يا ياسين بيه
أشار له بتفهم _مشكور
ثم أقترب من عدي قائلاٍ والحزن يرافقه _شد حيلك يا عدي ..

أكتفى ببسمة صغيرة ولكنها تحمل آنين لآهات كثيرة ...
أشار ياسين للمقعد فجلس العميد وملامح وجهه غامضة للغاية ما بين التردد بالحديث والصمت لا يعلم من أين يبدأ بحديثه فقال بأرتباك ونظراته مسلطة على عدي_أنا عارف أنك فى ظروف صعبة يا عدي وخاصة بعد وفاة زوجتك بس صدقني الوضع اللي أحنا فيه يمس أمن المركز بأكمله ..
ضيق عيناه بذهول _أيه اللي حصل يا فندم ؟ ..
أجابه والحقد يلوج به_بيحاولوا يستهدفوا كل اللي ليه دخل بالقضية حتى مازن حياته معرضة للخطر وخاصة بعد ما رفض يصرح أنك أنت اللي مسكتها فاكر أن بكدا بيكون بيحميك بس للأسف أنتوا الأتنين معرضين للخطر دا
صاح ياسين بغضب _مين الكلاب دول.

أستدار بوجهه بأهتمام _منظمة أرهابية ملفها مفتوح من سنة تقريباً والغريب فيها أنهم عارفين تحركات الشرطة خطوة بخطوة ...والقضية كل شوية بتتقعد أكتر لحد ما عدي مسكها وبدأ بطرف الخيط لكن للأسف موت زوجته وقف حاجات كتير أوي ..
صاح ببعض الغضب وعيناه على ولده _موت زوجته مش عائق أدام الأبرياء ضحايا لمجرمين زي دول
ثم رفع عيناه على عدي الذي بادله النظرات لفهم ما يود قوله، طال الصمت لثواني معدودة حتى قطعه عدي حينما وقف عن مقعده قائلاٍ بعزم _بكره الصبح هكون على مكتبي يا فندم وأوعدك أن فى خلال 5أيام هيكون زعيمهم على مكتب حضرتك والا مستهلش أكون فرد من عيلة الجارحي...
وتوجه للأعلى والدماء تكاد تنفجر من عروقه، إبتسم العميد بأعجاب_كنت متأكد من رد فعله ..

تطلع له ياسين بأهتمام وقد تلونت عيناه بغضب كاد بالفتك به_أنا قبلت أساعدك من البداية تحت شرط واحد وأنت للأسف معملتش بيه ..
وضع عيناه أرضاً بخجل بعد قطع عدد من الوعود_بعتذر من حضرتك يا ياسين بيه بس الخطوة الأخيرة مكنتش محسوبة خالص ..
رمقه بنظرة نارية _مفيش عندي أخطاء وأنت عارف ...أنا جازفت بأكتر شيء ممكن يأثر على البيت اللي أنت فيه دا ومش ذنبي أن حضرتك معاك فريق غبي ..
أشار له بخيبة أمل _أنا معترف فعلا بغلطي بس المرادي أوعد حضرتك بأن الأمور هتكون بخير
أشار بعيناه الغامضة _أتمنى دا.

نهض عن مقعده وهو يهم بالخروج _أن شاء الله عن أذن حضرتك ..
بقي ثابتٍ محله ليشير بيديه للخادم الذي لبي طلبه المفهوم فأوصل العميد للباب، هبط يحيي فتعجب لوجود العميد بمثل ذاك الوقت فأقترب ليجلس جوار ياسين بأستغراب_العميد بيعمل أيه هنا ؟ .
تطلع له قليلا ثم قال _بيعزي عدي ..
ثم زفر ليستند برأسه على الأريكة بشرود طال لدقائق،راقبه يحيي جيداً فقال بتعجب_مالك ؟
إبتسم بسخرية _ياااه كلمة صغيرة بس شايلة جواها كتير أوى ..

ضيق عيناه بعدم فهم فأكمل ياسين بنظرات نارية _محتاج أكون هادي وأنا بتعامل مع كل مشكلة على حداها سواء خاصة بيا أو بالأولاد الحاجه الوحيدة اللي فى زيادة هى عدد الأعداء للعيلة دي ولازم أحس بالخوف اللي لأول مرة بحس بيه لأنه الموضوع ميخصنيش لوحدي يخص كل ركن فى القصر دا ..
إبتسم يحيي قائلاٍ بلهجة تحمل بعض المشاكسة لأخراجه مما هو به_مش حابب تطلع معاش وتستريح بقى ؟
إبتسم بسخرية _معتقدش بس أوعدك افكر ..

تعالت ضحكات يحيي ليقطعها سريعاً حينما قبض على جانبه بألم فأسرع إليه بقلق _نفس الوجع ؟
أجابه بأرتباك _لا أنا بس لسه مفطرتش
ضيق عيناه بشك وهو يراه يهرب من نظراته فنهض مسرعاً قائلاٍ بأبتسامة مخادعه وهو يلوح له _هفطر فى المقى هنزل مع أحمد وجاسم أخلص شوية أوراق وراجع على طول ..
قاطعه احمد الذي أقترب منهم قائلا بأحترام _أحنا جاهزين يا عمي ..
رفع يديه على كتفيه ببسمة صغيرة _وأنا جاهز يا حبيبي ..
ولحق به ليختفي طيفه تدريجياً تحت نظرات ياسين الغامضة ...

بالأعلى ...وخاصة بغرفة عمر ...
سكنت الصغيرة بين ذراعيها فقربتها لصدرها بحنان ؛فزفرت شروق بضيق_نفسي أعرف هى بتسكت معاكِ أنتِ ليه ؟
تعالت ضحكات دينا قائلة بصعوبة بالحديث _لما تولدي هنبقى نشرحلك ..
أنقبض قلبها فرفعت اسيل يدها على كتفيها بمرح _أنتِ مكبرة الموضوع على فكرة ..
وضعت مليكة يدها على بطنها المنتفخة هى الأخرى بتذكر لما حدث فلمع الدمع بعيناها فأسرعت تالين بتغير الأجواء _هما حابين يفضلوا شبه الكرنب كدا مش فى دماغهم حد يلطش المزز منهم دا حازم بيقولي أن ياسين أول ما بيدخل الأجتماع الرجالة بيبصله قبل الستات ..
أنتبهت له مليكة والغيرة تسري بعيناها،فأكملت تالين ببسمة مكر_ولا معتز حازم بيقول بيطلب بالأسم من ال...
قطعتها شروق بحدة _مين اللي بيطلبه وفين وليه ؟
تعالت ضحكات آية بعدم تصديق لما يحدث حتى نور إبتسمت وعيناها هائمة بالصغيرة بين يدها ...

 

بغرفة مروج ..
بقيت جوارها طويلاٍ والقلق ينهش قلبها،مسدت على شعرها بحنان بعدما رأت شحوب وجهها،هوت دمعة خائنه من عيناها فأزاحتها برجفة سرت بيديها،أقترب منها عز بنفاذ صبر
_تاني يا يارا
تمسكت بيديه المحتضنه لكتفيها بدموع _غصب عني يا عز مش قادرة أشوف بنتي كدا
جذبها برفق لتقف أمام عيناه ليقربها لصدره بحنان _فترة وهتعدى بأذن الله وبعدين أنتِ مشفتيش فرحتها لما الدكتور قالها أنها حامل ..
رفعت عيناها إليه بضيق_قولتله ؟

تطلع لها بثبات _لازم يعرف يا يارا مش زوجها وبعدين أنتِ ليه محسساني انه ضربها بالنار دا ظابط ودا شغله مش شايف أنه أذنب يعني ! ..
قطع حديثهم طرقات باب الغرفة التي أعلنت عن وصوله ففور أن أخبره عز حتى ترك عمله وأسرع إليها بفرحة بدت بعيناه،ولج للداخل فاشار له بأبتسامة بسيطة _تعال يا حبيبي ..

أقترب مازن منهما وعيناه مشتته بالنظر على وجه معشوقته فبعد أن رأها نائمة طال بالنظر إليها شوقاً فهو يعلم جيداً بأنه ربما لا تسنح له الفرصة لذلك ...
لاحظ عز نظراته الحاملة لهمسات مزجت بين الآنين والعشق فجذب يديها قائلاٍ بلطف _خاليك معاها شوية ..
كادت يارا بالأعتراض ولكنها أنصاعت خلف معشوقها بصمت، أقترب منها ببطيء فكان يقدم قدماً وينتظر رد فعل منها فأقترب أكثر حينمت تأكد من غفلتها، مرر أنامله على وجهها بأشتياق ثم همس بألم
_وحشتيني ..

ثم إبتسم بسخرية وهو يجذب المقعد ليكون على مقربة منها
_أخر حاجة كنت أتوقعها أني أكون بعيد باللحظة دي ! ...
طبع قبلة علي يدها بحنين
_كنت أتمنى أكون جانبك وأشاركك فرحتك يا مروج
ثم رفع يديه بخفة على موضع جنينها _ مكنتش أتوقع أن جزء من شغلي هيكون السبب فى بعدي عنك ..

