-->

رواية راقصة الحانة الفصل التاسع

 

 

 ركب سيارته بجوارها صامتاً وهي تراقبه بنظراتها والصمت سيد المكان، قاد بها في طريق جديد فسألته بهدوء قائلة:
- احنا رايحين فين ؟؟.
أجابها دون النظر لها ببرود شديد يخفي خلفه وجعه قائلاً:
- هوصلك المستشفي مش ورديتك هتبدأ كمان ساعة.



مسكت يده بيدها الصغيرة برفق ثم هتفت بعفوية قائلة:
- بس أنا مش هروح النهاردة لسه راجعين الصبح من سفر وتعبانة.
أوقف سيارته فجأة ثم نظر لها بلهفة وخوف عليها و قال:
- تعبانة في حاجة بتوجعك.

نظرت للهفته عليها وخوفه ثم قالت مُردفة:
- تعبانة لتعبك عارفة ومتأكدة آنك محتاجني دلوقتي أكثر من أي وقت تاني، مينفعش أسيبك وأروح الشغل أنت عارف آنك عندي أغلي من الشغل ومن العلميات وكل حاجة.
صمت ولم يعقب علي حديثها وقاد سيارته للبيت صامتاً...

وقف سلمي أمام المرآة تتجهز لتذهب للمستشفي وترفع شعرها ذيل حصان وتذكرت حديثه ( علي طول شايفها دكر في لبس الدكتور ولمه شعرها علي طول... )
تركت شعرها ينسدل علي كتفيها وذهبت للدولاب وأحضرت جميع ملابسها ووقفت أمام المرآة تجربهم بحيرة وبعد وقت طويل ما يقرب لساعة أستقرت علي طقم وفتحت درجها أخرجت منه أحمر الشفاه ووضعت منه وبعض الكحل والماسكرة وأبتسمت في المرآة علي ذاتها وذهبت...

دلفت سلمي آلي غرفتها بالمستشفي وصدم حين ظهر حسن وحاصرها في الباب بذراعيه، شهقت بقوة من الدهشة ووجوده ونظرت لعيناه، تفحصها بدهشة. من مظهرها وهي ترتدي تنورة قصيرة تصل لركبتها ذات اللون الأسود وعليها قميص حريمي بكم وبه أسورة من المعصم لونه أحمر مُرتدية عليهم البلطو يحميها من البرد القارس وبه فور كثير حول رقبتها من الخلف يجعلها تشبه الأطفال به وشعرها مسدول علي الجانبين يداعب وجنتها ماسكة بيدها حقيبة متوسطة الحجم وبقدميها هاف بوت أسود بكعب عالي وتضع بعض مساحيق التجميل، خجلت من نظراته وهو يتفحصها من القدم للرأس بدقة ثم هتف وهو يضع خصلات شعرها خلف أذنها بلطف قائلاً:
- فين سلمي ؟؟.

أرتبكت من سؤاله وكادت آن تذهب لكنه عادها بذراعه لحصاره مجدداً وهو يهتف بجدية قائلاً:
- منكرش آنك زي القمر بس إيه رجلك العريانه دي مش سقعانة ولا مالكيش راجل يحكمك.
أبتسمت له ببراءة مصطنعة وقالت بأستفزاز قاصده أغاظته:
- فعلاً مش لاقيه راجل يحكمني وبعدين أنت مالك ومال رجلي حاجة عجيبه والله.

- نهارك أسود وأنا آيه يابت مش كل شوية أتجوزني ياحسن اتجوزني ياحسونة، يخربيتك وازاي تطلعي من البيت بالميكاج ده وحاطلي روج كمان
قالها بغضب شديد فضحكت عليه وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها ثم أردفت بكذب مصطنع لأغاظته أكثر قائلة:
- لا تتجوزني ايه خلاص آنا لاقيت عريس تاني، امال آنا عاملة كل ده ليه هقبله كمان ساعتين، شكلي حلو ياحسونة هعجبه.

عض شفتاه السفلي بغيظ وغيرة تلتهبه ثم أخرج منديل من جيبه ومسك فكك وجهها بقوة ثم مسح لها الروج بأنفعال كأنه يلتهم شفتيها بيده وهي تصرخ به، ألقي المنديل علي الأرض بغضب وأقترب خطوة أكثر وهو يلمم شعرها المسدول بغيظ، صرخت به بأنفعال شديد:
- أنت بتعمل إيه ياحسن بوظت كل حاجة.

أبتعد عنها ودفعها بعيداً عن الباب لكي يخرج، فتح الباب ونظر لها بغيرة وقال بتهديد مُحذراً لها:
- شكلك معفن ومتلبسيش كدة تاني انتي فاهمة وغيري هدومك بسرعة اياكي تخرجي بالقرف ده قدام الناس، واياكي تجيبي سيرة العريس ولا راجل تاني علي لسانك.
ذهب وهو يغلق الباب بقوة، ضحكت عليه بخجل وفتحت الدولاب أخرجت زي المستشفي بسعادة...

كان نائماً علي سريره صامتاً ينظر للسقف فدلفت دموع للغرفة وقالت بخفوت:
- إلياس مش هتتعشي.
جلس على السرير ثم تتنهد بقوة وقال:
- كلي أنتي يادموع واخرجي وسيبني لوحدي.
أقتربت منه بهدوء حتي وصلت أمامه وأربتت علي كتفه بحنان، رفع نظره لها بضعف وقالت بصوت مبحوح:
- قولتلك أخرجي.

- مقدرش أسيبك لوحدك
قالتها بخفوت شديد وهي تملك وجهه بين كفيها الصغار، أزدرد لعوبه الجاف بصمت ثم قال بتهكم:
- أخرجي أنا عايز أكون لوحدي.
فأجابته بلطف ونبرة دافئة قائلة:
- بس أنت قولت آن آنا أنت يعني نفسك، مقدرش أسيبك لوحدك.
مسك يدها بيده بقوة ثم أردف بضعف أكبر في نبرته وعيناه قائلاً:
- أخرجي لأني لو فضلت ماسك الأيد دي مش هسيبها.

