-->

رواية لازلت أتنفسك الفصل الخامس

 

 شهق بعنف وهو يراها أمامه .. كاد أن يمضغ شفته السُفلية وهو يشعر بالصدمة بدأ الخوف والقلق يتدفق داخله وهو يهتف، وقف أمام الباب كحجر مترسخ في مكانه مردفًا بتردد وارتباك
-ف.. فريدة أهلاً ازيك !

طافت عيناها بحيرة مندهشة من حالة الارتباك التي اتحتله قائلة بشك وهى تمد بصرها للداخل


- كويسة يا زين إيه هتسيبني واقفة على الباب كده وسع خليني أدخل

علت أنفاسه يحدق بها ويفكر بداليدا إن رأتها سترتكب مصيبة لا محال يشعر بالعجز والحيرة لتردف هى مرة أخرى
- إيه يا زين في إيه !
ابتلع ريقه بصعوبة واضعًا ساعده على الباب ليعيق طريقها قائلاً بتوتر
-استني !.. مش هينفع يا فريدة تخشي .. أصل ...

نظرت له بشك وعدم تصديق قائلة
- في إيه يازين ! مالك مش على بعضك كدة .. ايه أنت عندك حد جوه ! ..

رجفة عنيفة بكيانه جعلته يلتفت للخلف ثم التفت إليها سريعًا قائلا بعد تنهيده طويله
- أ
أه عندي ضيوف .. جوه في ضيوف ..

قطبت حاجبيها 111 وهى تعقد ساعديها أمام صدرها مردفة بضيق
- ضيوف مين يا زين .. أنا شاكة فيك !

ضغط على شفته السفلية بنفاذ صبر، للحظات عقدت اتفاقية بين مجاله العاطفي والمادي .. أصبح الخيار أمامه مستحيلًا، ايخسر فريده أم داليدا ! تنهد بمرارة قائلًا
- بنت خالتي وولادها جوه وجوزها زمانه جاي دلوقتي ماينفعش يشوفك ! ولا أنتي شايفة حاجة تانية !

رددت بشك: بنت خالتك ! مممممم ماشي يازين

أجابها سريعًا: امشي أنتي دلوقتي ونتقابل بعدين ياحبيبتي ماشي !

تسرب الشك إلى قلبها وهى ترمقه بنظرات كيدية توحي بعدم تصديقها دارت بجسدها نحو المصعد لتغادر دون أن تجيبه وهو لم يناديها أغلق الباب بتنهيدة عالية وجلس خلفه يستنشق بعض الهواء فهو على استعداد تام لأي شئ إلا خسارة داليدا مرة أخرى والخوض بحرب الفراق وآلامها مستعدًا لخسارة فريدة والعالم مقابل ذلك اكتسابه لداليدا يشعر بأنها نصفه الآخر، أنه كان جسد بدون قلب وعند لقائه بها والوقوع في غرامها بدأ قلبه ينمو ويحيا من جديد
كانت ملاذ اللطف له بعد رحلته .. الأمان والسكينة بعد الخوف، إرادة جديدة تحيا بعد الاستسلام، داليدا الآن ومن بعدها الطوفان .

صباحًا

جلس يحدق في اللا شئ يفكر أين هى الآن إن لم يستطع العثور عليها قبله ستكون كارثة كبرى ونكسة لحالته الصحية مرة أخرى والتي تسوء يومًا عن الآخر يكاد يجن من الاختفاء الغامض هذا حاول الإتصال بزين صدح صوت مزعج يقول
الهاتف المطلوب مغلق أو غير متاح

جز على أسنانه من تلك اللعينة التي تخبره برسالة مسجلة أنه لا يمكنه الاتصال به الآن جوفه يحترق لأجل زين صديق عزيز عليه قبل أن يكون ابن عمه يتألم من أجله ومن أجل ما يعانيه صدح صوت برأسه يخبره أن يتحدث مع أكرم ليسأل عن زين التقط هاتفه وهو يسب نفسه بالغباء مرددًا
- أكرم ازيك ! فينك ؟!

ابتسم أكرم وهو يجلس بجوار مكتبه مرددًا: دكتورنا بخير والله أخبار زين باشا معاك إيه ؟!

تنهد بضيق وهو يجيب: زين في مرحلة خطر أوي يا أكرم وبيتصرف بجنان ممكن يدمرخ وبرن عليه تليفونه مقفول .. متعرفهوش فين !

مسح على وجهه بتعب وهو يقول
- معرفش مجاش الشركة النهاردة ورنِيت برضو على تليفونه مقفول .. أنت كده قلقتني أكتر !

صمت عماد لبرهه ثم أردف قائلاً
- طمني يا أكرم أول ما يوصل أو تعرف عنه حاجة .. لازم نوصله في أسرع وقت

أردف بهدوء عكس أنين قلبه المؤلم
- حاضر يا عماد أول ما يجي هقولك

_ مع السلامة
بعدما أنهى أكرم مكالمته مع عماد قام سريعًا متجهًا نحو مكتب زين، وجد مديرة مكتبه تؤدي عملها ثم أردف قائلاً
- أميرة .. زين بيه اتصل بيكي !
هزت رأسها بالنفي قائلة
- لا يابشمهندس .. وفي شغل كتير متوقف على امضته ..
زم شفته بتفكير قائلاً
- طب بصي لو عرفتي أي حاجة عنه قوليلي على طول .. وهاتيلي الورق دا على مكتبي !
أومأت بهدوء وهى تلملم الأوراق المبعثرة أمامها لتتحرك خلفه مغادرة مكتبها ..

"ماذا يعني الصديق ؟!
هو دائما شمس الحياة الذي ما عمرها غربت .."

استقيظ والضيق يحتل صدره لفقدانه وحيدته التي تركها لأعوام وعند عودته تركته هى وغادرت دون لقاء .. غاردت وهى لا تعرف أنه عائد .. عاد فقط من أجلها وأجل أن يضمها لأحضانه أن يعوضها عن رحيله..
مارتن شعور ما بالضيق يحتلها مردفة بحزن
- فريد .. أعلم أنك حزين، ولكن لا تيأس ستجدها آجلا ..
تنهد فريد بحزن
- أنا ندمان أوي عشان بعدت عنها كل دا .. كنت أناني الدنيا أخذتني منها، كنت شايف نفسي وطموحي وبس مفكرتش فيها، كنت شايف إنها في أمان أكتر مع أمها، طلعت مكنتش شايف ولا عارف أي حاجة .
ذرفت دمعة من طرف عينيها مشفقة على حالة اليأس التي تحتل زوجها قائلة بحكمة
- لولا ظلام الليل ما انشق فجر يوم جديد .. تفاءل حبيبي .. ستعود ثق في ذلك ..
نظر لها بيأس
- يارب ياماري يارب

قطع حديثهم قدوم النادل عندما طرق الجرس، تقدمت مارتن بخفة لتفتح الباب، حرك النادل الطاولة داخل الغرفة قائلًا
- أي أوامر تاني حضرتك ..
ابتسمت له بامتنان قائلًا
- شُكرًا جزيلاً ..

