-->

رواية أحفاد أشرار الجزء الحادي والعشرون

 

 ولج للداخل بعيناه المشتعلة من الغضب،رفع وجهه للأعلى ليتفاجأ بأحمد و"حمزة" و"أسيل" معلقون بالأعلى، وقف أمامهم بوجهه الثابت فطافهم الخوف ليتجمع أمامه الشباب والفتيات بعدما أمر أحد العمال بذلك، صعد "عمر وياسين" لحل وثاقهم ...



وقفت كلا منهن بجوار زوجها يترقبون "ياسين الجارحي" من طرف أعينهم،طافت عاصفة من الصمت المكان ليعلوها صوت خطي ياسين فكان يمر أمامهم عاقداً ذراعيه أمام صدره ...نظراته تتنقل بين كلا منهما بغموض جعل الجميع فى حالة من التوتر ...
قطع خطاه قائلاٍ بصوتٍ غاضب_لو فاكرين أنكم فى رحلة حب يبقي الأفضل تخليكم فى القصر أفضل من التظاهر ...
كاد "ياسين" بالحديث فقطعه بأشارة يديه بحدة_كلامي واضح للكل ...

ثم أكمل بثباته الغامض قبل ما تدخلوا المكان دا عارفين قوانينه وأنا معنديش أستهتار ولا تحمل للأستظرف دا فياريت كل واحد يلزم حدوده وحدود شغله كويس ..
وتركهم وغادر لتسرع الفتيات لمكاتبهم بيما جلس الشباب جوار بعضهم البعض ...النظرات سائدة بين كلاٍ منهم حتى عدي،تطلع "أحمد" للنجفة التى كان بأحضانها منذ قليل فرفع عدي عيناه لما يتطلع له احمد ثم رفع "ياسين وعمر" عيناهم لينفجر "عدي و"أحمد من الضحك ...

"عدي" بصعوبة بالحديث_عملتها أزاي دي؟ ...
"أحمد" بصدق وبسمته تتسع _لولا عارف أنك بتهزر مكنتش قبلت أتعلق أبدا بس فى النهاية قضيت وقت رومانسي فوق وأتبسطت ...
أحمر وجه "عدي" من شدة الضحك وهو يضرب كفيه بكف "أحمد" تحت نظرات صدمات الشباب بأكملهم ما عدا "ياسين" الذي إبتسم بخفة على "عدي" الذي تناسى طباعه الحدة ومنح من شخصيته القاسية وقتاً للمرح ...

جذب جاسم "عمر" بصدمة_هو دا عدي ؟...
أشار له بنفس ذات الصدمة _معتقدش ..
"حازم" بغضب _يعني أنت متعلق بمزاجك ؟ ..
أجابه بسخرية _دي أسرار حربية يا ابني ..
جاهد "عدي" للتوقف عن الضحك قائلاٍ بحدة مصطنعة _وربي وما أعبد لو عدتها تاني يا "حازم " ما هيكفيني فيك رقبتك ..
أجابه برعب _يعني مش هتعلق تاني .
تطلع "عدي لأحمد" فكبت ضحكاته قائلاٍ بهمسٍ خافت له _فكر تاني بالموضوع صدقني يستحق ...
إبتسم "عدي" _تفتكر؟ ..

أشار له بتأكيد فهمس عدي بسخرية _"أسيل" طلعتلك فوق لكن رحمة ممكن تتعلق تحت ..
تطلع كلا منهما للاخر ليسقط كلا منهما من الضحك على اثر كلمات "عدي" ...
زفر "معتز" بغضب _هما بيقولوا أيه ؟ ..
"رائد" بغضب وهو يغادر لمكتبه _"أحمد وعدي وياسين" متحلمش تعرف بينهم أيه كفايا علينا اللي حصل من "ياسين الجارحي" يلا كل واحد على مكتبه ليرجع يكمل علينا ...
وبالفعل أنصاعوا إليه جميعاً،تعال رتين هاتف "أحمد" برسالة نصية من "أسيل" فتذكر حينما ولجت للغرفة منذ دقائق تبحث عنه فتوجه لمكتبها ليرى ماذا هناك ؟ ..

بقصر "الجارحي" ...
أستيقظت من نومها لتجد الفراش من جوارها مزين بالورود البيضاء التى تعشقها فتطلعت جوارها لتجد الأرض مفروشة بورقاتها الرقيقة، تسللت رائحة البرفنيوم الخاصة به لها فتطلعت لأنحاء الغرفة بأستغراب، وجدت صندوق أبيض معلق بحبل من الورود البيضاء فجذبته لترى ما به فوجدت أسطوانة مغلفة بداخلها، حملتها "آية" بأستغراب ثم أقتربت من الجهاز لتضعها بداخله،ترقبت ما سيعرض بفضول فأذا بصورة كاملة لغرفتها ليلاٍ رأته يدلف ليتمدد جوارها، رفعت يدها بعفوية حتى وهى بنوماً عميق لتتمسك بذراعيه وتختبئ بأحضانه! ...نعم فعلتها بتلقائية حتى وهى سابحة ببحور نوم عميقة!، أراد أن يريها ما فعلته ولم تشعر به ولا لوجوده حتى الأن ...

نهضت من على مقعدها لتتفحص باقي محتويات الصندوق فوجدت ورقة مطوية باللون الزهري،جذبتها لتجد كلماتٍ مدونة بأحضانها ...
"أنا أمانك مهما أنكرتي وبعدتي وعاندتي ...دايماً بتناديني حتى لو صنعتي فروق وحواجز بينا ...قلبك مش بينبض غير وأنا جانبك حتى لو فرقنا أميال ومسافات بسمع نبضه بسمعك وأنتِ بتناديني ببقي على يقين أن نهاية البعد لقاء ...نهاية العذاب دفئ مبحسهوش غير معاكِ أنتِ ...مهما حاولتي تبعدي بقرب مش بمزاجي لا بقلبي وجوارحي وروحي لأنك ساكنة القلب والهوى ...ساكنة كل ذرة كيان بقلب "ياسين الجارحي" ...

طوت الورقة بين يديها ببسمة صغيرة حالمة رغم دمعها الغامض، أحتضنت كلماته وعيناها تتأمل أحتضانها الشغوف له عبر الشاشة الصادقة،أردت أن تكف عما تفعله ولكن الامر ليس بيدها فجراح قلبها لم تلتئم بعد! ..

بمكتب "أسيل" ...
ولج "أحمد" للداخل فوقف يتأمل المكتب بنظرة أعجاب قائلاٍ بلهجته المبهجة بعدما أستند على المكتب ليكون مقابل لها_مبروك المكتب يا فندم ...
إبتسمت بخفوت،جلس أمامها فلفت أنتباهه أرتجاف يدها وهى تفركهما دون توقف، عيناها التى تتحاشي النظر إليه ...ليس زوجها فقط بل هو صديق الطفولة ورفيق الدرب،وضع يديه حول يدها قائلاٍ بصوته الحنون _أيه اللي بتحاولي تقوليه ومخليكي مرتبكة كدا ؟ ...
رفعت عيناها ببسمة بسيطة فحتى حركاتها البسيطة يفهمها! ...

سحبت يدها ببطء فهى تعلم بأنه لن يقبل بما ستقوله، حثها على الحديث قائلاٍ بهدوء_ فى أيه يا "أسيل"؟ ..
أجابته بأرتباك_أحمد أنا أ...
وتمتمت بخفوت فهز رأسه لتكمل فأكملت بتوتر _أنا خلاص قررت أني هعمل حقن زي ما الدكتورة قالت ..
تحاولت نظراته من الهدوء للغضب فنهض عن مقعده قائلاٍ بصوتٍ يتحكم بهدوئه بصعوبة _أنتِ عارفة رأيي بالموضوع دا من الأول ..
وقفت هى الأخرى لتقول بدموع_عارفة وواثقة أنك هتغير رأيك عشاني ..

قال بغضب _أنا مش موافق عشان خايف عليكِ معتقدش هغير رأيي في حاجة ممكن تضرك ..
أجابته بعناد يطوفه الدمع _هى بدون مخاطر وستات كتير عملوها ...
قطعها بحدة _أنا ماليش دعوة بحد ولا يهمني غيرك ...
وكاد بالرحيل فأوقفته قائلة برجاء ودموع_عشان خاطري يا "أحمد" نفسي أبقى أم ..
علمت كيف الطريق لقلبه فأحتضنها بألم ثم أخرجها لتلتقي بعيناه قائلاٍ بهدوء_ياريت بأيدي حاجة أعملها صدقيني عمري مكنت هتأخر بس دا قضاء ربنا وأكيد وراه خير كبير ...

أشارت إليه بيقين _واثقة أنه الخير بس لازم ناخد بالأسباب
دق هاتفه فأخرجه ليجد رسالة هامة من "جاسم" فرفع يديه يحتضن وجهها بتفهم_ هنتكلم بعدين يا "أسيل" ...
إبتسمت بفرحة لشعورها بأنها تمتلك أمل لأقناعه ...

بالمشفى ...
كان يجلس جوارها لأكثر من سبع ساعات ولم يشعر بالوقت وهو جوارها! ...قص لها كل كبيرة وصغيرة تخص حياته،رأي على ملامحها الهدوء فأبتسم كأنها حماس له بأن يتحدث ويفرغ ما يحاول أخفائه عن الجميع، ختم حديثه قائلاٍ بحزن
_بس يا ستي وخرجت من السجن بعدما بشهرين طبعاً أتفاجئت بأمر خروجي والصدمة الأكبر لما عرفت أن "عمر" أتنازل عن المحضر معرفش ليه عمل كدا ولا أيه السبب بس كل اللي أعرفه أنه مستحيل نرجع أصدقاء فى يوم من الأيام ..

أكمل بتأثر ودمعه يلمع بعيناه _بس أنا عذره اللي عملته كان صعب أوى أنا بستحقر نفسي كل ما أفتكر اللي كنت هعمله ...
وأستند بظهره على المقعد بشرود_ أسوء شيء وسوس الشيطان ممكن يخلي ضعيف الايمان يعمل أكتر من كدا ...بس خرجت من التجربة دي بقربي من ربي وندمي على اللي عملته كل اللي بتمناه دلوقتي أن "عمر " يسامحني ...

خرج من شروده ليقترب منها ببسمته الهادئة _بس يا ستي دا كل حاجة عني بالتفاصيل أما أنتِ فعرفت عنك حاجات كتير يل "نهى" ...
ورفع الغطاء ليداثرها قائلاٍ بلهجته الدافئة_كل حاجة هترجع زي الأول أوعدك ...
وتركها وتوجه للخروج فأبتسمت بمحبة على ما قاله،تراجع خطوة للخلف بصدمة ليسرع إليها بلهفة _أنا شوفتك بتبتسمي! ...
ثم صاح بجنون _"نهى" انتِ سامعاني؟! ..
جاوبيني سامعاني ؟ ...
إبتسمت مجدداً مشيرة بيديها بصعوبة فشعر بسعادة تكفي عالم بأكمله وجنون حتما سيلقي بمشفي للأمراض العقلية ...

بالمكتب الخاص بالشباب ...
قال "عمر" بأستغراب_يعني أيه ؟ ..
اجابه "ياسين" بهدوء _يعني زي ما سمعت عمي طلب من كل واحد يشتغل مع زوجته .. .
"معتز" بسخرية _معتش فاهم دماغ عمك دا من دقايق كان قالبنا أعداء لبعض والوقتي بيجمعنا!..
"أحمد" ببسمة هادئة _ولا عمر حد هيفهمه .

"حازم" بخفوت وهو يقرب الورود من أنفه بهيام_ولا عمركم هتفهموا حاجة "ياسين الجارحي " دا برنس وقلبه على قلبي المسكين وعذابه ...
"عمر" بغضب _والنبي تركن على جنب بقلبك ومشاعرك الزبالة دي مش وقتك ...
"رائد" ببسمة مرتفعة _بالعكس انا شايف كلامه صح جداً عمي بيدينا فرصة رومانسية ذات قيمة ..
"جاسم" بسخرية _ذا أيه ياخويا!..مأنت مش حاسس بالعسكري اللي معايا ...لااا أنا مستحيل أقضي البيت والشغل فى نكد معاها ...دانا أوقات بحس أني متجوز عمي أيوب البواب ...

تعالت ضحكاتهم بعدم تصديق لتشبيهه حتى أحمرت الوجوه بينما على مقربى منهم وخاصة بجوار الباب الفاصل بينهم كانت تقف خلفه بصدمة ...دموعها تنهال بلا توقف وهى تستمع لزوجها يتحدث بسخرية عنها ويجعلها أضحوكة للجميع ! ...لم يكتفي بذلك فأكمل بسخرية لرائد_طب تصدق بالله أنا ساعات بحس أنك فيك أنوثة عن أختك ...