جلست بجواره برفقه ومسكت رأسه بيديها ثم جذبته لصدرها وهي تربت علي ظهره بحنان، شعرت بيده تتشبث بخصرها بقوة وكأنه يخشى تركها فتهرب منه، ظلت بجواره تمسح على رأسه وهو نائم علي قدميها هادي كطفل صغير، هتفت بخفوت شديد قائلة:
- حبيبي أنت قسيت أوي عليهم.

أجابها وهو مغمض العينين ويضع يدها اليمني فوق قلبه قائلاً:
- وهم يا دموع مقسيوش علينا، موجعونيش لما طلعوا شهادة وفاة ليا بسهولة وازاي قدروا يحرموني منك كل السنين دي وهم شايفني مكسور قدامهم من غيرك حتي شغلي قربت أخسره من كتر الاخطاء مفيش مرة صعبت عليهم فيها عشان يقولولي انك عايشة ويرجعوكي ليا.

انهمرت دموعه علي وجنته فشعر بيدها الأخري تمسحهم له بحنان فقده من أمه منذ زمن بعيد ودفء قلب عاشق يتألم لرؤية دموع حبيبه...
هتفت ببراءة وحنان قائلة:
- بس دول امك وأبوك ياحبيبي مهما عملوا ومهما قالوا هم آمك وأبوك وما عليك إلا طاعتهم.

أدار جسده يستلقي علي ظهره ثم رفع نظره لها بعيون لوثتها الدموع والحزن قائلة:
- عشان أهلي يحق لهم اللي عملوا مفيش اهل بيرضوا بعذاب ابنهم.

تتنهدت بقوة من أعماق صدرها ثم قالت بحزن عميق:
- عارف يا إلياس آنا ليه بأجل فرحنا ودخلتنا عشان مش هلاقي اب ولا ام ولا حتي أخ ولا خال يديني ليك ويوصيك عليا زي كل البنات، عشان لما أصحي تاني يوم مش هلاقي ماما جايه تزورني وتقولي صباحية مباركة زي كل العرايس ولا حتي أخت او خالة، عشان نفسي ماما تكون معايا في يوم زي ده وخايفة يجي عشان عارفة ومتأكدة اني هكون لوحدي فيه مينفعش لما يجي كمان تكون لوحدك زي وأهلك موجودين.

جلس علي السرير بعد آن رأي دموعها تنهمر وهي تحدثه عن فقدها لأمها، وهتف بخفوت حنون وهو يمسح دموعها بأنامله قائلاً:
- خلاص متعيطيش ياقلبي آنا معاكي أهو وعمري ما هسيبك أبدآ وماما موجودة هتيجي وتقولك صباحية مباركة وهتوصيني عليكي متقلقيش وهجيب حسن كمان بس وحياتي متنزليش دموعك دي بحس أني مش راجل ومستاهلكش لما بشوفهم.

هتفت ببراءة وسعادة تغمرها قائلة:
- يعني هتصالح طنط وعمه بكره صح.

أشار إليها بنعم وهو يضع يديه علي عنقها من الجانبين ثم وضع قبلة علي جبينها بلطف فأبتسمت له وهي تتشبث بذراعيه فنظر لعيناها بدفء وضربات قلبه لم تتوقف وهلة واحدة عن قوتها مادامت صغيرته أمامه ثم نزل بنظره لشفتيها وفعلت المثل هي الأخرى أقترب منها وهو يجذب رأسها نحوه بهدوء وهي مُتشبثة بذراعيه وتلامست أنفهما معا وقبل آن يضع قبلته أوقفه رنين هاتفها فأشاحت نظرها بخجل عنه وأبعدت يده عنها وهي تلتقط الهاتف بيدها ورأت أسم أثيــر ...

- عندها نزيف داخلي لازم تدخل جراحي فورآ
قالها الطبيب لــ حبيب وأبنته فسأله على بهدوء وهو يحاوط أكتاف زوجته المريضة بيديه:
- مفيش خطورة عليها.
أجابه الطبيب بهدوء شديد قائلاً:
- لحد ما نفتح مفيش أي خطورة لأن إحنا مش قادرين نحدد السبب كل الإشاعات مش هنقدر نستخدمها بسبب النزيف.

- ماشي نعمل العملية المهم هي تكون بخير وتقوم بالسلامة
قالها حبيب بتهكم وتعب وهي يتكئ على عكازه، نظر الطبيب أرضاً بأسف وقال:
- هنضطر نستني للصبح لأن مفيش جراح في المستشفى حالياً .

- آنا هعملها
أتاءهم صوتها من الخلف، أستداروا جميعاً ورأوها تقف بجواره وهو يمسك يدها وعلى ملامحه الصدمة من حديث الطبيب، أقتربوا منهم فنظر حبيب لها بغيظ ثم للطبيب وقال:
- الجراح هيجي أمتي الصبح.

- 9 الصبح بيكون هنا
قالها الطبيب وهو ينظر لـ دموع تلك الشابة آلتي لا يعرفها، أعطته دموع كارنيهها الخاص بالمستشفى بمعني أن لها الحق في أجراء الجراحة وقال برسمية:
- ياريت تجهزوا غرفة العمليات وهتعب حضرتك حد يوريني مكتبي.
مرت من أمامه فمسك ذراعها بقوة وهو يقول:
- آنا مسمحتلكيش تعملي العملية ولا تلمسي مراتي.

- بس دموع هتعمل العملية وأنا سمحت بده
قالها إلياس بغضب شديد وهو يري آمه تصارع الموت وهو يرفض لكرهه لها.
نظرت دموع له بتحدي وثقة وقالت بلهجة حادة جدية:
- أسفة بس أنا دكتورة وقبضت تمن العملية ومادام قبضت يبقي لازم أعملها.

