رواية سجينة ثوب الرجال الفصل الأول


 تقديم الرواية

تأتي علينا لحظات ضعف تجعلنا نشبه الملابس البالية، فنخطأ التفكير ونسير في طريق قد نهوي به ونضيع، فيرسل لنا الله من يقومنا ويعيدنا الى طريقنا مرة اخرى، قد تجرفنا الحياة وتؤلمنا كثيرًا، وتبعدنا عن الصواب و الإختيار الأمثل ،لكن عقولنا تهتدي في النهاية ،ففطرتنا السليمة ونفحة من ماضً أصيل فيها تربينا هي من ترشدنا إلى العودة إلى المسار الصحيح.

 الفصل الأول

فى منزل كبير بالصعيد مكون من ثلاث طوابق. الطابق الاول بهو كبير مجهز لاستقبال الزوار، بأثاث حديث، ومطبخ وحمام وغرفة صغيرة للخزين، الطابق الثاني غرف النوم، غرفة كبيرة ل عزمي الطحاوي، وزوجته بها غرفة نوم على الطراز الحديث، والغرف المجاورة للابناء شاكر و فايز و عبد العزيز، والطابق الثالث به غرف البنات ولم يتبقى منهن غير سميحة، وابنة عمها بهيرة والتي تعيش كخادمة لهم جميعا، والعمة انصاف التي اتت لتعيش معهم بعد وفاة زوجها، دخلت زوجة العم ( رقية سيده فى الخامسه والاربعين من عمرها محتفظه ببعض من جمالها، يوجد على وجهها بعض علامات السن، وبعص الشعرات البيضاء فى شعرها، معتدلة القوام) غرفة بهيرة نكزتها في جنبها وهي نائمة قائلة: اصحي يابت جومى، جامت جيامتك لساكي نايمة عاد.

فزعت بهيرة وقامت اعتدلت: خير يا مرت عمي في حاجة؟
رقية بغضب: نايمة ليه لدُلوك مفكرة نفسك عروسة اياك؟
تعجبت بهيرة: عروسة ايه انا مفهماش حاجة، انا اتاخرت عند عمتي فمجدرتش اجوم.
رقية بضجر: يبجا عمك مجلكيش.
بهيرة: مجليش ايه؟
رقية: الخميس الداي كتب كتابك على واد عمك.
كادت بهيرة تبتسم ثم تصنعت الحزن: واد عمي مين؟

خبطتها رقية في كتفها بغل: واد عمك شاكر خصاره فيكي انت، معرفاش انا ايه اللى بلانا بيكي، انزلي يلا شوفي الوكل.

وتركتها وذهبت ظلت بهيرة تقف مكانها للحظات لا تصدق ماقالته زوجة عمها، نظرت لنفسها في المرآة، فهي نحيفة الجسد قمحية اللون تميل الى السمرة، ملامحها عادية جدا شعرها اسود ناعم، امسكت جلبابها بيدها، فهو يسع شخص اخر معها قائلة: ياسعدي ياهناي عتدوز شاكر الجمر ده(فهو شاب فى منتصف العشرينات ممشوق القوام قمحى اللون يميل الى الابيض زو شعر اسود مجعد )، دانا امي دعيالي، يارب يخفو عني بجا، ويريحوني شوية من الهم اللى انا فيه ده، الله يرحمك يا بوي مت وهملتني انت وامي، ومن وجتها واني عايشة في مرار (تاوهت بمرارة ) ااااااه يعني داري ومالي وعايشة كاني خدامة عنيدهم، دلوك الحال هيتغير هبا(أبتسامة واسعة) مرت ابنهم، اما اطلع افرح عمتي واطمن عليها جبل لاانشغل ومعرفش حتى اطل عليها.

جمعت شعرها وارتدت حجابها، وخرجت من غرفتها فتحت باب غرفة عمتها بدون اصدار صوت، وجدتها ماتزال نائمة فاغلقته بهدوء ونزلت الدرج، مرت بجوار غرفة شاكر فهي بجوار الدرج، سمعت حديث بينه وبين والدته.
شاكر غاضبا: جوازة دي ولا جنازة، بدك تجوزيني البت اللي ملهاش وش من ضهر دي، ده الواد العجل صاحبي ليه شكل عنها.
رقية في حدة: واه انت مفكر انك من حجك ترفض، ابوك امر يبقا خلاص هتدوزها انت فاهم.

زاد غضب شاكر: ليه بت انا اياك انا معيزهاش ولو جوزتوهالي هبرق عليها اموتها ليكم.
رقية ساخرة: موتها اجله ناخد كل مالها ونخلص، افهم ياواكل ناسك انت، ادوزها عشان الارض والعز ده ميجيش راجل تاني ياخده.
شاكر: ياخده كيف يعني واحنا نهمله عاد.
رقية ماكرة: ماهو عمك درغام هو السبب داي يخطبها لولده، فبوك حب يجفل عليه جاله دي مخطوبة لشاكر وكتابهم الخميس الداي.
شاكر: طب ماتدوزهالو يستاهل حلال عليه يغور بيها.

رقية غاضبة: اه وياخد الارض والبيت ونرجع تاني نعيش في البيت العفش، ده ارضها احلى ارض في البلد كلتها، اسمع يا واد انت هتتدوزها سواء رضيت او لا، وبعدين خليها خدامة ليك واتدوز اللي تعجبك هو حد يعني هيمنعك.
فكر شاكر قائلا: ماشي امري لله اهي بلوة وانحدفت عليا.
رقية: ايوه اكده اعجل بكرة هتروح انت وابوك تدلو مصر تشترو حاجات لوازم الدواز.
شاكر ساخرا: وهي دي تتشور كيه الحريم، دي ندبلها خيشة تلبسها احسن.

ضحكت رقية: يحظك ياولدي دي حتى الخيشة متنسبهاش، هسيبك اشوف اللي وريا.
سمعت بهيرة كل كلامهم واحترق قلبها الما منه، وانهمرت الدموع من عينها، صعدت الى غرفة عمتها، دخلت وجلست الى جوارها، كانت قد استيقظت فزعت من بكاءها: مالك يا بنت اخوي بتعيطي ليه؟

بهيرة ببكاء: عايزين يدوزوني شاكر وهو مطايجنيش وعايز يموتني، امه اجنعته انه يتدوزني ويخدني خدامة ليه، كلت ده عشان الارض والفلوس، يعني فلوسي وفلوس ابويا واعيش خدامة ليه يعني عملت ايه انا ولا ذنبي ايه ان جسمي صغير، اعمل ايه في نفسي يعني.
ربطت انصاف على ظهرها: ياعيني عليكي يا بتي عجولك ايه بس ربنا جادر يبعدهم عنك وينجيك منيهم، اسمعي انا هكلمه واحاول معاه.

