-->

رواية عذاب قسوته الفصل الثانى

 

 

 كم أنت قاسى إيها الفراق على المتحابين، فحينما نودع الحبيب المسافر فإنه يأخذ القلب معه لأنه ينبض فقط لوجوده..
أخبر "فريد" والدته فى ليلة السفر بقرار سفره، خشية من ردة فعلها فقالت ببكاء الحاجة_كده يا "فريد"،هان عليك أمك تسافر وتسبها، طيب لو مكنتش غالية أنا عليك، طيب بنتك هتقدر متشفوهاش ده كله، ومراتك اللي مستحملة طبعك وعشتك، ليه بتزود عليها كمان الفراق ؟ ليه ده كله يا ابنى ؟ حرام عليك نفسك وإحنا كمان معاك .



ألهبته كلماتها فهو يعلم قبل مواجهته بمقدار صعوبة ما سيواجه ولكن ما باليد حيلة، كان يجب عليه الأقدام على هذا السفر لوضع النقاط على الحروف وليعلم حقيقة مشاعره نحوها، أراد إعطاء نفسه فرصة للتفكير بدون قيود ليسيطر على مشاعره الجياشة نحوها وأيضا لإحساسه بالذنب نحو وزوجته الراحلة فقال متحاشياً النظر إليها_يا أمى أرجوكِ متتغطيش عليا أكتر من كده، أنا فعلاً محتاج السفر ده ضرورى بجد .

الحاجة "زينب."_ ما الأمور يا ابنى بقت واضحة زى الشمس، ولا فاكرنى مش واخدة بالى، أنت رغم كل اللي بتعمله ده، بس عنيك فضحاك، أنت حبيتها بس مش قادر تواجه نفسك .
قبل يدها بحنان ليقول بصوتٍ هادئ _ يا أمي، أنا عارف كل اللي بتقوليه ده، بس أنا محتاج أبعد شوية فمعلش سبينى أحدد انا محتاج إيه وأوعدك إن شاء الله مش هطول .
قالت بنفاذ صبر_أعمل اللي يريحك يا حبيبي، المهم راحتك .

ودعها وبالكاد كان يخفى عبراته ثم التفت ليجدها تحمل إبنته ووجهها يفصح عما فى قلبها، أخذ منها الصغيرة ليحتضنها بحنان طابعاً قبلاته على وجنتها بحنان، تناولتها منه والدته لتشير لربهام بمكر _وصلي جوزك لبرا يا بنتى.

توجهت "ريهام" معه للخارج ومع كل خطوة كاد قلبها بأن يتوقف عن الخفق؛ فتحاملت على ذاتها وتحلت بالثبات إكتفت بالنظرات فقط التى لا تكفيها الكلمات .
وضع الحقائب بالسيارة وعيناه تراقبها بأهتمام، وجدها تلتزم الصمت حتى أنها إستدرات لتعود للداخل بعدما إنتهى من حزم الحقائب فقال ببسمة مهلكة حد وسامته_مفيش حتى ترجع بالسلامة .

كانت كلماته هذه كفيلة بترميم مشاعرها المجروحة،كأنه منحها إذنٍ بأن تفعل ما يملاه هذا القلب غير عابئة لقانون قسوته المميتة، فأرتمت فى أحضانه تبكى وتنتحب،فأهتز جسده على أثر إحتضانها المفاجأ، شعر بحبها يتغلغل بداخل قلبه الغامض ولكن كيف عليه بمواجهة عقله الذى سيقتله من فرط الإحساس بالذنب، أبعادها عنه برفق هذه المرة ثم قبل جبينها ورتب على كتفيها بحنان بالغ قائلاً بهمس كلماته الساحرة_ أنا مش مسافر العمر كله..

رفعت عيناها التي يكسوها الدمع والذهول بأنٍ واحد فرفع يديه يحتضن وجهها بمشاعر متلخبطة ليخرج صوته أخيراً _عايزك تسامحيني علي معاملتى وأسلوبي معاكِ
رفعت يدها بأرتباك من أن يتبدل لطوفانه القاسي، مررت يدها على أصابعه التي تحتضن وجهها قائلة بصوتٍ باكي _عايزنى أسامحك؟
حركتها أثارت مشاعره الجياشة فأغلقها بقوة ليستعيد إتزانه مجدداً _أكيد.

قالت وعيناها تتأمله بعشق ودموع لا حصى لها _لما توعدنى أنك هتديني فرصة أكون بحياتك وإنك ترجعلي بأقرب وقت..
تطلع لها طويلاً وهي تترقبه بلهفة، حرر يديه من على وجهها قائلاً بهدوء_تصبحي على خير يا "ريهام"...
أغلقت عيناها بمشاعر متلخبطة ما بين الحزن لعدم إجابتها أم بالسعادة لنطقه لأسمها لأول مرة لم تجد السبيل سوى ترقب سيارته وهي تبتعد عنها بدموع غلفت وجهها..

فى مكتب "حسام" ..
شعرت بأن هناك أمراً مريب خاصة بتعامل الجميع معها، فكانت ترى بأعينهم حديث لا نهاية له حتى أن مرت من أمام أحدهما يتهامسون من أمامها بطريقة ملفتة؛ فشعرت بأن هناك خطأ ما، أشارت لها السكرتارية الخاصة بحسام قائلة بسخرية بادية للغاية من حديثها_آنسة "فاطمة" المتر طلبك وطبعاً متنسيش فنجان القهوة اللي بتظبطي بيه دماغه.