خرج النادل ثم توجهت مارتن نحو فريد قائلة
- هيا لتناول الطعام ..
أردف فريد بيأس
- ماليش نفس والله يامارتن .. كلى أنت ِ
ابتسمت بحنو قائلاً
- منذ عشر سنوات لم أفعلها واتناول طعامي بمفردي .. أتريد أن أفعلها الآن !
ابتسم رغم عنه ثم وقف بتثاقل واتجه نحوها قائلاً
- مش هزعلك ياستي .. يلا ..

جلس فوق المقعد الخشبي .. سقطت عينه على جريدة الأخبار فأخذ يعبث بها منتظرًا قدوم مارتن التي تبدل ملابسها، وقعت عيناه على عمود نهايتهداليدا فريدابنته .. لوهله قفزت في ذهنه، قائلاً أيعقل ! فلذة كبده لها عمود أسبوعي يبدو أنها تصعد سلم المجد والنجاح ولكن أين هي ..؟! عبث مرة أخرى حتى رأى اسم رئيس هذه الجريدة واسم الجريدة التى كان بها أمس ..
أبدل ملابسه على الفور متأهبًا للمغادره متجهها إلي الجريدة ... مارتن بلهفة
- هل من جديد !

أجابها سريعًا
- ادعيلي .. سلام .
شعرت بحزن بالغ على حالة الهلع التي أصابت زوجها تنهدت بكلل قائلة
- الرب يحميك حبيبي !

وصل فريد بجسد مرتجف متلهف للحصول على خيط نور يرشده في طريق عتمته، دلف الغي الداخل فأوقفه
صوت مردفًا بتعجب
- أنت يا أستاذ مش جيت امبارح تسأل على أستاذة داليدا !

رد فريد قائلاً بلهفة
- أنا جاي للاستاذ فؤاد محتاج أقابله ضروري ..

هتف العامل بتفهم
- أه إذا كان كدة ماشي اتفضل أطلعك عند مكتبه .

صعد معه وجلس قرابة النصف ساعة ينتظر انتهاء اجتماعه مع الصحفيين مر الوقت عليه ببطء حتى دلف له وهو يعرف نفسه بهدوء
- ألفريد ترامب أو فريد نور الدين يا أستاذ فؤاد

هتف فؤاد بتحية: ومين ميعرفكش يا فندم عزف حضرتك مسمع هنا زي الطبل .. خير أقدر أساعد حضرتك في حاجة ؟!

ردد فريد بوجع
- داليدا .. داليدا فريد اللي بتشتغل هنا وكاتبة العمود دا .. تبقى بنتي وأنا مسافر من زمان ولما رجعت لقيتها مشيت بعد موت أمها امبارح وملحقتهاش عايز أوصلها ومش عارف .. معندكش فكرة أوصلها إزاي !

رد فؤاد بثبات
- داليدا أخدت إجازة بسبب حالة الوفاة وصدقني معرفش هى فين بس الإيميل اللي هتبتعتلي عليه موضوع العمود كل أسبوع طبعا معايا ممكن أعطيه لحضرتك

ردد فريد بامتنان
- أشكرك يا أستاذ فؤاد وده رقمي برضه علشان أول ما تظهر ولا تكلم حضرتك تبلغني وهكون شاكر ليك جدًا ..
أردف فؤاد بابتسامة: من عنيا يا مبدع اتفضل الإيميل أهو

أخذ الإيميل ورحل وقلبه يحدثه بأنه سيعثر عليها قريبًا وسيعوضها عن كل ما مرت به ولن يبتعد عن أحضانها مرة أخرى...

تجلس في مكتبها تهدر بجميع الموظفين تشعر بالقلق تجاهه طريقته تغيرت كثيرًا في لمح البصر تشعر برائحة تاء تأنيث في هذا الموضوع ستبحث حتى تكشف السر أخذت هاتفها تجري إتصالًا مع شخص ما: - ست الكل عاش من سمع صوتك !

ردت بملل: أسعد محتاجالك في موضوع محدش هيعرف يعمله غيرك .

ردد بسعادة: أؤمرى يا هانم ..
_ زين السباعى صاحب شركة (******) عايزاك وراه زي ضله متفارقوش شقته في العجمى في ***** فاهم يا أسعد متفارقوش

رد بجدية: أوامرك يا هانم .. ابعتيلي صورته بس وأنا هجيبلك قراره في يومين ..
- تمام ..

انتهى الإتصال ولم ينتهي قلقها تجاهه تقسم بداخلها أن غدر بها ستغدر وستلقي به في قاع المصائب ستجعله يخضع لها مرة أخرى .. غير قادرة على استحمال ما يحدث بعقلها لتأخذ حقيبتها وترحل إلى النادى لتفريغ شحنات غضبها ...

في النادي أخذت تجري وشرارات الغضب تتطاير من عينيها ولا ترى أمامها سوى مظهره المرتبك وهو بمنزله ورفضه أن تدخل إلى المنزل ارتطمت بجسد قوي جعلها كادت أن تسقط وهى تردف: أه مش تفتح !

ردد بتعجب: حضرتك اللي خبطتي فيه مش أنا وعلى العموم أنا آسف ياست الستات !

ردت بهدوء محاولة تمالك غضبها
- معلش سورى ما أخدتش بالي ..
ابتسم وهو يمد يده ليصفحها: فايز نصر الله
ردت وهى تضع كفها بداخل كفه بثقه: فريدة رشوان.

لم تخرج من غرفتها منذ الصباح واحترم هو ذلك فهو يعلم ما تعانيه وتمر به ترك له حرية الاختيار والتفكير .. الأهم أن تكون بخير وسلامة أن تبقى في أحضانه خرجت عن صمتها وخرجت إليه وملامحها غير مبشرة بالخير وهي تردد بارتباك: زين أنا فكرت ..

سقط قلبه رعبًا من مظهرها قائلاً:
- طب وإيه قرارك !
صمتت لثواني وبدأت الابتسامة تظهر على وجهها تدريجياً وهي تقول
- موافقة يا زين موافقة طبعًا .. أنا ياما حلمت باليوم دا وأهو الحلم بيتحقق ..
غمز لها بسعادة وهو يقترب منها مرددًا:
- قلب زين يلا طيب مافيش وقت نكتب الكتاب حالًا ...
اتسعت عينيها بذهول وهى تقول: دلوقتي ! استنى يامجنون .

رد بسعادة: طبعًا دلوقتي يلا نكتب الكتاب ادخلي غيري هدومك وأنا هجيب فتحية مرات البواب تقعد مع الولاد يلا بسرعة

ذهلت من جنونة وبحركة سريعة كانت بغرفتها تبدل ملابسها فاليوم ستكون زوجة حبيب عمرها صعدت زوجة حارس العقار تجلس مع الصغار وغادر هو وهيغ منطلقين بسعادة وحب كأن خطاوي الأرض انطوت وألقت بهما في أحضان المكان الذي يستمعان فيه جملة

بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير"

خرجت تلك العبارة من فم المأذون وسط سيل من دموعها فرحاً وهى ترتمي في أحضانه مغمغمة
- بقيت مراتك يا زين .. أنا مش مصدقة

ضمها إليه بكل قوته وهو يقول: يا قلب زين أنتِ بطلي عياط بقى ويلا بينا ورانا حاجات كتير ..