تمردت خصلة من شعرها الأسود على عيناها فأزاحها برفق،شعرت بأنفاس تقترب من وجهها فتلفحها كالنسمة الممزوجة بين البرودة والحنين،بدت ملامحها بالأنزعاج ففتحت عيناها لتنصدم من رؤياه ..
صعقت للغاية فتراجعت للخلف بفزع وهى تراه أمامها!،رؤية وجهه أصبح الأروع لها بعدما كان المحبب لديها،رفعت يدها على عيناها لتصرخ بقوة وجنون:_أبعد عني ...أخرج من هنا ...

شعر ببرودة تتسلل لجسده لتجعل دقات قلبه كلوح الثليج ...ليدور سؤالا بخاطره هل تلك الفتاة معشوقته!، ربما شعر الآن بأختراق خنجر بقلبه فلم يعد يقوى الوقوف ..
ولج معتز للداخل سريعاً ؛ فركضت إليه لتختبئ خلف ظهره،شددت يدها الضعيفة على كتفيه فنقلت رجفتها إليه قائلة بصوت مرتجف _خليه يخرج يا معتز ...
دمعات عيناها كالسهام المصوبة بحرافية إليه،حاول معتز أن يهدئها قليلا ولكنه فشل...
لم يعد يحتمل رؤيتها هكذا فرفض البقاء بعد أن أشار لمعتز بأنه سيغادر وبالفعل غادر الغرفة بصمت وآلآمه تكاد تكتظ من عيناه ...
:_قولتلك هتتعب فى الأول ...

قالها عدي وهو يقترب منه بعيناه الغامضة ليرفع عيناه له بآنين صادح
_كنت فاكر حبنا أقوي من كدا
إبتسم بتهكم:_والمعني ؟ ..
زفر بألم ليطول صمته فيقطعه بعزيمة
_مش هستسلم يا عدي هحارب عشانها ..عشان حبي ليها وإبني اللي فى بطنها مستحيل هسيب دا كله لمجرد سوء فهم ! ..
أقترب منه بخطاه الثابت ليرفع يديه على كتفيه بأبتسامته الفتاكة
_دا وسام عيلة الجارحي اللي للأسف الشديد أنت بقيت منها ..
تعالت ضحكاتهم الرجولية ليسودها الوعد بعدم أفتراق العشق مجدداً ولكن هل سيسطيع أن يتحدى زمان وجهها بحقيقة بشعة كهذة ؟ ...وخاصة بعد أن نصب الفخ للأيقاع به؟! ..
غادر مازن وبداخله فجوة تتسع شيئاً فشيء فكادت أن تسلب أنفاسه ولكنه بحاجة لأن يستمد قواه ليعافر من جديد ...

بغرفة ياسين الجارحي ..
ولجت للداخل فوجدته يتمدد على الفراش بشرود كأنه يضع مخطط هائل لحرباً ما، أقتربت منه بأستغراب _أنت هنا يا حبيبي أفتكرتك بالشركة ! ..
لم يستمع لها فكان يغمره الفكر للغاية،أقتربت منه بأستغراب فأغلق عيناه ببسمة سرت على وجهه حينما تسللت رائحتها له،وضعت يدها على كتفيه بلهفة _ياسين أنت كويس؟ ..

فتح عيناه ببطيء كأنه تعمد سحر عيناها بما يمتلكه قائلاٍ بصوتٍ كعزف الجيثارة _بعدي المرحلة دي بكتير لما بسمع صوتك بيردد أسمي
رفعت يدها سريعاً وهمت بالوقوف قائلة بخجل وضيق
_دا وقت مناسب للكلام دا !

جذبها لتجلس أمام عيناه ليحرر شعرها من خلف حجابها المحتشم_حبي ليكِ مالوش وقت ولا مناسبة معينة ..
حاولت التهرب بعيناها بعيداً عنه فحاولت جاهدة أن تتذكر ما كانت تود قوله،فركت يدها بأرتباك فتأملها ببسمة تسلية _أممم نسيتي اللي كنتِ هتقوليه تقريباً للمرة المليون ...
تطلعت له بغضب فأبتسم قائلاٍ بمكر_أتعودت على كدا عموماً أنا جانبك أفتكري براحتك ..
وشدد من أحتضانه لها فأبتسمت بعشق خاص له قائلة بخجل _أكيد لازم أفتكر لأني اللي بعوزه منك بيكون مهم ..

إبتسم هو الأخر فحمل هاتفه بتعجب بعد أن على بصوت هاتفه فألتقطه ليقرأ ما به فألتقط جاكيته يرتديه بهدوء ثم توجه للخروج قائلاٍ ببسمته الساحرة_أفتكري براحتك ..أنا تحت فى المكتب
وتركها وهبط لمكتبه بعد أستلامه لتلك الرسالة الهامة من كبير الحرس ...

بغرفة نور ..
بقيت بمفردها تغني الأناشيد للصغيرة بسعادة تملأ قلبها فقطعها صوت طرقات خافته على باب الغرفة،سمحت للطارق بالولوج فدلف عدي وعيناه أرضاً _كنت حابب أشوف على رحمة
إبتسمت بسعادة _عدي ! ...أتفضل ..
أنصاع له وترك باب الغرفة مفتوح على مصراعيه ثم ولج ليجلس على المقعد المقرب له،وضعت نور الصغيرة بين يديه فأبتسم بحنان ليطبع عدد من القبلات على وجهها،أنكمشت ملامح الصغيرة لذقنه النامية بعض الشيء رغم أنها تزداده جمالا، همس لها بحنان _هتخلص منها عشانك
قضى دقائق معدودة وهى بين ذراعيه فكم أراد أن يظل جوارها هكذا ولكن لا ينبغي له التواجد هنا كما عُلم، نهض قائلاٍ بحرج
_ مش عارف أشكرك ازاي على أهتمامك بيها ؟

تطلعت له بحزن
_ايه اللي بتقوله دا يا عدي رحمة مكنتش صديقة وبس دى كانت أختي وحبيبتي
بدت أنها طعنت قلبه بنجاح فأغلق عيناه بقوة يحتمل تذكارها،شعرت به فأبدلت الحديث ببسمة جميلة
_وبعدين أنت قولتلي أني أختك وزي مليكة نسيت ولا أيه ؟
إبتسم بسمة جانبية بدى كم من وسامة تزف به
_أكيد يا نور ربنا يعلم بمعزتكم كلكم عندي زي مليكة ..
ووضع الصغيرة بين يديها
_عندي مشوار مهم وكدا أتاخرت
أخذتها منه ببسمة رقيقة وهى تداعبها بحنان،ألقي نظرة أخيرة عليها ثم غادر بعد أن لمعت عيناه بغموض كأنه يسترد لقبه الغائب للعودة لشيء من الماضي ! ...

بمكتب القصر ..
إبتسم بسخرية _وأنت متوقع أني أخاف مثلا! ..
اجابه كبير الحرس وعيناه أرضاً _ العفو يا فندم بس دي الحقيقة حياة حضرتك فى خطر كبير ممكن يبعت حد يقتلك فى أ...
قطعت باقي كلماته حينما صفع ياسين مكتبه بقوة_ما عاش ولا كان اللي يكون تهديد ليا الحيوان دا همحيه من على وش الأرض فى ظرف 24 ساعه ..
صوت تحطيم غزا الغرفة بأكملها،أستدار ياسين ليجدها أمام عيناه،أطباق الحلوى تحيط الأرض بقطع متناثرة،عيناها مغمورة بالدامع والصدمة فعلم بأنها أستمعت لحديثه ...

بالمشفى ..
إبتسم بخفة _يااه داحنا بقينا عال العال
إبتسمت العجوز بتلهف
_بجد يا ابني يعني هتكتبلي على خروج
ضيق عمر عيناه بحزن طفولي
_ كدا عايزة تخرجي وتسبينا كدا أنانية على فكرة يعني عشان بيتك ينور المستشفي تضلم !
تعالت ضحكاتها بلمعة سرت بعيناها بعد عودة الضوء بهما
_الله يجزيك يا ابني
إبتسم قائلاٍ بجدية.

_ هكتبلك على الدوا دا والممرضة هتصرفهولك بس لازم تاخديه يا أمي مهم جدا
تطلعت له بأمتنان _ربنا يسعد قلبك يا حبيبي وما توقع فى حوجة أبداً
قبل رأسها برضا_تسلمي يا ست الكل ...
وأشار للممرضة بأن تظل لجوارها،أستدار ليغادر الغرفة الخاصة بالمرضي فتصنم محله مردداً بذهول _عدي !
كان يستند على باب الغرفة بجسده الممشق ويتابع ما يفعله أخيه فأنتظر حتى أنهى الكشف وبداخله فخر لما يراه من سعادة ورضا المرضي به فعلم الآن لما أراد تلك المهنة ..

أقترب منه عمر سريعاً برعب _فى حاجة حصلت فى القصر ؟ ..
طب ماما كويسة ؟ ..
صمته جعله يخمن أكثر فقال وهو يتفحصه بنظرة شاملة
_أنت كويس فيك حاجه ؟! ..
رفع يديه على رأسه بملل لما يستمع إليه ليشير له قائلاٍ بغضب
_هو أنا لازم يكون فى حاجة عشان أجيلك ! ..
_أه .

قالها بفم يكاد يصل للأرض من هول الصدمة ليكمل بذهول وقد أستدل على دلائل
_المستشفي دي معمولة من خمس سنين مشفتش فيها وشك لا من بعيد ولا من قريب فأكيد لازم أشك أن فى شيء مش طبيعي ! ..
تأمله بنظرات صادقة وخجل يكمن بداخله كأنه لا يعلم من أين يبدأ الحديث؟!
_على فكرة أنا كنت حاسس بيك وأنت جانبي طول الجراحه
قطعه بألم نابع بالصدق _كنت مرعوب عليك يا عدي أنت عندي كل حياتي مش اخويا بس ..