ثم أطلقت ضحكة سخرية وضحك على إثرها من بالمكتب جميعاً، شعرت بالحرج الشديد والغضب من حديثها المسيئ عنها ولكنها حاولت تجاهلها فولجت لغرفة مكتبه بضيق، رأها تقترب لتقف أمامه فقال ببسمة هادئة_في معادك بالظبط..
ثم قال بأستغراب _أمال فين فنجان القهوة بتاعتي ؟

قالت بغضب لا مثيل له بعدما تمكن من بالخارج بذرعه _أنا مش ساعي هنا أنا محامية زيك، ولو فنجان القهوة هو اللي هيخليني أستمر هنا، فأنا مش مش عيزة الشغلانة دى،وأفضلي أشوف حد يقدرنى كمحامية.
تعالت ضحكات "حسام" بسخرية_وإيه كمان ؟ كملي ؟
جزت على أسنانها بغيظ_أنت إنسان مستفز صراحة، كل اللي قولته دا وبتضحك!

نهض عن مكتبه ليقف أمامها بهيام قائلاً بكلماته البطيئة متعمداً إثارتها _حاولت أتحول كعادتي مع حد يتعدى حدوده معايا بس صراحة،شكلك لذيذ وأنتِ متعصبة وخصوصاً خدودك..
كبت خجلها بصعوبة لتقول ببسمة غيظ _مستر "حسام"..
أجابها ببسمة هيام_ نعم يا بطوطة .
إبتسمت بسخرية _بطوطة مستقيلة،سلامو عليكو .

ثم أدرات وجهها للمغادرة ولكن إستوقفها صوته الجادي_أنسة "فاطمة".
إستدرات بخفة ليقترب منها "حسام" قائلاً بخبث_ولما حضرتك تستقيلي، مين هيمسك معايا قضية "زين العابد" ؟، أول جلسة بعد يومين .
جحظت عيناها ببلاهة فقالت بأرتباك _حضرتك بتقول مين ؟
إبتسم بمكر_ يعني يا بطوطة سمعك تقل دلوقتي!، بقلك "زين العابد" .
"فاطمة" بعدم تصديق_"زين العابد" بتاع الحديد والصلب !

كبت ضحكاته بصعوبة قائلاً بمرح_ لا بتاع الأحذية..
ثم إعتدل بوقفته بجدية مصطنعة _ هو فى غيره ولا أشهر من قضيته .
قالت بتلعثم_أنا متخرجة من سنة بس ولسه ألف باء قانون أمسك قضية بالحجم دا ؟
تعالت ضحكاته بعدم تصديق فقال بسخرية_مش كنتِ كفاءة من شوية، راحت فين الثقة دي؟
أجابته بعبوس_راحت مع الأستقالة .

إنحني ليكون مقابل لها قائلاً بغرور_وإستقالة حضرتك مرفوضة وياريت تبصي علي ملف القضية وتدرسيه كويس، عايزه يكون على مكتبي بكرة الصبح وفيه كل الطرق القانونية اللي نقدر نخرجه بيها من الورطة اللي حطوه فيها ولاد الأبلسة دول.
رمقته بنظرة متفحصة ثم قالت بأستغراب_وحضرتك ليه متأكد إنه برىء كده، مش ممكن فعلاً يكون مُدان ؟

أجابها بثقة _"زين" مش مجرد عميل عندنا،ده صديق وعشرة عمر ليا أنا و" فريد" وعارفين أخلاقه كويس،ومش هو أبداً اللي يستورد حديد مغشوش وخصوصاً بالسعر اللي دفعه فيه ده، أكيد حد من أعدائه ورطه فى الصفقة دى وهو عارف إنه مغشوش على العموم الملف معاكِ، إدرسيه كويس وإكتبي ملاحظاتك.
أجابته بحماس _تمام يا متر، بس طلب أخير معلش.

إبتسم بغرور_إتفضلي
أجابته بخجل_بلاش بطوطة دى، عشان الزمله برا بيتغامزوا عليا .
تهجمت ملامحه فتخل عنه المرح لترى جانب شخصيته المعتمة ليقول بحدة_ايه اللي حصل بالظبط ومين اللي إتكلم؟ .
إرتباها الذهول من جديته فقالت بأرتباك_الأغلب..
أشار لها بضيق _ سيبهملي، روحي أنتِ على مكتبك..
أشارت له بهدوء ثم غادرت على الفور.

جلس مقابل له بأرتباك لحظه الآخر فقال بأستغراب _ مالك مهزوز كدليه؟..
قالها "فؤاد سليمان" رجال الأعمال الشهير والخصم القوى لزين العابد، أجابه "سليم" بتوتر _خايف يطلع منها ونقع إحنا يا باشا فى شر أعمالنا .
"فؤاد" بسخرية_.أنت عبيط ولا إيه،مش "فؤاد" اللي يقع بالساهل كده وإحنا مظبطين الموضوع ومفيش أى منفذ يخرج منه .
"سليم" بضيق_بس "فريد" و" حسام" اللي ماسكين قضيته مش أى حد وياما كسبوا قواضي كانت أصعب من كده وخرجوا المتهمين زى الشعرة من العجين .
تعالت ضحكاته بسخرية_لا المرة دى هتكون بداية الفشل ليهم .

تطلع له بأستغراب _شكلك واثق ومتأكد من اللي بتعمله، ثم قال بلهجة شك_هو في حاجة أنا معرفهاش ؟
لمعت عيناه بالمكر قائلاً بغموض_متقلقش أنت بس، وسبنى أنا اتصرف
"سليم" بتصميم_ فهمنى اللي فيها عشان أكون مطمن .
أجابه بهدوء _ كل قضية مش لازم يكون ليها ملف ومن غيره مش هيعرف سي "حسام" ولا "فريد" يتصرفوا ؟
"سليم" بتأكيد_لا طبعاً..

أجابه ببسمة مخيفة_ أهو الملف دا بقى هيكون على مكتبي خلال ساعة من دلوقتي .
تعالت ضحكاته بأعجاب_.أنت داهية يا "فؤاد"،بس إزاى عرفت تحط طعم فى مكتبه ويجبلك الملف! .
أجابه بسخرية_كل حاجة بتمشى فى البلد دى مدام معاك فلوس .