غادر بها إلى شاطئهم المفضل شاهد عشقهم وغرامهم أخذ يلتقط لهم صور سويا يقبل كفيها يخلد ذكريات لهم على وجهها الناعم وهو يحتضن جسدها الغض جعلها تحلق في السماء مثل اليمامة ... بعد صراع طويل أخيرًا عادت إلى ملجأها وموطنها، ارتوى قلبها بعد ظمأه .. رأت الحياة ألوانًا مبهجو غير لون الأسود والأحمر الآتي لطخت بهما حياتها

قربها إلى صدره أكثر وهو يهمس في أذناها بهدوء قائلاً
- بقيتب مراة زين السباعي ومحدش هيعرف يبعدني عنك أبدًا .. داليدا .. أنا بحبك ماتسبينيش…

قد يحدث أن تهديك الحياة إنسانًا يتسلل داخلك من ثقب لا يؤدي إلا لصميم قلبك، ‏ستحبه وسينسيك جميع من كانوا قبله سترضى به رغم أنك شخص يرفض كل شيء باستمرار، يرتعد من قرب الأشخاص ويخشاهم كأنهم كائنات شرسة كُل هدفها أن تفتك به، ولكن .. لم تكن في يوم تتوقع أنك ستحب أحداً بهذه الكثرة المتكتلة، ستراه مختلفًا عنهم..ستحب الحياة لأنه سيجعلها تبدو مختلفه ب عينك، وتكره كل شيء يأتي بغيره ولا يأتي به .

تقف أمام أعتاب شقته ترمقه بنظرات شوق وحب وعدم تصديق أيضًا، كورت أصابع يديها وكفيها معًا، تبلل حلقها باستمرارية وتتعالى ضربات قلبها بفرحة وهى تتأمله لأول مرة تدخل بيته وهى صاحبة هذا البيت، اليوم تحررت أحلامها السجينة لامسة أعنان السماء ..

‏مدهش هذا الحب .. كيف يحوّل شخص واحد بإتصال واحد فقط .. برسالة واحدة .. بكلمة واحدة .. يغير حياة الشخص من العدم إلى الوجود .. من التعب إلى العافية .. كيف يعيد له رئتيه ونبض قلبه .. وملامحه .. وضحكته ..وشعوره بالرغبة في الحياة أكثر .. الحبّ شيء أقرب لنفخ الروح ..

رمقها بنظرة خاطفة ليراقب شرودها به قائلًا بغمز
- هتفضلي تبصيلي كدة كتير هرتبك ومش هعرف افتح الباب !
تراجعت خطوه للخلف بتلقائية قائلة
- الله ! وأنا عملت حاجة ؟
انحنى بالقرب من أذنها قائلًا
- بس عيونك عملوا !
رفعت عينيها نحوه بابتسامة خفيفة قائلة بمزاح
- أنت هتشتغلني !
تنحنح بخفوت قائلاً
- بيكهربوني والله .. بحس إني عاوز أحضنهم وبس !

ابتعدت عنه بتلقائية وجسد خائف من اسعهم نظراته المصوبه نحو قلبها قائلة
- أخواتي وحشونى أوي على فكرة ..
انتصب عوده بهدوء مردفًا
- وأختهم وحشتني أكتر ..
اصطنتعت الجدية خافية ورائها ضحكة مكتومة
- احنا اتفقنا على إيه ! افتح الباب بقى وبلاش اتفاقات عيال ..
قطب حاجبيه مصطنع الدهشة
- احنا اتفقنا على حاجة ! أنا حقيقي مش فاكر ..

ضاقت حدقة عيونها مردفة بمزاح
- كنت عارفة إنك هتغدر .. بس مااشي هنشوف كلام مين فينا اللي هيمشي ..
رمقها بنظرة طويلة من شعر رأسها لقدم رجلها قائلا بتحدٍ:
- كدة بنلعب في عداد حبك !
أردفت بعناد طفلة بدون تفكير
- عداد عمرك ! قولوا أمثال صح بقى ..
جز على شفته السفلية بتوعد قائلا
- من أولها كدة ..

حاولت هان تهرب من نظراته التي لا تشع إلا حبًا، فجأه اختطفت المفاتيح من بين يده وهى تتأهب لفتح الباب
- كفايه لكلوك بقى .. أنت نسيت احنا على السلم ..
وقف زين خلفها فمال بجسده نحوها ليستقيم عليها قائلًا
- في دي معاكي حق .. كفايه لوكلوك .. فيه حاجات أهم ..
فتحت الباب سريعا لتفر من حصار أنفاسه التي زلزلتها وهى تنادي على إخوتها
- عمرررر .. زينةةة ..

ركضت أختها نحوها بلهفة
عمر بلوم: كنتي فين كل دا ..
تدخل زين في الحوار سريعا
- أنت بتحاسبها وأنا واقف يا ولاه ..
وضع الصغير كفيه في خصره بحركو طفولية مردفًا
- سيبنى أحاسب أختي براحتي لو سمحت ..
كتمت داليدا صوت ضحكتها ولكنها فوجئت بزين يضع ساعده على كتفيها قائلًا بثقة
- دا كان زمان .. دلوقتي بقت مراتي ومش من حق أي مخلوق يحاسبها غيرى .. سوري يعني حتى أنت ياعمر باشا ..
نظر عمر لها بعيون ضيقة قائلًا في شك
- الكلام دا حقيقي ياديدا !

أومأت داليدا رأسها إيجابًا وبثغر متبسم، هللت زينة بتلقائية وجنون طفولي، عاود زين حديثه نحو عمر قائلًا
- هااا أي أوامر تانية ياباشا !
اصطنع عمر التفكير قائلًا
- لا خلاص سماح المرة دى ..
نكث زين علي ركبته ليبقى بمستواهما قائلًا بحنو
- طيب يلا باركولنا أنا وديدا .. وفكروا كدة حابين تتسافروا فين على بال ماأطلب الغدا ..
زينه بعفوية: الف مبروك ياديدا .. ماما كان نفسها أوي تشوفك عروسو بفستان أبيض ..
ذرفت دمعة من طرف عيني داليدا لجملة أختها التي خدشت جدار قلبها، تدخل زين سريعًا قائلًا
- وأحلى فستان أبيض هتلبسه يا زنزون، وبعدين من النهاردة أنا هعوض داليدا عن كل حاجة وهابقي ليها أبوها وأمها وابنها وأخوكم الكبير كمان .. قولتوا إيه !

طوقته زينه بذراعيها القصيرين بحب قائلة
- انا بحبك اووى يااعموو ..
ربت زين على ظهرها بحنو قائلاً
- وأنا أكتر ياقلب عمو ..

في فندق بالجيزة
دلف فريد غرفته مطأطأ الرأس، فركضت مارتن نحوه بلهفة مردفة
- أخبرني .. ماذا فعلت ؟
إتكأ على أقرب أريكة بتثاقل قائلاً
- ولا أي حاجة يامارتن .. بس جبت الإيميل بتاعها .
ابتسمت بتفاؤل وهى تجلس بجواره
- إنها خطوة مبشرة، ماذا تنتظر أرسل لها رسالة الآن .