بهيرة ببكاء: وهو هيسمعلك عاد ده بده يخلص من الخطاب اللي عما يجولو عايز يضمن الارض، طب هو انا لو روحت استنجد بعم درغام يهملني؟
فكرت انصاف: لاه ميهملكيش بس مرته هتمسكهالك وهتخرجي من ذل هنا لذل تاني هناك.
بهيرة وقد ازدادت في البكاء: واااه يعني المر وريا وريا.
انصاف: بطلي بكا عاد اسمعي انا رايحة بكرة كشف الدكتور، هعدي على عم درغام وبطريقتي هفاهمه الحكاية واخليه يساعدك.

مسحت بهيرة دموعها: صحيح ياعمتي ربنا يخليكي ليا يا عمتي، بس انا خايفة ميعرفش يعمل حاجة؟
انصاف: لو ده حصل هخدك ونتدلو على عمك عمري هو ميهملناش ابدا وربنا عنده الفرج.
تنهدت بهيرة بامل: يارب ياعمتي يارب عمري ما هنسى جميلك ده عمري كله.
وهرولت على يدها قبلتها، فجذبتها منها عمتها قائلة: بس يابت مبحبش اكده انت بنت اخوي الغالي اللي وجف جنبي كتير الله يرحمه وده اجل حاجة اعملهاله متعمليش اكده تاني فاهمة.

احتضنتها بهيرة وهي تقول: حاضر ياعمتي حاضر هسيبك وانزل لحسن مرت عمي تستعوجني.
انصاف: طب انزلي بس اسمعي اوعاكي تجولي لحد عن الحديت اللي دار بنتنا ده فاهمة.
بهيرة: حاضر ياعمتي.

نزلت بهيرة وهي حزينة فهي تعلم ما ينتظرها من هم، جلست انصاف تتذكر قائلة لنفسها: من يوم موتك يا نظمي ياخوي، واحنا في مرار طافح، عزمي طمع في كل حاجة حتى حج عمري (تنهدت) ياترى اخبرك ايه ياواد ابوي دلوك، هملتنا ومشيت وسبتنا للهم ده، عارفة انه مكنتش تجدر تعمل شئ، بس اهو اجله كنت فضلت وينا، واغمضت عينها(وبدأت تتذكر الامر كأنها تراه).

في بيت كبير من طابقين دخل عمري(رجل فى اوئل الثلاثينات من عمره طويل القامه اسمر اللون زو شعر اسود ناعم ) وهو حزين واتت اليه انصاف، وكان يبدو عليها الثراء ووجهها مضئ رغم سمرته الخفيفة فهى فى اوخر العشرينات، وترتدي فستان جميل باللون الوردي، وشعرها منسدل على ظهرها، ابتسم عندما راها سلمت عليه قائلة: كيفك يا واد ابوي؟
تنهد عمري بحزن: الحمد لله المهم انت انا داي اسلم عليكي جبل لاادلى مصر.

حزنت انصاف قائله: واااه انت لساك مصلب دماغك، ماتستهدى بالله وتجعد ياخوي.
عمري: لاع خلاص مليش مكان اخوكي مسبليش حل تاني انا مش هبجا جربوع في ارضي.
انصاف: ايه الكلام ده هو لما تشتغل في ارضك تبقا جربوع ده كلام بردك.

عمري بحدة: وهو لما يديني اوضة مع الخدم، وكمان مرضيش ابني دار في ارضي، ويمن عليا باللي هو عايزه ده كلام؟ بصي يا بت ابوي انا خلاص جفلت الحوار وياه، وهو هيبعتلي حجي على مصر، وانا هعيش هناك خلاص، وربنا يسهله بجا.
انصاف باستسلام: طب يا واد ابويا جولي عتجعد فين اجيك؟
عمري: امسكي الورجة دي فيها علواني وانت بالزات وجت ماتحبي تعالي انت الوحيدة اللي بتفهمينى يا بت ابوي.

فتحت عينها وتساقطت الدموع منها قائلة: واهي كملت بموت سندي وضهري وبجيت انا كمان ضعيفة وهزيلة، بس انا متأكدة ان ربنا مش هيهمل بت اخوي ابدا، لانه كان راجل زين يعرف ربنا صح، ورغم انه كان اصغر من عزمى بس كان له كلمه عليه، ودلوك بعد ماماتةمحدش بجا يقدر عليه، بس عمري كان ديما يفرح بزيارتى ليه انا وبهيره وكانه يوم عيد، وديما يجولها انت بنت اخوى الغالى، ومهيردلهاش الذل والبهدله اللى هى فيها دى.

استيقظت بهيرة مبكرا فهي لم تنم الا ساعات قليلة من القلق والخوف، ذهبت الى غرفة عمتها فتحت الباب دون اصدار صوت، اقتربت منها وهي تمشي على اطراف اصابعها، نظرت اليها وجدتها نائمة فنادت بصوت خفيض: عمتي عمتي...
لم تجب عليها اخذت نفس وزفرته، وهي تشعر بخيبة امل ونزلت الدرج قابلتها زوجة عمها نظرت اليها بعبوس قائلة: زين انك صحيتى لحالك كنت لسه هعيط عليكي، تعالي ورايا.

هزت بهيرة راسها بالموافقة دون كلام، وذهبت خلفها دخلت الى غرفة شاكر، كان قد استيقظ وخرج مع والده، اخذت رقية نفس وزفرته قائلة: رتبي الخلجات دي في الدولاب وروجي الاوضة وبعدين انزلي حضري فطار عمتك واطلعيلها بيه.
بهيرة بنظرة انكسار: حاضر يا مرت عمي.
رقية: بعد ماتفضي كل الخلجات من الشنطة دسيها تحت السرير فاهمة.

هزت راسها بالموافقة، تركتها وخرجت رقية وهي تقول بضيق: معرفاش انا لوزمها ايه الحاجات دي كنك عروسة اياك هاااع.
زاد الم وحسرة بهيرة على نفسها، رتبت الغرفة وخرجت وقبل ان تصل الى الدرج نادتها رقية قائلة: بهيرة انت يابت.
اقتربت من الغرفة وقفت عند الباب: ايوه يا مرت عمي؟
رقية: انزلي بسرعة حضري فطار عمتك لحسن عمك جاي دلوك ومعاه ردالة عجلي بسرعة.

