-->

رواية راقصة الحانة الفصل الثامن

 

  فركض مسرعاً آلي هناك فرأى الباب الزجاجي يفتح وتخرج منه وهي ترتدي تيشرت وبنطلون أزرق اللون زي العمليات وبيديها قفازاتها البيضاء وعلي رأسها طاقية طبية وفوق فمها كمامة لم يظهر منها سوي عيناها الخضراء وبقدمها حذاء طبي، توقف مكانه ينظر عليها وهي تخلع قفازاتها بتعب وتثني رقبتها يمين ويسار بأرهاق وعيناها تكاد تفتحهما، رفعت رأسها للأعلي لكي تقوس ظهرها للخلف فوقعت عيناها عليه أزدردت لعوبها بصعوبة ونظرت حولها وهي تغلق قبضتها بقوة أعتادت علي رؤيته أمامها في الأوان الأخير، فتحاشت النظر له وخلعت طاقيتها والكمامة وهي تذهب وتأبي النظر عليه فيضحك الجميع عليها ويلقبوها بالمجنونة لكن أوقفها صوته القوي وهو يناديها:


- دمــوع.

توقفت قدمها بصدمة وكأنها شلت مكانها وفقدت السيطرة علي تحريكها ثم رفعت نظرها له بصدمة وتقابلت عيناهما معاً بداخل كلاً منهما صدمة قوية وشغف بهوس للأخر، أشتاقت له حد الموت فقد كانت علي وشك الأستسلام لهوسها به ليقتل عقلها وتفقده وتجن حقاً لتتخلص من عذابها، نظر لها بشغف ودفء كبيرة بعد أن كان يعيش مع صورها وكونها زوجته حقاً ومازالت تنتظره في بيته الي أن تجسدت أمامه حية وينبض قلبها له، نادها مجدداً وهو ينظر لعيناها:
- دمـــوع.

- عــ.. مـــ... ــه
قالتها بتلعثم شديد وصوت مبحوح غير مصدقة ما تراه وأنه حي وإمامها يناديها، فتح ذراعيه لها مُبتسماً، دمعت عيناها بألم ومازالت غير واعية في صدمتها فركضت نحوه مُسرعة وأرتطمت بصدره الصلب وهي تلف ذراعيها حول خصره ورأسها علي صدره وتبكي بشهقات قوية عالية وتمتمت:
- أنا كنت عارفة أنك ممشتش، أنت قولتلي مش هسيبك، عمه أنت واحشتني أوي أنا عـــ...

مالت رأسها للخلف بعد أن شعر بأرتخاء جسدها بين ذراعيه فاقدة للوعي، مسكها بحذر حتي لا تسقط منه، وأنحني قليلاً يحملها علي ذراعيه برفق وذهب آلي غرفتها وضعها علي سريرها وحاول أفاقتها بهدوء، فتحت عيناها الخضراء ببطئ شديد وتعب فرأته أمامها نظرت حولها ووجدت نفسها بغرفتها هتفت بصدمة:
- أنت عايش ؟؟ طب أزاي ؟؟.

أجابها وهو يمسح بيديه علي رأسها بحنان قائلاً:
- نامي الأول انتي صاحية بقالك 30 ساعة ولما تصحي أحكيلك وتحكيلي كل حاجة.
وذهب ليغلق باب الغرفة من الداخل لكي لا يدخل أحد عليهم وستائر النوافذ الخشبية يغلقها...

- أنت بجد حقيقي يعني أنا لما أصحي هيلاقيك هنا مش هتختفي
قالتها بلهفة بنبرة هادئة من التعب، فهتف بحنان وهو يصعد علي سريرها الصغير بحجم الاريكة قائلاً:
- لا أنا كمان هنام معاكي عشان منمتش من أمبارح.
مدد جسده بجوارها وأدخل ذراعه أسفل رأسها ويطوقها بالأخر، هتفت ببراءة وهي بين ذراعيه وداخل أحضانه:
- أنا بحبك.
نظر لعيناها مباشرة بدفء وشغف ثم هتف بخفوت هامساً لها قائلاً:
- نامي عشان أنا دلوقتي جوزك غير كل مرة ممكن أعمل مصايب وكوارث.

ابتسمت له وعيناها تغمض شي فشي فبدأ يمسح علي رأسها حتي غاصت في نومها في أقل من دقائق، ظل يتأملها لكي يطمن قلبه بأنها هنا بجواره حقاً وأنها زوجته وملكه الأن فكر بوالده ووالدته ماذا سيفعل حينما يعود هل سيغفر لهم عذابه هو وحبيبته ؟؟ بعد ما قرأه في دفاترها وبعد ما اخبره حسن به عنها وكيف سأت حالتها تدريجياً وهي تعيش في حبه وحده حتي وصلت لطلب دكتور نفسي هل سيغفر كل هذا لهم ؟؟ هل لأنهم والديه يحق لهم ما فعله به ؟؟ هل سيقبل بما فعله بعد أن سلبه شبابه الذي كان سيقضيه بجوارها ؟؟...

أستيقظت أثير علي صوت أطفالها، ففتحت عيناها بتعب ووجد ماليكة تجلس علي السرير بجوارها و مالك من الجهة الاخري ويقظوها.
هتفت ماليكة بحزن طفولي شديد قائلة:
- ياماما قومي الباث ( الباص ) مشي وثابنا ( سابنا ) مش هنروح المدرثة ( المدرسة ).

- قومي ألبسي وودينا المدلسة ( المدرسة)
قالها مالك وهو ينظر لها بنرفزة طفولية جميلة، فهتف بهم بصراخ قائلة:
- ألبس ايه واوديكم فين آنا قادرة أتحرك من مكاني، الباص مشي تعالوا كملوا ناموا.
وجذبتهم لفراشها لكي يناموا بحضنها، أدخلتهما تحت الغطاء وطوقتهما وهي تقول:
- الجو برد وانتوا بتتخانقوا علي المدرسة، أتغطوا كويس ياقلب ماما لأحسن تبردوا...

ووضعت قبلات علي جبينهما بحنان وعادت لنومها، عاد علي من عمله صباحاً بعد إنهاء قضيته ودلف آلي الغرفة، أبتسم بتعب وأتجه نحو سريره بسعادة وهو يضع يده علي الغطاء ويقول:
- حبيبي آنا جيت ياروحي قومي.
وإبعد الغطاء عنها وشهق بقوة حين وجد أطفاله في سريره، أقترب منهم ورآهم ثلاثتهم ناموا كالملاك الصغار وزفر بتعب وذهب آلي الحمام بأستلام لواقعه ووجود أطفاله...

فتحت دموع عيناها بتعب وهي تمطي جسدها ولكنها لا تستطيع من ضيق المكان، وجدته بجوارها نائم وهي في حضنه أسفل ذراعيه، تحسست وجهه برفق لتتأكد بأنه حي أمامها فتح عيناه من لمستها وتقابلت عيناهم تحكي كل شئ عن عشقهما وأشتياقهما لبعضهم البعض طوال هذه السنوات و تأكدت من شئ واحد أنه حي ولم يبحث عنها، دفعته بقوة بعيداً عنها فسقط علي آلأرض بدهشة من فعلتها صرخت به وهي تقوم من سريرها:
- أنت عايش أهو امال ايه مات دي.

تألم من دفعتها وهو يقف يتاوه بوجع، وقفت بلهفة وخوف عليه وهرعت نحوه تتفحصه بأستياء وتقول مُردفة:
- أنت كويس في حاجة بتوجعك.
مسك يدها بحنان فنظرت لعيناه مباشرة بصمت فقال بدفء ولهجة عاشقة:
- اللي كان واجعني خف من ساعة ما شوفتك.

ووضع يدها على قلبه، أرتبكت من نظراته فبدأ قلبها يسرع بضرباته بعد عودة حبيبه فعادت للحياة معه، جذبت يدها من قبضته وأشاحت نظرها عنه بخجل وتوردت وجنتها بشدة وقالت بخفوت خاجلة منه:
- ممكن تخرج برا عايزة أغير هدومي.