بأحد الفنادق على شاطيء "الريفيرا" "بفرنسا"، وقف "فريد" يتأمله بشوق لزيارته الأخيرة فسبح بذكرياته التي حملته بها .

"ليان" بغضب_قوم بقى عايزة أنزل أتمشى، هو انت جاي هنا عشان تنام .
فتح عيناه بصعوبة قائلاً برجاء _ سبيني بس أريح ساعة، وبعدين يا روحي هوديكِ أي مكان عايزة تحبيه.
أجابته بطولة وهي تجذب الغطاء من عليه بغضب_ أنا عايزة أروح دلوقتي حالا
زفر بضيق_إيه شغل العيال ده!..

ضربت رآسه بالوسادة قائلة بحدة_أيوا عيلة ولو مقمتش دلوقتى هعيط وهلم عليك الاوتيل كله.
تعالت ضحكاته بعدم تصديق_ وعلى أيه الطيب أحسن.
أفاق على رنين هاتفه فرفعه بثبات ليجد والدته _كدا يا "فريد" مش قلتلى أول متوصل هتكلمنى على طول،دي مراتك كنت حاسه أن هيجرالها حاجة من الخوف عليك!...

صفن قليلاً بها فحتى بعزلته تلاحقه دون توقف فزفر بألم _أروح فين تاني!
أجابته "زينب" بأستغراب_بتقول إيه يا حبيبى؟ .
قال بهدوء _مفيش يا أمي، أنا بخير طمنيها .
ثم قال كمحاولة لتغير الحديث_"عهد" فين وحشتني في الكام ساعة دول!
أجابته بخبث_" عهد" بس اللي وحشتك ؟
قال سريعاً _وأنتِ طبعاً يا ست الكل .

=ومفيش حد تانى وحشك، حد معذب نفسه عشان بس كلمة حلوة منك .
زفر بغضب_.وبعدين بقى، أرجوكِ سبينى يومين أقرر أنا عايز إيه ؟
قالت بعتاب _.وملقتش غير فرنسا ونفس الاوتيل عشان تقرر؟!.
ثم قالت بهدوء_نصيحة يا ابنى شوف مكان تانى عشان تحكم عقلك قبل قلبك .
أجابها بحزن_ياريتنى أقدر يا أمي.
= أستعين بالله وكلمه وهو سبحانه عمره مهيخيب ظنك أبداً
أجابها بأيمان _ونعم بالله .

أغلق معها الهاتف ثم جلس على أحد المقاعد بمحاولات مستميتة لتذكر ملامح "ليان"فكم إشتاق لملامحها البريئة الهادئة ولكن ما ثبت فى ذهنه الآن ويكاد يراها أمام عينه هى "ريهام" فتعجب لحاله، أحقاً حفظت صورتها عن ظهر قلب ثم تذكر جلوسها بجانبه ليلة كاملة وهو محموم فأبتسم بتلقائية، قرر كما وصته والدته أن يلجأ لله ليزيح ما فى قلبه من هموم، فتوضأ وصلى ركعتين وأطال فيها السجود وذرفت عينه بالدموع حتى إبتلت سجادته مناجياً الله عز وجل أن يهديه للصالح، أفاق من نومه على صوت رسالة وصلت إلى هاتفه من رقم مجهول ففتحها ليتفاجأ من محتوياتها.

" إزيك يا متر، أنا واحد بيحبك وقلبى عليك وبنصحك لوجه الله، خلى بالك من أهل بيتك، عشان محدش يجيب سيرتك بكلمة كده ولا كده"
تعجب من الرسالة، فأجابه رسالة فيها أخرى
"قصدك إيه بأهل بيتى".
إبتسم "طلعت" هامساً بسخرية_ لما اخبط على الحديد وهو سخن
فبعث له رسالة صريحة _" مراتك ال عمله نفسها الخضرة الشريفة"!...
بالمكتب...
إنتظرت حتى خرج الجميع من المكتب؛ فبحثت عن الملف بكل مكان ولكنها لم تعثر عليه، جلست على المقعد بأهمال محدثة ذاتها بخوف_يا وقعة سودة، راح فين بس الملف، هقول إيه "لفؤاد" باشا دلوقتى، هيصدق إنى مش لاقياه؟، طيب والفلوس اللي هتروح عليا دى...

صدح رنين هاتفها فرفعته بعيداً مرتعشة فقالت بصعوبة بعدما جف حلقها من فرط الخوف_أيوا يا باشا، الملف زي ميكون فص ملح وداب .
صاح بغضب_أنتِ بتستهبلي يا بت أنتِ،إسمعي لو كنتِ طمعانة في قرشين زيادة قولي وأنا هديكي اللي أنتِ عايزاه..
قالت بخوف من لهجته _صدقني أنا فعلاً مش لقياه. .
تجاهل حديثها ليقول بتحذير _ بكرا لو الملف ده مجنيش قولي على نفسك يا رحمن يا رحيم .

جلست أمامها بتوتر ملحوظ إلى أن قررت قطعه قائلة بخجل_أنا كنت عايزة أروح أقعد يومين عند بابا عشان وحشنى وحاسة أنه تعبان شوية...
أجابتها الحاجة "زينب" بهدوء_بس "عهد" اخدت عليكِ ومش بتسكت غير معاكِ .
طبعت "ريهام" قبلتها على وجه الصغيرة التي تجلس على قدميها فقالت ببسمة يكسوها الحب_وأنا كمان مش عرفة هقعد من غيرها إزاى ؟
ثم قالت بتردد_هو ممكن أخدها معايا ومتخفيش عليها دي في عيوني ؟

