الطبيب الوسيم العاشق المجنون قصه جريئه الجزء الاول


 

أحبكَ ولو كنت وجعا…

أحبكَ ولو كنت نارا تحرقني…

أحبكَ ول كنت موتا أحببته لأنه سيكون بين يديك.

“الطبيب العاشق المجنون” الجزء الأول

فتاة نصف عربية ونصف آسيوية، تعمل بكوريا موظفة بالسكرتارية بشركة مشهورة عالميا؛ كان صاحب الشركة يحبها بشدة ويهتم بها اهتماما بالغا، وكانت الفتاة تبادله شعور الإعجاب ولكنها لا تحبه بل توافق على علاقتها به مجبرة حيث أنها لا تعرف أحدا بهذه البلاد الغريبة عنها نوعا ما إلاه.

كانت الفتاة تبلغ من العمر واحد وعشرين عاما، وكان صاحب الشركة يكبرها بعامين اثنين، فقد ترك والده له الإدارة حتى يعتمد على نفسه ويكسبه خبراته التي اكتسبها طوال حياته؛ كانت الفتاة على الرغم من كل الحب الذي يظهره بواسطة الورود التي يجلبها لها، والهدايا الباهظة، وإعطائها الكثير من حبه واهتمامه ووقته الثمين إلا أنها دائما ما كانت تشعر بالوحدة حتى وهي بحضنه.

أرجعت الفتاة شعورها ذلك لتركها والديها ببلدها العربي والتمسك بالسفر لكوريا عندما وجدت فرصة العمل هذه التي لا تعوض بالنسبة إليها؛ كانت الفتاة من صفاتها الطموح لتحقيق الذات، الانضباط وتنظيم الوقت، كما أنها كانت عاشقة لكتابة مذكراتها أولا بأول، وكأن دفترها الخاص وقلمها المميز هما صديقيها الوحيدين بهذه البلاد.

بالشركة…

كعادتها تذهب كل صباح باكرا، تسلم على كل موظف باسمه ولكن نادرا إذا أخذ تحيتها أحدهم، كانوا جميعا يتنمرون عليها بسبب ملامحها الغير آسيوية مثلهم، لقد تركت بلاد أبيها منذ عامين ماضيين، وبأول يوم عملت بالشركة وقع صاحبها في حبها، علاقة حبهما ببعضهما البعض علاقة سرية لا يعلم بها أحد.

بمكتب المدير…

الفتاة: “صباح الخير سيدي”.

المدير: “صباح الورود والياسمين يا حبيبة قلبي”.

الفتاة: “إننا بالعمل!”.

اقترب منها وضمها بين يديه وقربها لصدره: “وماذا في ذلك؟!، ألا تعلمين بأنني المدير هنا؟!”

الفتاة بخجل شديد: “أعلم ولكن حرصا على سمعة الشركة”.

المدير: “سأخبر والداي ونتزوج على الفور، فإنني لا أطيق صبرا يا حبيبة القلب والروح”، اقترب منها ببطء شديد، وكلما اقترب منها خطوة رجعت بظهرها للوراء خطوة حتى اصطدم ظهرها بالحائط.

ابتسم المدير: “أين ستذهبين بعد ذلك؟!، من سيحميكِ مني؟!”، طبع على شفتيها قبلة عبر بواسطتها عن حبه وشوقه لها.

وضعت الفتاة يدها على فمها: “إننا بالعمل لا يجدر بك فعل ذلك سيدي”.

المدير: “وهو كذلك، أخبريني إذا ما هي مخططات اليوم؟”.

الفتاة: “أهم موعد اليوم الفحوصات اللازمة لموظفي الشركة، اتصلوا بالمستشفى الخاص الذي نتعامل معه بأنهم سيرسلون إلينا رئيس الأطباء نفسه، ولكنهم أوصوني بألا يتحدث معه أحد لأنه متعجرف للغاية ولا يتحمل كلمة زائدة من أي أحد؛ إذا إياك والتحدث معه حتى لا تصير مشاكل بينكما، فهمتني؟!”

المدير: “أينقصني شخص مثله، يكفيني من أمري حبيبتي”.

