-->

رواية سجينة ثوب الرجال الفصل الثالث

 

 سمعت صوت وحركة في شقة عمها مما ارعبها وملئ عقلها بالظنون، هل هو احد ابناء عمها أتى للبحث عنها، ظلت بغرفتها دون اصدار أي صوت، حتى رأت شخص أتى الى السطح ويقترب من غرفتها.
ارتعبت وزادت ضربات قلبها وكادت تتجمد من الخوف، تعرقت وكادت تموت رعباً، مع كل خطوة يخطوها هذا الشخص، حتى وقف امام الباب ودقه قائلا: السلام عليكم عرفت ان في حد سكن في الاوضة ممكن كلمه بعد اذنك؟



بدأت تتنفس مره اخرى وهدأت بعض الشئ، فهو ليس صوت احد ابناء عمها، لكنه صوت تعرفه جيدا، لكن لشدة خوفها لم تستطع تمييزه، فغيرت نبرة صوتها وجعلتها اخشن: ايوه مين على الباب؟

اجاب من الخارج: انا حازم جريب عم عمري الله يرحمه وكنت جاعد وياه فى شُجته.
(حازم فى اوئل العشرينان قمحى اللون يميل الى السمره اسود الشعر متوسط الطول معتدل القوام ).

صدمت فهو صوت ابن خالها بالفعل هي تعرفه جيدا، لكن لم تتوقع ان يأتي فهو اخر شخص فكرت به، وهو يعرفها جيدا وان راها قد يكشفها، ففكرت ان تضع شئ على وجهها كي لا يعرفها، امسكت قلم حبر اسود وفكرت ان ترسم به ذقنا ولكن سيظهر انها غير حقيقية ويفتضح امرها، واثناء ماهي تبحث عن شئ وقعت عينها على خصلات شعرها المقصوصة في حقيبتها، ففكرت ان تصنع شارباً وتضعه، لكن هذا لن ينفع وقد ينكشف بسهولة، وقررت ان تشتري شارب وتبقيه معها، لكن ماذا تفعل الان لكي لا يعرفها، رأت معجون حلاقة موضوع على المرآة، فاخذت منه ووضعت على ذقنها وحول فاها، دق حازم الباب مرة اخرى: بعد اذنك ليا حاجات فى الاوضه عندك بدي اخدها.

اجابت وهي تخشن صوتها: حالا هفتح اهو.
اخذت نفس وزفرته وابتلعت ريقها، واستجمعت شجاعتها وفتحت الباب، نظر لها حازم وتعجب من المعجون على وجهها، فخشنت صوتها وتنحنحت: عمال اتخبط وملحجتش اخلص حلاجة في حاجة ياسي الاستاذ بدك شي؟
شعر بالحرج الشديد: اسف مجصدت اضايجك، انا بس ليا حاجات هاخدها وامشي على طول.

تنحت من امام الباب واشارت له بالدخول، فدخل جمع اشياءه، كانت على طاولة صغيرة في ركن بالغرفه، وتحرك مسرعا فهو كان متعب جدا ويبدو عليه الارهاق، تعجبت من شكله وقدومه في هذا الوقت، لكنها لم تهتم كل ما كان يهمها انه لم يعرفها ويكشف امرها، ولكن هذا زاد حيرتها اكثر واثار فضولها لتعرف ما حدث في البلد، بدأت تسترق السمع لاي صوت من عنده، حتى سمعت صوته في مكالمة هاتفية مع والده، وكان الصوت واضح فهو كان يقف على الدرج بالقرب من غرفتها، وكان يتحدث بحدة قائلا: معلش يابوي مهاعودش دلوك مجادرش، كل ما افتكر اني كنت سبب في موتها مجدرش اجعد، هفضل اهنه فترة يمكن اجدر انسى ووجع جلبي يهدا.

مهران (والده): بس ياولدي انت ملكش ذنب، هي اللي موتت نفسها متحملش نفسك فوج طاجتها.
امتلاءت عيونه بالدموع: لاه لو مكنتش رفضتها كان زمانتها عايشة، لو مكنتش كسرتها مكنتش عملت اكده في نفسها، عمها اجبرها انها تتدوز ولده، مكنش جدامها حل تاني.

نفخ مهران برفض: ومين جالك إني مصدج انها موتت نفسها انا متأكد انهم هما اللي موتوها، بس معنديش دليل من الاساس مردتش ابهدل جسمانها كفايا اللي شافته وهي حية كمان ابهدلها بعد موتها.
زاد الم حازم: حتى لو اكده بردك ابجا شريكهم في الجريمة انا اللي همتهالهم.
مهران: عموما خلاص اللي يريحك خليك ولما تهدى ابجا عاود ربنا يهديك ياولدي.

انهى معه المكالمة وعاد الى شقته مسرعا، اطمانت هي ان عمها قد ادعى موتها ليأخذ نقودها، وهكذا لن يبحث عنها مرة اخرى تذكرت امر الشارب، وكانت قد راته وهي تشتري لها بعض الاشياء، ولفت نظرها ان اشياء كهذه تباع، فنزلت مسرعة واشترت اكثر من واحد نفس الشكل.

في البلد عند رقية.

خرجت رقية من المنزل لتذهب الى بيت عمتها المتوفاه، واثناء سيرها رات نواره ترتدي عبأة مطرزه وطرحه بها نفس التطريز، تسير تتمايل وكانها شابه عشرينيه رغم انها تخطت الثلاثين لكنها مازلت تحتفظ بجمالها، اشتعلت الغيرة في قلبها ونظرت لها بحقد وغل، بدالتها نواره نظرات الحقد واطلقت ضحكة بصوت منخفض وكانها تسخر منها، وتركتها وذهبت زادت غيرتها وغضبت وقررت ان تنتقم منها، اشارت الى ثلاث سيدات من الغجر كنّا يقفن بعيد، اتين اليها اخرجت بعض النقود وقدمتها لهم قائله: اسمعي يا بت انت وهي بدي تعملولي خدمة جولكم ايه.

نظرن الى النقود في هى تبدو كثيرة، اخذتهم إحداهن قائلة: ءامرى خدمة ايه؟
رقيه بغل وهي تجز على اسنانها: روحو جرو شكل البت نواره دي واضربوها علجة موت.
شهقت احداهن وكانها تستصغر النقود، فقالت رقيه: وهديكم كدوهم تاني.
فكرت احداهن: ماشي استنينا اهنه هنروح نضربها ونعاود ناخد الباجي بس اعملي حسابك لو حاولتي تفري منينا هنموتك.

رقيه: واهرب منكم ليه طلما هتشفو غليلي منيها هدفع وبزيادة كمان، هروح لبيت عمتي هناك وعلى ما ارجع تكونو خلصتو اديكم الباجي.
خطفت احدهن بعض من النقود من الاخرى وبدات تعدهم قائله: تمام.
تركتهم وذهبت نظرت واحدة منهم الى الاخريات قائلة: انت هتضربو نواره صح؟
ضحكت الاخرتين وقالت احداهن: لاه احنا هنجولها ونعرفها وناخد اللي فيه النصيب ونروح.

تحركن الثلاثة وذهبن الى نواره التي لم تكن وصلت لمنزلها بعد اخبروها بكل ماحدث فضحكت قائله: زين يا بنات الجرشنات دي حلال عليكم وعايزاكم تضربوها هي العلجة دي(واخرجت بعض النقود وقدمتها لهم) وادي دول كمان مني بس روجوها زين.
ضحكت إحداهن قائله: تستاهل مش هي اللي بدها تيجي عليكي يبجا تشرب.

عدن الى المكان الذي قالت انها ستنتظرهن به وجدنها تقف فيه، فاقتربن منها وانهلن عليها ضربا حتى وقعت مغشيا عليها، تركنها وذهبن مرت بعض النساء وراينها ملقاة على الارض، والدم يخرج من اماكن عدة من جسدها، فافقوها وطلبت منهن اعادتها الى المنزل، فاعدنها الى منزلها ساعدتها بعض العاملات حتى صعدت الى غرفتها، اخذت حمام وضمدت جروحها واستلقت على السرير، وهي تتأوه من شدة مابها من الم، دخل عليها عزمي وهو غاضب جدا قائلا: انت يا حرمه جومي كلميني.

انتفضت لكنها لم تستطع ان تتحرك قائله بتأوه: مجدارش جسمي كله مكسر مجدراش اه اه.
نظر على منظرها وجز على اسنانه قائلا: مين اللي عمل فيكي اكده.
رقيه متهربه بتأوه: معرفاش اه دول حريم طلعو عليا وضربوني كسرو عضمي ومعرفش عملو اكده ليه.
عزمى عابسا: مش هما دول اللي كريتيهم عشان يضربو نواره؟ انا مش جولتلك ملكيش صالح بيها؟ بس حديتي معيتسمعش تستاهلي.

غضبت قائله بتأوه: الكدابه هتتبلى عليا، انا معملتش حاجة انا كنت رايحة عشان ورث عمتي، وموعتلهاش من الاساس وكمان هعرف مكانها منين.
غضب قائلا: بجولك ايه يا حرمه انا عارفك زين، وده من عمايلك ومعيزسش ده يتكرر تاني، مفهوم والا انا اللى هكسر عضمك المره الدايه انت سامعة.
وتركها وخرج وهو غاضب، جزت على اسنانها من شدة الغضب وهي تتوعد نواره: ماشي يانواره يابنت كلاف البهايم انت، هوريكي بس اجوم بس اه اه اه.