تحركت بهيرة مسرعة ناحية الدرج قابلها عمها فاوقفها ومد يده لها بحقيبة قائلا: خدي الشنطة دي اديها لمرت عمك وجولي لها دي فلوس الفرح تخليها على ما اخلص كلام مع الرجالة، وانت اطلعي على اوضتك ومتخرجيش منها واصل.
تعجبت بهيرة قائلة: ليه هو في حاجة ياعمي؟
عزمي غاضبا: منغير كتر حديت يلا غوري.
بهيرة بخوف: حاضر ياعمي بس ينفع اجعد مع عمتي انصاف؟
عزمي: ماشي بس يلا بسرعة اتحركي.

التفت بهيرة اذا برقية تقف خلفها قائلة: وااه في ايه هما الرجدلة جين ليه؟
عزمي عابسا: مش وجته الحديت ده عاد روحي دلوك انت وهي.
تركهم ونزل الى الاسفل قدمت بهيرة الحقيبة لزوجة عمها قائلة: خدي الشنطة.
رقية وهي تحاول ان تستمع لما يحدث بالاسفل، اشارت لها بيدها قائلة: حطيها في الاوضة هناك دلوك وروحي من هنا.

وضعت بهيرة الحقيبة في غرفة شاكر، وصعدت الى غرفة عمتها وجدتها ماتزال نائمة، فجلست الى جوارها على طرف السرير وبدأت تيقظها بصوت خفيض: عمتي، عمتي يلا اصحي، عمتي...
لكنها لم تجيب عليها فامسكت يدها من على صدرها قبلتها قائلة: عمتي يلا جومي لساكي نايمة مش هتشدي يدك مني وتزعجيلي.

لكنها لم تجيب عليها، وشعرت ببرودة شديدة في يدها، فهزتها بيدها وفزعت وبدأت تصرخ بها قائلة: عمتي، عمتي، ردي عليا متهملنيش اكده، عمتي مالك بيكي ايه عمتي..
وزادت بالصراخ والبكاء اتت رقية مسرعة على صوتها، صرخت بها قائلة: بتصرخي ليه يا بت انتي متفضحناش الردالة تحت.

لم تسمعها بهيرة من صدمتها وظلت تصرخ ببكاء وهي تهز عمتها على امل ان تستيقظ قائلة: جومي يا عمتي جومي هتهمليني انت كمان، عمتي احب على يدك جومي متهملنيش لحالي عمتي.
فزعت رقية من صراخ بهيرة وعدم استجابت انصاف لها، فاقتربت منها امسكت يدها ونظرت على وجهها ففهمت انها فارقت الحياه، فنادت عليها قائلة: انصاف ردى عليا انصاف، دي بينها ماتت صح.

صكت وجهها وزادت بهيرة في الصراخ والعويل عليها، فتضايقت رقية وامسكتها من ذراعيها وهزتها بقوة: اكتمي يابت معيزينش عديد في الدار اجفلي خاشمك ده.
لم تسمعها بهيرة فهي كانت في حالة انهيار تامة، فهي كانت املها الاخير، اتى شاكر على صوتهم قائلا بفزع: في ايه مالها عمتي انصاف.
نظرت اليه رقية ورمت بهيرة ارضا قائلة: سكت الكلبة دي عمالا تصرخ عشان عمتك ماتت والناس تحت منجصينش فضايح.

انهال عليها شاكر ضربا بيديه وقدمه، وكانه ينتقم منها لانهم سيزوجوها له، زادت في الصراخ من الم الضرب الذي زاد فوق المها الذي يقطعها من الداخل، زاد شاكر هو الاخر في الضرب، حتى ان الرجال بالاسفل سمعو الصوت، وفزو جميعا واقفيا وهم ينظرون الى عزمي، قال احدهم: مالها البت بتصرخ ليه؟
رد اخر: انتو بتضربوها ولا ايه هي دي صاينة الامانة؟

ارتبك عزمي فهو لايفهم ماذا يحدث، وقد رأى شاكر وهو يصعد الى الاعلى ومن وقتها وصوت الصريخ زاد معه صوت خبط ورزع، واسرع الى الاعلى قائلا: هطلع اشوف ايه الموضوع وانزل لكم حالا.
صعد الدرج ركضا وجد بهيرة تكاد تموت من الضرب في يد شاكر، فاسرع وابعده عنها ونهره قائلا: انت بتعمل ايه هي حبكت تضربها والردالة تحت انت معندكش مخ يجولو علينا ايه دلوك.
رقية بغضب: ماهي اللي معيزاش تسكت وعمالا تصرخ عشان انصاف ماتت.

صدم عزمي من كلامها فنهرها قائلا: انت معندكيش رحمة يعني عمتها ماتت ومعيزهاش كمان تصرخ ياشيخة حرام عليكي، وبعدين عايزة تسكتيها اندهليي وانا اسكتها مش تخلي البهيمة ده يموتها وتشمتي فينا الردالة( نظر الى بهيرة ) جومي يا بنت اخوي يلا قومي وانا هتصل بالدكتور يجي يشوف عمتك بيها ايه وان كانت ماتت صح هنقولك روحي انت يلا.

نظرت لها رقية بغضب قائلة: انزلي وجفي تحت مع الحريم ساعديهم واياكي اسمع صوتك فى عديد ولا صوات تاني.
نظر لها شاكر بغضب وتوعد فارتجفت وحاولت ان تقوم لكن قوتها خانتها من شدة مابها من الم، ساعدها عمها وجذبها بقوة واخرجها من الغرفة قائلا: اطلعي على اوضتك ومتخرجيش منيها فاهمة.

هزت راسها وهي تنتفض من الالم والبكاء والرعب، وتحركت ببطأ ابتعدت عن الباب قليلا نظر عزمي الى انصاف فتأكد من انها ماتت، فسبل عينها وغطى وجهها قائلا: الله يرحمها بجا ( نظر الى شاكر ) يعني يا بهيمة نازل فيها ضرب كيف الطور الهايج هي مرتك عشان تمد يدك عليها، الردالة تحت كلهم داين عشان درغام عايز البت لولده وبيجول اننا جبرين البت على الدواز لو سمعو صوتها دلوك يجولو ايه لما تبقا تتدوزها ابقى اعمل اللي بدك اياه ان شالله تموتها حتى لكن دلوك لاه.