نزعت ذراعها من قبضته ورحلت مع الطبيب، دلف إلياس آلي أمه ورأها علي سرير المرض وعلي أنفها أنبوب التنفس الصناعي تجمعت دموعه في عيناه وهو يعلم بأنه السبب في مرضها لم تمر دقائق معدودة ودلف الممرضين وخلفهم دموع بعد أن غيرت ملابسها لزي العمليات كما رآها لأول مرة بعد 9 سنوات تيشرت وبنطلون أزرق اللون وفي قدمها حذاء طبي، مسكت يده بحنان تطمئنه بأنها ستعتني بأمه حتي لو تكلف الأمر حياتها، نظر لها بضعف فأشارت للممرضين بأخذها فحركوا سريرها والأجهزة وخرجوا، كادت أن تذهب خلفهم لكنه أغلق قبضته على يدها فنظرت له.

هتف إلياس بضعف شديد وهو ينظر لعيناها قائلاً:
- آنا مدفعتش تمن العملية.
- ثقتك فيا هي أغلي تمن ممكن تدفعه
قالتها بحب وهي تمسح دموعه بأناملها ثم أكملت حديثها بهدوء شديد:
- متخافش ياإلياس آنا هخلي بالي منها وهرجعهالك عشان في كلام كتير أنت لسه عايز تقوله ليها.

جذبت يدها من قبضته وخرجت ركضاً خلفهم وهي تربط كمامتها وطاقيتها فوق شعرها، دلفت الي غرفة التعيقم اولاً وعقمت يديها ومنها آلي غرفة العمليات تستعد لجراحتها...

وقفوا جميعاً في الخارج أمام الباب العمومي لغرف العمليات ينتظروه اي خبر يطمئنهم، جاء له مدير المستشفي علي معرفة سحطية به وهتف بحزن:
- قلبي عندك ياسيادة اللواء، أطمن خير بإذن الله.

- الجراح لسه مجاش، آنا مش هطمن علي مراتي الا مع جراح خبير
قالها حبيب وهو يجلس علي الكرسي الحديدي مُتكي علي عكازه ناظراً أرضاً، فهتف المدير بطمأنينة قائلاً:
- دكتورة دموع شاطرة برضو السي في بتاعها جاي من أسكندرية مفيهوش ملاحظة واحدة ولا حتي وفاة اي مريض عملتله عملية غير أنها حصلت علي ماجستير في الجراحة العامة وعلي حد علمي أنها بتحضر دكتوراة دلوقتي يعني متقلقش من صغر سنها.

صمت حبيب ولم يعقب علي حديثه، كان واقفاً أمام الباب مباشرة يرفض الجلوس وهو يضع كل ثقته بحبيبته الصغيرة ومهارتها لكنه يشعر بأنقباض في قلبه شديد لا يدري سببه...

أنهت سلمي يومها الروتيني في المستشفي ونزلت تقف في الطريق تنتظر سيارة تاكسي، فتوقف حسن أمامها بسيارته وفتح النافذة وأشار إليها بالركوب، ركبت بجواره فقاد بها وهو ينظر من تارة لأخري علي قدميها العارية فلاحظت نظرته ثم هتفت بخجل وهي تغلق البطلو تخفي قدميها قائلاً:
- ممكن لو سمحت تبص قدامك .

ضغط علي الفرامل فجاة وصرخ بها بغيرة شديدة عليها من أنظار الجميع قائلاً:
- ابص قدامي، أنتي ازاي تخرجي من البيت كدة اصلاً عجبك شكلك والناس في المستشفي بتتفرج عليكي معجبين بسيادتك.
أزدردت لعوبها بخوف من غضبه وصراخه ثم هتفت بتلعثم شديد:
- مش أنت اللي قولت عليا دكر، يعني هو أنا راجل.

وجهشت في البكاء، صرخ بغضب وهو يمسك ذراعها بقوة قائلاً:
- آنا اقول زي مانا عايز، انا ياستي عجبني شكلك وانت دكر حد أشتكالك آنا جيت أشتكت لك من حاجة.
لم تتوقف عن البكاء وهو يستمر بصراخه، فهتف برفق:
- خلاص متعيطيش انا بس مش عاوز حد يبص عليكي، انتي فكرتي أنا النهاردة كنت عامل ازاي كان ناقص اسيب الشغل والمرضي وأجي اراقبك أشوف مين بصلك ومين ضحك معاكي.

تنحنحت بخجل شديد وهي تتوقف عن البكاء وقالت بعفوية:
- يعني هتتجوزني وتكسب فيا ثواب.
ضحك عليها وهو ينظر من النافذة ثم لها وتوقف عن الضحك اثناء اقتراب منها بشدة، أزدردت لعوبها مُرتبكة من قربه فقال بخفوت وهو يضع خصلات شعرها خلف أذنها بلطف:
- هتجوزك بس الأول أجرب.

ونظر لشفتيها فأبتسمت له بخبث أعتقد بأنها توافق على أن ينال قبلة منها، أقترب أكثر وهو ينزع حزام الأمان له فرأها تضع يدها بين شفتيهما توقفه وهي تمسك بيدها المشرط، فأزدرد لعوبه بخوف من جنونها وتذكر حين ركضت خلفه بالسكين تريد قتله، أبتعد عنها وعاد لمقعده وهو يقول:
- مفيش مانع نجرب بعد الجواز لأحسن بدل ما أدخل دنيا أدخل أخرة.
فضحكت عليه وعاد هو للقيادة...

كانت تجري الجراحة بمهارة وتركيز لأول مرة دون الشرود بماضيها او بعده عنها، هتفت برسمية وهي تصل لمركز النزيف وتسيطر عليه قائلة:
- أمسكه كويس.
فأخذ الجراح المساعد المقص من الممرضة ومسك أحد الأعضاء بمهارة، مدت يدها للممرضة وهي تنظر بالحقل بدقة وقالت:
- مُلقاط.