تعالت الضحكات مجدداً فسقط شيئاً خلفهم أرضاً أصدر صوتاً جعل الجميع يتتبه،استدار ليجدها بالخلف أمام عيناه بدموع لا حصى لها تتأمله بصدمة وأسفل قدماها علية كبيرة حمراء مغلفة بأحكام مزينة بقلوب وتهنئة لعيد ميلاده ...تباعدت للخلف بخطى بطئ والدموع تكتسح ملامحها ...خجلت بنقل نظراتها لأبناء أعمامها حتى وأن كان يمزح فقلبها لم يتحمل ذلك ...كانت تعتقد بأنه يجعلها غالية ومحجوبة عن الجميع ولكنها صدمت مما أستمعت اليه، أسرعت بخطاها للخارج فلحق بها بأستغراب بينما بالداخل تضايق الجميع لما حدث وبالأخص "عدي" ...

بالمصعد ..
كانت "رحمة" بالداخل تتوجه للهبوط شاردة الذهن ...ليتوقف الضوء فجأة ثم توقف المصعد عن العمل، أرتباها الرعب حتى مزق صدرها ...خوفاً لا مثيل له جعلها أسيرته ...ذكريات تخترق أضلاعها لتريها همسات من ماضيها ...شعرت بأنها بحاجة للهواء قد حبس بداخلها فلم تعد كيف تتنفس ..انقبصت انفاسها شيئاً فشيء لتهوى أرضاً فاقدة للوعى يغلفها الخوف فيجعلها كلوحاً من ثلج أخر ما لفظته هى حروف أسمه الثلاث ..."عدي" ...
على الجانب الاخر ...

انقبض قلبه كأن هناك من طعنه بسيف من نيران ...شعر بها واستمع لصوتها الهزيل وهى تناديه ...صار يبحث عنها كالمجنون وبداخله رعباً يكفي عالم بأكمله ...قلبه يصرخ بجنون بالا يتكرر ما حدث من قبل لها فحينها ربما يقتلع قلبه تلك المرة ...بحث وبحث ولكن دون جدوي ولكنها مازالت متشبسة بأسمه بثقة بأنه سيعبر الأميال ويحطم الأزمان لأجلها ...ثقة يمنحها العاشق حينما يستمد العشق أخر غرف قلبه ليسكنه حتى أخر العمر ونهاية المطاف ...عشقٍ من نوعاً فريد من نوعه ولكنه موجود بأمبراطورية "الجارحي"! ...

خطوة قريبة من مصير "أحمد" ستقلب الموازين أما جاسم فيري أن ما فعله ليس جرماً من وجهة نظره فترى ما المخبئ له ...أما عمر فلما تنازل عن جريمة بشعة كهذة؟! ...
أسرع خلفها يهرول دون توقف حتى هبط لسرداب الشركة فأذا بها تتقدم لسيارتها ويدها تخفى ملامح وجهها وعيناها الممتلئة بالدموع،فتح السائق باب السيارة حينما رأها مسرعة إليه ثم صعد هو الأخر،كادت بالصعود لتجد معصم حائل بينها وبين السيارة ...علمت من سيكون فقالت دون النظر إليه:-
_سبني يا جاسم ...

قال بصوتٍ يشوبه الذهول حينما جذبها لتقف أمامه فرأى دمعاتها:-
_أنتِ بتبكي! ...
جذبت يدها بصراخاً غاضب:-
_قولتلك سبني ...
أقترب مجدداً بهدوء فما فعله لم يجده خاطئ قائلاٍ بأستغراب من رد فعلها:-
_أنا كنت بهزر يا داليا أنتِ اللي قلبتي الموضوع جد ...

رفعت عيناها المموجة بالغضب والصدمة من بروده لما فعله لتقول بغضب _أنت مش شايف أي غلط فى اللي عملته؟ ..
تطلع لدموعها التى جعلت وجهها كالدماء بتعجب فلأول مرة يراها بذلك التأثر من قبل فرفع يديه يزيح دموعها قائلاٍ بهدوء:- طب أهدي ونتكلم بعدين ..
دفشت يديه بعيداً عنها قائلة بصوتٍ مرتفع للغاية أثار غضبه:-
_مفيش كلام هيجمعني بيك تاني ...
تحاول هدوئه لغضب جامح من تماديها الذي حسمه فقال بغضب:-
_أنتِ زودتيها أوي ما قولتلك كنت بهزر وبعدين دا أخوكِ وولاد عمك والكلام كان كله فى أطار الهزار ...

مع كل كلمة قالها كان قلبها يئن أكثر فيزداد آلآمها،نظراتها مسلطة عليه بهدوء ...دمعاتها الثمينة هى من كانت تهوي بصمت ولكن بألم بقلبه هو فهى قوية للغاية لم يري بكائها اللي مرات معدودة أترى ما فعله جرحها هكذا؟! ..
قطعت لحظات الصمت الصغيرة قائلة بصوتٍ هادئ ولكنه مصحب بآلآف الصرخات:-
_دي المشكلة أنك مش شايف اللي عملته غلط ...

ثم وتوجهت للسيارة ولكنها توقفت وتراجعت لتقف أمامه من جديد قائلة بأبتسامة سخرية لتكمل بنفس ذات اللهجة_ولاد عمي اللي بتتكلم عنهم دول أنا واثقة أن مستحيل حد فيهم يجيب سيرة زوجته ويخليها أضحوكة للكل ..
وغادرت لسيارتها لينطلق السائق سريعا عائدا للقصر أما جاسم فراقب تباعد السيارة عنه بهدوء ونظرات خفيفة لا يعلم بأن تباعدها عنه خط من مجهول ستحسمه هي...

بغرفة المكتب التى تجمع شباب الجارحي...
جُن جنونه بعد أن فتش بالمقر بأكمله عنها، وقف يشدد على خصلات شعره الغزير بغضباً جامح يكاد يفتك به، أقترب منه عمر بهدوء:- .
-أهدى يا عدي مهو مش معقول هتبني أوهام على مجرد أحساس!  ...
تطلع له  بحدة  فقطع معتز الحديث بينهما حينما قال بتفكير:-
_مجربتش تسأل عنها فى القصر ؟ ..

بقيت نظراته مسلطة على أخيه بغضب ثم جذب هاتفه ليطلب القصر ليلقي الهاتف أرضاً بغضب بعد أن أكدت له مشرفة الخدم بعدم عودتها،جلس على المقعد والقلق يكاد يوقف دقات قلبه المجنون بعشقها، أقترب منه عمر بندم لما تفوه به فقد أستعاد ذاكرته بما حدث من قبل ليكن على يقين بأنه يشعر بها ...فقال بهدوء:_
_ممكن تكون نزلت لمكتب بابا الجديد  ..
ياسين بتأكيد:-
-ازاي غابت عن بالنا دي ..

لم ينتظر ليكمل أحد حديثه وهرول لأحد المصاعد ليهبط للأسفل،لحق به أحمد وعمر وياسين ومعتز بينما جاسم ورائد  كانوا قد غادروا للقصر بصحبة الفتيات حتى لا يزرع أختفاء رحمة القلق بالقلوب ...
وصل عدي للمصاعد المرصوصة جوار بعضها،ضغط على الزر الجانبي فلم يستجيب له أياً منهم ..
قال أحمد بأستغراب بعدما جرب أحدهما:-
_غريبة مفيش أسانسير بيفتح! ...
أقترب منهم ياسين ليتفحصه بأستغراب:-
_أزاي دا؟! ...

رفع معتز أحد الهواتف الخاصة بمكتب السكرتارية ليعلم من الحراس بأن هناك مشكلة بالمصاعد العاشر والمسؤول عنهما قد غادر منذ ساعة وهاتفه مغلق لذا أستعانوا بأخر وهو على طريق الوصول، توقف عقل عدي عن التفكير من اللحظة التى تفحص بها أحمد باقي المصاعد فمرأ من أمام المصاعد العشر،تباعه الجميع بأهتمام وخاصة بعد أن وضحت فكرة ما حدث لهم ...كان يضع يديه على باب المصعد واحد تلو الأخر بعينان مغلقتان وحواس مرهفة إلي أن توقف أمام أحدهما ليفتح عيناه سريعاً مردداً بكم من المعاناة واللهفة:-
_رحمة ...

شعر بها رغم أن ما يفصلها عنه عدة طوابق! ...أقترب منه عمر قائلاٍ بهدوء:-
_متقلقش العامل على وصول ..
رفع عيناه إليه بغضب:-
_فكرني مجنون عشان أستنى ...
أجابه بصدمة لمعرفة ما يطوف عقله الشرس:-
_هتعمل أيه ؟ ...

كان الجواب امام عيناه حينما ركض عدي للطابق الأخير من البناء فلحقوا به بصدمة مما سيفعله فقد يكون أنتحاراً رسمياً لما يخطر على باله فعله،وصل للطابق الأخير فتسلق درج صغير من المعدن ليقف أمام عدة أبواب مغلقة ...أقترب من المصعد الذي أرشده قلبه إليه فرفع قدماه يحطم بابه الذي أستجاب له بعد عدة محاولات لتظهر أمامهم أحبال عملاقة من الحديد تتصل بالمصاعد العشر،جذبه ياسين بغضب:-
_بطل جنان يا عدي أنت أكيد مش مجنون عشان تنتحر من الأرتفاع داا ..

جذب يديه بحدة ليسرع عمر بالحديث:-
_عشان خاطري تهدى يا عدي العامل زمانه على وصول وأحنا هنخليه يصلح دا الأول ..
أجابه بغضب:-
_مش هستنى ثانية واحدة ..
معتز بصدمة:-
_وأنت شايف أن دا الحل! ...
لم ينصاع إليهم وراقب الحبال المعلقة ليعلم أيهم المتصل بالمصعد الذي شعر بأن معشوقته بداخله كاد بأن يلقي بذاته ولكن جذبه أحمد  بعصبية:-
_وأحنا مش هنسيبك تموت نفسك ...

تطلع لهم بملامح ثابتة ليقطعها قائلاٍ بسخرية:-
_ أوكي ..هقعد هنا لحد ما يوصل بس سؤال بسيط ليكم ..
تطلعوا إليه بأهتمام ليكمل بنظرات ذات مغزى:-
_لو مليكة أو نور او أسيل او شروق اللي كانت تحت كنتوا هتقفوا وتستنوا؟ ..
لم يتحمل كلا منهم أن يضع معشوقته محلها فمن المؤكد لهم بأنهم من المحال الوقوف بصمت، تحررت أصابع أحمد من على ذراعيه فأبتسم بثقة وتقدم من الباب مجدداً ليقف ياسين ومعتز جانباً بعد أن كانوا يقفوا عائقاً له بينما قال عمر بخوف:-
_خلي بالك من نفسك ..

أشار له بهدوء ثم ألقي بذاته ليهوى على أحد الحبال فتعلق بها بحرافية عالية ومهارته الجسدية المتزنة، تنقل بين الحبال ليصل للمنشود ...كانوا يتراقبنوه من الأعلى بقلوب يشوبها القلق فالأرتفاع غاية بالخطورة، أنحني للأسفل بأستخدام قدميه حتى وصل لأعلى المصعد بأنفاس مضطربة بعد ما فعله من عملا شاق، تفحص سطحه ليجد فتحة صغيرة فرفع قدماه يحطهم لتنهار بعد ثواني معدودة فيطل أمامه المصعد من الداخل،أنحنى للأسفل ليتفحصه فوقعت عيناه عليها ليجدها تفترش الأرض بفستانها الزهري،أنقبض قلبه فألقي بذاته بداخله ليعلم الجميع بأنها بالدخل بعد أن ولج عدي ...جذبها إليه بفزع،فقربها إليه ...

وجهها يكتساحه البرودة والخوف يكتسحه ...عيناها مغلقة وشفتيها ترتجف،مغيبة عن الوعى ولكن مازالت تنطق بحروف أسمه تتشبث بها دون توقف حتى وهى فاقدة للوعي، إبتسم عدي رغماً عنه فقربها إليه ...مرر يديه على وجهها برفق ونظراته تتمكن من ملامحها بصمت، يعلم أنها منذ ما حدث لها وأتفه الأمور تخلق عاصفة من الخوف بداخل قلبها،ظل هادئاً يحتضنها بشغف، وجهه مسلط على وجهها، يدرس ملامحها بعشق يكفي قرون من الأعمار ...
تسللت رائحة البرفنيوم الخاصة به لها،لتشعر بعاطفة من الآمان تحتضن جسدها المرتجف،أطمئن قلبها فخفق بأنتظام أخبرها بأن تفتح عيناها فهي بأمان لوجود العاشق جوارها! ..