في غرفة بهيره
جلست بهيره بغرفتها تفكر ماذا تفعل، لايمكنها الاعتماد على النقود التي معها فقط يجب ان تجد عمل، ولكن كيف لها ان تجد عمل وهي لاتملك هويه، او أي اورق شخصية، وايضا هل تعيش بشخصية الرجل ام تترك المكان وتذهب لمكان اخر فقالت لنفسها: انا هسيبها لربنا اديني اهنه هنزل ادور على شغل وان ملجيتش امشي بس خليني اكده فتره لحديت ما اطمن ان عمي هملني خالص.

وفي اليوم التالي نزلت تبحث في المنطقة التي تعيش فيها عن عمل، وجدت محل على بعد مسافة بسيطة، يعلق طلب شباب وبنات للعمل في محل لتصفيف الشعر، فوجدت انها فكرة جيدة يمكنها العمل به دون كشف حقيقتها فسيكون من الصعب عليها التعامل مع الرجال، دخلت الى المحل وجدت سيدة ثلاثنية ترتدى بنطال وقميص(بلوزه) وتضع الكثير من المسحوق على وجهها وتمضغ علكه، نظرت اليها السيدة قائله: ايوه يا استاذ عايز حاجة؟

لم تنتبه لها فهي غير معتاده ان يناديها احد على انها رجل، فقالت بصوت اعلى وهي تشير عليها: انت يابني عايز ايه؟
فانتبهت بهيره فخشنت صوتها: بدي اشتغل عندكم ينفع تعلموني؟
ابتسمت السيدة وهي تتفحصه: هو شكلك كده مش باينلك واد من بت بالزعبوط اللى على دماغك ده والشنب الغريب ده بس اقولك ماشي تعالى اهو ناخد فيك ثواب شكلك غلبان.
ابتسمت بهيره: تسلمى يا ست الناس.
السيدة: قولي اسمك ايه؟

تلجلجت: بهي، اقصد بهاء الدين حسين.
ضحكت السيدة: انت بتلخبط في اسمك كمان.
تعرقت بهيره: بس هتعلم وابجا شاطر بامر الله.
السيده: ماشي يا حبيبي بص بقا تيجي بكرة الصبح من الساعة تسعة عشان هعلمك انت وثلاث بنات تانين تمام.
بهيره: تمام يا ست البنات.
السيدة: اسمى مدام ليله مبحبش ست الستات وست البنات والحاجات دي ماشي.
ابتسمت بهيرة: ماشى يا مدام ليله عن اذنك.
ليله: ابقا هات معاك صورة البطاقة بتاعتك.

تلجلجت قائله: هو بس اصل ااااا بطاجتي ضاعت مني ومحديش ورج اهنه، وعشان اسافر واعمل غيره محتاج وجت ومكاليف وانا على جد حالي يعني.
فكرت قائله: طب خلاص هشغلك فتره كده بس مش هيبقا لك تأمين ماشي.
فرحت قائله: ماشي يامدام ليلى.
ذهبت بهيره، خرجت فتاة من الداخل قائله بتعجب: انت ليه يا مدام ليله هتشغليه عندك وهو معندوش ورق؟

ابتسمت ليلى: احنا لسه بنبدأ وكل مايجي حد عايز تأمين ومرتب كبير واحنا مش هنقدر على ده لكن الواد غلبان هياخد اللى هنديهوله وهو ساكت وبعدين شكله ابن ناس والدنيا لطمته اهو نكسب فيه ثواب.
هزت الفتاه راسها بالموافقة.

عادت بهيره الى غرفتها وهي سعيدة فقد وجدت عمل اخيرا، وهي على الدرج تقابلت مع حازم، الذي ارتبك عند رؤيتها واسرع في خطواته كي لا يتحدث اليها، كان يسبقها بخطوات فهرول ودخل الى شقة عمها، تعجبت من تصرفه وصعدت الى غرفتها، وفي اليوم التالي في الصباح ذهبت الى المحل كان مفتوح دخلت القت التحية على ليلى قائله: صباح الخير يا مدم ليلى.
ليلى: اهلا يا بهاء تعالى لما اعرفك على زميلاتك تعالو يابنات من جوى.

خرجت ثلاث فتيات من الداخل في سن العشرين اشارت على الاولى قائله: دى دينا.
مدت يدها له قائله: اهلا يابهاء ان شاء الله تتعلم الشغل معنا بسرعة.
فهزت بهيره راسها دون كلام، اشارت ليلى على التي تليها قائله: ودى بقا فوفا وفاء بنوته عسل (واشارت على الثالثة) ودى بقا ميرو مروه انا بحب ادلعهم عايزك تعتبرهم اخواتك ماشى يابهاء.
ابتسمت بهيره قائله: ان شاء الله.

اشارت ليلى الى غرفتين بالداخل قائله: دول اوضتين الغسيل بص في حاجات هتتعلمها وتعملها وحاجات لاء.
بهيره: تمام اللى تجولي عليه ماشي.
ليلى: خدوه يا بنات على جوه عرفو كل حاجة عشان نبدأ نعلمه.
دخلت معهم الى الغرفتين قالت دينا: بص يا بهاء انت هتغسل شعر الزباين الفترة الجايه لحد لما تتعلم كل حاجة.
فوفا: اه هنعلمك القص والفرد والكوى والسشوره.
ميرو: والصبغه كمان عشان لما يبقا فى زحمة نساعد بعض ماشي.

بهيره: ماشي انا شاطر وهتعلم كل حاجة بسرعة.
دينا: اه صح قبل ما تدخل الاوضتين دول تستاذن عشان انت راجل والستات هنا بتبقا بتغير وكده فاهم.
احمر وجه بهيره خجلا قائله: حاضر فهمت.
ضحكت عليه الفتيات الثلاثة وقالت دينا: انت بتتكسف وجاي تشتغل في كوافير حريمى (حركت فمها يمنيا ويسرا وهى تشيح بيدها) عموما متتكسفش منا احنا اخوتك.
ابتسمت بهيره قائله: انا فاهم الحديت ده زين.
فوفا: طب يلا بقا نبدأ الشغل.

وبقيت معهم طوال اليوم، ومر اسبوع وهي تذهب كل يوم وتتعلم.

في دوار عزمي
تحركت رقيه وهي تجر جسدها لتنزل الدرج، فهي ماتزال متعبة من اثر الضرب، رغم مرور اسبوع عليها، فرأها شاكر فنادها قائلا: راحه وين وانت تعبانة اكده؟
رقيه: هروح احضرلكم الفطار ابوك خرج منغير وكل واختك مهتصحاش لو عملته ايه.
غضب قائلا: وااه ومهملها ليه متخبري ابوي.

رقيه رافضة: لاه معيزاش ابوك يعرف من الاساس انا كنت مدلعها على حس مجصوفة الرجبه بهيره، وهي لساها دايه من عند اختك ومعيزاش ازعلها لحد ما العريس ياجي وتوافج ونخلص.
شاكر متعجباً: وااه وهي يعنى لازم اتوافج متتجوز اللي ابويا يجول عليه وخلاص.
رقيه بضجر: لاه اختك متتدوزش غصب، وبعدين هي أي بنته، دى سماح بنت عزمي صاحب الاملاك والاطيان.
عبس شاكر قائلا: يعني رافضه تدوزى بتك غصب وكان بدك تدوزيني انا غصب؟

رقيه: افهم يا بهيم انت رادل تقدر تتدوز بدل الحرمه اربعه، وبعدين انت كنت عايزنا نسيب رادل غريب ياخد مالنا؟
شاكر: صح عندك حج اجعدي وانا هخلي واحدة من الحريم تحت تحضر الفطور وارتاحي انتي.
ربطت رقيه على كتفه وعادت الى غرفتها واستلقت على السرير، وبعد الظهر عاد عزمي وصعد الى غرفته، وجد رقيه مستلقية على السرير، فنفخ قائلا: ايه يا حرما هطولي كتير في النومه دي خلصينا بجا.

جلست رقيه قائله: خلاص اها باجي حاجة بسيطه، الدكتورة جالتلي احمدِ ربنا انك متكسرتيش.
نظر لها بضجر قائلا: حمدينه بجولك هو شاكر حزنان صح على البت بهيره، كل الناس عما تتحدت عليه كيف كان حزانان عليها؟
ابتسمت ماكره: واه انا جولت هتفهمها لحالك(بتفاخر)، انا جولتله يعمل اكده، عشان كل البنته يتسابجو عليه.
ابتسم قائلا: واه ده انتي طلعتي واعرة جوي.
ضحكت قائله: بتعلم منك هو انا اجي فيك حاجة.