غضب شاكر قائلا: وه يعني اني اللي غلطان كمان ماهي اللى صرخت بعدين انا سايبكم وماشي.
عزمي غاضبا: استنى هنا هننزل سوى ونجول انها كانت بتصوت عشات عمتها ماتت وانك كنت بتحاول تهديها انت وامك البهيمة دي اللي عايزها تنزل وهي متبهدلة كده عشان الردالة تشوفها ويمسكوها علينا، خليكي هنا متتحركيش شوية والحريم كلهم هيجو وهي خليها في اوضتها متتدلاش منها واصل فاهمين.

هز الاثنان راسهم قائلين فاهمين، شد شاكر من يده ونزل وهو يتصنع الحزن والبكاء على اخته، وعندما رأوه جميعا وقفو ينظرون اليه، فنظر الى الاسفل قائلا: خيتي انصاف ماتت روح ياشاكر هات دكتور الوحدة عشان يشوفها بسرعة.

استرجع الواقفين وترحمو عليها وجلسو جميعا ينتظرو الطبيب، اما بهيرة بعد ان اخرجها عمها من الغرفة لم تستطع ان تتحرك من الم جسدها من شدة ضرب شاكر لها فسمعت كل ماقالوه، فازدادت في البكاء وجرجرت جسدها حتى وصلت الى غرفتها واغلقت الباب على نفسها وارتمت على السرير منهارة وهي تبكي على حالها قائلة: يعني يا عمتي هملتيني لحالي وسبتيهم عشان يموتني اروح وين ياعمتي انت كنتي اخر امل ليا يامرك يابهيرة يامرك عتشوفي السواد كله اروح وين واجي منين ده كان هيموتني وانا لسه مبجتش مرته اه اه اه يامري يا سوادي.

وظلت تبكي وتنعى حظها، اتى الطبيب واكد وفاة انصاف، وذهب الرجال تركوه ليستعد ليجهز العزاء، صعد الى غرفته ونظر الى رقية قائلا: فين الدموسة ولدك؟
رقية: انت لساتك زعلان ماهي البت غبية بردك مرضايش تسكت اعمل ايه يعني.
عزمي بزهق: ماعيزسش كتر حديت هو فين؟
رقية: فوج السطح بيكلم واحد صاحبه.

عزمي: شوية اكده وهتيجي المغسلة تجفي معاها عشان اكيد اخوات دوزها هيجو هما كمان واللي يسال عن بهيرة تجولي انها تعبانة من زعلها على عمتها وحرجي عليها تخرج من اوضتها، حتى وجت العزا متخرجيهاش الا للضرورة فاهمة معيزهاش تتكلم مع حد الا لو مطمنة ليه فاهمة.
رقية: متخافش كله هيبجا تمام.

ومر الامر فعلا كما خطط عمها حتى اتت النساء للعزاء وسالت عنها صفية زوجة درغام واصرت على رؤيتها، فذهبت اليها رقية ونظرت اليها قائلة: في ايه ياصفية عايزة البت في ايه ماجولتلك انها تعبانة لسه صغار ومتحملتش منظر عمتها وهي ميتة؟
صفية: بقولك ايه منغير لف ولا دوران اكده الحاج مكلفني اتكلم معها واسالها موافجة على الدواز ولا لاه.
رقية متعجبة: وااااه ومالكم انتم دي حاجة بناتنا تدخلو فيها ليه؟

خبطت صفية على كتفها قائلة: بلاش حديتك الماسخ ده وعيطي على البت خلصيني.
فكرت رقية وقالت: يبجا نتفج الاول جولتي ايه.
نظرت اليها صفية ورفعت حاجبها قائلة: نتفج لول.

وظلت تتحدث معها لبعض الوقت وارسلت احد العمال لطلب بهيرة، التي تجدد الامل داخلها عندما علمت بانها تسال عنها وتذكرت كلام عمتها عنها، وقررت ان تخبرها بكل شيء وتستنجد بها، نزلت وجلست الى جوارها منتظرة الفرصة لكي تتحدث اليها، لكن رقية ظلت معهم ولم تتركهم، رن هاتف صفية فنظرت به وقالت ل بهيرة: بجولك يا بتي وديني مكان بعيد عن الزحمة عشان اتحدت في الهباب ده عما يرن من بدري ومعرفاش ارد هناه.

وجدتها بهيرة فرصة لتتحدث اليها فقالت: تعاي يا خالة عوديكي اليامة التانية هادية وتعرفي تتكلمي براحتك.
قامت معها وتحركا معا حتى وصلا الى خارج المنزل وقفت بجوار الباب، وقبل ان تنطق بهيرة اي كلمة رن هاتف صفية مره ثانية، فنظرت الى بهيرة قائلة: تسلمي يا بتي يالا روحي انت وانا هخلص كلام واعاود.

هزت بهيرة راسها بالموافقة واختبأت بعيدا كي تأتي اليها عندما تنتهي من الكلام وتخبرها بكل ماتريد، فتحت صفية مكبر الصوت وبدأت تتحدث مع ابنها قائلة: ايوه يا ولدى عايز ايه دلوك؟
ابنها من الهاتف: واه يا ماه بدي اطمن خلصتي الموضوع ولا لاه؟

صفية: متخفش خلصته مع مرات عمها فاهمتها انك ماريدهاش وان ابوك هو اللى غصبك على الدوازة الغبرة دي وهي وافجت وخلاص جالت انهم بعد الاربعين عيدوزوها لولدها ولو نفع جبل اكده هيعملو اطمن بجا.
ابنها بسعادة: اخيرا خلصت من الدوازة السودة دي جال يدوزوني البت دي جال دي شبه الواد ومتنفعش حتى رادل دي يادوب تبجا خدامة لاي رادل وتشيله فوق راسها باجي عمرها انه رضا يكتبها على اسمه بس.

تضايقت صفية من الكلام قائلة: بلاش حديتك الماسخ ده يالا جفل بجا انت مش خلاص ارتحت وضيعت علينا اكتر من خمسين فدان اسكت بجا واجفل خليني اعاود للحريم.
اسرعت بهيرة وصعدت الى غرفتها فهذا هو املها الاخير قد ضاع هو الاخر، ظلت تبكي وهي لاتعرف ماذا تفعل هل تستسلم للامر الواقع وتقبل بهذه الزيجة التي ستكون بمثابة القتل لها.