رفع يديه على كتفيه بندم على ما فعله بالأمس فلم يتمكن من النوم لذا أتي للأعتذار
_متزعلش مني يا عمر أنا مكنتش فى واعيي بجد
إبتسم بفخر وغرور فما يستمع له يخلد بالتاريخ
_عيب يا جدع وأنا أسيبك فى ظروف زي دي أحنا مع بعض فى كل الأحوال دا أذا كنا جايين من بطن واحدة وأستحملتك 9 شهور وأنت مرمي جانبي مش هستحملك الأيام دي ..

تحاولت نظرات عدي للغضب الجامح فأبتلع ريقه بخوف
_ولا كأني أتكلمت أعتبرني نسمة هوا عليلة ...
لم تتبادل ملامحه فجذب دفتر الكشف قائلاٍ برعب مصطنع
_بيقولك عيب تمد أيدك على مؤظف شريف أثناء تأدية عمله النزيه
إبتسم عدي قائلاٍ بنفاذ صبر _مفيش فايدة فيك
إبتسم بفرحة لرؤيته يجتاذ أصعب مرحلة فأشار له عدي بعدما قرأ رسالة هاتفه بغموض
_لازم أمشي سلام ..

أشار له ومازال بحالة عدم تصديق لزيارته أما عدي فخطى أول خطوات صنعها بنفسه لخوض معركة ما حدد الموعد بذاته ليكون له التوقيع ...
هبط للكافيه الخاص بالمشفى وعيناه محفورة بنظرات سائدة بين الغموض والثقة بذاته، بقى قليلاٍ هكذا يتراقبها وهى تحمل أكواب القهوة من المقهي وتتقدم للطاولة التى تخص أفراد الشرطة،أرتدى نظارته السوداء ثم أقترب منها ببطيء لتصطدم به فهوت الأكواب أرضاً ؛ فصرخت بغضب دون النظر إليه _أنت أعمى ! ..
ونهضت بغضب زاح بعدما رأت من يقف أمام عيناها، طالة خاطفة للأنفاس بجسد ممشوق وصدراً قوي،خصلات شعره البني متناثرة علي نظارته السوداء التى تخفى ملامح عيناه بحرافية، عطره الأخاذ ذو الرائحة المختلفة كأنه خصص له ...

بقي ثابتٍ محله يتأملها بنظرة واثقة من علمه بما يجول بخاطرها ! ..
اسرع إليها الشرطي فصاح بغضب دون رؤية وجهه
_مش تفتح يا ح...
بترت كلماته حينما أستدار بوجهها بعد أن أزاح نظارته بغضب لتحل لعنته قلبها،أرتجف الشرطي فوقف يأدي التحية بأحترام ...

أشار له عدي فوقف بسكون وهى بهالة من الأحلام أذاً هذا هو الوحش الثائر عدي الجارحي الرئيس الخاص بتلك المهمة التى كلفت بها مع مجموعة من الظباط ! ..
لا تعلم بعد بمكره الذي سيفتك بالجميع فربما هناك لقب خفي جوار لقبه المنسوب ! ...
...من هنا نسلك طريقاً أخر بالراوية لنكون على أول سطورها لنجمع عاشقة وعاشق قرر خوض معركة مختلفة من نوعها ولكن ماذا لو كشف لغزاً ما مرتبط بياسين الجارحي ؟! ...

...فاض بي الحنين فأقتحمت الأشواق عالمي لتيقظ القلب المتغلغل على آنين لقائك! ...
تطلعت له بصدمة جعلتها كالصنم المتحجر لا تعي ما أستمعت إليه ؟! ...تمنت أن لو كانت فقدت السمع فلم تتمكن من سماع ما تفوه به!،أقترب منها ياسين بخطاه المتزن رغم ما أستمعت له فأشار بيديه للحارس الذي أنصاع له وخرج سريعاً،رفعت عيناه المتغلغة بالدموع قائلة بصوت مرتجف كحال قلبها !
_أيه اللي سمعته دا يا ياسين ؟

جذبها برفق حتى لا تنجرح قدماها فعاونها على الجلوس على المقعد ثم جذب المقعد الأخر ليكون مقابل عيناها
_وأيه الجديد ! ...أنتِ عارفة كويس أن حياتي معرضة للخطر ودا شيء طبيعي ! ..
طالت نظراتها إليه بألم كأنها تحاول جاهدة كبت ما بداخلها فظنت أنها ستتمكن كالعادة ولكن طاف بها الآنين ؛فوقفت ترمقه بنظرات ممزوجة بين اللين والضعف
_وأيه اللي كان ممكن أعمله غير أني أسكت وأكتم دموعي ؟...أيه اللي ممكن أعمله غير أني أقضي أغلب حياتي فى قلق وخوف عليك ؟! ...دي أسوء من حياة يا ياسين أنا بموت بالبطيء..

قالت كلماتها الأخيرة فكانت دمعاتها الونيس للمعاناة التي قضتها بينما تراقبها هو بنظرات ثابتة لا توحي بشيء ...أخترقت الدمعات أسوار قلبه فحطمت قناع الثبات الملازم له،نهض عن مقعده ؛ فأقترب منها بهدوء،أزاح يدها برفق ثم رفع وجهها لتنظر بعيناه،تطلعت له بأستغراب فما أن تأملت عيناه حتى توقفت عن البكاء ! ...
رفع يديه يزيح أثر ما تبقي قائلاٍ بنبرته الهادئة
_محدش بيختار طريقه يكون أزاي يا آية كلنا بيتفرض علينا ..

ثم أكمل بصوتٍ يحتضنه العشق
_الأكبر من التهديد بالموت هي دموعك ...
أحتضنها برفق وعيناه تغلف بذكريات الماضي
_طول ما أنتِ جانبي هعدي أي حاجه فى الدنيا ..
إبتسمت برضا لما سمعته فكأنه ينجح دائماً بأمتصاص أحزانها بكلماته الغامضة! ..

بالمشفى ..
بقيت كالبلهاء أمامه تتأمله بفضول منغمس بنظرات بدت بالأعجاب الطاغي،أما هو فكأن ما يفعله يجدي نفعاً فيدفعه بالأقتراب مما يريد ! ..
تقدم بخطاه المتزن غير عابئ بنظراتها الجريئة بعض الشيء ثم جذب المقعد المترأس للطاولة، جلس عدي بثقة ثم وضع المتعلقات من أمامه، أقترب منه الرجل سريعاً فلحقت بهم هالة بعد أن أستعادت جزء من الثبات بعد أن فقدت العقل لرؤياه،جلست جواره على الطاولة الصغيرة وأمامها يجلس الشرطي الذي أتي بناء على طلب عدي الجارحي ...

طال الصمت فيما بينهما بينما يسوده نظرات أهتمامهم لمعرفة لماذا طلب رؤياهم وبهذا المكان، وضع قدماً فوق الأخري بأسترخاء وعيناه البنيتان تتأملهم بنظرات غامضة
_شايف على وجوهكم فضول بدلطلبي ليكم ...
أجابه الشرطي بتأكيد والأحترام يسبقه حتى هى ترقبته بأهتمام فلاطالما كانت تود الأقتراب منه ولكنه كان يقذفها الأف الأميال حتى نسته تماماً وها هو يعيد ذكرتها من جديد ...

تعمد أن يطول بصمته فيتراقب ملامحهم بعيناه التي تفيض بالمكر ؛ فوجده ينظر له بفضول لسماع ما يود قوله أما هى فقرأ بعيناها تخمين لما يريدهما فكانت تظن بأنه يريدهم أن يعاونه بالقبض على هذا المجرم الخفي الذي صار محالا لأكثر من شرطي ! ..
إبتسم بمكر كأنه وصل لما يريد فقال بملامح جدية
_أنا عارف أنكم أقرب أتنين لمازن عشان كدا جبتكم النهاردة فى مكان بعيد عن المركز عشان نتكلم براحتنا
أعتدل الشرطي بأهتمام
_خير يا بيه مازن حصله حاجه ؟

أجابه وفحيح الخبث يصاحبه
_قريب هيحصله ..
تطلعوا له بذهول وعدم فهم فأكمل بغضب
_أنتوا عارفين كويس أن القضية اللي ماسكها مازن مش سهلة...المجرم دا خطير جداً والمشكلة الأكبر أن حياة مازن وعيلته فى خطر ...
أنهت صمتها قائلة بشيء من الحيلة
_المجرم فعلا خطير جداً مازن حكى لي عن موضوع الCD وأنا قولتله كذا مرة يبعد عن الموضوع دا ..
تأملها بنظرة غامضة ثم قال بجدية.

_مش هيسمع منك كنت فاكر أني لما أمسك القضية هو هيبعد عنها بس مفيش فايدة وأنا دلوقتي مش حمل صدمات تانية بعد وفاة رحمة
ثم أكمل بألم ترنح بين سطور الكلمات
_مش حابب أنه يمر باللي أنا مريت بيه عشان كدا طلبتكم النهاردة .
تطلع له الشرطي بأهتمام
_أحنا تحت أمرك يا عدي بيه
وزع نظراته بينهم بصمتٍ قاتل حتى خرحت الكلمات بتتبع
_القضية تتقفل ضد مجهول
تطلع له الشرطي النزيه بصدمة أما هى فأبتسمت قائلة بتأكيد
_أعتبره حصل .. ...
أستند بجسده على المقعد بنظرات تحمل ساكنة بشيئاً ما فربما الآن صار الطريق قصير لهدفه الثمين ! ...