فتح هاتفه باحثًا عن إيميلها الإلكتروني، فوجد صورتها الشخصية، فتحها بلهفه قائلا
- أهي داليدا أهي، شبهي أوي، سعاد مكانتش تكدب لما قالتلي البنت دي واخدة كل ملامحك .. شايفة يامارتن شايفة جميله إزاي ..
تناولت الهاتف من يده لتتأمل الصورة قائلة بفرحه
- إنها جميلة حق.ا .. هيا أرسل لها رسالتك ..
أخذ الهاتف منها مرة أخرى، وتأهب ليكتب لها ولكنه توقف فجأة لم يعرف ماذا سيكتب، ماذا سيقول، كيف ستستقبل رسالته، حروف اللغة وكل اللغات أصبحوا عاجزين عن وصف حالته .. التفتت له زوجته قائلة
- لما توقفت ؟

- مش عارف أكتبلها إيه .. وياترى هترد تقول إيه ! خايف من مواجهتها أوي ياماري ..
طافت عيناها بحيرو ثم قالت
- افعل المستطاع كي لاتندم آجلا ..
أومأ رأسه بضيق ثم كتب رسالته إليها
متستغربيش وأنا بكتبلك، داليدا وحشتيني أوي نفسي أشوفك وأشبع منك وأحضنك، لازم نتقابل ونتكلم، داليدا بترجاكي أول ماتشوفي الرسالة تردي ماتتجاهليهاش ياحبيبتي .. أبوكي فريد نور الدين
ثم ضغط على زر الإرسال بعد تردد استغرق عدة دقائق، ربتت مارتن على كتفه بحنو قائلة
- اطمئن ستعود، ستعود إلى أحضانك مرة أخرى ..

في إحدى الكافيهات
دماغ حضرتك عجباني أوي .. وكلها بزنيس بس محتاجة اللي يوجهها صح
أردف فايز جملته وهو يجلس أمام فريدة بعد ما ارتشف فنجان قهوته .. رفعت فريدة حاجبها الأيسر بتعجب
- والله ! والنظريه دي حد قالهالك ولا استنتجتها من وحي خيالك ..
غمز بطرف عينه مردفًا
- الراجل الذكي اللي يقرأ عيون الست ويفهمها من غير ماتتكلم ..

ضحكت بصوت أنثوي عالي قائلة
- وأنت قريت في عيوني البزنيس وبس !
رمقها بنظرة سريعة مردفًا بخبث
- بصراحة لاقي فيهم توهه وحيرة بس محبتش أدخل في أمور شخصية، اكتفيت بصفحه البزنيس وبس ..
رمقته بعيون لامعة قائلة
- حد قالك قبل كده إنك كلامنجب !
هز رأسه نفيًا ثم قال بثقه
- من أيام الجامعة كانوا مسميني دنجوان .. بس كلامنجي دي محدش قالهالي غيرك ..
ارتشفت كوب العصير أمامها ثم أردفت قائلة
- أنا قبلت عزومتك من باب الاعتذار على اللي حصل الصبح، وحقيقي دي أحلى صدفة حصلتلي وحاسة إنها مش هتكون آخر مرة نتقابل فيها .
التوت شفته جنبًا بخبث قائلًا
- شكلغى مش وحدي وبس اللى كلامنجي .. الظاهر كدة فريدة هانم رشوان هتغلبنى !

ضحكة أنثويه فاجرو انطلقت من جوفها قائلة
- شكلنا كدة هنعمل شغل حلو سوا ..
غمز بطرف عينه قائلًا
- هنعمل حاجات كتير حلوة سوى ..

في شقة زين

واقفة في منتصف المطبخ المطل على صالة الشقة ذات الطراز الحديث تترقبه وهو يلهو مع إخوتها بحب وفرحه، لأول مرة تراه مرحًا لهذا الحد، بتلقائية اقتربت من الورقة والقلم بجانبها لتقص حال قلبها على الأوراق، لأول مرة تحضن قلمها بحب تحضنه وهى ممتلئة بنيران الحب بدلًا من نيران الفقد، مشتعلة بضوء القرب بدلًا من عتمة البعد، التقطت نفسًا طويلاً ثم كتبت...

‏‏لازلت اتأملك جيدًا، حين تبتسم وتتحدث حين تلهو رأيت بك طفلًا فاته قطار العمر محافظًا على كتلة الرفاهية بداخلة ثم ألتفت وأتنفس بهدوء محاولة استجماع قوّتي، كم هو أمرٌ مُرهق لو تعلم .. للمرة الأولى أشعر وكأنني خلقت لاحتضانك لأجلك أنا لك ومنك وبك أكون لأنك لي الحياة، ركن فراشي الذي ألجأ اليه لاختبئ من وحشية العالم لم أبكي يومًا إلا وكان صدرك لي مأوى، ولم أقع يومًا إلا وكان كتفك لي سَندًا لا يميل وإن مالت الدنيا، لم أشعر يومًا بالوحدة طالما أنك بجانبى، لأنك صديقي الأقرب والأحب والأوحد والوحيد.. أرجوك لا تتوقف عن كونك شخصي المفضل .. بك قلبي يتنفس

لم تفق من شرودها إلا على حصار ذراعيه حول خصرها مردفًا بحنو
- اللي واخدك مننا ياجميل !
فزعت من موضعها ثم أردفت قائلة بتوتر
- يازين ابعد عشان أخواتي ميصحش !
قهقهة بصوت مرتفع على تلقائيتها قائلًا
- وأنا شاقطك من جامعة الدول ! وبعدين مراتي أعمل اللي أنا عاوزه وأنتي كمان ماتعترضيش تقولي نعم وحاضر وبس ياوزة .. مفهوم !

فكت قبضة ذراعيه الحديد. بصعوبة ثم ابتعدت عنه قائلة
- أنا كنت عارفة من الأول إني بتفق مع عيل .. وبعدين فيك .!
أردف بتلقائية
- وبعدين فيكي أنتِ ؟
ألقت نظرة خاطفه على جسدها قائلة
- يابنب وأنا مالي بس منا طبيعية أهو ولا أنت عاوز تلبسني مصيبة وخلاص ..
أغمض عينيه لبرهه ثم قال بغمز
- شغالة تحلوي كدة ومحدش هامك .. ما براحة على العبد لله !
وضعت أناملها فوق شفتها فانفجرت ضاحكة
- روح كدة شوف شغلك طيب بدل ماأنت قاعدلنا كدة ولما ترجع نكمل كلامنا ونشوف موضوع احلويت دا !
فكر قليلاً ثم قال
- بس أنا معنديش مانع أشوفه دلوقتى حالًا .. أصل الأمور دي ماتحتملش التأجيل ياديدا !

حاولت أن تشغل نفسها بأي شيء أمامها ثم وقعت عيناه على الورقة البيضاء فوق المطبخ، مرر عينيه عليها فكانت مجموعة من الحروف لها القدرة الخاصة لرسم ابتسامه ساحرة على وجهه ثم قال بمزاح
- دانتي واقعة فيا من زمان بقى !
نظرت له بعيون ضيقة فقالت بنبره طفولية
- والله ! دمك بقى تقيل أوي على فكرة ..
قرب منها على الفور وهو يحاوطها من خصرها مردفًا
- منا لما أرويه منك دلوقتي هيخف وهيبقى زي الشهد .. ارضي علينا أنتي بس !