فتحت عيناها لتراه أمامها،نظراته الدافئة المنبعثة من عسل عيناه المتطابقة لعين ياسين الجارحي،همست بصوتها المنخفض ببسمة هادئة:-
_أتاخرت ليه ؟ ..
ضيق عيناه بسخرية:-
_على ما لقيت طريقة أدخلك منها ..
أتسعت بسمتها ليحتضنها بشغف وبسمته تنير وجهه،شددت من أحتضانه فقال بفرحة من لهجتها:-
_واثقة أني هوصلك؟ ..
إبتعدت لتكون على مقربة منه مشيرة لموضع قلبه:-
_واثقة فى دا ..

إبتسم ليعاونها على الوقوف فأقترب منها قائلاٍ بصوته الثابت:-
_أقولك حاجة بس متضحكيش ..
أشارت إليه بخفة فكبت ضحكاته ليستعيد ثباته:-
_أوقات بحس أنك عاملالي سحر أو تعويذة ...
تطلعت له قليلاٍ ثم أنفجرت من الضحك،تحاولت نظرات غضبه لبسمة تلقائية وهو يراها تبتسم فتظهر بأبدى جمالها،رفع يديه يلامس وجهها الرقيق فكفت عن الضحك ليزداد خجلها حينما قربها إليه،نظرات محملة بالذهول من تغيره الملحوظ! ...

قالت بأرتباك من قربه المهلك:-
_طب أيه ؟ ..مش هنخرج من هنا ؟ ..
قال ببسمة ثقة:-
_هما هيتصرفوا ..
أجابته بحيرة:-
_هما مين؟ ..
تحرك المصعد سريعاً ليهبط للأسفل فأنفتح على مصرعيه ليطل من أمامها الشباب فتطلع لها بأنها حصلت على أجابتها ...شعروا بالراحة حينما أتطمئنوا عليهما وتوجه الجميع للعودة للقصر  ...

بالقصر ...
بغرفة رعد ...
ولجت للداخل حينما أستمعت لآذن بالدخول ؛ فوجدت أبيها يجلس على أحد المقاعد ولجواره تجلس دينا يرتشفون القهوة ببسمات هائمة يبدو أنهم كانوا يسبحون بذكريات الماضي ...
أقتربت منهم وعيناها ارضاً:-
_ممكن أتكلم مع حضرتك شوية ...
وضع القهوة من يديه على الطاولة بلهفة حينما تمعن فى مظهر إبنته فوجد أثر البكاء عالق بعيناها أجابها بحنان:-
_طبعاً يا حبيبتي ..
أسرعت دينا إليها بلهفة:-
_فى ايه يا داليا ..

كأنها لامست عنق الجرح لترتمي بأحضانها بدموع غزت على وجهها فنهض رعد سريعاً ليضع يديه على حجابها بفزع:-
_فى أيه؟ ..
لم تنصاع اليه وتعلقت بوالدتها فجذبها برفق لتجلس على أحدى المقاعد ثم جذب مقعده أمامها ينتظرها حتى تهدأ قليلاٍ ثم قال بعد أن سكنت قليلا:-
_هديتي؟ ..
أشارت إليه بخفة فقال بحنان وعيناه تشع ذكاء فى دراسة ملامح إبنته:-
_ جاسم زعلك فى أيه؟ ..
رفعت عيناها بأعجاب على فهمه لها لتسرع بقص ما حدث على مسماعهم،أنساب الغضب بعين دينا فقالت_ أزاي يقول كدااا حتى لو كان بهزار برضو مش فاهمه ..
أشار إليها رعد قائلاٍ بثبات:-
_ما تتكلميش أنتِ يا دينا ..

أجابته بغصب:-
_أزاي يعني ما أتكلمش دي بنتي الوحيدة وزعلها يهمني زيك وأكتر كمان ..
أنقلبت نظراته لتحذير فكبتت غضبها وألتزمت الصمت أما هو فقال بهدوء:-
_طب وأنتِ عايزة أيه يا داليا ..
لزمت الصمت قليلاٍ تفكر فى سؤال أبيه لتقطعه بعد مدة والدمع يسبقها:-
_عايزة أتطلق يا بابا  .
شهقت دينا بفزع بينما تماثل رعد الهدوء كأنه لم يستمع لما قالته منا زادها تعجب ...
طرقت باب الغرفة الخادمة قائلة وعيناها أرضاً
_أدهم بيه وحمزة بيه عايزين حضرتك تحت ...

أشار لها بالمغادرة ثم نهض يرتدي جاكيت بذلته الرمادية كلون عيناه فلحقت به داليا بأستغراب:-
_حضرتك مردتش عليا ...
أستدار إليها بثبات _سكوتي أجابة على سؤالك ودليل رفضي ..
أجابته والغصب يعماها_يعني أيه يا بابا مش هتقف جانبي ..
وقف أمامها بثقة_المرادي لا هقف ضدك مش معاكِ ..

تناثرت بكائها لتقول بعصبية قبل أن تغادر_كنت واثقة أنك هتقول كدا على طول بتقف جانب مليكة وأسيل ومروج الا أنا رغم أني بنتك ...
أجابها بحدة وهو يشير بيديه_كلكم بناتي... مستحيل أساعدك فى قرار هيدمرك ...
غادرت بصمت ودموعها تختذل ملامحها، أقتربت منه دينا بعتاب:-
_أنت أزاي تكلمها بالأسلوب دا البنت مجروحة ومحتاجة أنك تطيب خاطرها ! ..
أستدار ليكون مقابلها_أطيب خاطرها أزاي وهى عايزة تدمر حياتها بأيدها! ..
أجابته بغضب_عمرك ما هتتغير هتفضل زي مأنت ..

إبتسم بغموض_أنتِ فيها أطلبي الطلاق ..
طافها الصمت لتقول بشرود:-
_مقدرش أتخيل حياتي ومغروري مش فيها ..
إبتسم بعشق فمازالت تنسب الغرور إليه ولكنه وصل لهدفه فقبل رأسها قائلاٍ بلهجة ذات مغزى_ولا هي تقدر تعيش من غير جاسم القرار اللي أخدته دا كان نتيجة  غضب لكن الهدوء هيكون ندم للقرار دا فهمتي ليه عملت كدا؟ ..
أجابته ببسمة رقيقة تعلقت بها فأبتسم هو الأخر ثم هبط للأسفل وتوجهت هى لتحتوي إبنتها ...

...بالمقر...
أنهت نسرين ما بيدها فخرجت من مكتب يحيى بعدما أنهت تصوير الملفات مرهقة فكم لعنت حبها للتجربة ورفضها للعامل الذي ود مساعدتها ليقوم بعمله ولكنها أرادت أن تصور صفحاته بذاتها، خرجت للبحث عن الفتيات فعلمت من أحداهما بأنهم غادروا للقصر لذا قررت أن تترك الملف بغرفة المكتب الخاصة بالشباب،وضعته على أحد المكاتب وتوجهت للخروج فوقعت عيناها على ملف أسود اللون موضوع بعناية على مكتب عدي تذكرت حديث عز عن هذا الملف فأبتسمت بمكر لتضعه سريعاً بحقيبتها قائلة بخبث:-
_دي رحمة هتفرح أوي ..

ثم توجهت للمغادرة، هبطت للأسفل باحثة عن السيارة الخاصة بالفتيات فلم تجدها، ظهر الضيق على ملامحها فتوجهت لأحد الحراس الذي أمن لها أحدى سيارات قصر الجارحي فيما يقرب الخمسة دقائق،وقفت سيارة كبير الحرس أمامها فقال ببسمة صغيرة بعدما فتح باب سيارته:-
_أتفضلي يا أنسة نسرين ..
قالت بأستغراب حينما رأته يرتدي ملابس عادية غير ثياب القصر:-
_هو أ...
فهم ما تود قوله فقال عثمان بهدوء:-
_أنا النهاردة أجازة عشان زوجتي بتولد بس لما سمعت الحرس بيتكلم على جهاز الأرسال الخاص بينا مترددتش وخصوصاً أن المستشفي جنب المقر ..

شعرت بالحرج فلأول مرة يأخذ مهلة من الراحة وزوجته بحاجته فقالت بخجل:-
_لا أرجع لزوجتك وأنا هشوف أي تاكسي ..
أجابها بأصرار وقد علم بما سيقنعها:-
_مقدرش كدا هتعرض لعقاب ياسين بيه أتفضلي من فضلك .
أنصاعت إليه بحرج فأنطلق عائداً للقصر ...
بقصر الجارحي  ..
وخاصة بشرفة الغرفة الخاصة بحازم ..

وقف وبيديه الهاتف والقلق يتلون على وجهه حينما يصرح كل مرة بأنه خارج نطاق التغطية،دقائق مرأت عليه كمقبرة تلتهمه وخاصة بعد عودة الجميع من المقر  منذ ما يقرب الساعة، جذب أنتباهه وهو يتطلع لحدائق القصر العريقة سيارة عثمان الذي هبط ليسرع بفتح باب السيارة لتظهر أمامه ببسمتها الخجلة ..
قالت ببسمة هادئة:-
_بعتذر منك تاني مرة ويارب يقوم مراتك بخير وتفرح بالبيبي الصغنون دا بس لو تسمح بقا أنا كنت عاملة هدية لشروق بس هي لسه مش ولدت لسه هقدمها للبيبي..

كاد بالأعتراض فأجابته مشيرة بيدها:-
_مفيش أعتراض ..
إبتسم وعيناه أرضاً:-
_اللي تشوفيه يا أنسة ..
ولجت للداخل وهو بأنتظارها لتعود سريعاً حاملة علبة باللون الأزرق مزينة بورود بيضاء،أخذها منها ببسمة يشوبها الأمتنان ثم غادر على الفور، إبتسمت وهى تتأمل طيف السيارة بشرود بيوماً ستصبح به أماً لطفلا من زوجها المشاكس، فأستدارت لتدلف للقصر فصعقت حينما رأت حازم أمام عيناها بنظرات لا تنذر بالخير أبداً ...قالت بأستغراب:-
_حازم! ..

قال بصوتٍ تستمع إليه لأول مرة خالى من المرح:-
_كنتِ فين؟ ..
أجابته بذهول:-
_مالك في أيه؟ ..
صاح بصوتٍ كالسهام _سألتك سؤال متجاوبنيش بسؤال تاني؟ ..

أرتجفت على أثر صوته الغاضب ونظراته القاتلة فتطلعت جوارها بخجل من وجود الحرس بكل مكان بحديقة القصر،وجدها تتطلع حولها بخجل فقال بسخرية _اه صحيح أنتِ بيهمك شكلك أدامهم  مأنتِ بينك وبينهم علاقة لطيفة بتدوم حتى بعد الدوام بتاعهم والأجازات ..

تطلعت له بصدمة من كلماته الأخيرة لتهوى دمعاتها دون توقف،كيف يطعنها بشرفها أمام الحرس وحتى أمام ذاته، أنقبض قلبه لرؤية دموعها فأنتظر أن تصيح عليه بالكلمات أو بالغضب ولكنه تفاجئ بأكتفائها بالبكاء ثم أستدارت لتتركه وتخطي لتخرج من باب القصر ...نعم هو أهانها ولكنها قررت تركه فى نفس اللحظة ..بل قررت مغادرة القصر بأكمله ...هو أهان أخلاقها ...أهان ما كانت تسعى لحفظه على الدوام ...

ضغط على يديه بغضب من كلماته الحمقاء بعدما قتلته الغيرة كان أحمق معها للغاية، أتفتح باب القصر الرئيسي لتغادره سيراً على الأقدام ودموع تأنس وحدتها، هرول خلفها فوجدها تسرع بخطاها، خطى على محاذاتاها قائلاٍ بحزن لما قاله  _أنا مقصدتش ...
لم تجيبه وأكملت طريقها فجذبها لتقف أمامه _مش هسيبك تمشي ..
أجابته بدموع وسخرية_أنا مشيت خلاص . .
تألم لتلميحها بمغادرة مشاعرها له فتألم للغاية، أقترب منها غير عابئ بأنه بالخارج_أنا أسف ...
أجابته بألم_صعب أقبل أعتذارك ..

وتركته ورحلت فراقب خطاها بعيناه التى تنبع ببريقاً مخيف، انهى المسافة الكبيرة بينهم بخطاه الواسعة ليجذبها بالقوة لداخل القصر قائلاٍ بلهحة أمر للحارس_أقفل البوابة ...
أنصاع له على الفور فسحبت يدها بغضب:-
_مش هتحبسني هنا يا حازم أنا هخرج يعني هخرج ..
وأستدارت لتغادر فأمسك ذراعيها قائلاٍ بندم_مقصدتش وأنتِ عارفة ...
أنسابت دموعها مجدداً فاقترب منها يزيحهما قائلاٍ بعشق _أنا مقدرش على الدموع دي ولا أقدر أعيش لحظة من غيرك ..