الفتاة: “أقلت شيء؟!”

المدير: “لا ولا شيء حبيبتي، آسف آنسة”.

ابتسمت الفتاة، همت بالخروج من المكتب لتكمل عملها ولكنه منعها فأمسك بيدها وشدها تجاهه، كانت الفتاة تتفاداه على قدر المستطاع لأنها لا تبادله نفس شعوره بالحب، كانت تتحجج بطرق مقبولة بكل مرة وتنصرف بخفة كالفراشة الخفيفة التي لا يشعر أحد إلا بخفة ظلها وجمال طلعتها.

بالمستشفى…

رئيس الأطباء شاب يبلغ من العمر سبعة وعشرين عاما، شاب طويل القامة مفتول العضلات لديه ملامح طفولية وغمازتين ما أجملها على وجنتيه، ولكنه دائما يتجهم الوجه وتبدو على ملامح وجهه الغضب والضيق على الدوام، كان لا يحتمل كلمة من أي أحد، قليل الكلام ولا يجيد الاستماع الجيد.

بمنتصف النهار جهز فريقا من المساعدين للذهاب للشركة لفحص الموظفين، وما إن أنهوا عملهم سريعا ذهبوا عائدين للمستشفى خاصتهم.

اندمجت الفتاة بأعمالها الكثيرة لدرجة أنها لم تنتبه على الوقت الذي جرى منها بسرعة، على الفور ركضت حتى تلحق لجنة الأطباء قبل رحيلهم، ولكنه كان قد فات الأوان…

الفتاة: “هم مازالوا موجودين أم رحلوا؟” تسأل أحد الموظفين.

فأجابها مستهزئا كعادتهم جميعا معها: “الآن تتذكرين الفحص الطبي؟!، لقد حلوا افعليه على حسابكِ الخاص، فإنكِ مهاجرة وبالتأكيد معكِ الكثير من الأموال”.

أكملت حديثه موظفة: “أو لدي حل في غاية اللطف من أجلكِ، اصطادي أحد الأثرياء ليدفق عليكِ الأموال”.

موظف آخر: “ومن يرضى بمثلها فملامحها غريبة كليا عنا”.

سالت الدموع من عيني الفتاة، ولكن حدث ما كان غير متوقع للجميع، وما جعلهم يشخصون الأبصار…

ومازلنا نستكمل قصتنا الشيقة والممتعة والمثيرة، والتي بها الكثير من الأحداث التي تجذب الأذهان وتمتعها، قصة تجسد أجمل معاني الحب والتضحية من أجل بقاء الحب، كما أنها تجسد دور الحب في التغلب والتصدي لحسد الآخرين والأحقاد.

“الطبيب العاشق المجنون” الجزء الثاني

كان المدير واقفا آنذاك واستمع كل ما قيل في حقها، لم يتمالك نفسه فأمسك يدها وجذبها نحوه، وطبع قبلة على شفتيها طويلة أمام الجميع، وبذلك الفعل علم الجميع مدى مكانة هذه الفتاة عند مدير الشركة بنفسه، من الآن فصاعدا لن يتجاوز أحد حدوده معها.

المدير بغضب شديد: “أعتقد أنه قد وصل المعنى، إنها حبيبتي وأي منكم سيؤذيها بكلمة واحدة لن يكفيني طرده فحسب، بل سأجعله يعيش في جحيم للأبد”.

أمسكها من يدها وشدها خلفه، وذهب بها لمكتبه وأغلق الباب بقوة لدرجة أن كل من بالشركة سمع صوته…

المدير اقترب منها وأمسكها من كتفيها: “لماذا لم تخبريني بما تعانيه من قبل الموظفين بالشركة؟!”

الفتاة: “لم أخبرك حتى لا تفعل ما فعلته معهم للتو”.

المدير: “إنكِ قطعة من قلبي، بل قلبي بأكمله ولا أطيق الحزن الذي أراه بعينيكِ، ما كان عليكِ أن تتركيهم يتنمرون عليكِ بهذه الطريقة، ألا أكون بجانبكِ؟!، فلم لا تعتمدين علي بمواقف مثل هذه، لا تتعاملين مع كل الأمور بالتسامح واللين”.