ضحك قائلا: تتعلمي مني ايه ده انتي غلبتي ابليس ذاته، بجولك جولي لبتك تعمل حسابها العريس داي بكره، معيزش دلع ابنته العريس ده زين وهو كبير اخواته، يعني هي هتبجا كبيرة الدار هناك.
ابتسمت قائله: مدام اكده ماشي متخافش هلين دماغها.
وقف عزمي قائلا: ههملك انا دلوك عندي معاد مهم.
تركها وذهب اتى اليها شاكر جلس الى جوارها على طرف السرير قائلا: كيفك دلوك؟
رقيه: الحمد لله.

شاكر: من ساعت محصُلك اكده، وانت معيزاش تجوليلي مين اللى عمل فيكي اكده، وانا مهسكتش الا اما اجيبلك حجك.
نظرت بمكر وخبث قائله: متخافش حجي هاخده مفوتش تاري ابدا.
شاكر: اللي يريحك.
رقيه: ابوك جالك على عريس اختك؟
شاكر: ايوه جالي عياجي بكره، بس على الله تعجبه ده كل بنات البلد معجبتوش، اصلهم بيجولو اخواته جمرات ملهمش زي.
فكرت قائله: لو اكده وحصل نصيب لاختك، اخطبلك واحدة منيهم.

شاكر رافضا: لاه انا عايز واحدة تانية بس حبه اكده واكلم ابوي عليها.
رقيه: مين دي جولي ده انا امك بردو؟
شاكر: هبجا اجولك لما يجي المعاد.
رقيه: طيب.
قام وقف قائلا: انا همشى دلوك معايزاش حاجة؟
رقيه: ابعتلي اختك سماح عشان اجولها على العريس.
هز راسه بالموافقة وخرج.

مر اسبوع اخر وقد تعلمت بهيره العمل فى المحل، جمعت ليلى البنات وبهيره وبدأت تتحدث اليهم قائله: اسمعو بقا احنا خلاص اتعلمنا والحمد لله، كلكم طلعتو شاطرين وهتكملو معنا، بكره هيكون افتتاح المحل مش عايزه غلطة.
فوفا: متخفيش يا مدام ليلى كلنا هنشرفك باذن الله.
دينا: يعني مفيش حاجة هنعملها النهارده.
ليلى: لاء هنقعد بس مع بعض كده نظبط المكان.
ميرو: طب ماتفتحو التلفزيون كده نتفرج شوية.

ليلى: ماشي شغلوه اهو نتسلى شوية.
امسكت ميرو المتحكم اليدوي ( الريموت) وبدات تقلب في القنوات، فوجدت فيلم فقالت: الله الفيلم ده حلو.
دينا: مش ده الفيلم بتاع هنيدي لما هيهرب عشان ابوه عنده تار.
ليلى: اه هو ده كوميدى اهو نضحك شوية، يلا اقعدو يا بنات وانت كمان يا بهاء.
جلسن جميعا يشاهدن الفيلم، وبعد انتهائه جلسن يضحكن فقالت دينا: هو فعلا في ست في الفيلم كانت راجل وقلبت؟

فوفا: اه ياختي اصل المشرحة ناقصة قوتله.
ميرو: على رايك من قلة الستات يعني رياح يقلب كته خيبه.
ضحكت دينا قائله: ماهي جاتو ياختي مش راح قلب ست، يارتني كنت اقدر وكنت قلبت راجل.
فوفا مازحه: تصدقي فكرة اقلب راجل واخد حقي بقا ده انا هشيبهم كلهم.
ميرو مشاكسة: اه وكنتي تبقي واد ايه موز على الاخر.
دينا ضاحكه: يلا نروح نعملها جماعة اهو على الاقل اخد حقي من اخويا اللى كل شوية يتخانق معايا بسبب ومنغير سبب.

فوفا: هو مبطلش مش ابوكي اخر مرة زعقله وبهدله؟
عبست دينا قائله: هو بيبطل شايف نفسه عشان ولد قال يعني هما ليهم حق واحنا لاء.
ميرو: متنكدوش بقا كلنا عارفين ان الرجالة واخدين حقهم ثالث ومثلث، واحنا مهما نعمل هنفضل مغلوب على امرنا، وعارفة لو قلبنا هنبقا راجله خيبه بردو.
فوفا ضاحكة: يخيبك يابت، هو احنا حتى نقدر عليها، دي تكلفتها غالية جدا.

دينا مازحة: ايوه حوشيهم يابت ارجعي انت وهي، قال يعني خلاص رايحين يقلبو خلاص، لو كان ينفع كان كل الستات قلبو، وريحو دماغهم من وجع القلب اللي بنشوفه من الرجاله.
فوفا مازحة: ايوه بلا رجاله بلا هم قال رجاله قال.
كانت بهيره تتابع كلامهم وهي متعجبة وسالت قائله: هو اللي انتو عتجلو ده صح في راجل جلب ست؟
فضحكن جميعا وقالت دينا: اه ياخويا شوفت الهم اللي احنا فيه.
بهيره متعجبة: ودي عملها كيف يعني؟!

دينا: ماهو في عمليه بتتعمل دلوقتي تحول الراجل لست والست لراجل.
زادت دهشت بهيره قائله: واه هو ده ممكن وينفع؟!
ضحكن جميعا ونظرن لبعض ولم تجب ايهن، فقالت ليلى: من ناحية ممكن فبقا ممكن، وهو قدامك اهو الواد قلب بت، لكن ينفع بقا ولا مينفعش دي بقا منعرفش، وبعدين انت ولد وهما بنات فبلاش تحرجهم.

تنبهت بهيره لانها ترتدي زي رجال، فشعرت بالخجل انها تسببت لهم في الاحراج قائله: معلش يا بنات مجصدتش بس انا مخبرش وكنت بسال عادي يعني.
فوفا: لما تحب تسال عن الحاجات دي ادخل على النت واسال.
بهيره: ايه النت ده سمعتكم عتتكلمو عنه كتير وكنت بشوف شباب عنا في البلد بيحكو عنه؟
اخرجت دينا هاتف حديث وارته له قائله: بص هات عده زي كده واحنا نعلمك كل حاجة عليه.
فوفا: وفي النت ده بقا هتشوف اهوال.

صدمت بهيره قائله: واه ده صح يعني كانت حكتلي عنه واحدة صاحبتي (انتبهت انها ولد ) اجصد واحد صاحبي وجال انه فيه حاجات كتير.
ميرو: يوه فوق ماتتخيل ده عالم تاني.
فكرت بهيره قائله: طب وانا اجيب العدة دي من وين؟ وكمان دي شكلها غالي جوي.
دينا: مع اول قبض نعملك جمعية وتقبضها الاول وتجيب التليفون ياعم.

ليلى: ولا جمعية ولا حاجة انا عندي تليفون قديم هديهولك، وهخصم ثمنه من قبضك على مرتين سعره حنين يعني، استعمله على ماتحوش براحتك.
فرحت بهيره: معرفش ارد دينك ده كيف.
ليلى: انك تدي الشغل حقه وتكون امين ماشي.
ابتسمت بهيره: ماشي.
قامت ليلى: انا هروح ساعة كده وارجع وهجبلك معايا التليفون.

وتركتهم وخرجت وعادت بعد عدت ساعات، اعطت الهاتف لبهيره: خد يا بهاء العدة اهيه، روح هتالك خط من المحل اللي على اول الناصية وتعالى، وانت يابت يادينا اعمليله اميل وظبطيهوله.
خرجت بهيره مسرعة تشتري الخط، نظرت دينا الى ليلى قائله: ايه العده دى يا مدام ليله؟
ليله: دة عدة كنت واخده تخليص حق من زبونة ومركونة عندي والواد ابن اختي هيخربها لو سبتها في البيت فقولت الواد ده غلبان.

دينا: اه ماشي هشغلهاله وهعمله باقة عشان يعرف يدخل عليها لمايروح.

عادت بهيره وقد احضرت الخط اعطته لدينا وضعته بالهاتف، وظبطت الاعدادات وعلمته كيف يستعمله، وفي المساء جلست بهيرة تفكر في كل مادار بين البنات، وتتذكر ما حدث معها، وقارنت بين ماحدث معها ومع عمها عمري، فلو انها رجل لاخذت حقها حتى لو ابتعدت، لكن لكونها بنت تحكمو بها وظلموها، ليس هذا فقط وحرموها من حقها في اختيار شريك حياتها، فقررت ان تقرأ عنه، وبعد ذلك تاخذ قرارها،.

امسكت هاتفهاوبحثت عن الموضوع، حتى وجدت مقال يتحدث عنه، لكنها لم تفهمه جيدا، فعبست قائله: واه مفهماش حاجة من المخروب ده، بس اللي جدرت افهمه ان العملية دي موجودة، بس بتتكلف كتير، (سكتت قليلا ) بس الفلوس مودوده، مخبراش هفكر تاني وتالت واللي عايزه ربنا هو اللي يكون.

وضعت الهاتف جانبا نفخت بزهق، وقامت ونظرت في المرآة وضعت يدها على شعرها، فقد طال بعض الشئ، ونظرت الى وجهها وجسدها النحيل وعبست: وهو انا حرمة من الاساس وحتى لو حرمة محدش جابلني اكده يمكن يجبلوني لما ابجا راجل.
ونظرت الى صورتها في المرآة مرة اخرى، وجلست على سريرها تفكر هل تغير اما تبقى وهل هذا هو حل كل مشاكلها ام انه سيخلق لها مشكلة اخرى.