أعطته لها الممرضة وحاولت مسك أحد الأوعية الدموية فأنفجرت الدماء مرة أخرى لكن تلك المرة بغزارة حتى لوثت ملابسها مع قفازاتها و عيناها، أشاحت نظرها بدون إرادة حين لوثتهما الدماء وعادت له وضعت يدها في الحقل وشعرت بشي أخرجت يدها فرأت سائل أبيض لازج بقفازاتها فسألت بخفوت شديد:
- هي عانت من إيه لما جت، ظهر عليها أعراض اي ورم.

أجابها الجراح المساعد برسمية موضحاً الأمر لها:
- صعوبة في التنفس، سعال، نزيف حاد في الجدار المخاطي للجهاز الهضمي...
جمعت الاعراض في ذهنها وهي تقول بتركيز شديد ناظراً للسائل في قفازاتها:
- وتضخم في العقد اللمفاوية، ضغط دم منخفض...

بترت حديثها بصدمة ألجمتها ثم رفعت رأسها لهم جميعاً وصرخت بهم بلهجة أمرية:
- كل يسيب اللي في أيده وأبعدوا عن طاولة العمليات بسرعة.

أبتعدوا جميعاً بخوف من لهجتها تاركين ما يفعله، فهتفت بجدية تحاول السيطرة علي أعصابها التي تلفت منها قائلة:
- اللي أنفجر مش وعاء دموي ده ورم في العقد اللمفاوية حسب الاعراض اللي ظهرت علي المريضة دي حمي فيروسية من فيروس ام نادر ما يصيب به حد هنا انتشر مؤخر في البلاد المجاورة، ولغاية ما نتأكد بالتحاليل غرفة العمليات هتأخد وضع وقائي في غرلة تام.

- والجراحة
سألتها أحدي الممرضات، فأزدردت لعابها بصعوبة من صدمتها ثم أجابت بتلعثم شديد وخوف:
- أعتقد أني هقدر أكملها لوحدي بما آني بالفعل اتعرضت للعدوة والفيروس.
نظروا جميعاً لها بصدمة وقطرات الدماء علي جبينها وعيناها وخرجوا جميعاً...

كانوا ينتظروا اي شخص يخرج من الداخل يطمئنهم بعد مرور هذا الوقت الكبير، ذهل الجميع حين رأوا مجموعة من الممرضين والاطباء يأتون لغرفة العمليات مرتديين ملابس وقائية تماما وخلفهم المدير ومعه بعض الامن، وقف حبيب بخوف علي زوجته، ورأوا الجميع يخرج من الخارج فهتف المدير بحدة شديدة:
خدوهم حللهم وأعملوا الفحص اللازم.

سأل إلياس بتوتر بعد رؤية الجميع يخرج من الداخل فيما عدا زوجته وأمه:
- خير يادكتور طمني.
قصي عليه الجراح المساعد ما حدث وأصابة زوجته بالفيروس عن طريق العدوة وأنها حالياً في عزلة تامة عن الجميع، وقع الخبر عليه كصدمة كهربائية صدمت قلبه حين توقف عن النبض، ولم تقل صدم الجميع من مرض جميلة فسأل علي بعدم فهم قائلاً:
- هو ايه الفيروس ده.

- ده فيروس خبيث إنتشر مؤخر في البلاد المجاورة قتل العديد من الناس، المصاب به لو هرموناته ومناعته ضعيفة مبيكلمش أيام لو قوي زي المريضة بتاعتنا بيستمر معه ويبدأ ينتشر في الجسم كله حتي يصل للمخ ويتوفي المريض
إجابه الجراح المساعد بهدوء يفسر لهم الوضع عن الأم التي يجب أن تنتظر وصله للمخ حتي تتوفي والزوجة التي يعلم جيداً بان جسدها ضعيف لا يتحمل المرض ومناعتها أضعف والتي يبدو أنها ستتوفي قبل أمه.

- يعني ماما هتموت
قالتها أثير بصدمة ألجمتها من حديثه وسقط حبيب علي مقعده لا يقوي علي تلك الصدمة...

لم يشعر بشئ سوي وهو يركض للداخل وحاول منعه رجال الأمن وتعارك معاهم فأشار إليهم المدير بتركه، دلف من الباب العمومي للغرف العمليات ويبحث بنظره في الغرف الزجاجية عنها وأين صغيرته، وجد رجلين من الامن يقفوا أمام باب زجاجي مكتوب عليه { منطقة محظورة < غرفة عمليات 2 > } أقترب منه بهلع ومنعه الأمن من الدخول نظر بالداخل ورأها تجري الجراحة وحدها بتركيز شديد فصرخ بها بقوة:
- دموع أبعدي عنها.

سمعت صراخه بخفوت شديد من الزجاج فرفعت نظرها ودهشت حين رأته يقف هناك والأمن يمنعوا من الدخول لها، فذهبت نحو الباب وأغلقته بالرقم السري الخاص بها وعادت لجراحتها، تركه الأمن وهم يعلموا بأنه لن يستطيع الدخول لها بعد أغلق الباب، أخرجت كتلة من الورم زرقاء اللون ووضعتها في اناء وأنهت جراحتها وهو يقف بضعف خلف الباب يضع يده علي الزجاج يريد لمسها وضمها له بشدة ليأخذ منها العدوة ويذهب معاها لعالم آخر، ضبطت الاجهزة ووضعت التنفس الصناعي لـ جميلة وأقتربت من الباب تقف قربه لم يفصل بينهما سوي الباب فقط، رسمت بسمة مُشرقة له وهي تقول:
- آنا عملت العملية، وطنط هتخف.

- أنتي غبية
قالها بصراخ بعد أن رأي خوفها في نظراتها تخفيه عنها فدمعت عيناه فسألها بخوف عليها:
- في حاجة بتوجعك ؟؟.
ضحكت ساخرة منه، وقالت:
- هو أنا هحس بالمرض من دلوقتي.