بقصر الجارحي ...
صعد الدرج للأعلى فأقترب من مجلس الشباب قائلا ببعض التعب
_مساء الخير ..
أجابه جاسم ببسمة هادئة
_مساء الفل .
تطلع له أحمد بتفحص ثم قال بأستغراب
_كنت فين يا ياسين أنا طلبتك على الفون أكتر من مرة ؟
أجابه بوجهاً قاتم كأنه يحمل عبئاً ما
_كنت مع باباك ومسمعتش التلفون
أشار له بهدوء
_ولا يهمك
أغلق معتز باب غرفته فأقترب منهم بأستغراب
_أيه الأجتماع المفاجئ دا
جاسم
_أحنا بتوع المفاجئات
_أنت هنا يا ياسين ؟

قالتها مليكة بعدما أقتربت منه بنظرات غاضبة ..
نهض عن مقعده سريعاً ليعاونها على الجلوس
_لسه راجع حالا يا روحي ..
جلست ببطيء وهى تحتضن بطنها المنتفخة ببعض الألم
_طلبتك بالفون كنت عايزة أروح مع شروق للدكتور ولما مش رديت عليا أسيل راحت معاها ..
جلس جوارها قائلاٍ بأبتسامته العذباء
_أكيد مكنتش هرفض يا قلبي ..
معتز بمكر وهو يتأمل ياسين
_ما تهدى شوية يا أحمد وراعي أننا قاعدين
إبتسم أحمد بخبث بينما رمقه ياسين بنظرة نارية،تعالت ضحكات مليكة قائلة بصعوبة بالحديث.

_بلاش يا معتز ياسين غضبه وحش أقصد احمد
جاسم بسخرية
_سبيه عشان يتربى ويبطل يلقح على خلق الله ..
جذب معتز الوسادة فألقاها بوجهه بغضب
_بتقول أيه يا حيوان
تعالت الضحكات فيما بينهما بالمرح الذي تسلل للقلوب بعد فترة بائت بالحزن، صعدت شروق للأعلى بمعاونة أسيل فتطلعت لهم باستغراب
_أيه التجمع دا ؟ ..

أسرع معتز لمعشوقته فعاونها على الجلوس بينما أبتسم أحمد غامزا بطرف عيناه لزوجته كدليلاٍ قوي على جمالها، زفر جاسم بملل
_فى أيه يا جدعان أول مرة تشوفونا متجمعين ؟! ..
رمقته أسيل بنظرة سخرية
_لا وأنت الصادق بنقلق لما بتكون مع التجمع يا خفيف ..
تطلع لأحمد بغضب
_ما تشوف مراتك يا عم أحمد الله ..
جذبه أحمد بغضب
_لما تشوف لسانك أنت الأول
صعد عدي هو الأخر فكاد بالتوجه لغرفته ولكنه توقف على صوت أحمد
_عدي ..

أقترب منهم قائلا بهدوء
_خير
ياسين بطريقة ودية
_ما تيجي تقعد معانا شوية يا وحش
أجابه ببسمة صغيرة
_معلش يا ياسين راجع تعبان ومحتاج أريح ..
وكاد أن يغادر ولكنه أنتبه لصراخات شروق الخافتة ...
أسرعت إليها أسيل قائلة بحزن
_الوجع رجع تاني ؟
أشارت له بعينين تفيضان بالدمع،تطلع لها معتز بأستغراب
_مش كنتوا عند الدكتور ؟! ..

أجابته أسيل  بحزن
_ملقناش الدكتور والغريبة أن الممرضة بتقول أن أختفي من فترة حتى زوجته مقدمة بلاغ
جاسم بسخرية
_أتخطف مثلا ..
أشارت له بكتفيها بعدم العلم فتابع أحمد بتذكر
_مش دا الدكتور اللي رحمة كانت والدة عنده ؟
أشارت له أسيل بمعني نعم، أنقبض قلب عدي حينما تردد أسمها على مسماعه فأنسحب بهدوء حتى ينفرد بذاك الألم القاسي ...
تراقب ياسين حديثهم بغضب يتخفي خلف غموض عيناه،أفاق من شروده على صوت رانيا فأعادت ما كانت تقوله لعله يسمعها ..
_رائد مرجعش معاك ليه ؟ ..

صرخت فزعاً حينما أحتضنها أحداً من الخلف مردداً بعشق
_بجي على السيرة يا روحي ..
أستدارت فوجدته يقف خلفها بأبتسامته الفتاكة، زفر جاسم بغضب
_ما تحترموا نفسكم بقى يا جدعان ولا كأن فى بشر قاعدين ...
جذبه أحمد برفق فهمس له بسخرية
_أنا بقول تقوم تصالح مراتك بدل ما الغيرة هتحرق عيونك كمان شوية
تطلع له بضيق ثم زفر بجدية
_أنت شايف كدا ؟
أجابه مؤكداً
_ومش شايف غير كدا
أشار له بأقتناع ليتمتم بخفوت
_الليله كدا كبيرة
وتوجه لغرفته بتأفف فأبتسم أحمد وهو يتراقبه بمرح، توجه ياسين لغرفة المكتب قائلاٍ بضيق بدى بصوته
_عايزك يا رائد
تعجب لطريقته فلحق به ليري ماذا هناك ؟

خرجت من حمام الغرفة بعد أن أنهت تبديل ثيابها لتتفاجئ بظلام الغرقة الكحيل، أزدردت ريقها برعباً بدى على قسمات وجهها فقد تركت الأضاءة مفتوحة منذ قليل ! ...
تسلل لها بعض المقاطع من الأفلام الرعب التي تراها فألقت بالمنشفة ارضاً بصراخ
_لاااا متقتلنيش أنا عايزة أعيش أرجوك ..
شعل الضوء بذهول
_هو مين دا ؟ ..
تطلعت له داليا برعب فقالت بصعوبة بالحديث
_جاسم ! ..
رمقها بنظرة مميته
_كنتِ متوقعة مين ان شاء الله ؟ .

تحلت بذاتها فأقتربت منه بغضب
_يعني النور مقفول والجو ريحته كلها موت هيكون أيه غير الحنوتي
ضيق عيناه بسخرية
_طول عمري أقول عليكِ نكدية وهم محدش صدقني
تطلعت له بشرار من لهيب وهي تشير له بذراعيها
_واما أنت عارف أتجوزتني ليه ؟
أمسك بيدها بغضب
_ميت مرة أقولك لما تيجي تكلمني تلمي أيدك جانبك صباعك يا ماما هيدخل جوا عيني ..

دفشته بعيداً عنها بسخرية
_انت تطول يا حبيبي ..
_ الله أكبر ...الله أكبر ..
فزعت لصوته المرتفع فطلعت له بذهول ليسترسل حديثه بفرحة
_عم لطفي البواب نطق ياخونااااا ...
عاد لهيب الغضب بعيناها
_أنت بتتريق عليا تاني ؟
أقترب منها قائلاٍ بسخرية وهو يجذبها من تالباب البيجامة التى ترتديها
_بصي لنفسك يا حلوة وتعالي اتكلمي عليا النعمة الواد رائد أخوكِ أحلى فى البدل عنك ..
تطلعت له بصدمة فلم تتمكن من كبت غضبه فقالت بغيظ وهى تضغط على اسنانها بقوة
_بره ..أخرج بره أحسنلك ..

ودفشته بقوة فجذبها بغضب كمن مسك لصاً
_لا بقى أنا كل يوم هتطرد لا أسمعي أنا ساكت من الصبح أحتراماً لأنك بنت عمي لأنك أيه يا حلوة ؟ ..
اجابته برعب وصوتاً يكاد يكون مسموع
_بنت عمك
أسترسل حديثه بغمزة من عيناه
_وحبيبتي وأيه ؟
أعادت كلمته برعب
_حبيبتك ..
رفع يديها على كتفيها ببسمة مكر
_كدا تعجبيني ...
ثم تقدم من الطاولة قائلاٍ بضيق
_فكك بقى من الحوارت الرومانسية دي وتعالي ناكل التورته قبل ما تسيح ..
أنصاعت له وجلست لجواره ليكون المرح والعشق سيدهم ..

 

بغرفة عدي ...
كعادته حينما يشعر بالغضب يهاجمه يظل أسفل المياه الباردة لعلها تطفي جمرة النيران المتأججة بداخل القلب،ألقي بقميصه على المقعد المجاور لمياه المسبح ثم ألقي بذاته ببرودة المياه لعلها تتمتص ما يسري بجسده،كبت أنفاسه أسفلها لوقتٍ طال بجحيم الذكريات ...
(محبتش الحياة الا لوجودك فيها يا رحمة ) ...
(نفسي أحس بيك زي مأنت بتحس بيا يا عدي ) ..
(عشان خاطري متكنيش نقطة ضعفي ) ..
(البقاء لله ...)
(رحمة ماتت فووق بقااا من الجنان دا ) ..