تبادلا الأنظار لدقائق ثم أردفت داليدا بفضول
- بتحبني أوي كدة يا زين !
تنهد بحب فقال
- ياستي أنا أول مابشوفك عقلي بيقف .. دا مش سبب كافي إني أكون بموت فيكي !

فقدت وعيها للحظات انفلت زمام سيطرتها على ذراعيها كأن كلماته كانت أشبه بنيران فكت أسر ذراعيها ليلتفا حول عنقه قائلة بهدوء
- وأنا والله ما حبيت ولا هحب ولا عاوزة غيرك من الدنيا كلها ..
أزاح خصيلة من شعرها خلف أذنها قائلًا
- أنتي عارفة حبك غريب أوي عامل زي ليل ونهار،، سماء وأرض،، ميه ونار .. حب مدربك وأظن إن أحلى ما في الحب دربكته !

لثوان خضت روحها لمصرعها بين ذراعيه، سقطت تحت سحر كلماته جعلتها تنسى العالم ولم تتذكر غيره أراحت رأسها على صدره بهدوء بعدما طوقتها عروش الأمان والحب .. ربت زين على ظهرها بحنو قائلًا
- ربنا يخليكي ليا

تسلل إخوتها الصغار بهدوء نحو هؤلاء الذين تناسا تواجد البشر معهم، تاها في عالم الحب والمودة .. صوت طفولي صخب قطع عليهنا ملاذهم ليفزغ الاثنان من موضعهم .
عمر وزينة انغمسا في غيبوبة ضحكهم فأردف عمر ببراءة
- انتوا بتعملوا إيه ..
اصطنع زين الارتباك وهو يرمقها بنظرات معاتبة
- احنا كنا نعمل إيه .. ! مكناش بنعمل حاجة ياعمر باشا ... خالص
زينة بخبث: احنا شوفنا كل حاجه على فكرة ..
كتمت داليدا أصوات ضحكها فرمقها زين بنظرة لوم وتوعد قائلًا
- اضحكي ياختى اضحكي وسيباني ليهم !

عمر بصوت مرتفع: احنا بنكلمك أنت مالكش دعوة باأختي ..
ضغط على شفته السفلية بنفاذ صبر قائلًا
- بقولكم إيه .. يلا نكمل لعب .. صح يلا ..
ثم همس في أذانها قائلًا
- عشر دقايق هسرب الكلاب الضالة دي وارجعلك ..
لم تتحمل كتم صوت ضحكاتها أكثر فانفجرت ضاحكة على ارتباكه وتوتره أمامها .. صرخ عمر به قائلًا
- أنت بتقولها إييييه .. !
جز زين على أسنانه قائلًا
- بقولها انا ماتربتش وجيه اللي هيربيني .. يلا قدامى يلا طلعتولب منين أنتوا!

في إحدى عيادات الطب النفسي
بردو مالهوش أثر
أردف مراد قائلًا جملته وهو يجلس فوق المقعد المجاور لمكتب عماد .. أطفئ عماد سيجارته قائلًا
- بفكر أروحله البيت !
مراد بشك: تفتكر داليدا عنده ؟!
قطب عماد حاجبيه قائلًا
- حاسس إنها هناك .. اختفاء زين المفاجئ قالقني !
مراد بحماس
- طيب مستنى إيه يلا قوم روحله ..
تنهد عماد بمرارة
- مش عاوز اخنقه وأحسسه إنه متراقب .. عايةه يعيش حياته عادى ومن غير مايحس إننا بنحاصره ..

التوت شفتا مراد بحيرة
- أنت قاصد تجننب !
اعتدل عماد في جلسته مردفًا
- بصراحه خايف أروح وألقاها هناك معرفش أتصرف ولا أعمل أي حاجه ..

- ازاااي !
- لو كانت عنده كدة رجعنا لنقطه الصفر تاني يامراد ..
فكر مراد لبرهه ثم أردف قائلا
- طب خلينا واقعيين ونكون من الناس اللي بتقدر البلا قبل وقوعه .. لو داليدا دلوقتي مع زين تفتكر ممكن إيه اللي يحصلها !

ساد الصمت لبرهه أردف عماد قائلاً
- ياما هتيغير على إيديها ويحاول يصلح من نفسه ويكمل إنسان طبيعي خالي من أي نفور بمجرد ما يوصل لحد معين مع أي بنت،، ياما هيقوده غروره لخضوع بمعنى هيفرشلها الأرض ورد وهيدي أضعاف ماياخد في سبيل تبقى في إيده حتة صلصال يشكلها زي ما هو عاوز لحد مايشبع غروره وبعدين هينفر منها ويبعدها عنه ..

- طيب ما دا نفسه اللي بيحصل مع أي بنت زين بيعرفها ..

- صح .. بس المصيبة هنا هو حب داليدا .. ولو عمل فيها كده هيدخل ف صراع مع نفسه وقلبه ياإما هيتجنن ياهيتجنن .. فهمتنى يامراد ..
أومأ مراد رأسه إيجابًا مردفا
- فهمتك .. من رأيي نروحلها تاني الجريدة ! إيه رأيك ؟
عماد بحماس
- وأنا شايف كدة .. ولو ملقناهاش وزين مظهرش يبقى مقدمناش حل غير نروحله !

في شقة زين
حقيبة كبيرة موضوعه في منتصف الغرفة بها ملابس زين وداليدا .. خرج زين من المرحاض مرتديًا منامته وهو يصفف شعره، ظلت تراقبه في صمت حتى لاحظ شرودها به فأردف قائلاً
- احنا هنقضيها بص ولا إيه !
تنحنحت بخفوت ثم ارتسمت علي ثغرها ضحكة خليفة وهى تقول
- لا أبدًا أصل شكلك حلو أووى ..
اقترب منها بهدوء مردفًا
- أنا حلو عشان مالي عيوني وقلبي منك وشوية كمان وهملى حضني منك، لحد ماأبقي صورة معكوسة ليكي، شوفتب بقى أنا حلو ليه عشان بس أنت معايا ..
استندت على ضلفة الخزانة قائلة
- أنت بقيت تكتب شعر من ورايا ولا إيه !
- عشان تعرفي بس مش أنتي لوحدك اللي بتكتبي .. أي حد مننا بيتحول لشاعر بمجرد مايحب .. وأنتي أهو مكتبتيش إلا لما حبيتي !

ابتسمت بخفوت ثم قالت
- تاهت منك دي يابيشمهندس .. مش كل اللي بيحب هيكتب، في ناس بتعيش عمرها كله تدور علي الحب ولما تيأس بتكتبه وبتعيشه في خيالها طالما الواقع طلع بخيل عليها ..