الفتاة: “وما الغريب في ذلك؟!، إنني غريبة لا أصدقاء لدي الجميع يمقوني بنظرات وكأنني أقل منهم جميعا، ملامحي تختلف عنكم كليا لدرجة تمكن الجميع من التنمر علي بكل وقت”.

المدير: “لا أريد نظرات الضعف والاستسلام هذه بعيونكِ، وإن كانت ملامحكِ مختلفة عنا فهذا ما يزيد من جمالكِ جمالا، وكل ما يفعلونه معكِ إنما بدافع الحقد والغيرة ليس أكثر من ذلك”.

استسلمت الفتاة بالكامل لضعفها ولم تعد قادرة على كبح مشاعرها أكثر من ذلك، ركضت الفتاة بعيدا عن كل ذلك، وما إن خرجت من المكتب حتى وجدت الجميع ينظرون إليها بدهشة واستغراب وكأنهم لا يصدقون ما حدث أمام عيونهم للتو من مديرهم بنفسه؛ المدير يركض خلفها ويصرخ مناديا باسمها، ولكن الفتاة سيطر عليها الحزن والألم والبكاء بمرارة، لدرجة أنها لم تنتبه للطريق أثناء عبوره.

أصابته صدمة وذهول، وقف صامتا بلا حراك لمدة دقيقة وغير مصدق لما رأته عيناه، لقد كانت حبيبته تطير في الفضاء ومن ثم ترتطم بالسيارة ومنها على الرصيف، لتستقر عليه والدماء من حولها تغطيه؛ أمسك بها وأخذ يصرخ، ويتوسل إليها ألا تضيع منه، بمجهود جبار من قبل الآخرين تمكنوا من إفلاتها من بين يديه، أخذوها للمستشفى على الفور، كانت في حالة يرثى لها فعليا.

يجلس المدير على الأرض ويضع يديه على رأسه وينظر للأسفل والدموع تتقاطر من عينيه، ينتظر على أحر من نار الجمر كلمة تطيب خاطره وتخبره بأن حبيبته بخير وأنها ستكمل مسيرتها معه، وبعد ساعات طويلة داخل غرفة العمليات يخرج الطبيب المسئول عن الفتاة، ولا يجد سوى مديرها…

الطبيب: “هل أنتَ على صلة قرابة بالمريضة؟”.

المدير: “ليس بالضبط، ولكنني حبيبها يمكنك إخباري بكل شيء”.

الطبيب: “أفضل أن يكون أحد من أهل المريضة”.

المدير: “إنني مديرها أيضا بالعمل، وهي في غربة بعيدا عن أهلها، وحيدة بهذه البلاد وليس لها أحد”.

الطبيب: “لقد حدث لها نزيف داخلي واستطعنا إيقافه، هي الآن بغيبوبة وهناك حدوث احتمالين”.

المدير بحزن عميق: “ما هما أيها الطبيب؟!”

الطبيب: “الاحتمال الأول أنها لا تفيق الآن من غيبوبتها، والاحتمال الثاني وجود آثار جانبية”.

المدير بقلق: “آثار جانبية؟!، مثل ماذا؟”.

الطبيب: “حقا لا يمكنني التنبؤ بها إلا في حال استعادة وعيها، لذلك عليك إلزاميا ضرورة إبلاغ أهلها”.

المدير: “كما سبق أن ذكرت لك هي وحيدة بهذه البلد، ولا أعلم أي شيء عن أهلها”.

الطبيب: “حسنا”.

ذهب الطبيب لغرفته الخاصة يشرب كوبا من القهوة الساخنة بعد إجراء العملية التي استغرقت ساعات طوال بغرفة العمليات، شرد ذهنه أثناء ذلك في صورة الفتاة…

الطبيب في نفسه: “إنها حقا جميلة للغاية، صورتها لا يمكنها مفارقتي ولا أعلم السبب، علاوة على كونها شبيهة بي فهي وحيدة بكل هذه البلاد مثلي تماما”.