- عادي أنا زي جوزك برضو
قالها وهو يقرص وجنتها برفق، تألمت من يده بوجع فأبعدت يده عنها، نظر بدهشة من ألمها فهل ضعف جسدها مع قلبها خرج من الغرفة وظل ينتظرها خرجت من غرفتها بعد نصف ساعة مُرتدية بنطلون جينز وتيشرت أسود وعليه جاكيت جلدي وحول عنقها وشاحها الصوف وطاقيتها الوردية رأته يقف أمام باب الغرفة فتركته ورحلت ذهب خلفها حتى سيارتها وركب معاها وهي صامتة، ذهبت للبحر ثم ترجلت من السيارة وهو معاها، توقفت تكاد رأسها تنفجر من التفكير فأستدارت له بعقل يكاد يجن وسألته بغضب:
- أنت عايش أزاي بقى ممكن أفهم.

مسك يدها بحنان وهو يقول:
- تعالى نقعد وأحكيلك.
نزعت يدها بقوة من يده بغضب صدم من فعلتها اهذه طفلته آلتي كانت تعانقه بالشوارع وتطلب بقبلة في الشارع منه دون توقف، صرخت بأنفعال شديد:
- انت عايش أزاي كلهم قالوا آنك موت، آنا حتى معايا شهادة وفاتك أزاي ده ممكن أعرف وكنت فين كل ده.

قصي كلها كل شيء منذ أن فاق من غيبوبته حتى آن أخبروه بموتها وأعطوه شهادة وفاتها وكيف عاش معاها في بيته مع صورتها، صرخت وهي تبكي بأنهيار من حديثه أكثر قائلة:
- يعني أنتوا لعبتوا بيا وبمشاعري لدرجتي سهل عندكم اللعب بالناس وقلوبهم.
أمتلك وجهها بين كفيه بحنان ليهديها قليلاً ويخفف من بكاءها ثم هتف بحنان قائلاً:
- أنا عمري ما لعبت بيكي يادموع أنا عشت بحبك وهموت وأنا بحبك.

دفعته بقوة بعيداً عنها وقالت بصراخ وغيظ شديد:
- حب إيه ده عذاب مش حب، أنا مش عايزة الحب ده كله كدب وخداع ومش عايزك أنت كمان، لدرجتي سيادة اللواء مش عايزني جاله قلب يطلع شهادة وفاة لأبنه وليه عشان يخلص مني آنا مش عايزك...

- أنتي مراتي يادموع
قالها إلياس بغضب شديد من حديثها ورفضها له فأجابته بعيون باكية وصوت غليظ:
- تطلقني آو نقطع الورقتين دول ونرتاح.

أستدارت بحزن وتركته ورحلت وهي تبكي بقلب مجروح من قسوة العالم وضعت يدها علي فمها تكتم صوت بكاءها، نادها بحزن عميق وقلب مقبوض قائلاً:
- دمــوع أنا مظلوم.
صمت للحظة وهو يراها ترحل بعيداً عنه، ثم أكمل حديثه بصوت ضعيف قائلاً:
- و بحبك.

عضت شفاتها السفلى بغيظ وهي تبكي بوجع ثم أستدارت له ونظرت لعيناه بضعف فحقاً هي بدونه جسد بلا روح منتظر الموت فقط، حدقت به بحيرة ثم أبتسمت له أبتسامة مُشرقة تنير حياته ودنياه وركضت نحوه بسرعة جنونية، رأها تركض له فركض مسرعاً لها فأرتطمت بجسده وحملها عن الأرض وهو يعانقها بقوة وهي تلف ذراعيها حول عنقه ورأسها علي كتفه بسعادة وهتفت ببراءة ونبرة عاشقة دافئة قائلة:
- وأنا بحبك.

دار بها بقوة حتى سقطت طاقيتها من فوق رأسها وتطاير شعرها مع دورانه يداعب وجهه وأنزلها عن الأرض ويديه كما هما على خصرها فأنزلت ذراعيها فوق صدره، نظر لعيناها بحنان وحب نظرات عاشق عثر على حبيبه بعد عمراً طويل، بادلته نظراتها بخجل شديد ووجنتها زادت حمرتها منه ضحك عليها وهتف مازحاً من نضجها:
- بقيتي تتكسفي يادموع.

أبتسمت وهي تضربه على صدره بغيظ منه، فهتف مصطنع الألم قائلاً:
- يابت براحة راعي آن حبيبك راجل عجوز دلوقتي .
ضحكت بقوة عليه وقالت بغزل وعفوية:
- في عجوز حلو كدة وشعره بني وعينه عسلية لالالا آنا مقدرش علي كدة.

فرت هاربة منه وهي تضحك وهو ينظر عليها بسعادة ويردف بسعادة قائلاً:
- متغيرتيش يا دموع مهما تعملي وتكبري وتبقي دكتورة وبرضو عيلة زي ما أنتي.
وقفت خلفه وركبت علي ظهره بسعادة وهتفت وهي تتشبث بعنقه بذراعها الأيمن حتي لا تسقط من فوقه وتمدد ذراعها الآخر في الهواء وتقول بطفولية وسعادة تغمرها بعودته لحياتها قائلة:
- يلا أجرى.

مسك ذراعها بحذر وهتف بضجر قائلاً:
- أجرى ايه بقولك راجل عجوز تقولي أجرى.
قرصت وجنته برفق وهي تضع رأسها علي كتفه لتنظر له وقالت بخفوت:
- أنا عايزك تجري أجري بقي.

نظر بجانبه لها تأمل بسمتها المُبهجة وبريق عيناها الساحر وشعرها المسدول علي كتفه هو ثم هتف بتذمر شديد عليها قائلاً:
- مش عايز اجري الجري دا للأطفال.
هزت قدميها بضجر طفولي وقالت بأصرار شديد قائلة:
- أنا طفلة وعايزة ألعب أجرى بقي .

- مش عايز
قالها وهو يخطو بها للأمام ثم تحولت خطواته للركض وهي تمدد ذراعها في الهواء وتضحك بسعادة وهو يفعل المثل، جذبها من ذراعها بمهارة فأنزلها من فوق ظهره وجعلها علي ذراعيه أمامه، نظرت عليه بخجل وهتفت بطفولية شديدة قائلة:
- بتبصلي كدة ليه.

تأملها بصمت شديد وهي بين ذراعيه ثم نزل بنظره علي شفتيها وبدأ في الانحناء نحوها فرفعت يدها بخجل من نظراته وهي تضع خصلات شعرها خلف أذنها بأرتباك فصرخت بهلع شديد وهي تقفز من فوق ذراعيه قائلة:
- طاقيتي.
وركضت للخلف تبحث عن طاقيتها وهاربة منه، عض شفاته بغيظ من هروبها وذهب خلفها...

أستيقظ علي عصراً علي صوت أبنه وهو يدخل الغرفة يصرخ بهلع وبكاء:
- بابا.. بابا أصحي يا بابا.
فتح عيناه بضجر شديد وهو يجذب الغطاء علي عيناه ويردف قائلاً:
- اخرج ياض العب مع أختك وأطفي النور ده.

صعد مالك علي سريره وهو يرفع الغطاء عنه يقول ببكاء وخوف:
- أصحي ماما وقعت ومش بتلد ( بترد ) علينا قوم يا علي شوف ملاتك (مراتك ).
فزع من سريره بخوف وقفز منه بهلع شديد، خرج ووجدها علي آلأرض تفتح عيناها بصعوبة وتساندها الخادمة ومعاها ماليكة جلس علي الأرض بجوارها وهو يقول:
- حصل ايه.

أجابته بخفوت شديد وهي تقف معاهم قائلة:
- مفيش يا حبيبي سلامتك.
- ياماما تعالي نروح لدكتور انتي كل شوية تقعي كدة
قالتها ماليكة بتذمر فنظر علي لها بدهشة وقال:
- كل شوية هي دي مش أول مرة تحصل.