استند بكفه على ضلفة الخزانة المغلقة حتى اصبح موازيًا ومحاصرًا لها مردفًا بصوت منخفض
- وأنتي بقى بقيتي فيا الحب ولا استكفيتي بيه بين كتاباتك !
انكمشت حول نفسها محدقة النظر بعيونه قائلة بحب
- أنت الحب اللي لو كتبته لآخر نفس في عمري مش هوفيه حقه ..
تفتنها بحب وهو يقترب منها شيئًا فشيئًا قائلًا
- طيب إيه بقى ! هنقضيها أشعار وكلام رايح جاي ! الشغل دا معايا مايأكلش عيش حاف ..
ضحكت بصوت مسموع وهى تحاول أن تبتعد عنه قائلة
- زززين متتجننش !
جذبها بقوة ما جعل ظهرها يرتطم بالخزانة قائلا
- عاوزه تبعدي عني تاني !

سرعان ما وضعت أناملها فوق شفته قائلة بلهفة
- اشششش ربنا مايجيب فراق ولا بعد .. ممكن ماتقولش الكلمه دي تاني !
لمس أنفها بأنفه ممازح.ا
- يبقى نسمع الكلام ونبقى حلوين ..
اتسعت ابتسامتها بفرحة تغمرها، استغل الفرةه للاقتراب من فمها كأن الشيء الوحيد المستحق للاختلاس هو قبلة سريعة لارتشاف شهد شفتيها وهى تحت مخدر أنفاسه وأوهامه، فتمرد قلبه كان لا يقل الا بأمراة الطاعة والحنان واليسر، أما هى فكانت امراة مفعمة بالجنون والتمرد غجرية الطباع ومع ذلك كانت قادرة على كسر حصونة حتى أسرت نفسها بداخله ..

لبرهه أغمضت عينيها لأن أجمل ماقيل عن لحظات الحب .. هو الحب المحسوس الذي يخطف الذهن ليحلق به في السماء أما الحب المرئي فهو خال من اي اختطاف روح ! لوهله رفع علم النصر على ثغره بابتسامة ماكرة كما تمكر الثعالب بفرائسها وظن أنه سيبلغ مراده للتو ولكن اقتحم ساحة حربه قدوم إخوتها الصغار مهللين بفرح
- احنا جهزنا .. هنسافر فين بقى !

ابتعدت عنه سريعًا وهى تكتم أصوات ضحكها قائلة
- اسألوا أونكل زين هيودينا فين ..
جز زين على أسنانه بنفاذ صبر وقبض يده باغتياظ قائلاً
- هنروح شرم .. هنروح شرم أغرقكم ونرجع ..


 ‏لو أصرخ للعالم كله لأخبره بطريقة ما أنني أحببتك كشيء لا يتبدل ولا يزول ولا ينتهى بداخلي، لا ينقضي ولا ينقص، كيف يمكنني أن أعبر لك عن وديان الحب بداخلي أشعر كأنك شخص خلق فقط لأحبه .. ‏ دائماً أنظر إليك بنظرة المعجزة الوحيدة في هذا العالم، أشعر بشغف وفرحة بني إسرائيل وكأنهم للتو عثروا على عرش الملك لسيدنا سليمان، ظفرت بك ككنز خَرج من باطن الأرض لصاحبه أنساه عناء ما فُقد، وأنا بجانبك لأول مرة تستكين أنفاسي ويهدأ ضجيج قلبي، أنا غرقت بك ولا أجد النجدة إلا بين ذراعيك !..

أنهت داليدا كتابة ما يدور في قلبها في مدونة هاتفها وهى تجلس بجوار زين بالمقعد الأمامي يستمعان لأغنية ألف ليلة وليلة لأم كلثوم، صف زين أمام إحدى الشليهات المطلة على البحر في مدينة شرم الشيخ مردفًا بهدوء
- سرحانة طول الطريق وأنا عامل مش واخد بالي .. إيه اللي واخدك مني ياجميل !

أقفلت هاتفها ووضعته فوق تابلوه السيارة قائلة بابتسامة خفيفة
- تتصور إيه اللي ممكن ياخدني منك غير ليك !

قبّل أنامل كفها بحب قائلًا
- مقدرش أنا على الكلام الحلو دا !
احمرت وجنتاها بخجل وعمدت أن تبعد أنظارها عنه قائلة
- مش هننزل !
غمز بطرف عينيه قائلًا
- هننزل ياباشا .. الشالية أهو إيه رأيك ؟
دارت برأسها لتكتشف مردفة بفرح
- أي مكان معاك فهو بالنسبة لي جنة ..

ضغط على كفها بحب ليشعرها بالأمان، حرك شفتيه كي يتحدث ولكنه أوقفه ذلك الصوت الطفولي المنبعث من الخلف
عمر بنفاذ صبر: أنا جعان وعاوز آكل !
زينة بتأفف: وأنا عاوزة أروح التويلت ..
رمقهم زين بنظرات ساخطة مردفًا
- مين جاب العيال دول معااانا !
ضحكت داليدا بصوت مسموع جعلته يلتفت نحوها رغمًا عنه قائلا بابتسامة عريضة
- صلاة النبي أحسن !
رفع عمر صوته أكثر مردفا بنفتذ صبر
- جعااااااان ..
ضغط زين على شفته السفلية بنفاذ صبر قائلًا
- الجوازة دي منظورة .. أنا عارف .. يلا انزلي انزلي لما نشوف أخرتها ..

تصف سيارة سوداء بعيدًا عنهم تترقبهم منذ تحركهم من الإسكندرية إلى شرم الشيخ فأردف منها صوت أجش مختبئ صاحبه خلف نظارته السوداء
- ست هانم زين بيه دلوقتي في شرم الشيخ ومعاه واحدة واتنين صغيرين ..
اشتعلت النيران بداخلها وهى تجوب غرفتها ذهابًا وإيابًا بحيرة وقلق مرددة
- ياترى مين دي ! أخته ؟ بس زين مقاليش إن عنده أخوات ؟ مش يمكن عنده ! ومين العيال دي .. طيب يازين أنت اللي بدات ..


دلف زين بصبحة داليدا وأخوتها داخل الشالية حيث وضع نظارته الشمسية ومفاتيحه فوق المنضدة مردفًا
- الشالية ٤ اوعض .. اتنين تحت واتنين فوق .. - ثم وجه كلامه صوب الصغار قائلًا - الحلوين يبحبوا يناموا فين !
فكر عمر وزينه بمكر ظل زين يرمقهم بنظرات استكشافيه فأردف عمر قائلًا
- هنّام فوق ..
تنهد زين بارتياح فأردف قائلًا
- طيب ياأبطال يلا انتوا ناموا فوق واحنا هنّام تحت، مرضي كده ؟!

نظرت له زينه بعيون ضيقة تشع مكر وعناد طفلة قائلة
- لا خلاص يبقي احنا هنّام تحت جنبكم ..
عقد زين حاجبيه مندهشة وهو يردف بضيق قائلًا
- نعم ياختى ! وهو إيه أصله دا ..
تدخلت داليدا سريعًا في الحوار قائلة
- خلاص تعالوا نبدل انتو تحت واحنا هنطلع فوق ..
عمر بتحد وإصرار
- لا خلاص احنا كمان هنطلع معاكم فوق ..
جز زين على فكي أسنانه بقوة قائلًا
- كلمة كمان وهرتكب فيهم جنايييه ياداليدا ..