- أعمل إيه ؟؟ قوليلي اقدر أعمل ايه وأنا أعمله بس متسبنيش
قالها بضعف ودموعه تنهمر بغزارة، رفعت يدها بحنان ووضعتها علي الزجاج أمام وجهه ثم قالت:
- متنزلش دموعك، وتروح تجبلي العلاج عشان مسيبكش.

مسح دموعه بسرعة وهو يقول:
- هو فين العلاج وأنا هجيبه لو نجمة من السماء أنا هجبها عشانك، اسمه إيه.
أبتسمت علي خوفه عليها وقالت بهمس لم يسمعه ولكن علمه من طريق شفتيها قائلة:
- إلياس.

فأجابها بخوف شديد وهو يضع يده مقابل يدها علي الزجاج وقال:
- طب ماهو موجود اهو افتحيله.
أبعدت عنه ذاهبة للداخل تجلس علي أحد طاولة العمليات بتعب وصرخت به قائلة:
- حسن عارف العلاج أجرى هاتلي العلاج عشان نتجوز.

أشار إليها بنعم وهو ينظر علي سرير أمه في زاوية اخري بعيداً عنها وقال مٌحذراً لها:
- حاضر ومتقربيش منها هجبلكم العلاج مش هتأخر عليكم.
أبتسمت عليه وهو يركض للخارج ومدد جسدها علي الطاولة بخوف أخفته بمهارة عنه لكنه حتماً رآه في عيناها، وأنهمرت دموعها باكية بصمت وخوف...

أتصل بـ حسن وفي خلال ساعة من معرفة الأمر كان في مطار القاهرة ومعه سلمي أخذهم في سيارته وقال:
- يعني في علاج.

- الموضوع ده هو موضوع الدكتوراة بتاعت دموع وهي اكيد بحثت كتير، حسب اللي سمعته منها أن أمريكا قدرت تتوصل للحقنة تنهي علي الفيروس ده من خلال حقن المريض بها يومياً لمدة أسبوعين وبعدها أسبوعين فترة ملاحظة في غرفة معزولة
قالها حسن بهدوء، فسأله مجدداً بخوف:
- والحقنة دي موجودة هنا في مصر.

أشار إليه حسن بنعم وهو يهتف بثقة:
- اه في مختبر معامل كيميائية أمريكي هنا موجود فيه الادوية بس للأسف تعاملهم كله بالدولار والتكلفة عالية جداً.
- كام يعني.

 سأله إلياس وهو يخرج هاتفه من جيبه، فأجابه حسن بهدوء:
- 5000 دولار للحقنة.
أتسعت عيناه بصدمة من حديثه ونظر له قائلاً:
- 150000 ج للحقنة.

 أشار إليه بنعم، ذهبوا للبنك ورفض المسؤول اعطاه المال بالدولار، جلس في مكتبه بالقسم يفكر وتذكر شئ، فخرج مسرعاً سأله علي بذهول من سرعته:
- انت رايح فين ؟؟.
لم يجيبه، نزلت للقبو مُتجه للحجز وأشار للعسكري بأن يفتح الأقفال ودلف للداخل فوقوا الجميع بخوف من شرارته فمسك أحدهم من قميصه وقال بغضب:
- بتجيب الدولارات منين.

- ياباشا مانا قولتلك أني معرفش حاجة عن اللي في الشنطة وسيادتك مش عايز تصدقني.
قالها المجرم بتوتر وخوف من غضب هذا الوحش.
فتلقي لكمة قوية علي وجهه من إلياس وقال بغضب:
- انت فاكرني جاي اتساير معاك ياروح أمك، أنطق يالا بتجيب الدولارات منين.

- ياباشا قولت معرفش حاجة عن اللي بتقوله
قالها المجرم وهو بمسح الدماء التي سالت من انفه، فهتف إلياس بأنفعال شديد وقد فقد أعصابه وحبيبته تصارع الموت هناك:
- أنا بقي هخليك تعرف ياروح أمك.

أخذه للخارج معه وصعد به رأه علي وذهب خلفه، وضعه في صندوق سيارته وذهب به و علي خلفه أخذه للطريق الصحراوي وسط الصحراء وأخرجه من السيارة، صعق الرجل حين رآي نفسه في هذا المكان و إلياس يخرج مسدسه من جرابه ويصوبه عليه ثم يقول:
- عايز دولارات اجيبها منين.

 أزدردت الرجل لعوبه بخوف وقال:
- عايز تغير كام أقل من 100000ج مينفعش.
- 500000 ج نص مليون ج وفوري
قالها إلياس بجدية فهتف الرجل بسعادة:
- كام، طب بص أنا هبعتك لواحد حبيبي وهو يخلصلك المصلحة بس متنسيش في الحلاوة.

- اوصله أزاي ؟؟
سأله إلياس بهدوء فاخبره الرجل عن العنوان ورقم التليفون، توقف علي بسيارته ولم ينتظر إلياس مشاجرته علي خروج متهم من الحجز وذهب أخذ علي المجرم آلي سيارته بعد ان وضع الاصداف بها، ذهب ليلاً للمكان المحدد ومعه المبلغ و حسن ووجدوا شاب في انتظارهم وذهبوا معاً إلى مخبأه ووجدوا رجل كبير في السن، أعطاه المال وأخذ الدولارات ثم ذهب وقبل آن يمر نصف ساعة جاءت الشرطة وقبضت عليهم جميعاً، ذهب للمختبر وأحضر العلاج لها
ولأمه...

كانت نائمة علي طاولة العمليات خائفة وتشعر بالمرض في جسدها منذ أن ظهرت نتيجة التحاليل وكانت إيجابية، فتح باب الغرفة فجلست علي الطاولة وصدمت حين رأته يقترب منها مسرعاً وعانقها بشدة، صرخت به بصدمة وهي تحاول أبعده عنها قائلة:
- إلياس أنت مجنونة أنا مريضة ومعزولة، أبعد عني.