استيقظت بهيره مبكرا، فهى لم تنم الا ساعات قليله من التفكير فى الامر، فهى لا تعرف عواقبه، ظلت فى حيرتها حتى ذهبت الى المحل، كان يوم الافتتاح واتى الكثير من الزبائن، وعادت فى المساء متاخره فنامت من التعب ولم تفكر بشئ، فى اليوم التالى ذهبت الى المحل وجدت دينا تبكى وفوفا وميرو تحاولان تهدأتها، فاقتربت منهم قائله: مالك يا دينا عما تبكى ليه عاد؟
دينا ببكاء: اخويا بهدلنى امبارح عشان روحت متاخره.

بهيره: مش هو عارف انك كنتى فى شغل وبعدين بدل ما يزعجلك كان جه خدك من اهنه واطمن عليكى.
فوفا: تقول ايه بقا هو اصلا غبى.
ميرو: متسكتيش قولى لابوكى لما يرجع من السفر وهو اكيد هيكلمه.
دينا وهى تمسح دموعها: لاء انا هكلمه دلوقتى واحكيله، وان كان هو كمان مش عايزنى اشتغل مش هشتغل.
فكرت بهيرن قائله: لاه متتصليش عليه وتخلعيه عليكى استنى لما يعاود.
فوفا: بهاء عنده حق استنى احسن مش انت قولتى هو خلاص بقيله اسبوع.

ميرو: ولو كده كلمى مدام ليله تقعدى من الشغل الفتره دى.
بهيره: هو ده الكلام الزين.
ميرو: وبعدين يابنتى كلنا اتوبخنا امبارح بسبب التاخير.
فوفا: زى مانكون كنا بنلعب، متزعليش نفسك بقا وهتتحل.
دينا: خلاص هكلم مدام ليلى لما تيجى، وهمشى ومش هرجع الا لما بابا يرجع، ويشوف حل مع ابنه.
ميرو: طب يلا تعالو نغير ونجهز عشان الشغل زمان الزباين جاين.

دخلن الى الغرف لتغير ملابسهم، جلست بهيره تفكر وتتذكر وهى فى البلد، كيف كان شاكر يعاملها بقسوه، حتى دون ان ترتكب ذنب، وتذكرت ضربه لها عند بكاءها على عمتها، قطع تفكيرها صوت فوفا التى خرجت من الغرفه، وهى تقول لها: انت طبعا ياعم محدش كلمك فى حاجه ترجع وقت مايعجبك.
قالت بحزن: انا عايش لحالى.
اتت ميرو هى الاخرى وقالت: وايه يعنى كفايا انك وانت مروح محدش بيبصلك بصه كده ولا كده.

خرجت دينا هى الاخرى قائله: انتو هتقرو عليه متتلمو يابنات.
فوفا مازحه: نقر عليه بس، ده احنا هنحسده كمان بيقولك عايش لوحده يعنى حاجه مزاج.
بهيره بحزن: مين جالك، الوحده واعره جوى ومحدش يتحملها.
دينا: اوعى تزعل دول بيهرجو معاك، هما بس زعلانين لان كلنا اتبهدلنا امبارح عشان التاخير.
بهيره: انا فاهم ومزعلانش يلا نشوف شغلنا ونجهز المكان زمان مدام ليلى جايه.
فوفا: عندك حق يلا بينا.

بدأ الجميع فى تجهيز المكان، زاد تفكير بهيره فى الامر اكثر، وكأن كل ما حولها يحثها على هذه الفكره المجنونه، وفى المساء بحثت اكثر على النت لكنها لم تفهم المقالات العلميه جيدا، فقررت ان تبحث عن طبيبه، وتذهب اليها وتتحدث معها فى الامر، فقد تجد عندها مايريحها اما بالاستمرار وتكملة هذا الامر، او الروجوع عنه، بحثت على النت ووجدت طبيبه قريبه من سكنها، فاخذت عنونها واتصلت بها وحجزت معها موعد بعد ثلاث ايام.

كان عزمى يستعد للنوم واتت رقيه جلست على طرف السرير، فنظر لها قائلا: بتك جالت ايه على العريس بجالها يومين اهه عتفكر.
ابتسمت رقيه قائله: اموفجه عليه الواد زين وميتعيبش.
عزمى: زين يبجا هنعزمهم عندنا السبوع الجاى عشان نتفج ونخلص كل حاجه.
رقيه: اوماله اهو حتى اكده يبجا حدنا وجت كتير نشورها برحتنا منغير منتعجل.
عزمى: لاه العريس مستعجل وبده نكتب وتتدخل فى خلال شهر.

رقيه رافضه: واه ليه يعنى وبعدين اكده مهنعملش فرح للبنت احنا لسانا مخلصناش الحداد.
عزمى: وهما كمان عندهم حداد، وهيعملوش فرح هنعمل عشا للناس اكده، وتروح على بيتها مع دوجزها وخلاص.
رقيه مستنكره: ليه يعنى هى بايره ولا بيره نتسنه ونعمل لها احلى فرح.
عزمى: لاه مهنعملش فرح، هو الراجل عايز اكده وبعدين المهم البت تتستر وخلاص، ومعايزش حديت فى الموضوع ده تانى مفهوم.

عبست رقيه قائله: مفهوم، طب ودواز شاكر هتعمل فيه يه راخر.
عزمى: هنروح نخطبله العروسه اللى بدو اياه، بس الدواز بعد سنه.
رقيه: انا عندى ليه عروسه زينه جوى، وابوها راجل مرتاح بت الحاج دهشور.
عزمى بأعجاب: زينه البت دى بس هيكون مهرها غالى جوى، بس كمان ابوه عنده ارض كتير، يبجا تمام نخلص السبوع الداى، ونروح نخطوبها هى كمان.

رقيه: اوماله نروح منروحش ليه ( واكملت فى عقلها ) هو ماله عايز يدوز العيال ويخلص منيهم ليه اكده، اكيد وراه حاجه ربنا يستر.
وفى الصباح دخلت الى غرفة شاكر قائله: مبروك هنروح نخطبلك السبوع الداى.
ابتسم شاكر: صح الحديت ده ومين العروسه؟
رقيه بتفاخر: بنت عمك دهشور ما انت خابره.
فرح شاكر قائلا: واه دى بت زينه جوى، اهو اكده الدوازات ولا بلاش.
ضحكت قائله: امال هو انا لما ادابلك عروسه ادبلك ايها واحده.

ضحك قائلا: ايوه انا خابر زوجك عالى جوى، رغم انى كان بدى واحده تانيه، بس دى زينه جوى واحسن منيها كمان.
رقيه متفاخره: طبعا ولدى زينة شباب البلد كلها، ومياخدش اجل من اكده.
ضحك شاكر مازحا: طبعا امال ايه؟ بامرة بهيره.
نكزته قائله: اهى غارت فى داهيه متجبيش سيرتها تانى، انما جولى ياواد ابوك اليمين دول بيخرج كتير وحاله متغير متعرفش ليه؟

شاكر متهربا: معرفش، انت خابره انا بروح اجعد مع اصحابى ندخل على النت شويه ونهزرو مع بعض.
فكرت قائله: طب عايزك تعس على الموضوع ده تدبلى اراره ماشى.
ابتسم شاكر قائلا: ماشى بس كله بحسابه عاد.
عوجت فمها قائله: ماشى ياواكل ناسك.
وربطت على كتفه وخرجت من غرفته، قبل ان تنزل الدرج سمعت صوت عزمى يتحدث فى الهاتف، فظلت مكانها تسترق السمع له وهو يقول: لاه اكده كتير جوى ومينفعش انت عارف انى هدوز بتى وابنى.

سكت قليلا واكمل: لاه لاه بردو كتير، يعنى ادفع كلة ده ليه؟! يعنى هو صيحيح اللى هاخده كتير، بس كده مش هتبجا كسابانه، لاه بجولك الحديت اكده مش هينفع، انا جايلك دلوك نتحدت ونتفاهم.
وانهى المكالمه وخرج، كانت تحاول ان تسمع من يكلمه او ماذا يقول، لكن هذا كان صعب لبعدها عنه، فكانت تسمع صوته هو فقط، لكن ماقاله طمأنها انه يفكر فى شغل جديد ليس اكثر.

مر الثلاث ايام واتى موعد الكشف، كانت بهيره تشعر بالقلق والتوتر، لا تعرف ماتفعله صح ام خطاء، فاخذت قرارها وذهبت لعلها تصل الى اجابه تريحها، دخلت العياده كانت عايدة جلديه وتناسليه، يجلس شاب فى اوائل العشرينات على مكتب صغير للحجز، قمحى اللون يميل الى الابيض زو شعر اسود ناعم، وعيون سوداء باسم الوجه، وقفت امام المكتب وسالت بتوتر شديد: لو سمحت كان لى حجز لكشف بالتلفون؟

نظر لها الشاب وتعجب من توترها الشديد قائلا: باسم مين يا فندم؟
ابتلعت ريقها قائله: بهاء الدين حسين.
نظر الشاب فى ورقه امامه وجد الاسم قائلا: ايوه يافندم موجود اتفضل استريح قدامك دورين وتدخل.
هزت راسها بالموافقه وجلست على بعد مسافه، كانت تفرك يدها فى بعض من القلق والتوتر، حاولت اشغال نفسها بالنظر الى اللوح المعلقه فى العياده وقرات مابها،.