طفي على سطح المياه يلتقط انفاسه بقوة، لم يحتمل تذكر تلك الكلمات القاسية فكيف له بالتعايش معها ! ..
أغلق عيناه بقوة يحاول الثبات قوياً كعادته فخرج من المياه ليتمدد أرضاً بجوار المسبح غير عابئ بتلك البرودة التى تنهش جسده،كأنه بحاول الأنتقام من ذاته للبعد عنها،كأنه يصفع هذا العقل الأهوج الذي تحمل البعد عنها ولو لدقائق بسيطة ...

على مسافة بعيدة للغاية ...مختلفة عن ذاك القصر الفاخر ولكن يوحدها ضوء القمر الخافت،كانت تجلس أرضاً وتتأمل ذاك الضوء الشارد من نافذة الغرفة المحطه، تحتضن جسدها الهزيل بيدها المرتجفه، دمعاتها تسري دون توقف، تتأمل الضوء بأمتعان لتذكر ذاتها بأنها على قيد الحياة، الأغلال تتناثر على يدها وقدمياها كأنها أسيرة حروب وليست من الأنس تنبض بالروح وتسرى بالدماء ...أهناك شيئاً لما تخسره بعد سوى ذاك النفس اللعين، كم تضرعت إلي الله لتكون جوار معشوقها لا تعلم بأنه حياً يرزق ...

بكت رحمة بضعف ثم إبتسمت بألم حينما تذكرت كلماته ..
(أنا بحس بيكِ يا رحمة بحس بكل نفس خارج منك ...بحس بكل دمعة وكل ألم وكل جرح كل شيء ممكن يلمسك بيعلم فيا أنا )
تزايد الدمع ومعه الجراح فكم ودت أن تكون مثله تشعر به مثلما يشعر بها ولكنها كانت تفشل بنهاية الأمر، أغلقت عيناها بيأس وهى تردد بكل ذرة خلقت بكيانها ودمعتها رفيقة المواساة ...
_...عدي ...

تهوى الدمع الشاهد على عذابها فكأنه أبي رؤيتها هكذا ...ظلت تناجي بأسمه كأنه بلسم لعذابها ...كأنه الدواء لجرحها ...كأنه الشفاء لمرضها ...كأنه الحياة لروحٍ زهقت ان تحيا دونه ! ...
فتح عيناه بفزع بعد أن غفل لدقائق،رفع يديه على رقبته كأنه يختنق،أنفاسه تتسارع بقوة كأنه على حافة الموت، أعاد خصلات شعره للخلف بفعل المياه ثم جلس على المقعد الخاص بالمسبح المجاور له بصدمة، بدى الآنين يتسرب من عيناه ما هذا الحلم المخيف ؟! ..رأها مكبلة بالأغلال وتبكي بقوة ...تلفظ أسمه بضعف والدموع تسرى بوجهها ! ..
أغلق عيناه بقوة فلم يعد يحتمل هذا الآنين لا يعلم أن ما راه حقيقة وليس حلماً بل نقلته له الروح العاشقة ليرى كم المعاناة التى تفيض بها، أما  رحمة فظلت تناجي ربها على أما الخلاص فحينها ستشعر بالراحة !

بغرفة المكتب ..
تطلع له بصدمة
_أيه اللي بتقوله دا يا ياسين  ؟
صاح بغضب
_اللي سمعته الدكتور اللي شروق بتتكلم عنه دا تحت تصرف ياسين الجارحي وهو بنفسه اللي طلب من الحرس يجبوه للمخزن
جلس رائد على المقعد بذهول
_طب هو هيعمل كدا ليه ؟
جلس الأخر مقابل إليه وهو يفرك جبهته بأرتباك
_معرفش ومش فاهم حاجه
أقترب منه سريعاً
_أكيد فى حاجه يا ياسين أنت أكتر واحد فاهم عمك أكيد فى شيء احنا منعرفوش
أجابه بتفكير
_أكيد ...

بغرفة نور
عاد عمر من الخارج ؛ فخلع جاكيته وعيناه تبحث عنها بأشتياق، إبتسم بعشق حينما وجدها غافلة على حافة التخت الصغير، أقترب منها فحملها برفق للفراش والبسمة تعلو وجهه الوسيم، تعجب حينما وجدها تحتضن بطنها بسعادة غامضة فسري الشك يتربص به، ظل يتأملها قليلاٍ فتذكر حينما دخل عليها الغرفة منذ ما يقرب الأسبوع كانت تخفي شيئاً ما بالخزانة حتى لا يراه، أغتنم الفرصة فتسلل لخزانتها ليرى ماذا هناك ؟ ...
وقعت عيناه على هذا الظرف الأبيض ففتحه ليجد بداية مبشرة بقطعة صغيرة ستحمل أسمه ذات يوماً وربما تحمل ملامح معشوقته ..
دارت به سعادة تكفى عالم بأكمله فأسرع للفراش يتأملها بسعادة فلم يشعر بذاته الا وهى بين أحضانه ...

رفع ذراعيه ليحتضنها فوجد الفراش فارغ،فتح عيناه بتكاسل يبحث عنها فنهض مسرعاً فأستقرت عيناه عليها بخارج الشرفة، رفع ساعة يديه ليجدها الخامسة صباحاً فأقترب منها بتعجب
_أيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي يا حبيبتي ؟
أخفت دموعها سريعاً بيديها
_ها ..لا مفيش بس مش جايلي نوم ..
فزع أحمد لرؤيتها ما تحاول أخفائه فأقترب منها بلهفة
_فى أيه ؟

وضعت عيناها أرضاً بيأس فهي تعلم بأنها لن تتمكن من الكذب فهو ينجح دائماً بكشفها، رفع وجهها بيديه بخوف
_مالك يا حبيبتي ؟ ..
هوى الدمع بألم فأستدارت بعيداً عنه ببكاء
_نفسي أكون أم يا أحمد
إبتسم بخفة
_وأحنا بقالنا ميت سنة متجوزين ؟! ...وبعدين يا حبيبتي أحنا لسه قدامنا الحياة بطولها وأكيد ربنا سبحانه وتعالى هيرضينا بس بالوقت المناسب
تطلعت له بدموع فقالت بلهجة ساخرة
_الحياة بطولها ! ...أنت مش عايز مني أطفال ؟

تطلع لها بصدمة
_أيه اللي بتقوليه دا يا أسيل أكيد حابب طبعاً بس ربنا مأردش لسه
تعالت بالبكاء الحارق
_أشمعنا كل البنات ربنا رضاهم اللي أنا ..
أقترب منها سريعاً قائلاٍ بغضب
_أستغفر الله هنعترض على قضاء الله ؟! ...ثم أنك مش حقودة يا أسيل وعمرك ما كنتِ كدا ! ..
تطلعت له بعينٍ ممزوجة بالندم لما تفوهت به
_أنا أسفة بس مش قادرة أسيطر على تفكيري ..
أحتضنها بقوة فتعالت بالبكاء بين أحضانه كأنها تشكو لها ما يكمن بقلبها وهو يرحب بها بصدراً واسع ليخفف عنها آلمها ...

بغرفة ياسين الجارحي ..
قال والتحذير يلحقه _المرادي لو فى غلط ولو بسيط أ...
قاطعه العميد _متقلقش يا ياسين بيه كله محسوب بعون الله ...
أغلق الهاتف وبداخله صراعاً عاصف يجوب به ...هل ما فعله سيقرب المسافات من عدي أم سيقذفه مئات الأبعاد ؟ ...
انتبه لها فأستدار بثبات ليجدها تنهي صلاتها، أقترب منها ببسمة ساحرة رغم تناثر الخصلات البيضاء بين شعره الأسود ولكنه ظل فتاكاً للغاية، أنحني ليكون على مستواها
_صباح الخير.

رفعت عيناها له ببسمة رضا
_صباح النور يا حبيبي .
إبتسم وهو يستمع لكلماتها الاخيرة
_دعتيلي
أشارت له بتأكيد
_عمري ما نسيتك بالدعاء يا ياسين ..
تمسك بيدها ليعاونها على الوقوف فوضعت سجادة الصلاة لجوارها وأنصاعت لجذبه له، وقف أمام الشرفة وهى لجواره تتأمل الحدائق بمظهر الشمس الصباحي بمظهر يبرز خلق الرحمن سبحانه وتعالى ...
تطلعت للخارج قائلة ببسمة إيمان
_سبحان الله شايف يا ياسين ..

وأشارت على الشمس النابعة بالحرارة على الزهور، أستدارت تتفحصه حينما لم يأتيها الرد فوجدته يهيم بها قائلاٍ بعشق يتربع بحديثه
_الكلمة دي بقولها وأنا بتأملك ..
تلون وجهها بالخجل فهى أمراة ذات ملامح عادية للغاية ولكن بعشقه لها تشعر بأنها ملكة حقاً، صدح هاتفه بالغرفة معلناً عن رسالة هامة فطبع قبلة مبسطة على جبينها ثم قال ببسمته الهادئة
_هرجع على الغدا ..
أشارت له برضا فغادر تحت نظراتها العاشقة ..

بغرفة يحيي
ساءت حالته كثيراً وهو يحاول جاهداً أخفاء حالته عن ملك ولكن لم يعد يتمكن من ذلك فعليه السفر لمكان بعيد كم قرر ولكن ربما لا يعلم ماذا هناك ؟ ..

