-->

رواية أحفاد أشرار الجزء الرابع عشر

 



رؤية وجهه أصبح الأروع لها بعدما كان المحبب لديها،رفعت يدها على عيناها لتصرخ بقوة وجنون:_أبعد عني ...أخرج من هنا ...
شعر ببرودة تتسلل لجسده لتجعل دقات قلبه كلوح الثليج ...ليدور سؤالا بخاطره هل تلك الفتاة معشوقته! ...ربما شعر الآن بأختراق خنجر بقلبه فلم يعد يقوى الوقوف ..
ولج معتز للداخل سريعاً ؛ فركضت إليه لتختبئ خلف ظهره ...شددت يدها الضعيفة على كتفيه فنقلت رجفتها إليه قائلة بصوت مرتجف:_خليه يخرج يا معتز ...


دمعات عيناها كالسهام المصوبة بحرافية إليه،حاول معتز أن يهدئها قليلا ولكنه فشل...
لم يعد يحتمل رؤيتها هكذا فرفض البقاء بعد أن أشار لمعتز بأنه سيغادر وبالفعل غادر الغرفة بصمت وآلآمه تكاد تكتظ من عيناه ...
:_قولتلك هتتعب فى الأول ...

قالها عدي وهو يقترب منه بعيناه الغامضة ليرفع عيناه له بآنين صادح:_كنت فاكر حبنا أقوي من كدا
إبتسم عدي بتهكم:_والمعني ؟ ..
زفر بألم ليطول صمته فيقطعه بعزيمة:_مش هستسلم يا عدي هحارب عشانها ..عشان حبي ليها وإبني اللي فى بطنها مستحيل هسيب دا كله لمجرد سوء فهم ! ..
أقترب منه بخطاه الثابت ليرفع يديه على كتفيه بأبتسامته الفتاكة:_دا وسام عيلة الجارحي اللي للأسف الشديد أنت منها ..
تعالت ضحكاتهم الرجولية ليسودها الوعد بعدم أفتراق العشق مجدداً ولكن هل سيسطيع أن يتحدى زمان وجهها بحقيقة بشعة كهذة ؟!
شخصيات الرواية من الأجزاء السابقة للتذكير

* ياسين الجارحي... أولاده: عدي - عمر - مليكة
* يحيي الجارحي... أولاده: ياسين
* عز الجارحي... أولاده: معتز - مروج
* رعد الجارحي... أولاده: رائد - داليا
* أدهم الجارحي... أولاده: جاسم - أسيل
* حمزة الجارحي... أولاده: أحمد - حازم

ومازن لو محدش فاكره دا صديق عدي وزميله بالشرطة ومتزوج من مروج بنت عز الجارحي!...
-------
...بأيطاليا...
زُينت صالة الأجتماعات بحرافية فاليوم ستشهد على حضوراً هام لياسين الجارحي وعدد هام من رجال الأعمال، جلسوا جميعاً على الطاولة العملاقة بأعين تتراقب وصول أسطورة الجارحي فالجميع يستمع بأنجازته ولكن لم تسنح للبعض فرصة اللقاء به ...
جمعت الطاولة كبار رجال الأعمال فمنهم من ود اللقاء بياسين ومنهم من يكن العداء الشديد له رغم أنها المرة الأولى التي سيلتقون به ! ..ولكن يكفي بأنه حرص على الدوام بأن تكون لشركاته الرئاسة ...

خرج صوته بحذر من عدم سماع الرئيس الخاص قائلاٍ بغضب مصاحب له:_ماذا ينتظر سيدك بعد ؟ ..
تراقب الرجل نظرات الرئيس الجالس على مقدمة الطاولة العملاقه بتفحص فأطمئن قلبه حينما رأه منشغل بالحديث ليخرج صوته بهدوء:_ينتظر أنضمام رجل الأعمال المصري الشهير ياسين الجارحي..
تلونت عيناه بعداء كنه على الدوام له قائلاٍ بحقد:_سيبقينا هنا لقدومه ..هو لم يحترم الموعد المحدد لذا عليه ببدأ الأجتماع
:_ربما ساعتك لا تعمل سيد جون ...

صوتٍ أتى من خلفه جعله يستدير بأستغراب ليجد أمامه رجلاٍ في العقد الرابع من عمره،عيناه تحمل نبع من الثقة ؛فجعلته يعلم من هو ؟ ..
رفع ياسين يديه يقربها من عيناه ثم اشار له بنظرات ساخرة:_مازالت هناك دقيقة على الموعد المحدد
ورمقه بنظرته الأخيرة ثم توجه لمقعده بخطاه الثابت الذي لفت أنتباه الجميع فخطف أنظارهم ذاك الوسيم الذي لم يفقد سحره بعد ! ...

لحق به يحيي بأبتسامة أعجاب حينما وجد جون يحترق غضباً وأزدادت النيران بعيناه حينما أستقباله الرئيس بكافة الترحبيات ثم لحق به ليشير له على مقعده بنفسه! ...
فتح أزار بذلته السوداء بحركة سريعة ثم جلس بثقة يتأمل الجميع بنظرات ثابتة،يقرأ الذهول الحافل بأعينهم من مظاهره المفاجئ للبعض ...نعم فرغم عمره الا أنه يهتم لمظاهره للغاية،جلس يحيي جواره يحاول جاهداً لكبت كلماته فشعر به رفيق الدرب ليقطعه قائلاٍ وعيناه تفترس عدوه اللدود بعدما سنح له هذا الأجتماع اللقاء به:_ قول اللي وقف على لسانك وخلصني ..

إبتسم يحيي قائلاٍ بسخرية:_ طول عمرك فاهمني وأكيد كمان فاهم اللي حابب أقوله ..
رُسمت البسمة على وجهه فتطلع له بنظرات تحمل المرح:_عارف بس حابب أسمعها منك ..
تعالت ضحكات يحيي بخبث:_هتفضل زي مأنت يا ياسين مغرور
أعاد تلك الخصلة المتمردة علي عيناه قائلاٍ بجدية:_بعد العمر اللي قضيته مع آية مبقاش عندي غرور يا يحيي ..دا كبرياء وبعرف أزاي أستعمله مع أعدائي كويس ..
ثم تطلع بشرارة من جحيم لمن يجلس مقابل له على مسافة بعيدة بعض الشيء:_أنا أتغضيت عن تصرفات الحيوان دا لحد ما يشوف بنفسه من هو ياسين الجارحي لكن لو صدر منه جديد بعد مقابلتنا دي أعتبره فى قايمة ضحايا الجارحي ..

إبتسم يحيي قائلاٍ بمكر:_الشقاوة فينا بس ربنا يهدينا ..
شاركه البسمة بثبات ليعلو الصمت القاعة حينما وقف رئيسهم المزعوم يباشر التحدث عن الأسهم والشركات بأيطاليا والعالم بأكمله،لم يخلو حديثه من أبدائه بالأعجاب عن نشاط شركات الجارحي مما زاد غضب جون للغاية ..

بقصر الجارحي بالقاهرة وبالاخص بغرفة المكتب الخاصة بعز الجارحي..
زفر بملل بعد أن أنقطعت أنفاسه فى محاولات عابرة لمعرفة ما يود قوله:_يا والدي بقالك ساعة بتشرحلي وجهة نظرك اللي أنا مش شايفلها ملامح أزاي عايز تعمل حفلة كبيرة وميحضرهاش حد من العيلة ! ..
رمقه عز بنظرة ساخرة:_طول عمري بقول أنك مش طالعلي .. غبي ..
كبت معتز ضحكاته قائلاٍ بهدوء مصطنع:_أفهم منك طيب ..

رفع يديه يعدل من جرفاته بغرور:_أكيد طبعاً هتلاقي حد تتعلم منه غيري ! ...
أجابه بنفاذ صبر:_أخلص يا والدي الله يكرمك عندي أجتماع كمان نص ساعة ..
ترك مقعده ليقترب منه بغضب:_يتأجل مش مشكلة هي ...
أبتلع ريقه ببعض الخوف فأسرع بالحديث:_أعتبره حصل يا كبير،ثم جذب المقعد قائلاٍ بأهتمام:_سامع حضرتك ..
إبتسم قائلاٍ بهيام:_زي ما قولتلك بكرا عيد ميلاد يارا وكنت عايز أعملها حاجه مختلفة ...

كاد معتز الحديث فقطعه عز بأشارة يديه:_بمعني حفلة من أفخم ما يكون بس مش عايز حد فيها غيري أنا وهي معرفش أزاي أتصرف أنت ..بكرا الصبح يكون كل شيء جاهز فهمت ؟ ..
كبت غضبه قائلاٍ بصوتٍ منخفض يحمل السخرية بين طياته:_ هو يعمل المفاجأة وأنا اللي أتدبس ..
:_بتقول أيه يا حيوان ؟
قالها عز بصوتٍ حاد جعله ينتفض قائلاٍ بأبتسامة مصطنعه بعدما توجه للخروج:_بقول لحضرتك كل شيء هيكون جاهز وهتشوف بنفسك أنك مخلف رجل عن أذنك بقا عشان متأخرش على ياسين ورائد ...

وغادر معتز سريعاً لشركات الجارحي بينما توجه عز لخزانته بأبتسامة ممزوجه بشرود الماضي لعشقه المتوج على نثرات التحدى والجنون ...نعم هو العاشق الذي جرح قلبه لأعوام ظناً بأن معشوقته ملكة لقلب أخيه ولكن شاء القدر أن يعلم بحقيقة الأمر فأزداد عشقها ليصل للأعناق لتمر الأعوام ومعه تتربع القلوب ويزدهر برعم العشق حتى صار الأمر كالعهود! ...
رائحه كالطيف أحاطت به،أغلق عيناه بأبتسامة زادت من وسامته فأخترقت الذكريات قلبه،جذب زجاجة العطر الخاص بها فهو يحتفظ بها بصندوقه الخاص مع مجمع الذكريات العتيقة ليقربها من أنفه بحرص كأنه يحمل قطعة ماس ...

قُطعت لحظاته الثمينة طرقات باب الغرفة فأبتسم لعلمه من الطارق ؟،ليخرج صوته الرجولي العميق:_تعالي يا حبيبتي ..
دفشت الباب برفق بأصابعها الرقيقة ؛فولجت بأبتسامة رُسمت بخجل حينما تردد من بين شفتيه لقبه الدائم،نعم مر العمر ومازالت حبيبته! ...مرت الأعوام ومازالت معشوقته ! ...مرت اللحظات وبها حقق وعوده لها بأن كان خير العون والسند ...خير الزوج وخير العاشق والأخير بالعشق ...
تنقلت عيناه عليها كأنه يطبع صورتها بأعناق قلبه ليقترب منها بأبتسامته الفتاكة:_أتأخرتي عليا
أجابته بتعجب:_لسه باعت الرسالة حالا فين التأخير ؟! ..

رفع يديه يقربها لصدره قائلاٍ بعشق ينثر من بين كلماته:_الدقايق دي كأنها ميت سنه يا يارا ...
أغلقت عيناها بأستسلام قائلة بهمسٍ خافت:_هتفضل تحبني كدا كتير ؟ ..
أخرجها برفق من أحضانه كأنها عقداً ألماس يخشي أن ينتزع قائلاٍ بنظرات طالت بتأملها لتنتهي بجذبها لذاك الصندوق الموضوع على سطح مكتبه،تطلعت إليه بأستغراب ؛ فأشارت بيدها بتعجب:_أيه دا ؟!

جذب المقعد لتجلس عليه ومن ثم أنحنى ليكون مقابل لها بعدما جذب الصندوق على قدميه فتأملته بأهتمام،تابعها بصمت ألتزم به حتى يدعها تتأمل محتويات الصندوق قائلاٍ بعد برهة:_لسه فاكر كل ذكري عدت علينا يا يارا رغم أننا كلها كام شهر وهيكون عندنا أحفاد الا أن نظراتي ليكِ هى نفسها اللي كانت من عشرين سنه ! ..
بالعكس بحس أنك أصغر من كدا بحس أنك مش زوجة ليا لا أنتِ أقرب ليا من روحي ...بحس أني مش عايش عشان جوايا قلب بينبض أنا عايش لأنك جانبي وساكنه جوا روحي ...أوقات وجعي قربك هو الشفا ليا مش الأدوية والعقار ..بسمتك هي البلسم لكل جرح أو خطوة أتكسرت من السلم اللي خطيته طول حياتي ...كأنك بتشديني عشان أكمل ...عشان أقف من جديد ... بمحى وجعي عشان مشفش نظرة حزن فى عيونك ...نظرة الدفا اللي بلمحها أول ما عيوني بتتعلق بيكِ كافيلة أني أقف من جديد ...عشقي ليكِ مكفهوش السنين دي كلها بالعكس محتاج الف سنة عشان أقدر أوصفلك أد أيه أنا بحبك ووقتها ممكن مقدرش أعبرلك ! ...

أنتِ مش مجرد زوجة وأم لأولادي أنتِ حياة ! ...
لمعت عيناها بالدمع فلم تعد تعلم أتبكى أم ترقص فرحاً لما تستمع إليه ؟! ...مثل العادة يروضها الدمع عند سماع كلماته وكالعادة أيضاً يجففها هو ...أحتضنها بعشق فسمحت لذاتها بالأسترخاء بين أحضانه ...

تمايل بين الأمواج كأنه بصراع وهو القائد الذي يراود المياه عنفاً فتتبعه خوفاً ! ...
ظل لدقائق طالت وهو بأسفلها غير عابئ ببرودة المياه ولا لقطرات المطر بخارج المسبح،فربما هو بحاجة تلك البرودة القاتلة لعلها تقتل جزءاً من قلبه اللعين ...
مرءت الكلمات على مسماعه كالقذفات المتتالية لتشعل الجمرات بذهنه فتجعل عيناه كاللهيب الحارق ..
(أنا أسف يا عدي بيه بس مضطر أصارح حضرتك بالحقيقة الحمل فيه خطورة على مدام رحمة وشرحت لحضرتك الأسباب وبالنهاية دا قرار حضرتك ) ..
(لا يا عدي مش هتخلى عن إبني لو مهما حصل ولو حاولت تمنعني هسيب البيت والدنيا كلها ) ...

كلمات من نيران مزجت بقوة لتصدح بلا رحمة فتجعله مخيفاً للغاية،سبح بمهارة ليطفو فوق سطح الماء يلتقط أنفاسه بقوة بعدما كاد بالأختناق أسفل المياه، أستند بيديه على درج المسبح ليشدد على خصلات شعره بقوة وغضب عاصف كلما يتذكر بما وضعته به معشوقته ...
أنتبه عدي لحركة طفيفة لجواره فأستدار ليجد أخيه يجلس على المقعد المقابل للمسبح، يتأمله بنظرات تكن الحزن بين أطيافها ؛ فزفر بملل لعلمه بما سيقوله...
صعد للأعلي ؛فأقترب منه عمر بالمنشفة ملتزم الصمت فقط يتراقبه بأعين تفيض بالحديث ...

جذب المنشفة بهدوء لا طالما لحق به ليقطعه بثبات وهو يجفف جسده المتناسق:_ مملتش من الكلام اللي حابب تقوله ؟ ..
زفر عمر بغضب:_ومش همل يا عدي طول مأنا شايفك غلط
إبتسم بسخرية:_والصح أني أشوفها بتموت ادام عيوني وأكون جانبها ؟! .
أقترب منه بضع خطوات قائلاٍ بهدوء:_يا عدي رحمة مدمرة من معاملتك ليها هى مأجرمتش أنها أختارت البيبي بالعكس هي أ...
:_دا مش قرارها لوحدها هى متعرفش هي بتعمل فيا أيه ؟
قالها بصوتٍ مرتفع وعيناه تعلن بتحوله لوحشاً ثائر لطالما كان اللقب الأنسب إليه !

زفر عمر بمحاولات عديدة أن يظل ساكناً حتى لا يزداد غضبه:_أنا معاك بس بلاش تكون قاسي عليها كدا حاول تقرب منها وتتكلم معها مش يمكن تغير رأيها ؟..
ألقي المنشفة إليه ثم أرتدى روب الأستحمام وغادر لغرفته غير عابئ به ؛فألقاها أرضاً قائلاٍ بغصب:_هتفضل زي مأنت يا عدي مفيش فايدة فيك
وغادر الوحش الثائر ؛ فلربما لا يعلم عمر بأنه ينقذه من غضبه الهالك ...

توجه لغرفته وقطرات المياه تتناثر من خصلات شعره البني بخفة على وجهه فتزيح الحاجز لتبدى الوسامة تاج لعدي الجارحي الطابق لملامح ياسين، وضع يداه على باب غرفته فولج للداخل ليجدها أمام عيناه،الخوف يسيطر على وجهها،دموع الرهبة تشتعل بعيناها،رجفة جسدها بادية من أنذاره لها سابقاً بعدم الدخول لغرفته وها هي تحطم أحدى قواعده ! ..

صاح بغضب:_أيه اللي دخلك هنا ؟
جاهدت للحديث ؛فأقتربت منه بدموع:_لأمته يا عدي هتعاملني كدا ؟
طافت عيناه بطنها المنتفخة فأججت النيران بقلبه من أقتراب الموعد لفقدانها،فقدان معشوقة روحه وسُكنان النبض فما يزداده الأمر سوا سوءاً ليصيح بقوة وجنون:_قولتلك ألف مرة مش عايز أشوف وشك أبداً ..أخرجي من هنا حالا...
وأشار على باب الغرفة بغضب، أبتلعت تلك الغصة المريرة قائلة بصوتٍ يكاد يكون مسموع من شدة الألم:_أنا مغلطتش يا عدي أنا مش حاسه أني مريضة زي ما التحاليل بتقول أنا كويسة وقادرة أحافظ على إبني كويس صدقني ..

كلماتها كانت كالضربة التى أسقطته ببئر الذكريات بعدما أرتدى توب النسيان فزادت غضبه ليصيح بغضب:_قولتلك أخرجي قبل ما أفقد أعصابي عليكِ
تهوى الدمع على وجنتها ؛ فخطت مسرعة للخارج ودموعها رفيقتها منذ سابعة أشهر وهو يمنتع عن التحدث إليها نعم تذكر تلك الأيام التى قضتها معه بعشق وفرحة بعد علمه بخبر حملها ولكن منذ زيارتهم للطبيب الذي أخبرهم بحالتها وهو يمنتع عن الحديث معها لرغبتها بالأحتفاظ بالطفل ! ...
ولجت للغرفة مسرعة حتى لا يرى أحد دموعها المعتادة وبالأخص خوفاً من أن تراها آية فتعود للجدال مع عدي من جديد ...

ألقت بحجابها أرضاً ثم جلست على المقعد المقابل للشرفة بأهمال،تبكى بقوة وعيناه تتأمل السماء قائلة بأسي:_ياررب مش قادرة أشوف معاملته ليا كدا أنا عارفة أنه بيتعذب بس أنا عندي ثقة أن كلام الدكتور دا غلط وحتى لو صح أنت مدتش سرك لحد أنا واثقة فيك يارب هقوم وهربي إبني وبنتي ...
وأحتضنت بطنها المنتفخة بأبتسامة شُقت وسط الدمعات:_كان نفسي أقوله أنهم تؤام بس هو مش بيدني فرصة أتكلم معاه أو يسمعني ...
وعادت للبكاء قائلة بألم:_يارب أرحمني من العذاب دا ...

نعم كانت تعتقد أن ما تشعر به عذاب ! لا تعلم بأن من يقاضيه هو !، فكان يكبت صرخاته من الآنين،يضغط بقوة على موضع قلبه،الآلآم تزداد تارة فتارة حتى أنه ود الركض إليها فيجفف دمعاتها حتى يكف القلب عن الأنين ولكنه توقف ؛ فكيف سيودى به الحال من دونها ؟! .. ذاك هو الأختبار الأصعب له ...