وبعد قليل من الساعات جاءت الممرضة تستدعي الطبيب…

الممرضة: “بسرعة فإن حالتكَ….

“الطبيب العاشق المجنون” الجزء الثالث

وبعد قليل من الساعات جاءت الممرضة تستدعي الطبيب…

الممرضة: “بسرعة فإن حالتكَ تستعيد وعيها”.

الطبيب: “ولكنها استفاقت بسرعة لم أكن لأتخيلها، أخبري الشخص الذي معها باستفاقتها”.

الممرضة: “حاضر سيدي”.

ذهب الطبيب ومعه الممرضة المساعدة لخاصته، وأيضا معه المدير الذي في انتظار عودة حبيبته لغرفة العناية المركزة…

الفتاة للتو تفتح عينيها، ولكنها تتصادم بهما وتركز بوضوح شديد في عيني الطبيب، لم تشأ أن تنزل عينيها من على عينيه، والطبيب في حالة ذهول كيف لها أن تنظر إليه بهذه النظرات وعلى الرغم من حدة نظراته الطبيعية في كل حالاته إلا أنها لم تهابه مثل الجميع وتخشاه بل استمرت تنظر إليه، نظراتها إليه بعينيها الجميلتين أفقدته تركيزه أمام الجميع، ولكن سرعان ما استعاد تركيزه قائلا: “أخبرينا كيف حالكِ الآن؟”.

الفتاة بصوت بالكاد يسمع: “الحمد لله بخير”.

الطبيب مشيرا لنفسه: “أتعلمين من أنا؟!”

الفتاة: “هيئتك تدل على أنك طبيب”.

الطبيب: “أحسنت، ومن هذا؟!” مشيرا لمديرها وحبيبها أيضا.

الفتاة: “هيئته لا تدل على كونه طبيبا، حقا لا أعلم”.

صعق المدير في الحال تقدم بخطوات ثابتة، وما إن شرع في الحديث معها منعه الطبيب.

الطبيب: “حسنا، إنه مديركِ بالعمل، وحبيبكِ أيضا، لقد تعرضتِ لحادث سير صدمتكِ سيارة أثناء ركضكِ على الطريق، وهذا (وأشار على المدير) من أحضركِ هنا”.

شرعت الفتاة في البكاء، وبصوت مكتوم: “ولكنني لا أتذكر شيئا من كل هذا، حبيبي؟!، لا أشعر بأي شيء تجاهه”.

الطبيب: “استرخي ولا بأس عليكِ”.

وخرجوا جميعا من غرفة العناية إلا الممرضة التي مكثت معها تطمئن على الأجهزة الطبية وتساعدها على اعتدال وضعية جسدها لتخلد في النوم.

خارج غرفة العناية المركزة …

المدير بغضب شديد: “فقدان للذاكرة؟!”

الطبيب: “إنها الآثار الجانبية التي حدثتك عنها من قبل”.

المدير: “ومتي ستستعيد ذاكرتها؟!”

الطبيب: “ممكن تستعيدها الآن، وممكن بعد يوم، أو خلال شهرين، وربما لا تستعيدها على الإطلاق؛ لا يمكننا تحديد مثل هذه الأشياء، ولكن ما يمكنني قوله لك أنها في حاجة ماسة إليكَ في هذه الفترة أكثر من أي وقت مضى، فإنها دائما ستجدها خائفة ومضطربة ومهتزة من داخلها، ستحتاج منك اهتماما أكثر من ذي قبل لتشعرها بالأمان الذي تفتقده بداخلها”.

المدير: “أنا؟!”

الطبيب: “ألم تقول أنك حبيبها وأنها وحيدة بهذه البلاد؟”.

غادر المدير دون التفوه بكلمة واحدة، وترك الطبيب في حالة ذهول من موقفه.

مر أسبوعان والطبيب يساعد الفتاة كثيرا ويعمل على رعايتها ويهتم كثيرا بها لأنه يشعر أنها تشبهه كثيرا، حتى أنه بصورة خفية وسرية تماما دفع كافة مصاريف المستشفى الخاصة بعلاجها، ومازال يحاول الاتصال بحبيبها حيث أنها بدأت حالتها في التعافي ولكن لا رد من الثاني.