أشارت إليه ماليكة ومالك بنعم، ضربتهما أثير علي كتفهما بتذمر برفق قائلة:
- أجروا العبوا، متشغلش بالك ياحبيبي شوية دوخة وبتروح لحالها.
- لازم تروحي للدكتور علي الأقل نطمن وخلاص
قالها علي وهو يأخذها من الخادمة ويدخل للغرفتهما أستسلمت لرغبته بعد ألحاح قوي منه...

أوقف السيارة أمام عمارة جديدة وعليها لافتة ( مأذون شرعي) نظرت للافتة بصمت ثم له وهتفت بهدوء قائلة:
- إحنا هنا ليه مش المفروض...

- المفروض أتجوزك يادموع، أنا متجوزتكيش عرفي عشان خايف الناس تعرف آو عشان نبقى في السر أنا اتجوزتك عرفي عشان كنتي قاصر ودلوقتي أنتي مش قاصر يبقى المفروض الوحيد اللي انا اعرفه أني اتجوزك شرعي
قالها بحزم وهو ينظر لها بجدية شديدة في ملامحه، هتفت بهدوء توضيح وجه نظرها له قائلة:
- مش قصدي كدة آنا قصدي تتكلم مع باباك الأول وتفهم منه عمل آللي عمله فينا ده ليه وليه بيكرهني أوي كدة.

زفر بضيق وهو يفتح باب السيارة ويتمتم بجدية:
- أنزلي يادموع.
نظرت له وهو يترجل من السيارة بلا مبالاة ثم تتنهدت بقوة، فتح لها باب السيارة ناظراً لها بجدية، فهتفت بتوتر من نظراته:
- نازلة اهو.

ترجلت من السيارة، أخذها ودخل العمارة متجه آلي مكتب المأذون الشرعي ليجعلها زوجته رسمياً وشرعاً، ضربات مختلفة بقلبها لعودته وما يفعله فهي حقاً زوجته منذ سنوات، فتح باب المصعد وخرج منه رجلين ليجذبها نحوه برفق وغيرة فرفعت نظرها له بخجل، تتأمل ملامحه الذي لم تتغير كثير عن السابق مازال جسده قوية كما كان وعضلاته بارزه وصدره ممشوق وشعره كثيف كالمعتاد يرفعه للأعلي يبدو من مظهره أنه رجل في نهاية العشرينات من عمره وليس رجل يملك من العمر 41 عام ملامحه الجدية وحدته لم تتغير مازال يغضب من أقل شئ ويوقف عقله عن التفكير حين يتعلق الأمر بها...،

شعر بنظرها المصلط عليه فأدار رأسه لها ووجدها شاردة الذهن به ولم تشعر بأنه ينظر عليها تتفحصه بدقة شديدة، أنحني قليلاً لها ليبقي بمستواها وهي واقفة وجعل رأسه مقابل رأسها، فاقت من شرودها علي قربه بخجل شديد منه وأحمرت وجنتها تزيد من جمالها الساحر وملامحها الصغيرة التي يعشقها ثم هتف بصوت خافت وأنفاسه الدافئة تداعب أنفها وعيناها قائلاً:
- آنا حلو وموز أوي كدة لدرجة آنك تسرحي فيا.

رفعت يدها بخفوت شديد وعيناها تبتسمان له ببريقهما الساحر ووضعت أناملها الصغيرة علي وجنته تتحسس لحيته البسيطة البنية بحب وأشتاق ثم هتفت بخفوت شديد ومازالت يدها علي وجهه قائلة:
- أنت أحلي حاجة في حياتي كلها والفرحة الوحيدة اللي عرفتها وشوفتها من غيرك حياتي كلها دموع ووجع مستكتر عليا ابصلك شوية وأفرح قلبي بعد الوجع اللي شافوا ده كله.

وضع يده علي يدها فوق وجنته بسعادة تغمرهما معاً بعد أن أعاد النبض لقلوبهما ثم قال بحنان:
- سلامتك من الوجع والدموع ياقلبي، أوعدك مفيش وجع تاني ولا دموع هتنزل من عيناكي تاني وعد ياحبيبتي.

توقف المصعد بهم، مسك يدها بحماس وخرج بها مُبتسمة بسعادة بعد وعده بداخلها حماس كبير لتكون زوجته رسمياً رغماً عن الجميع وكل من فرقوهم، في أقل من ساعة عقد قرانه عليها وأصبحت زوجته خرج بها من المكتب وركب السيارة وهو يقول:
- إعملي أجازة النهاردة من الشغل عشان هتقفلي التليفون.

نظرت له بدهشة وهي تغلق الباب وسألته بضجر شديد قائلة:
- هو من أولها هنقول مفيش شغل ومعنديش ستات تشتغل...
بتر الحديث من فمها بقبلة رقيقة فوق شفتيها سريعة، أتسعت عيناها الخضراء علي مصراعيها بذهول من فعلته وتجمدت مكانها وهي تنظر له، هتف بخفوت هامساً لها قرب أذنها وهو يحاصرها في كرسيها قائلاً:
- آنا قولت اجازة النهاردة وبعدين في شهر عسل مش هتنازل عن يوم واحد فيه...

إزدردت لعوبها بصعوبة مُرتبكة من فعلته وزاد أحمرار وجنتها وكأن دماءها بالكامل تدفقت الي رأسها فقط مع بشرتها البيضاء جعلوها جميلة فاتنة بسحر خاص ونارد لها وحدها، نظر لجمالها في حمرتها وأرتباكها الذي أصابها الفواق من قبلته فوضعت يدها على فمها بأحراج، نزع يدها برفق ناظراً لعيناها وحبيبات العشق الذي يسكنه لسنوات مضت تفيض منهما ثم أنحني نحوها يقترب منها ووضع شفتيه بدلا من يدها فأغمضت عيناها بأستسلام وأقصي درجات السعادة بعد أن نالت قبلة منه طالبت بها منذ زمن بعيد بطفولية وسط الشوارع...

كان يقف أمام مركز الإستقبال ينظر علي تقارير المرضي، فجاءت سلمي له ووقفت بجواره بتعب وغيظ منه بعد أن إدخلها العمليات بديل له، أخذت كوب القهوة من يده وأرتشفت القليل منه ووقفت تتأمله وهو يمضي بعض التقارير...

- بقولك ايه ياابو علي ما تيجي تتجوزني وتكسب فيا ثواب وأهو تلاقي واحدة تاخد بالها منك بدل ما انت شبه المتشردين كدة
قالتها سلمي بمرح وهي تقرص وجنته بتعب وأرهاق، أعطي التقارير للممرضة ثم مسكها من كتفها ويأخذها معه وهو يقول بجدية:
- هو أنا طلقت عشان أتجوز تاني ثم انتي الحاجة الوحيدة اللي تنفعي تعميلها آنك تروحي تنامي بقالك يومين كاملين منمتيش.

صرخت به وهو يدفعها من كتفها ويأخذها آلي مكتبها رغماً عنها، قائلة:
- ماهو كله بسببك كان زماني نايمة احلي نومه وبحلم بحسونتي حبيبي.
قهقه بشدة من الضحك عليها ثم قال مازحاً:
- روحي نامي وأحلمي بحسونتك زي مانتي عايزة.
- وهتجوزني
قالتها سلمي وهي تستدير برأسها له وهو يمشي خلفها ويمسكها من إكتافها، ضربها علي رأسها مبتسماً ثم تركها وذهب...

دلف إلياس بها إلى جناح بفندق سياحي يطل علي البحر مباشرة، ركضت الي الداخل بسعادة طفولية تغمرها وفتحت الباب الجرار الكبير ورأت السرير كبير الحجم فركضت نحوه وجلست وهي تقول بأنبهار شديد:
- أنت عارف أنا منمتش علي سرير بالحجم دي من أمتي، يااااا أكبر سرير شوفته كان بتاعك في البيت بس ده أحلي بكتير واااااووو.