أجابتها سريعاً _لا يا بنتى، فريد لو عرف هيزعل، فخليها بس أنتِ متغبيش يعنى باتى الليلة وتعالى الصبح بدرى .
أشارت برأسها بتفهم_حاضر هحاول أن شاء الله، بس متنسيش تكلمى "فريد" تقوليله، لإنى حاولت أكلمه كتير مش بيرد .
إنغمس الحرم بقلبها فقالت كمحاولة للتخفيف عنها _ يمكن مشغول .
إبتسمت بسخرية وألم يكاد يخترق أضلاعها_ربنا يعينه ويرجع بالسلامة .
حاولت الحاجة "زينب" أن تغير مجرى الحديث فقالت ببسمة يغلفها الحب والحنان _خدى بالك من نفسك وطمنينى عليكِ لما توصلى

كتب "فريد" رسالته للرقم المجهول الذى أرسل له الرسالة والغضب يكاد يفتك به_قصدك إيه ؟
أجابه "طلعت" برسالة أخري أكثر إستهزء_مسألتش نفسك أيه السبب ورا طلاقها؟، طب بلاش دي أنت عارف ان طلقيها كان كل يوم بيضربها وصوته بيجيب لأخر الشارع بالكلام عنها؟
=كلام أيه دا؟

_بيقول أنها كانت ماشية على حل شعرها مع إبن عمها اللي بتحبه، وهو نايم فى العسل ولما ناس شفوها وصوروها وبعتلوه كان هيجنن ويقتلها بس الجيران اللي حشوها من تحت ايده .
ألتف العالم من حوله فشعر بأن قدماه لم تعد تحمله، جلس على أقرب مقعد وعقله يكاد يجن من التفكير، حاول أن يلقي بكلام هذا الرجل خلف ظهره ولكن ماذا أن كان حديثه واقع أليم؟!.

أما هذا اللعين فلم يكتفي بعذبها معه وعنائها، فكان يفرغ شحنة ضعفه الرجولي عليها بالضرب، كاد أن يجن بعدم قدرته على الحصول عليها وهي لجواره، فكرة كونها مازالت عذراء كانت تجعل الدماء تشتعل بوجهه لذا كان ينكب عليها بالضرب المبرح حتى يرضى غروره كرجل!، لم يكتفي بكل ذلك فعاد ليقذفها بأبشع التهم ليهتك عرضها المصون لم يخشى الله سبحانه وتعالى !، ألم يخشى قوله عز وجل.

بسم الله الرحمن الرحيم
"إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ۝
أى خرج من رحمة الله فى الدنيا والآخرة وهذا لجرم فعلته ...
طالت فترة سكونه والهاتف يضي بيديه بعدة رسائل، ارتجفت أصابعه في محاولات مستميته بأن لا يعيره إهتمام فرفع هاتفه ليكتب بتردد_لو فاكر أن هصدق الحوار الاهبل دا تبقى حمار.. .

=ولو جبتلك الدليل .
إنعقد لسانه عن الحديث فكتب بأصابع تكاد تخطو مصيره_ عايزك بس تتأكد من حاجه إنك لو بتكدب هجيبك ولو تحت سابع أرض .
=عيب يا باشا، ده انا هجبلك بالصور كمان .
يعلم جيداً بأن "فريد أيوب" محامي محترف بفعل عمله لذا أستعان بصوراً حقيقية كانت تجمع "ريهام" بأبن عمها يوم خطبتهم نعم كان خطيبها قبل الزواج من هذا اللعين لتذق شتى العذاب على يديه وها هي الأن ترتشف من نفس الكأس على يد من ظنت بأنه العوض من عما رأته!

رأي "فريد" الصور فنهض عن مقعده بغضب جعل عيناه مخيفة للغاية فألقي بالمزهرية أرضاً قائلاً بصمت كهلاك الموتى_ بنت ال ...وأنا اللي كنت هديها فرصة وادوس على قلبي ...
جذب حقيبته ليجذب متعلقاته سريعاً فشعر بأنه على وشك الأنهيار، جلس جوار الحقيبة يشدد على خصلات شعره كمحاولة للتحكم بغضبه الجامح فجز على أسنانه بعصبية_ أكيد دلوقتى بتخونينى معاه وأهي فرصة وأنا غايب زى مخونتى الأولانى، وحبكة الدور أوي انها مش عايزاني أبعد..

أطبق على معصمه بقوة جعلته يكاد ينكسر من فرط قوته فقال بوعيد_زي ما دخلتك بيتي بأيدي هخرجك وبأيدي برضو بس بعد ما أخلص القديم والجديد.
وحجز على أول طائرة ليعود إلى مصر سريعاً ليتدهور الحال بينهم أسوء بمراحل عما كان فى البداية لتنال هذة الفتاة نصيبها الكافي من الظلم ولكن تلك المرة ستكون أشد فالجراح من الحبيب لا يغدوها مسكنات..

ظلت تعمل على الملف طوال الليل حتى أنه لم تشعر بولوج والدها لغرفتها فقال بأستغراب_إيه يا بنتى الفجر قرب يشقشق، وأنتِ لسه قعدة بتشتغلى، ريحى نفسك ساعتين عشان تقدرى تروحى شغلك بدرى فايقة.

أجابته "فاطمة" ببسمتها الهادئة_معلش يا قلب بنتك، فاضل كام حاجه بس وهقوم أهو، دعواتك بقى يا غالي أن ربنا يوفقنى فى القضية دى بالذات لإنها هتبقى نقلة كبيرة بالنسبالي انا مكنتش أتوقع اني همسة قضية بالحجم دا وأنا لسه فى أول الطريق كده،ربنا يبارك في المتر "حسام" بس لو كان أ..
إنقطعت كلماتها حينما تذكرت أن والدها من يقف أمامها فأكتفت ببسمة صغيرة فقال بأستغراب_لو كان إيه ؟

حدثت ذاتها بهيام_يتعلم الادب شوية إلا هيجننى،إبتسمت حينما تذكرت كلمته فيجن جنونها بها "بطوطة"..
خرجت من بحور شرودها قائلة ببسمة هادئة_مفيش حاجة يا حاج، أدخل أنت إستريح وأنا هستنى الفجر بالمرة أصلي .
طبطب على ظهرها بحنان_ماشي يا حبيبتي..