رمقته بنظرة محتقنة فأكمل بغرور _طب دانا كلمت خالتك وقولتلها أنك مش هترجعي من هنا أبداً غير على الفرح يعني أتدبستى فيا من الأخر ..
فشلت بكلت بسمتها فقال بفرحة _أيوا كدا ..
ثم جذب أحد الورود من الحديقة المعطرة بالورود النادرة وقدمها إليها لتجذبها على أستحياء،أنحنى على قدميه ليقبل يدها قائلاٍ بصوتٍ مسموع عن قصد_بحبك ..
تطلعت له بصدمة وهى تتلفت يميناً ويساراً لتراقب الأعين بخجل _بتعمل أيه يا مجنون الحرس حولينا ..
غمز  ليؤكد لها أنه يتعمد ذلك لتسترد كرامتها بكثافة قائلاٍ بهمس_لازم الدنيا كلها تعرف أد أيه أنا بعشقك ..

تلونت وجنتها بحمرة الخجل فسحبت يدها وأسرعت للداخل بخطى سريعة لتصطدم بأحمد الذي كان يبحث عن أخيه،تطلع لها بأستغراب من رؤية دموعها التى مازالت متعلقة بعيناها _مالك ؟ ..
أجابته بخجل_مفيش يا أحمد ..
أشار إلي حازم الذي أسرع ليقف جوارهما_الحيوان دا زعلك فى حاجة؟ .
أشارت له بخجل وهى تتحاشي النظر إلي عاشقها فشدد أحمد على كلماته_قولي متخافيش منه أنا أقدر أجبلك حقك ...

صح حازم بغضب_أيه يا عم فلانتينو بتقولك لا وبتشاورلك وشوية وهتقلب على فيلم هندي وتقولك نهيي والورد الأحمر بيزغرط فى ايدها المفروض تفهم ويكون عندك فهم وتقدم ..
ولجت للداخل بضحكة على أستعادته روحه المرحة فجذبه أحمد بغضب_طب تعال يا خفيف أبوك عايزك ..
أجابه بغضب _خير ياررب الراجل دا مبيجيش من وراها غير النصايب ...
تطلع له بغضب  فأشار بتأكيد_أسمع مني مش كان مسافر هتلاقيه راجع ببلوة وكالعادة هيشلهاني يكش توتو تخلعه ونخلص ..
تركه وولج للداخل قبل أقتلاع عنقه فلحق به ليري ماذا هناك؟ ...

بمنزل سارة ...
كانت تجلس علي الفراش بشرود، الحزن غلب ملامح وجهها فأصبحت كأنها كبرت عشرة أعوام،قطعت شرودها ولوج والدتها والحدة تكتسح ملامحها،وقفت أمامها ببسمة مصطنعه:-
_فى حاجة يا ماما ؟ ..
أجابتها بغضب_هتفضلي مستخبية فى أوضتك كتيير طيب والناس هتستخبي عنهم برضووو بقاله أكتر من شهر ونص معلقنا ولا جيه يطلبك ولا فى جديد هو أيه النظام بالظبط يكنش رجع فى كلامه ..
أجابتها برعب وهى تنقي الحديث بعناية_ليه بتقولي كدا بس هو مشغول عنده أ. ...
قطعتها بحدة وصراخ:-
_مشغول أزاي هى لعبة أحنا كدا هنتفضح ..

ثم قالت بسخرية:-
_وأنا هعتب عليه ليه أذا كانت بنتي مخافتش على شرفنا وحطيته تحت رجل حيوان زي دا أنا هلبس وأروحله بيته وأتكلم أدام الكل  ..
وتوجهت لغرفتها لترتدي ملابسها فلحقت بها قائلة بدموع_حرام عليكي يا ماما بلاش تخربيله حياته  .
وقفت أمامها بسخرية:-
_ خايفة عليييه بعد اللي عاملة فيكِ هو عمره أصلا ما هيكتب عليكِ رسمي وأنا كنت عارفة كدا وبكدب نفسي وأ.
بترت كلماتها حينما قالت بأستسلام:-
_أحمد مش هو اللي أتجوزته عرفي ...
ثم وضعت عيناها أرضاً لتقص عليها الحقيقة لتنتهي بسقوط والدتها أرضاً بذبحة صدرية لما تحملته على يد تلك الفتاة لتنسحب الأنفاس وتفارق الحياة لتهرب بعيداً عما لحقته بها إبنتها المصون! ...

بقاعة القصر الداخلية ...
أجتمع الجميع بالأسفل حول  حمزة، وأدهم  بعد عودتهم من الخارج،سادت الأجواء بالمرح وخاصة بعد أن ولج حازم فأقترب من أبيه قائلاٍ بغرور:-
_بلغني أنك عايزني ..
رمقه بنظرة ساخرة_عطلناك عن  خدمة الوطن معلش ...
أنفجر الجميع من الضحك فأنتبه حمزة لنسرين فقال ببسمة هادئة:-
_أزيك يا حبيبتي عاملة أيه؟ ..
أجابته ببسمة رقيقة _الحمد لله يا عمي بخير ...
هبطت مليكة هي الأخري فأقتربت منهم بفرحة:-
_حمدلله على السلامة ..

أجابها أدهم ببسمته الهادئة_الله يسلمك حبيبتي ...
قال حمزة بصدمة_بطنك راحت فين؟ ..
أجابه ياسين وهو يطوف يدها بين يديه وبسمته تزين وجهه_لا مأحنا خلاص يحيى الصغير شرفنا بوجوده ..
قال بفرحة_أنت كمان سميت على أسم ابوك ..
أجابه يحيى بمرح:- وهو هيلاقي اسم أحلى من كدا ولا ايه ؟ ..
أجابته ملك بدلال_ ولا فى الكون كله يا حبيبي ...
غمز لها بعيناه فقال حمزة ساخراً_ولا فى الكون كله يا حبيبي ...طب أحترمي أخوكِ يا أختي ...
يحيى بغضب مصطنع_لا بقولك أيه هترجع تغلس عارف ردي ..

تعالت الضحكات بين الجميع فأقترب حازم من أبيه قائلاٍ وعيناه عليها:-
_بقولك أيه يا زيزو ..
ضيق فمه بتهكم _قول وخلصني ..
أسرع بالحديث الحماسي_جوزني أنا والبت دي ووعد مني هتبرع وهسمى حد من عيالي على أسمك وأهو أبقى كسبت فيك ثواب وخسرت الواد للأبد ..
تعالت الضحكات خاصة عدي  وكان الجميع يراقبون ردود أفعاله بصدمة ...
أجابه حمزة بسخرية_لا كتر خيرك يا أخويا أحمد حبيبي هيسمى على أسمي  مستغنين عن جمايلك ..

تلاشت ضحكات الجميع وتركزت الأنظار على أسيل التى هربت من نظراتهم على الفور حتى لا يروا دمعاتها، صعق حازم وقد تذكر ما فعله فكاد أحمد بأن يلحق بها فأوقفه قائلاٍ بحزن_أنا أسف يا أحمد مقصدتش كنت بهزر مش أكتر  .
أشار إليه أحمد بتفهم _عارف يا حبيبي  عندي دي متقلقش ...
ولحق بها للخارج سريعاً ...

بالمطبخ ...
بحث عنها كثيراً حتى أشارت رحمة على المطبخ فولج عمر للداخل ليجدها تجلس على المقعد تتناول ثمرة المانجو بتلذذ وهى تتحسس بطنها التى لم تنتفخ بعد فقالت بتذمر:-
_كلت كتير جداً عشان تكبر وأنت مش راضي طيب أعمل أيه ؟ ..
سقط من فرط الضحك فأنتبهت لوجوده لتنهض وهى تتأمله بغضب_بتضحك على أيه؟ ..
رفع عمر يديه بأشارة تعني البراءة مما هو منسوب إليه:-
_مضحكتش يا روحي أنا كنت ببحث عنك بس ومتأكد من وجودك بالمكان المشرف دا حاسس أنك بتعوضي شغل اليوم فبتكملي باقي يومك بالمطبخ..
رمقته بنظرة تذمر_بتتريق؟ ..

أجابها ببسمة هادئة بعدما أقترب منها بخبث _هعمل أيه مأنا مش لقي وقت ليا يرضيكي ...
تراجعت للخلف بأرتباك:_أحنا أعداء متنساش ..
تعالت ضحكاته الرجولية قائلاٍ بصعوبة بالحديث_على حد علمي بالشغل بس هنا أحباب ..
إبتسمت على جملته الأخيرة فرفعت المانجو بتسلية_حيث كدا بقا ساعدني ..
لم يفهم ما قالته الا حينما أشارت لملابسها المتسخة لعدم تمكنها من تناولها فكبت ضحكاته ثم جذب السكين وأحد ثمرات المانجو ليقطعها بحرافية ويضعها أمامها بخفة فتطلعت له بشك:- أنت بتدخل المطبخ كتير؟ ..

أستند بجذعه على الطاولة لتكون مقابل عيناه_دكتور وبدخل جراحه يعني السكاكين لعبتي يارب تفهمي ..
إبتلعت ريقها برعب فتركته ونهضت بغضب_فى حد يقول لحد هيأكل كداا سديت نفسي ..
وتركته وكادت بالرحيل ثم عادت لتحمل الطبق بعد أن رمقته بنظرة مميته لتغادر وهى تتناولها بتلذذ فتأملها وهى تغادر ببسمة هائمة ...

بالخارج ...
جلست على الطاولة التى تحاوطها الأشجار والأزهار بعيناها الباكيتان لتجده يلحقها كعادته، وقف جوارها يتأمل الأزهار حتى لا يشعرها بالخجل من متابعته لها ثم قال بخبث:-
_المنظر يجنن من هنا ..
لم تجيبه فألتسم حينما تذكر الطفولة التى قضاها معها بين  أحضان تلك الحديقة ...تذكر شيئاً ما فأبتسم ليتوجه إليها سريعاً فجذبها بقوة ...لحقت به بأستغراب:-أيه يا أحمد!..
جذبها لتقف أمام أحد الأشجار قائلا ببسمة واسعة _مش فاكرة حاجة ؟ ..
تطلعت له بأستغراب ثم لأشارة عيناه التى جابت أسفل الشجرة فأبتسمت بتذكر_السلسلة ..

أشار لها بتأكيد فجلسوا سوياً يحفرون الأرض بفرحة وحماس لرؤية ما تم دفنه منذ ثلاثة عشر عاماً ليخرج العلبة الحمراء، أزاحت من عليها أثار الطين الرطب ثم فتحتها لترى السلاسل الذي أحضره لها حينما كانت بالعاشرة من عمرها حين ذاك ...
قالت بفرحة _ياااه كنت نسيتها أنا مش فاكرة حطيتها هنا لييه ؟ ..
أجابها وعيناه لم تنتقل من عليها _كان أول عيد ميلاد محضرهوش معاكِ كنت مسافر مع عمي ولما جبتلك الهدية هنا زعلتي ورفضتيها وكالعادة فلست عليكي فدفنتيها هنا ..

لمعت عيناها بالدموع لتذكر ما حدث فكان أحمد بعطلته الصيفية فكان مولعاً بالسفر لذا غادر مع يحيى لأيطاليا فغضبت للغاية، عادت من شرودها على لمسات يديه وهو يزيح دموعها قائلا ببسمة واسعة_طول عمرك عنيدة يا أسيل ..
ثم عاونها على النهوض قائلاٍ بعد وهلة من الصمت_أنا موافق ..
شهقت بصدمة فأشار لها بتأكيد لتحتضنه بسعادة وفرحة بعدما قدم لها موافقته لاجل الحقن فلعلهم يرزقوا بمولود ...هرولت للداخل قائلة بفرحة _هلحق أبلغ البنات..

تتابع فرحتها ببسمة بسيطة ونظرة خوف لم يعلم مكنونها سوى جاسم الذي يقترب منهما، أحتضنته أسيل بحماس فقال بحب _ربنا يرضيكي يا حبيبتي ..
أجابته وهى تهرول للداخل _ياررب ..
تخفت من امام اعينهم فجلس على الطاولة بحزن ...جلس جاسم جواره بأستغراب_أول مرة تأخد قرار مش عايزه يا أحمد ..
رفع عيناه إليه كأنه لامس قلبه _خايف ..
أجابه بفضول_من أيه؟ ..
قال بصوتٍ مشحون بالأيمان_ يكون ربنا أختارنا  الخير فحرمنا من الخلفة  لشيء يعلمه هو ..خايف علي أسيل هتنكسر أوي .