وبعد عدة أيام استلم الطبيب طردا أبيض اللون به مفتاح وورقة مكتوب بها…

أيها الطبيب إنني أحبها حقا ولكن مسئوليتها أصبحت فوق طاقتي ومقدرتي، لا يمكنني الاعتناء بها بعد الآن، فوقتي ليس ملك لي، وأعتقد أنها ستكون عبئا ثقيلا على كاهلي.

ألحق بالورقة عنوان منزلها والمفتاح.

أشبعه الطبيب في نفسه بالكثير من الشتائم في حقه، كيف له أن يتركها وهي بهذه الحالة التي يرثى لها، إنها حقا وبعد كل شيء عديم الأصل والرجولة أيضا.

ذهب لغرفتها ليطمئن عليها…

الطبيب: “كيف حالكِ الآن؟”

الفتاة: “الحمد لله بخير”.

ربت الطبيب فوق رأسها، وجلس بجوارها.

الطبيب: “عليكِ أن تقرئي هذه الورقة بكل هدوء وثبات”.

ثبت الطبيب نظراته الحادة الثاقبة على الفتاة أثناء قراءتها للرسالة، وفي انتظار ثورة من الغضب على تخلي حبيبها عنها كحال بقية الفتيات، ولكنه فوجئ برد فعلها الغريب.

بابتسامة خفيفة تدل على سعادة قلبها وكأنها تخلصت من شيء ثقيل قابع على قلبها: “الحمد لله”.

الطبيب: “ماذا؟!، ألستِ غاضبة من فعلته؟”

الفتاة: “ولم أغضب، الحمد لله أنه فارقني فلم أكن أشعر بالارتياح تجاهه من الأساس”.

الطبيب: “ولكنكِ بحاجة ماسة لمن يهتم بكِ ويرعاكِ”.

الفتاة: “إن معي حقا من يهتم بي ويرعاني، ألن تأتي معي منزلي تهتم بي وترعاني؟!”.

صمت الطبيب ولم يجاوبها إلا بنظرة حادة.

الفتاة: “ألم تخبرني بأنك صديقي؟!”

الطبيب: “لا تتعدي حدودكَ معي، في النهاية أنا طبيبكِ ليس إلا”، وغادر الفتاة.

وبعد ساعات دق جرس هاتفه وقد كان غارقا بالتفكير في الفتاة، إنه حزين من أجل معاملته القاسية معها…

الطبيب لممرضته على الهاتف: “هل أنتِ متأكدة من أنها…”

 “الطبيب العاشق المجنون” الجزء الرابع

وبعد ساعات دق جرس هاتفه وقد كان غارقا بالتفكير في الفتاة، لقد كان حزين القلب من أجل معاملته القاسية معها.

الطبيب لممرضته على الهاتف: “هل أنتِ متأكدة من أنها غادرت المستشفى؟”

الممرضة: “نعم يا سيدي لقد بحثنا عنها بكل مكان”.

الطبيب بغضب وصوت مرتفع للغاية: “ألا تعلمين حالتها، كيف سمحتم لها بالذهاب وهي بهذه الحالة، اعلموا جيدا لن ينجوا أحد من العقاب، إنه ذنب لا يغتفر، تعريض حياة فتاة بريئة للخطر بهذه الطريقة”.

على الفور خرج من منزله وانطلق يجوب في الشوارع المحيطة بالمستشفى بسيارته، ولكنه عاد كسير الخاطر للمستشفى يسأل عل أحدا يعطيه معلومة واحدة مفيدة عنها، وتكون طرف الخيط بالنسبة إليه، كان يتحدث مع نفسه كالمجنون تارة يتساءل عن مكانها، وتارة يلوم نفسه ويوبخها عن فعلته معها، تعجب من حاله فإنه لا يتقبل فكرة فقدها وذهابها بعيدا عنه، سأل نفسه حائرا: “هل أنا أحببتها؟!”.