وغادر لغرفته بينما ظلت هي تتقن الملف جيداً حتى وجدت كل المخارج القانونية التى يمكن أن يتلاعب بها "حسام" لأسقاط التهمه عن "زين العابد"، مرت الساعات القليلة عن عملها بفترة نوم قصيرة ثم شرعت بأرتداء ملابسها للتوجه للعمل، أدت صلاة الضحى بأرتياح فهي تعلم إنها تعادل صدقة عن ستمائة وثلاثون مفصل فى الجسد لذا (سماها رسول الله صل الله عليه صلاة الاوابين ووقتها بعد شروق الشمس بربع ساعة إلى أن يأتى وقت ظهيرة قبله بربع ساعة).. ..

بمكتب "حسام الزيني"..
صعدت الدرج سريعاً بعدما تعطل المصعد ثم توجهت لمكتبه فرأتها "منى" وهي تكاد تركض بخطاها لمكتبه، لمحت بيدها الملف فجن جنونها لتهمس بذهول _ وصلتى معاه للدرجة أنه يأتمنك على ملف أكبر قضية فى المكتب، ويا ترى كل ده لوجه الله ولا ليه مقابل صحيح ( ياما تحت الساهى دواهى )
ظنت بها السوء ولكن ما يعنيها الأن الملف الذي تحمله بيدها...

ولجت للداخل فأستقبلها "حسام" ببسمة بسيطة _ها يا متر بطوط، عرفتي توصلي لحاجة من الملف ولا نشرب بدل القهوة شاى بالياسمين .
عبست "فاطمة" بعينيها، فتدارك ما قال ليستكمل حديثه ببسمة مرح _خلاص بلاش بطوط يا آنسة "فاطمة" حلو كده ؟
إبتسمت برضا،فتطلع لها بنظرات غامضة للغاية ولكن على الأغلب يسودها الأعجاب فقال بثبات حاول التحلي به_ طيب قوليلى بقى عملتى إيه ؟
قصت عليه بعض المخارج القانونية للخروج من هدا المأذق فتأمل سردها المنمق وتحليلها الأحداث بكفاءة، أنهت كلماتها بخوف_ها إيه رأيك ؟

لم يجيبها فنظرت إليه بأستغراب لتجده يسدد النظر إليها فارتبكت للغاية لتضرب بيديها المكتب بطرقات خفيفة لينتبه لها، أكتفي ببسمة هادئة قائلاً بنظرات لا تفارقها_ برافو يا بطوطة، بكرا إن شاء الله فى المحكمة نقدر نتكلم فى التفاصيل دى يمكن نقدر نوصل لنتيجة مرضية .
أشارت له بخوف_يارب، أنا متفائلة خير .

أنهت "ريهام" ترتيب المنزل وإعداد بعض الطعام وحفظه فى البراد لوالدها المريض ثم توجهت إلى مقعده قائلة ببسمة ساحرة_ اى حاجة تانية اعملها قبل ما أمشى يا بابا..
تطلع لها بحنان _.لا يا بنتى كتر خيرك، تعبتى نفسك .
أجابته بحزن مصطنع_متقلش كده يا حبيبى، تعبك راحة.
ربت على كتفيها بحنان _.طيب يلا عشان الحاجة "زينب" متقلقش عليكِ.

"ريها" م بمداعبة_هو أنت ليه عايز تطرئنى، متكنش مستني موزة حلوة تجيلك .
تعالت ضحكاته بعدم تصديق_ هو انت بتاع الكلام ده، انا معرفش غير موزتين في حياتي، امك الله يرحمها وأنتِ وربنا يباركلك لي فيكِ يارب ويعوضك خير، وتشدي حيلك كده وتجبيلي بيبي صغنون كدا أفرح بيه .
اومئت رأسها بحزن، فوالدها لا يعلم إنها بالرغم من زواجها مرتين إلا إنها مازالت عذراء، فالأول مريض والأخرى متحجر القلب فيا لحظها العسير...

غادرت البناية التى يقطن بها والدها فتصنمت محلها حينما رأته أمام عيناها،تراجعت للخلف خوفاً من بطشه المعتاد فأقترب منها "طلعت" بسخرية_عدي يا حلوة متخافيش، الحساب مش معاده دلوقتي، الحساب جاي..

وتعالت ضحكاته المخيفة للغاية لتتمسك على ذاتها وتغادر من أمام عيناه ولكن شعرت من كلماته بالقلق وأحست بأن هناك ما يخفيه، فدعت الله أن ينجيها منه، فكفى ما نالته منه، فأسرعت بالتوجه لمنزلها فربما لا تعلم ما يعده لها "فريد" فما يفصلها عنه هي بضعة ساعات بعدما تأجلت رحلته لأسباب متعلقة بالطيران ولكن ترى هل ستتقبل بكونها ضحية للمرة الثالثة؟!

صباح اليوم التالى، توجه "حسام" للمحكمة فوقف ينتظرها بعد أن أمرها بأحضار الملف من مكتبه قبل أن تتبعه إلى المحكمة .
بحثت" فاطمة" عن الملف كثيراً ولكن للاسف لم تجده، فحدثت ذاتها بأرتباك_هيكون راح فين يعني، أنا شيفاه بعينى بيحطه فى درج المكتب ؟
ثم قامت بالبحث مرة أخرى ولكنه لم تجده فأستسلمت للأمر الواقع وخرجت لتلحق به سريعاً حتى تخبره بما حدث، تابعت "منى" خروجها من المكتب قائلة بسخرية_ أستلقى وعدك بقى .