 

بشركات الجارحي بالقاهرة ...
ولج للداخل مسرعاً قائلاٍ وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة:_أوعوا تكونوا بدأتوا من غيري ..
رمقه رائد بنظرة غاضبة:_لسه فاكر أن عندك أجتماع !
ياسين بسخرية:_يكنش فاكر نفسه لسه عريس جديد وهيعيش الدور
جاسم بغضب:_الحيوان دا مصدق عمك وأبوك يخلعوا عشان يرجع لعادته القديمة أسمع مني ..
:_أييييه أنتوا مصدقتوا ..

صاح بها معتز بغضب ليسترسل حديثه:_أنا جاي على أخري ومش ناقص
رائد بأبتسامة مكر:_المشاكل الزوجية اليومية ولا حاجة جديدة ؟
زفر بغضب:_أبويا من الساعة ستة ونص صباحاً بيشرحلي أزاي أعمل عيد ميلاد لماما وفى نهاية الأمر بيقولي كل حاجة عليك ومتحضرش الحفلة تابع من بعيد لبعيد لا وأيه كمان بيقول لو حد حضر الحفلة هتعلق يعني مطلوب مني أحرصله القصر عشان محدش يزعج جنابه ! ..
عل الصمت القاعه ؛ فتطلع جاسم لرائد ثم لياسين لينفجروا ضاحكين جميعاً ..
ياسين بصعوبة بالحديث:_حقه ياعم وبعدين دي قعدة رومانسية أنت هتهبب فيها أيه ؟

جاسم بسخرية:_والله أعمامكم دول أفضل مننا بمراحل المفروض نتعلم منهم الجنتلة
رائد بمكر:_وأنت ناقص ! ..
رمقه بنظرة غضب:_تقصد أيه يا أبو مريم ..
كأنه تعمد ان يذكره بأبنته ليعيد النظر بما تفوه به فأسرع بالحديث:_مقصدش يا حبيبي ..
ياسين بجدية:_طب نتكلم فى الشغل بقا ولا أيه يا شباب ..
جلس كلا منهم بجدية ليتبادلوا الحديث عن الصفقات الأخيرة بالشركات بين مصر وأيطاليا ...
رائد بهدوء:_ كدا الصفقة واقفه علي توقيع ياسين الجارحي ..
ياسين لجاسم:_أبعت الفاكس لأحمد بأيطاليا وخليه يمضي عمك وشوف هيرجعوا مصر أمته ؟
أشار له جاسم وخرج لينفذ ما طُلب منه ..

بشركات الجارحي بأيطاليا ...
وبالأخص بمكتب أحمد ..
إبتسم وهو يراها أمامه على شاشة الحاسوب فلاطالما كانت تلك هى الرفيقة الصادقة بينهم ...
قالت والحزن يسطر بأفواه عليها:_قولت هسافر يوم بس بقالك أسبوع يا أحمد
إبتسم بخبث:_هتفرق أيه يوم من أسبوع مش أنتِ زعلانه مني ومكنتيش حابة تشوفيني ؟ ..
رمقته بنظرة طفولية:_بتدلع عليك وأنت مصدقت وبعدت
تربع العشق بعيناه فلم يعد يرى سوى تلك العينان التى لاطالما وقع أسيراً لها فلم يفق سوى على خروج الكلمات:_وحشتيني ..
إبتسمت بخجل ليكمل هو بجدية:_أحنا فعلا كنا جاين يوم بس فى أجتماع مهم هنا لرجال الأعمال وكان لازم عمي ياسين يحضره ففضلنا أن نفضل هنا وهنرجع بكرا أن شاء الله ..

إبتسمت بسعادة:_بجد بكرا ؟
أستند بيديه على الطاولة ليقترب وجهه من الحاسوب قائلاٍ بمكر:_بتحاولي تداري حبك ليا بس بتفشلي دايماً ..
زفرت بضيق:_أنت ليه بتحب دايماً تحرجني بكلامك ؟ ..
تعالت ضحكاته الرجولية بتسلية:_عشان بعشقك أكتر لما بشوفك أحمر فى أبيض كدا ..
:_مش هنختلف على الألوان المهم نشوف شغلنا قبل ما ياسين الجارحي يعلقك ويعلقني ...
أنتفض أحمد بزعر ليتفاجئ بيحيي مستنداً بذراعيه لجواره فأسرع بالوقوف قائلاٍ بصدمة:_عمي ! ..
إبتسم بسخرية وهو يشير للحاسوب:_دأنت اللي عمي وأبويا كمان معرفش عملتها أزاي دي ؟! ..أنا من يوم ما جيت هنا مش عارف أخد وقت أكلم ملك فيه وأنت قاعد كدا ولا على بالك ؟

أسرع بالحديث:_الجهاز تحت أمرك كلمها وأنا هغطي علي حضرتك ..
ضيق عيناه بغضب ليقف قليلاٍ قائلاٍ بتفكير:_هتعرف ؟
إبتسم أحمد بمرح:_عيب عليك دانا أ...
قاطعه بجدية مصطنعه:_هنهزر ولا أيه ؟
أستقام بوقفته سريعاً:_العفو يا عمي أتفضل وأنا بره ..
وبالفعل خرج سريعاً فأبتسم يحيي وهو يتراقب خوفه البادي على وجهه،جلس محله وجذب الحاسوب ليطلب عاشقة النبض والسكون ...

 

بقصر الجارحي...
أرتدى سروال أسود اللون وقميص أبيض يبرز عضلات جسده القوي ثم هبط للأسفل متوجهاً للخروج ...
توقف عدي حينما أستمع لوالدته فتوجه إليها بالقاعة الخاصة ليرى ماذا هناك ؟ ..
كانت تجلس لجوار شذا ودينا نور وتالين والفتيات بأكملهم يجتمعن بتلك القاعة الا معشوقته، تغمرهم بسمة واسعة بالحديث أما هى فلتزم الوحدة بعيدة عن الجميع ...
أقترب من والدته بوقار:_أيوا يا ماما ..
إبتسمت آية بخفة:_خارج ؟
أكتفى بالأشارة لها فأكملت حديثها برفق:_ ربنا معاك يا حبيبي، ثم أكملت بأستغراب:_ رحمة فين ؟ ..

ألتزم الجدية لوهلة ثم قال بصوتٍ خالى من التعبير:_فوق ..
وقبل أن تعلق توجه للمغادرة بمكر:_أنا أتاخرت عن أذن حضرتك ..
وغادر سريعاً ليحتل الحزن قلبها ؛ فتطلعت لمليكة  وللفتيات بنظرات متفحصة:_عدي لسه مكلمش رحمة صح أنتوا كنتوا بتكدبوا عليا ؟ ..
أرتبكت الفتيات فأسرعت شروق بالحديث:_ليه يا طنط هي عشان مخرجتش معاه يبقى لسه زعلانين ؟!
إبتسمت بألم:_دا إبني لو محستش بيه هحس بمين ؟! ..
تبدلت الوجوه بالحزن فعلمت آية بصدق حديثها ليلوح بها الدمع فأسرعت دينا بالحديث:_أنتِ عارفة أبنك يا آيه وبعدين كلها أيام وهتولد وهتقوم بألف سلامه وهو هيشوف بنفسه دا .

شذا بألم:_ البنت دي صعبانه عليا أوي بجد والله اللي بيحصل دا كتير عليها ..
نور بدموع تلحقها:_حاولت أنا ورانيا نتكلم مع عدي رفض يسمعني
داليا بحزن:_مسكينه رحمة  الدنيا على طول جاية عليها ..
تالين بأبتسامة هادئة:_دا من حب ربنا فيها على طول بيبتليها ..
أنقطع الحديث حينما تركت آية القاعه وصعدت لرحمة  ...

بغرفة ملك ..
حاولت تصنع الغضب قائلة:_وأيه اللي هيخليك تفضالي أكيد المكان بالبنات اللي فيه عاجبينك أكتر .
تعالت ضحكات يحيي بعدم تصديق لتصفن به لثواني طالت بالدقائق ؛ فقال بعدم تصديق:_هتفضلي زي مأنتِ يا ملك مش هتتغيري ...
إبتسمت بجدية:_مش حابه أتغير بحبك يا يحيي .
:_وأنا مش عايزك تتغيري يا روح قلب يحيي ..
قالها بعشق طاف بنظرات مطولة ليعدها بالعودة غداً فطال حديثهم المزين بعشقهم الخالد ...

بالمنزل الخاص بمازن...
ولجت الخادمة لغرفة مروج قائلة وعيناها أرضاً:_الظرف دا عشانك يا هانم .
رفعت عيناها من الهاتف بأستغراب:_عشاني أنا ؟
أجابتها بتأكيد:_أيوا ..
وضعت القهوة على الطاولة بتعجب:_فى أيه !
أجابتها بهدوء:_معرفش ..
أشارت لها بتفهم:_طب روحي أنتِ ..
وبالفعل غادرت الخادمه فكادت بفتح الظرف المطوي بآنين سيكتسح حياتها ليحطم أقصوصة عشق خاصة بمعشوقها ولكن صوت الهاتف منعها من ذلك ليمنحها بعض الوقت لفراق سيحتم عليها ..رفعت هاتفها لتجده أخيها فأبتسمت وظلت تتحدث معه طويلا حتى نست ذاك الظرف المطوي ...

حل المساء بضوءه الخافت فأصبح الليل بأخره وهى تنتظره بملل حتى شعرت بأن قلبها أنفطر لأجله ...فلم تجد سوى طريقتها المفضلة للشعور بأمان بوجوده ...
سحبت نور القماشة السوداء ثم وضعتها على عيناها بأبتسامة تزين وجهها لتخطو بالغرفة بيدها التى ترأس رؤياها لتعود لوجهها سعادة غريبة ...
وقفت بلهفة وقلبٍ يكتسح بالدقات حينما تعثرت بخطاها لتجد من يقف أمامها ؛ فرفعت يدها تتحسس وجهه بأبتسامة تحمل بين العشق والخجل أفواه ...
عمر بأبتسامة عذباء:_أول مرة أشوق حد بيحب يرجع للضلمة تاني ! ..

إبتسمت وهى تزيح القماشة:_أنا محبتش الضلمة دي غير عشان الأمان اللي كنت بحس فيه بوجودك يا عمر ..
رفع يديه على وجهها بعشق:_بس أنا عايزك تشوفي النور وتبصي حوليكي ..
تعلقت عيناها به كالمغيبة:_مش شايفة غيرك ..
عجز عن الحديث وهو يراها تتأمل عيناه بعيناها الساحرة ليردد بهمس:_ليه دايماً بتشوفيني بالطريقة دي يا نور ..
رفعت يدها تحتضن رقبته لتكمل بصدق:_عشان أنت العالم بالنسبالي حتى لو صغير فهو أجمل حاجة عندي ..
أحتضنها بقوة وسعادة:_ربنا يقدرني وأسعدك يا قلبي ..
وحملها بين ذراعيه ليعاونها على الجلوس بالشرفة ليبنضم لها فيصبح القمر مسجل لعشق زرع بالظلام وبدا للنور ..

حديقة القصر ...
تعالت الضحكات الرجولية فيما بينهم وخاصة بعد أنضمام ياسين إليهم ...
جاسم بصعوبة بالحديث:_والله الواد دا أول مرة يقول حاجه صح ..
معتز بغضب:_ما تلم نفسك يا حيوان الواد دا بيلعب معاك على الناصية ! ...
جاسم بخبث:_يا عم روح أنت تطول تلعب معايا دأنت أخرك قرص هبل زيادة وهنجيبك من المريخ
معتز بسخربة:_تصدق أنت صح أنا فعلا أهبل أني سبت مراتي ونزلت أقعد مع إنسان تافه زيك ...

رائد بغضب:_كان ماله بكى آسر وشقاوة مريم أفضل بكتير من لعب العيال دا ...
وتوجه للصعود قائلاٍ بسخرية:_ومن غير تصبحوا على خير ...
ياسين بنظرات نارية لجاسم ومعتز::_ واضح أن أنا كمان غلطت أينعم هرمونات حمل مليكة صعبة وهتوصلني للجنون بس أفضل من أرتكاب جناية، وأشار بيديه لرائد قائلا:_خدني معاك
وكادوا بالولوج للداخل ولكنهم توقفوا على صراخ من يقترب منهم مهرولا ...
حازم بأبتسامة واسعة:_كويس أني لقيتكم متجمعين ..
ياسين بنفاذ صبر:_خير أنت كمان
جاسم بسخرية:_هو فى خير بيجي من ورا الزفت دا ! ...

معتز بتأييد:_أكيد مصيبة جديدة من أحد أنجازته وما صدق أخوه يخلع عشان يستفرض بينا ..
صاح بغضب:_ أنتوا على طول كدا بتظنوا السوء ...
:_طب ما تقول الخيرات وتلخص فى ليلتك دي
صاح بها رائد ليسرع بالحديث:_عايز أتجوز أه مش كل واحد فيكم يعيش حياته وأنا عامل زي المتعلق بين السما والأرض مكتوب كتابي وواقف على الفرح اللي محدش مهتم بيه كل ما أجي أكلم أبويا أو حد من أعمامك ألقيه مشغول بشهر العسل اللي مش بيخلص عندهم دا والله أنا ساعات بحس أننا أولياء أمورهم مش هما ..
معتز بصوتٍ منخفض:_ الواد دا تقريباً كلامه صح .

شدد ياسين من ضغطه على خصلات شعره لعله يتحكم بغضبه فقال بهدوء مخادع:_والمفروض أننا نعملك فرح من ورا أعمامك صح ؟
أقترب منه بأبتسامة واسعة:_صح الص
إبتسم رائد قائلاٍ بمكر:_ومش خايف من ياسين الجارحي ؟ ..
أجابه بغرور مصطنع وهو يطوف بذراعيه:_وهخاف ليه أني عاشق يابني والعاشق يتحدى الدنيا كلهاااااا وأ...
أنقطعت باقي كلماته بل بترت برجفة حينما وجد من يقف خلفه !...نعم أنه ناقوس موته ...ياسين الجارحي بذاته ! ...

بأيطاليا ...
أعدت الخطط برسالة أخيرة للخلاص من ياسين الجارحي  ولكن هل هناك مفر بالمواجهة ؟ ...
...ما هو مجهول مروج وما المخطط لها ؟ .
ماذا يخفي مجهول الماضي لرحمة وعدي ؟ ...
هل ستعود الأختبارات من جديد لتحول بين ياسين الجارحي ومعشوقته ؟ ...

ما المجهول لكلا من ...نور ...أسيل... أحمد ...عمر ...
هل سينجو حازم بعدما تفوه بتلك الكلمات ؟
وأخيراً ..
هل ستصمد أقصوصات عشق الجارحي أمام المجهول ؟ ..

الليل يخيم بستاره المظلم ليطفو أشعة لضوء القمر الخافت، قطرات المطر تهبط بغزارة ؛فتنثر البرودة على الأرجاء، الأجواء ساكنة كالموتى،فقط صوت السيارات هو المتردد بالمكان ...
توقف بسيارته أمام الشاطئ ومن ثم هبط ليجلس أمام المياه بثبات يلمع بعيناه ولكن بداخل القلب الكثير من الصراعات ! ...
نعم يتألم لما فعله اليوم ولكن ما عساه أن يفعل وهو يشعر بأن فقدانها قريباً للغاية، شرد قليلاٍ بعشقها القاتل ؛ فأستند برأسه على العمود العملاق خلف رأسه، عيناها الباكيتان تلحق به فتزيد من أوجاعه ...

غامت عيناه المياه بنظرات ساخرة فكم كان يود أن يلقي بذاته بين أحضانها لعلها تطفي شعلة النيران المشتعلة بصدره،أستدار عدي بأستغراب لسماعه صوت سيارة تقترب،وبالفعل توقفت على مسافة قريبة منه، هبط مازن منها ليقترب منه بضيق:_مش معقول مسمعتش تلفونك ولا صوت العربية وهى ماشية وراك أنا تقريباً لو شبح مش هتوصل بيا للدرجادي ! ..
زفر عدي بنفاذ صبر:_وحضرتك ماشي ورايا ليه ؟!

أقترب ليجلس جواره بأبتسامة واسعة:_صاحبي يا جدع الله ..
تطلع له بنظرات كالسهام:_لو جاي تهزر يبقى تنسحب بهدوء لأني بحالة ممكن تندمك العمر كله ..
إبتسم قائلا بجدية:_الحالة دي أنت اللي أختارت تحط نفسك فيها يا صاحبي ..
زفر بنفاذ صبر:_هنرجع لنفس الموضوع تاني ..

وجذب مفاتيح السيارة الخاصة به ثم توجه للمغادرة فلحق به قائلا بلهفة:_ ربنا سبحانه وتعالى قال ظنوا فيا الخير وأنت حاطط أحتمالات الشر قدامك! ...
أغلق عيناه بقوة يتحكم بذاته قبل أن يلكمه بقوة لعدم تدخله بأموره مجدداً،دفشه بعيداً عن طريقه فسقط هاتف مازن أرضاً ؛ فصاح بغضب:_كداااا بنت عمك هتقتلني رسمي مش بعيد تقول قافل تلفونه عشان يخوني ..
وأنحنى ليجذب الهاتف بغضب تحت نظرات ترقب عدي ..

فزع مازن حينما أستمع لصوت طلق ناري يحيط بنفس مكانه السابق حتى عدي تراقب المكان بذهول ؛ فجذب مازن سريعاً لسيارته ثم أخرج سلاحه من جاكيت بذلته السوداء ليطوف بعيناه المكان ومن ثم صعد لسيارته ليتحرك للقصر سريعاً ..
ألتقط مازن أنفاسه قائلا بصعوبة:_لو مكنتش جبت التلفون كان زماني بعداد الموتى ..
رفع عيناه للمرآة الأمامية يتراقب الطريق قائلا بغضب:_كنت عارف أنك هتتهاجم بسبب غباءك فى القضية دي ..

زفر بغضب وأصرار:_مهو أنا مش هسيبه يخرج من السجن ويكمل مشواره الوسخ فى الأجرام اللي بيروح ضحاياه أطفال بريئة بدون ذنب ..
صاح عدي بغضب:_مش بقولك غبي أستخدامك للقوة مع الحيوان دا هيوديك ورا الشمس لأنه فى نظر القانون برئ لحد ما نلاقي دليل قوي المطلوب منك أنك تدور على الدليل دا مش تحبسه فى أوضة وتديله علقة موت لحد ما يعترف لا وأيه حاطط كاميرات عشان لما تسلمها تدخل بداله أنت أبسط شيء هيقول أعتراف تحت التعذيب ..

تطلع له بضيق فهو يعلم صدق حديثه ليخرج صوته بأستسلام:_والحل ؟
رمقه بنظرة نارية كادت بقتله:_جاي دلوقتي وتسألني الحل ! الناس دول مش هيسبوك فى حالك ومش أنت وبس أنت عرضت مروج وعيلتك لخطر أنت فى غني عنه .
تسلل الخوف لقلبه حينما تسرب إليه ما سيحدث لمعشوقته فتطلع له بجدية قائلاٍ بخوف:_لا يا عدي كله الا مروج..
رمقه بنظرة غامضة توحى بثباته الدائم ليكمل طريقه بصمت ..

بقصر الجارحي ...
تجمدت الكلمات بل بترت حينما رأى ياسين الجارحي أمام عينيه،إبتلع ريقه برعبٍ لا مثيل له فربما عليه أن يعد ذاته لتابوت يقوده لمقبرة ستكون المأوى له ...
وضع الجميع عيناهم أرضاً بوقار لمن يقف أمامهم بينما تخشبت قدم حازم وهو يراه يقف بشموخ وثبات فقط نظراته من تجوب الجميع،كبت يحيي ضحكاته قائلا بمكر:_طب عن أذنكم يا شباب ..
إبتسم ياسين قائلاٍ بسخرية:_خد راحتك يا والدي ..
جاسم بصوت يكاد يكون مسموع:_أبوك خلع
معتز بشماتة:_يا عيني عليك يا حازم ..