بالأسفل ...
جلس مازن بأنتظار عدي كما طلب منه ذلك فعليهم الذهاب للعمل سوياً كما أخبره، بقى متردداً للحظات أيصعد ليراها أم يظل بعيداً ؟ ..
أنهى العراك الداخلي بأن ساقته قدماه للأعلى ففتح باب غرفتها بهدوء فوجدها تفترش التخت كالملاك الأبيض، أقترب ليكون على مسافة محدودة بين الفراش والباب يتطلع لها بنظرات طائفة بين الحزن والأشتياق ...
تبدلت ملامح وجهه حينما فتحت عيناها فحل الفزع ملامحها، نهضت عن الفراش لتخرج من الغرفة فأسرع بالحديث
_مفيش داعى أنا خارج ..

بدأت أنفاسها بالهدوء فتطلع له نظرة متفحصة ثم توجه للمغادرة ولكنه توقف دون أن يستدير لها قائلاٍ ببسمة ألم
_كنت فاكر أنها فترة وهتعدى بس طلع عكس اللي كنت فاكراه ...مش عارف أيه اللي وصلك للمرحلة دي أنتِ أكيد فاهمه شغلي كويس وعارفة أني بتعامل مع مجرمين ...كنت فاكر أنك هترجعيلي بس لما بشوفك كدا بموت ... ...
كبت باقي كلماته بألم فأخرج دبلتها من أصبعه ليضعها على الطاولة قائلاٍ بهدوء
_بحررك من العلاقة دي يا مروج ..
وقبل أن تستوعب ما تفوه به كان قد غادر من أمامها تماماً فهوت أرضاً تبكى بقوة كأنه قذفها خارج ذلك الكابوس المؤلم ولكن على حقيقة أبشع !

بغرفة عمر ..
فتحت عيناها بتكاسل فوجدت جواره باقة من الورود الحمراء، ألتقطتها بسعادة فأخذت تشم رائحتها العطرة بفرحة فرأت ما تحمله الورقة الصغيرة من مكان ودعوة فتردد بذهنها سؤالا ماذا هناك من مناسبة حتى يدعوها عمر للخارج ؟

هبط عدي للأسفل فوجده يقف بملامح غريبة بعض الشيء، رأه يقترب منه فقال بهدوء _يلا أتأخرنا
جذبه ليقف أمامه بتفحص
_مالك ؟
أجابه بألم
_مش حابب أتكلم يا عدي يلا نمشي من هنا .
لمس آلامه فلحق به بصمت وبداخله حزن لما هو به، قاد السيارة لمركز الشرطة الذي قدم الترحاب بعودة الوحش الثائر ...
نُفذ ما قاله عدي وتم تأييد القضية ضد مجهول بمعاونة هدي وذلك الشرطي الذي رفض ذلك ببدأ الأمر ولأموراً غامضة وفق بنهاية الأمر ...
بمكتب العميد ..
تطلع له بعدم فهم لما يقوم به فقال بستغراب
_أنا مش فاهمك يا عدي !

طافت بعيناه بسمة مكر
_قريب هتفهم يا فندم ...وأنا لسه عند وعدي بس للأسف فى تعديل بسيط
ضيق العميد عيناه بأستغراب
_اللي هو ؟!
رفع ساعة يديه بتفحص ثم أرتشف قهوته بتلذذ
_المجرم هيكون على مكتبك بعد 3ساعات من دلوقتي ..
تطلع له بذهول ولكن بسمته الغامضة جعلته يظن الكثير منه ..

تتابعت العنوان الذي تحويه البطاقة ؛ فولجت للمطعم المذكور ولكنها تفاجئت به فارغ لا يوجد به أنسياً ! ..
حملت طرف فستانها الوردي لتغادر ولكن تسللت رائحته العطرة لها فأبتسمت دون أن تستدير
_عمر
ظهر من خلفها ببسمته الساحرة بعدما أستند على الحائط بجسده
_عيونه
أستدارت لتجده يقف أمامها، يرتدي سروال أسود اللون وتيشرت بنفس اللون الذي ترتديه، أقتربت منه بأبتسامة واسعة
_جايبني هنا ليه ؟ ..

وضع يديه حول كتفيها ليقربها إليه
_مش عارف بفكر أخطفك ..
رفعت عيناه على المطعم الخالي بسخرية
_هنا ؟
أشار لها بتأكيد ثم كبت بسمته لتدفشه بغضب
_أنت جايبني هنا تتسلى عليا
تعالت ضحكاته ليجذبها مجدداً
_أنا أقدر برضو تعالي بس نفطر ونكمل كلامنا جوا ..

لحقت به للداخل فتصنمت محلها حينما وجدت طالة عملاقة تحوي ما أشتهي من الطعام،قالت بذهول
_أيه الاكل دا كله أنت عازم حد ؟
تطلع لها بصدمة
_لا دا عشانك
رمقته بنظرة نارية
_حد قالك أني فيلة يا أستاذ ..
وتركته وكادت بالرحيل فهمس بغضب
_الله يخرب بيتك يا ياسين على بيت اللي ياخد رايك فى حاجه ..

ولحق بها مجدداً قائلاٍ بضيق
_أنا جبت كل الانواع عشان تغذى البيبي
توقفت عن المشي بصدمة وقد تلون وجهها بحمرة الخجل فقالت بأرتباك
_عرفت منين ؟ ..
حملها بين ذراعيه بسعادة
_لا الموضوع طويل نفطر الاول وأنا أحكيلك ...وبعدين مين اللي يحكي لمين فوقي يا ماما ..
كبتت ضحكاتها وتناولت ما قدمه لها ببسمة عشق وخجل والشمس تتسلل بالمكان ورائحة المياه تحوم حولهم كالطائف ...

تلصصت حولها بترقب قبل أن تدلف لذلك المكان المخيف كالقبور، تأملها الرجل جيداً ثم صرح لها بالولوج ...
قطعت الأميال بين مئات من جيوش الرجال الحرس حتى تخطت الباب الأخير المودي للزعيم كم يلقبونه ...
وقفت أمام مقعده المخيف ببسمة فخر لما تحمله من معلومات هامه ..
خرج صوته وهو ينفث سجاره البغيض
_قولتي أنك عندك معلومات مهمه ..خير ؟ ..

رمقته بنظرة محملة بالطمع
_الحلاوة الأول
نفث سجاره ببرود
_لما نسمع اللي عندك
أجابته وهى تفرك يدها بفرحة .
_القضية الاخيرة اتقفلت ضد مجهول
نهض عن مقعده بأستغراب
_ومين اللي له دخل ؟

أجابته ببسمة غرور
_عدي الجارحي بنفسه اللي طلب كدا ..
القي بسجاره بغضب ليكون أمام عيناها بخطي سريعة ليهوى على وجهها بصفعة قوية أسقطتها
_غبية
أحتضنت وجهها المنثدر من الدماء
_أنا عملت ايه ؟
جذبها من شعرها بالقوة لتقف أمام عيناه القاتمة
_عدي الجارحي مش بيستسلم بالسهولة دي أكيد عمل كدا عشان ي...

_أمشي وراها وأجيبك زي الكلب
كلمات صاحت بالمكان كأعلان لوجود الوحش بذاته، صعقت هالة وهى تراه يقف خلف ظهر الزعيم بسلاحه المصوب له فأبتلعت ريقها برعبٍ ..
إبتسم عدي قائلاٍ بهمساً مميت
_أيدك ورا دهرك بهدوء واطلب من الكلاب دول ينزلوا أسلحتهم فوراً ..
أشار لهم فأنصاعوا له بينهم وضع هو يديه خلف ظهره بغضب شديد ...
أقترب عدي  منه ليقف أمام وجهه فأكتسحت الصدمة تعبيرات وجهه حينما شعر بأنه رأه من قبل نعم هو بذاته الذي خلص معشوقته منه منذ ما يقرب علي عامين ...
ردد بصدمة _أنت ؟! ..

معشوقته هنا ...جواره ...على بعد خطوات منه ...هل سيتمكن من الوصول إليها ؟
ماذا يخفي العميد وياسين الجارحي ؟ ..
وماذا لو اكتشفه عدي بذاته ؟! ..
ماذا ستفعل القلوب حينما تعود النظرات بالتشبع من بعضها البعض ؟ ..
هل سينتصر عدي كونه ضابط شرطي محترف أم سينتصر قلبه العاشق بالعثور على معشوقته ؟ ..
واخييرا ماذا يخفي القدر بعد ؟
قذفته الصدمة بالأعماق وهو يرى هذا الوجه المألوف فدارت الذكريات أمامه كالوحش الذي أتلهمه لدقائق أستعاد بهما ما مر عليه الأعوام، أرتعبت ملامحه وهو يرى شعاع القوة المنبعث من تلك العينان التى لم يتمكن من نسيانهم ..تلك العينان التى حصدت المركز الأول على قائمة الأعداء ؛ فظل يخطط طوال الأشهر الماضية بالأنتقام ممن فرق بينه وبين من أحبها هكذا ظن ! ..

طاف به بنظرات مطولة لتنتهي ببسمة سخرية
_أنت بقى الزعيم ؟
وأزدادت بسمته التى حصدت النيران بوجه مصطفى، رفع عدي عيناه على المكان بتفحص ويديه مثبتة بأحكام على زناد السلاح المصوب على وجهه
_بس تصدق عجبتني
رمقه بنظرة محتقنة من الغضب والحقد فأكمل عدي حديثه الحامل للهجة السخرية بجعبته
_لا بجد طريقة تفكيرك عجبتني جداً لدرجة أني شكيت للحظة أنى وصلت للشخص الغلط ...