تطلع له بذهول _أد كدا بتحبها يا جدع ..
رمقه بنظرة حدة _بعد كل سنين العذاب دي ولسه جاي تسألني !
تعالت ضحكاته محاولا التحكم بذاته_مقصدش بس أنت بتفكر بطريقة غريبة ...
قطعهم رائد  قائلاٍ بحدة_وأنت هتفهم أزاي وانت كل حياتك عايش عشان تزعل مراتك ..
أستدار ليجد رائد وياسين وعمر ومعتز وحازم يقتربون منهما ...
زفر جاسم بغضب _يووه هتقف جانب أختك من أولها ..

جلسوا جميعاً فقال بغضب _لا يا جاسم مش بقف جانبها سكوتي طول المدة اللي فاتت دي على هزارك السخيف عشان كلمتك دي هتقول منحاز ليها لكن أنت غلطت وغلطت جامد كمان  .
كاد بالحديث فقطعه ياسين بحدة_أعترف بغلطك يا جاسم وبلاش تكابر ...
صاح بغضب _يا جماعة أنا كنت بهزر والله
رائد بهدوء_أنا عارف نظرتك لينا أيه يا جاسم أن كلنا بنعامل البنات زي أخواتنا وأكتر بس هي متفهمش كدا ...

أشترك عمر بالحديث قائلاٍ بتأكيد على حديث رائد_الست بتحب الراجل اللي يذكر مميزاتها ويتلاشى عيوبها ممكن يتكلم معاها بس بينه وبينها ممنوع يخرج لأهلها غير الطبيب عنها  ما بالك بقا وأنت بتهزر وبتخلق كلام مش متناسب مع شخصيتها ..
لوى فمه بتذمر_خلاص كلكم قلبتوا شعراء مرة واحدة ..
حازم بغضب:- دا حيوان بلاش تضيعوا مجهودكم بالكلام معاه مش هيفهمكم ..
أشار إليه بتحذير:- لم نفسك يا حازم أحسنلك ...
زفر بغضب_يا عم روح حل جرايمك الأول ...

أقترب منهم يحيى وعز ببسمة جذابة_لينا مكان بالقعدة الحلوة دي؟ ..
أسرع ياسين بجذب مقاعدين قائلاٍ بترحاب_أتفضل يا عمي اتفضل يا بابا ...
جاسم ببسمة هادئة_تنورونااا طبعاً ..
ساد الحديث بينهما بأمور العمل حتي قطع أحمد الحديث بأستغراب:_مالك يا معتز ساكت من ساعة ما رجعلنا من المقر ؟!..

أنتبه الجميع لمعتز الهائم بصمت فتبلد القلوب القلق لهدوئه الغير معتاد أنصتوا جيداً له بينما فى تلك اللحظة كان عدي يبحث عن الجميع فرأهم يجلسون على الطاولة بجوار بعضهم البعض، كبت ضحكاته وهو يرى جاسم يكاد يقتلع عنق حازم فتوجه إليهما ليستمع لمعتز بما يقول ...
قال ونظراته على الفراغ:-
_محدش فيكم لاحظ  تغير عدي ؟! ..
ضيقوا عيناهم بأستغراب فقال بهدوء:-
_مخدوتش بالكم لما طلع عشان ينزل لرحمة ساعتها وقف وأتكلم معانا منطتش غير لما سمع مننا وأتكلم معانا على عكس شخصيته قبل كدا كان لما يأخد قرار مش بينقاش حد فيه بينفذه فوراً ..

أجابه ياسين بتأييد_فعلا يا معتز عدي أتغير جداا مبقاش العنيد المغرور زي ما كان ...
شاركهم عمر الحديث_عدي بقا حد تاني أنا أوقات بحس أن حد بدله ...
حازم بجدية _هتصدقوني لو قولتلكم أني حبيته أكتر من أول ...مكنتش أعرف عنه غير اللي الكل عارفه بس لما قربت منه في فترة شغله معانا بالمقر أكتشفت جوانب بشخصيته كانت مبهمة ليا ..
معتز بحزن_أنا كمان كان بيني وبينه أحترام فقط لأنه الأكبر بينا لكن حالياً أحترامي له زاد أضعاف وحبيته جداً حسيت أنه خليط عجيب بجد ...

إبتسم عز حينما تذكر تردده على ياسين الجارحي لمعرفة سبب تصميمه على عمل عدي بالمقر وسط أبناء أعمامه علم الآن السر وراء ذلك..بينما قال يحيى ببسمته الهادئة_دا كان الهدف من اللي عمله ياسين كان عايزكم تشوفوا عدي على طبيعته ويساعده أنه يتغلب على طباعه وخاصة أنه بالشرطة فدعمته أنه يزداد عن الأول لكن لما بعد عنها فترة ظهر معدنه ...
أحمد بأعجاب_ ياسين الجارحي تفكيره خطير بجد لو عشت 100سنة مش هقدر أفهمه ...

كان يستمع لحديثهم بصمت ...دفعوه لنقطة هامة كان غافلا عنها ...بل نقاطاً هامة ينتهي دربها برابط ياسين الجارحي!...تذكر أبيه وما يفعله لأجله وكان يرى أنه تحدى جديد ...أفعل ذلك لتتلاشي المسافات بينه وبين أخيه وأبناء أعمامه! ..أفعل ذلك ليكون محبوب بالقلوب لذلك الحد! ..أذاً هو الذي يعلم ما الذي يخفيه خلف الثبات والقسوة أذاً أبيه يفهمه أكثر من ذاته! ..
ولج للقصر يبحث عنه بعينان تلمعان لاول مرة بدموع غريبة ...يبحث عنه بجنون يود اللقاء به فى الحال ...

بالأعلى ...
صاحت بأعلى صوت تمتلك كأنه كبت لسنوات والآن تحرر_لحد أمته هتحمل كل اللي بتعمله داااا ؟! ..
لحد أمته هتفرض عليا الحزن والألم ؟!
لحد أمته هتفرض عليا شخصيتك الغامضة دي ؟..
لكل بداية نهاية وأنا مش عارفة نهايتي معاك هتكون أيه ! ...
وجلست على سجادتها المحببة وهو يتطلع له ببسمة ألم،خرت قواها وصدح صوت بكائها المؤلم الذي أستنذف كل طاقة ثبات لديه،تخلى عن غروره ليجلس أرضاً جوارها،يستمع لشهقات بكائها بصمت،عيناه مسلطة على الفراغ ..

قطع لحظات الصمت قائلاٍ بعدما اعتدل ليرفع وجهها أمام عيناه _أنا مش بالقسوة دي ولا أستحق الدموع دي ...
السبب الوحيد لغموضي أن محدش هيفهم تفكير ياسين الجارحي صدقيني أنا مبفكرش فى بكرا وبعده زيكم أنا بفكر فى وقت مش هكون في معاكم ...لوقت هكون عاجز عن حمايتكم من اللي جاي ..
رفعت اية يدها امام وجهه بغضب من الا يكمل حديثه فأحتضن يدها بين يديه ليكمل ببسمة ثبات _ دا واقع يا آية ولازم نتقبله حتى لو كان مؤلم ...

ثم نهض مقترباً من الشرفة  ليحرر ستائرها قائلاٍ بصوتٍ مشحون بالصدق _ أحساس أنك مسؤول من أسرة واحدة جميل لكن لما تكون مسؤول عن أكتر من فرد وأسرة صعب بمراحل ..اللي عملته دا كان لهدف وقريب أوي هتشوفي نتيجة للي عملته دا ترضيكي ..أوعدك ...
وغادر الغرفة سريعاً غير عابئ بخطاها المسرعة خلفه فهو بحاجة للبقاء منفرد،خطوات مسرعة للخروج من القصر ...
_ بابا ...

تخشبت قدم ياسين حتى حركة جسده،نعم هذا صوت عدي! ...هل ناداه أبي بعد تلك الاعوام ! ...هل فعلها أخيراااً؟! ..لا طالما كان ياسين الجارحي بالنسبة له مما كنن قلبه بالحزن ولكنه بابنهاية أنتصر ! ..
أستدار ببطء ليجد عدي أمامه بعينان مجهولاتان ليقترب منه بخطوات عاجزة كأنه فقد القدرة على الحركة لينهيها بأحتضانه لياسين ! ...
ليشرع بالحديث بعدما علم بالمجهول المخطط من قبل أبيه ! ...

حذر رعد جاسم بوجود أدهم من معاملة داليا برفق فعلم اباه ما فعل فود الحديث معه ولكن رفض رعد وفضل ان ينصحه بهدوء ..فصعد للاعلي يبحث عنها ..
ولج لغرفتهم حتى يتحدث إليها فوجد الخزانة فراغة ليعلم من الخدم بأنها نقلت ما يخصها لغرفتها الخاصة فأسرع إليها وعيناه مشتعلة بالغضب ليجد غرفتها خالية فهبط للأسفل بغضب ليجدها تجلس على الأريكة بشرود ...
أقترب منها ليجذبها أمام عيناه بغضب_ممكن أفهم نهاية اللي بتعمليه دا أيه؟ ..
أجابته بغضب وهى تجذب يدها_نهايته الطلاق يا جاسم ..

تطلع لها بصدمة لتصيح بغضب_طلقني .
تطلع لها بعينيه الهائمة بفيض من النيران المتأججة فصاح بصوتٍ كالسهام _واضح أن صبري عليكِ بقى ضعف بالنسبالك فأسمعيني بقى كويس لو فاكرة أن ممكن حد من القصر يتدخل فى حياتنا تبقى غلطانه ولا حتى أخوكِ نفسه ...
أستدارت بوجهها لأخيها فرمقها بنظرة غامضة ثم توجه للمغادرة فأسرعت إليه بذهول _رائد !..
سحب يديها الملتفة حول معصمه قائلاٍ بغضب _أنسي أني أكون جانبك فى الغلط ...
وتركها وغادر على الفور، وقفت محلها تتطلع للفراغ بصدمة من تخليه عنها،ظنت بأنه سيحاربه لأجلها ولكن أنقلب الأمر .
_لسه عندك شك بكلامي ! ..
قالها جاسم بسخرية فأقترب ليقف أمام عيناها الباكيتان ...قالت من وسط دموعها بصوتٍ مرتجف للغاية _متفكرش أن دا ممكن يغير قراري حتى لو بابا وأخويا أتخلوا عني ...

تسلل الغضب لعيناه شيئاً فشيء فزداد أضعافاً حينما قالت بثقة _ومصممه على الطلاق ...
ثم صمتت قليلاٍ لتعاود الحديث مجدداً _طلقني يا جاسم لو عندك ذرة دم ..
لم يحتمل ما قالته فلم يشعر بذاته الا ويديه تهوى على وجهها بصفعة قوية للغاية أسقطتها أرضاً تحت أقدام أبيه، أحتضنت جنينها بألم على أثر وقوعها القوي،تطلع له أدهم بنظرات كاللهيب فعاونها على الوقوف دون التطلع لها ! ...فعيناه بصراع مميت للغاية ...

عاونها على الجلوس على أقرب مقعد ثم أقترب ليقف أمام إبنه بصمتٍ قاتل ...فقط النظرات الغاضبة هى الحائل بينهما ...
أنهى فيض غضبه بصفعته التى هوت على وجه إبنه لأول مرة قائلاٍ بصوتٍ رج أرجاء قصر الجارحي _أخرج من هنا ومتحاولش ترجع فى يوم من الأيام عقاب اللي يتخطى قانون من قوانين القصر دا لكن أنت أتخطت الأصعب بأنك ترفع أيدك القذرة دي على بنت من بناتي ...

تطلعت لهم داليا بصدمة فنهضت بألم يحاوطها قائلة برجاء ودموع _لا يا عمي متعملش كدا أنا اللي غلطانة أستفزيته بالكلام ..
تركه جاسم وخطى للخارج سريعاً فتطلعت له داليا بدموع لتسرع بالحديث _عشان خاطري يا عمي وقفه ...
لم يجيبها وظل كما هو يتأمله وهو يبتعد بصمت، وقفت عاجزة عن التفكير بين قرار أدهم الحازم ومعشوقها الذي يغادر شيئاً فشيء، ربما جرحها بالفعل ولكنها كانت تود معاقبته حتى ولو بالطلاق ففكرة عدم رؤيته مجدداً لم تحتملها، أسرعت خلفه دون أن تعبئ بحملها، وقفت أمامه وأمام أخر خطوة للرحيل من باب القصر الداخلي،رفع عيناه ليجدها تعترض طريقه لا يعلم أيشعر بالسعادة أم بالحزن أم بالغضب عليها،شعوراً مختلفة تدور به،أنهت الصمت بدموع وأرتباك فقالت بألم لتذكر حديثه
_خدني معاك ...