تراقب حركاته بقلبٍ مرتجف ليقطعه صدى خطاه حينما أقترب منه،أزدادت رجفة قلبه ؛ فشعر بأنه على وشك التجمد من شدة البرودة التى أقتحمت جسده ! ..
وقف أمام عينيه بصمت كان له بمثابة الخنجر التالم إلى أن قرر قطعه قائلا بثبات:_واللي بتعمله دا هو اللي هيثبت كلامك ! ..
لم يفهم ما يود قوله فأسترسل ياسين حديثه:_لسانك أتبلع ولا أتحرق من شرارة العشق ؟!..
تعالت ضحكات جاسم فلكزه رائد بتحذير من أن يبدل ياسين الجارحي أتجاه غضبه عليه ...
جاهد بالحديث قائلاٍ بصوت متقطع:_أنا ...لا ...هو ...أصل ...اااه نسرين كلمتني وفاض بيها الأنتظار فقررت تفض الخطوبة وتشوف غيري فأنا قولتلها أبداً ميحصلش نعمل جوازنا واللي يحصل يحصل ...

تسلل الرعب لأوجه الشباب مما سيحل علي هذا الأحمق الكاذب،بدى ثبات ياسين الجارحي كالغيمة السوداء،بينما إبتلع حازم باقي كلماته بذهول وصدمة مما تفوه به فمن المؤكد أنها هلوسات من شدة الخوف فربما طالته القابضة للأرواح هى من أشادت به لذاك المطاف ...
تطلع له ياسين بشفقة ؛فتوجه للداخل مشيراً لهم بحذم:_هاتوا الحيوان دا وتعالوا ورايا ..
أخفض ياسين رأسه بأحترام:_حاضر يا عمي ..
وبالفعل جذبوه ولحقوا به للداخل ...

صعد الدرج متوجهاً لغرفته بلهفة اللقاء بها بعد أن ترك الجميع بالأسفل ولكن ربما شعر القلب به ؛ فاذا بالهاتف يعلن عن معشوقة الدرب ...
تمايلت عيناه على حروف أسمها ؛ فكأن الحروف تناشد أعوام من العشق والمحبة! ...
خرج صوته الصادق بكلماته:_وحشتيني ..
تنهدت بشوقٍ ود أن يعبر المسافات للقاء به ولكن سرعان ما عادت لغضبها المصطنع:_لو كنت وحشتك بجد كنت رجعت على طول بس الظاهر كدا أن القعدة هناك عجبتك ..

همس بخفوت بعدما أخفى هاتفه:_ممكن
كادت ملك بالحديث ولكنها صعقت حينما تردد الصوت بجوارها ؛ فأستدرات لتتفاجئ به ...نعم معشوقها ...عينيه تشع بعشقها الدائم،مازالت هناك روابط تجمع بيهم رابط لاطالما حُطم بين الكثير من العلاقات لعدم مقدرة الزوج بأن يحتوي زوجته العنيدة ولكن فعلها أحد عمالقة الجارحي ...
خرج يحيي عن صمته حينما رفع يديه يحتضن وجهها بحنان وصوته يفيض بالعشق:_مقدرتش أستنى لبكرة فطلبت من ياسين نرجع النهاردة ..
إبتسمت بسعادة ؛ فألقت بذاته بداخل أحضانه الدافئة:_وحشتني أوي يا يحيي بجد لو مكنتش رجعت النهاردة كنت هزعل منك بجد ..

طاف بذراعيه خصرها قائلاٍ بأبتسامته الوسيمة:_مقدرش على زعلك يا قلبي،ثم أكمل بغضب:_مهو إبنك لو كان سافر مكاني بس خلع بالذكاء قال أيه لازم يكون جانب مراته عشان حامل ..
تطلعت له بنظرة ساخرة كأنها تذكره بما كان يفعلع بالماضي ؛ فأنهي كلماته ببسمة ماكرة:_مهو أنا كنت بهتم بيكِ ..
أجابته بمكر:_ وهو بيعمل نفس الشيء ..
قربها إليه بخبث:_أنا بقول نغير السيرة ونتكلم فى اللي يخصنا ..
إبتسمت بخجل وسكنت بين أحضانه بصمت ...

بالأسفل ..
ولج ياسين  لغرفة مكتبه الخاص ؛ فولجوا جميعاً خلفه بخوف،جلس على مقعده يتفقد حاسوبه الخاص بشركاته بالقاهرة بثبات ساق بهم لأوضاع مزرية وخاصة حازم حتى قرر الحديث أخيراً:_أخبار صفقة الحديد أيه ؟ ..
أسرع رائد بالحديث:_كله تمام وعمي أدهم وحمزة موجودين هناك زي ما حضرتك طلبت أما بابا فبيتمم على المصانع ..
رفع عيناه المذهبة إليهم قائلاٍ بجدية:_وصلني التطورات اللي عملتوها بالمقر ..
أرتعب ياسين ومعتز ورائدو جاسم فتراقبوا حديثه بأهتمام لمعرفة هل نالت أعجابه أم غضبه ؟ ..

أشار لهم برأسه بهدوء ليبدي أعجابه:_تنظيم زي دا فى وقت سفري يعني حوالى أسبوع فترة قليلة شابو .
أبتسموا بفرح ليكمل حديثه ببعض الحدة بعدما أبدل نظراته لحازم:_ياريت تركز فى شغلك زي ولاد عمك وتسيبك من دور العاشق الولهان دا بدل مأنت عارف هتصرف معاك أزاي؟
إبتلع ريقه بخوف:_أعتبره حصل
أشار له بالأنصراف ؛ فغادر على الفور ليشير بيديه للمقاعد المقابلة له ليسرعوا بالحديث لمعرفة ما يود قوله ..

رفع عيناه من على الحاسوب إليهم بنظرات جادة أستمرت لبعض الوقت ؛فكانت لهم أشارة بجدية ما سيتفوه به:_أنا عارف أن معاملتي معاكم ممكن تكون جافة شوية بس دا اللي المفروض أعمله أنتوا هتكملوا مسيرة أعمالنا وكل اللي تعبنا فيه لسنين فمش عايز أسمنا يتهز لأنه لو حصل صدقوني هتشوفوا شيء مش هيعجبكم متستغربوش كلامي دا أنا فى يوم كنت أتمنى أني أغير قرار أخده عمر بأنه يكون دكتور وأخده عدي بأنه يكون ظابط شرطة بس للأسف أحنا ربناكم على الحرية فى الأختيار وأنتوا أختارتوا تنضموا لينا فى الشركات يبقى لازم تكونوا قد قرارتكم ولا أيه ؟...
إبتسم النسخة المقربة إليه قائلاٍ بثقة:_متقلقش يا عمي أحنا قداها ..

إبتسم على هكس عادته بالحديث معهم:_دا المتوقع يا ياسين واللي أنا واثق فيه ..
تدخل رائد بالحديث:_فى موضوع كنت منتظر حضرتك لما ترجع عشان أفاتح حضرتك فيه ..
ضيق عيناه بأستغراب:_موضوع أيه ؟
أستكمل حديثه:_حضرتك عارف أننا مضينا العقد مع الشركة اللي من ألمانيا .
أجابه بثبات:_والجديد ؟!

تطلع رائد لجاسم فأكمل هو:_الجديد أن فى حد كان بيحاول يستدرجها عشان تلغي العقد معانا لصالحهم بس طبعاً رفضوا رفض قاطع أنهم يلغوا عقد أتعمل بصعوبة مع أمبراطورية الجارحي ..
معتز بحيرة:_الغريبة فى الموضوع مين اللي جيتله الجرأة يحاول يأخد عقد أتمضي مع شركاتنا ؟ ..
أستند برأسه على مقعده وبسمة الثقة تحتل وجهه مردداً بتسلية:_هتعرف قريب لما تسمع عن أفلاسهم ..
علت بسمات الأعجاب وجوههم فأشار لهم ياسين بهدوء:_حد لسه حابب يضيف حاجه ..
بدى صمتهم بالأجابة فأشار لهم بالأنصراف وكذلك فعلوا ...

بالخارج ...
صف أحمد سيارته بعدما أحضر ما طلبه  ياسين الجارحي  وعاد بصحبة رعد للقصر ؛ توجه رعد للداخل بينما توقف أحمد حينما رأي سيارة عدي ...
أقتربت السيارة من القصر ؛ فأسرع الحراس بأستقبال عدي الجارحي  بأن أسرعوا بفتح باب القصر العملاق، ليصف سيارته بأهمال فيتوالى الحارس زمام الأمور ..
توجه للداخل بخطاه المتزن ليلحق به مازن بنفاذ صبر:_أنت هتسبني كدا لحد ما يعملوا فى عيلتي حاجه ؟

خلع نظارته بنفاذ صبر:_قولتلك ألف مرة أنا لو أعرف هما مين كنت خلصت عليهم بدون أذن قانوني وأنت عارف كدا كويس وقولتلك أن الحيوان اللي مرمي فى السجن دا محدش يعرف أنه أتسجن لأنه الوحيد اللي عارف هما مين لكن سيادتك مسمعتش كلامي وعملت فيها بطل وصورتله مقطع وهو بيتعذب وبيعترف على نفسه بجرايم راح ضحاياها مكنش فى دماغك أن فى وراه مافيا كاملة وبرضو مقدرتش تفهم أننا منعرفش مين شغال معاهم بالقسم والدليل أنهم قدروا يعرفوا أنك أنت اللي ماسك القضية ! ..

كل اللي حصل دا أنت السبب فيه ...
أقترب منهم أحمد بشك:_أنتوا بتتخانقوا ؟ ..
لم يجيبه أحداً ؛ فتطلع لعدي بهدوء:_فى أيه يا عدي؟ ..
جذب جاكيته وتوجه للداخل قائلاٍ بحدة:_خلي الأستاذ يحكيلك ..
وتوجه لصعود الدرج ولكنه توقف على صوت والده:_كنت فين ؟ ..
استدار بوجهه ؛فهبط للأسفل بثبات:_حمدلله على سلامة حضرتك ..
:_مجاوبتش عليا ..كنت فين ؟

قالها ياسين بحدة فألقى عدي جاكيته على الأريكة بضيق:_كنت فى حفلة وأكيد حضرتك عارف كدا ! ..
أقترب ليقف أمام عيناه بنظراته الغامضة:_وبعد الحفلة ؟ .
زفر عدي بغضب:_كنت بتمشي شوية بالعربية لو حضرتك معندكش أعتراض ؟
تبدلت نظراته بحمرة فتكت بهدوء عيناه ليخرج صوته الحاد:_أولاٍ قولتلك ألف مرة لهجة السخرية دي متبقاش معايا ..ثانياً هروبك من مشكلتك دا أكبر دليل ضعفك وأنا إبني مش ضعيف ومحبش أشوفه كدا ..

أستدار سريعاً:_أنا راجع تعبان لو ممكن أطلع أرتاح ..
جذبه بقوة ليلتقي بشرارة عيناه قائلاٍ بغضب:_تعبان ولا بتتهرب من الكلام معايا
كاد بالحديث ليشير له ياسين بالصمت:_متحاولش تألف أيه حوار لأنك عارف كويس أن كلامك دا مش فارق معايا...
خرج رعد من غرفة مكتب ياسين مسرعاً حينما أستمع لصوته المرتفع فتفاجئ بما يحدث ...
عدي بغضب والألم يصاحب صوته الحامل للآنين:_ليه محدش قادر يفهمني ولا يحس بيا أنا مقدرش أكون جانبها وأنا عارف أنها ممكن تموت ..سيبوني أعيش اللي فضلين على أمل أني أقدر أعيش بعد كدا من غيرها ..

قطعه صوت أبيه الحاد:_ليه تقرر ليها الموت أنت دخلت فى علم ربك ؟ ..
تدخل رعد سريعاً:_خلاص يا ياسين سيب الولد يرتاح الوقتي وأتكلموا بعدين ..
أشار له ياسين بحدة:_لا يا رعد النقاش فى الموضوع دا طول أوي ولازم يكون له حد والنهاردة ..
بغرفة آية ..
كانت دينا تجلس جوار شقيقتها تتبادل الحديث بينهما كالمعتاد إلي أن أستمعوا جميعاً لما يحدث بالأسفل ؛فتوجهوا للأسفل ...
آية بقلق:_فى أيه ؟

هدأ ياسين قليلاٍ حينما وجد الخوف ينهش عيناها:_مفيش أطلعي فوق .
أشارت نافية:_مش هتحرك الا لما أعرف فى أيه ؟
رعد بهدوء:_مفيش يا آية بيتكلموا فى موضوع رحمة
تدخلت دينا بهدوء:_تعالي نطلع أحنا يا آية
تركتها وتوجهت لتقف أمام عدي قائلة بدموع:_ يا ابني حرام عليك أنت ناوي تعمل فى البنت أيه أكتر من كدا ! ..أنت مشفتش وشها بقا عامل أزاي ؟ ..
لو مش عشانها فعشان خاطر اللي فى بطنها ..

إبتسم بسخرية:_هى اللي عايزة كدا خليه ينفعها بقا ..
صرخت به بغضب ودموع تغدو وجهها لتغمره كاللهيب:_أنت أيه اللي حصلك مش معقول أكون أثرت فى تربيتك كداا، أنت جبت القسوة دي منييين ؟ ...خلاص مبقاش فى قلبك ذرة رحمة مب...
أنقطعت باقي كلماتها حينما أحتضنت رأسها بيديها لتشعر بالعالم يطفو بها فأذا به يحتضنها من السقوط كعادته..

هرع عدي إليها بلهفة ولكنه تخشب محله حينما حملها ياسين بنظرة كادت أن تقتله أن أقترب أكثر من ذلك ليصعد بها للأعلي، رفع رعد يديه على كتفيه قائلاٍ بحنان:_أنا مقدر اللي أنت بتمر بيه يا عدي بس صدقني هتندم راجع نفسك قبل ما الوقت دا يجي ..
وتركه وجذب معشوقته برفق ثم صعدوا للأعلي ليلقي بذاته على الأريكة بأهمال وعيناه تجوب الدرج المودي لغرفتها بألم ...

بحديقة القصر ..
أنتظر حتى أنهى حديثه ليخرج صوته الحامل للصدمة:_ معقول أنت غبي للدرجادي يا مازن ! ..أزاي تعمل كدا ؟
زفر بغضب:_أنت كمان هترميلك كلمتين ..
كاد أن يجيبه ولكن صوت هاتفه لفت أنتباهه ؛ فأخرجه ليجد رسالة من عدي يخبره بها أن يدلف للداخل ومعه مازن ...وبالفعل أخبره بها فتوجهوا للداخل ..

بالأعلي ...
ولج للداخل ؛ ليجدها غافلة على حافة التخت الصغير ؛ فأقترب منها وعيناه تتعلق بها أكثر فأكثر، أنحني لمستواها يتأمل ملامح وجهها عن قرب، فقرب أصابع يديه من وجهها برفق يزيح تلك الخصلات المتناثرة علي عيناها ...
ظل هكذا يتراقبها ربما لدقائق طالت عليه كأنه شارد بعالم بأخر أنقطع بصوت ضحكات أعادته للواقع،أستدار رائد ليجد صغيره يلهو بيديه الصغيرة بحركات تمثلت بالبراءة والطفولية ..

أقترب منه ؛ فحمله بين ذراعيه ليقبل رأسه الصغير قائلاٍ بمرح:_الساعه 2 حضرتك ناوي تنام أمته ؟ ..
زمجر الرضيع فأبتسم رائد بسخرية:_بسأل للأمان بس غير كدا خد راحتك ..
وأعاده لفراشه ثم داثره جيداً ليحمل زوجته الغافلة على المقعد بجوار التخت المهتز لفراشها ثم تمدد جوارها ؛ فأغلق الأنوار وكاد أن يغفو ولكن أستمع لصوت إبنته تصيح بخوف:_مامي ...

أسرع لغرفتها الصغيرة الملتصقة بالغرفة ليرى ماذا هناك؟ ..
فولج قائلا بلهفة وهو يقترب من الفراش:_فى أيه يا مريم ؟
تعلقت برقبته بخوفاً طفولي لرؤيتها حلمٍ مخيف:_وديني لمامي أنا خايفة أنام لوحدي ..
مسد على ظهرها بحنان:_ليه يا حبيبتي مأنتِ كل يوم بتنامي لوحدك ..
بدأت بالبكاء:_فين مامي ؟
حملها قائلاٍ بلهفة:_خلاص متبكيش ...

وحملها للغرفة فرفع الغطاء ليضعها برفق ثم تمدد جوارها فتسللت الصغيرة لأحضانه فما أن شعرت بالأمان حتى غاصت بنوماً عميق ...
كاد رائد بالنوم هو الأخر ولكن على صوت الرضيع بالغرفة ! ..
فتح عيناه بغضب:_لا أنتوا كدا مستقصدني ..
ونهض عن فراشه ليحضر الرضيع هو الأخر ليحتضنهم بحنان حتى غفلوا جميعاً بأحضانه ...

بالأسفل ...
تطلع له عدي بثبات:_الأسطوانه دي تختفي من القسم زمن الافضل تكسرها وسبلي انا الباقي ..
مازن بهدوء:_ هتخلص منها ..
أحمد بتأييد:_هو دا الصح وبلاش تستعمل الطريقة دي تاني
تركهم عدي وصعد للأعلى فرقبوه بحزن تسلل لقلوبهم ...

فتحت عيناها بتعب لتجده يجلس بثبات لجوارها على الفراش،ألتزمت الصمت والدمع يلمع بعيناها ؛ فتطلع لها بعتاب:_مش قولتلك ألف مرة دموعك دي متنزلش أبداً ..
خرجت عن ثباتها بالبكاء قائلة بصعوبة بالحديث:_غصب عني يا ياسين رحمة صعبانه عليا أوي ..
زفر بغضب:_إبنك مش ناوي يجبها لبر وأنا خلاص أستعملت معاه كل طرق النقاش لكن لحد كدا وهيشوف هعمل فيه أيه ؟
استدارت بوجهها بخوف:_ناوي على أيه ؟ ..

رأي عيناها بدموعٍ كادت أن تقتله فرفع يديه يزيحها بقوة قائلا بعشق:_ناوي أفوقه ...أعرفه يعني أيه زوجة قبلت تضحي عشان زوجها،هشرحله أد أيه أنا أتوجعت قبل كدا عشان مقدرتش أحدد قيمتك صح،هفوقه يا آية
شعرت لوهلة بأنها تصنمت محلها بفعل قوة مغناطسيه نعم فعيناها منحصرة بين لون عيناه الذهبي وبين دفئ كلماته ...طال الحديث وهى تتطلع لعيناه كأنها فى دفوف ذكريات الماضي بعدما أعادتها كلماته له ...

أنتبه لها فتوقف عن الحديث بأبتسامة خبث تنير وجهه:_بتبصيلي كدا ليه ؟
أجابته دون وعي كالدمية المتحركة على خطى من يتحكم بها:_بحاول أحدد لون عيونك!...
أقترب منها قليلاٍ قائلاٍ بنبرة هامسة:_وعرفتي ؟
أشارت له بالنفي ؛ فأبتسم بمرح:_كان ممكن أساعدك لو سألتيني فى يوم من الايام ..
عادت لرشدها سريعاً فأشاحت عيناها عنه بخجل كاد أن يقتلها ولكن لمساته الرقيقة جعلتها تنسحب معه بلطف لعالمه الخاص ...

قدميه ثقيلة تأبى الخضوع إليه فحاول جاهداً أن لا يستمع لنداء القلب ولكن هيهات لم يكن قوياً بما يكفي ...
ولج لغرفتها بعين تبحث عنها بأشتياق كأنها لم تكن أمام عيناه منذ قليل،تسلل الآنين لقلبه فزداد وجعه أضعافاً حينما وجدها غافلة على الأريكة وأثر البكاء يحتل وجهها، أقترب منها عدي بخطى مرتبك بين الأقتراب والأبتعاد عنها ...بين أن يضمها لصدره وبين الآلآم الذي يحاول جاهداً أن يعتاد عليها ..
أنحنى يتأمل وجهها بنظرات غامضة تكن العتاب،أراد أن يوقظها ويصرخ بها بقوة ليعنفها عما أرتكبته ...
أنسحبت نظراتها على بطنها المنتفخة فشعر بالغضب ببدأ الأمر ولكنه لم يستمر طويلاٍ ...