أسرعت "فاطمة" إلى المحكمة، فما أن رأها "حسام" حتى إقترب منها قائلًا بضيق_أيه اللي أخرك كده ؟ الجلسة خلاص هتبدأ كمان خمس دقايق ..
كادت بالحديث فقطعها بضيق_ مش مهم هاتي الملف عشان مفيش وقت...
إستحوذ عليها الأرتباك حتى كادت بالتعثر فقال بأستغراب_ فين الملف ؟
قالت بتلعثم_.الملف مش موجود بمكتب حضرتك..

تطلع لها بصدمة ثم صاح بغضب _أزاي مش موجود أنتِ هتهزري؟
إبتلعت كلماتها برعب فيكفي رؤيته بهذا الوجه الغاضب ولأول مرة فشعرت كأنها من إرتكبت الجرم ولكن ترى ما المخبئ لها؟...
قلوب عانت من قسوة القدر ومصيرها محتوم بآلام ولكن ماذا لو كان هناك خيط خفي بينها وبين الواقع؟.

إقتربت منه قائلة بهدوء معاكس للخوف الذي يفتك بها_ .إهدى أرجوك، الإنفعال مش هو الحل،لازم نفكر بهدوء عشان نشوف هنعمل أيه ؟
خرجت الأمور عن سيطرته فقال بغضبٍ ساخر_ هدوء!، أنتِ عارفة ملف زى ده يضيع يعنى إيه ؟
يعنى سمعة سنين كتيرة عملناها أنا و"فريد" بمجهودنا وتعبنا هتضيع فى ثواني، مش بس كده، صديق عمرنا اللي رقبته متعلقة فى إيدينا ووثق فينا هنقوله إيه دلوقتي ؟

أجابته بدموع فشلت بكبتها _مهو مش بمزاج حضرتك ولا كنت مدبر أن دا يحصل.
زفر بغضب ليس له مثيل فلأول مرة يتعرض لمثل هذا الموقف ولكنه واثق بأن هناك خطأ ما فقال بذهول _بس أنتِ متأكدة أني حاطه بإيدى فى درج مكتبي.
أجابته "فاطمة" بأسف_أنا دورت فى كل مكان كذا مرة والملف مالوش وجود
ردد بصدمة يرفض عقله إستيعابها_معقول يكون أتسرق ؟

قالت بتعجب شكل على ملامح وجهها الرقيق _بس المكتب عادى جداً، مرتب زى مهو ومفيش أثر لأقتحام أو اي شيء غريب...
شتت ذهنه فشعر بأن عقله على وشك الانفجار من التفكير، أقتربت منه بتردد ولكنه بحاجة للنصحية فقالت ببسمة هادئة_حاول تهدى كدا وتردد الدعاء ده، صدقني ليه مفعول سحر لما بتضيع منى حاجة
(اللهم رادَّ الضَّالَّ وهاديَ الضَّالَّ، ارْدُدْ عليَّ ضالتي بعزَّتكَ وسُلطانكَ فإنها من عطاياكَ وفضلك.).

رمقها بنظرة متفحصة مطولة فلوهلة كان يتطلع لها بنظرة إتهام َ لكن الأن ثقتها بالله عز وجل وإيمانها جعله يتراجع عن فكره المخيف محاولاً إيجاد مخرج من هذه الكارثة فقال بفكر صوته مرتفع_مفيش أثر لأقتحام! رلا كركبة، يعنى مفهومة، اللي أخد الملف شخص من المكتب، طيب ليه ولصالح مين؟!
إقتربت منهفاطمة بنظرة ثاقبة_مهو لمين دى ؟ لوحدها هتحل لغز القضية وكفيلة لوحدها تخرج "زين العابد" من غير دفاع .

إبتسم بمكر حينما إتضاحت له بعض الخيوط_برافو عليكي يا بطوطة، غابت عنى فين دى، ثم قال بخبث لسماعها تقص له المزيد من حديثها الشغوف _طب وجلسة النهاردة هنعمل فيها أيه يا متر ؟
أخفت "فاطمة" بسمتها بصعوبة فأكملت بثبات_ مفيش غير حل واحد أن حضرتك تطلب تأجيل لغاية منعرف الملف فين؟، وطبعاً مينفعش تصرح أن الملف اختفى،وبالأخص لصاحب القضية..
أشار لها بأقتناع مردداً بأيمان_ ربنا يدبر الامر.

رفعت الهاتف قائلة بخوف ينبع برجفة صوتها_انا قلقانة أوى يا باشا، لو "حسام" باشا عرف إنى أخدت الملف، هيقطع عيشي وأنا محتاجة للشغل .
أجابها "فؤاد" بغضب_هيعرف منين، أنتِ مش عطلتى الكاميرات المراقبة؟
قالت "منى" بتأكيد_ايوا
=يبقى خلاص، مفيش داعى للقلق .
_ولو قدر يوصل إني انا اللي أخدت الملف؟..

=مش هيحصل ولو حصل يبقى زى منبهتك إسمي لو جي فى الموضوع، هيكون أخر يوم فى حياتك، وبعدين أنتِ معاكِ مبلغ يعيشك ملكة يعني أسطوانة الشغل دي قديمة أوي...
أجابته بخوف_مش هجيب سيرتك أبداً.
صاح بحدة_ويفضل متتصليش بيا تاني الفترة دي...
وأغلق الهاتف بوجهها دون أن يستمع للمزيد، سجلت "منى" المحادثة كدليل إدانة حتى لا يتخلى عنها إذا علم أحداً بالأمر.

بمنزل "حسام"
فتش بكل ركناً بمنزله عن الملف فلم يعثر عليه فجلس على المقعد الذي يتوسط الليفنج بأهمال، شتت عقله بالفكر بعدما فتش بمكتبه ومنزله فلمعت كلمة "فاطمة" بعقله بأنه سرق من المكتب، طاف به الفكر على الأشخاص الذين يعملون معه ولكن حقيقة ما لمعت أمام عيناه بأنهم بمكتبه منذ أعوام ولم يحدث لتلك السابقة بالحدث!...