صعق أدهم لما أستمع إليه وتخشب جاسم محله من الصدمة، جذبها ادهم بغضب ساخر _ ياخدك معاه فين ! والكلام اللي قاله عنك وطلبك للطلاق اللي مكملش دقيقتين ! ..
وضعت عيناها أرضاً بخزي فرفع يديه على وجهه ليحجر صداع رأسه فهمس بسخط وهو يغادر من أمامهم_الوقتي عرفت ليه رعد متدخلش ..
بنات أخر زمن...
ورحل من أمامهم قبل أن يفقد أعصابه عليهما معاً، وضعت عيناها أرضاً بدموع لا تعلم لما فعلت ذلك ؟ ..

ربما لأيقافه أو لأسقاط أحدى قوانين ذلك القصر ...وربما لعدم وصول الأمر لياسين الجارحي بأن هناك من أهان قوانينه برفع يديه على نساء قصره ...
ولكنها لم تنفي ألم قلبها على ما فعله بها، رفع يديه بندم على ما قاله وفعله كاد بأن يجفف دمعها ولكنها تراجعت للخلف دون النظر إليه ثم تحملت على ذاتها بالصعود بمفردها أما هو فشدد على خصلات شعره المتمردة بغضب جامح لما فعله ! ..
فالان صارت الهزيلة أكثر قوة للمحاربة من جديد...

بالمشفى.
ولج للداخل حاملا قالب من الكعك ليضعه أمامها قائلاٍ ببسمة هادئة:-
_عرفت أن النهاردة عيد ميلادك فحبيت أحتفل بيه معاكي ...
أضاء الشموع وأستدار ليصعق محله حينما رأها تتطلع لها بأعينها الساحرة ذات اللون الأسود الداكن ليطوفه الصدمة والذهول ! ...
أقوى حلقات الجزء الرابع بالحلقات الاخيرة من ..
أبعده عن أحضانه بنظرة تفحص يسودها القلق مما فعله فقال بثبات _فى أيه يا "عدي"؟ ...
رفع عيناه المذهبة ببسمة تكمنها الفخر_عرفت معدن "ياسين الجارحي" ..
إبتسم "ياسين" قائلاٍ بسخرية بعدما أستقام بوقفته_يعني مفيش تحديات بينا تاني؟ ..
أجابه بعد تفكير _مش عارف بصراحة ...

أزدادت بسمة "ياسين" فقال "عدي" بجدية_أنت أعظم أب فى الدنيا كلها ..
رفع يديه على كتفيه بحنان _أعظم أب عشان عندي ولد زيك يا "عدي" ...
ثم قال ببسمة هادئة تسودها الراحة_دلوقتي أنا أتطمنت على العيلة أكتر من الأول ...

وتركه وتوجه لمكتبه بفرحة ترفرف بعيناه التى تشبه النبع الصافي المنبث بالذهب الخالص، ترقبه "عدي" بأهتمام ثم أكمل طريقه للأعلى بحزن على عدم فهمه "لياسين" من قبل ..خطى الدرج ليجدها تقف والبسمة تزين وجهها رغم الدمعات التى تسكن عيناها وهى تراقب مع يحدث أمامها، أقتربت منه لتحيط وجهه بين يدها ببكاء_أخيراً يا "عدي" ..

أحتضنها "عدي" بندم قائلاٍ بحزن_متزعليش مني أنا أ...
قاطعته "آية" قائلة بفرحة _متعتذرش يا حبيبي الحمد لله أن المسافات اللي كانت بينك وبين "ياسين" أتقطعت دي فرحة عمري بجد ...
قبل رأسها ويدها بوقار فمررت يدها على خصلات شعره البني ببسمة هادئة ثم توجهت للهبوط فأوقفها بأستغراب وخاصة حينما رأى بيدها ملف غريب باللون الأسود_حضرتك خارجة ؟ ..

أجابته وهى تتفحص الطريق ببسمتها الرقيقة _لا هقطع المسافات أنا كمان .
وكانت تتحدث وهى تشير بيدها على غرفة مكتب "ياسين الجارحي" فأشار إليها عدي بيديه لترفع فستانها بيديها وتنحنى بقدماها قليلاٍ كأنها ملكة التى تقبل تحيته ليبتسموا معاً والفرحة تسكن بالقلوب قبل الوجه،هبطت متوجهة للأسفل وهى تتصنع الحزن والجدية بينما صعد "عدي" لغرفته ...

وضع قالب الكعك على الطاولة قائلاٍ ببسمة هادئة _عرفت أن النهاردة عيد ميلادك ...تسمحيلي أحتفل معاكِ ...
ثم أغلق الضوء ليشعل الشمعات قائلاٍ بصوته الهادئ الذي يحمل دفات العشق بين طياته_ Happy birthday Nona...
وأطفئ الشموع ثم قسم الكيك بالسكين ليضع قطعتان بالأطباق، شعل الضوء وأقترب ليجلس جوارها قائلاٍ ببسمة هادئة _ جبت التورته بالكريمة زي ما بتحبيها ...
ثم أخرج علبة حمراء من جيبه ليقربها منها،فتحها ليظهر السلاسل الفضي الذي يحمل حروف أسمها بلمعة جميلة ...خرج صوته ببسمة بسيطة_أتمنى هديتي تعجبك...

ووضعها حول عنقها برفق ليجذب يديه سريعاً بصدمة حينما رأها تفتح عيناها ببطء لتستقر نظراتها عليه، تخشبت قدماه محله فأصبح غير قادر على الحركة، نقلت عيناها على السلسال الذي يحيط برقبتها ببسمة رقيقة جعلته حائر أن كان ما به حقيقة أم هو مجرد خيال ذائف! ...
جلس مجدداً جوارها فأغلق عيناه بقوة ثم فتحها على مهلاٍ زيادة تأكد فصرخ بعدم تصديق_مش بحلم لا ..
إبتسمت بخجل وهى تشيح بعيناها عنه فقال بفرحة_أنا مش مصدق نفسي ...

ورفع يديه يحاوط وجهها بيديه بسعادة_كل اللي حواليا كانوا مخليني فاقد الأمل أنك ترجعي ...
تأملها بفرحة وعيناه تشع سعادة،ترقب عيناها ...تعبيرات وجهها بتركيز، أفاق من رحلة عيناه المثيرة لأستكشاف أدق ملامحها فأبعد يديه سريعاً عنها قائلاٍ ببسمة صغيرة _أعذريني أتحمست ونسيت نفسي ..
ثم قال بصدراً رحب_بس قريب هتكوني ملكي أوعدك أني هطلب أيدك من "مازن" بأقرب وقت ..
ثم أسرع للجاتو وقربه منها بحماس_تقدري تأكلي؟ ..
تطلعت له بثبات فغرس الملعقة بقطعة صغيرة ليقربها من فمها فتناولت ما بيديه بخفة ليتابعها بهيام قائلاٍ بهمس يسوده الأرتباك_أكيد بحلم ...

بمكتب القصر ...
كان يتابع بعضاً من أعماله على جهاز الحاسوب الخاص به فأذا بها تدلف للداخل بنظراتها الغامضة،تطلع لها "ياسين" بذهول _ "آية"! ...
رمقته بنظرة مطولة ثم أقتربت لتجلس أمامه ببرود جعله بدهشة من أمرها،رفعت يدها لتضع أمامه ملف داكن اللون يحوى عدداً من الأوراق،
فتحه ليقرأ محتوياته بأستغراب_أيه دا؟ ..

أجابته بحدة وعيناها تتركز عليه_زي ما حضرتك شايف ...غرامة مالية بمليون جنية لو خلفت بند من البنود دي ..
تطلع لها بهدوء وهو يكبت بسماته بصعوبة فوضعه على الطاولة ليعقد يديه ببعضهما بثقة _وأيه اللي هيجبرني أنفذ البنود ؟ ..
رفعت قدماها فوق الأخرى بثقة تضاهيه_حضرتك عايز تصالحني يبقي أكيد هتمضي على كل أوراق الملف دا وساعتها أفكر ..
فشل بكبت بسمته الفتاكة_أفكر ...أمممم ...طيب والبنود دي أيه بقى؟ ..

صفعت المكتب بيديها كأنها تخرج ما كبت لأعوام من الصمت_أول بند أن اللي حصل دا ميتكررش تاني أبداً ..تاني بند أنك تكون ليا كتاب مفتوح والتالت أنك ما ت...
قطعها بسخرية وهو يحرك الملف أمام عيناها _ودا اللي هيمنعني من كل دا! ..
أجابته ببسمة ثقة _الغرامة هى اللي هتمنعك ..
تعالت ضحكاته بعدم تصديق ليهدأ بصعوبة قائلاٍ بثبات وهو يلتقط أحد الأقلام_رصيدي كافي أني أغلط مليون مرة ..

أنكمشت ملامحها بضيق فجذبت الملف قبل أن يوقعه لتغير المبلغ لعشرون مليون جنيهاً ثم وضعته أمامه بثقة فأبتسم وأزال ما كتبته ليعدله لمليار جنيهاً ثم وقع الملف بهدوء ليضعه أمامها ببسمته المعهودة بالثقة والكبرياء، أحتل الغضب ملامح وجهها لتلقي بالملف أرضاً مربعة ذراعيها أمام صدرها بغضب _مفيش فايدة هفضل أعاني معاك كدا لحد ما أموت وأخلص ..
نهض عن مقعده ليجذبها إليه بغضب _متكرريش الكلمة دي تاني ...

رفعت عيناها لتجده قريب منها للغاية،خفق قلبها سريعاً فشعرت بأنها ستفقد السيطرة على قلبها اللعين لتخسر معركتها كالمعتاد ولكن ليس تلك المرة،تراجعت للخلف خطوة وعيناها تتحاشي النظر إليه فأبتسم بتسلية، وضع يديه بجيب سرواله وعيناه تتفحصها بعشق جعل قلبها يخفق بجنون، سرقت النظر لعيناه ذات اللون البني الساحر...رموشه الكثيفة التى تلامس حاجبيه عن تعمد ...بسمته الصغير التى تزيد وسامته بشكل مهلك للغاية ...نظراته التى تتفحصها بجنون ...
أنحنى ليجذب الملف الموضوع أرضاً ببسمة سخرية _معقول ملف موقع من "ياسين الجارحي" مكانه بالأرض كدا ! ...

رمقته بنظرة غاضبة فأقترب منها ببسمة مرح لا تزوره الا أمام معشوقته _على حد علمي دا عهود مهمة ولازم تحتفظي بيها يمكن لما أرجع بكلامي لو حبيت أخبي حاجة عنك ..
جذبته من بجنون لتمزقه وتلقي به أرضاً تحت أقدمه ثم جلست على الأريكة بيأس _مفيش فايدة فيك يا "ياسين" هتفضل زي مأنت ...
أقترب منها ليقف أمامها، كادت بالتباعد مجدداً ولكنه فجأها بحركة سريعة جعلها كالمقيدة بين ذراعيه،أستند بجبينه على جبينها هامساً بعينان مغلقتان تستمدان لهفة الشوق بجنون _وحشتيني ...

كبتت بسمتها بصعوبة لتقول بضيق مصطنع_بس أنت لا ..
ضيق عيناه بشك_متأكدة؟ ..
أجابته بسخرية _هى الأشباح بتوحش البني أدمين! ..
تعالت ضحكاته الرجولية بعدم تصديق،تأملته بعشق وضحكاته تتعالي دون توقف، قال بصعوبة بالحديث _عندك حق ...
وضعت عيناها أرضاً بحزن فحاوط وجهها بيديه بلمسة رقيقة نقلت لها عشقٍ هزم أجيال_صدقيني مش هتكرر تاني ...
تطلعت له بشك فقال بأستسلام_أسف ..
أكتفت بنظرة مبسطة له ثم أختبأت بأحضانه بأشتياق فشدد على أحتضانها بشوق طاف بهم لعالم خصص لهم ..."لياسين الجارحي" ومن ملكت أسوار قلبه!...

أسدل الليل الكحيل عباءته السوداء ليملأ العالم بظلامه الدامس ...
كانت عرضة لنظرات الجميع،لم يشفق عليها أحد حتى وهي فى تلك الظروف القاسية،بكائها على فراق أعز ما تملك لم يكن الشفيع لها أمام أحداً ...وضعت يدها فى محاولات فاشلة لحجب النظرات عن بطنها المنتفخة ولكنها فشلت فشل ذريع، تنقلت الكلمات بين النساء لتقتلها بنظراتها القاتلة والتهم البشعة فصارت كلا منهن تهمس للأخرى وعيناهم متسلطة عليها ...