حملها بين ذراعيه برفق ثم وضعها بالفراش،جلس جوارها يمسد على شعرها الحريري بعشق فردد كلماته بألم:_ليه يا رحمة ؟
أنا مستهلش منك كدا ..الكل بيعاملوني على أني قاسي ميعرفوش أنا بمر بأيه أو بحس بأيه عشان أكون كدا ! ..
وقبل رأسها بأعين متلهفة لقربها من ذاك القلب قائلاٍ ببعض الحدة:_كأنك بتتعمدي تجرحيني كل مرة وأنا لازم أتحمل حتى لو الألم دا فوق طاقتي ..
وأغلق عيناه بقوة كأنه يحاول التحكم بذاته ...

وضع يدها أسفل الغطاء ثم توجه للخروج ولكنه توقف حينما أستمع لصوتها الباكي:_ما تسبنيش يا عدي
فتحت عيناها بخفوت لتهوى الدمعات على وجهها وهي تتراقب من يوليها ظهره بثبات،ظلت تتأمله ونظراتها تحمل الرجاء بأن يستدير ويقترب منها ليمحو دمعاتها كما أعتادت منه ولكنه أغلق عيناه يكبت ألم القلب لدمعاتها ومن ثم خطي للخارج صافقاً الباب بقوة لتزداد هي بالبكاء ...

عاد مازن لمنزله وبداخله خوفاً من القادم فلم يعبئ يوماً على ذاته ولكن ماذا لو حدث مثلما أخبره به عدي ووقعت معشوقته ضحية ما فعله ؟ ..
خلع جاكيته وألقي به على المقعد ثم ألقي بذاته على الأريكة بأهمال، يده تعتصر رأسه كأنه يود أيقاف تلك الأفكار التي تلاحقه ولكن دون جدوي فالأمر يزداد سوء ...
خرجت مروج من غرفتها بأستغراب لسماع صوت سيارته ولكنه لم يتجه للغرفة كعادته،وجدته يجلس على الأريكة فتسلل الخوف لها من جلسته المخيفة فأسرعت إليه بنبرة تسعى لأن تكون لطيفة بعض الشيء:_ أنت رجعت أمته ؟

رفع عينيه لها بصمت قطعه بعد قليل:_من شوية ..
جاهدت لرسم البسمة الزائفة لرؤيته هكذا:_أجهزلك العشا ؟
نهض عن الأريكة ثم حمل جاكيته متجهاً لغرفته:_ماليش نفس
توقفت محلها تتأمله وهو يبتعد للغرفة والدهشة تعلو معالم وجهها فأتبعته بخطى مرتبك حينما وجدته يبدل ثيابه ...

تطلع لها بنظرة متفحصة فعلم ما يجول بخاطرها ؛ فأرتدى القميص ثم توجه للفراش قائلاٍ بأبتسامة زائفة:_مفيش يا حبيبتي راجع تعبان من الشغل وكان عندي حفلة أنا وعدي فأكلت معاه بره ..
أقتربت منه بتفحص:_الحقيقة دي صح ؟
أستقام بجلسته قائلاٍ ببسمة خبث:_مش بخونك على فكرة
ضيقت عيناها بغضب فجذبها لتسقط بأحضانه فحاولت ان تلكمه ولكن لم تتمكن من ذلك ...

تخفي القمر بين دفوف السحاب ليعلن عن ضوءاً ساطع ليوماً جديد وتاجها الشمس المنير ...
بغرفة ياسين ..
فتحت عيناها بصعوبة ؛ فنهضت عن فراشها بفزع فأخر ما تتذكره جلوسها على المقعد بأنتظاره ..كيف أنتقلت للفراش ؟! ..
بحثت بعيناها عنه بالغرفة فلم تجده فنهضت تبحث عنه بغضب وقلق بذات الوقت! ..
جذبت هاتفها تحاول الوصول إليه ولكن كانت المفاجأة لها أن الهاتف بالجناح،تتابعت مليكة صوت الهاتف حتى وصلت لغرفة المكتب ؛ فولجت للداخل لتتفاجئ به يعمل علي عدد من الملفات ولجواره أكواباً من القهوة الفارغة فيبدو أنه قضى ليله بالعمل عليهم ...

أنتبه ياسين لها فخلع نظارته بأبتسامة زادت من وسامته:_أنتِ صاحيتي يا حبيبتي
أقتربت منه قائلة بسخرية:_وأنت هتعرف أنا صحيت ولا لا أزاي وأنا أخر أهتمامات سعاتك !
زفر بملل لعلمه ما ستقوله ؛ فجذب الحاسوب وأستكمل عمله حتى يتجنب المشاجرة اليومية ..
تطلعت له بغضباً كاد أن يقتلها ؛ فطرقت بيدها على سطح المكتب بغضب:_أنا بكلمك متحاولش تتجاهلني
زفر بغضب ؛ فخلع نظارته قائلاٍ بهدوء:_لما تتكلمي بدون سخرية مش هتجاهلك
صاحت بعصبية:_والمفروض أتكلم معاك بأي طريقة أنت تقريباً معتش شايفني ..

تطلع لها ببرود:_أمال شايف مين ؟ ..
جذبت الملف من أمامه قائلة بصوتٍ يحمل شرارة تكاد تحرقها:_مش شايف غير دول أنا مش عارفة أنا فين من حياتك وبجد زهقت من طريقة أ ...
ااااه
قطعت كلماتها بصرخه قوية وهى تحتضن بطنها المنتفخة بألم، أرتعب حينما على صراخها فأسرع إليها ليحملها للداخل بغضب:_الدكتور قالك ألف مرة العصبية غلط عشانك وأنتِ مفيش فايدة
وضعها على الفراش فأعتدلت قائلة بدموع:_أنت اللي بتعصبني يا ياسين حرام بجد كل وقتك شغل شغل حتى فى البيت طب أنا فين من كل دا ؟! ..

تطلع لها بثبات ثم رفع يديه يجفف دموعها بحنان على عكس نظراته الغامضة:_عارف والله يا حبيبتي أني مقصر معاكِ جداً بس صدقيني غصب عني شغل المقر كله عليا أنا ورائد، معتز وجاسم يدوب مماشين الشركات بالعافية وأحمد أغلب الوقت بأيطاليا لأنه هو اللي يعرف يمشي الأمور هناك ..
ثم تنهد قليلاٍ كأنه بحيرة من أمره بأخبرها الأمر فتطلعت له بأهتمام ليسترسل حديثه:_لو باباكي عرف أني بكمل شغلي هنا أعتبري ناقوس الحرب أبتدت ..
ضيقت عيناها بعدم فهم فأكمل حديثه:_عمي ياسين بقاله فترة بيلح عليا أنه يضم عدي لينا فى المقر
:_وشغله ؟

قالتها مليكة بفزع فأجابها بقلق:_دا اللي خوفت منه لأن عدي مستحيل يتخلي عن شغله بالسهولة دي وبالتالي المشاكل هتبدأ بين تحدي ياسين الجارحي وعناد أخوكِ عشان كدا بنجيب أنا ورائد أغلب الشغل هنا عشان عمي يشوف أننا قادرين ندير المقر بدون حد تالت معانا ..
لمعت عيناها بالدمع وهى تتأمله بنظرة تلمع بالوقار والأعجاب لزوجها،فربما تشعر الآن بالندم لما فعلته منذ قليل ...
أرتمت بأحضانه قائلة بنبرة تحمل الندم:_أنا أسفة يا ياسين أنا أنانية أوي على عكسك بتفكر فى غيرك ..

أخرجها من أحضانه بأبتسامة مشاكسة:_كنت أنا الأناني من شوية ! ..
لكمته بغضب فتعالت ضحكاته بسخرية:_أدعيلي بس مقعش ضحايا فى أيد أبوكِ لان وقتها مش هيعتبرها جدعانه لا دي خيانة عظمي وعقابها عسير
أنفجرت ضاحكة فشاركها ببسمته الهادئة ..

بالأسفل ...
تجمعوا جميعاً على المائدة العمالقة بأنتظار أنضمام ياسين الجارحي  إليهم، وضعت الفتيات الطعام الذي أعدته آية بمساعدة من نور ورانيا على طاولة الطعام فأبتسموا بخجل من نظرات تحيل بهم ! ...
زفر حازم بغضب:_ ما تحترموا نفسكم بقا على الأقل أحترموا الناس الكبرة دي ..
وكان يتحدث وهو يشير على عمالقة أسطورة الجارحي
فأبتسم أدهمبمكر:_وحد قالك أننا متضايقين ؟!
حمزة بسخرية:_وأنت مركز معاهم ليه ؟ ..فالح أوي زي أبوك بكره تتنيل ياخويا مستعجل على الهم أوي ! .

عمر بمشاكسة:_عنك يا طنط تالين
سعل حمزة بقوة وهو يرتشف العصير فتعالت ضحكات نور قائلة بمرح:_متقلقش يا عمي فريق البنات هو اللي مسؤال عن السفرة وبرضو التأمنيات يعني لو طنط تالين خرجت هديك أشارة خد راحتك بالكلام ..
إبتسم قائلاٍ بغرور:_ولو جيت يعني يا بنتي أنا ميهمنيش حد ..
حازم بسخرية:_الله يرحم
ثم وجه حديثه ليحيي:_وحياتك يا عمي تمسك الكرسي بتاع أبويا كويس لنلقيه من كتر الفشر بيطير لوحده ..

تعالت الضحكات الرجولية فيما بينهم بينما رمقه حمزة بنظرة نارية قائلاٍ بغضب:_ماشي طب وحياة جدك مأنت متجوز الوقتي خاليك كدا تنسل على ولاد عمك ليل نهار ..
رائد بمكر:_طول عمري أقول العزوبية ثروة لا يقدرها أحد ..
تعالت ضحكات جاسم بسخرية:_لا مهو حازم هيقدرها كويس
معتز بخبث وعيناه تطوف بحازم:_يا حرام حازم بيطلع دخان من عيونه
خرجت أسيل بالأطباق فأسرع إليها أحمد قائلاٍ بهيام:_ عنك يا روحي
إبتسمت بخجل فزفر حازم قائلاٍ بغضب لأدهم:_بنتك بتتعاكس يا عمي ..

أكمل تناول طعامه بأبتسامة هادئة:_جوزها ويأخد راحته وبعدين أنت هتفضل مركز مع كل واحد ومراته ولا أيه ؟ ..
حازم بصدمة:_يأخد راحته أزاي ؟ بقولك بيعاكس بنتك المفروض تقوم ترزعه قلمين ولا حاجه !
رفع أدهم يديه بتحية:_منور يا أبو حميد
تابع رعد الحديث الماكر وعيناه تتنقل بين الشباب:_خدوا راحتكم يا شباب أحنا مرينا بالمرحلة دي
تعالت ضحكات يحيي قائلاٍ بصعوبة بالحديث:_ما بلاش أنت يا رعد أنت تقريباً شهور جوازك الأولى كانت كلها تحقيقات فى مواضيع الخيانات يا مشاكل جديدة بنحاول نحلها ..

تعالت ضحكات عز هو الأخر:_متفكرنيش حمزة كان عامل الواجب بينه وبين دينا
رعد بسخرية:_على أساس أنك فلت من أيده !
تعالت ضحكات أدهم  بغرور:_أنتوا رجاله خرعه طول عمركم ..
عز بسخرية:_أممم بأمارة السكرتيرة اللي كانت هتحضر هنا للشهادة ..
لوي فمه بسخط فتعالت ضحكات يحيي قائلا بصعوبة:_شكلكم وحش أوي الصراحه
شاركهم الشباب الضحك حتى الفتيات التي أنضمت إليهم،هبط ياسين الجارحي للأسفل فكفوا عن الضحك ثم تناولوا طعامهم بهدوء ...

بعد قليل هبط عدي فتوجه للخروج غير عابئ بهم ولكنه توقف على صوته الحازم:_على فين ؟ ..
راقب الجميع الحديث بخوف فأستدار عدي بثبات:_على شغلي
أكمل ياسين طعامه بثبات:_أطلع هات مراتك وتعالوا أفطروا معانا ..
قرب ساعة يديه من عيناه فقال وخطاه يقترب من الباب:_أتاخرت ..
خرجت الكلمات من فاهه بحذم:_أظن سمعت كلامي كويس ..
توقف محله والجميع نظراتهم تزداد رعباً فيما يحدث بين الأسد وإبنه العنيد ...

صعد عدي للأعلي بغضب ؛ فولج لغرفتها، فزعت رحمة للغاية حينما أنفتح الباب على مصرعيه لتجد معشوقها أمام عيناها فأذا به يقترب منها بخطى سريع كحال قلبها المرتجف وآذنيها المترقبة لما سيقول ! ..
جذب الحجاب الموضوع على الأريكة ثم وضعه على خصلات شعرها الحريريه بأهمال ليحملها بين يديه سريعاً حتى لا تتعلق نظراته بها، تعلقت بين رقبته وعيناها تتأمله عن قرب ببسمة أشتياق فلم ترمش لها جفن وهى تتأمله هكذا ...

هبط للأسفل فأسرع عمر بجذب أحد المقاعد ليضعها عدي عليه ومازالت يدعا متشبثة بعنقه وعيناها متعلقة به،وضع يديها جوارها ونهض ليكون بمحاذاة ياسين الجارحي بعيناه القاسيتان قائلاٍ بحذم يفوقه:_أتاخرت ...
وغادر عدي بخطي سريع للغاية،تطلعت رحمة لياسين ببسمة فهمها جيداً فغمز لها بعيناه وبسمة جانبية خافتة كأنه يعدها بأنه هو من سيتمكن من حزم لجان إبنه العنيد! ...

بعيداً عن أجواء القاهرة ...بمكان مظلم للغاية ممتلأ بالسلاح والذخيرة ورائحة الدماء تفوحه كأنها من مستلزمات ذاك المكان اللعين ..
كان يقف وعيناه تجوب تلك الصورة العمالقة، يتأمل ملامحها بنظرة تحمل مزيج من الوعيد وأنتقام والشوق ..
رفع يديه يلامس الصورة بتقذذ قائلاٍ بنيران تتأجج لها الذكريات:_قريب هتكوني معايا وبين أيديا ووريني بقا مين هيقدر يحوشك مني ..
وعالت ضحكاته الحاملة للشر المكان كأنها الشاهد على دهاء هذا الشيطان ...

أسرع الشرطي بفتح باب المكتب بعد أن أدى تحيته العسكرية ؛ فولج للداخل قائلاٍ لمن يتابعه بغضب:_يعني ايه اللي بتقوله دا أنت مجنون ؟
أجابه مازن بعصبية:_زي ما بقولك كدا يا عدي الCD مش موجود فى المكتب أنا شيلته بأيدي فى الدرج معرفش أزاي أختفي كدا ؟!
جلس على المقعد بتفكير:_اللي أخدها أكيد عارف هيعمل بيها أيه ؟ ...بس الغريبة أزاي قدروا يوصلوا لمكتبك ! ..
جلس مازن بأهمال على المقعد قائلاٍ بأستسلام:_معتش فاهم حاجه يا عدي ..
رفع عيناه الغامضة:_بس أنا فاهم وفاهم كويس كمان ..
كانت كلماته تتشكل بالثقة لعلمه بما سيفعله هؤلاء اللعناء للنيل من مازن

بمنزل مازن ..
كانت تمشط شعرها أمام المرآة حينما وقعت عيناها على الظرف الأبيض المطوي ؛ فجذبته بتذكر أن الخادمة قدمته لها بالأمس، فتحت الظرف بفضول فتفاجئت بما به!..
أنكمشت ملامح وجهها بأستغراب:_بتاع أيه الCD دا ؟! ..
وحملته وتوجهت للحاسوب الخاص بها لتشعل الجمرة التي ستودى بقلبها ليتقلب الحال بعشقها فيصبح المعشوق كاللعنة القاتلة ! ...
ولكن هل سيقف مكتوف الأيدى وهو يرى رابط عشقه يتفكك أمام عينيه ؟
من هذا الرجل ؟
ماذا يخفي المجهول للعمالقة ؟
هل سيتمكن ياسين الجارحي من أنقاذ عائلته من المجهول ؟
بأحد الملاهي الخاصة بمدينه بأيطاليا ...
ألقي بكأس الخمر بغضب طاح بالزجاج أرضاً قائلاٍ بصوت مكلل بحقد دفن لأعوام:_ياسين الجارحي لقد سئمت من سماع ذلك الأسم اللعين ..ألم يحين الوقت لأن يصبح مجرد ذكرى لعينه ؟ ..
ثم أستدار جون ليكمل حديثه بعين مشتعلة نقلت له حجم غضبه تلك المرة:_أتعلم كم مرة أخبرتني أن مخطط قتله أنتهى بالفشل ؟

أرتعب من يقف خلفه منكوس الرأس من الخزي فجاهد للحديث:_كانت الأمور على ما يرام ولكن لا أعلم ما الذي حدث بالوهلة الاخيرة؟.. ولكني أعدك سيدي بأن تلك المرة سأنجح بالتأكيد ..
جابت على وجهه بسمة ماكرة فأقترب من المقعد المقرب للبار؛ فحمل كأس فارغ ثم رفع يديه بأشارة بسيطة ليسرع إليه أحد الرجال المطوفون للمكان بالأسلحة فملأ كأسه بالنبذ، أرتشف المحرمات بتلذذ ونظرة تجوب ذاك الرجل المتأمل له برعبٍ كأنه ينتظر حكم القاضي، ارتخت معالم وجهه قليلا حينما إبتسم جون ؛ فخرج صوته الماكر:_حسناً ...ولكن ...

قطع باقي كلماته بثواني من الصمت ثم بحركة سريعة جذب سلاحه الموضع على طاولة البار العملاقة ليسود صوت الطلق الناري المكان بأكمله ...
صرخ الرجل حينما أستقرت الرصاصة بالقرب من موضع القلب فسقط أرضاً وأخر ما تسلل لمسمعه باقي كلمات جون الأخيرة:_ كم ستمنحنا الحياة الفرص أيها الأحمق !...
وضع السلاح على الطاولة بأهمال ثم أستند على المقعد بأسترخاء ليترك باقي المهام لرجاله الذين حملوا الجثمان لمسواه الأخير الذي يليق بمن سالك طريق الفحشاء والمنكر فيصبح له أسيراً منهزم ! ...

بمنزل مازن ..
ولجت لغرفة مكتبه لتبحث عن حاسوبه بعد محاولتها البائسة بأشغال حاسوبها الشخصي، وضعت الاسطوانه بالحاسوب ثم أعتدلت لترى ما به بأهتمام ولكن كانت الصدمة كافيلة بجعلها كمن دوا جسدها سهام موقدة من النيران جعلتها كمن قذف بها عنوة بنيرانه الغاضبة ...
تبلد جسدها رجفة جعلتها ترتجف حد الموت،صراخ ...آنين ... توسلات رأتها بعيناها لرجل خيل لها برئ، رأته يستغيث ...يصرخ ...يناجي حتى يحصل على الخلاص من الموت المتسبب لها زوجها ! ...

معشوقٍ لا طالما نقل لها بلمساته حنان يكفى عالم بأكمله ها هو أمام عيناها بأبشع ما يكون ...
رفعت يدها تكبت صراخاتها المبتورة لرؤيته بتلك القسوة الذابحة، تراجعت للخلف بخطوات بطيئة عكست ما ودت فعله ...فكانت تود الركض بعيداً عن تلك الصراخات ...بعيداً عن تلك الحقيقة الشنيعة ...
:_مروج ! ..

صوتٍ صدح ليقذفها بقوة خارج ذلك المعتقل الناري ...
وضع مازن جاكيته على الأريكة بأستغراب لرؤيتها بغرفة مكتبه فأقترب منها بذهول:_بتعملي أيه هنا ؟ ...
تشنجت ملامح وجهها وهى تتأمله بنظرات رُسمت لها ما حدث منذ قليل ليزداد خوفها أضعاف ..
تطلع لها بخوف لرؤيتها هكذا فأسرع بالأقتراب منها ولكن أزداد الأمر سوءاً حينما تراجعت للخلف بزعر:_خليك بعيد متقربش ..