ظلت بهيره بغرفتها تبكى وتنعى حظها حتى غلبها النوم من التعب، قبل الفجر استيقظت حاولت فتح عينها لكنها لم تستطع من شدة الالم بها، كانت وكأن بها جبالا من الرمل، وضعت يدها على راسها وحاولت ان تعتدل، قامت ببطئ وهى تتأوه قائله: اه يا راسى كانها طوبه، وعنيا مجدراش افتحها حاسه انها مولعه نار، اه اه وجسمى كله وجعنى ومورم من الضرب منك لله ياشاكر انت ومرت عمى، اه اه اعمل ايه واروح فين ياربى، مليش غيرك اللى مفيش احن منك نجينى منيها الحكايه دى، همتلينى لمين ياعمتى اه اه اه.

وظلت تتأوه وهى تمسك راسها حتى سمعت صوت اذان الفجر، تذكرت والدتها وهى تحثها دوما على الصلاه، وان لا تاخرها ابدا، وتذكرت انها من كثرة العمل فى المنزل اصبحت تأخرها كثيرا، وتفوت صلاة الفجر وشعرت ان كل مايحدث لها غضب من الله عليها لتأخيرها الصلاه، فقامت توضأت وصلت فهى وحدها بالدور بعد ان توفت عمتها، فابنة عمها ذهبت عند اختها فى الاسكندريه، لتريح اعصابها قليلا، ولن تاتى الا بعد شهر، جلست على مصلها تدعى الله ان يرفع عنها ويسامحها على تقصيرها فى الصلاه، وجلست بعدها تفكر ماذا تفعل، فتذكرت حديثها مع عمتها قائله: صح عمتى جالتلى ان عم عمري معيخزلنيش ابدا، ايوه استنجد بيه، اروحله واجوله انى معيزاش الفلوس، ياخدوها ويسبونى اعيش وياه(وضعت يدها على راسها بتذكر)، بس اخرج من هنا كيف وكل الحريم والناس دى تحت؟ اه يانى يارب مليش غيرك دبرها من عندك يارب.

ظلت جالسه على مصليتها تدعى الله وتستغفره حتى غلبها النوم مكانها.
استيقظت رقيه وبدأت اعداد الفطار وهى تسب وتصخط على بهيره قائله: يعنى لو كنتى حطيتى لسانك فى خاشمك مش كنتى بتعملى الفطار دلوك، بدل ما اجوم انا من صبحية ربنا اكده اعمل واكل ربنا ياخدك ويخلصنا منك يا بعيده، اه لو اطولك دلوك لكسر عضمك خلاص اللى كانت بتحجيلك راحت، ومحدش هيحوشنى عنك بعد اكده، بس يعدو بس يومين العزا ونخلص.

واذا بالباب يدق فيفتح احد العمال بالمنزل فيجد احد الرجال يخبرهم بوفاة عمة روقيه، تصرخ قائلة: الحقنى يا عزمى يا سودي يامراري يادي الخبر السود تعالى يا عزمى الحقنى بووووه.
نزل عزمى مسرعا بالباس النوم وقال مفزوعا: فى ايه ياحرمه عما تصرخى ليه على الصبح اكده؟
روقيه بنواح: عمتي مامتت اه ياسواديييييي اه يا مرايييييييي يا حبيبتى يا عمتىىىى.

نظر عزمى للواقف عند الباب قائلا: طب روح انت دلوك واحنا هنغير ونحصلك.
فذهب من كان عند الباب واغلق العامل الباب، قامت رقيه قائله: مشا طب تعالى نفطر الاول وبعدين نروح هيكون يوم طويل.
عزمى: انما يعنى ايه كل النواح ده؟
ابتسمت رقيه متفاخره: امال ايه ماهو هيجول عندهم، وانت خابر انها مخلفتش واحنا اللى هنورثها انا وخواتى، فلازما ابين جدام الكل انى حزنانه عليها.

ابتسم عزمى قائلا: اه وماله طلما فيها ورث احزنى على الاخر، قبل لانمشى فهمك ولدك شاكر انه يفضل اهنه، وهنجول ان جاعد جار عروسته الحزنانه، مرضاش يسبها لحالها فى حالتها دى.
رقيه: زين الكلام نفطر واجوله.

تناولا الطعام وصعدا غيرا ملابسهم، ونزلا بعد ان اخبرت شاكر واخذت معها ولديها الاخرين، كانت بهيره قد استيقظت على صراخ رقيه وسمعت كل مادار بينهم، وشعرت انه الوقت المناسب للخروج، فهى تعرف ان شاكر لن يبقا بالمنزل وحتى لو بقى سيجلس فى الخارج ظلت تراقبهم من النافذه حتى تأكدت من خروجهم، ورأت شاكر وهو يجلس مع صديق له عند الباب، خرجت تتسحب ونزلت الى غرفة شاكر، مدت يدها تسحب الحقيبه من تحت السرير فخرجت معها حقيبة اخرى، فنظرت بها وتعجبت قائله بصوت خفيض: مش دى شنطة الفلوس اللى جالتلى مرت عمى احطها فى الاوضه، هى لسه اهنا غريبه، بس دى حجى فلوس فرحى هاخدها، اهو جرشين نعيش منهيم انا وعمى لحدت المحكايه تُخلص، ماهم هياخدو كل الارض والفلوس الباجيه صح، وهاخد كمان اللبس الجديد عشان ده حجى بردك.

فتحت خزانة الملابس ووضعت مابها من ملابس جديده تخصها وتخص شاكر، وفتحت حقيبة النقود، واخذت مابها من نقود واعادتها تحت السرير مره اخرى، واغلقت الخزانه وصعدت الى غرفتها مسرعه، اغلقت عليها الباب وبدات تقلب فى الثياب لتخرج لها ثوب ترتديه، فلم تجد سوى ثياب شاكر فقط، وجلباب واحد فقط لها لونه ابيض، امسكت ذقنها وتعجبت قائله: واااه يعنى حتى ياعمى مستخسر تدبلى لبس زى اى عروسه، دايب لولدك بس هى دلبيه واحده بس، كتر خيرك (تنهدت بحرقه) هاخد لبسك يا شاكر احرق جلبك عليه، بس اخرج كيف دلوك وهو جاعد تحت، وكمان معنديش اى لبس اخرج بيها، مرت عمى خدتهم كلهم عشان معرفش اروح عند خالى.