حتى اتى موعدها ونادى عليها الشاب قائلا: اتفضل حضرتك بس بعد اذنك ثمن الكشف.
بهيره باحرج: معلش اسف نسيت اتفضل.
اخرجت نقود من جيبها واعتطاها له ودخلت، وقفت امام الباب لحظات تشعر بالقلق والخوف، نظرت الى الطبيبه فهى سيده فى اواخر الثلاثينات، يبدو على ملامحها الطيبه، قمحية البشره تميل الى البياض، ذات اعين عسليه تميل الى الاسود، وابتسامه جميله، ترتدى ملابس واسعه وحجاب طويل،.

، فلاحظت الطبيبه(عبير) وقوفها فقالت: اتفضل يا استاذ اقعد عشان تقولى بتشتكى من ايه؟
تنحنحت وجلست على الكرسى امام المكتب، ظلت صامته تفرك يدها ببعض وتنظر الى الاسفل، فنظرت لها عبير قائله: ممكن حضرتك تقولى بتشتكى من ايه؟
نظرت لها بهيره بقلق وتوتر وتهتهتة فى الكلام ولم تنطق، فهمت عبير ان الامر حساس نوعا ما فقالت: هو الموضوع له علاقه بالذكوره؟

فهزت بهيره راسها بالموافقه دون كلام، اكملت عبير: طب ممكن تقولى بالظبط ايه الحاله عشان افهم؟
اخذت بهيره نفس وزفرته قائله: كنت عايز اعرف معلومات عن التحول الدنسى.
نظرت عبير لشكله وحركته يغلب عليها الجانب الانثوى اكثر من الذكورى، ففهمت ان لديه مشكله نفسيه كادت تطلب من الذهاب لغيرها، ولكنها ترجعت لانها شعرت ان الامر ورأه سر، وقد تتسبب فى تدمير حياته، ففكرت قائله: انت عايز تتحول؟

فكرت بهيره وردت قائله: بفكر فى الموضوع يعنى بس مش خابر عنه حاجه.
عبير: طب مين اللى شار عليك بيه؟ وليه عايز تتحول؟
بهيره بتوتر: محدش شار عليه بيه، انا سمعت عنه وجولت اسأل عليه يعنى.
اخذت نفس وزفرته قائله: من لهجتك باين انك صعيدى، ومتخيلتش ابدا ان ممكن واحد صعدى يفكر يقلب.
تنبة بهيره انها فهمت انها تريد ان تتحول لانثى فقالت: لاه انا معيزاش اتحول لست اناعايز ابقا رادل.

لم تفهم عبير قائله: اه عندك مشكله وعايز تعالجها يعنى؟
ابتلعت بهيره ريقها قائله: لاه انا عايز ابجا رادل.
نفخت عبير قائله: ما انت شكلك راجل ايه المشكله اللى عندك ممكن توضح؟
ترددت بهيره واحذت نفس وزفرته قائله: لاه انا مش رادل انا حرمه.
وخلعت الشارب من وجهها ونظرت الى الطبيبه، صدمت عبير قائله: انتِ بنت مش ولد؟

هزت بهيره راسها بالموافقه ونظرت الى الاسفل بانكسار، فهمت عبير انها فى حالة يأس وهذا ماجعلها تفكر بهذا الامر، ففكرت قائله: طب قولى اقصد قوليلى اسمك ايه وليه عايزه تتحولى؟

تنهدت بهيره بالم وكسره قائله: اسمى بهيره، وليه عايزه اغير لاسباب كتيره، ملهاش عدد، ابسطها انى اجدر اخد ورثى واعيش زى الناس، انى اجدر امشى وانا رافعه راسى منغير مااحس انى عار لحد او حمل عليه، انى اجدر اجف للظالمنى بجوه منغير ما اخاف، انى مبجاش مظلومه ومنكسره بس لانى حرمه، ومش زينه زى باجى الحريم، مليش حج حتى اختار خلجاتى، مش بس الراجل اللى هعيش معاه باجى عمري.

حاولت بهيره ان تمنع دموعها من النزول، لكنها باغتتها وفرت، لتخرج معها بعض ما بداخله من الم، لتخرج صرخة تختبئ داخلها، لم تعد تحتمل البقاء، تريد ان تسمعها لكل جمادٍ اصم، ليس فقط لكل انسان، لعل احد يشعر بها ويخفف عنها هذا الالم، شعرت بها عبير وفهمت المها فهى امرأه وتعرف معناتها، وشعرت ايضا ان التحول لم يكن خيارها، بل هى فكره اتتها ولم تحسم امرها، فقالت: طب يابهيره انا هقولك كل اللى عايزه تعرفيه عن التحول، بس الاول لازم تحكيلى ايه اللى حصلك فى حياتك اللى فاتت، وخلاكى تلبسى لبس الرجاله، وتركبى الشنب ده؟

سكتت بهيره للحظات وترددت بعض الشئ، وقصت عليها كل ما حدث معها، وكأنها كانت تريد ان تخرج ما بداخلها، فقد يريح هذا قلبها، كانت تبكى بمراره والم وهى تحكى، تاثرت عبير جدا من كلامها وانهمرت دموعها، نظرت لها قائله: ياه يابهيره ده اللى انتِ شوفتى فى عمرك الصغير، كتير قوى ياه يا بنتى بجد وجعتى قلبى.

زادت بهيره فى البكاء قائله: انا عمرى ماجولت لاه على حاجه، وكنت راضيه بجسمتى ونصيبى، كنت راضيه اعيش فى بيتى خدامه بس اعيش وست اهلى، كان عندى امل لما ادوز ارتاح، بس حتى ده استخسروه فيا، ليه عملتلهم ايه مش انا اللى خلينى عفشه، ده امر ربنا وانا راضيه بيه، بيحاسبونى عليه ليه؟
مسحت عبير دموعها وتعجبت قائله: يعنى لو كان ابن عمك هيعاملك حلو كنتى اتجوزتيه؟

بهيره ببكاء: ايوه، انا كان كل حلمى رادل اتحاما فيه، رادل يبجى سندى وظهرى، يحمينى ويحاجى عليا، يبجا كل دنيتى وابجا كل دنيته، يكون ابوى واخوى ودوزى وكل عمرى.
تاكدت عبير انها لاتريد التحول حقا، لكنها تريد ان تكون قويه، وفهمت ان الامر لن يكن سهل، اخذت نفس وزفرته قائله: طيب بصى يا بهيره بعد كل اللى حكتيه ده لازم تفكرى كويس قبل ما تاخدى قرارك.

بهيره بانكسار: انا مبجاش عندى شئ ابكى عليه، انا عايز اعيش منغير مابجا ضعيفه تانى وبس.
عبير: طب زى ما قولتلك الموضوع هياخد وقت، وممكن تتاكدى من ده على النت، هعملك كارت كل مره هاتيجى هتدخلى بيه، وهنبدأ العلاج اللى قبل العمليه، بس لازم تنفذى كل اللى اقول عليه.
بهيره: حاضر ياست الدكتوره هنفذ اللى تجولى عليه.
عبير: ركبى الشنب تانى قبل ما تخرجى، وهحدد لك مواعيد فى غير وقت العياده، عشان هنقعد مع بعض كتير.

قامت بهيره قائله: طب احدتك فى التلفون اسألك على المواعيد ولا هتجوليها دلوك؟
عبير: لاء هتصل بيكى اقولك.
وضعت الشارب وثبتته جيدا وخرجت، جلست الطبيبه تفكر ماذا ستفعل معها.

دخل عزمى الى غرفة شاكر اعطاه بعض النقود قائلا: بكره من الصبح تاخد اختك وتدلو تديب لها شوارها.
شاكر: طب واخدها معايا ليه ما جيب انا وخلاص؟!
عزمى رافضا: واه ماهى لازم تروح وياك عشان تنجى حجاتها بنفسها، امال هى اى بنته عاد، وكمان هاتلها كل اللى نفسها فيه الفلوس معاك ولو بدك زياده خد من امك فاهم.
شاكر متعجبا: اش عجب عاد يعنى كل اخواتى اتدوزو مشوفتكوش خدتو واحده دبتولها شوارها؟!

عزمى: لاه كنا بناخدهم ويانا بس انت مفكرش انا لازما اديب لها احسن اشوار عشان متبجاش فى بت احسن منها.
شاكر: مافكرش صراحه غير البت بهيره.
غضب عزمى قائلا: بهيره دى كانت شكل تانى، كان لازم نكسر نفسها، عشان مترفعش راسها جدامى ابدا، وتيجى وتجول عايزه حجى فهمت.
شاكر: اه فهمت.