ثم أقترب منه ليهمس بصوتٍ منخفض
_يمكن عشان كنت واثق من أني هوصلك ..يعجبني العدو اللي يقييم قوة خصمه ..
تأججت النيران به فكادت أن تلتهمه من شدة غضبه فصاح ببسمة مخادعه ليوضح ثابته الزائف
_ تدريبك دا مفهمكش أنك لو نزلت مهمة لوحدك بدون أجهزة الأمن هتتلاقي موتة ظريفة !
إبتسم بسخرية وعيناه مازالت مسلطة على رجاله المحاوطين للمكان ..
_لا بس علمني أنا قبل ما أستشهد أحقق نصري على عدوي الأول ..

بدأ الخوف يتسلل لملامح وجهه رويداً رويداً فهي ليست المرة الأولى ليتحقق من ما يستطيع عدي الجارحي فعله،بدت المعادلة غير متوازنه بين شخصاً واحد وأكثر من ثلاثون شخصاً مسلحون بأسلحة من مختلف الأنواع ورغم ذلك لم يعرف الخوف السبيل لوجه الوحش الثائر نعم ربما سيلقي حتفه ولكن بعد أن يقتص ممكن نزع قلبه من الأنسانية فتسبب بأنهيار مدرسة تحوى آلآف من الأطفال فمحت البسمة الطاهرة من الوجود، ذاك اللعين ممن تسبب بزرع الفتنة الطائفية بين أفراد الشعب حينما دمر الكنائس لمقابل مادي وضيع جعل أمة بأكملها تعاني ! ...

أنهى عدي تفكيره سريعاً فحسم الأمر بأن يبقيه علي قيد الحياة حتي يتمكن من الوصول لباقي المنظمة ولكن أن لم يتمكن من الخروج به وسط هذا الحشد الكبير سيحرص على قتله، ساد الصمت المكان لقليل من الوقت أنهاه عدي بحركته السريعة حينما ألقي به أرضاً ثم أنبطح فوقه ليحميه من الرصاص فهو يريد حياً، تبادل الطلق الناري الغير متزن بينه وبين المجموعة الضخمة فكانت طلقته حرفية تصيب الهدف فتكت به بنجاح، بدأت الذخيرة بالنفاذ والأعداد تزايد وهو يتخفي بين الحائط ليحافظ على الذخيرة المتبقية بحرص، بقى هادئاً متزن الفكر بما يفعله،أسرع أحد الرجال إلي مصطفى الملقي أرضاً فعاونه على الوقوف، بحثوا عن عدي يعيناهم وهم فى حالة من الأستعداد لتبادل الطلق الناري من جديد ..

تفحص المكان بنظرة ساخرة بعدما أستمد العون من رجاله
_روحت فين يا سيادة المقدم ؟ ..
ثم أسترسل حديثه حينما لم يجد رد فعل _متقلقش بعد موتك هحرص أني أسلم جثتك لياسين الجارحي بنفسه ..
كان يتحدث وعيناه تجوب المكان بتراقب لسماع أي صوت قد يوصله له ولكن هذا الأحمق لا يعلم أن التدريبات التي سخر منها هى القوة لأفراد الشرطة ...
أشار لهم بأن ينقسموا لأيجاده وبالفعل فعلوا فكان منهم من حظى بموتة مفاجئة بكسر رقبة ومنهم من سقط صريع لرصاص عدي بعد أن أضاف كاتم الصوت الخاص به، تخبئ مجدداً يتفحص ذخيرته فزفر بغضب حينما وجد أن تحوى على رصاصة واحدة فقط ؛ فعزم أمره على أنهاء أمر هذا اللعين وبالفعل خرج بكبرياء فأبتسم مصطفى بأنه سيتمكن من رؤيته صريع قبل الهرب من ذاك المخبئ،وقف عدي أمام عيناه بثبات مازال يلحق به حتى بعد أن أنقلب الميزان ! ..

إبتسم قائلاٍ بفرحة عارمة
_نفسك فى أيه قبل ما تموت ..
وقبل أن يصدر أي رد فعل منه استرسل حديثه بعد أن قرب فاه السلاح من وجه عدي
_أممم مفتكرش هيكون عندك أمنيات بعد موت مراتك وإبنك .
كأنه تعمد أغماس النيران بجرحه الذي لم يشفى بعد ورغم ذلك بقى ثابتاً يستمع له بملامح لا توحي بشيء كل ما يجول بخاطره هو أقتلاع عنقه ..
أستدار بوجهه ليراه كم هو لم يبدي أي رد فعل فتملكه الغضب أضعاف ليرفع السلاح بوجه عدي المبتسم بمكر لما سيفعله ...
ساد الرصاص بالمكان أكمله فتعجبوا جميعاً لما يحدث حتى  عدي فأذا بمجموعة صغيرة من الشرطة يطوفون بالمكان،ظهر مازن من خلفه فتعحب عدي كثيراً من وصوله للمكان فقد لحق بها دون أخبار أحداً ! ..

دفش مازن هالة بغضب بعد أن وجدها بالخارج تكاد بالهروب قائلاٍ وعيناه كالجحيم
_أخر واحدة توقعت منها الخيانه أنا أعتبرتك زي أختي وكنت سند ليكِ بالمركز وأنتِ بالمقابل كافئتيني بالخيانة ! ...
بكت بخوف لما ستتعرض له بعدما كُشف أمرها،لاجل مبلغ حقير باعت ذمتها وخانت شرف المهنة فنالت مصيرها المتوقع، أقترب عدي من مصطفى قائلاٍ بصوته القابص للأنفاس
_كان سهل جداً أقتلك بس لا اللي هتشوفه بالحبس أصعب ألف مرة من الموت ..
سكن الخوف عيناه ولكن بداخله لذة الأنتصار فرغم أنه يؤدي واجبه بمكان يسكن به المجرم هناك معتقل لمعشوقته لو ظل أعواماً وأعوام يبحث بذلك المكان لن يتمكن من العثور عليها ! ...

وضع الأسوار الحديدية بيديه وألقاه للشرطي الذي يقف خلفه ثم خطى تجاه مازن الذي يقف عند مخرج هذا المكان الغامض، توجهوا معاً للخروج بعد أن قضيت مهمتهم على أكمل وجه، تبادلا الحديث والقدم تخطوا الممر الواسع أمام أعين مصطفي فقال عدي بأستغراب
_عرفت المكان منين ؟
تلبك مازن فلم يعلم بما سيجيبه فباشر عدي بأسئلته
_وبعدين أزاي طالع عملية كبيرة زي دي بالمجموعة الصغيرة اللي معاك ؟ ..

أجابه بغضب
_ما حضرتك اللي مدتنيش خبر ومكنش في وقت أستدعى الدعم فجبت اللي موجود ..
ضيق عيناه بأستغراب بعدما وجد عدد مهول من جثث القتلى فقال بذهول
_أزاي قدرت تسيطر على الموقف بالمجموعة دي ؟ ...
بدت علامات القلق على ملامحه كأشارة لعدي الذي توقف عن الخطى ليقف امامه كالسد المنيع ليصيح بغضب
_ما تنطق عرفت مكاني أزاي ؟
_أنت كويس يا عدي بيه
ظهر من خلفه من أجابه على أسئلته،أستدار ليجد كبير حرس ياسين الجارحي فبدأت علامات الأستفهام تتشكل تارة فأخرى، أقترب عدي منه والغضب يعصف بعيناه
_عرفتوا مكاني أزاي ؟

أرتعب الرجل فقرر الأفصاح بالأمر قبل أن يقتل على يد عدي الجارحي
_أحنا بنراقب حضرتك من فترة بأمر من ياسين  بيه ..
تعجب عدي كثيراً فمن المحال أن يتدخل ياسين  بعمله أذاً ماذا هناك ؟ ..
زفر بغضب فقرر أن يعود للقصر ليعلم لماذا طلب من الحرس اللحاق به، توجه للخروج بسرعة كبيرة،خطوات سريعة تتجه للهدف يكبت بداخله ولكن توقفت عن الخطى ...توقف القلب ...شُل التفكير ...ماذا هناك؟! ..

الم يكف هذا اللعين عن المعانأة ؟ ..لا ليست معاناة هو يشعر بها ربما كالعادة ولكن تلك المرة الأحساس يهاجمه كالفريسة الضعيفة، تجمدت خطاه وقلبه يكاد يحطم ضلوعه من شدة النبض، همسات تتسلل لقلبه فتنقل له ذاك الحلم المميت الذي رأه ...
ارتعب مصطفي وهو يراه يقف أمام ذاك الباب السري المغلف بطلاء يشبه الحائط فبدت له محال أن يجدها بعدما وضعها خلف ذلك الحاجز السري لا يعلم بأن قلبه يشعر بها ...قلبه يحطم قاموس العشق فيتعدى على عشق قيس وليلي ليكون هو ذاك المجنون الذي يشعر بخطى معشوقته !