أنقضت ساعات العزاء كأنها أعوام مطولة ليصبح المكان خالي بها،جلست "سارة"ً تبكي بصوتٍ مبحوح من شدة البكاء،أنكمشت على ذاتها قائلة ببكاءٍ حارق_أنا أسفة يا ماماااا أنا أسفة يا حبيبتي ...
بكت بصوتٍ يمزق الأبدان إلي أن قررت أنهاء حياتها بذاتها، حماسها تذكرها لنظرات النساء لها بأستقزاز فجذبت عدد من الحبوب الموجودة بعلبة من الدواء لترتشفها ببعض المياه ثم ألقت بذاتها أرضاً تبكي بقهر وأنكسار لتحتضن جنينها قائلة بصوتٍ مذبوح_أنا أسفة ...
وتركت العنان لدموعها بأنتظار موتها المحتوم لفعل ما تناولته! ...

بغرفة "نور" ...
قالت ببسمة تشع شر _الملف دا في أهم الصفقات اللي عمالوها ...
"نسرين" بفخر_عشان تعرفي بس أني كفاءة ...
"رحمة" بقلق_ما بلاش يا نور أحنا مش ناقصين بلاوي المرة اللي فاتت ربنا ستر ومتكشفناش ...
"أسيل" بضيق _هتفضلي طول عمرك جبانه يا رحمة ...
"رانيا" بتفكير_ أحنا نحرق الملف ونخلص...
"نسرين" بفرحة_فكرة برضو ..

"نور" بتفكير _لاا أحنا نحتفظ بيه بمكان أمين وأهو اللي منحتجهوش النهاردة نحتاجه بكرا ولا أيه يا شوشو ..
"شروق" بألم_أعملوا اللي تحبوه أنا هروح أريح شوية تعبانه أوي ..
"مليكة" بأهتمام_مالك يا شروق؟ .
أجابتها ببسمة هادئة_متقلقيش يا روحي حاجة بسيطة أنا بكرا بأذن الله هروح للدكتورة أطمن ومعايا "أسيل" عشان نشوف موضوع الحقن دا..
"أسيل" بقلق_أدعويلي يا بنات ..

رفعت "رحمة" يديها على كتفيها ببسمتها الرقيقة_ربنا هيرضيكي بأذن الله يا روحي ...
أشارت لها بأمل يسرى بعيناها، غادرت "شروق" لغرفتها لتستريح قليلاٍ فقالت نسرين بضيق _يعني هنخبيه فيين ؟ ..
"رانيا" _نور تحطه فى الخزنة بتاعتها وخلاص ..
لوت فمها بسخط_خزنة أيه يا غباااء مش بقولكم أغبية فييينك يا موجة أنتِ اللي بتفهميني معرفش رجعت بيتها ليه فى أكتر وقت محتاجها فيه ...
مليكة ببسمة خبث_كلك نظر عيد ميلادها بقا وعايزة شوية خصوصية ..
تعالت ضحكاتهم لتصفق نور بيدها _ لقيتهااا ..
تطلعوا لها بأهتمام فأشارت لهم بأن يتابعوها فهبط للباب السفلي للقصر ...

فتح"عدي" عيناه بصعوبة فجذب قميصه ليرتديه بأهمال،هبط للأسفل سريعاً ليجد "ياسين" يتجه للأسفل هو الأخر ..
قال بنوم وعيناه تنفتح بصعوبة_أيه الدوشة دي؟ ..
أجابه "عدي" بحدة_حضرتك بتسألني أنا ولا هتجاوبني ؟!..
كبت ضحكاته بصعوبة ليقول بثبات مصطنع_طيب أوكي تعال ننزل نشوف فى أيه ؟ ..
لم ينتظر رد فعل لسؤاله الأحمق فهبط للأسفل على الفور ...

بالأسفل ...
تسللت معهن للطابق الأرضي أسفل القصر فهمست "مليكة" بخوف_الله يخربيتك يا "نور" على بيت أفكارك يعني القصر كله مفيش فيه مكان أمان نخبي فيه الملف غير المكان المخيف دا ؟...
أجابتها بغرور_لانه مش هيخطر على بالهم يا ذكاء الملف دا لو وصلهم هنروح فى داهية ..
"داليا" برعب _البت دي ناوية تموتنا بسكتة قلبية .
نسرين بصوت مرتجف_حد سمع الصوت دا؟
"أسيل" برعب_صوت أيه؟..
"رانيا" بصوت مرتجف_أغلب أفلام الرعب بتكون فى قبر تحت قصر أو فيلا وبيكون مسكون وبينتهي بموت الأبطال ...
"رحمة" بخوف وهى تبحث عن باب الخروج_لا أنا خايفه ...خرجوني من هنااا ...

"نور" بسخرية_رعب ايه وافلام أيه بلاش هبل منك لها ! أنا كنت أ...
بترت كلماتها حينما انطفئ الضوء وعلى صوتٍ غريب المكان لتسرع بالصراخ_شبح ...القصر مسكوووووون شبح ...
ركضت الفتيات باكملهم للبحث عن الباب الذي دلفوا منه منذ قليل ولكن يصعب ذلك فالمكان واسع للغاية والظلام يطوف بهما،أقترب الصوت منهما أكثر فأكثر ومعه تزداد الصراخ والعويل ...

أنفتح الضوء على مصرعيه وساد الهدوء الغرفة ففتحت الفتيات أعيناهم ببطء فى أستعداد لرؤية دمية مسكونة أو شبح يترقص أمام أعينهم ولكن كان هناك الأصعب من ذلك عين الوحش الثائر الهائمة بالغضب ولجواره ياسين وعمر وأحمد يتأملون ما يحدث بصدمة وذهول ...
أسرعت إليه "أسيل" برعب _شبح يا "أحمد" ..
كيت ضحكاته بوجهه الجدي_يا راجل فين؟ ..
أشارت بعدة أتجاهات مختلفة،أختبأت "مليكة" بأحضان "ياسين" قائلة بصعوبة بالحديث _القصر مسكون أنا سمعتهم بنفسي ...

"جاسم" بسخرية _وأنا بقول كل يوم بقوم وشي كله روج ليه أتاري العفريتة بتقبلني وأنا نايم ...
سلط عدي نظراته عليه ليبتلع كلماته ويقف بصمت، هرولت "نور" إليه لتقدم له الملف بيد مرتعشة _خد مش عايزة حاجة انا عايزة أعيش ...
جذب "عدي" الملف بصدمة بينما راقبها "عمر" بذهول وهى تهرول للاعلى بصراخ وكلمات غير مفهومة ...
أنطفئ الضوء مجدداً وعلى الصوت المكان فتطلع جاسم لأحمد ومن ثم لياسين ومعتز ليهمس برعب _عيب نخاف أحنا رجالة ...
"جاسم" بصوتٍ خافت وهو يشدد على أحتضان "داليا" التى تناست كل ما حدث وتشبثت به به _المكان دا مقفول من أمته ؟ ...
"رائد" بلهجة مرتعبة وهى يتراجع بزوجته للخلف _القصر من أيام أجداد "عتمان الجارحي" فتخيل أي حاجة
"أحمد "برعب _أنا بقول نخرج من هنا وحالا ..

كان "عدي" يقف بالمقدمة ثابت كالجبال وبالخلف يطوفونه برجفة تسري الاعين! ...
تتابع الصوت بثبات فحاول "ياسين" جذبه قائلاٍ بسخرية _دول مش بشر هتهزمهم بقوتك دول أشباح ! ..
تطلع ليديه الممدودة على معصمه بغضب فجذبها "ياسين" سريعاً ليمضي بطريقه،وقف أمام خزانة سوداء تغلفها الأتربة من الجوانب، رفع يديه ليفتحها فتعالت الأصوات من الخلف بالا يفعلها فمنهم من خمن بوجود شبح بداخلها ومنهم من قال بأن بالداخل صندوق به سحر أسود او دمية قاتلة مثل أفلام الرعب ولكن أسوء توقعتهم ما حدث ! ..

تفاجئ بأنفتاح الخزانة فتطلع ليجد "عدي" أمام عيناه بنظرات توشك على قتله حياً جذبه خارج الخزانة ليظهر للجميع وهو يحمل بين يديه مسجل صوت به تسجيل لشبح مخيف فكان يصدر الاصوات من داخل الخزانة ...
رفع حازم يديه ببسمة مصطنعه وقلبٍ يرتجف_مساء الخير يا شباب أتمنى تكونوا أستمتعوا معنا ...
تطلعوا لبعضهم البعض ثم هجموا عليه باللكمات القاتلة وشاركتهن الفتيات بغضب ...

على التراس الخارجي للقصر ...
كانت تستند برأسها على كتفيه ببسمة يتشاركونها سوياً وعيناهم تتأمل محفور الذكريات بيدها ...
كانت "يارا" تحمل ألبوم من الصور التى جمعتهم منذ خطبتها حتى اليوم لتبتسم تارة وتنغمس بأحضانه تارات أخرى، قالت ببسمة يشوبها الدلال _فاكر يا "عز" لما كنت بتعاملني وحش وكنت بتجبرني أقولك يا أبيه ...
إبتسم بتذكر قائلاٍ بتذمر مصطنع_كنت مغفل أوي ..

تعالت ضحكاتها مشيرة له بتأكيد فتطلع لها بغصب _ومالك فرحانه أوي كدليه؟! ..
أجابته بعدما تركت مكانها _مكنت متصالح مع نفسك من شوية سبت دا كله وعلقت على ضحكتي ؟!...وبعدين أنت مكنتش مغفل بس كنت رخم موووت وحاجة أخر أ...
بترت باقي كلماتها حينما وضع الصور جانباً ونهض ليقترب منها، أشار لها بسخرية وخطاه تلاحقها _وأيه؟ ..كملي ..
أشارت له بتحذير _كبرنا على فكرة الجري وكدا فأعقل يا "عز" ..

ضيق عيناه بغضب _مين اللي كبر ! ..أنتِ مبتشفيش ؟ ..أنا لسه شباب يا حبيبتي لو شايفة نفسك كدا أوكي ..
أقتربت منه بغضب فأبتسم برضا حينما أسترد جزء من حقه _مين اللي كبرت !...
تطلع لها ببسمة مكر_أنتِ ..
تملكها الغضب فتمسكت بقميصه بعصبية _أنت شايفني كدا يعني؟ ..

تاه بعيناها لدقائق فجذبها برفق لتقف أمامه، حرر حجابها بخفة ليبعثر الهواء خصلات شعرها البني بحرية، دفن رأسه بخصلاته الطويلة ليتسلل رائخة عبيرها إليه، أغلقت عيناها ببسمة هادئة فرفع يديه للسماء قائلاٍ بهمس_أنا شايفك كدا ...
رفعت عيناها لما يشير إليه لتجد القمر من أمامها، لفت ذراعيها على كتفيه قائلة بأستسلام _وأنت لسه زي مأنت على فكرة بتقدر تغلبني بكلامك وأسلوبك ..
تعالت ضحكاته مشيراً لها بمرح فأبتسمت بخفة على طريقته المضحكة وتتابعته للداخل على أستحياء ..

بقصر "الجارحي" ...
تمدد على الفراش بملل، تململ يميناً ويساراً بضيق فنهض والغضب يعترى ملامح وجهه، جذب قميصه الملقي على الأريكة ثم خرج من غرفته متوجهاً لغرفتها، صفق الباب بصوتٍ أفزعها فنهضت من نومها برعب حينما رأته يدنو منها حتى أصبح مقابل عيناها، إبتلعت ريقها بقلق _"جاسم"! ..بتعمل أيه هنا ؟ ..
تمسك بهدوئه بصعوبة _أرجعي معايا لأوضتنا ...
تمددت على فراشها بعدم مبالة به _قولتلك مش هرجع ...
حملها بين ذراعيه بسخرية_هنشوف مين هيمشي كلامه على التاني يا "داليا" ..
لكمته بغضب _نزلني ..

إبتسم وهو يتطلع ليدها التى تلكمه بصدره فتطلعت له بأستغراب من سر بسمته الغامضة فقال بلهجة ساخرة _لا وجعتيني بجد ..
وخرج من الغرفة بثبات غير عابئ بصراخها المتواصل ليضعها على فراشه ومن ثم أغلق الضوء وتمدد جوارها ليجذبها بين ذراعيه ببرود، تطلعت له بصدمة فحاولت تحرير ذاتها من بين أحضانه ولكنها لم تستطيع فصاحت بغضب _أنت أيه معندكش دم ...سبني بقولك ...