تركه عزمى وخرج، رن هاتفه فنظر به وتلفت حوله، تأكد من عدم وجود احد، فدخل غرفته واغلق عليه الباب واجاب قائلا: ايوه يا حاج درغام هاه عملت ايه؟
درغام: كلمتها بس هى مصره على المية فدان، وبتجول معايزاش دهب ولاحاجه، حتى الدار ممكن تعيشو فى دارها.
عزمى: بس اكده كتير جوى انا معنديش غيرهم، كيف اديهم لها كلهم؟

درغام: واه ما انت هتاخد كمان كتير، انت ناسى ان الميه وخمسين فدان ابتوعها هيكون تحت يدك، وبعدين دول فى مكان زين جوى.
عزمى: انا خابر بس انا معيزش ابجا معيش حاجه خالص اكده، يعنى انت عارف انا بدوز البت وهدوز الواد يعنى لازما يكون معايا فلوس، واكده كتير.
درغام: اسمع ياعزمى لو مش جدها خلاص، فى اكتر من واحد بد اياه، ده غير ان البت نفسها زينه جوى، يعنى هتبجا ليك هى وفلوسها كمان، وملهاش حد واصل.

عزمى: انا خابر الحديت ده بس...
قاطعه قائلا: مبسش ملوش لزوم الحديت ده، عايزها يبجى تنفذ طلبها، معايزهاش خلاص همل الموضوع كلاته من الاساس.
اخذ عزمى نفس وزفره قائلا: زين الكلام من هنا لحدت لما ادوز البت هفكر واخد قرارى.
درغام: وانا كل اللى اجدر اعملهولك انى احلج عليها لحد متخلص.
عزمى: يبجا اتفجنا.

انهى معه عزمى المكالمه وشرد يفكر ويقول فى عقله: واااه هى البت تستاهل صُح، وكمان كيه مجال ملهاش حد يعنى كل حاجاتها هتبجى ليا، وبعدين ابجا اخليها تعملى توكيل عام وانا ابجا اتصرف المهم ان الارض متضعش من يدى.
دخلت رقيه الغرفه فزع عزمى من صوت فتحت الباب قائلا: ايه ده يا حرمه مش تخبطى ولا تعملى حس خلعتينى.

تعجبت رقيه قائله: واه خلعتك ليه عفرين انا اياك! وبعدين من ميته وانا بدج عليك الباب عشان ادخل! مالك بيك يا ابو شاكر؟
قام عزمى غاضبا وتركها وخرج وهو يقول: بلا ابوشاكر بلا كلام ماسخ اوعى اكده عكرتى مزاجى.
وتركها وخرج عبست قائله: لاه الموضوع اكده وراه حاجه ولازما اعرفها.
امسكت هاتفه وطلبت صفيه لحظات واجابت قائله: كيفك يا رقيه؟
رقيه: زينه الحمد لله بجولك متعرفيش ايه اللى شاغل رداله البلد اليومين دول؟

صفيه بمكر: لاه معرفاش ( واكملت فى عقلها ) هو انا هبله عشان اجولك ودوزك يهمل البت ودوزى يجرى ورها.
رقيه متحيره: واه يا ولاد يعنى مين اللى يعرف عاد ده انت دوزك كبير البلد كلها.
صفيه: واه وانا اعرف منين؟انت خابره انهم بعاده بيتكلمو جدام الحريم، وانا مصدجت الحاج راج بعد ماكان زمجان منى، عشان موضوع بهيره اللى معرفتش اخلصه، فهملينى لحالى انا هروح عشان عنا ناس ووريا وكل.

وانهت المكالمه امسكت رقيه الهاتف بغضب قائله: بتتلأمى على يا صفيه، عموما اروج بس من دوزة البت، وانا هعرف كل حاجه.
وكانت تنظر باصرار ومكر.

كانت عبير تجلس فى عيادتها على مكتبها تفكر ماذا تفعل، فهى منذ تركتها بهيره وهى تفكر فى الامر، اتتها فكره، فنادات على الشاب الذى يعمل معها، فاتى اليها نظرت اليه قائله: اقعد يا على عايزه اتكلم معاك شويه.
جلس على امام المكتب قائلا: اءمرى يا خالتو فى حاجه؟
ضحكت قائله: ايه خالتو دى ياواد انت كبرت على كده، وبعدين اوعى تقولى كده قدام الزباين.

ضحك قائلا: هو فى النهادره زباين اصلا؟! انا مش فاهم انت جايه ليه يوم احازتك؟!
عبير: حاله شاغله دماغى فقولت اجى افكر فيها هنا، وكمان عشان هحدد لها معاد فقولت بدل ما اكلمك فى التلفيون اجى احسن.
على: واضح انها حاله صعبه قوى.
عبير: بقولك ايه انت مش بتاخد فى علم النفس بتاعك ده التأهيل النفسى؟
أبتسم قائلا: تأهيل ايه بالظبط؟
عبير: تسمع عن حالات التحول الجنسى؟

على: اه طبعا انا قريت عنها كتير بس دى فيها جزء سلوكى مش تأهيل نفسى.
عبير: طب كويس يبقا هتقدر تساعدنى فيها.
على متعجبا: بس ده مش تخصصك يعنى ايه اللى جاب الحاله دى ليكى؟
ابتسمت قائله: ربنا ساقها ليا عشان محدش يضحك عليها، هى بنت غلبانه الدنيا جت عليها قوى وملهاش حد يساعدها، وانا مش عايزها تقع فى ايد حد يستغل جهلها وحاجتها ويضرها.
على: فهمت طب وانت هتساعديها ازى؟

عبير: هو ده اللى بفكر فيه عايزها ترجع عن قرارها ده.
على: فى فى دماغك طريقه هتعمليه؟ وايه اقدر اساعدك فيه؟
عبير: هى الفكره موجوده بس لسه بظبطها، وهقولك هتساعدنى ازى بس المهم عندك استعداد ولا لاء.
على متحمسا: اكيد طبعا طلما هساعد شخص مظلوم يبقا اكيد معاكى.
عبير: تمام قولى بقا معاد اخليها تيجى فيه، يكون معاد ثابت لها كجلسه اسبوعيه، ويكون مناسب ليك؟

على: انا معنديش اى مشكله اى يوم يعجبك، انت عارفه انا موجود هنا كل يوم، ان مكنش عشان العياده يبقا عشان الحجز وجلسات الليزر.
عبير: طب خلاص هكلمها دلوقتى، واتفق معها على معاد.
امسكت الهاتف وطلبتها لحظات واجابت قائله: اهلا ياست الدكتوره.
عبير: اهلا بيكى يا بهيره اختارى يوم من دول يكون الجلسه الاسبوعيه بتاعتك، الثلاث / الخميس / السبت الساعه تسعه الصبح.

بهيره: مخبراش اجولك خليها الثلاث عشان بيبجا الشغل حدنا جليل فى الكوفير، ومش هيتدايجو لو اتاخرت.
عبير: تمام اتفقنا يبقا اعلمى حسابك اول جلسه الثلاث الجاي هستناكى.
وانهت معها المكالمه ونظرت الى على قائله: كده خلاص تعمل حسابك كل ثلاث هتيجى البنت عشان نبدأ معها العلاج.

على متعجبا: معلش يعنى يا خالتو ممكن اعرف ايه سبب مساعدتك ليها؟ يعنى انا عارف ان وقت بيتك مقدس جدا، ولا يمكن تفرطى فيه الا لحاجه كبيره قوى؟
ابتسمت قائله: لانها لمست جرح جويا، انت عارف اللى حصل، واكيد فاكر ازى اخوات جوزى عملو مشاكل بعد ما جوزى مات، وكانو عاوزين ياخدو حق بناتى، و المشاكل والخانقات اللى حصلت.
على: اه يعنى انت شوفتى فيها بناتك.

تنهدت بحزن: فعلا لو مكنش عندى اخوات رجاله، يقفو جنبى ويساعدونى، ويجبولى حقى، كان زمان بناتى حالهم زى بهيره، بس الحمد لله ربنا كريم.
ابتسم متحمسا: الحمد لله، انا بقا متحمس جدا، اعرف ايه حكاية بهيره.
عبير: اسمع يا سيدى حكليك كل اللى حصل معها، وكل اللى حكتهولى.
قصت عليه كل ماحدث لها امتلاءت عينه بالدموع قائلا: معقوله فى ناس بالشكل ده ايه القسوه دى.
عبير: اللى وجع قلبى طيبة.

البنت، اللى مش عايزه منهم غير انهم يخلوها واحدها منهم وبس، كانت راضيه تعيش وسطهم خدامه، بس يكون لها اهل، كانت مستعده تسبلهم كل ثروتها، لو لقيت منهم شويه حب وحنان، عارف لو لقيتها متمرده كنت قولت تستاهل، لكن حتى لما خرجت من البيت راحت لعمها تسنتجد بيه، ماكنتش عايزه غير انها تاخد ابسط حقوقها وبس، ما دورتش على اى حاجه تانيه.
على: بس اللى بالوصف ده متفكرش انها تتحول، دى شخص راضى ومستسلم.