دق هاتفه ليعلن عن رفيق الدرب، جذبه "حسام" بأرتباك مما سيخبره به، تبادلوا السلام فيما بينهما إلى أن شرع "فريد" بالحديث عن القضية قائلاً بأهتمام_عملت أيه في قضية "زين" ؟
جاهد للحديث إلى أن خرج صوته بثبات _للأسف الملف أتسرق من المكتب والقضية أتأجلت لفترة بس طلعت "زين" بكفالة لغاية مشوف هعمل أيه ؟
صاح بغضب لا مثيل له_.أتسرق يعني أيه ؟أجابه بهدوء_معرفش، ومفيش أى دليل للأقتحام، شاكك إن اللي اخده من جوا المكتب .

"فريد" بعصبية_معندك كاميرات مراقبة، متشوف إيه اللي حصل ؟
"حسام" بضيق_الكاميرات إتقفلت لمدة عشر دقايق ورجعت تاني ودا بيثبت كلامي أن اللي أخده من جوا المكتب وعارف كل كبيرة وصغيرة خاصة بينا.
زفر "فريد" بغضب_أنا مش عارف هلاقيها منين ولا منين، إستغفر الله العظيم .
أجابه "حسام" بلهفة_ هو حصل حاجة عندك كمان ؟

"فريد" بقهر_خلينا بس فى موضوع الملف، حاول تراقب كويس الموظفين اللي عندنا، ولو شكيت فى حد قولي، أنا كلها ساعات وهكون بمصر وهتصرف بالموضوع بإذن الله .
أجابه بشك تربع على وفد الذهول_ بالسرعة دي!، مش قلت محتاج وقت تقعد مع نفسك ؟
ليكمل بخبث _ولا شكل "ريهام" وحشتك، إعترف بقى وإنجز؟

صاح بصوتٍ مميت يحمل بين أحضانه طيات الغضب المميت_ أنا محبتش ولا هحب غير حد غير "ليان" وقولتلك ألف مرة إنها موجودة عشان البنت وبس.
قال مسرعاً ليمتص غضبه_.طيب خلاص، هدى نفسك، بس يعني حتى لو محبتهاش متظلمهاش معاك وعاملها بالحسنى دي مهما كان مراتك وليها حق عليك
أغلق الهاتف بوجهه بغضب حتى لا يستمع للمزيد من نصائحه التي تزيد من غضبه ليحدث ذاته بوعيد _دى مجرد حيوانة وأنا هعرف أتصرف مع الاشكال الزبالة اللي زيها كويس، بس أوصلها بس..

إحتسى "طلعت" كأس الخمر ثم قام برميه على الحائط من شدة غضبه ليتحطم لجزيئات من الشظايا الحادة ليصيح بغضب فتاك_هو فى إيه، يعنى بعت للراجل المحامى صور المحروسة مع ابن عمها، وقلت هيقتلها ولا هيرميها عشان أتشفى فيها زي ما أجبرتني أطلقها بس مفيش أي رد فعل؟!..
صمت برهة ليصيح بصدمة ومعالم الدهشة تكتسح ملامحه_هو ممكن يكون مصدقش الصور؟..

رد على ذاته بأقتناع_لا مش معقول يكون غبي كدا دا محامي عقر وعارف الصور الحقيقة من المتفبركة طيب ممكن يكون سامحها وتعبي راح على الفاضي؟!..
زفر بغضب _مش عارف أنتقم منها إزاى دي ولا أعمل إيه أكتر من اللي عملته ؟!

على مقعد الطائرة المتوجهة للقاهرة، غفل "فريد" على مقعده فأنكمشت ملامحه بضجر كأنه يرى مناماً مزعج للغاية...
رأى "ريهام" تكاد تسقط فى بئر عميق وتصرخ بخوف مشيرة له بأن ينقذها فرفض وإكتفى بالتطلع لها بعينان تملاؤها الغضب والحزن معاً،وفجأة رأى "ليان" تنقذها في الوهلة الأخيرة، ثم أخذت بيديها وساروا معاً نحو السراب .
قام "فريد" من نومه والعرق يتصبب بغزارة على جبينه ليتردد ذلك الحلم الغريب بباله طوال الطريق...

كانت "فاطمة" شاردة للغاية فيما حدث فخشيت أن يعتقد "حسام" بأنها خلف إختفاء الملف وخاصة انها تعمل بفترة قريبه للغاية، دعت الله بأن يلهمه للوصول لمن فعلها حتى لا تصبح في وضع شك...

بمنزل "فريد"
كانت تلاعب "عهد" حينما وجدته يُفتح الباب ليطل بطالته الثابتة التي تليق به، إتسعت عيناها بعدم تصديق بأنه عاد مبكراً؛ فهرولت إليه بأبتسامة ساحرة والفرحة تسبقها بالحديث_.إيه المفأجاة الحلوة دى ..

وكادت أن تحتضنه ولكنها فوجئت به يبعدها عنه بيديه وبنظرات صارمة من عينيه جعلتها تتراجع للخلل بصدمة وقهر فقد ظنت إنه فى لحظاتهما الأخيرة قد تغير،وربما أيضا قد بدء فى حبها مثلما تعشقه، إتجه إلى الفراش الذي يحمل صغيرته فأحتضنها بمعالم وجهه الغامضة.
_ حمدلله على السلامة يا حبيبى..

قالتها والدته بعدما ولجت للداخل ببسمة سعادة، إستدار ليكون أمام عيناها فال بوهن_الله يسلمك يا ست الكل.
أجابته بأستغراب حينما تأملت ملامح وجهه بتمعن_ مالك يا "فريد"، شكلك تعبان كدا وميطمنش!
أجابها بثبات _مفيش يا ماما مرهق شوية بس من السفر.