جلست بجوار الحقيبه تنظر الى الملابس، وتفكر ماذا تفعل وكيف تخرج، وتذكرت كلمته وهو يقول عنها انها تشبه الرجال، ونظرت الى ملابس شاكر وقالت لنفسها: مش هما بيجولو شبه الرداله، يبقا انا رادل البس لبسه واخرج بيه، اجرب يمكن ينفع بس كيف وشعرى، اجصه يعنى هو نافع بايه ماكلهم شايفنى رادل.

قامت وقف امام المرأه وفردت شعرها، ونظرت عليه بحزن فهو طويل ناعم وحريرى، اخذت نفس وزفرته وامسكت المقص وامسكت شعرها، ترددت للحظات واخذت قرارها وقصته وقصرته تمام كشعر الرجال، وارتدت بنطال وقميص فوجدت مقاسهم واسع بعض الشئ، فضبطتهم عليها ووضعت شعرها فى كيس الملابس التى ارتدتها، ووضعتهم فى الحقيبه واخذت حذاء من غرفة عبدالعزيز فهو نفس مقاسها، ونزلت مسرعه وتسللت من باب المنزل الخلفى وخرجت، كانت تسير بسرعه وهى خائفه ان يراه احد ويعرفها، وصلت الى موقف السيارت وركبت سياره ذاهبه الى القاهره، فهى تعرف الطريق حفظته عندما كانت تذهب مع عمتها لزيارة عمها عمري، كانت قد اخذت بعض النقود للطريق.

فى المساء عادو جميعا للمنزل، صعدت رقيه الى غرفتها غيرت ملابسها، وبعد قليل اتى عزمى هو الاخر وغير ملابسه واخذ حمام، نظر اليها قائلا: وين شاكر موعيتلوش من وجت مجيت؟
رقيه: كانه نام هروح اطول عليه واعاود.
عزمى: اطلعى طولى على بهيره شوفيها كلت ولا لاه.
عبست قائله: حاضر.
ذهبت الى غرفة شاكر وجدته نائم فنادة عليه قائله: شاكر ولدى جوم رد عليا.
فتح عينه ونظر لها بنعاس قائلا: خير يا اما فى حاجه؟

رقيه: كلت ياولدى ولا احضرلك وكل؟
شاكر وهو ينقلب على الجنب الاخر: ايوه كلت خالتى ام عمران بعتت لنا غدى انا ولدها حسين، اصله كان جاعد ويايى فى البلوه اللى جعدتونى بيها.
رقيه: طب اكلت ولا لاه.
شاكر بزهق: يوه متاكل ولا عنها ماكلت انا مالى ومالها، نجصها انا اياكى هملينى عايز انام.

نفخت رقيه وقالت بصوت خفيض: ولاه ياولدى عندك حج ابجا ابص عليها الصبح، انا تعبانه ومشيفاش جدامى، راسى هتتفرتك من الصداع بسبب العديد والصوات فى العزا.
عادت الى غرفتها كان عزمى قد نام هو الاخر، فدخلت اخذت حمام ونامت الى جواره.

وصلت بهيره الى منزل عمري دقت الباب فتح ونظر لها متعجبا: ايوه يا ولدى عايز مين؟
نظرت اليه بكسره قائله: انا بهيره ياعمى وجاعه فى عرضك تحمينى.
فزع عمرى ودقق النظر لها قائلا: واه بهيره مين، بت اخوى؟! بس ايه اللى عمل فيكى كده ولابسه اكده ليه؟
بدأت فى البكاء قائله: عمى عزمى بده يدوزنى ابنه شاكر غصب عنه، وهو كان عايز يموتنى.

شعر عمرى بان الامر كبير، فقد راى حقيبتها التى فى يدها، ووجها الاصفر وعينيها الذابلتان،
وواضح عليها الضعف والهزال، اخذ نفس وزفره بحزن قائلا: طب ادخلى يا بت اخوى اجعدى ونتحددت ادخلى.

دخلت ووضعت الحقيبه امام الباب، شقتة عمرى شقه صغيره غرفتين وبهو صغير ومطبخ وحمام، وبها بعض الاثاث البسيط، اريكتين على التراظ القديم، وكل غرفه بها سرير صغير وخزانه، جلست على الاريكه وازدادت فى البكاء، جلس عمرى الى جوارها قائلا: جوليلى ايه اللى حصل وياكى؟ عمل ايه واد بوى فيكى وولده والحربايه مرته؟
قصت عليه كل ما حدث معها انتفض عمرى وقفا وقال غاضبا: وااه يعنى اه انصاف تموت وميجوليش؟!

قبض على يده وخبط بها على فخذه واكمل: كيف يعنى يحرمنى اطل عليها وودعها، كيف طوعك جلبك ياخوى تعمل اكده،
(تساقطت الدموع من عينه)بس خلاص مبجاش وجت للبكا، انت اكده جفلتها ياعزمى، ورحمتك ياغليه ماهعديهاله المره دى، يا حرجة جلبى عليكى ياختى، ده حتى مخلنيش اخد عزاكى، كل اللى يهمه هى الفلوس وبس،.

وكيف يعنى ولده ده يمد يده عليكى، وهو يسكت؟ ومرته كمان الحربايه دى؟ لاه اكده مبجاش ينفع يابت اخوى، مبجاش ليكى عيش وياهم تانى، بس انت ليه مجولتيش لخالك واستنجدتى بيه، او حتى ادليتى عنده وكلمتينى من هناك وانا جيتك.
بهيره ببكاء وكسره: ما انت عارف خالى حاله على جده وميجدرش يجف ليهم، وكمان كيف اروح اهناك بعد ما ولده رفضنى وجلهالى بخاشمه، وكمانى مرات عمى واخده كل خلجاتى وممخلياش حاجه اخرج بيها.

زاد غضب عمري قائلا: ليه هو سجن ده اياك، بس متخفيش يا بت اخوى اهدى واجعدى وانا هفكر واكيد هنلاجى حل، جوليلى انت كلتى حاجه؟

تنهدت بالم وكسره: وهى حتى سالت فيا بوكل من امبارح رمينى فى الاوضه، عشان بس عيط على عمتى كيف اعلى صوتى والرجاله بره( شمرت عن ساعديها ) بص ياعمى يدى مزرجه كيف من الضرب، وجسمى كله اكده، كان عايز يموتنى، واللى جهرنى ان عمى ماهموش حتى يطمن على، كل اللى همه ان محدش يعرف انه ضربنى، خايف على الارض والفلوس، (مترجيه) جلو ياعمى انى معيزهاش ياخدها بس يهملنى لحالى، ياخدها ومعيزهاش ولا هجوله هاتها تانى.