دخلت في غيبوبة ضحك على تصرفاته الجنونية مما جعلته يشتاظ غضبًا
- شكلي هبدأ بيكِ .. _ ثم رفع صوته بتصنع مردفًا بصيغه آمرة _
أنت وهى يلا فوق على أوضتكم .. مش عاوز أشوف طيف واحد فيكم ..
رمقته زينة بنظرة غير مبالية قائلة
- عمر يلا نلعب برة هناك ..
ألقى عمر نظرة سريعة علي زين قائلًا
- يلا يازنزون نلعب يكون أونكل زين طلبلنا الأكل من برة ..
تابعهم وهم يخرجون من الباب الخلفي المطل على جنينه صغيرة أمام المبنى المتكون من طابقين فالتفت نحوها باغتياظ
- شايفة العيال دول بيعاملوني كأني ضرتهم !
احتوت ذراعه بحب قائلة
- هتعمل عقلك بعقل عيال ..

رمقها بنظرة خاطفة قائلًا
- معاكي حق .. دا حتى هدة حيل بالكدب ..
نظرت له بعيون مشعة بالحب قائلة
- مشكلة أنت ؟!
لف ذراعه حلو عنقها وهو يجذبها لصدره قائلًا
- تعالي معايا أفرجك على المكان ! هيعجبك أوي ..

"وقت غروب الشمس
وصل عماد ومراد أمام مبنى الجريدة بحماس .. رآهم الحارس قائلًا بضيق
- انتوا تاني ! خير يابهوات ..
أردف عماد قائلا
- الأستاذة داليدا جات الشغل النهاردو!
ضرب كفه براحه كفه الأخر بنفاذ صبر
- لا مجاتش .. اي خدمة ..
تدخل عماد سريعًا قائلًا
- طيب كنا عاوزين عنوان رئيس الجريدو ..
- سي فؤاد بيه لسه فوق منزلش .. بيراجع مقالات الأسبوع ..
مراد: طيب ينفع نقابله !
- اتفضلوا أوصلكم ..

وصل الجميع لأعتاب مكتب فؤاد منتظرين خروج الحارس وبعد برهه فتح باب المكتب مردفًا
- اتفضلوا هو في انتظاركم جوه ..

تقدم عماد بصحبة مراد إلى داخل المكتب، رحب بهما فؤاد مردفا
- اتفضلوا اتفضلوا ..
قدم عماد نفسه ثم قدم مراد فأردف فؤاد وهو يشير لهم بالجلوس قائلًا
- اتفضلو .. أقدر أساعدكم في حاجة ؟
أردف عماد قائلا
- كنت جاي لحضرتك بخصوص موظفة عنك اسمها داليدا ..
عقد فؤاد حاجبيه مردفا باندهاش
- هو إيه الحكاية ! كله بيدور على داليدا ليه !
مراد باهتمام:
- هو في حد سأل عليها !

أومأ فؤاد إيجابًا
- ااه لسه والدها كان هنا الصبح ! وكمان أنا قالب عليها الدنيا عشان أشكرها على العمود بتاعها دا مكسر الدنيا ..
تبادلت الأنظار مابين مراد وعماد فأردف الأخير قائلا
- طيب نوصل لوالدها إزاي !
فكر فؤاد لبرهه مردفا
- الكارت بتاعه فيه الإيميل أهو .. اسمه فريد ترامب العازف الموسيقار العظيم ..
اتسعت أعين المستمعين .. فسحب عماد الكارت من يده مردفا
- تمام .. من فضلك أي معلومة عن داليدا بلغنا ..
أومأ بتفاهم مردفًا
_ أكيد ..

أغلق الباب وهو مطمئن على الصغار، يلعبون بالخارج وحارس الشالية حولهم سيبقى معها بمفرده لا يوجد سواهم التف لها رآها تنظر للمنزل بسعادة فهو أرقى مما تتخيل .. فرطت دموعها سعادة وحزن ... سعادة على زواجها منه وحزن على عدم وجود والدتها معها فهى تزوجت مثل ما أرادت ابتسم بحنان وهو يربت على كتفها:
- حد يعيط كده يا ديدا وهو مع زين حبيبه !

ابتسمت وهى تقول بخفوت:
- دموع فرح يا زين والله

تنهيدة حارة صدرت منه وهو يعبث في عنقها وإبهامه يمر على شفتيها ببطء ويقترب منها بخطوات سلحفية قائلًا
- تعالي نروح أوضتنا ..
لم يعطيها أي فرصة للاعتراض اكتفى بسحبها خلفه عنوة عنها، كانت تسير خلفه كالفراشة بدون أي مقاومة مستسلمة لتصرفاته الجنونية، دخلا الاثنان غرفتهم فوجئت به يغلق باب الغرفة عليهما فقط، قلبان احتلهم عشق خلف أربعة جدران بمفردهما أليست تلك الفرصة الممهدة ليطفيء كل منهما لهيلب عشقه بطريقته الخاصة، كل ما كانت تريده منه حضنًا طويلًا تفرغ به الشحنات السالبة التي تركها البعد فوق جدار قلبها، كانت تريد أن تتأكد من وجوده وأنه ليس حلمًا ستستيقظ منه عند اللحظة التي تريدها وتحارب واقعها لتصطنع النوم مجددًا لتكمل الحلم في مخيلتها، كل ماتريده أن تروي روحها بنبض قلبه المنبعث خلف حواجز صدره .. ولكنه كان يتفتنها بنظرات لاتريد إلا شيئا واحدًا وهو إرضاء غرائزه المستهدف انتشائها ..

تراجعت للخلف بعيون ناقوسية طائفة يمينًا ويسارًا مردفة بتوتر
- أنت قفلت الباب ليه !
ضحك بصوت عال ثم أردف قائلا بهدوء
- عاوز أقعد معاكي شوية لوحدنا .. ممكن !
ضاقت حدقة عينيها بعدم تصديق
- هقعد وبس !
غمز لها بطرف عينه وهو يقترب منها ببطء
- لا وهنتكلم شوية كمان .. وبعدين مالك أنتي خايفة مني ولا إيه !

تجاهلت خوفها منه مصطنعة القوة والقيادية مردفة
- لا عادي .. في واحدة هتخاف من جوزها !
فاجئها بحركة سريعة وهو يجذبها نحوه بقوة مما جعلها ترتطم بصخور جسده الرياضية وهى ترمقة بعيون خائفة قلقة قائلة
- زين ! هنزل لإخواتي تحت ..
ضغط على ساعدها قليلًا وهو يجذبها بحنو
- أخواتك مين دلوقتي ! تعالي نقعد بس ونتفق على كذا حاجه كدة ..
استسلمت لأوامره وتحركاته القيادية التي تجذبها وتحركها كما يشاء وكما يريد هو، جلس الاثنان جانب مخدعهم ثم أردف زين قائلا
- بس أنتي حقيقي يعني محلوة أوي النهارده ..
لمعت عيناها بحب واحمرت وجنتيها مردفة بارتباك
- يوووه بقى وبعدين فيك !