- والله لو عزلوكي في عالم لوحدك وكون غير الكون هجي معاكي ومش هسيبك
قالها وهو يشد عليها بذراعيه، طوقته بيدها بخوف شديد من المرض وقالت:
- آنا خايفة اووي ياعمه.
تعمدت عدم ذكر أسمه الأن حتى لا يثيره كالمعتاد ويطالب بقبلة منها ويمرض مثلها، وضع يده خلف رأسها ضمها أكثر لصدره ويقول:
- متخافيش ياحبيبتي أنا جبت العلاج وهتاخديه وتخفي.

دلف مجموعة من الأطباء وأخذوا أمه بسريرها و نزعوها من صدره بقوة وأخذوها لأول مرة يتنزعها شخص من بين ذراعيه دون أن يفعل شي او يلكمه، ذهب خلفها وهو يراها خائفة وتنظر للخلف عليه ووضعوها مع أمه بغرفة مستقلة معزولة وغيرت زي العمليات إلى زي المستشفي للمرضي بعدت آن تحولت من جراحة لمريضة، أخذوه هو الأخر بعد أن عانقها وأجره له الفحص وظهر سلبياً، ذهب إلى غرفتها يراقبها وهي تتلقى العلاج شعر بيد تربت علي كتفه فنظر ووجد والده فعاد بنظره عليها وهتف بعجز:
- واضح إن مش أنت بس اللي مش عايزها معايا.

- البنت اللي تخلي أبني يجري زي المجنون عشان يجيلها العلاج ويخرج مهتم من الحجز ويشارك في عملية غسيل أموال عشان يجبلها الدواء تستاهل أنها تكون مراته ربنا يشفيهالك يابني.
وتركه ورحل، ظل واقف مكانه ينظر عليها بحب ممزوج بخوف وقال:
- واضح عشان نكون مع بعض لازم نحارب لحد ما نوصل، جه دورك يادموع تحربي عشاني أستحملي ياقلبي...
مر شهر عليهم ببطئ شديد وهي تصارع المرض وتتحمل الألم من أجله، أجرت أثير جراحتها أثناء فترة علاجهم...

داخل قاعة بنادي الشرطة وقف في نهاية القاعة يرتدي بدلته السوداء ويقف ينتظرها، بدأت أغنية ( طلي بالابيض طلي.. يازهرة نيسان / ماجدة الرومي ) فرفع نظره عن الأرض رأى باب القاعة يفتح وهي تطل بفستانها الأبيض كحورية من الجنة هبطت علي أرضه، يمسك حسن يدها ويقفوا هناك فوقف الجميع يصفقوا لها، تفحصها وهي تقف هناك بفستانها واسع من الخصر للأسفل بذيل طويل من الخلف بكم يخفي ذراعيها عن الجميع وزاد جمالها حجابها الذي يزينها وعلي رأسها تاج فاضي مُثبت به طرحة فستانها الطويلة من الخلف وقصيرة من الإمام تخفي ملامحها عن الجميع وراء شفافها...،

تقدم حسن خطوة بها وفتقدمت معه بتوتر وهي تمسك بيده وبيدها الآخري تمسك باقة وردها البيضاء وتنظر عليه وهو يقف هناك بعيداً علي الحافة الاخري للسجادة الحمراء وينظر عليها نظرة ذهول بحجابها الذي لم تخبره عنه وأعجاب شديد يبث من عيناه وكأنه لم يصدق بأنها أصبحت عروس له، أوقفهم حبيب في المنتصف ووقف يتحدث مع حسن وهي تضحك معه بخجل وكأنهم أرادوا قتلوه من الإنتظار لكي يأخذها منهم، كبت غضبه منهم الاثنين وهم يأخروا وصلها له وهو يكاد ينفجر من نار الأنتظار ويريد أخذها الأن منهم، أخذها حبيب من حسن وذهب هو لـ سلمي وأكمل حبيب بها الطريق له،.

تنتهد براحة وقوة حين وصلت أمامه مع والده،
 هتف حبيب وهو يمد يدها له قائلاً:
- خلي بالك منها وتحطها في عيناك.
لم يستطيع إبعاد نظره عنها فأجابه وهو يأخذ يدها منه قائلاً:
- في عيني بس دي في قلبي.

أربت حبيب علي كتفه وعاد لمقعده، مسك يديها الأثنين ووضع عليهم قبلاته تحت أنظار الجميع فتوردت وجنتها بقوة من فعلته التي زادت من توترها، أقترب خطوة منها ثم رفع طرحتها عن وجهها وصمت تاركاً عيناه تتحدث عن اعجابه بها بحجابها فلم يخطأ وهلة واحدة حين قال عنها حورية من الجنة، كانت تتحاشي النظر له بخجل شديد وتوتر، وضع سبابته أسفل ذقنها ورفعها للأعلي لتتقابل عيناهما معاً يخبرها عن عشقها الذي أحتله من أول لقاء لهم منذ زمن بعيد، أقترب أكثر ووضع قبلة علي جبينها بلطف وهتف هامساً لها:
- أخيراً ياحوريتي.

نظرت له بخجل وذهول من لقبها الجديد منه، بدأت أغنية ( بتحلوي / غفران ) فوضع يده علي خصرها وأخذ الورد وأعطاه لـ ماليكة ووضعت يديها حول عنقه ورقصوا معاً سلو وهو يدندن في أذنها مُتمتماً:
- في حضنك ببقي آنا أبنك في حضني بتقلبي بنتي، كأنك بيت، كأنك حتة من السكر ودابت فيا فحلوت... في عز الضيقة بتساعي في الضعف بتقوي بدون أسباب بتحلوي...