هز راسه متحسرا عليها ومتألما على حالها، وربط على ظهرها واحتضنها قائلا: معلش يابت اخوى ادخلى غيرى خلجاتك دى، وانا هنزل اجبلك وكل، ولو عايزه تسبحى ادخلى عندك الحمام هناك.

هزت راسها دون كلام وهى تنهنه من البكاء، تركها وخرج يحضر لها طعام ويفكر ماذا يفعل، فقد تركهم واتى الى هنا ليهرب من جبروت اخيه وسطوته، كيف له ان يحمى هذه الصغيره التى اتت تستنجد به، فهو لا يستطيع خذلانها احضر الطعام وعاد دق جرس الباب ودخل، فاختبات فى الغرفه مزعوره ظنت ان هناك احد غريب، وعندما وجدته عمها خرجت فابتسم قائلا: مالك اتخلعتى كد ليه يابت اخوى انا رنيت بس عشان لو كنتى لسه فى الحمام تعرفى انى جيت.

اخذت نفس وزفرته قائله: اصلى فكرت حد منيهم جه وراى ومكنتش عارفه اعمل ايه واروح وين.
زاد قلق عمرى وخوفه كيف له ان يحميها منهم، اخذ نفس وزفره قائلا: متخفيش وانت وياى انت ليه مغيرتيش ولساكى لابسه الخلجات الرجالى دى؟
نظرت الى الاسفل بخجل قائله: من لبختى محطيتش خلجات حريمى واصلا مكنش حداى حاجه عدله.

فكر عمرى قائلا: احسن بردك خليكى اكده، ناكل وتنامى اكيد تعبانه من الطريق، والصبح يحلها ربنا، واكيد هو عنده الفرج.
تناولا الطعام وادخلها احدى الغرف قائلا: نامى فى الاوضه دى وانا هنام فى التانيه.
نظرت اليه بخوف وتردد قائله: بس ياعمى محدش منهم هيجى واحنا نايمن؟

ابتسم عمرى ليطمأنها وربط على كتفها قائلا: هو وانت مش واثجه فيا ولا ايه؟ انى صحيح سبتهم ومشيت بس مش جبان ولا ضعيف، انا حبيت اريح ادماغى من العراك معاهم اطمنى ومتخفيش.
ابتسمت وقد اطمأنت بعض الشئ، دخلت الى الغرفه واستلقت على السرير، ودخل هو الاخر الى غرفته وجلس على طرف السرير يفكر ماذا يفعل، فهو طمأنها بالكلام لكنه ليسطيع الوقوف لهم ولا مواجهتهم.

فى الصباح استيقظت رقيه واعدت الفطار، اتى عزمى وتناول الافطار وقبل ان يخرج تذكر بهيره قائلا: صح البت بهيره عامله ايه؟ اطلعى شوجى عليها، من امبارح محدش شافها، ولا سمع لها حس لتكون ماتت.
رقيه: لا ماتت ولا حاجه انت مش جولت متخرجش من اوضتها، اهى مرزوعه على ما الناس تبطل تيجى.
عزمى: طب خلى حد يطلع لها وكل بدل ماتموت من الجوع متنسيش.
عبست روقيه قائله: حاضر حاضر.

خرج وظلت هى بالمطبخ ترتب بعض الاشياء، وقبل ان تصعد الى الاعلى اخذت فى يدها شطيرة خبز وبها بعض الجبن، وصعدت الى غرفة بهيره، فتحت الباب ودخلت لكنها لم تجدها، فتعجبت قائله: راحت وين دى دلوك، اه تلاجيها فى اوضة انصاف بتعدد عليها ماهو اصل احنا ناجصين عديد عاد(بتوعد ) ماشى هخلى شاكر يطين عشتك واهى فرصه عمك مش اهنه عشان يحوش عنك.

ذهبت الى غرفة انصاف ولكنها لم تجدها بها، وبحثت عنها فى الحمام وكل الغرف لم تجدها، فصقت وجهها قائله: يامرارى راحت وين دى؟ لا تكون راحت عند خالها؟ بس خرجت ميته وكيف؟ وااااه وكمان اجول لعمها ايه دلوك يامراريييييييي.
اسرعت الى غرفة شاكر كان مازل نائما خبطت على ذراعه قائله: قوم ياولدى جوم بسرعه شوف المصيبه اللى وجعت على راسنا دى.
قام مفزوعا ونظر لها قائلا: مصيبة ايه حصل ايه؟

رقيه وهى تصك وجهها قائلة: المخبله بهيره ملجيهاش بينها هربت، يامراري يا مراري ابوك هيجى يطربجها على نفوخنا.
فز شاكر وافقا: واااه هربت كيف يعنى؟وعرفتى كيف انها هربت؟
رقيه وهى تضرب على راسها: مخبراش روحت ادور عليها ملجتهاش، فتشت كل مكان ملهاش اثر، تبجا هربت بس اللى مجننى كيف وميتا.
شاكر: طب ما يمكن فوق على السطح، تهرب كيف يعنى وليه؟(غاضبا) هى معجبهاش انها تتدوزنى كمان؟

جزبته من ذراعه وخرجت وهى تقول: مش وجت الحديت ده دلوك روح دور عليها فى كل مكان، وانا هكلم ابوك يجى يشوفها راحت وين.
زاد غضب شاكر قائلا: هتروح وين يعنى تلاجيها عند خالها اتصلى عليه واساليهم عنها.
فكرت رقيه قائله: لاه متصلش معيزينش حد يعرف انها خرجت من الاصل.
شاكر مستنكرا: كيف يعنى مدام خرجت يبقا هيتعرف، ماهو اللى هتروحله هيجول.

رقيه: بس هى لو راحت لخالها كانت مرته اتصلت عليا وجالتلى، اطلع بس دور عليها فوج، وانا هفكر واكلم ابوك اجوله ياجى بسرعه نشوف كيف حصل ده.
صعد هو يبحث عنها، واتصلت هى بعزمى وطلبت منه الحضور مسرعا ولم تخبره بالامر، مر بعض الوقت وعاد اليها شاكر قائلا: ملجتهاش فوج.
رقيه بتفكير: وانا كمان ملجتهاش فى البيت كله بس اللى مجننى هى خرجت كيف ومفيش لها اى خلجات تلبسها حتى جلبيت البيت هملتها جوى.