قالت جملتها الأخيرة وهي تمدد جسدها علي السرير تجرب النوم عليه بفرحة كبير وهو يقف علي الباب مُتكي بكتفه عليه عاقداً ذراعيه أمام صدره ويضحك عليها وهي تتقلب في السرير يميناً ويساراً علي شكل حلقات حتي سقطت طاقيتها الوردية عن رأسها مع لعبها ضحك وهو لا يصدق بأن هذه الطفلة حقاً جراحة وتنقذ الناس بسذاجتها هذه..،

ظلت تتقلب في السرير بفرحة صانعة حلقات دائرية بجسدها يميناً ويساراً حتي أصطدمت بشئ صلب قوية رفعت نظرها ووجدت نفسها ملتصقة بصدره الصلب وهو يثني ذراعه الأيسر أسفل رأسه وينظر لها، رفع يده اليمني يرتب شعرها المبعثر من لهوها فأبقت ساكنة تماماً تنظر عليه فقط وهي تشعر بأنامله تترك خصلات شعرها بحنان وتنزل لوجهها وعيناها ومنهم آلي خصرها النحيل يحاصرها بذراعه وصدره ثم أنحني قليلاً يقبل جبينها ثم عيناها بأثارة وخفوت فأغمضت عيناها بأستسلام مُستمتعة بتلك القبلات الناعمة منه التي تذيب قلبها حتى زادت ضرباته وتكاد آن تكسر ضلوعه من قوتها بقلبها وكيانها فرفعت يدها تتشبث بذراعه الموضوع علي خصرها وهو يضع قبلته التالية على عينها الأخرى بحنان قبلة طويلة ناعمة ثم أبتعد عنها وهمس بجوار أذنها وأنفاسه الدافئة تداعب أذنها قائلاً:
- هنأجل اي حاجة لغاية ما تجيبي فستانك أعملك فرحك آللي بتحلمي به.

فتحت عيناها بخفوت ثم هتفت ببراءة:
- أنا مش عايزة فرح آنا فرحى الكبير آنك رجعتلي سالم مش هطمع أكتر.
أبتعد عنها وهو يحملها من منتصف السرير على ذراعيه وهو يقول:
- من حقك ياحبيبتي تطمعي زي كل البنات وتعملي فرح وشهر عسل...

إنزلها علي السرير مجدداً برفق فوق وسادتها، مسك يدها بين كفيه بحنان ويكمل حديثه قائلاً:
- أطمعي فيا يادموع زي ما أنتي عايزة لأبعد الحدود أوعي تبطلي تطمعي فيا آنا عايزك طماعة فيا آنا وبس.

تشبثت بيدها في كفه وجذبت نفسها للأعلي لتجلس على السرير ثم عانقت بقوة وهي تقول بحب:
- أنا عمري ما كنت طماعة في حاجة قد ما أنا طماعة في حبك وطمعي وصلني لمرحلة الهوس والجنان بحبك وأنا راضية بس أوعدني أنك تبقي حقيقي خايفة تطلع تهيوات آو حلم أصحي ملاقكش جنبي.

أربت على ظهرها بحنان مبتسماً ثم قال:
- حقيقة ياحبيبتي حقيقة.
أبتعدت عنه وذراعيه مازال حول عنقه فقالت بهمس وعيناها تحتضن عيناه بعشق يفيض من قلوبهما:
- قول والله.
- والله
قالها بخفوت شديد وهو يضع خصلات شعرها خلف أذنها وبسمتها ترسم في ملامحه بالكامل...

سقطت على علي كرسيه بصدمة ألجمته وقال بتلعثم شديد:
- ورم... أثير... مراتي...
إربت الدكتور علي كتفه بأسف...
سقطت على علي كرسيه بصدمة ألجمته وقال بتلعثم شديد:
- ورم... أثير... مراتي...
إربت الدكتور علي كتفه بأسف ثم هتف بتهكم قائلاً:
- أحمد ربنا ده ورم مش خبيث ممكن نستئصله بالجراحة ومبينتشرش.
وضع يده علي وجهه بزفر ومسح علي وجهه ثم قال بتهكم:
- يعني هتكون كويسة.
- إن شاء الله
قالها الدكتور وهو يجلس علي مكتبه مُبتسماً...

كان نائماً بجوارها يمدد جسده علي السرير يتأملها وهي غارقة في نومها ويديها بجوار رأسها، بعد خصلات شعرها عن وجهها فشعرت بيده وحركت رأسها ونظرت للجهة الأخرى، أبتسم عليها ثم أقترب يشاكسها برفق وهو يداعب أصابع يدها بأصابعه فحركت يدها بهدوء وعادت برأسها له وشعرت بجسده بجوارها فلفت ذراعيها حول خصره تكمل نومها بين ذراعيه، أبتسم عليها وهو يطوقها بذراعيه بقوة يريد أن يخبئها بداخل صدره خلف ضلوعه لتكون درع حمايتها، شعرت بيه من قوته، فقالت بخفوت مغمضة آلعيون مُبتسمة:
- أنا مش ههرب منك.

- أسف ياحبيبتي صحيتك
قالها وهو يرخي ذراعيه عليها، فأبتسمت بسعادة ورفعت رأسها للأعلي وهي تفتح عيناها الخضراء برفق، نظر لعيناها وهي تفتحهما بهدوء وكأنهما نجم الشمس الذهبي يشرق شئ فشئ ينير دنياه وحده بجماله في لحظة شروقه...
أردفت بخفوت وهي تترك خصره وتضع يديها علي صدره قائلة:
- ياسلام أنت تصحيني زي مانت عايزه، وبعدين انا كدة كدة هصحي عشان ورايا شغل.

هز رأسه للأمام بتفاهم ثم قال بحزم:
- طب يلا عشان أوصلك وأروح ألف شوية في أسكندرية علي ما تخلصي.
أخرجت نفسها من ذراعيه ثم جلست علي السرير وهي تقول بغرور مصطنع:
- توصلني مرة واحدة علي فكرة إحنا جايين بعربيتي يعني المفروض تقول آنا اللي هوصلك لعربيتك.

أعتدل في جلوسه ثم قال بغيظ من أحراجها له:
- كتر خيرك ياستي.
أبعد الغطاء عنه بضجر شديد وكاد أن يذهب، مسكت يده بيدها وهتفت ببراءة وترسم بسمة مُشرقة له وتميل برأسها آلي كتفها الايسر وينسدل شعرها الحرير معاها بعفوية قائلة:
- أنت هتزعل أنا بهزر معاك خلاص انت اللي هتوصلني متزعلش.

أبتسم بداخله علي مظهرها الطفولي الذي أشتاق له وكبت سعادته بداخله مصطنع الغضب ثم نزع يده من قبضتها بقوة بملامح غضب وذهب، صرخت بغضب منه وهي تقف علي ركبتيها فوق السرير قائلاً:
- إلياس أنت أتجننت بتسبني وتمشي.

صدم بذهول من نطقها لأسمه لأول مرة ويسمعه من بين شفتيها بطريقة خاصة بها لأول مرة ينطق أسمه من أحد بهذه الطريقة المثيرة التي تجعله يرغب في سماعه بأستمرار منه رغم نطقه وهي غاضبة لكن نبرتها دافئة، قفز فوق السرير فجأة ففزعت منه وهي تقول:
- خضتني حرام عليك هقطع الخلف بسببك.

هتف بهدوء شديد هامساً لها قائلاً:
- لا متقطعيش انا عايز دستة عيال، أنتي قولتي إيه وأنا واقف هناك.
نظرت له بخوف من هدوءه وأزدردت لعوبها بصعوبة فأرتبكت من نظراته ثم قالت:
- انت أتجننت.

هز رأسه بالنفي وهو يقول بتذمر مُشتاق لسماع أسمه منها مجدداً، وقال بتذمر:
- لا اللي قلبها علي طول.
نظرت له بخجل شديد وتوردت وجنتها بلون الدم من أرتباكها بسبب قربه ونظراته ونبرته الدافئة كل شئ به يُربكها، فهتفت بخفوت شديد مُتحاشية النظر له قائلة:
- إلياس.