هتفت بخجل منه وهي تنظر علي الجميع هاربة من عيناه تشاكسه كعادتها لم تقتلع عنها حتي وهي عروس:
- بحلو، انا طول عمري حلوة علي فكرة.
قهقه من الضحك عليها وهو يضمها له ويدفن رأسه في عنقها قائلاً:
- مش هتتغيري يادموع ولا هتكبري.

خجلت أكثر من فعلته فأنزلت يديها وأبقتهما فوق صدره بخجل من أنظار الجميع التي تطاردهم، فأكمل دندنة مع الأغنية مُتمتاً:
- وطول الوقت تتشافي بكل براءة الأطفال وكل بساطة الفساتين يا أول طفلة في الدنيا بتكسر حاجز العشاقين وتفضل وردة طول الوقت لا بتكبر ولا بتصغر هتتغري وإيه يعني ما من حق الجميل يتغري... يا أول بنت في الدنيا توصل مركبي للبر وتاخد أيدي وتعدي يا أول حضن في الدنيا بحس بأنه علي قدي ومتفصل لي بالملي غريب حبك غريبة أنتي... بتحلوي وبتحلي.

همست في أذنه تكمل مناقرته بدلال وعفوية قائلة:
- متأكد بأنه علي قدك.
أبتسم عليها وأخرج نفسه من حضنها
 وقال بخفوت مُبتسماً لها وهو يغمز بعيناه لها:
- تيجي نشوف عشان أتأكد.
هتفت بسرعة جنونية من تهوره قائلة:
- لا خلاص هو علي قدك ياحبيــ...

بتر حديثها من فمها وهو يلف ذراعيه بأحكام حول خصرها ويرفعها عن آلأرض يدور بها بمنتصف القاعة فلفت ذراعيها حول عنقه وهي تخبئ رأسها في عنقه بخجل وتضحك بسعادة، وقف الجميع وهم يصفقوا لهم والشباب يطلقوا صفارتهم بتشجيع، كانت تضحك بقرب أذنه ومع ضحكها وسعادتها يزيد من سرعته في الدوران بها أكثر لتضحك أكثر وتزيد سعادتها...

أنهوا ليلتهم وركبوا سيارة حسن بعد أن باع سيارته وسيارتها من أجل علاجها وعادوا آلي شقته عش زوجيتهما ومأويهم والشاهد علي قصة حبهما منذ اول لحظة بها، دخل بها يحملها علي ذراعيه وأنزلها برفق علي السرير فأعتدلت بفستانها الضخم فجلس بجوارها يتأملها بصمت...

عضت شفتها بخجل من نظراته المتشبثة بها فرفعت نظرها له بخجل وهتفت بخفوت وتعلثم من أرتباكها:
- إلياس...
بتر حديثها بشفتيه فكان يجب أن تنطق بشئ أخر غير أسمه فهي تعلم بأنه نقطة ضعفه أمامها،.
شعرت بيده تضع على خصرها وتجذبها نحوه لم تستطيع فعل شي سوى التشبث به بقوة ومبادلته...

وصل حسن للفندق بها وأوصلها آلي غرفتها ووقف، هتفت سلمى بإحراج قائلة:
- خلاص امشي.
- امشي، همشي كلها أسبوع ومتقدريش تفتحي بوقك بأمشي دي
قالها وهو يغمز لها بعينه فضربته في ذراعه ودلفت إلي غرفتها وأغلقت الباب بوجهه، ضحك عليها وهو يضع يده خلف رأسه يبعثر شعره بأحراج...

طرقات على باب الشقة كثيرة وجرس الباب، أستيقظت دموع على صوت الجرس فتحت عيناها بتعب شديدة في أنحاء جسدها ووجدته نائم بجوارها وهي نائمة على صدره العاري ويطوقها بذراعيه، أخرجت نفسها من ذراعيه برفق وأرتدت ملابسها وخرجت مُسرعة للخارج بعد أن أغلقت باب الغرفة...
وهتفت بعفوية وهي تغلق روبها:
- حاضر جاية.

فتحت باب الشقة ووجدت جميلة وهي تحمل بيديها شنط كثيرة، فأخذت منها البعض ودلفوا للداخل، وضعوا الأغراض علي السفرة فسألتها بعفوية:
- إيه كل ده ياطنط.
- طنط إيه طنط دي أنا اسمي ماما
قالتها جميلة بحنان وأقتربت منها تكمل حديثها قائلة:
- تعالى هنا، صباحية مباركة يابنتي ربنا يخليكم لبعض ياحبيبتي ويرزق بالذرية الصالحة.

قالتها وهي تعانقها بدفء فأبتسمت دموع عليها وقالت باسمة:
- الله يبارك فيكي، إلياس نايم ثواني هصحيهولك.

- إلياس إيه بس أنا مش جاية عشان إلياس آنا جاية أطمن على بنتي أشوفها محتاجة حاجة قبل ما حد يجي
قالتها جميلة وهي تأخذها وتجلس في الصالون، تذكرت دموع حديثها معه عن فقد أمها في يوم مثل هذا وبالتأكيد هو من أخبر أمه لتأتي من أجلها، تفحصت ملابسها وهي ترتدي قميص نوم أبيض اللون قصير وعليه روب طويل بكم، فهتفت بسعادة:
- كويس أني مجبتش حبيب معايا كان زمان جوزك عامل جناية دلوقتي بس مش مهم هجيلك تاني العصر كدة.

فأبتسمت دموع بخجل، بيقت جميلة معاها ما يقرب لعشر دقائق ورحلت جهزت الفطار لهم ثم دلفت لغرفتها بهدوء ووجدت غارق في نوم أقتربت منه ووضعت الغطاء علي صدره العاري حتي لا يمرض وأربتت علي صدره بخفوت تناديه:
- إلياس، حبيبي أصحي عشان تفطر، إلياس مانا مش هفطر لوحدي قوم بقي.