كان يبحث عنها كالمجنون، وما إن وصل للمستشفى ونزل من سيارته إذا بصوت ناعم وهادئ يناديه باسمه، مهلا إنها الفتاة لقد كانت جالسة في حديقة المستشفى تبكي من شدة الخوف، لا تعلم أين تذهب ولا من أين تأتي، اقترب منها بلهفة وكأنه وجد أغلى شيء ضاع منه، بقلبه كانت السعادة تغمره، ولكن أين يذهب من طباعه الحادة؟!

الطبيب بصوت مرتفع وغضب شديد: “لماذا تركتِ المستشفى وذهبتِ؟، ألا تعلمين أنكِ ما زلتِ مريضة وتحتاجين الكثير من الرعاية والاهتمام؟!”.

الفتاة بعصبية: “ألم تخبرني ألا أتجاوز حدودي معك ففي النهاية أنا مجرد مريضة عندك، حالة مثلها مثل بقية الحالات الأخرى، ألم تأبى أن تساعدني؟!”

الطبيب في محاولة منه للتخفيف من حدته والعصبية المفرطة خاصته: “وعلى ماذا تنوين؟!”

الفتاة: “إنني خائفة من عالم أنتَ لست به، أتوسل إليك ألا تتركني”.

في هذه اللحظة لم يتمالك الطبيب نفسه، تصرف لا شعوريا منه، اقترب منها وأمسك برقبتها وطبع قبلة على شفتيها، جحظت عيني الفتاة، لقد كان غارقا بين يديها وإذا بالفتاة تدفعه بعيدا عنها..

الطبيب: “إنني حقا آسف لم أنوي فعل ذلك ولكني…”

وقبل أن يكمل تبريره تفاجئه الفتاة بقبلة كادت تتمزق منها شفتيه، لقد كان في حالة ذهول إنه الحب الذي ولأول مرة يدق باب حياته، لقد أحبها قلبه دون إرادة منه، انظروا لذلك الطبيب الشاب الوسيم الذي تتمناه كل امرأة صادفته بطريق حياتها، الآن تؤسر قلبه هذه الفتاة النصف كورية بجمالها وخفة ظلها وبراءتها.

الطبيب الشاب لا يستطيع منع نفسه من الاعتراف بحبه لها، وبالفعل اقترب منها وضع يديه حولها وثبت عيناه على عينيها…

الطبيب: “إنني أحبكِ ولا أستطيع العيش دونكِ”.

ذهلت الفتاة وشعرت بأن السعادة تدق قلبها، وكأن الله سبحانه وتعالى سيعوضها عما فات من عمرها الذي لا تتذكره على الإطلاق…

الفتاة: “أحبكَ أيضا ومن كل قلبي”.

يرفعها بين ذراعيه لتناسب طوله، فيضمها لصدره وقدميها لا تلمسان الأرض، تتوقف ساعات الكون في لحظة حافلة بمشاعر الثنائي الجميل، لم ينتبه أي منهما للوقت، نسيا كل العالم من حولهما في لحظة تمنيا ألا تنتهي.

حملها الطبيب بين يديه وجعلها تركب سيارته، ذهبا لمنزله…

الفتاة تتجول بالمنزل فرحة وسعيدة: “حقا منزلكَ غاية في الروعة، إن ذوقك رفيع أشهد لكَ بذلك”.

الطبيب بابتسامة خفيفة مشيرا لإحدى الحجرات: “وهذه غرفتك من الآن فصاعدا”.

ولكن الفتاة رسمت على وجهها علامات الحزن، اكتفت بالنظر للأرض ولم تعبر عما بداخلها.

الطبيب: “هل أخطأت بشيء حبيبتي؟!”

الفتاة بخجل: “أيمكنني أن أنام بجوارك اليوم؟!”

الطبيب: “نعم يمكنكِ، ويمكنكِ أيضا بكل يوم”.

الفتاة بفرحة لدرجة أن جملته غيرت ملامح وجهها بثواني معدودة: “أحقا؟!”

الطبيب بابتسامة: “نعم”.

جهز لها حماما ساخنا وبعض الملابس التي من الممكن أن تناسبها ولو بشيء يسير، وفور ما انتهت منه…

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــع



أحدث أقدم

نموذج الاتصال