تخشبت قدماه وهو يرى حالة الزعر المتمكنه منها وخاصة حينما جلست أرضاً بدموع حملت الخوف الشديد منه قائلة برجفة بدت بصوتها:_أبعد من هنا ..
صُدم وهو يستمع لما تقوله ! ؛ فخطف نظرة سريعه على الغرفة فهو يعلم بأنها رقيقة للغاية فربما رأت شيئاً قذف بها لتلك الدرجة ...
وقعت عيناه على الحاسوب الخاص به فظن أنها ربما رأت فيلمٍ مرعب كعادتها ولكن لم يصل بها الأمر لهذا الحد ! ..ولكن لا بأس عليه تفادي الأمر ...
أقترب منها بهدوء:_تاني يا مروج مش قولتلك متتفرجيش على أفلام من دي ؟
أزداد بكائها فأستندت بلائحة يدها لتتراجع للخلف بخوف:_مش هستعمل اللاب بتاعك تاني ..

ضيق عيناه بصدمة من الأمر فعلم أن هناك شيئاً ما يفوق توقعته ليسرع إليها،أنحني ليكون على مستواها فرفع يديه يطوف بوجهها بحنان:_مالك يا حبيبتي ؟
صرخت بقوة غير متكافئة مع حالتها:_أبعد عني ..
ودفشت يديه بعيداً عنها لتستند على أحد المقاعد وتدلف مسرعه بالباب الملتصق بحائط المكتب لتغلقه سريعاً تحت نظرات صدمة منه ...
أما بدخل غرفتها ...

غزت الدموع وجهها فجذبت الرباط لتلملم خصلات شعرها بقوة ومن ثم جذبت ملابسها ترتديها بأرتجاف لتضع حجابها على رأسها سريعاً وتسرع بالركض كمن رأت شبحاً ما حتى أنها تعثرت بالطاولة بالقاعه فسقطت المزهرية لتتحطم بقوة كحال قلبها الضعيف ..
خرج مازن على صوت تحطيم الزجاج فكاد بالتوجه للغرفة ولكنه رأها بأسفل الدرج تتوجه للخروج ..
هبط الدرج سريعاً قائلاٍ بأستغراب:_مروج !، رايحه فين؟
إبتلعت ريقها بخوف شديد فأستدارت لتكمل طريقها ولكنها شهقت رعباً حينما رأته أمام عيناها وقد بدء الغضب بالتمكن منه فخرج صوته بحدة:_أنا مش بكلمك وبعدين أيه اللي مخليكي مفزوعه بالشكل دا ؟! ...

صوته المرتفع حصد لها نتائج السوء فأزدادت رجفتها،أزداد خوفه بما يحدث معها أضعافٍ مضاعفة فرفع يديه ليقربها من صدره ولكنها أحتضنت وجهها سريعاً ظناً من أنه سيوسعها ضرباً، مرت تلك اللحظة عليه كالمياه المثلجة التى أكتسحت جسداً فشلت حركته من شدة برودتها ...
تطلع لها وهى تزداد بالنحيب وجسدها يتشنج بقوة ...ماذا ؟! ...أتخشاه محبوبته ؟ ..ولكن ماذا فعل ليستحق ذلك ؟! ..
جاهد كثيراً ليخرج صوته المكبوت بعد أن خطى للأمام ليكون علي مقربة منها:_ أنتِ خايفة مني ؟! ..
كفت عن الخطى حينما لامس خصرها الحائط فعلمت أنه لا مفر من موجهة عيناه ولكن هيهات صرخات ذلك الرجل جذبتها لمعتقل حبيس لصرخاته هو ؛ فأغلقت كلتا الأذنين بيدها وصرخها يطوف المكان:_كفايااا ...

تعالت شهقات بكائها لتستقر أرضاً مغشي عليها بعد عناء المواجهة بين ما رأته وبين حقيقة عشقها المتيم ولكن أنتصر الخوف ليهزم القلب ويعلن ضحاياه !...
أسرع إليها مازن بلهفة ليسند رأسها على صدره فربما أن كانت قد أستعادت الوعى لأستمعت لخفق القلب المجنون بعشقها المبجل ! ...
حملها للأعلى برعب وهو يصيح عالياً بالخادمه التى خرجت على صوت الأرتطام:_أطلبي الدكتورة بسرعه ..
انصاعت له فركضت للهاتف بينما أكمل هو طريقه للأعلي حاملا بين يديه ماسته الثمينه ...

بقصر الجارحي ..
حملت الفتيات الأطباق للمطبخ بضحكات ينتابها الحديث النسائي المتكرر بينهم ؛ فحملت رحمة أحد الأطباق لتعاونهم ولكن سريعاً ما تعرضت للتوبيخ من نوركالعادة:_قولتلك ألف مرة متعمليش حاجة أنتِ تقعدي أنتِ ومليكة وشروق فى جانب وأنا وباقي الفريق هنقوم بالمهمة دي ...
وتطلعت لهم بمرح:_مش كدا ولا أيه ؟ ..
تعالت ضحكات أسيل:_اللي تقوله يا ريس ...
مليكة بغرور:_حيث كدا بقا عايزة شوكلا بالحليب ...
رمقتها رانيا بنظرة ماكرة:_أممم دخلنا فى الغرور ...

نور بمرح:_بين كدا ...طب أيدكم معانا يا شباب نشوف موضوع الشوكلا دا ؟ ..
وكادوا بالأقتراب منها فنهضت سريعاً:_هأخد رحمة والبت داليا ونقعد هناك ...
رانيا بسخرية:_كدا تعجبيني ..
علت ضحكات رحمة بعدم تصديق لما يحدث فأتبعتها للأريكة بينما توالت الفتيات مهام حمل الطعام ...
داليا بأبتسامة هادئة:_والله أنا خايفة عليكي يا مليكة الشوكلا دي هتخليكي زي الفيل أمسكي نفسك حبتين ...

رمقتها بنظرة نارية:_وأنتِ مالك ياختي كان حد أشتكالك وقالك واكلة أكله مثلا
زفرت رانيا بغضب وهى تحمل أخر الأطباق:_أنا بقيت أخاف أبصلكم على الصبح مودي بيتقلب 180 درجة ..
إبتسمت نور  بخفة:_سبيها يا داليا هي أكيد بعد ما تولد هتلحق نفسها قبل ما تبقى زي الديناصور ..
تعالت ضحكات رحمة  فألقت مليكة وسادة الاريكه بغضب:_الظاهر أن أنا اللي عليا الدور بالتحفيل فختصر الموضوع وأخلع ..
وغادرت بعد أن رمقتهم بنظرة كادت بقتلهم ...

أقتربت أسيل  من رحمة فجلست جوارها قائلة بأرتباك:_قولتي لعدي يا رحمة ؟
بترت ملامح المرح من وجوههم وبدت الجدية والترقب السائدة فأسرعت نور بالحديث:_ما بلاش نتكلم بالموضوع دا يا أسيل
كبتت دمعاتها قائلة بقوة مصطنعه:_سبيها يا نور، وأستدرات بوجهها لتكون مقابلها:_لا يا أسيل ومش هقوله ..
وصمتت قليلا لترفع صوتها بعض الشيء بآنين خافت:_مش شايفه أن الموضوع هيفرق معاه إذا كان هيجيله تؤام أو لا فعادي مش هتفرق أن عرف ولا لا
تسرب ألمها إليهم لتسرع رانيا بكبت دمعاتها قائلة بأبتسامه ذائفة:_تموتوا فى النكد مش بقولكم فقر ..
شاركتها نور بمخططها لأخراج رفيقتهم مما هي به:_أنا بفكر النهاردة نخرج كدا كلنا نغير جو ...

داليا بتأييد:_فكرة والله بس فين شروق ؟ ..
أشارت بوجهها تجاه القاعة البعيدة بعض الشيء عنهم:_أهي يا ستي
على بعد مسافة ليست ببعيدة عنهما ..
شعرت بدوار يهاجمها ؛ فأستندت بذراعيها على أحد المقاعد ويدها تحتضن جنينها بخوفاً من أن تهوي أرضاً فيتأذى ! ...
على مقربة منها ..كان يجلس جاسم'ومعتز وعمر يتبادلان الحديث المرح حول المخطط الذي أنشأه معتز بناء على رغبة أبيه ..

جاسم بسخرية:_ياريت تتعلم من باباك شوية يا معتز لأنه بذل مجهود كبير عشان تتعلم منه وأخرهم أنك تحضر عيد الميلاد بنفسك ..
تلون وجهه بالغضب فشاركهم عمر المرح قائلاٍ بسخرية:_يا ابني معتز عنده أهتمامات أكبر من الرومانسية والكلام الفارغ دا ...
تطلع لهم بنظرات كاللهيب قائلاٍ بحدة:_أه دا الليلة عليا بقا ؟
أجابه جاسم بثقة:_أيوا ..

تطلع لعمر فأشار له بالتأكيد وهو يرتشف قهوته بتلذذ، ضيق عيناه بوعيد فكاد أن يتحدث ولكن بترت الكلمات حينما وجد زوجته هكذا ...
هرول إليها سريعاً ؛ فقربها لصدره قائلا بقلق يحتل ملامحه:_في أيه يا حبيبتي ؟ ..
أنتبه الجميع لصوته المفزوع فأسرع الجميع إليه، شعر بضعفها بين يديه فحملها سريعاً قائلاٍ بلهفة بعد أن وضعها على الأريكة بحرص،أسرعت إليه نور بكوباً من العصير:_شربها دا يا معتز ..

تناوله منها ثم أسند معشوقته إليه ليعاونها على أتشاف العصير فأستجابت له بعد أن شعرت بحاجتها له ...
تراقب الجميع ما يحدث بلهفة الي أن تحسن الأمر قليلا فبدأت بألتقاط أنفاسها بأنتظام، قربها معتز إليه قائلاٍ بعشق دب بالأواصر:_ حاسة بأيه يا روحي ؟ ..
فتحت عيناها بخجل من وجود جاسم وعمر والجميع فقالت بأرتباك:_الحمد لله دوخت شوية بس مش أكتر ...
أسرع بالحديث والخوف يحاوطه:_أطلعي غيري هدومك وأنا هروح الشركة أسلم أوراق مهمه لعمي وهرجع أخدك عند الدكتورة ..
رفعت عيناها بنظرة سريعة لرحمة ثم قالت بتوتر:_مفيش داعي أنا بقيت كويسة ..

عاونها على الوقوف قائلاٍ بحذم:_أنا قولت أيه ؟ .
وأشار لأسيل قائلاٍ برجاء:_خاليكِ معها لحد ما أرجع ..
أسندتها قائلة بتفهم:_حاضر ..
وصعدت معها للأعلي، حمل معتز الحقيبة قائلاٍ على عجلة من أمره:_أنا لازم أروح الشركة حالا عشان أسلم أوراق المشروع لعمي...
وتوجه للخروج مشيراً بيديه لعمر:_نكمل كلامنا بعدين يا دوك ..
وغادر لسيارته سريعاً بينما بقي الصمت الحائل على الجميع فقط أعينهم تراقبها بحزن وشفقة ...نعم يرون الدموع مكبوتة بعيناها ...فكيف ترى أهتمام رجلا بزوجته وطفله ولا تشعر بذلك الألم اللعين ؟..

سرت دمعة خائنة من عين نور وكذلك الحزن بأعين الجميع جعلها تنسحب حتى لا ترى المزيد من الشفقة ...
صعدت للأعلى بدموع كادت بحرق وجهها كلياً فكادت أن تتعثر بالدرج ولكن منحها الله القوة لتكمل دربها بسلام ...
بالأسفل ...
قالت والدموع حليفتها:_ وبعدين يا عمر هنفضل ساكتين كدا كتير ..
رفع عيناه بحزن لها:_حاولت كتير يا نور بس للأسف عدي مش سامعاني ولا عمره هيسمعني ..
صاحت بغضب:_قولتلك سبني أتكلم معاه أنا لس أنت رفضت ..

زفر بغضب فتدخل جاسم قائلاٍ ببعض الضيق:_كلامك معاه مش هيفيد بحاجه يا نور  عدي عنيد جداً مش بيسمع غير لنفسه وبس ..
أجشعت بالبكاء:_طب وهي ذنبها أيه يظلمها كدا بقاله 8شهور بيعذبها 8شهور مفكرش فيهم مرة يسألها عملت أيه عن الدكتور ؟ ...ولا أهتم يعرف فى بطنها أيه ! ..حرام بجد اللي بيعمله فيها دا بجد حرام ...
وتركت القاعة وصعدت للأعلى بدموع تسقط شفقة على رفيقتها،جذب عمر حقيبته بغضب يحاول أن يكبته فأستدار بوجهه قائلا:_مش يلا ولا أقعد ..
نهض هو الأخر بسخرية:_قاعد فين عشان أبوك كان ولع فيا..

أشار له بحذم:_أنا بره أنجز ..
وتركه وتوجه للخارج يعد سيارته للرحيل، رتب حقيبته الصغيرة ثم أقترب منها ببسمة مصغرة:_مش عايزة حاجه يا حبيبتي ؟
رفعت عيناها القرمزية له بخجل وهى تحاول أن تلملم كلماتها فلم تجد سوى الأشارة له،وضع حقيبته على الطاولة ثم طاف المكان بعيناه ليقربها إليه بمكر:_هو أنتِ ليه بخيلة كدا يعني حتى صوتك حرماني منه طب أعمل أيه تاني عشان دا يحس بدا ...
وكان يتحدث ويديه تشير على موضع قلبها فربما تعلم كم يكن القلب عشقٍ ساد عالم بأكمله لأجلها هي ...نعم هي فتاة مختلفة عن الجميع بطبعها الهادئ وسكونها الدائم ...حديثها القليل وخجلها الملازم لها ...ولكنها من تمكنت من الفوز بمفاتيح ذاك القلب ! ..

كادت عيناها أن تلتهم الأرض كمحاولة مستميتة للهرب من عيناه فرفع وجهها بيديه عنوة اللقاء به لتزداد حمرة وجهها حينما تلاقت النظرات لوقتٍ طال بالصمت وببسمته الوسيمة ليقطعها عمر بسخرية:_عندي جراحه كمان نص ساعه والمفروض أكون بالمستشفي حالياً فلو مش هفصل اللحظة الرومانسية دي ممكن تتحرك ..
دفشت يديه بعيداً عنها ثم هرولت للأعلي سريعاً ؛فزفر جاسم بضيق:_أبو دي توصيلة يا جدع ...1
جذبه بغضب:_أنت لسه هتحكي ..
صعد للسيارة ليتحرك عمر للمشفي ..

بمركز الشرطة ...
تنقلت عيناه ببطئ على ملامح وجهها كأنه يشبع أشتياق القلب بها ...كأنه يخبرها كم يتألم ببعد المسافات عنها ...كأنه يناشدها برجاء أن تسترجع ماضيها ليعد مرحلة الأختيار فيكون هو أولى أهتماماتها ..
طرقات فصلته عن عالم تزج به الذكريات عنوة فوضع صورتها بداخل درج مكتبه سريعاً ليرفع عيناه ليرى من هناك ؟ ..
ولج للداخل قائلاٍ بأبتسامة بسيطة:_ممكن أدخل يا سيادة الرائد ..
نهض عن مقعده بتحية ألقاها على مديره قائلاٍ بهدوء:_أكيد يا فندم ..

أقترب منه ؛ فجلس على المقعد المقابل له ثم أشار له بالجلوس ففعل،تحل بالصمت قليلا ثم قال بجدية:_طبعاً أنت عارف أنا جاي ليه ؟ ..
رفع عيناه يتطلع له بثبات قطعه بحديثه الغامض:_أفضل أسمع من حضرتك
إبتسم لدهائه فأسترسل حديثه:_أنا عارف أن مازن مش نسيبك وبس صديقك المقرب بس اللي مش مصدقه لحد دلوقتي أزاي بتشجعه على الجريمه اللي عملها دي ؟ ..
ظل يتأمله بملامح ثابتة حتى أنهي حديثه فقال بثبات:_وقتل الأبرياء مش جريمة تدمير أسرة كاملة مش جريمة ...كل اللي بيحصل حولينا دا مش جريمة .. يا فندم أنا واثق أن حضرتك عارف ومتأكد أن الحيوان دا أرتكب أبشع الجرايم بس الحاجز الوحيد اللي أن مفيش دليل عشان كدا أنا بستأذن حضرتك أمسك القضية دي وأوعدك أن فى خلال شهور الخلية دي من أصغر واحد لأكبرهم ..

أستمع إليه بوجهاً خالي من التعبيرات كأنه يلوذ بالفكر المرهق ليحصد نتيجة حاسمه فقال بعد وهلة من التفكير:_القضية هتكون على مكتبك
إبتسم عدي بسمة تستعيد بها لقبه الماكر ليقف سداً منيعاً ضد هولاء اللعناء ربما هناك مقولة أن من يحصد الخير يجني الخيرات فكيف ستتحقق تلك المعادلة مع عدي الجارحي ؟ ...
ربما ما سيفعله سيكون له طائفة من النور ليعيد لحياته البائسة الضوء من جديد ولكن كيف سيحدث ذلك ؟! ...

 

بشركات الجارحي بالقاهرة ..
عادت للشركات روحها من جديد بعودة ياسين الجارحي للمقر ...
تراقب الملفات بنظرة سريعة ثم أكمل عمله على الحاسوب قائلاٍ بهدوء:_ فين باقي التقارير ؟
تطلع رائد لمن يقف جواره بأتباك فأشار له بالصمت وهو من سينوب بالحديث وبالفعل تحدث بهدوء:_أنا لسه شغال عليهم .
تطلع له ياسين بنظرة غامضة فقطعها بلهجته الثابتة:_والتأخير دا سببه أيه ؟
إبتلع ياسين ريقه بتوتر فجاهد لأستعادة ثباته:_ أنا الفترة الأخيرة كنت مع مليكة بأستمرار فمكنش عندي وقت لكن أوعد حضرتك ساعات بسيطة والملفات هتكون جاهزة مع حضرتك ..

وأقترب من الطاولة ليحمل الملفات المتعددة فتوجهوا للخروج ولكنهم توقفوا على صوته الصادح بتحذير واضح ...
:_لأخر مرة بقولك يا ياسين لو في ضغط بالشغل قول صدقني لو طلع عكس مأنا سامع منك محدش هيندم غيركم ...
كانت كلمات ياسين الجارحي أشبه بناقوس النيران فتطلع رائد له برعب بدى واضحاً للغاية ...بينما ظل ياسين متماسك أمامه ليشير بهدوء:_عن أذن حضرتك ...
وتوجهوا للخارج فأبتسم ياسين بأستغراب على طباع إبن رفيقه الشبيهة إليه كلياً فلم يحمل صفة واحدة من يحيي الجارحي حتى أنه أوسم له ذات الأسم لقرب الشبه الكبير بينهم،كأن الرفيق شعر بأنه يكمن بعقله فأتي على الفور ! ...

أعلنت دقات باب المكتب عن ولوج يحيي للداخل، أقترب ليجلس أمام عيناه قائلاٍ بهدوء:_كله تمام رعد وأدهم مظبطين كل حاجه ..
زفر بضيق ساخر:_أكيد بوجودنا الشغل هيكون تمام لكن من غيرنا تأدية واجب ..
ضيق يحيي عيناه بذهول:_عايز تقول أيه ؟ ..

أغلق عيناه المذهبة يحاول التحكم بذاته فلم يعد يحتمل مزيد من الضغط،نهض عن مقعده ليضع يديه بجيب سرواله بثقته المعتادة،أقترب من الشرفة الزجاجية يتأمل المعمار والأبراج المشيدة بأحكام لتعلن عن حدود مملكة الجارحي، أخذ نفساً طويلاٍ معبئ بالهواء لعله يغسل ما بجعبته ثم أخرجه سريعاً لتخرج كلماته بعناية:_لسه مشفتش فى عيون الأولاد حبهم وأصرارهم أنهم يكملوا المسيرة دي يا يحيي ..
نهض الأخر عن مقعده قائلاٍ بستغراب:_أيه الكلام دا يا ياسين أنت شايفهم بيشتغلوا ليل نهار عايزهم يعملوا أيه تاني ؟ ..