فتح عيناه بتعب وتبسم فور رؤيتها أمامه وجذبها لحضنه فصرخت به بتذمر قائلة:
- يلا عشان الفطار كفاية نوم الظهر أذن.
- اممم صباح الخير ياحوريتي
قالها وهو يقترب منها وضعت يدها علي شفتيها تمنعه بحديثها قائلة:
- قوم بقي أنت مشبعتش كل ده.

فضحك عليها وهو يرفع جسده فوقها قائلاً:
- لا مشبعتش.
وجذب الغطاء بيده فوقهم وهي تضحك بقوة عليه وصوت ضحكتها يرن في ارجاء الشقة كلها...

خرجت تركض خلف أطفالها الصغار بتذمر وتعب من أنتفاخ بطنها قليلاً بسبب طفلتها الموجودة في أحشاءها وتصرخ بهم قائلة:
- طب لما بابي يجي أنا هقوله عمر وعمرو مبيسمعوش الكلام ومجنني مامي.
فهتف عمر ببراءة قائلاً:
- يامامي عملو( عمرو ) هو اللي بيتثاق مث ( بيتشاقي مش )أنا ثدقيني (صدقيني).

فصرخ عمرو بطفولية وهو يقف فوق الأريكة ويرقص يعانده قائلاً:
- هو اللي بيكثل ( بيكسر ) لعبي ومثدثاتي مث ( مسدساتي مش) عاوزني أبقي ظابط زي بابي.
فصرخت دموع بهم بغيظ شديد من مناقرة تؤامها الصغار الذي لم يكملوا من العمر الاربعة سنوات وكل مربية تحضرها لهم
 يجعلوها تفر هاربة من شقاوتهم ومناقرتها:
- بس باااااس بس كفاية خناق ومامي واقفة.

فتح باب الشقة ودلف إلياس وهو يحمل بيده شنطة فركض الأطفال له وهم يقولوا بسعادة وقد نسوا خصامهم لبعضهم:
- بابي جه، بابي جه.
جثو علي ركبتيه ليكون بمستواهم وقال بهدوء:
- حبايب بابي مزعلين مامي ليه.
هتف عمرو بغيظ طفولي قائلاً:
- ملاتك (مراتك )بتدلع هي وبنتها الثوثة ( السوسة ) اللي قاعدة جوا ثدقني ( صدقني ) بتدلع.

ضربه إلياس علي رأسه بخفة و قال:
- عيب كدة أجروا العبوا جوا وكلوا الشيكولاته دي على ما أشوف مامي.
أخذوا الشيكولاتات منه وركضوا للداخل، ذهب نحوها ووجدها تقوس شفتيها بغيظ وغضب وقبل آن يتحدث قالت:
- وأنا فين شيكولاتاتي.

ضحك عليها وهو يقول:
- دول أطفال ياحبيبتي هتعملي عقلك بعقلهم.
صرخت بنرفزة منه وهي تضع يدها على بطنها المنتفخة بألم قائلة:
- وأنا طفلة زيهم وفي طفلة جوا هنا وعايزة تأكل شيكولاته زيهم.

 تركته ودلفت للداخل غاضبة، فهتف بتذمر قائلاً:
- دي طفلة دي قنبلة على وشك الانفجار فئ وشنا بغضبها ده.
صعد عمر وعمرو من خلف الأريكة وقالوا بتقليد له في أن واحد:
- عيب دي مامي.

ضربهم بفزع من وجودهم خلفه وذهب خلفها قائلاً:
- ياحبيبتي انا جبتلك أكبر شيكولاته تعالى شوفيها، أجروا صالحوا مامي.
فركضوا الأطفال أمامه وفتح عمرو باب الغرفة وصرخ بذهول قائلاً:
- بابي الحق القنبلة أنفجلت ( انفجرت )، يوووه قثدي (قصدي)مامي بتولد الثوثة(السوسه)، يوووه قثدي (قصدي ) بنتك الحق الحق يا إلياث ملاتك ( إلياس مراتك).

فركض للداخل بهلع شديد وصدمة...
وانجبت دموع طفلتها الصغيرة ترنيم...

النهـاية...

اللي حبيت أوصله من خلال الرواية...
• بلاش نحكم علي حد من غير ما نعاشره، مش معني أنك اتوجدت في بيئة غلط أنك تستسلم للامر وتقول أمر واقع، دموع رغم البيئة اللي عاشت فيها عافرت وتعبت وحاولت تهرب أكتر من مرة وحافظت علي طموحها وحلمها وحققتها وقدرت تحافظ علي براءتها ونقاءها رغم التلوث اللي حولها...

• عافر عشان اللي بتحبه وأخلص له وأتقي ربنا فيه وربنا هيقف معاك ويجمعك بيه حتي لو الكل عارض الحب ده كفاية آن ربنا عاوزك معه.

• ممكن يكون الحب قدامك طول الوقت ومتحسش بيه غير في لحظة خوف او في لحظة ما يغيب عنك.

• الحب مبيعرفش فرق سن، كبير ولا صغير، الحب الصادق مبيعرفش سن مراهقة وسن رشد...، الأهم آن تكون المشاعر صادقة بجد مقدسة وطاهرة ملوثهاش البشر وحقدهم أو الظروف.

• نصيبك هيصيبك ولو بعد عمر وسنين مادام ربك أراد.

• لما تحبي حبي راجل يقدر يحتويكي في لحظة خوفك وضعفك، راجل يدمن سعادتك وضحكتك ويسعي عشانهم، راجل يساعدك تحققي طموح مش يكبتها جواكي، راجل يقدر يحارب عشانك الكون كله، لما تختاري أختاري راجل صح يكمل العمر الباقي معاكي مش راجل يقضي شهرين ثلاثة ويقول زهقت... من الآخر كدة ياريت لما تحبي تحبي راجل صح عشان تعيشي صح وتفهمي الحب الصح...

تااابع ◄