أقترب منه مازن بأستغراب لتوقفه عن الحركة قائلاٍ بذهول
_أنت كويس يا عدي ؟
فتح عيناه فأحتلها اللون الأحمر القاتم،بدى كأنه يستجمع ما حدث تارة خلف الأخري ...أختفاء الطبيب وظهور ذلك المعتوه، بدأ يسأل ذاته هل سينصفه قلبه، طاف بفكره أنه ولج من الجانب الأيسر فلم يشعر بنفس الشعور الا حينما مرأ من هنا، فتش بعيناه المكان الذي يقف به فأذا بحائطان عمالقان لا يشتبه بهم من شيء،أتبع قلبه فأغلق عيناه ليقترب من ذلك الحائط،رفع يديه ببطيء لتلامس سطحه فسحبها على الفور،لم يحتمل تلك الرؤية البشعه التي تسللت له،لم يراها ولكن لمجرد لمس الحائط شعر بأن هناك من يأسر روحه،لم يجدل ذاته اللي حينما رفع قدميه ليركل الحائط بقوة فأذا بباب الغرفة ينفتح على مصرعيه لتظهر للجميع هذا الغرفة التى ستمحو ألماً كبير من حياة عدي الجارحي .

تجمدت نظراته على باب الغرفة كأنه يخشي الأقتراب فينتزع أحلامه،تلك اللحظة الفاصلة بينه وبين ذاك الأمل الخافت، في بدأ الأمر تعجب مازن لما يحدث مع عدي ولكن ما أن كُشفت تلك الغرفة حتى أشار للشرطي بتفحص الأمر، أشار له عدي بالتوقف وولج هو بخطى بطيئة للغاية، تحوى خوفاً يكاد يملأ عالم بأكمله ...
تقدم فأكثر ليجد أمامه غرفة متهلكة،فراش يكسوه الغبار، الظلام يسودها كأنه قبو يدفن به جثة لا يعلم بان هناك من تواجه أسوء من ذلك ..

دلف للداخل حتى صار بمنتصف الغرفة،طافت عيناه كل أنشن بها بأهتمام حتى وقعت عيناه على فتاة ملقاة أرضاً بأحد الأركان، لم يتمكن من رؤية وجهها فكانت تحتضن أحد المقاعد ومولية ظهرها له، شعر بواخذة كست قلبه تدريجياً فأقترب منها برعب يكاد يقتله من أن يبتر ذاك الأمل الضئيل،أقترب أكثر حتى صار قريب منها ربما جسدها الذي اصبح هزيل جعله لم يتمكن من التعرف إليها،أنحنى عدي أمامها فبقي هكذا لدقائق يخشي الكشف عن وجهها فتتحطم ما تبقى بكيانه نعم يعلم بأنه من المحال أن تكون هى ولكن سيتبع ذلك القلب الأعمى، أدارها بلطف فسقطت بين ذراعيه كالدمية الفاقدة للحياة، تخشبت نظراته عليها ...توقف عن التنفس حتى أحتبس الهواء فجعل وجهه قاتم للغاية، هي من سكنت بالقلب فصارت المأوى والسكنان...من فاض بالكلمات والصراخ بأن قلبه مازال ينبض فهي على قيد الحياة ...

رجفة سرت بجسده لمجرد رؤية الكدمات التى تطفو بها، لا يعلم أن كان بذلك الحلم المريب أم على واقع أبشع، مرر يديه ببطيء على وجهها فخانته الدموع كلما لامس جرحاً على وجهها،شعرت بنسمة هواء عليلة تحتضنها بأمانها فجاهدت لفتح عيناها لترى ملامح مشوشة بدءت بالوضوح بصعوبة،تجمدت نظراتها لثواني فقالت بصوتٍ يكاد يتسلل له
_عدي ! ...

إبتسم بصعوبة فكأنه تأكد بأنه الواقع فتأملها بأشتياق وعدم تصديق، ظنت بأنه كالعادة حلماً فأغلقت عيناها ليحوم بها هذا العالم الأهوج الذي باتت جزء منه ولكن ليس بعد الآن ...
كان مازن يقف خلفه بصدمة فردد بذهول
_رحمة ! ..
أحتضنها كأنه يتشبس بها باللا تتركه مجدداً فحملها ليتوجه لسيارته سريعاً ثم توقف أمام أحد المستشفيات ..
حملها برفق للداخل فأقتربت منها الطبيبة بذهول لما تحمله من أصابات ...
وقف لجوارها يتشبس بيدها كأنه يخبرها بأنه لن يتركها مجدداً،حاولت الطبيبة أقناعه بالخروج ولكنه أبى تركها لثواني ...

أنهت الطبيبة تضميم جرحها بنفاذ صبر من وجود عدي بالغرفة فحملها وتوجه بها لسيارته، وضعها بالمقعد الخلفي بهدوء فأقترب منه عثمان كبير الحرس فكاد بالتحدث إليه ولكنه شهق حينما حاوط عنقه بيديه أسرع إليه مازن بغضب
_سيبه يا عدي أنت أتجننت ..
أطاح به عدي بذراعيه فسقط مازن أرضاً، ثم تطلع لمن يخنتق أمام عيناه قائلاٍ بصوت كالموتى
_أيه علاقة ياسين الجارحي باللي حصل لرحمة ..
سعل بقوة فأشار له بأنه سيفقد حياته تركه عدي ليلفظ أنفاسه ثم جذبه من تلباب قميصه بعنف
_أنطق والا وقسماً بربي لكون دفنك هنا
تطلع له برعب
_هقولك كل حاجه أعرفها

بقصر الجارحي
حاول كثيراً أن يصل لكبير الحرس ولكنه لم يتمكن فطلب العميد الذي طمنه على الفور وأخبره لما دار هناك ...
بالأسفل ..
كانت تتجمع العائلة بأكملها بحوار مرح كالعادة فأذا بصدمة عارمة أمطرت لتغرق الجميع، تطلع الجميع تجاه باب القصر الداخلي بصدمة،وقف ياسين الجارحي على أعلي الدرج يتأمل ما يحدث بثبات ؛ أكمل عدي  طريقه للداخل فوضع رحمة الغائبة عن الوعي على الأريكة المقربة إليهم ثم صعد ليقف أمام أبيه والتمرد يطوف بعيناه ...

تراقبه ياسين بغموض يتأمل ما بعيناه من تمرد وكلمات تغدو بها فجعلته كالوحش الثائر بينما تخلي عدي عن صمته قائلاٍ بغضب أهتز له أرجاء القصر
_كنت حابب تعرف ليه عمري ما ندتلك غير ياسين الجارحي لأني عمري ما حسيتك أب انت كتلة قسوة متحركة على الأرض عمرك ما حسيت ولا حبيت حد فينا ودي الحقيقة
صعق الجميع بالاسفل بما يحدث فهرول البعض منهم للأعلي، أقترب يحيي من عدي قائلاٍ بغضب
_أيه اللي بتقوله دا يا عدي ؟

أستدار له والغضب مازال يتشبث به بينما ينظر له ياسين بثبات
_بقول الحقيقة بقول اللي لا يمكن اي عقل يصدقه
صرخت آية به
_أنت أزاي تعلى صوتك على باباك كدا أنت أتجننت ؟ ..
إبتسم بألم
_تعرفي يا أمي أنتِ الحاجه الوحيدة اللي بحزن وأنا بشوفك بقلبك الأبيض دا بتحبي شخص زيه ..

تملكها الغضب فرفعت يدها لتصفعه بقوة ولكن هناك من تمسك بذراعيها قبل أن تلمس وجهه،أستدارت لتجد ياسين يتمسك بيدها ثم جذبها برفق لتقف جواره ومازالت عيناه تتأمله بثبات ...
أقترب منه رعد بأستغراب
_ما تفهمنا فى أيه يا عدي ورحمة عايشة أزاي ؟
صاح بغضب
_السؤال دا هو اللي يجوبك عليه قسوته اللي جواه خليته يدوس عليا وعلي قلبي ..هو أكتر حد عارف هي بالنسبالي أيه ؟ ..

ثم أكمل بلهجة ساخرة
_ عمل مخطط عظيم عشان ينقذ البشرية من الأرهاب مش مشكلة بقا يدوس على قلبي بالجزمة ومفرقش معاه أذا كانت هتعيش ولا هتموت وهو بيدفنها حية فى قبر لعين مقفول
صعق الجميع وعلى رأسهمآية التى هوت دمعاتها بصدمة مما استمعت إليه فتطلعت له بعدم تصديق،لبست الوجوه بالصدمة بينما يتمثل الثبات بعيناه يتأمله بنظرة هادئة ..
أقترب منه عمر بصدمة
_الكلام دا صح يا بابا ؟ .

صاح عدي بغضب
_دا مش أب دا ياسين الجارحي فقط النفوذ والقوة والسلطة اللي تدوس على اي حد حتى لو ولاده
_لا يا عدي
صوتٍ حطم الاجتماع العائلي للتداخل أستدروا جميعاً ليتفاجئوا بالعميد أمام أعيناهم ربما ليفتش بسراً أخر سيقلب الموازين راساً على عقب ليحطم قلبٍ ما حينما ينكشف اللغز كاملاٍ ...ولكن ماذا سيفعل عدي حينها ؟!..
ماذا هناك من أسراراً اخري ؟ ..

ماذا يخفي الزعيم بجعبته؟..
ماذا ستفعل حينما تراه أمامها ؟.
هل أنتهت المعركة بفوز عدي الجارحي ام ان هناك ألغازا اخري ؟ ..

 

تااااابع ◄