ظهرت على وجهه شبح بسمة ساخرة قائلاٍ بثباته الفتاك:_ودا اللي مش قادر أفهمولك ...
وعاد ليترأس مقعده بثقة من جديد فأقترب من يحيي بأبتسامة مرحة:_عارف أكيد أني مش مفتح زيك بس نحاول نفهم
ساقت ملامحه الجدية:_متفرقش عندي عدد الساعات اللي بيقضها كل واحد فيهم هنا أد ما يفرق معايا أشوف حبهم للأملاك دي وحبهم أنهم يكبروها وللأسف دا محصلش ...

بدأت ملامح يحيي بالأسترخاء كأنه وجد حديثه بالصواب ؛ فجلس على المقعد المقابل له بأستسلام:_طب والحل ؟ ...
خرجت الكلمات بغضب:_هو دا اللي دايما باخده منكم ونفس الجملة تقريباً والمفترض عليا أني القي لكل مشكلة حل ! ..
تعالت ضحكات يحيي قائلاٍ بمرح:_أكيد مش ياسين الجارحي  لازم يكون عنده الحلول دايماً وأ...
قطعت باقي كلماته بتأويه بسيط فرفع يديه على جانبه الأيسر بألم جعل ياسين يسرع إليه بقلق:_فى أيه ؟ ..
أجابه بعد وهلة أستمد فيها قوته:_مفيش
أجابه بحدة:_مفيش أزاي ؟ ..

أجابه ببسمة بسيطة:_ متقلقش دا مجرد ألم بسيط بيجيلي كل فترة متشغلش بالك ..
أستقام بوقفته قائلاٍ بحذم:_سيب كل اللي فى أيدك وتنزل حالا لدكتور العيلة أعمل فحوصات وأطمن على نفسك ..
توجه للخروج قائلاٍ بلا مبالة:_ربنا يسهل .
:_حالا يا يحيي فاهمني
كان صوت ياسين حازم للغاية فأشار له ببسمة بسيطة وغادر على الفور ...
بمكتب رائد
صاح بقلق:_لا بقولك أيه أنا بره اللعبة دي أنا مش قد عمك عندي عيال وعايز أربيهم.

إبتسم ياسين بسخرية:_قلبت سوسن الوقتي يعني
رمقه بنظرة نارية:_أقلب سوسن أحسن ما أتقلب لجثة متحركة بين أيدين ياسين الجارحي
إبتسم بتفكير:_نظرية برضو ..
جلس جواره كمحاولة لأستعطافه:_أسمع مني أحنا نروح نعترفله بكل حاجه واللي يحصل يحصل وبعدين أنا مش عارف أمارس حياتي يعني شغل جوا وبره الشركة كدا ميرضيش ربنا ..
بادله بأبتسامة خبيثة قائلاٍ بسخرية:_ومستنى أيه ؟ ..روح أقف قدام ياسين الجارحي وقوله أننا خدعناه لشهور ومش بس كدا وكدبنا كمان وشوف بقا ساعتها مين اللي هيسمع لمين ؟ ..
إبتلع ريقه برعباً وهو يتفقد رقبته ليبتلع باقي كلماته سريعاً بينما تعلو بسمة المكر وجه ياسين ...

أوقف سيارته بالخارج ثم هرول للداخل سريعاً بعد أن أبد مساره من الطريق للشركه بعد مكالمة مازن له ...
هرول للأعلي سريعاً بعد أن فتح له أحدى الخامات فصعد الدرج الذي أنتهي برؤية مازن يجلس أمام الغرفة على أحد المقاعد والحزن يتمكن من ملامحه ...
أقترب منه معتز قائلاٍ بلهفة:_فى أيه ؟ ...
رفع عيناه إليه بألم:_معرفش
تطلع له بسخرية غاضبة:_نعم ؟

أجابه بصوتٍ نقل ما يشعر به:_زي ما بقولك كدا رجعت من الشغل لقيتها خايفة مني جداً لدرجه أنها مش طايقة تشوف وشي ...
شعر بمعاناته بالحديث فرفع يديه على كتفيه بهدوء:_طب أهدا بس جايز زعلانه منك فى حاجه وبتتدلع عليك ..
أشار له بحزن:_للأسف كنت بقول زيك كدا بس الدكتورة أكدت أنها عندها أضطراب نفسي ...
صعق معتز مما أستمع إليه فقال بذهول:_للدرجادي ! ...
تطلع له بهدوء:_أنا عايز أعرف أيه اللي وصلها للحالة دي يا معتز أدخل لها محتاج أعرف أجابة لسؤالي
زفر بعدم أستيعاب فكيف لها بذلك فهو يعلم عشقها المتيم بزوجها ! ..

خرج عن صمته قائلاٍ بهدوء:_تعال ندخل ونشوف فيه أيه ؟
أجابه بحزن وحطام مسد بالقلب:_مش عايز أشوف حالتها كدا ..
جذبه قائلاٍ ببعض المرح ليخرجه مما هو به:_يا عم أنت هتاكل بالكلام دا هتلاقيك هببت حاجه مأنا عارفك تموت فى المصايب ..
ضيق عيناه بغضب:_تصدق أني غلطان أني طلبتك من البداية ..
كبت ضحكاته قائلاٍ بتسلية وهو يجذبه للغرفة:_تعال يابو نسب بيتك ومطرحك ..
ولجوا للداخل فتلاشت بسمة معتز  حينما رأها تجلس أرضاً بخوفاً شديد وتحتضن جسدها بيدها الهزيلة،البكاء يكتسح معالم وجهها فجعل عيناها متورمة للغاية، تعالت صدماته فلأول مرة يرأها هكذا ...

نعم فهو ظن ببدأ الأمر أنها تلتمس الدلال على زوجها ولكن ما يراه جعله يسحب يديه من على كتفي مازن ليكمن صراع بداخله ما الذي فعله بشقيقته ؟ ...
رفعت عيناها بدموع وخوف حينما أستمعت لباب الغرفة ولكن بدأ الأمل يزدهر على ملامحها حينما رأت أخيها أمام عيناها، أستندت بجذعها لتنهض عن الأرض مرددة بصوتٍ شاحب ودمعة تلاحقه:_معتز ..

أنهت كلماتها بأن ركضت لأحضان شقيقها لتنقل رجفتها إليه فيشعر بما تشعر به من خوف يسكن بجسدها، تعلقت به بقوة كمن غرق ببحور ووجد أمل بالنجاة ! ..
همست بضعف ورعب من وسط بكائها الحارق:_خدني معاك متسبنيش هنا أرجوك ..
تحطم ما تبقى بقلبه وهو يستمع لحديثها مع شقيقها ولكن بداخله جنون لمعرفة ما الذي أوصلها لهذا الحد،أغلق على لائحة يديه بقوة ليتحكم بذاته فأبعدها عن أحضانه قائلاٍ بهدوء:_ألبسي وأنا بره ..

شددت من ضغط يدها على صدره كأنها تترجاه أن يصدق فرفع يديه يحتضن وجهها:_قولتلك أنا بره مش همشي من هنا غير وأنتِ معايا ..
وجذبه للخارج بغضبٍ شديد،أغلق باب الغرفة ليلكمه بقوة سطحت به أرضاً قائلاٍ بصوتٍ كاللهيب:_عملت فيها أيه ؟
تأوه من الألم فكانت لكمة مفاجئة له فلم يتوقع ذلك ليحمي ذاته، أقترب منه معتز بغضب فرفع يديه ليكيل له لكنة أخرى ولكن سرعان ما تفادها مازن ليشيل حركته بغضب:_أنت غبي يالا أنا اللي جايبك هنا عشان تعرف هي مالها ؟ ..هكون عارف وأجيبك ليه ؟! ..
:_أيه اللي بيحصل هنا دا ؟ ..

صوته قطع ما يحدث فأبتعدوا عن بعضهم يتطلعون له بهدوء، أقترب منهمعدي قائلاٍ بغضب:_حلو الشو دا كملوا ..
صاح معتز  بغضب:_أنا لازم أفهم هو عمل أيه عشان يوصلها للمرحلة دي ؟
شدد مازن على شعره بغضب وشيك على أقتلاع عنقه أما معتز فصمت بعدما تأمل نظرات عدي الحاملة لغضب سيوشك به ...
خرج عن صمته أخيراً قائلاٍ بثبات:_خد مروج على القصر واللي حصل هنا دا محدش يعرفه ...
ثم شدد على أخر كلماته بتحذير:_فاهمني ..

أشار له بهدوء ثم طرق باب الغرفة لتخرج إليه سريعاً، تمسكت به لتخطو اولى درجات الدرج فلحق بها قائلاٍ بألم:_مروج..
توقف معتز عن الحركة فأرغمها هى الأخري علي التوقف، تطلع له معتز بغضب زال حينما راى دموع تكتسح عيناه .
خرجت الكلمات بصعوبة وهو يراها تقف بعيداً عنه مولية ظهرها حتي لا تراه:_أنا هسيبك تروحي مع معتز بس متفكريش أن الفترة طويلة هترجعي تاني بيتك ..
أنهى كلماته فجذبها معتز برفق للأسفل لتخرج أمام عيناه من القاعه بل من المنزل بأكمله ليتحطم قلبه تدريجياً ...
مرر يديه على وجهه بضيق يود أن يلتهم الهواء خفايا الوجع العميق ولكن لا جدوى من الأمر،تراقبه عدي بنظرة لينهي الصمت بصوته القاطع:_ممكن تفهمني أيه اللي حصل ؟

عاد لواقعه على صوته فأقترب ليجلس على المقعد المقابل له بأهمال:_معرفش يا عدي أنا رجعت من الشغل لقيتها بمكتبي وأ...
بترت كلماته حينما أعاد التفكير فهمس بتذكر:_اللاب ...
وركض مسرعاً للداخل فلحق به عدي بثبات وبداخله يعلم ما حدث ؟...

جذب الحاسوب ومن ثم بدأ بتفحصه لتزداد صدماته حينما تأكد بأنها نفس الأسطوانة المفقودة فتراجع للخلف ليجلس على الأريكة بغضب:_يا ولاد ال... ..
لم يحتمل أن تراه معشوقته بتلك الطريقة البشعة التي تحلى بها لأول مرة بحياته ولكن ماذا كان سيفعل وهو يرى الدماء تسفك بلا رحمة على أيدي هؤلاء الشياطين ؟ ...لا ليس عاجز ليرى ما يحدث ويقف مكتوف الأيدي ! ...
أستند بجسده الرياضي على الباب قائلاٍ بسخرية:_كنت متوقع شيء غير كدا ؟ ..
رفع عيناه بحزن:_أنت مشفتش الحالة اللي كانت فيها يا عدي ..

ولج للداخل بخطاه المتزنة فرفع يديه يتفقد الحاسوب بنظرة ساخرة:_وجود الCD هنا أكبر دليل لحضرتك أنهم زي ما قدروا يوصلوا لخزنة مكتبك يقدروا يعملوا كتير ...
نهض وتقدم إليه مسرعاً:_الا مروج يا عدي ..
رمقه بسخرية:_ أنت شاكك أن ممكن حد يأذيها وهى جوا بيت الجارحي ؟!
لانت ملامحه بأطمئنان فجلس مجدداً بينما أخرج عدي الأسطوانة وحطمها بيديه بقوة قائلاٍ بعينين تشعان المكر والغموض:_متفكرش فى حاجه دلوقتي غير فى مراتك أما دول فعايزين حد تقيل يقدر يلعب معاهم صح وأظن دي مهمتي أنا ...
رسمت بسمة ثقة على فكيه فمن سوى الوحش الثائر سيتمكن منهم ! ...

 

بمطبخ القصر ...
أعدت أنواع متعددة من الحلوى ثم تركت الخدم يرتبون المطبخ فأستدارت لتغادر المكان ولكن تفاجئت بعز  أمامها بأبتسامة هادئة:_كل حاجه تمام ؟ ..
إبتسمت آية قائلة بتأكيد:_كله تمام جهزت كل شيء لما الوقت يقرب عرفني بس وأنا أرتب الدنيا ..
تطلع لها بغضب:_ليه تعبتي نفسك يا آية أنا طلبت من البنت اللي هنا تعمل
أجابته بهدوء:_مفيش تعب ولا حاجه وبعدين يارا ليها طلبات معينه وأنا فاهمه دماغها
إبتسم قائلاٍ بأمتنان:_مش عارف أشكرك ازاي ؟ ..بس هتتعوض قريب أن شاء الله ..
تلون وجهها بحمرة الخجل حينما تسلل لها رائحة معشوقها فعلمت بأنه يقترب منها ...
وبالفعل ما هي الا ثواني معدوده حتى ظهر أمام عيناها بهيبته الفتاكة التى مازالت رفيقته على مدار الأعوام ...
:_بتعمل أيه هنا ؟ ..

كان صوته الحازم الذي جعله يستدير مسرعاً بصدمة:_ياسين ..
ضيق عيناه بغضب فهمس عز بصوتٍ سمعه جيداً:_أكيد بحلم مش معقول بعد كل السنين دي يدخل ياسين الجارحي  المطبخ ! ..
بدا الغضب يمتزج على ملامحه فأبتسم عز قائلاٍ بخوف مصطنع:_طب أروح أنا بقا أشوف الواد معتز  عمل أيه ؟ ..
إبتسمت مشيرة له بهدوء فغادر على الفور بينما أقترب منها ياسين  بنظرة متفحصة بعد أن أشار للخدم بالخروج فأنصاعوا له على الفور ليقترب هو منها، وضع يديه بجيب سرواله وهو يراها تتأمل الأرض بخجل ووجههاً يكاد يمزج بين الحمرة والبنفسج وبسمة الذكريات تطوف بها لأكثر من عشرون عاماً حينما كسر ياسين الجارحي أحدى قواعده فها هو يعيد تلك الذكرة المبجلة ..

ضيق عيناه بمكر فربما لا تعلم مدى براعته بقراءة عيناها ليخرج صوته الثابت:_ليكِ حق تفرحي كسر القواعد بالنسبالك أنتصار ..
حاولت جاهدة أن تخفي بسمتها ولكنها فاشلت فأقترب منها ليتزايد خجلها أضعاف بينما أكمل هو حديثه:_أنتِ قصدتي تدخليني هنا لأنك عارفة كويس معاد رجوعي ومتأكدة أنك أول حد لازم أشوفه بعد رجوعي القصر ..
تملك منها الخجل فأبتعدت عنه قائلة بأرتباك وهى تجذب محتويات الكعك لتعده من جديد كمحاولة من التهرب منه:_لا على فكرة كل الحكاية أني عايزة أعمل لعدي الكب كيك اللي بيحبه مش أكتر ..

أستند بجسده على الطاولة التى تعد عليها الكعك قائلاٍ بثبات:_أممم أوك ..
سرت رجفة لجسدها وهو يقف بالقرب منها حتى أنها نست محتويات الكعك فرفعت يدها على الخزانة تحاول فتحها ولكن لا تستجيب لها فزفرت بغضب:_الله ..
تجمدت يدها محلها حينما أقترب ليقف أمام عيناها،بترت الكلمات، أنشل الجسد عن الحركة،سكن القلب وتعالت النبض، بسمة المكر تحولت لوفود فهمس بجوار أذنيها:_أعتقد بعد كل السنين دي تكوني فهمتي أن مفيش مخرج معايا ..
فتحت عيناها ببطئ لتقابل عيناه المذهبة فأذا به يفتح الخزانة المجاورة ليديها بغمزة من عيناه الساحرة قائلاٍ بمكر:_لأزم أخرج قبل ما تحصل كارثة جديدة ودا ميمنعش أني بحاول أنقذ حاجه من قواعدي ...

وخرج ببسمة زادت وسامته المعهودة رغم تلك الخصلات البيضاء التي تكمن بين شعره البني ولكن كانت له كالوقار والزينة الخاصة بياسين الجارحي  ...
رطمت الخزانة المغلقة ببسمة خفيفة فربما يحق لها بوجوده أن لا تنسى الخزانة الصحيحه فحسب بل العالم بأكمله ...قصة عشقهما خلدت على مر الكثير من الأعوام ...

بالشركة ...
أستند بظهره على المقعد بتعب شديد فأرتشف القهوة ليحصل على بعض النشاط ليكمل ما بداه ..
ولج للداخل فأقترب منه بغضب وهو يتأمل عدد الأكواب:_مش قولتلك بطل تشرب الكمية دي مفيش فايدة فيك ..
أنتبه ياسين لأبيه فنهض قائلاٍ بأستغراب:_بابا ؟ ..حضرتك لسه هنا ! ..
أجابه بهدوء:_أيوا كنت بخلص شوية أجراءات وراجع القصر ..
إبتسم ياسين:_أجراءات أيه كنت سبلي خبر وأنا أخلص كل شيء ..
جلس على المقعد ببعض التعب:_وأنت ناقص يا إبني كفايا اللي أنت فيه ! ...
أرتعب ياسين  مما يلاقي على مسمعه فأبتسم يحيي قائلاٍ بثبات:_فاكر أبوك عبيط يالا ..
تحاشي النظر إليه فأسترسل حديثه:_أنا مش زعلان أنك بتكدب على عمك يا ياسين بالعكس انا فخور بيك جداً وعارف أنك بتعمل كل دا عشان مصلحة ولاد عمك ..
إبتسم ياسين فنهض ليقبل يديه بأمتنان، مرر يحيي يديه على شعره قائلاٍ بمرح بعدما توجه للخروج:_بلاش تناديلي قدام حد يا بابا بلاش شغل الحقد دا خايف ألطش الجو منك ..

تعالت ضحكاته قائلا بصعوبة:_ناوي على أيه يا حاج ..
شاركه البسمة بمكر:_انا صغير يا يالا ويحق لي أتلاعب شوية وأ ..
كف عن الضحك ليضع يديه على جانبه الأيسر ببعض الألم فأسرع إليه بلهفة:_مالك يا بابا ؟
أجابه ببسمة مصطنعه:_الظاهر اجهاد من الشغل هروح القصر ارتاح شوية ..
:_هروح مع حضرتك ..
أكتفى ببسمة بسيطة له فلحق به ياسين بقلق للقصر ..

زفر بغضب:_يوووه حتى دي نسيتها ..
إبتسم جاسم بسخرية:_نسيت أيه دا أبوك هيشخلعك
رمقه معتز بنظرة نارية:_ جاسم أنا مش فايق لهزارك ..
ألتمس الجدية قائلاٍ بغرور:_خلاص هتنازل وأساعدك .
ضيق عيناه بأستغراب:_أزاي ؟ ..

إبتسم بغرور:_أديني مفتاح اليخت وأنا اظبط الليلة دي من أولها لأخرها...
إبتسم بأمتنان:_طول عمري أقول عليك جدع ...
قطع حديثهم صوت أحمد قائلاٍ بأستغراب:_ جاسم  وجدع ! لا مش مطمن لليلة دي ..
معتز بجدية:_أنت فين من الصبح تلفونك مقفول ومش عارف أوصلك ..
أقترب منه بقلق:_ليه فى حاجه ؟
أنسحب جاسم قائلا:_طب أخلع أنا أرتب اليخت لعمي ونتقابل بليل فى أوضة عدي..
اشاروا له سوياً فغادر بينما قص معتز على مسمعه ما حدث ...

عاد عدي للقصر فخلع جاكيته ثم توجه لغرفته، شعر بخطي تلحق به فأستدار ليجد نور أمامه تتأمله بأرتباك فخرج صوته قائلاٍ بهدوء لا يتناسب سواه:_في حاجه يا نور ؟..
فركت أصابعها بتوتر ...لا تعلم أتتحلى بالصمت كما أخبرها عمر أم تتحدث لأجل رفيقتها التعيسة ...
حسمت أمرها قائلة بعد مجاهدة بالحديث:_بص يا عدي أنا عارفة أني ماليش أتدخل بس اللي بيحصل دا حرام ...أنا ست وأقدر أحس باللي فيه رحمة ...
تأملها بصمت فأكملت هي:_القصر فيه أكتر من واحده حامل وكلنا شايفين بعيونا أهتمام ياسين ومعتز  بيهم حرام تدخلها بمقارنة قاسية أوى عليها أنت أ...
:_مالوش داعي الكلام معاه يا نور لأنه للأسف بدون نتيجه ...