عبير: وده اللى ملخبطنى وخوفنى، انها وصلت للحاله اللى تخليها تفكر فى ده، تبقا وصلت للياس.
ابتسم على قائلا: بالظبط اليأس هو اللى خلها تفكر فى كده، وده اللى يخلى الموضوع صعب.
عبير: واحساس البنت ان شكلها وحش مخليها شايفه ان هو ده الحل بالنسبه لها، هى صحيح خيفه ومتردده بس كل اللى حوليها بيخليها تقتنع بده.

على: للاسف المجتمع وكل اللى حوليها هيصعبو الامور علينا، انا معاكى فى اى حاجه اساعد بيها المسكينه دى، اللى زى ديه محتاجه اللى يحسسها ان الدنيا لسه بخير وفيها امان. ( واكمل فى عقله ) يا رتنى كنت اقدر اعملها حاجه اكبر، بس ده اللى اقدر عليه، ظروفى صعبه، وبشتغل عشان اجيب مصاريف جامعتى واساعد اهلى، وابويا ظروفه متلخبطه وعنده اللى مكفيه، غير اخواتى البنات اللى حامل هم جوازهم، يعنى يادوب عايش.

واخذ نفس وزفره حزيناً فهو يعلم صعوبة هذا الامر فما تعرضت لها قد يجعلها تصر على التحول وقد لا تجدى كل محاولتهم.

دخلت بهيره الى المحل قائله: كيفكم يا بنات؟
ميرو: الحمد لله
فوفا: معرفتش مش دينا رجعت الشغل النهارده.
بهيره: صُح طب خير لكن كيف اخوها هملها؟

خرجت دينا من الداخل قائله: بابا رجع، واصلا من ساعت ما قعدت فى البيت وهو كل ما يتصل ليقينى، فاستغرب وسال وماما قالتله اللى حصل، كلم اخويا وبهدله وقاله اياك تمد ايدك عليها تانى، وجابله شغلانه عند واحد صاحبه، قاله يعنى اختك البنت نازله تشتغل وانت قاعد فى البت زى خبيتها.
ميرو بسعاده: ربنا يخليهولك يارب.

امتلاءت عين دينا بالسعاده قائله: امين يارب فرحت قوى لما عمل كده جابلى حقى ونصفنى وحسسنى انه سندى وامانى.
دخلت ليلى قائله: ازيكم يا بنات وحمدالله على سلامتك يا دينا.
ميرو: الله يسلمك يا مدام.
دينا: تسلمى يارب انا رجعت من النهارده وبامر الله هبقا معاكم على طول.
فوفا: بقولك ايه يا مدام متعرفيش تشغلى اخويا معنا هنا؟

ليلى: هو حاليا مش هينفع، ممكن بعدين لو ربنا كرمنا كده ووسعنا المحل، لكن دلوقتى يادوب هو على قدنا.
فوفا: اصله بيدور على شغل بقاله فتره وزهق مش لاقى.
ليلى: طب اسمعى هاتيه يشتغل عند الكوفير الرجالى اللى جنبنا، هو محتاج شباب وانا هكلمه له.
فوفا: تسلملى يارب هكلمو دلوقتى واقوله.
ليلى: يلا جهزو المكان جايلنا عروسه النهارده.
بهاء: بجولك يا مدام ليلى انا هتاخر بكره شويه.
ليلى: براحتك بكره معندناش شغل كتير.

بدأن العمل وكانت بهيره شارده تتذكر والدها وتتحسر على حالها، واذا بشاب فى منتصف العشرينات يقف عن الباب قائلا: صباح الخير فوفا موجوده لوسمحت؟
نظرت اليه قائله: مين حضرتك وعايزها ليه؟
الشاب: انا سيف اخوها هى اتصلت بيا عشان شغل.
بهيره: اهلا بيك هعيطلك عليها.
سيف متعجبا: وتعيط عليها ليها هى حصل لها حاجه؟
تنبهت بهيره انه لم يفهم قصدها فابتسمت قائله: معلش انا صعيدى واعيط عندنا يعنى انادم عليها.

ضحك سيف قائلا: طب تمام فهمت عيط عليها براحتك ياعم.
عبست بهيره ودخلت خبطت على باب غرفتهم، فبها زبونه ولا يمكنها الدخول، ردت عليها ميرو من الداخل قائله: ايوه يا بهاء فى زباين جت؟
بهيره: لاه بس اخو فوفا جاه خليها تاجى.
خرجت فوفا مسرعه نظرت فى المكان قائله: امال فين مدام ليلى؟
بهيره: خرجت راحت تجيب شويه حاجات وجايه.
فوفا: طب معلش يا سيف خليك شويه لحد ما ترجع، اهو تقعد تسلى بهاء بدل ماهو قاعد لوحده.

سيف: ماشى خلاص شوفى شغلك انت.
وتحرك وقف بجانب بهيره، التى انتفضت وبعدت عنه تعجب من تصرفها فهو يرها رجل قائلا: ايه مالك ياض انتفضت كده ليه انشف كده ده.
تنبهت بهيره انها لم يكن عليها ان تبتعد، فهى من المفترد انها رجل مثله، فتحنتحت قائله: معلش اصلى كنت سرحان شوى.
خبط سيف على كتفه قائلا: وسرحان فى ايه ياعم؟

كادت بهيره تقع من الخبطه ولحقت نفسها واستند على حائط قريب منها قائله بعبوس: بجولك ايه محبش التهريج باليد ضحك من بعيد.
ضحك سيف قائلا: ايه ده انت خرع قوى ياد، اسمع ايه رايك نبقا اصحاب؟ وانا هعلمك وكحرتك.
نظرت اليه بعدم فهم قائله: هو يعنى ايه تكحرتنى دى اوعاك تكون شتيمه؟
زاد فى الضحك قائلا: لاء ده انت عسل احنا خلاص بيقنا اصحاب.

دخلت ليلى وضعت بعض الاشياء ونظرت على سيف قائله: مين ده يا بهاء وداخل ليه جوى الكوفير.
اجاب سيف قبل ان تنطق بهيره قائلا: انا سيف اخو فوفا، وجيت عشان الشغل، ولما ملقتكيش اقعدت استنا مع بهاء.

نظرت اليه ليلى والى ملابسه، فهو يرتدى بنطال جنس مقطع وقميص احدث صيحه، وشعره مصفف بأحدث القصات الغريبه، التى تاخذ بعض من الشعر وتترك البعض، واشارت قائله: تمام ماشى تعال معايا هوديك الكوفير الرجالى بس اوعى تكسفنى معاه.
سيف وهو يخبط على رقبته: راقبتى يا ابله متخفيش هشرفك.
ليلى: تعرف فى الحلاقه؟
فرك فى راسه قائلا: صراحه يا ابله لاء بس اتعلم.
ليلى: طب تمام يلا تعالى وريا.

خرجت ليلى وقبل ان يلحق بها، خبط على كتف بهيره برفق قائلا: سلام يا صاحبى نتقابل باليل.
بهيره بضجر: روح اكده ملكش صالح بيا واد رخم.
ضحك سيف قائلا: ايوه انا رخم وهصاحبك رخامه سلام.
وخرج وهو يضحك ظلت بهيره مكانها منزهله من تصرفه، فهى لم تتعامل مع رجال من قبل على انها رجل، ولكنها تخطت الامر وعادت الى عملها، وفى المساء تهربت منه كى لا يرها،.

واسرعت بالعوده الى بيتها، وما ان وصلت الى نهاية الدرج، الا ووجدت حازم يقف امامها، ففزعت ورجعت على الخلف، ووضعت يدها على الشارب لتتاكد من انه مثبت جيدا، ارتبك حازم قائلا: اسف مجصديش انا كنت نازل.
اشارت بهيره بيدها: طب اتفضل(بتفكير) انما معلش انت كنت عتمل ايه اهنه فى السطح؟!
حازم: انا متعود من ايام عمى عمري انى اجعد اذاكر اهنه، لو ده هيضايجك مهاجيش تانى؟

بهيره: لاه مهياضاجنيش ولا حاجه انا اصلا برجع من الشغل متاخر.
كان حازم ينظر الى وجهها ويتحقق من ملامحها، فهو لا يعلم انها بهيره ومتعجب من الشبه الشديد بينهم، امتلاءت عينه بالدموع ففر هاربا من امامها، تعجبت جدا من تصرفه وظلت ترمقه بنظرها حتى اختفى، دخلت هى الاخرى غرفتها شارده تفكر فى امره، فقد رات الدموع فى عينه، ولكن لا تفهم سببها، هل كل هذا هو الشعور بالذنب، ام ان هناك امراً اخر.