أستند على جذعه ليكون مقابل لها قائلاٍ بلهجة بثت لها رعباً قابض_مشاكلنا متخرجش من الأوضة دي يا "داليا " ودا ميمنعش أنك تزعلي وتعملي اللي تحبيه لكن متفكريش تخرجي بره الباب دا ولا بره حضني ...فاهماني ...
قالها بحدة فأشارت له كالبلهاء فتمدد وجذبها لأحضانه ليداثرها بالغطاء وهى تحاول أبعاده بلطف بعدما أستمعت للهجته، ظل كما هو عيناه مغلقة قائلاٍ بهمس والنوم يستحوذ عليه شيئاً فشيء_نامي يا "داليا" أفضلك من اللي بفكر فيه ..

رمقته بنظرة محتقنه_أنت قليل الأدب على فكرة ..
إبتسم على كلماتها المعتادة قائلاٍ ببرود_أوكي ...
إبتسمت رغماً عنها وأنصاعت للنوم بأحضانه كالمعتاد إليهم، أغلقت عيناهت بأستسلام فقال بصوتٍ منخفض _"داليا" ...
فتحت عيناها قائلة بتذمر مصطنع_أممم ...
أجابها بتفحص _لسه زعلانه مني ؟ .
تطلعت له بغضب _على أساس أني كنت أتصفيت يعني ..
تأمل عيناها ببسمة مكر_مأنتِ فى حضني أهو عايزة أيه تاني ؟! ..
رمقته بغضب _بالغصب يا حبيبي ...تفرق ..
تعالت ضحكاته وهو يتأمل تعبيرات وجهها فقربها إليه قائلاٍ بخبث_بسيطة أصالحك من أول وجديد ..

بغرفة "أحمد" ...
بحثت عنه جوارها فلم تجده لتنهض مفزوعة من نومها، جذبت مأزرها لترتديه على قميصها القطني القصير لتبحث عنه بالحمام الملحق بالغرفة فلم تجده، رفعت "أسيل" هاتفها بقلق ليأتيها صوت "أحمد" على الفور قائلاٍ بهدوء _أيوا يا حبيبتي .
=أنت فين يا "أحمد" ؟ ..
أجابها بأرتباك _على الطريق مامت صديق ليا توفت النهاردة وأنا لسه عارف من شوية هروح أعزيه ...

تطلعت للساعة الموضوعه جوارها بأستغراب _فى الوقت دا! .
قال بهدوء_معلش يا روحي مهو ملوش حد غيري لازم أكون جانبه ..
أجابته بحزن _ربنا يرحمها ويصبره ..
=يارب يا حبيبتي ...متقلقيش مش هتأخر عليكِ ...
_خلي بالك من نفسك ..
=حاضر ..مع السلامة ...

وأغلق "أحمد" الهاتف ليكمل قيادة سيارته متوجهاً لمنزل "سارة" سريعاً فكأن الله أراد أن يمنحها الحياة فبعثه بهذا الوقت المتأخر من الليل لينقذها! ..
وبالفعل وصل "أحمد" لمنزلها، طرق الباب ولكن لم يجد رداً، رفع ساعة يديه ليرى أن الوقت متأخر للغاية فظن بأنها خالدة للنوم فهو لم يكن يعلم بوفاتها الا منذ قليل حينما تحدث إليه صديقه "طارق" وترجاه أن يكون جوار شقيقته فهي وحدة لا أقارب لها سوى والدتها المتوفه ...كاد بالرحيل بعدما يأس من أجابتها ولكنه أستمع لصوتٍ خافت يخرج بصعوبة، أنصت أحمد جيداً ليجد صوت يحفوه الرجاء بأنقاذها، حطم الباب سريعاً وولج للداخل يبحث عنها ليجدها تفترش الأرض ..متكورة تحتضن بطنها بألم، أنحنى ليكون على مستواها فوجد جوارها علبة من الدواء الفارغة، تأملها بصدمة ليصيح بغضب _ ليييه يا "سارة" لييه؟ ..

فهمست بضعف ودموع لأنقاذها_أنقذ بنتي يا "أحمد" أرجوك ...
حملها وأسرع لسيارته ليخرج هاتفه على عجل ليقص ما حدث بأحترام يليق بمن يتحدث معه ...وصل للمشفي بعد عدة دقائق ليحملها للداخل مجدداً فألتقتطها منه الممرضة بسرير متحرك لغرفة العمليات فتبقي بالخارج بخوف وأرتباك ...

تخفى الليل خلف الستار وطلت الشمس بأشعتها المذهبة لتعلن عن يوماً محتوم ! ...
بغرفة "ياسين" ...
نهض عن فراشه بقلق فجذب ساعة يديه الموضوعه على الكوماد، أسرع لخزانته ليخرج ملابسه أستعداداً للذهاب للمقر، وقف أمام المرآة ليصفف شعره الغزير بنظرات لا تخلوها الثقة، تأمل المرآة بذهول حينما وجد طيفها يأتي من خلف الستار ...
أستدار يتأملها بنظرات ذهول قائلاٍ بهدوء_"مليكة" ..

رفعت الستار لتكون فى مقابله ليلمح نظرات الخوف بعيناها، ما أن رأته حتى تخبأت خلفه مجدداً فأزاحه بأستغراب_واقفة عندك كدليه ؟ ..
أشارت له على الكوماد بصمت فنقل نظراته بأستغراب مما يحدث لها ليجد حاسوبه محطم وموضوع على الكوماد الذي تشير له، أستدار بوجهه مجدداً ليجدها جذبت الستار وتخبأت خلفه مجدداً بخوف، كبت بسمته بخرافية ليشيح الستار عنها فقالت بخوف _وقع غصب عني والله ...
جذبها برفق لتقف أمامه قائلاٍ بهدوء_طب وخايفة ليه مدام دي الحقيقة؟ ..
زمت فمها بسخط _مأنا قولت بقى عشان العدواة اللي بينا بالمكتب عقلك هيفكر حاجة تانية مثلا ..

إبتسم مشيراً لها بعدم تصديق _مفيش فايدة فيكِ هتفضلي زي مأنتِ ...
رفعت يدها بغضب _على فكرة نفسي اللي مش عجباك دي بفتخر بيها أكتر من مرة..
تعالت ضحكاته قائلاٍ بصعوبة بالحديث _والسبب؟ ..
أجابته بغرور _الأول أني زوجة" ياسين يحيي الجارحي" والتاني ودا الاهم أني بنت "ياسين الجارحي"...يعني خاف مني ..
جذب حقيبته وهو يتأمل ساعة يديه ليغمز لها بعشق وهو يتوجه للخروج _أوعدك أفكر ..
وغادر على الفور فأبتسمت وهى تلمح طيفه يغادر الغرفة ...

بالمشفى ...
كشفت الطبيبة على "شروق" فوجدت بأن حالتها تستدعى للولادة فى الحال فدخلت للجراحة على الفور، بلغت "أسيل" الجميع عن طريق هاتفها وتوجهت للأسفل لأحضار بعض الأدوية المطلوبة كما أخبرتها الطبيبة، فتشت عن الطريق لأقرب عيادة حتى جلبت الدواء وتوجهت به لقسم النساء والتوليد ...صعدت الطابق الأول وكادت بأن تستكمل الدرج فتوقفت حينما لمحت طيف زوجها بأخر المبني فقالت بأستغراب _"أحمد" هو أتلغبط بالدور ولا أيه ؟ ..

توجهت إليه بغضب وخاصة بعد أن قضى ليله خارج القصر، لحقته ليزداد أندهشها حينما ولج لداخل أحد الغرف، لحقت به لتجد بابها مفتوح بعض الشيء لتجده يجلس على الفراش ولجواره تجلس فتاة تبدو لها بالشهر الأخير من الحمل ...
تسلل الأستغراب لملامحها وهى تراه يقدم لها الدواء ويعاونها على أرتشافه، نبض قلبها بالخوف وعينها تراقب كل حركة يفتعلها بتركيز ورعب وغيرة وصدمة لا تعلم ماذا يحدث معها ولكنها تصبر ذاتها بأن هناك شيئاً خاطئ ولكن لما كذب عليها وأخبرها بأنه عند أحد أصدقائه! ..

بالداخل ...
ناولها الدواء فأرتشفته بتعباً بادي على ملامحها، أستكانت قليلاٍ على الوسادة فداثرها بالفراش بغضب_كدا يا "سارة" كنتِ عايزة تغضبي ربنا وتموتي كافرة! ..
أجابته بدموع وصوتٍ يخرج بصعوبة كأنها على حافة الموت _غصب عني يا "أحمد" أنت مشفتش الستات كانوا بيبصولي أزاي فى العزي ... وماما أنا مش هسامح نفسي أبداً ..
وعادت للبكاء مجدداً فوضع كوب المياه من يديه مشيراً لها بهدوء_طيب أهدي عشان اللي فى بطنك الدكتورة قالتلي أن ممكن تدخلي العمليات النهاردة بليل أو بكرا...

أشارت له ببسمة سخرية للحياة _عارفة ...سمعتها وهى بتتكلم مع الدكتور عن حالتي الخطيرة عشان كدا هتولدني قبل ما أ..
قطعها بهدوء_ما تفكريش فى حاجة غير أنك هتقومي أنتِ وبنتك بخير بأذن الله ...
أشارت له ببسمة هادئة فقال بتوتر _عمي لسه قافل معايا من شوية ..
تطلعت له بأهتمام فأسترسل حديثه بغموض_جاهزة ..
كبتت شيء بداخلها قائلة بشجاعة _قول لياسين بيه أني جاهزة ..

إبتسم قائلاٍ بأستغراب _أيه الثقة دي ؟ ..أنتِ كنتِ رافضة فى البداية
أجابته ببسمة هادئة _بس ياسين الجارحي صح ...
ثم قالت بأمتنان _مش عارفة أشكرك أزاي يا أحمد أنت وياسين بيه أنا أخويا اللي من لحمى ودمي معملش معايا زي مأنت بتعمل ..
أشار لها بهدوء_ما تقوليش كدا يا سارة ...يلا أرتاحي أنتِ وأنا هخرج أرتب كل حاجة وأجيب المأذون ..

مسكت يديه برجاء_مش عايزة أشوف وشه يا أحمد عشان خاطري هات الورقة أوقعها هنا بدون ما أشوفه ...
أشار لها بتفهم لتكمل حديثها بدموع _"ياسين" بيه وعدني أنه هيطلقني منه بعد ما يسجل البنت ...وأنا خايفة أموت وأنا على ذمته ..
عنفها بغضب _مش قولنا أتفائلي خير يا سارة ..أرتاحي أفضل من كلامك اللي كله توتر دا ...
أنصاعت له بهدوء بحاجة إليه فكانها تشعر بشيء ما لا يشعره الا من أوشك على مشارفه .

بالخارج ...تخشب جسدها وتحول لكتلة من الجمر حينما رأتها تتعلق به وبيديه! ..هوت الدموع دون أن تشعر بها على وجهها، أنتبهت للممرضة التى خرجت من داخل غرفتها فجففت دموعها وأسرعت إليها بتماسك مازالت تتشبث به _لو سمحتي هو مين اللي معاها دا ...
أجابتها بأستغراب_ليه؟ ..
قالت بأرتباك_لا أبداً أصل دي صديقتي من أيام الدراسة وكنت عايزة أدخل اسلم عليها بس محروجه من الشخص اللي معاها دا أنا أعرف عيلتها ...
أجابتها الممرضة بأيجاز_دا جوزها جابها نص الليل هنا امبارح كانت تعبانه جداً ...

هوت كلماتها على مسمع "أسيل" كالنيران التى ألهبت مشاعرها لم تشعر بقدماها الا وهى تجتاز ذلك الحاجز القصير لتكون بداخل الغرفة، أستدار "أحمد" ليغادر فتحاولت ملامحه لصدمة حينما راها تقف أمامه فقال بدهشة _"أسيل" ...
أنتبهت لها "سارة" فتطلعت لهم بأستغراب، ولجت الممرضة للداخل قائلة بهدوء_معاد دواكي يا مدام "سارة" ...
وقع أسمها على مسمع أسيل كالصاعقة فتذكرتها على الفور ...تذكرت حديث أحمد عنها منذ أيام الجامعة لتعلم الآن أن ما يحدث أمامها حقيقة مؤلمة، أقترب أحمد منها فجذب يديها _ممكن تهدي وتسمعيني ..

جذبت يدها لتهوى على وجهه بصفعة قوية جعلت من بالغرفة بحالة من الصمت والسكون فقد حانت الآن عاصفة لن يتمكن من إيقافها أحداً ولكن ماذا لو كانت علمها من البداية بيد "ياسين الجارحي" ...
ما نقطة التحول الذي قلبه أحمد وما دخل "ياسين الجارحي" ...
هالة من الهلاك جذبها أحمد لحياتها ولكن بمعاونة ياسين أصبحت أكثر أماناً فأتت أسيل لتنهي كل شيء ولكن هناك اخطاء نسيانها محال فماذا لو كانت تتعلق بالثقة؟!

 

تااااابع ◄