-->

قصَّة بناء الكعبة المشرَّفة

قصَّة بناء الكعبة المشرَّفة
كانت مكَّة المكرَّمة عند العرب قبلَ الإسلام من أبرز الأماكن الثَّقافيَّة والتِّجاريَّة، وأهم مدنهم قداسةً وعراقةً، وهي اليومَ عند المسلمين من كلِّ جنسٍ ولون، إلى جانب المدينة المنوَّرة والمسجد الأقصى المُبارَك بالقدس؛ أعظم مدينة وأهم الديار قدسيَّة في أرجاء المعمورة كافَّة.
ونقرأ في تاريخ مكَّة المُوغِل في القِدَم أنَّ إبراهيم عليه السلام الذي هاجَر من "أور" في العراق في رحلةٍ طويلة ليَصِل أرضَ كنعان في فلسطين، من ثَمَّ ليُواصِل الرِّحلة إلى مكَّة المكرَّمة تُرافِقُه زوجتُه هاجر وولَدُه إسماعيل؛ حيثُ أسكنَهُما عند بيت الله الحرام أو الكعبة التي اشتَرَك مع ابنه إسماعيل في بنائها؛ ليُصبِح من يومئذٍ أوَّلَ مسجدٍ عُرِف في تاريخ البشريَّة، وهو البقعة نفسُها التي انفَجرَتْ منها عين زمزم؛ ليُحيي الله بها من جديدٍ هذه البقاع المقدَّسة ولتهوي أفئدة من الناس إليها من كلِّ المعمورة؛ استجابةً من الله سبحانه وتعالى لدعاء إبراهيم عليه السلام الذي سأل ربَّه عزَّ وجلَّ قائلاً:
 ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾.
من وحْي ما تقَدَّمَ فإنَّ بعضَ المحدِّثين والمؤرِّخِين القُدَماء يتَّفِقون على أنَّ إبراهيم عليه السلام قال لابنه إسماعيل: "إنَّ الله تعالى قد أمرَنِي أنْ أبْني له بيتًا هاهنا"، فوق الرَّبوة الحمراء القائمة قربَ بئر زمزم (بئر إسماعيل)، وطلَب من ابنِه أنْ يُعينَه في بناء البيت، فلم يزلْ إبراهيم يحفر حتَّى وصَل إلى القواعد، في ذلك يقول الله: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾، ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ﴾، وفي هاتَين الآيتين الكريمتَين عند المفسِّرين خيرُ دليلٍ على أنَّ قواعد البيت كانت مبنيَّة قبلَ إبراهيم عليه السلام وقد هَداه الله إليها وبُوِّئ لها؛ أي: إنَّ الأساس الأوَّل للبيت كان موجودًا، والبناء الأوَّل له كانت قواعده قائمةً بوضوحٍ على عهْد إبراهيم عليه السلام.
كما ترى هذه المصادِرُ في الوقت نفسه أنَّ إبراهيم عليه السلام رفَع هذه القواعد بعد طوفان نوح عليه السلام وقد وقَى الله قواعد بيته وأساسه الأوَّل من هذا الطوفان المُغْرِق، يُستدلُّ من هذا أيضًا أنَّ الكعبة كانت موجودةً قبل عهد نوح عليه السلام الأمر الَّذي يُرجِّح أنَّ واضع حجر الأساس في بناء البيت العتيق آدم عليه السلام أو الملائكة، ومهما يكن من أمر فإنَّ إبراهيم عليه السلام هو رافِعُ القواعد من البيت، وعندما ارتَفَع البناء أتى إبراهيمُ عليه السلام بحجَرٍ ليقِف عليه في أثناءَ بناء الكعبة، فسُمِّي الحجر (مقام إبراهيم)، وبعد أنْ أَتَمَّ إبراهيم وابنه إسماعيل البناءَ منذ أكثر من أربعة آلاف سنة أمَر الله عزَّ وجلَّ نبيَّه إبراهيم عليه السلام فقال: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾، فلم يزَل منذ رفَعَه الله معمورًا.
احبتي في الله هذه قصة بناء الكعبة المشرفة يا ترى متى ستدهم ؟ و من سيهدمها ؟ 
سوف نتعرف على ذلك قريبا إن شاء الله