أستدرات بستغراب حتى عدي ليجد ياسين الجارحي أمامه ...
أقترب منهم ببسمة مبسطة لها فرفع يديه على حجابها بحنان:_وفري طاقتك أنا عارفه كويس وعارف أزاي أتعامل معاه ...روحي أنتِ أرتاحي وسيبلي أنا المهمة دي ..
إبتسمت بوقار له ثم غادرت ليتبقي هو أمام تلك العينان المشابهة له، زفر عدي بضيق:_عارف اللي حضرتك حابب تقوله بس صدقني أنا أ...
قطعه بأشارة من يديه فصمت ليستمع إليه:_كلامي اللي مش عاجب حضرتك دا هيكون تذكارة ألم ليك فى يوم من الأيام وبكرا هفكرك ..
وتركه وغادر ليقتص منه الآلآم فأتبع قلبه بخطاه لغرفتها ...رأها تجلس أمام الشرفة كالمعتاد ...لا يعلم كم ظل ساكناً هكذا ...أقترب قليلا ليراها تحتضن شيئاً ما ...أقترب أكثر ليرى ما بيدها بوضوح ..

تألم قلبه حينما رأها تحمل أحد الصور الخاصة به فحطم حاجز الصمت بأن جذبها لتقف أمامه ليلقي ما بيديها ويحتضنها بقوة فلم تدع الذهول لوجوده يتمكن منها بل فاضت بالدمع بأحضانه لتشكو له قسوة قلبه ..

بالأسفل .
ولج حازم للداخل حاملا لأكياس متعددة فأقتربت منه  أسيل  بأستغراب:_أيه دا يا حازم ؟
أجابها بفخر:_معرفش كنت بشترى حاجه من الماركت وشوفت العصير دا فعجبني قولت أروش نفسي بدل ما أتخنق من الوحدة ..
تعالت ضحكاتها قائلة بأعجاب:_شكله عصير جامد أوي هات واحده ..
إبتسم قائلاٍ بغرور:_بس كدا خدي يا ستي .
ووضع أمامها ثلاث من الزجاجات لترتشفها بتلذذ بينما صعد هو للأعلى تاركها تكمل المشروب ...
مر عدد من الدقائق ليصبح الأمر كالتالي ...
بغرفة ياسين ..

أجتمع الشباب بغرفته لتتعالي الضحكات الرجولية فيما بينهم ليحل النقاش الأطراف ولكن تبلد الصمت المكان حينما أستمعوا جميعاً صوت يأتي من الحديقة ..
معتز بستغراب:_أيه دا ؟
رائد:_ حد بينادي على أحمد ! ..
جاسم:_دا صوت أسيل ! ..

أسرعوا جميعاً للخارج ليصعق أحمد والشباب جميعاً حينما رأوا أسيل تجلس أرضاً بالحديقة وبيدها زجاجة غريبة ...تصرخ عاليا بأسم أحمد ثم تتوالى بالضحك الجنوني قائلة بصعوبة بالحديث:_أحمد ...أخبرني كيف الوصال بالعشق والحنين ولا أقولك أخبرني لماذا يشتاق لك القلب وتتوق لك العينان ولا أقولك أخبرني أنت أتجوزتني ليييه ...
تم توالت بالضحك قائلة وهي تحاول جاهدة بالوقوف:_طيب بص طلقني ونرجع نتجوز من تاني ولا أقولك تعال نتكلم على الفيس تاني ولا تعال نغني أفضل ...
وتعالت ضحكاتها فُفتحت أنوار القصر بأكمله ليزداد رعب الشباب فتطلع لبعضهم البعض برعب حقيقي ...أسرع جاسم بالحديث وهو يتطلع لاحمد بصدمة:_بتعرف تجري؟
وبالفعل ركض كلا منهم للاسفل سريعاً قبل أن يراها أحداً من أعمامه ولكن ماذا سيكون المصير لحازم بعد أن يكتشف أحمد ما بالمشروب ؟، ..
وهل سيتمكن الشباب بأخفاء هذا الامر ...
وأخيراً سأترك لكم حرية الفكر فى الاحداث القادمة ولكن الأجابة

لا أعلم هل عشقني الألم أم طافت بي الأوجاع؟!...
هبطت دموعها بغزارة فأنشق صدره بآلم نقلته له بهمسات حارقة من الآنين...
بقيت ساكنة بين ذراعيه ؛ فأغلقت عيناها بأشتياق لشعور الأمان بين دفئ أنفاسه،شعر بأرتخاء جسدها بين ذراعيه فحملها برفق ثم تقدم من التخت ليضعها برفق على الفراش، جذب عدي الغطاء ليقربه منها بحنان،توقفت يديه عن الحركة حينما رأى شيئاً ما يتحرك ببطئ بموضع الجنين كأنه يحاول لفت أنتباهه إليه،تعلقت نظراته به لقليل من الوقت فجاهد كثيراً ذلك الشعور الأبوي النابع من الصميم ولكنه حظى بالفشل،رفع يديه ليقربها منها فلامست الجنين،أغلق عيناه بقوة حينما شعر بحركته الخفيفة ونبضه الخافت،جاهد تلك الدمعة المتغلغلة بعيناه فحاول ملياً محاربة هذة المشاعر المتأججة ولكن باتت محاولته بالفشل، عاد ذاك الحلم المرعب على مسمعه من جديد ليخرجه من بؤرة الحلم الشيق فسحب يديه سريعاً ومن ثم غادر بخطوات أسرع كأنه يهرب من حقيقته ولكنه ترك صراعه يهدم أسوار عشقه ليتمكن من تحطيم ما تبقي ! ...

بحديقة قصر الجارحي ...
تمددت على الأرجيحة مستندة برأسها على الجانب الأعلي منها وضحكاتها ترتفع شيئاً فشيء، أسرع إليها  أحمد وعيناه متعلقة على شرفة القصر برعبٍ من أن يراها أحداً بهذة الحالة فلحق جاسم به ليصيح بها  بغضب:_أيه اللي بتعمليها دا ؟ ..
إبتسمت قائلة بأستغراب:_عملت أيه ؟ ..
ثم أستندت بجذعها على أحمد لتقف أمامه قائلة ببسمة بلهاء:_  بحاول أعبر  عن حبي  بطريقة مختصرة وعابرة ...
ضيق عيناه بصدمة:_عابرة ! ...

رمقها بنظرة متفحصة ؛ فوقعت عيناه على الزجاجه بيدها فأقترب منها قائلاٍ بذهول:_أيه اللي معاكِ دا ؟ ...
حاول جاسم  جذب ما بيدها ولكن أخفتها خلف ظهرها بغضب:_عيب كدا على فكرة بتتعدى على حدود الغير وأنا كدا ممكن أعملك قضية تحرش ...
أحمد بصدمة:_نعم تعملي لأخوكِ قضية تحرش ! ...
جاسم بخوف:_يا البت أتجننت يا أنا اللي فاهم صح ..
رمقه أحمد بنظرة نارية:_أنت تخرس خالص
جذبت أسيل  وجهه إليها قائلة بغضب طفولي:_خليك معايا سيبك من  البواب ..

جاسم بسخرية:_أممم كدا أتطمنت على مستقبل العيلة...طب عن أذنك يابو نسب كنت أتمنى أشوفك بظروف أفضل من كدا ..
وكاد بالمغادة ليجذبه أحمد بغضب:_أنت رايح فين يا حيوان ؟
جذبت رأسه ليتطلع لها عنوة قائلة بضيق:_مش قولتلك خاليك معايا عايزة أحكيلك قصيدة العشق والهوى عن لقاء المسمعي ...
جاسم:_المس..ايه ياختي !...
وأستدار بوجهه الى أحمد:_شوف أنت موضوع العشق والهوى دا وسبلي الازازة دي ..
وجذبها بالقوة ليقربها من عيناه قائلاٍ بأستغراب:_دا أيه دا ؟ ..

تناولها أحمد منه يتأملها بنظرة متفحصة فصعق حينما علم على أحتوائها على نسبة من الكحول ..
جذبها إليه بهدوء مخادع يحاول التحلى به:_جبتي الأزازة  دي منين ؟ ..
تعالت ضحكاتها شيئاً فشيء لتقطعها قائلة ببسمة واسعة:_مش فاكرة ..
وتعالت بالضحك فزفر جاسم بغضب:_أنتِ ليه محسساني أنك بتعملي عمل بطولي أحنا قفشينك بأزازة يا ماما !...
تعالت ضحكاتها مجدداً فكبت أحمد غضبه بصعوبة قائلاٍ بهدوء مازال يلتمسه:_أسيل حبيبتي جاوبيني على سؤالي منين جبتي الأزازة دي ؟
رفعت يدها على رأسها بتفكير:_أمممم ...ااه أفتكرت ..

:_الله أكبر
صاح بها جاسم  ساخراً ولكن سرعان ما أبتلع كلماته حينما رمقه أحمد بنظرة نارية فأكملت قائلة بسعادة غير طبيعية:_حازم أدهاني ..
إبتلع جاسم ريقه برعب من العاصفة التى ستحدث بعد قليل ...
رفع يديها المحتضنه لرقبته  ليدفشها برفق لأخيها قائلاٍ بوجهاً يشع الشرار:_دخلها جوا لحد ما أرجعلك ..
حاول الحديث ولكن أبتلع كلماته حينما غادر سريعاً للداخل،صرخ بألم فأستدار  بفزع ليجدها خلعت حجابها وتستخدم الأبرة الصغيرة لتفتك بذراعيه ...
تطلع لها بصدمة فجذب الحجاب ليضعه على رأسها  قائلاٍ بغضب:_ودي أفوقها أزاي دي ؟...

لمعت بعقله فكرة جنونية فتمتم بخفوت:_هي دي .
أستدار لها قائلاٍ بهدوء:_تعالي معايا يا أسيل ..
تعالت ضحكاتها بمرح:_هنروح فين ؟ ..عن النجوم ولا باطن الأرض ..
:_يا نهار أسود ..
هتف بها حينما وجد الحرس بأستقبال أحد السيارات الخاصة بأعمامه فحملها علي كتفيه ليهرع للداخل سريعاً ...

أسرع للدرج الجانبي للقصر حتى يوصلها لغرفتها ولكن كانت صدمته حينما وجد والده يخرج من المنعطف الجانبي فلم يكن لديه خيار أخر سوى التوجه للغرفة التي يجتمع بها الشباب ...
ولج للداخل بها ويديه تغلق فمها بأحكام بعد أن كادت بأن تصيح بأسم والدها، أنتبهوا لوجوده فأقترب منه رائد بصدمة:_الله يخربيتك أنت بتحاول تقتلها وجاي تلبسنا بلوة ؟ ..
تطلع له بغضب ومن ثم لها ليسحب يديه سريعاً حينما وجد وجهها شاحب من شدة كبته لأنفاسها فصاح بغضب:_مش أحسن ما روحي أنا الا كانت هتطلع مهي الهانم كانت  هتنادي على بابا عشان يشوفها وهى سكرانه كدا ويولع فيا وفي القصر ..

ياسين بصدمة:_أيه ؟
عمر بحذم:_أنت بتقول أيه يا حيوان ؟ .
تعالت ضحكاتها بجنون فصاحت بصوت مرتفع:_هو فييين أبني يا أحمد  ؟
صعق الجميع فوضع جاسم  يديه على فمها مجدداً قائلا بحذم:_أخرسي لو حد من أعمامك سمعك هتروحي زيارة سريعة للمقابر وأبقي قابليني لو أحمد عرف يخرجك منها ..
جذبه عمر بغضب:_هتفهمني في أيه ولا أنادي أنا لبابا واللي يحصل يحصل ..
ياسين:_ما تتكلم يا زفت ..

زفر بغضب:_الحيوان اللي أسمه حازم جايبلها عصير فيه نسبة عاليه من الكحول وزي مأنتوا شايفين حالتها  كدا وشوية كمان وهنلاقي الدنيا أتقلبت علينا هنا وأبقوا شوفوا هتلموا الموضوع أزاي واااااااه ...
صاح بها بألم ليجذب يديه سريعاً حينما قضمتها أسيل ...
تأمل يديه  بغضب:_يا بنت المجنونه .
زفر عمر بتفكير:_طب ودي هنفوقها أزاي دي ؟ .
تدخل معتز قائلاٍ بغرور وهو يتأمل ضحكاتها الزائدة عن الحد:_حلها عندي ..
تابعه الجميع بنظرات أهتمام فأذا به يقترب من المزهرية فألقي الورود وجذبها ليلقي بالمياه بوجه أسيل التى تحلت بالصمت لثواني ومن ثم تعالت بالضحك مجدداً ..
وضع معتز المزهرية على الطاولة ثم وقف جوار جاسم قائلاٍ بهدوء:_دي تاخدها وتطلع على أي كوبري  وتحدفها فى الميه لمدة 3 أو 4 ساعات وهتبقى زي الفل متقلقش ..

رائد بغضب:_دا وقته أنت وهو ...أحمد فييين ؟ ..
تطلع له عمر بسخرية:_دا سؤال ؟! ..
بغرفة حازم ...
كان مستلقي على الفراش ويتحدث بالهاتف بضيق:_يا بنتي أفهمي أنا خلاص مش قادر أعيش من غيرك الله أفهمك أزاي أنا حاسس بالوحدة صدقيني ممكن أعمل فى نفسي حاجه  أو أنتحر عشان أثبتلك حبي بجد تعبت ...

:_وعلي أيه يا حبيبي أنا هريحك أوي هخليك ترتاح راحة مش هتشفها فى حياتك قبل كدا لو فضل عندك حياة ...
صاح بها أحمد بعد أن حطم باب الغرفة ليقف أمامه كالديناصور الذي يقتص من فريسته ويظل هناك سؤال يجوب بخاطر حازم ما الذي فعله هذه المرة ؟!
إبتلع ريقه بصعوبة حينما رأه يقترب منه بشرار كاد بأن يحرق الغرفة بأكملها فجذبه لينال له اللكمات القانلة قائلة بصوت كعداد موته:_طيب أنت وبتشرب وماشي لكن توصل بيك الدرجة أنك تسكر مراتي دي فيها موتك يا حيوان ..

صاح بصدمة  بعدما تخبئ بالخزانة:_بسكر ! ..أزاي يا عم أنا بخاف من ربنا هسكر أزاي أستهدا بالله كدا وقولي مين الكداب اللي قالك الكلام دا ..
أجابه بسخرية:_تصدق أني أقتنعت أنك أحمد زويل ..
ثم أقترب منه فأغلق حازم الخزانة ليحطمها بسخرية:_فاكر أن دي هتحميك يا حبيبي ..
وجذبه ليلكمه بقوة فصرخ بألم:_ما بدهاش بقا ...ألحقوووووووووني ...معتززززز
صاح بسخرية بعدما ولج للداخل:_عارف ياخويا وجيت من نفسي أهو ...

وبالفعل أقترب معتز منهم يحاول تخليصه كالمعتاد، تعالت ضحكات رائد  قائلاٍ بعدم تصديق بعد أن نجح بفضل الشباك:_كحول يا حازم كحول ! ..
أجابه بذهول بعد أن علم بما حدث:_وأنا أيش عرفني يا عم عجبني العصير جبت منه كمية مراته اللي طلبت أزازة ذنب أهلي أنا أيه بقا وبعدين الحمد لله أنها جيت فيها بدل مأنا اللي كنت شربتها وأتعلقت ..
دفش أحمد رائد ليجذبه بغضب:_قولتلك سبني يا رائد الحيوان دا رقبته فى أيدي النهاردة ..
وبالفعل عاد ليلكمه من جديد فتدخل رائد ومعتز مجدداً ..

أستدار حازم تجاه الفراش قائلاٍ بصياح مرتفع تعجب له الجميع:_وربنا ما عايز أمد أيدي عليك عشان أخويا الكبييييير ودي مش أخلاقي ..
بدت نظرات الذهول بأعينهم فممذ متي وهو يحظي بهذا القدر من الأحترام،ضيق أحمد عيناه بغضب لعلمه لما يفعل ذلك فأقترب من الفراش وحمل الهاتف قائلاٍ بسخرية بعدما فتح السماعة:_طبعاً أنتِ مش مصدقة دور الأحترام اللي نزل عليه دا ..
تعالت ضحكات نسرين  قائلة  بتأكيد:_عارفة وعشان كدا بقولك متسبش حق مراتك ...سلام أنا بقا عشان تاخدوا راحتكم ..
حازم بغضب:_واطية وهطلقها أنشاء الله ..

معتز بغضب:_أخرس بقا
أغلقت الهاتف فألقي به أحمد بغضب على الفراش ثم أقترب منها ليجذبه قائلاٍ بهدوء مخادع:_أعمل فيك أيه قولي على حل واحد وأنا أسلكه معاك ..
حازم  بخوف:_أنا بقول المسامح كريم وأنت قلبك كبير يا حودة يعني أنا كنت هعرف أنها خمرة وهديها يا جدع ؟! ..وبعدين مراتك اللي شروقة ياجدع نسفت الأزازتين مرة واحدة ...
لكمه بقوة:_أنا اللي هنسفك من على وش الأرض ...
وتلك المرة لم يتمكن منها رائد من أنقاذ الأمر ..

ولج عز وحمزة للداخل سريعاً على صوتهم المرتفع فأقترب منهم عز بأستغراب:_ أيه اللي بيحصل هنا دا ؟ ..
حمزة بغضب:_أنت أتعميت يا عز مأنت شايف العنوان أهو ولادي هيموتوا بعض وأرتاح ..
رائد بصدمة:_بتقول أيه يا عمي ؟ ..
أجابه بحزن مصطنع:_وحسرتاه ومصيبتاه أولادي حبايبي أنقذهم يا عز ..
رمقه عز بنظرة نارية فتحل بالصمت وأكتفى بتأمل ما يحدث ...

وضع أحمد عيناه أرضاً أحتراماً لعز فأقترب منه قائلاٍ بهدوء:_فى أيه يا أحمد ؟ ..
أجابه والغضب ملحق لصوته:_في أن الحيوان دا مش هيجبها لبر ..
وقص له ما حدث ليصعق هو الأخر فقال مسرعاً:_وأسيل فين ؟ ..
أجابه معتز:_مع جاسم فى أوضة مكتب ياسين ..
حمزة بحزن:_خمرة يا حيوان طب كنت هاتها وتعال نتشاركها سوا ..

شدد عز على شعره بغضب فكبت حمزة  ضحكاته المرحة قائلاٍ ببعض الجدية:_أنا بقول تروح تشوف أسيل أنت وأحمد وسبلي الحيوان دا
تطلع له بنظرة مطولة ثم خرج مع أحمد قائلا بضيق:_هو يوم أسود أنا عارف
معتز ببسمة واسعة:_متقلقش يا والدي انا جهزتلك كل حاجه والمفتاح أهو ...
جذبه عز وغادر محتبس غضبه بصعوبة، أما حمزة فجلس على الأريكة قائلا بغرور:_المفروض تشكرني مدى الحياة على أني خلصتك بس تقول أيه طول عمرك غبي ..
أرتمى على الأريكة بتعب قائلا بسخربة وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة :_جمايلك مغرقاني والله ..

ثم صاح بغضب لرائد:_شوف الراجل بدل ما يضرب إبنه قلمين جاي بيقولي جمايل لا كنت سيبه يطلع بروحي وتعال العزى أفضل ..
كبت رائد  ضحكاته قائلاٍ بثبات:_طب عن أذنكم أنا الوقت اتاخر وعندي شغل كتير الصبح ..
حمزة :_أذنك معاك يابن رعد ..
إبتسم رائد بخفة على مزح عمه وغادر بينما جذب معتز أحد التسالي وجلس يتأمل ما يحدث بين الأب والأبن فى حالة من التأهب لفض المشاجرة فيما بينهم كالمعتاد ...