- تاني
قالها وهو ينظر لعيناها بهيام وحب شديد، فهتفت مجدداً برقة شديدة تثيره:
- إلياس .

لم يتمالك نفسه أكثر من ذلك وأنقض علي شفتيها بشفتيه بقوة وهو يسقط جسدها علي السرير وهو فوقها يقبلهما بعد نطق أسمه بتلك النبرة التي تبدو وكأنها ستكون نقطة ضعفه أمامها ثم صعد يقبل كل أنش بوجهها..
فصرخت به بدلال تثير كيانه أكثر قائلة:
- إلياس أستني...
أسكتها بقبلته الناعمة مجدداً، أبتسمت بسعادة وسط قبلته فطوقت عنقه بذراعيها...

وصل حسن للمستشفي وتوقف أمام مركز الأستقبال يتابع مرضاه، هتفت الممرضة بهدوء قائلة:
- دكتور ممكن تمر علي مرضي دكتورة سلمي .
فسألها وهو ينظر علي بعض التحاليل قائلاً:
- ليه وهي فين.
أجابته بهدوء وهي تبتسم له بتكلف:
- مجاتش النهاردة تعبانة دكتورة دموع أتصلت وقالت هتروح تطمن عليها.

رفع نظره بذهول وترك القلم ثم قال:
- عيانة عندها آيه .
- معرفش آنا عرفت من دكتورة دموع لما أتصلت
قالتها الممرضة وهي تجهز الأدوية للمرضي، أخرج هاتفه من جيبه وأتصل بــ دموع ولم تجيب عليه مما زاد قلقه.

أنحني علي للأسفل نحو سريره ينزلها علي السرير، فهتفت أثير بخفوت مُبتسمة:
- آنا كويسة ياحبيبي.
مسح علي رأسها بحنان ثم قال بهدوء يخفي خلفه عاصفة من القلق والخوف عليها:
- هو أنا هعوز إيه غير أنك تكوني كويسة وبخير، انا هجيب حاجة تاكليها آو عصير.

كاد أن يذهب فمسكت يده برفق ثم نظر لها بهدوء وقالت باسمة:
- علي آنا عارفة أنك قلقان عليا بعد كلام الدكتور بس هو طمناك أنه مش ورم خبيث ولا حاجة يعني مش هينتشر ياحبيبي وبمجرد ما نعمل العملية خلاص مش هيظهر تاني وهبقي كويسة وكمان مفيش خطورة كبير متقلقش كدة.

جلس بجوارها ومسك وجهها بين يديه بحنان ثم أردف بلطف ونبرة دافئة قائلاً:
- آنا بخاف عليكي اووي ياأثير لو جالك شوية كحة بحس أني هتجنن من الخوف ومبقاش علي بعضي أنت أغلي وأحلي حاجة في حياتي كلها.

جذب رأسها آلي صدره فتشبثت به بيديها وهي تبتسم بسعادة ثم قالت:
- وأنت ياحبيبي مش بس اغلي حاجة أنت كل حاجة في حياتي ربنا ما يحرمني منك.
وضع قبلة فوق شعرها بحنان وهو يطوقها بقوة...

خرج حبيب من غرفته ووجدها تجلس في الصالون حزينة، سألها وهو يجلس بجوارها:
- مالك ياجميلة قاعدة كدة ليه.
- إلياس بقالي يومين بتصل بيه مبيردش عليا وفي الآخر تليفونه أتقفل قلبي مش مطمن
قالتها وهي تترك الهاتف من يدها بوجه عابث، أجابها حبيب وهو يأخذ طبق الفاكهة قائلاً:
- تلاقيه فصل شحن ولا حاجة مانتي عارفة أبنك عقله مبقاش فيه.

نظرت له بحزن عميق وقالت غاضبة بأنفعال:
- ولما أنت عارف آن عقله مبقاش فيه أرحمه وأرحم عقلي اللي هيتجنن وترجعله عقله وقلبه.
- تاني موضوع دموع ده أنتي مبتزهقيش منه ياجميلة نفس الكلام اللي بنقولوا بنعيدوا
قالها بنرفزة وهو يضع الطبق من يده، وقفت جميلة بوجه عابث وقالت:
- لا نعيد ولا نزيد بس أعمل حسابك أبني لو بعد عني أكتر من كدة بسبب قسوتك آنا ممكن يجرالي حاجة فيها كفاية أني مبشوفهوش غير كل شهرين ثلاث مرة.
دلفت آلي غرفتها باكية بصمت نادمة على طاعتها له وبعد أبنها عن حبيبته الصغيرة...

ظل يمر على المرضى في المستشفى واحد تلو الأخر وهو يشعر بفراغ كبير بداخله لعدم وجودها كان كلما أرآد فعل شئ وتهرب من المرضي يذهب لها ركضاً، وكلما ظهرت أمامه مُتعبة من العمل تطلب الزواج منه قطع شروده صوت نارد قائلاً:
- يا دكتور ده علاج للكبد ودي عاملة الزايدة.

نظر حسن له بصدمة وهز رأسه بقوة وقال:
- كمل أنت يانادر.
تركه وخرج بصدمة أغيابها يوم يفعل به كل هذا حقاً، يجعله يشرد طوال الوقت ويكتب أدوية خطأ للمرضي، غير ملابسه وذهب ولم يشعر بنفسه إلا وهو يقف أمام باب شقتها، طرق الباب بهدوء وفتحت له دموع وقالت:
- تعال ياحسن.
دلف خلفها ووقع نظره علي سلمى وهي نائمة على الأريكة وفوقها غطاءين وترتجف، سألها بهدوء وهو يقترب ونظره عليها:
- هي مالها ؟؟.

- درجة حرارتها منخفضة واضح أنها كانت مخففة أمبارح في الثلج اللي إحنا فيه ده وأنت عارف سلمي قد إيه جسمها حساسة من أقل حاجة...
قالتها وهي تخرج الهاتف من يدها، فسألها بفضول:
- أنتي بتعملي ايه.

أجابته بخوف شدة وهي تعطيه الترمومتر قائلة:
- هتصل بالاسعاف درجة حرارتها 35وانت عارف لازم تعلي في نص ساعة وإلا هنخسرها عملت كل المحاولات ومبتطلعش.

جثو علي ركبتيه بحزن وخوف أستحوذ علي قلبه ثم وضع يده علي جبينها ووجدها باردة كقطعة ثلج وترتجف، رن هاتف دموع بأسمه فنظر حسن لها وقال:
- روحي له وأنا هقعد معاها.

- لا طبعا مش هتسيبها وأمشي
قالتها بتذمر وأصرار، فهتف بأنفعال قائلاً:
- آنا قاعد يادموع أمشي بقي مش ناقصة.
فزعت من أنفعاله فتركته وذهبت تتواعد بالكثير لـ إلياس بسبب أتصاله فهي أخبرته بمرض صديقتها، نادها حسن بهدوء:
- سلمى.

لم تجيبه وهي بعالم أخر، فوقف بهدوء شديد وهو يرفع الغطاء ويدخل أسفله بجوارها ويدخل ذراعه أسفل رأسها ويطوقها بقوة حتى ألتصقت بصدره، ومسك كفيها بيده الآخري وينفخ بهم بقوة يدفئهما...