لم يفهم شاكر قائلا: يعنى ايه خرجت عريانه دى ولا ايه، تلاجيها خد خلجه من خلجات سماح اختى.
رقيه: صح اكيد خدت من خلجاتها بس خرجت ميته وكيف، ( سمعت صوت باب الدار يفتح )صوت الباب اطلع اكده ابوك معاه حد ولا لحاله.
نظر من الاعلى وجده وحده فقال: وحده وطالع اهو.
وصل عندهم قائلا: فى ايه يا وليه انت جيبانى على ملا وشى اكده ليه؟

رقيه وهى تخبط على راسها وتعدد: بت اخوك بت اخوك جابت لنا العار، بت اخوك فضحتنا، منك لله يابهيره يا بت تحيه، عملنالك ايه، تفرجى علينا الناس، يامراري يامرايييييييي.
اشتعل غضبه قائلا: عملت ايه البت دى وهى وين؟
شاكر بغضب: بت اخوك اللى كنت عايز تجوزهالى غصب هربت، عشان مكشفش وسختها وافضحها.
تأجج غضبه قائلا: هربت كيف وانتو كنتو فين لما هربت؟ وكيف خرجت ومحدش فيكم شافها هااا؟ردى لحسن اكسر عضمك؟

فزعت رقيه من غضبه وابتلعت ريقها قائله: معرفاش والله ياخويا انا طلعت اطلع لها طفح، ملجتهاش دورت عليها فى البيت كله انا وشاكر، ملجتهاش فكلمتك.
خبط بيده على الحائط قائلا: وااه ده اكده بوظت لنا كل حاجه، بس هى راحت وين يعنى لو راحت عند خالها كان جه عشان ييتحدت وياى.
امسك هاتفه ليطلبه فقالت رقيه ماكره: استنى متجلوش افرض ان البت مش عنده نعمل فضيحه، هى ملهاش مكان تروحه غير يااما عنده يااما عند عمري بمصر.

عزمى غاضبا: اعمل ايه يعنى؟
رقيه: انا هكلم مرته ولو هى عندهم هتجولى استنى.
عزمى: صح يلا كلميها بسرعه.
اتصلت رقيه بها وتحدثت معها وبعد ان انهت المكالمه قالت: مش هناك سالتنى عنها عشان جلجانه عليها، قولتلها انها عيانه من حزنها على عمتها.
عزمى: صح اكده منجولش لحد عنها وانا هكلم عمري، ولو هى عنده هيتعارك معايا عشان مجلتلوش على موت انصاف، هتروح انت واخوك يا شاكر تجروها من شعرها وتجبوها من سكات انت فاهم.

شاكر غاضبا: من شعرها بس دانا هموتها من الضرب الكلبه دى، بقا انا مش عجبها وبتهرب منى، دى وجعتها مطينه.
امسك الهاتف ورن على عمري كان نائما واستيقظ على صوت الهاتف، نظر به وجده عزمى عرف انه يتصل يسال عنها، لم يجيب وخرج من غرفته ينظر عليها وهى نائمه تنتفض من الخوف، رن الهاتف مره اخرى كان يعلم انه هو فاجاب بصوت ناعس قائلا: ايوه ياعزمى فى ايه متصل ليه بدرى اكده؟

فهم عزمى انها ليست عنده فقال: انت لساك نايم لدلوك جوم اختك انصاف ماتت.
عمري بخضه مصطنعه: ميتا ده حبيبتى يا اختى انا جاى حالا عشان الحق الدفنه، واطل عليها اخر مره.
تلجلج عزمى قائلا: دفناها من يومين بس انا مرضتش اشحطتك، اصلنا دفنها عشيه ومكنتش هتلحق الدفنه.
عمري غاضبا: تتصل تجولى وانا اللى اختار، مش تقرر من نفسك ولا انت خلاص موتنى بالحيه.
عزمى: بجولك ايه روح دلوك مريجلكاش.

انهى معه الماكلمه ونظر الى شاكر قائلا: تاخد اخوك فايز وتتدلو دلوك على مصر، تروح لعمك تلاجيها لساها فى الطريق، يعنى اول ماتروحو هتكون وصلت عنده متجعدوش ولا دجيجه، تجبوها وتاجو ومعيزسش حد يعرف حاجه انت فاهم.
شاكر غاضبا: فاهم.
عزمى: متدمدش يدك عليها جدام عمك لما تيجى هنا ابقا اعمل اللى انت عايزه، محدش هيحوشك.
شاكر رافضا: ليه يعنى انا هخاف من عمى ولا ايه؟

عزمى: لاء يا غبى هى طلما راحت هناك هتبقا حكت لعمك عن ضربك لها جبل سابج، فلو ضربتها تانى جدامه مش هيسيبك تاخدها، وممكن يعمل وياكم مشاكل، لكن لما يلاجيك بتعالملها زين، هيفهم انها بت مش كويسه وانا هاكد ده ليه، واخليه يجف معنا فهمت.
ابتسم شاكر بمكر قائلا: صح الكلام انا هدخل اغير هدومى واجول لاخوى يلبس هو كمان.
رقيه: وانا هنزل احضر لكم وكل تاكلو جبل لتدلو.

ذهب شاكر الى غرفة اخوه(فايز اصغر منه بعامين طويل القامه اسمر اللون واسود الشعر مفتول العضلات ) واخبره واستعدا الاثنان ونزلا ليتناولا الافطار ويتحركو.

انها عمري المكالمه ونظر الى بهيره، التى كانت تتابع حديثه مع عمها متعجبه، لماذا انكر وجدها عنده، اخذ نفس وزفره قائلا: عارف انك متعجبه يابت اخوى ليه مجولتلهوش انك عندى؟
هزت راسها بالموافقه فاكمل: لو جولتلهم انك عندى هياجو ياخدوكى، وانا مش هجدر احوشهم، وعلى ما اروح البلد واعمل جعدة رجاله، هتكونى اتبهدلتى وموتكى ضرب، عشان اكده مش هجولهم انك عندى.
نظرت اليه بهيره بكسره قائله: طب وهنعمل ايه ياعمى؟

جلس على الاريكه يفكر قائلا: معرفش يابت اخوى بس اكيد هلاجى حل اكيد ربنا عنده الفرج.
جلست بهيره الى جواره وقد علمت انها وضعته فى مازق صعب ولكنها لم يكن لديها حلا اخر.

تاااابع ◄

 

 

أحدث أقدم

نموذج الاتصال