تطلعت له بتفهم ثم أشارت بيدها لريهام _وصلى جوزك يا حبيبتي وحضريله الحمام عشان يستريح من السفر وينام شوية .
أومئت "ريهام" برأسها بالموافقة ولكن اوقفها بحدة_لا خليكِ، أنا مش عيل صغير بعرف أحضر لنفسى كل حاجة ومش محتاج حد معايا.
شعرت بالحرج الشديد من طريقته ولهجته المريربة فشعرت وكأن دلو من الماء البارد إنسكب على رآسها، تطلعت له الحاجة "زينب" نظرة لوم ولكن النار التى كانت مشتعلة بداخله كفيلة بتحطيمه،تركهم وغادر إلى غرفته.

فأنفطرت "ريهام" بالبكاء لتربت الحاجة "زينب" على كتفها بحنان لتقول الأخرى بقهر_أنا مش عارفة هو ليه بيعاملني بالشكل ده؟ أنا تعبت بجد..
أجابتها بمواساة_معلش يا بنتى، يمكن فيه حاجة حصلت في الشغل عشان كده رجع بسرعة، فمتعرفيش فيه إيه ؟ إعذريه .
أجابتها "ريهام" ببكاء_ ومفيش حد يعذرنى أنا أو يحس بيا ليه؟، أنا مخنوقة أوى وتعبت بجد .
قالت بلوم_والله يا بنتى حاسه بيكِ ومقدرة تعبك بس برده عارفة إنك بتحبيه عشان كده لازم تصبري .

"ريهام" بألم_حبه عذاب بالنسبالي، ياريت أقدر أشيله من قلبى
ربتت على كتفيها بحنان _ نهاية الصبر خير اديله انتي بس فرصة وهتشوفي تغيره بعينك بأذن الله.
هزت رأسها ببسمة هادئة من وسط دمعاتها _ياريت يا ماما ...
إقتربت منها ببسمة خبث _ما تطلعي كدا تخديه باللين والحب، وتشوفى يمكن يفضض معاكِ ويطلع كل اللي فى قلبه، وتعرفى هو زعلان من إيه ؟

أجابتها بزعر_ لا حضرتك شوفتى قال إيه، يعنى مش عايزنى معاه !، مش عايزة أهين نفسى أكتر من كده .
الحاجة "زينب" بهدوء _يا بنتى بين الست وجوزها مفيش كرامة وانتوا ستر وغطا على بعض، حد يشد التاني يرخي، قربى منه أنتِ وربنا قادر يفك كربك ويهدى سرك ويسعدك معاه، عشان أنتِ طيبة وبنت حلال وتستهلى كل خير.
ابتسمت رغماً عنها وأمنت بدعاذها، فهى تعلم جيدا مقدار رحمة الله عزوجل وتعلم إنه ما يمر به إبتلاء، ليختبرها الله إيمانها، فعليها أن تصبر أكثر، حتى يرفع عنها الله هذا الأبتلاء.

وبخطوات متثاقلة إتجهت إلى الغرفة،أمسكت بقبضة الباب ويدها ترتعش فخشيت أن يرفضها مرة أخرى فتمنت أن تلوذ بالفرار ولكن ما الذي ستخسره أكثر من ذلك، عليها أن تستجمع شجاعتها وتواجهه فقد سئمت من خوفها اللعين، ولجت للداخل لتبحث عنه فوجدته بحمام الغرفة؛ فنظرت لنفسها فى المرآة بشرود وتحديثها يدور برأسها فشرعت بخلع حجابها ثم ابدلت ملابسها لفستان رقيق من الشيفون الوردى بدون أكمام يصل إلى منتصف ساقها، ثم مشطت شعرها وجعلته ينسدل على ظهرها،

ثم بدئت فى وضع قليل من مساحيق التجميل فكانت كالقمر فى ليلة تمامه، أخذت ضربات قلبها فى التسارع عندما تيقنت بانه على وشك الخروج من الحمام بعد أن توقف صوت الماء، فحاولت أن تتراجع عما فعلته وترتدى عبائتها وحجابها، فهى تخشى من ردة فعله بعدما يراها هكذا، قد يحطم قلبها مرة أخرى فلم تعد تحتمل ذلك، وفى ذات الوقت الذى وضعت يدها على عبائتها لتسرع فى إرتدائها كان "فريد" قد آنتهي من حمامه فخرج ليجدها أمامه بكامل زينتها، إتسعت عينيه وألجم لسانه عن الحديث فطل للحظات ينظر إليها بصمت يحاول أن يقبع فى داخله شيطان إستطاعت إخراجه، ربما ما تفعله هي ما تستعمله مع غيره، تحاولين نظراته إلى نار كادت أن تفتك بها، لدرجة أنها تراجعت للخلف بخوف وفزع حينما رأته هكذا..

حدث "فؤاد* هاتفيًا صديقه" سليم“ فدار بينهم حوار تفصيلي عن القضيه فقال "سليم" بخوف_أنت متأكد أن كده القضية انتهت، ولا ممكن تحصل فى الأمور أمور، ويتعرف أن احنا اللي عملناها ونروح فى حديد وهو يطلع منها سليم .
"فؤاد" بغضب_أنت مش هتبطل قلق، أنا قولتلك قبل كده بدال الملف عندى، انسى حاجة إسمها قضية وبطل كلامك ده .
=أنا بس خايف من "فريد" و"حسام"، مش ساهلين ولو شمو خبر أنه معانا، هيخلوا فضيحتنا بجلاجل، أصلك مش عرفهم دول شيطاطين متنكرة .
_على نفسهم،هما معندهمش اى دليل علينا بالعكس هما دلوقتى فى قفص الإتهام من "زين العابد"
=ربنا يستر وتعدى على خير.

تااابع ◄