وصلت دموع للغرفة في الفندق ودلفت بغيظ شديد منه ولم تجده في الأستقبال فألقت بحقيبتها على الأريكة ثم فتحت آلباب الجرار ووجدته على السرير نائم بدون غطاء يبدو انه كآن ينتظرها، نزعت طاقيتها ووشاحها ثم البلطو ووضعتهم على الكرسي ثم أقتربت منه بهدوء شديد على أطراف أصابعها حتى لا تقظه، رفعت قدمه بخفوت شديد ووضعتهما على السرير ونزعت منهما حذاءه ثم جلست بجواره وهو يعطيها ظهره تتأمله فأبتسمت عليه وهو يبدو كطفل صغير في منامه...،

مالت برأسها للأيمن بهيام وهي تتأمل بعض خصلات شعره البيضاء آلتي ظهرت بالجانبين رغم قلتهم ولكنهم ظهروا فحقاً حبيبها يكبر مثلها فهي كبرت كثير عن الماضي ونضجت أكثر، لمست شعره بيدها الصغيرة تداعبه بأناملها برفق شديد، رن هاتفها فوقفت وقبل آن تتحرك مسك يدها بقوة وجذبها نحوه بسرعة البرق لم تشعر بشئ سوي وهي بداخل ذراعيه، تذمرت عليه بغيظ شديد وهي تحاول الخروج من أسر ذراعيه قائلة:
- أنت صاحي مش نايم أهو، ااااه اووعي ياعم أنت هتفعسني في أيدك.

طوقها بشدة أكثر ليزيد من حكمها بداخل ذراعيه وهتف بخفوت قائلاً:
- عرفتي آن حبيبك راجل عجوز.
توقفت عن مقاومته ونظرت لعيناه بضعف أمامه وحب قوى يسكنها له تحتضن عيناه بعشق يفيض من عيناها الخضراء وقالت مازحة له:
- فكرتني بفيلم العذراء والشعر الأبيض .

أقترب من رأسها أكثر وهتف بخفوت شديد يهمس لها في أذنها بأثارة قائلاً:
- طب ايه رأيك نخليها مش عذراء أنا بقول كفاية عذرية لحد كدة.

- أنت قليل الأدب
قالتها بصراخ بعد أن توردت وجنتها بلون الدم وكأن دماء جسدها بأكمله تدفقت آلي وجنتيها، ودفعته بقوة بعيداً عنها وفرت هاربة منه إلى الخارج ضحك عليها وعلي خجلها وقال بأصرار بعد رؤية خجلها وجماله بها:
- هو كفاية لحد كدة.

ذهب خلفها، وقفت بمنتصف غرفة الأستقبال وهي تشعر بحر شديد في جسدها رغم برودة الهواء و الأمطار المستمرة بالخارج، وضعت يديها على وجنتيها ووجدتها دافئة وقلبها لم يتوقف عن النبض بسرعة وضرباته تزداد بسرعة البرق صدرها يصعد وهبط من تنفسها بأصوات مرتفعة وقوة، شعرت بيديه تلف حول خصره ويعانقها من الخلف أتسعت عيناها علي مصراعيها بذهول وهو يزيد من ربكتها وتشعر بأنفاسه الدافئة تداعب عنقها وهو يدفن رأسه بعنقها ويشُم رائحتها ورائحة شعرها، بقيت ثابتة بين ذراعيه وزادت دقات قلبها مع قربه، هتفت بخجل شديد:
- إليــ...

بتر حديثها من فمها وهو يجذبها نحوه أكثر قائلاً:
- متكلميش لو نطقتي أسمي دلوقتي بالذات متلومنيش علي اللي هعمله بعدها.
عضت شفتيها بخجل شديد وقالت بخفوت خاجلة منه أكثر:
- طب خلاص بس ممكن نتكلم شوية جد بقي.

- امممم ممكن
قالها وهو يطبع قبلة علي عنقها الدافئ من أرتبكها ويداعبه بأنفه، أخرجت نفسها من ذراعيه ثم أستدارت له وقالت:
- إحنا هنفضل كدة، هتضيع كل فلوسك في الفندق وقاعد اجازة من شغلك بصراحة آنا مش عاجبني الوضع.

- ماهو بصراحة آنا مقدرش اسيب مراتي هنا في بلد مالهاش حد فيها لوحدها وكمان من غير بيت وأرجع القاهرة عشان أشوف شغلي
قالها بزفر وهو ينظر لها بعد أن وضع يديه في جيب بنطلونه بغرور، تتنهدت بقوة وقالت:
- يعني هتفضل كدة من غير شغل وعايش في فندق وعايز تتجوز وبس.

أجابها بثقة وهو ينظر لعيناها بهدوء قائلاً:
- لا طبعاً هنرجع القاهرة سوا لبيتنا وشغلي.
رفعت حاجبها له وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها بضجر ثم قالت ببرود مُستفز:
- وشغلي.

- تسيبيه يا دموع أنا أهم وبكرة لما نخلف ولادنا هتحتاجك أكثر من الشغل خصوصاً آنك عارفة ظروف شغلي
قالها بجدية وملامح خالية من أي تعبير، ضحكت ساخرة وقالت بغيظ شديد:
- تسيبيه هو ده كان تفكيرك لما جيت هنا وكتبت عليا، حبيت تضمن أني مش هقطع الروقتين وقولك بح، شغلي مش هسيبه وأنا كدة عجبك زي ما أنا كان بها مش عاجبك يبقى تطلقني.

مسكها من ذراعها بقوة وهو يجذبها نحوه حتى أصطدمت بصدره الصلب وخرجت منها شهقة قوية من فعلته وقال بغضب وملامح مُخيفة:
- أياكي تنطقي كلمة طلاق دي تاني أنتي فاهمة يادموع والصبر له حدود وأنا صبري عليكي خلص وتجهزي نفسك عشان هنرجع بكرة القاهرة وأنا بحذرك يادموع حذاري صوتك يعلي عليا تاني ولا تفكر مجرد تفكير بينك وبين نفسك أنك تنطقي طلاق دي تاني أنتي مراتي هتعيشي مراتي وهتموتي مراتي فاهمة.

ودفعها بقوة من يده وهي في صدمة ألجمت لسانها من حديثه وفعلته وغضبه عليها، أخذ جاكيته من فوق الكرسي وذهب خارجاً بعد أن قسى عليها بحديثه وغضبه، سقطت علي الأريكة من دفعته وهي بصدمتها ولم تشعر بشئ سوي بدموعها الحارة وهي تتساقط على وجنتيها وشعرت ببرودة شديدة في جسدها بعد أن كان يدفئه الحب وعشقه...

أستيقظت سلمي مساءاً وشعرت بثقل علي جسدها فتحت عيناها بتعب في أنحاء جسدها بالكامل فأتسعت عيناها علي مصراعيها بذهول حينما وجدت نفسها بين ذراعيه وهو غارقاً في نومه ويطوقها بذراعيه وعلي رأسها منشفة مبللة يبدو آنه فعل لها الكثير من الكمادات الدافئة ليرفع درجة حرارتها، تفحصت ملامحه بدقة بدأ من شعره القصير ذات اللون الأسود ثم حاجبيه العريضين بكثافة وعيناه الواسعتين رغم أغلقهم..،

رفعت سبابها وضعته علي أنفه برفق وترسم بسمة علي شفتيها بخفة وتحولت ملامحها للصدمة كانت تعتقد بأنه حلم جميل تعيش به كعادتها تراه في منامها دوماً وصدمت حين لمسته بأنه حقيقي، دفعته بقوة بعيداً عنها فسقط ارضاً وأستيقظ بألم من جسده نظر نحوها وهو يتألم ووجدتها ترمقه بنظرة غضب واضعة يديها فوق صدرها بخوف، فهتف بألم وهو يقف ويتلوي بجسده من الألم قائلاً:
- ايه في ايه.

صرخت به وهي تقف من مكانها بنبرة غليظة وكاد الجيران يسمعوها من صوتها المرتفع قائلة:
- في ايه ولا حاجة ياخويا، حاجة بسيطة خالص جنابك نايم وو...
شدت شعرها بغيظ وهي تكبت حديثها بداخلها، أقترب منها بهدوء يحاول أن يوضح لها الأمر فصرخت به وهي تبتعد قائلة:
- أنت رايح فين خليك مكانك لو قربت مني خطوة زيادة هصوت وألم عليك الناس أنت فاهم...