أزاح خصيلة من شعرها خلف أذنها قائلًا بحب
- لا دا التمهيد والله لسه موصلناش لبعدين اللي قالقك ..
زفرت بنفاذ صبر وهى تكتم ضحكاتها خلف شفتيها المنطبقتين فوق بعضهما فاستجمعت قواها قائلًا
- شوفت بقى إنك ملكش أمان !

ضغط على كفها بحب وجذبه ليضعه فوق فخذه قائلًا
- والله أنا مااتكلمت أنتي اللي دماغك بتروح في أماكن دماغي فيها .. ودي غلطتك أنتي يادود ..
لم تستطع كتم ضحكاتها أكثر فاندفعت ضحكة تلقائية من بين شفتيها قائلة بسخرة
- يااسلام ! الأستاذ برييء وأنا اللي مفترية ؟
فتح كفها بهدوء ففركة بحنان قائلًا
- أهو هندخل في المهم، هسألك كام حاجة كدة وتجاوبي عليا بصراحة ..
اعتدلت في جلستها قائلة
- اه خلينا في المهم .. اسال يلا ..

قال بصوت هادئ وابتسامة تحتل ثغره
- مبسوطة معايا !
أجابته باندفاع وتلقائية
- أنا مابقتش مبسوطة غير معاك !

- إيه اللي جذبك ليا، اشمعنا أنا !
قبضت على كفه بدون وعي وبحركة تلقائية وهى تجوب في بحور عينيه قائلة بهمس
- ربنا خلقنا اتنين في الدنيا، كل واحد فينا مش هيلاقي راحته غير مع شخص واحد بس ومستحيل تعرف تعيش مع حد غيره، الحب روحين بيتلاقوا في السما وبينزل يدوروا على بعض في الأرض لحد ما ربنا يشاء ويجمعهم، دي حاجه إلالهيه عشان كدة متسألش محب سبب حبه، لأنهم بيكونوا عاملين زي الروح والجسم، السمك فالميه، لو كل واحد منهم بعد عن مكان الثاني بتبقى النهاية .. فهمت ..

ابتسم بحب ثم أردف قائلًا بعد تنهيدة عميقة
- إيه الجمال دا .. بس أنتِ ماقولتيش .. عمومًا إيه أكثر حاجة بتلف نظرك في الراجل ..
وضعت أناملها فوق ثغره قائلة بلهفة
- مافيش راجل غيرك ممكن يلفت نظري .. كلهم فى وجودك سراب ..
طبع قبل سريعة على أناملها قائلًا بعفوية
- يااسيدي ! يابركة دعواتك يافوفا .. طيب نغير صيغة السؤال .. إيه أكتر حاجة حابة تشوفيها فيا .. حلو كدة !

اومأت بسذاجة طفلة وبسمة ساحرة ثم فكرت لبرهه مردفة
- حنيتك .. بعشقك وأنت حنين عليا كدة ..
قرب منها بشغف وبدون أي مقدمات أصبح ملاصقًا لها قائلة بغمز
- ياباشا أنا أصلاً واحد مفهيش من جووه، ادخلى كدة جوايا مش هتلاقي غير فهيشه ..
تراجعت برأسها للخلف وهى تطلق ضحكة عالية جعلت عروش قلبه تهتز موشكًا على الانخلاع من موضعه للفرار إليها، فأردفت بنبره ساخرة
- بس بقى ! .. وهى فين الفهيشه دي .. مش شيفاها ليههه !
دار برأسه مردفًا بحماس وهو يحاصرها بذراعيه
- نطفي النور اللي جمبك دا بس الأول، وأنا هوريكي الفهيشه دي هتكون إزاي ...

فجأة وجدت نفسها بداخل حضنه، شعرت بنبض قلبه، بنفسهم الخارج منهما معًا، غمر عنقها بجيوش أنفاسه التي ترتطم به كأنها تعاتبها على كل لحظه مرت عليه بدونها، وجيوش أخرى من الأنفاس التي يلتقطها فتمر أولا فوق عنقها لتختلط بعبيرها قبل أن يتسلل بداخل رئته حتى تطبع أثار عبقها بداخله أصبحت أنفاسه وسيلة لنقل عطرها بداخله فقط ..

أرواحهم تتحد وتصبح روح واحدة في جسدان، تعجز الحروف عن وصف شعورهم تعجز عن احتساب عدد دقات فؤادهم من فرط المشاعر،من فرط الجنون، من فرط الحب يكتفي بها وتكتفي هى بنظرة من عينيه التي أربكت كيانها، يسبح بها في بحور عشقها له وغرامه بها .

سيل منهمر من عيونها من فرط غضبها فهى فريدة رشوان ومن يقدر على تجاهل فريدة رشوان من هو هى من صنعته في عمله هى من صنعت اسمه في عالم البيزنس من التي معه جعتله يتجاهلها اليومين الماضيين هربت الدماء من وجهها وهى تمسك بالهاتف مردفة: مكانك فين بالظبط !

أردف المخبر السري قائلًا
_ شرم الشيخ في( ********* )
زفرت بضيق وهى تعبث في شعرها بنفاذ صبر
_متتحركش من مكانك علي ما أجيلك

_ أوامرك يا هانم .. حاضر

أغلقت بوجهه الهاتف واستقامت متأهبة للمغادرة وهى تنتوي بداخلها على تفجير براكين الشر إذا ما اعتراها من شك أصبح يقينًا، مستبيعة غير باقية على أمر ويحدث ما يحدث ستقلب الطاولة عليهما جميعًا أن تأكدت من شكوكها، أنفاسها تعلو وتهبط من الغضب من قهرتها منه ومن أفعاله ..

يجلس وأنفاسه تخرج بعنف وتوتر جثت مارتن تربت على ساقيه وهى تردد:
- اهدأ فريد لن يصيبها مكروه لا تقلق .

ردد بذعر وهو يشعل سيجارته:
أهدى إزاي بس لما ناس تكلمني تقولي عايزينك بخصوص داليدا وعايزين يقابلوني أنا حاسس إن بنتي فيها حاجة .. أنا هتجنن ..

ربتت على يديه بحنو وهى تقول:
- ستكون بخير هيا أبدل ملابسك لنذهب إليهم فهم ينتظروننا أسفل .

نهض بتكاسل لتفيذ أوامرها وأبدل ملابسه ثم غادر غرفته ليدلف إليهم في الاستقبال وقلبه يأكله الألم والخوف يؤلمه على صغيرته يحرك رأسه والقلق ذئب يفترس حمامة قلبه أخذ يفكر هل أصابها مكروه ؟ تقع في أزمة ولا تجد من يساندها ؟! هز رأسه وهو يرفض تذلك التفكير المؤذي وصل إلى الاستراحة المتفق عليها بالفندق وهو يقول:
- فريد ترامب

رحب به عماد ومراد بحرارة قبل أن يردف عماد بقلق:
-أستاذ فريد أنا آسف بس مش عارف أوصل لحد غيرك

سقط قلبه رعبًا أصابها مكروه بالتأكيد هبطت دمعة من مقلتيه وشعور العجز والقهر يغتال جوارحه ليردد عماد مرة أخرى:
- داليدا في خطر لازم نلحقها .. وحضرتك لازم تساعدنا عشان نلحقها ..

 

تاااابع ◄