بغرفة المكتب ..
ولج عز للداخل ليجد الأمر كالتالي ..
ياسين يجلس بركن صغير من الغرفة ويحاول جاهداً أنهاء بعض الأعمال على الحاسوب بينما يجاهد جاسم ليمنع أسيل   من أن تلقي بخزنة الكتب أرضاً وبنهاية الأمر نجحت فيما تريد فعله لتصبح الغرفة كالرمال المتحركة تبتلع ما تلقفه أسيل بصدراً رحب ...
عز بصدمة:_أنا بقول نيجي وقت تاني ..

وكاد بالمغادرة ولكنه توقف على صراخ جاسم :_عمي كويس أنك جيت أبوس أيدك شوفلك حل يا تقتل الزفت حازم يا تخلص على الحيوانه دي وأ...
صرخ ألماً حينما ناوله أحمد لكمة قوية قائلاٍ بتحذير:_أشتم تاني وهشيل رقبتك ..
وحملها بين ذراعيه متوجهاً لغرفته بينما تصنم جاسم بمحله فأستدار ليرى عز يتأمله فقال بتفكير:_هو أنا كان المفروض أضربه  ؟ ..
ولا أفرح أن البلاوة دي زاحت عني وياسين الجارحي مقفشهاش معايا ؟ ..
إبتسم عز قائلاٍ بسخرية:_التلاته ...
وأشار برأسه بأن لا فائدة من الحديث مع هؤلاء الشباب فغادر بصمت ليحصد ليلاه مع معشوقته ...

بغرفة حازم ..
وضع الثلج على عيناه قائلا بألم:_ااه أمال لو كنتوا أتاخرتوا شوية كان أيه اللي جرالي ؟  .
حمل حمزة الكيس الأخر ليضعه على العين الأخرى بغضب:_وأنت لما تدافع عن نفسك هيجرالك حاجه يا حيوان ..
أجابه بخداع:_عيب دا مهما كان أخويا الكبير ..
إبتسم معتز بسخرية فأكمل بغضب:_منكرش أنه أقوي حبتين ..

تعالت ضحكات معتز  فتطلع حازم لحمزة قائلاٍ بأستسلام:_حط التلج حط
وضعه بقوة قائلاٍ بسخرية:_دا اللي أنت فالح فيه ..
نهض معتز قائلاٍ بنوم:_طب كدا أنا أتطمنت عليكم أروح أنام أنا كمان
وكاد بالمغادرة فأوقفه حمزة قائلا:_بقولك يا معتز ..
أستدار له بأهتمام:_نعم يا عمي ..

تطلع حمزة لأبنه قليلا ثم قال محاولا رسم الجدية:_مفتاح أيه دا اللي أديته لأبوك ؟ ..
إبتسم قائلاٍ بثبات:_مفتاح اليخت بابا طلب مني أحضر عيد ميلاد لأمي وأنا ظبطله الدنيا ..
أشار برأسه بتفكير:_أمممم قولتلي ..
كبت ضحكاته قائلا بوقار:_طب عن أذن حضرتك يا عمي ،وأستدار بوجهه قائلاٍ لمن يغلق عيناه بالثلج:_تصبح على خير يا زومي ..
أكتفي بأشارة يديه ليغادر معتز، أقترب حمزة  منه ليضع الثلج بغضب على عيناه:_شم ياخويا شم ..
حازم بألم:_ااه أشم أيه دي طريقة دي ؟! ..

رمقه بنظرة غاضبه:_دا اللي أنت فالح فيه أنما تشوف الأولاد بيعملوا أيه مع أبهاتهم أبداً شوف معتز بيحب أبوه ومظبطته مع المزة أزاي ؟
أجابه بصعوبة:_ ما علينا من المفردات الغريبة دي بس أنت طلبت مني حاجه وأنا مقمتش بالواجب ؟!
إبتسم بسعادة:_يعني هتعملي حفلة زي دي بكرا لأمك ..
جذب الثلج قائلاٍ بهدوء:_سبني أفكر ..
رمقه حمزة بنظرة نارية فتطلع له من خلف الثلج قائلاٍ بتوضيح:_أقصد أفكر فى حاجه جديدة نعملها للمزة هو أنا عندي حاجه أغلي منكم ..
أجابه بضيق:_مش مطمنلك ..
إبتسم بغرور:_عيب عليك يا حاج ..
ووضع الثلج ليبرد جرح سيكتسح من جديد بصباح الغد على يد شخصاً أخر .

بغرفة مروج...
طرق الباب بلطف فولج حينما أستمع آذن الدلوج ...
وضع عيناه أرضاً فأبتسمت شذا بخفة:_بتخبط ليه مدخلتش على طول ؟ .
أجابها ببعض الخجل:_محبتش أزعج حضرتك ..
إبتسمت بلطف:_يا حبيبي أنت زي جاسم بالظبط ...
أقترب من الفراش فرفع يديه يمسد على شعرها قائلا بأمتنان لشذا:_مش عارف أشكر حضرتك أزاي أنك فضلتي معاها لو ماما  كانت شافتها بالحالة دي كانت هتبقى مشكلة ..

جلست جوار مروج الغافلة بحزن:_يارا مكنتش هتتحمل  أنا أول مرة أشوف مروج بالحالة دي ..
داثرمعتز مروج جيداً ثم طبع قبلة خفيفة على وجهها قائلاٍ ببسمة مبسطة:_مرحلة وهتعدي أن شاء الله  ..
وتوجه للخروج:_تصبحي على خير
أشارت له بيقين:_وأنت من أهله يا حبيبي ..
وظلت لجوارها بينما توجه هو لغرفته ...

بغرفة أحمد ...
وضعها أرضاً بلطف ثم تقدم من الخزانة يخرج مجموعه من الثياب بطريقة عشوائية، أقتربت منه بأستغراب:_أنت بتطلع دول ليه ؟
لم يجيبها وأكمل ما يفعله فأختار ما يناسبها، حاولت أكمال حديثها ولكن لم تتمكن من الحازوقة التي تعبئ فمها فتبتلع كلماتها ...
أستدار أحمد ليجذب باقي الثياب فأذا بها تقترب منه قائلة بتذكر:_مشفتش إبني ؟ ..
صعق قليلا ولكنه اعتاد على الامر بأنها مغيبة عن الواقع فأكمل ما يفعله ببسمة سخرية مردداً بهمس:_هنشوفه قريب لما ربنا يكرمنا بعون الله ..
أنحنت له بضيق:_أنت بتكلم نفسك وس...

وقطعت الحازوقة كلماتها مجدداً فكبت أحمد  ضحكاته حينما حملها لحمام الغرفة ...
فتح المياه بداخل الزجاج المحكوم مشيراً بيديه بجدية:_يلا أدخلي خدي دش ساقع كدا عشان تفوقي ..
أقتربت منه بصعوبة قائلة بضحكة عالية:_مش عايزة ..
أستند بجسده على الباب الداخلي (للدش):_أممم هو مش بمزاجك على فكرة لازم تفوقي ودا الطريقة الوحيدة ..
أقتربت منه قائلة بضحكة واسعة:_مأنا فايقة أهو ...طب أقولك على حاجه
إبتسم بخفة:_قولي حاجات
أستندت على ذراعيه حينما كادت بالسقوط  لتتعالي ضحكاتها قائلة بمرح:_أنا أول مرة أحس نفسي وأعترف أني كنت غبية جداً ..

أسندها بأستغراب:_ليه؟
رفعت يديها حول رقبته بتفكير:_أزاي كنت غبية لدرجة أني أسيب الجمال دا وأفكر فى حد تاني
إبتسم قائلاٍ بسخرية:_أفضل شيء أنك لما هتفوقي مش هتفتكري حاجه ..
رمقته بغضب:_أزاي مش هفتكر أني بحبك ؟ ..
طافت عيناه بعيناها لوهلة فأقترب منها لتتراجع للخلف ...إبتسم بمكر حينما حرر المقبض لتتساقط المياه عليها ...
حاولت الهروب ولكن جذبها بقوة لتستقر المياه فوقهم ...

ولج لغرفته فخلع جاكيته ثم وضعه على المقعد بأستغراب من الظلام المعتم السائد به،توجه للمفاتيح ليتفحص الأمر ولكنه توقف على صوتها
:_متشغلش النور ..
أستدار عمر يبحث عنها بذهول فوجودها تقف بالقرب من الشرفة، أقترب منها بخطى متزن وعيناه تتأملها بأهتمام لتبدأ ملامحها بالظهور أمامه بفعل ضوء القمر المظلل لجزء كبير من الغرفة ...
تطلع لها بأستغراب حينما وجدها تخفي عيناها خلف قطعة من القماش السوداء أما هي فرفعت يديها تتحسس وجوده،مسك يديها قائلا بذهول:_أيه اللي أنتِ عاملاه دا يا نور ؟! ..

إبتسمت بتردد:_وحشني أكون كدا ..
تطلع لها بعدم فهم فأقتربت قليلاٍ منه هامسة ببسمة ساحرة:_وحشني تكون أنت عيوني يا عمر وحشني أشوف أهتمامك بأدق التفاصيل وحشنى لمسة أيدك  وأنت خايف عليا حاجه تأذيني ..
ثم رفعت يدها على وجهه بخجل:_وملامحك اللي كنت بحفظها بقلبي قبل عيوني ..

أغلق عيناه ببسمة فتاكة ثم رفع يديه يحتضن يدها ليطبع قبله عليها  بحنان، سحبت يدها بخجل فجذبها مجدداً للشرفة، تتابعته بفرحة عارمة حينما توجتها ذكريات الماضي بما فعله لأجلها، حملها بين ذراعيه ليجلسها على سور التراس الخارجي ليجلس أمام عيناها على مسافة مقربة منها ..ينظر لها تارة ولضوء القمر تارة أخري ليهمس بأبتسامته الهادئة:_حتي القمر ضوءه معتم مقابل النظر ليكِ ! ...كأنه أشتاق يشوف عيونك
إبتسمت قائلة بخفة:_أمم القمر برضو ؟ ..

تعالت ضحكاته الرجولية قائلاٍ بنبرة صادقة وهو يحرر عصبة عيناها:_القمر  والعبد لله ..
طافت عيناه بها فحاولت التهرب من نظراته قائلة بأرتباك:_أنت على طول كدا بتحب الهزار ..
رفع وجهها إليه بجدية:_كان عندي سؤال دايماً بيدور فى دماغي ومفكرتش أسالك ..
تطلعت له بأهتمام فأكمل هو وعيناه تطوفها:_أزاي كنتِ بتقدري تتعرفي عليا يا نور حتى يوم العملية أزاي عرفتيني رغم أن ولاد عمي تقريباً كلهم فى سني وعدي أنا أشبهه كتير ! ..

إبتسمت قائلة بصدق:_عدي الوحيد اللي أستبعدت أنه ممكن يكون أنت ..
ضيق عيناه بأستغراب:_ليه ؟ .
وضعت عيناها أرضاً بخجل، فرفع وجهها مجدداً بيديه لتكمل مرغمة:_صوتك كان دايماً بينقلي كمية الحنان فى عيونك وأنت بتتكلم مكنتش بشوف غير الدفى والحنان ودول مشفتهمش فى عيون عدي بالعكس شوفت قسوة وثبات رهيب ..
ثم رفعت عيناها بحزن:_ بصراحه بشفق على رحمة كتير منه ..
تطلع لها قليلاٍ ثم أنفجر ضاحكاً  فلكمته بغضب:_بتضحك على أيه ؟ ..
حاول ألتماس جديته قائلاٍ:_لأن عدي  هو نبع الحنان بذاته  .

تطلعت له بشك فأستكمل حديثه بفخر وأحترام:_ عدي المميز بينا بطباعه دي عيونه مش بتعكس اللي جواه بسهولة تحسي أنه كتلة أتعملت من القسوة لكن من جواه أحن ما يكون اللي عنده دا أسمه كبر وغرور بيرفض يبين حزنه أو فرحه لحد ...دايماً فى مشاكل بابا وبينه  لأنه مش قادر يستوعب أن عدي نسخته التانية ...أما بقا الشفقة اللي عندك لرحمة دي فللأسف مالهاش وجود من الأساس لأن محدش حب ولا هيحب زي حب عدي ..
تطلعت له بفضول فأكمل هو بحزن:_عدي بيحس بوجعها من قبل ما تتكلم وتقول موجوعه ...دموعها أكبر ألم بيعيشه فى ساعات متوصلة ...بيحس بيها وبيسمع نفاسها مجرد فكرة أن يحصلها حاجه هو اللي وصله للحالة اللي هو فيها ...

ضيقت عيناها بمرح:_يعني هو بيحبها لدرجة أنه بيحس بيها وأنت مش بتحبني ..
أستدار بوجهه لها قائلاٍ ببسمة مبسطة:_كل واحد بيعبر عن حبه بطريقته يا نور ..
لم تفهم كلماته الا حينما جذبها لتقف أمامه ثم ترك يدها ليشعل أحد الشموع بالخارج وعلى صوت الموسيقي الهادئة ليصحبها بين ذراعيه برقصة هادئة ولكن بين حنين النظرات وتناغم القلوب وضوء القمر الخافت ! ..

هبط  للأسفل حينما رأه يجلس أمام المسبح منذ ساعات طويلة، جلس جواره بنفس الصمت المكتسح لملامحه فعلم عدي بمن يجلس جواره فظلت نظراته ثابتة على المسبح بصمت ..
خرج صوت ياسين الجارحي بعد فترة من الصمت:_حيرة القرب أو البعد دي طريقها الهلاك ...
رفع عيناه إليه بستغراب من معرفة ما يجول بخاطره فأكمل دون النظر إليه:_متحاولش تكون قاسي حتى فى التعبير عن اللي جواك يا عدي .
بدت نظراته بعدم الفهم فأعتدل بجلسته ليكون مقابل عين إبنه:_زمان كنت فاكر أني  أقدر أحل أي مشكلة وفعلا كنت بتمكن من دا لكن جيه الوقت اللي حسيت فيه أد أيه أني ضعيف وذليل ...

راقبه بأهتمام فكيف لياسين الجارحي بذلك ! ...أكمل ببسمة رضا:_عارف أن تفكيرك بيدور أن مفيش شخص يقدر يتجرأ على دا بس الجواب هنا أني وصلت بمرحلة الكبر لدرجة خلتني أنسى اللي خلقني أنسى أنه السبب الأكبر بكل النعم اللي أنا فيها دي ...مامتك كانت السبب الأكبر اللي خلتني أشيل العمامه دي من على عيوني خالتني أرجعله وأنا مكسور على البعد الكبير اللي كنت فيه ...كنت بلجئ له فى كل الأوقات سواء كنت محتاج أو فى نعم ..
رفع يديه على قدم عدي بهدوء:_أنت كمان محتاج تدعيله وتشكي اللي فى قلبك لأني عارف أنك مستحيل تحكي لحد ..

وتركه ياسين وغادر ...تركه بذهول يكاد يحتجزه ولكن لم يجد سوى تنفيذ ما قاله بمحبة فأذا به يتوجه لغرفته ليستعد للقاء ربه،فوقف على سجادة الصلاة ملقي التحية فى لقاء رب السموات ها هو يكمل صلاته ويلح بالدعاء لأجلها !  ..لأجل معشوقته يطلب لها النجاة بأعين تفيض بالدمع، شعر بأرتياح فقص ما يؤلم قلبه فأذا به يمد السجود لبضع ساعات شعر بها بأن همومه قد تخلت عنه وتركت الزمام ...

خطت معه مغلقة العينان بصعوبة فزفرت بضيق:_واخدني على فين فى الوقت المتاخر دا  يا عز ؟ ...
أجابه ببسمته الساحرة:_الساعه 2 فين الوقت المتاخر دا ! ..
إبتسمت بسخرية:_تصدق صح ..
جذبها بهدوء:_خالي بالك
تتابعته معصوبة العينان لتشعر بحركة مفاجئة فأزاحت الرباط لتتفاجئ بوجودها باليخت وأذا به يتحرك بعيداً عن الشاطئ ...

أستدارت تبحث عنه بجنون فراته يقترب منها يدفش طاولة صغيرة تحمل قالب ضخم من الكعك مزينة بصورتها وعامها مضيء ...
رفع يديه ليخرج علبة حمراء محكمه الغلق ففتحها لترى قلادة من الألماس مشكلة بحروفها فحررها ليضعها حول عنقها قائلاٍ بعشق:_كل سنه أنتِ طيبة حبيبتي ...
فاض الدمع بعيناها فتذكرت التاريخ بصعوبة نعم أنه  ذكرى ميلادها ...غمسها بفيض من عشقه رغم مرور الكثير من الاعوام ولكن مازال القلب يفيض بالعشق ...

مر الليل سريعاً وسطع نهار يوماً جديد ...
خرج عدي من غرفته بعدما تألق ببذلته السوداء وقميصه المميز ...تاركاً العنان لرائحه البرفنيوم الخاص به ...
كاد أن يهبط الدرج ولكنه توقف عند سماع صوتها ..
رحمة بتردد:_ممكن أتكلم معاك شوية ..

جاهد لأن يبقى عيناه بعيدة عنها ولكنه فشل بنهاية المطاف،تألم قلبه حينما رأى وجهها الشاحب بوضوح فتركها وجلس على المقعد المجاور له، إبتسمت بسعادة فجلوسه يعني بأنها حصلت على أذن صريح بسماعها فأقتربت لتجلس مقابل له بأرتباك:_كنت عايزاك تيجي معايا عند الدكتور عشان هيحددلي ال...
كادت بأن تكمل كلماتها ولكن نظراته كانت مخيفة للغاية جعلتها تبتلع باقي كلماتها، خرج عن صمته قائلا بحدة:_أنتِ عارفة كويس رأيي فى الموضوع دا متحاوليش تجهدي نفسك بالكلام ..

أجابته بدمع شرع بالهبوط:_بس يا عدي  أنا أ...
كادت بأن تكمل حديثها ولكنها صعقت حينما أستمعت لصراخ عاصف يأتي من غرفة مليكة حتى عدي هرول مسرعاً للداخل ليرى آية تحتضنها بخوف فما أن رأت عدي حتى صاحت به:_أطلب الدكتور فوراً يا عدي ..
أخرج هاتفه فأتت دينا ومن بالقصر من السيدات فالرجال  جميعاً بالخارج ...
أوقفته تالين  قائلة بخوف:_متطلبش يا عدي أحنا لازم نروح المستشفي حالا دي حالة ولادة ..
شروق ببكاء لسماع صراخ مليكة:_بس هي فى السابع لسه ..
صرخت دينا بنور:_خدي رحمة وشروق بره يا نور ..

أنصاعت لها سريعاً فجذبتهم للخارج، أقترب منها عدي قائلا بخوف _متخافيش يا حبيبتي هخدك للمستشفي حالا ..
وضعت آية الحجاب على رأسها ليحملها عدي سريعاً ويتوجه لسيارته ...توقف عند الدرج بخوف حطم قلبه لسماع صراخات شقيقته فرفع عيناه يتأمل معشوقته وهى تطلع لها بدموع لينشطر قلبه من كجرد التفكير بأنه سيستمع لصراخها هي الأخري بيوماً ما ...قطع شروده مشيراً لداليا:_كلمي ياسين وعمك خاليهم يحصلونا على المستشفي ..

أشارت له وهرولت لهاتفها بينما أكمل هو طريقه للاسفل ..
وضعها بالسيارة فقالت ببكاء:_هموت يا عدي مش قادرة أنا عايزة ماما ..
أستدار ليجلس بمقدمة السيارة ثم أسرع بالقيادة قائلا بلهفة:_متخافيش يا روحي ماما هتحصلنا
وصل المشفي بوقت قياسي لتحملها الممرضات عنه ويتبقي هو بالخارج يستمع لصراخها فينشق القلب وتصبح العينان أكثر قسوة من القادم  ...لما يضعه القدر دائما بأختبارات تفوقه قسوة وعناد ؟ ...

هل حان الوقت لينشق قلب عدي الجارحي ؟! أم حان وقت الوداع!   ..
أنتظروا أحداث أقل ما يقال عنها ملحمة نارية لتحدى سافر بجميع الاحفاد ولكن ترى من سيهزمه التحدى ومن سيكون المعتاد !...

 

تااااابع ◄