وضعت يديها على فمها بصدمة وهي تحدث نفسها بصوت يسمعه قائلة:
- الناس، يالهوي الناس هتقول عليا إيه وأنا نايمة في حضن راجل وعاري أنا جبت العار لنفسي...
صرخت بصدمة وأنفعال، أقترب منها بهلع من تفكيرها ووضع يده على فمها يمنعها من الصراخ والحديث وهو يقول:
- عار آيه يابنت الهبلة انتي، انتي دكتورة وعارفة آن في حالتك دي الأفضل انك تاخدي حرارة من جسم بشر أنا غلطان أني انقذتك.

دفعته بغضب بعيد عنها ونظرت له وهي تقف خلف الأريكة وسألته بأرتباك:
- يعني أنت مستغلتش الموقف وعملت حاجة صح.

أقترب منها ووقف علي الاريكة التي تفصل بينهم وقال بغزل يغيظها إكثر:
- حطي نفسك مكاني أنا راجل ونايم وفحضني واحدة لاول مرة تبقي حلوة كدة علي طول شايفها دكر في لبس الدكتور ولمه شعرها علي طول وفجاة لاقيتها أجمل واحدة ولابسة هدوم بناتي وشعرها مفرود تفتكري همسك نفسي آنا راجل برضو وبضعف.

كان يغازلها بحديثه قاصداً أغاظتها وصدم من رد فعلها السريع فور إنهاء حديثه بصفعة قوية علي وجنته اليسري بيدها اليمني وهي تصرخ بأنفعال وصدمة:
- ياسافل يازبالة...
أتسعت عيناه بصدمة من صفعتها له وألجمته الدهشة منها، هتف بتلعثم وسط دهشته قائلاً:
- أنتي ضربتيني ولا أنا بحلم.

- ضربتك بس ده آنا هقتلك بأيدي
قالتها وهي ترمقه بنظرة نارية قاتلة وركضت آلي المطبخ، هز رأسه بذهول من صفعتها وزادت حين رأها تخرج وتمسك السكين بيدها وتأتي نحوه كعاصفة مُميتة، مسك الوسادة بيده بهلع وهو يقول:
- أنتي هتعملي إيه يابت.

- هقتلك ياسافل يازبالة بتستغل ضعفي ومرضي وتعمل عملتك السودة دي
قالتها وهي تقترب منه، قال بهلع من جنونها وهي تريد قتله:
- أهدي يابت والله ما عملت حاجة ولا حتي بوسة.

ركضت خلفه وهي تصرخ به بغضب شديد وتقول:
- كمان بتكدب فاكر انك هتهرب بعملتك دي ياحيوان.
ركض بظهره للخلف وهو ينظر نحوها بصدمة وقال بهلع:
- والله ما عملت حاجة دي مش أخلاقي .

- أخلاقك هو أنت لو عندك أخلاق هتقعد مع بنت في شقتها لوحديكم
قالتها وهي تسرع نحوه، عاد خطوة للوراء بظهره بهلع من أقتربها أكثر فسقط علي الأريكة لم تتمكن من أيقاف قدمها من سرعتها وأنفعالها فسقطت فوقه أتسعت عيناه بصدمة من سقوطها فوقه وتمسك السكين بيدها، نظرت له بأرتباك من عيناه فأزدردت لعابها بادلها النظر لها بعد أن توردت وجنتها بخجل ولمعت عيناها ببريقها وشعرها الطويل منسدل علي وجنتيها من الجانبين وفوق صدره، رفع ذراعيه بهدوء يضع شعرها خلف أذنها وهي تنظر بعيناها نحو يديه صامته، هتف بهمس لها قائلاً:
- هو في حلاوة كدة.

ضربته بقبضتها علي صدره يغيظ وهو يضحك عليها فأبتعد عنه بخجل وجلست فوق الاريكة تعبث بشعرها بخجل تمسكه بقبضتها، فهتف بحب قائلاً:
- أنتي هتقطعي شعرك بقولك حلو وزي القمر.
رفعت نظرها لها وهي تعض شفتيها بخجل شديد ووجنتها زادت حمرتها، فضحك عليها...

دلف إلياس الي الغرفة في منتصف الليل ووجدها علي الأرض مُتكية علي الأريكة وتضع رأسها عليها غارقة في نومها كما تركها بملابسها يبدو أنها لم تتحرك من مكانها، أقترب منها بهدوء وجثو علي ركبتيه ينظر لها ورأي أثر دموعها علي وجنتها وكحلها الأسود لوثهما مع أنهمر دموعها، حملها علي ذراعيه بحنان وندم لأبكاها وذرف دموعها بسببه، وقف بها فسقطت رأسها علي كتفه الأيمن، دخل بها إلى غرفة النوم وصعد للفراش بها وهو يقف علي ركبتيه وأنزلها برفق، كاد أن يذهب لكن أوقفه يدها وهي تتشبث بيده، نظر لها ورأها تفتح عيناها بهدوء وقالت بخفوت:
- إلياس آنا أسفة مقصدتش أعلى صوتي عليك أو أقلل من رجولتك، مكنش قصدي بالطلاق آنك تطلقني وتبعد عني أنت عارف آن انا مقدرش أعيش لحظة من غيرك.

جلس بجوارها بصمت وهو يستمع لحديثها ووضع يده الأخرى علي يديهما المتشابكة وقال بندم وعيناه دامعة تكاد تذرف دمعته بعد رؤيتها نائمة بالخارج باكية بدون غطاء في هذا الطقس القارس:
- أنا اللي آسف يادموع أني اتعصبت عليكي وقسيت عليكي وبدل ما أخدك في حضني رميتك علي الأرض بعيد عني، أسف ياقلبي أني نزلت دموعك ومقدرتش أحتويك في لحظة خوفك.

جلست علي السرير وهي تلمس وجنته بيدها وهتفت بعفوية قائلة:
- أول مرة تعذر من حد يا إلياس علي طول بتعمل اللي فدماغك ومتعتذرش.

- أنتي مش حد يادموع أنتي نفسي وحياتي عمرك ما هتكوني حد انتي آنا يادموع
قالها إلياس وهو يضع يده علي يدها فوق وجنته، ثم قال بجدية:
- آنا موافق تشتغلي بس في القاهرة يادموع حولي ورقك في أي مستشفي أو هاتيه وأنا هقدمه في مستشفي الشرطة. ونرجع لحياتنا وبيتنا ياقلبي.

سأله بأستياء وهي تجذب يدها من يده:
- وصحابي هنا هسيبهم ياإلياس.

وقف بزفر شديد وهتف بأنفعال مجدداً قائلاً:
- صحابك هعملهم إيه يادموع هاخدهم معانا ماهو أكيد كل واحد فيهم عنده حياته هنا، وبعدين آنا مش فاهم أنتي بتفكري أزاي هتختاري صحابك عن بيتك وجوزك شغل وحلتها لكن صحابك هحلها ازاي اسيب آنا شغلي وحياتي وبيتي وأهلي وأعيش معاكي هنا.

نزلت من سريرها بهدوء وذهبت نحوه ومسكت يده برفق ثم هتفت ببراءة:
- أنت مش هتبطل عصبيتك دي يا إلياس.
نظر نحوها بهدوء فرسمت له بسمة مُبهجة تزيل غضبه بها فزفر بأستسلام لتعويذة عيناها العاشقة ساحرة له، فقال:
- ده علي أساس إن إلياس مجنون بيتعصب لوحده.

أشارت إليه بلا وقالت ببراءة طفولية:
- لا أنا اللي بعصبه.
فضحك عليها وهي تتحدث بلهجةطفوليه وأستدار لها ينظر لعيناها وسألها:
- طب وهو يعمل إيه لما تعصيبه.

- يصالحني طبعاً
قالتها بغرور مصطنع وهي مُتشبثة بذراعه، فقال بذهول:
- أنتي تعصبيه وهو اللي يصالح، اه منكم ياستات تغلطه وعايزين تتصالحوا.
أجابته بجدية قائلة:
- اه وبعدين نتكلم جد بقي حسن وسلمي هيجوا معايا القاهرة.

- حسن مين مفيش حسنات ولا سيئات بت أنا لو شوفتك واقفه مع راجل غيري او بتكلمي مع دكر غيري هقتله وأبقي ارجعي قوليلي بقي عصبي
قالها وهو يرمقها بنظرة حادة غيوراً عليها، فضحكت عليه وهي تذهب نحو الفراش وتجلس عليه ثم قالت:
- أنت بتغير يا إلياس.

- اه بتنيل بغير ومش أول مرة تعرفي
قالها وهو يذهب نحوها وجلس بجوارها، فأبتسمت عليه وهي ترفع ذراعه وتدخل نفسها في حضنه واضعة رأسها علي صدره، طوقها بدفء وقال بحنان:
- حقي أغير علي مراتي مادام بحبها.
أردفت بخفوت وهي تضع ذراعيها حول خصره برقة تذيبه:
- وأنا بـحبــك...

أخذها صباحاً في سيارته وعاد بها إلى القاهرة فور وصولهما ذهب إلى شقته أدخلها وعاد للخارج وفي يده ملفها وذهب آلي مستشفي الشرطة وأعطاه للمدير صديقه ليعينها بأقصي سرعة ثم عاد إلى شقته وجدها جهزت الطعام من أجلهما، أقترب منها بحب وطوقها بذراعيه بحنان من الخلف فهتفت بسعادة:
- أنت جيت ياحبيبي... عملت إيه تعال أحكيلي وأنت بتأكل ؟؟.

- واحشتيني
قالها إلياس وهو يقبل عنقها البارد بشفتيه، هتفت بجدية وهي تضع يديها علي يده فوق خصرها:
- إلياس أنت عارف آننا مش هنتمم الجواز غير لما تتكلم مع أهلك وتسامحهم.

أبتعد عنها بزفر وقال بصوت غليظ:
- اسامحهم، اسامحهم أزاي بعد اللي عملوا دول بعدوا مراتي عني 9سنين وضيعوا شبابي اللي كنت هقضيه مع حبيبتي، انتي فاكرة صحابك والناس هيبصولنا أزاي وأنتي لسه بنت وراحة تتجوزي راجل شعره ابيض الناس متهمهاش إحنا بنحب بعض ولا لا قد ما يهمهوا وأحنا ماشين مع بعض يفكروني باباكي، اسامحهم علي وحدتي اللي عشتها ولولا عملتهم كان زمان عيالي بتجري حواليا وبيقولولي يابابا، اسامحهم بعد ما طلعوا شهادة وفاة لأبنهم.

أقتربت منه وهي تمسك يده بلطف تهدأ من غضبه وأنفعاله وقالت بخفوت:
- ياحبيبي اللي فات خلاص واهو ربنا طلع أحسن من الكل وجمعنا مع بعض وبكرة ولادنا برضو هتجري حواليك ويقولوا بابا جه بس لو خدت موقف وعملت اللي فدماغك وقطعت علاقتك بيهم الزمن هيجري لا اللي حصل حصل مش هيتغير بس بلاش ندمر مستقبلنا ونخليه هو كمان حزين دول أهلك باباك ومامتك.
- ياريت قلبي زي قلبك يادموع واسامح بسهولة اللي يجي عليا ويأذيني
قالها ودلف آلي غرفته تاركها دون أن يتناول الطعام الذي اعدته...

- الف سلامة عليكي ياحبيبتي ياريت آنا وانتي لا ياقلب امك
قالتها جميلة وهي تربت علي كتفه، دق باب الشقة وقف علي وهو يقول:
- انا هفتح.
ذهب يفتح الباب ووجد إلياس بوجه عابث يبدو عليه الغضب والاستياء، دخل علي وهو خلفه ويقول:
- أهو إلياس جه اهو ياست أثير.

وقفت جميلة بسعادة لمجيئه وعانقته وهي تقول:
- كده ياحبيبي بقالي ثلاث ايام مسمعتش صوتك.
أبعد يدها عنه ونظر لها بحزن شديد، سألته بهدوء من تعابيره التعيسة:
- مالك ياروح قلبي.

- دموع فين ياماما
سألها بأستياء وهو يحاول التحكم بأعصابه، وقع سؤاله عليها كسهم مسموم غرس في صدرها، فأزدردت لعوبها بخوف وقالت بتلعثم:
- دموع، ما دموع ماتت ياحبيبي.
ضحك ساخراً وهو ينظر لوالده الجالس علي الاريكة يلهو مع أطفال أثير متحاشي النظر له بعد أن سمع سؤاله، وذهب إلياس نحوه بغيظ وقال:
- دموع فين يابابا.

- ادخلوا العبوا جوا ياحبايب جدو، ما إحنا قولنا دموع ماتت إحنا اللي هنعيدوا هنزيدوا أنساها بقي
قالها حبيب وهو يقف مُتجه نحوه، صرخ إلياس بهم بغضب:
- أنسي مراتي ده اللي انتوا عايزينه.

ذهب نحو باب الشقة وفتحه، صدمت جميلة وهكذا حبيب حين جذبها من ذراعها وأدخلها الي الشقة وهو يصرخ قائلاً:
- ودي مين ياسيادة اللواء عفريت ولا جوز امي، مش دي دموع اللي ماتت هي دي ولا لا يا جميلة هانم.
أقتربت خطوة منه بعد أن انهمرت دموعها علي وجنتها وقالت:
- إلياس آنا .

- انتي ايه، هتبرري كذبك عليا كل السنين دي بإيه، هان عليكي أبنك هو بيضيع شبابه وقلبه مكسور، هونت عليك ياسيادة اللواء وأنت شايفني مكسور في المستشفي بصارع الموت وقلبي مفتوح، ازاي جالكم قلب تطلعوا شهادة وفاة لابنكم لدرجتي بتتمنوا موتي
بتر حديثها بعصبية شديدة وهو يصرخ بهما وهي تقف بهدوء صامته تنظر لهم وله بعجز لا تستطيع إخماد ناره بعيناها كما تفعل فناره تنبع من بركان وجع بداخله...

- كنت عايز تتجوز رقاصة وجوز امها تاجر مخدرات وعاشت وسط الرجالة والمخدرات ومعرفش هي لسه بنت ولا
قالها حبيب بغضب وهو يرمقه بنظرة حادة غاضبة، فصرخ إلياس به بغضب دون الانتباه لكونه والده وكل ما يراه آنه يطعن بشرف زوجته:
- بااااااس لحد هنا وكفاية اوووي مراتي اشرف من الشرف.
أقتربت جميلة منه ومسكت وجهه بين يديها ثم قالت:
- سامحني يابني غصب عني ربنا يعلم سامحني أمك غلطت وطمعانة أنك تسامحها.

مسك يدها بيده وأنزلها بعيداً عنه ثم هتف بحزن شديد ونبرة هادئة قائلاً:
- أسف مقدرش أسامحك مفيش أم تعذب ابنها بأيدها وتقول غصب عني.
أخرج من جيبه ورقة ووضعها بيدها وهو يقول بنبرة غليظة قوية:
- دي شهادة وفاة أبنك للأسف هو مات وأنتي آللي حكمتي عليه بالموت بالورقة دي آنا مش عايز اشوفكم تاني آنا من دلوقت يتيم الاب والأم.

نظرت ليدها والورقة بها بصدمة شديد ودموعها تنهمر بغزارة، أخذها وخرج من الشقة غاضباً كالثور الهائج الذي لا يستطيع أخراج غضبه الموجود بداخله، ظلت تنظر ليدها وكأنه توفي بالفعل، نظرت أثير لزوجها وهو في صدمته من ما حدث منذ قليل، بكت بصوت عالي وهي تغلق قبضتها على الورقة ولم تشعر بشئ حولها سوى سقوط جسدها أرضاً وهي تمسك قلبها من الالم فصرخت أثير وهي تهرع لها:
- مامـــا...

 

تااابع ◄