اتى عزمى الى منزل درغام، وجلس معه فى غرفة الضيوف قائلا: انا ديت اهو حسب الاتفاج وين العروسه؟
درغام: دوى هتاجى حالا بس هى كانت مستنيه جيتك.
دخلت نواره قائله: السلام عليكم.
نظر اليها عزمى بنظرة اعجاب قائلا: وعليكم السلام، اهلا بالعروسه، انا جيت اهه كيه ماطلبتى عشان نتفج.
نظرت نواره الى الاسفل بخجل: انا مطلبتش حاجه، دى الاصول، مش اكده ولا ايه يا حاج؟

اجاب درغام: ايوه طبعا ومحدش يزعل من الاصول يا عزمى.
عزمى: وانا بحب الاصول.
نواره: اللى ملهوش كبير بيشترى له كبير، وانا واحدنيه ومجطوعه من شجره، والحاج دراغام هو كبيرى.
درغام: ربنا يكرمك يا بتى، ها جول اللى عندك يا عزمى؟
عزمى: بصى يا بت الناس انت خابره زين انا مين، وحدايه ايه يبجا لزومه ايه المية فدان مهر دول؟

نظرت اليه بعتاب وعادت للنظر الى الاسفل قائله: واه مستكتر عليا مهرى؟ ولا اكمنى واحدنيه وملياش حد يعنى.
عزمى: مش الجصد بس يعنى...
قاطعته قائله بدلع: مايعنيش هما دول ضمانى، ان مرتك متعملش معايا حاجه، وانت خابر اللى عملته معايا زمان، ودولوك كمان.
عزمى: ماهو يعنى ماتتكلم يا حاج دراغام وجول حاجه؟
درغام: ما انت خابره يا نواره انه هيدوز بنته وولده ولو كتبلك الارض كلها حتى داره هتبجى ملك اكده.

نواره: وانا هبجى كلى ملكه، وبعدين ممكن نعيش فى دوارى ما انت خابره، دوار كبير وسيب دوارك لولادك يتدوزو فيه.
عزمى: مخابرش اكده بتصعبيها عليا يا نورا.
قامت نورا وتحركت نحو الباب قائله: والله انت طلبت يدى وده هو مهرى ومعنديش كلام تانى، عن اذنكم بجا.
وتركتهم وخرجت نظر اليه درغام قائلا: انت مكبر الموضوع ليه ما الارض كلها هتبجا ارضك، المية فدان مهرها والميه وخمسين بتوعها، يعنى كله لك محلوله يعنى.

عزمى: والله منا عارف عموما انا هاخد قرارى بعد ما دوزى بنتى.
درغام: براحتك وانا هطلب منها متوافجش على حد، لحدت ماتقرر، بس اعمل حسابك اخرك لحد دواز بتك، وبعد اكده مجدرش اعملك حاجه.
عزمى: اللى فيه الخير يعمله ربنا، بس نبه على الحاجه متجولش لمرتى ماعيزش مشاكل لحد لما اجولها انا.
درغام: متخافش مهتجولش.

هز عزمى راسه فهو متاكد انها لن تخبرها، فهى تخاف على نفسها من ان يتزوجها زوجها بدلا عنه، وخرج وهو يفكر فى الامر ويحسبه جيدا، عادت نواره الى الغرفه ونظرت الى درغام قائله: طب يا حاج كتر خيرك انا كمان همشى دلوك.
درغام: ماتفكرى وتجللى المهر ده شويه، كده بردك كتير؟
نواره رافضه: لاه مينفعش انت عارف ياحاج كيف مارته كسرتنى زمان، ومعيزاش ادخل بيتها الا وراسى مرفوعه.

درغام: دخلتك دى واحدها كفايا انك تبجى اخدتى حجك.
نظرت نواره بحقد وغل: لاه مايكفيش وعموما متشغلش بالك انت، انا خابره انه هياجى وهيعمل اللى بدى اياه.
درغام: براحتك طلما مطمنه.
نواره: حتى لو مداش مفرجاش معاى انا همشى دلوك.
درغام: ماشى يابتى مع السلامه.
خرجت نواره واتت صفيه الى درغام قائله: البت دى مانوياش على خير حذر صاحبك منيها.

درغام: حذرته كتير هو معايزش يسمع الكلام الطمع عامى عنيه، كلمى انتِ مرته وخبريها.
صفيه بتردد: هاه اخبرها لاه ملياش صالح انا بده.
درغام: خلاص يبجا متوجعيش راسى بحديتك الماسخ ده، انا ماشى حداى شغل هخلصه.
وتركها وذهب وقفت صفيه تفكر وتقول فى عقلها: اخبرها وتبعد البت عنها وتجع فى جرعتى انا، لاه، لاه مليش صالح يصتفو هما ويا بعضيهم انا مالى.

اتت عبير الى العياده، ودخلت غرفتها لحظات واتى على، ودخل لها الغرفه قائلا: صباح الخير يا خالتو.
ابتسمت قائله: صباح الورد عليك يا حبيب خالتو اوعى تقول قدامها يا خالتو دى.
ضحك قائلا: لاء متخافيش يا خالتو.
ضحكت هى الاخرى قائله: طب ماشى يا حبيب خالتو اسمع بقا هى زمانها جايه، عايزك تتعامل معها على انها راجل عادى جدا، مش عايزها تحس انك تعرف حاجه، مفهوم؟

على: اكيد طبعا انا فاهم بس انا هدخل معاكى الجلسه النهارده؟
عبير: مش هنبقا محديدين ده من قبلها، ده هيجى كده حسب الكلام معها ودانى لفين.
على: تمام كده فهمت هخرج دلوقتى زمانها جايه.
وتركها وخرج جلس على مكتبه، كان ينتظر رؤيتها، فهو منذ سمع قصتها وهو يحاول تذكر شكلها، يشعر بشئ يجذبه لها لا يفهمه، واثناء ماهو شارد الذهن يفكر بها، دخلت العياده واقتربت من المكتب قائله: الدكتوره موجوده لو سمحت؟

انتبه الى وجودها عندما سمع صوتها، ونظر اليها مثبتً نظره عليها للحظات، مما اربكها وجعلها تظن انها نسيت تركيب الشارب، فوضعت يدها عليه تاكدت من وجوده، وابتلعت ريقها قائله: انت يا استاذ فى حاجه؟
ابتسم قائلا: لا ابدا معلش سرحت شويه ايوه.
اخذت نفس وزفرته قائله: عندى معاد مع الدكتوره ممكن ادخل؟
تعجب قائلا: تدخل هو حضرتك استاذ بهاء؟
امسكت ياقة قميصها قائله: ايوه انا ممكن ادخل؟

اتسعت ابتسامته قائلا: اكيد طبعا بس ممكن بلاش تتكلم صعيدى انت هنا فى القاهره.
ونظر الى عينها فنظرت بعيدا قائله: معلش لهجتى معرفش اغيرها عن اذنك.
فاشار لها بيده مبتسما دون كلام، كان سعيدا جدا لرؤيتها وكان يتمنى ان ينظر لعينها، فهى نظره عابره لكنها ارته الكثير.
دخلت الى عبير جلست امام المكتب قائله: السلام عليكم.
نظرت اليها عبير وابتسمت قائله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلا يا بهيره.

بدالتها بهيره الابتسامه قائله: تسلمى يا ست الدكتوره.
عبير: هاه قولى اخبارك ايه وعامله ايه؟
بهيره: انا زينه والحمد لله.
انتظرت الطبيبه ان تتكلم بهيره لكنها ظلت صامته، فقالت: شوفى يا ستى نظام الجلسات هيبقا كالاتى هتيجى كل اسبوع، تقعدى معايا ونتكلم مع بعض شويه، هسأل شويه اسأله وتجوبى عليها، وانت كمان لو عندك اسأله تساليه، بس اهم حاجه تكونى صريحه معايا ماشى.

نظرت اليها بعدم فهم قائله: طب وده ايه علاقته بالعلاج؟
عبير: انا قولتلك ان العمليه بتاخد وقت قبلها صح.
بهيره: صُح.
عبير: الفتره اللى قبل العمليه دى بتبقا تجهيز وتاهيل نفسى، وكمان بتتعلمى بعض الحاجات، كونك بنت فى حاجات عن الرجاله متعرفيهاش، ومادمتى هتتحولى يبقا لازم تعرفيها.
بهيره: يعنى ممكن تعلمينى كيف اتعامل مع الرداله؟
تعجبت قائله: هو ده محتاج تعليم؟

قالت باعين زائغه وهى تشعر بالاحراج الشديد: اصل انا طول عمرى فى البلد مكنتش اتعامل مع الرداله، ولا الاولاد، يعنى عنا فى الصعيد ده عيبه كبيره، وخصوصى انا كنت عايشه ببيت عمى.
شعرت عبير ان الامر اسهل مما كانت تتوقع، فابتسمت قائله: اه طبعا ان شاء الله الجلسات الجايه هبقا ادربك على ده، انما النهارده عايزه اتكلم معاكى شويه الاول، وكمان لو عندك اسأله هجوبك عليها.

بهيره: عندى يعنى كنت عايزه افهم كيف اتحول من ست ل رادل.
ابتسمت باحراج قائله: فى لها شقين (تنبة انها قد لا تفهم معنها ) اقصد جزئين، الجزء الاول طبى، وده مش هشرحه اصلا هعملك كتيب صغير هيوصلك كل اللى عايزه تفهميه، انت اكيد اخدتى شرح لجسم الانسان فى العلوم؟
تجهم وجهها قائله: خادتو بس مخدتوش يعنى.
مندهشه: ايه دى فزوره؟

ضحكت قائله: لاه بس عنا فى الصعيد الحاجات دى بيعديها اكده، منغير ما يدرسوها، وفى منهم اللى يجول اجروا مع نفسكم، وفى اللى ميجولش وانا المدرس بتاعى مجالش.
عبير: اه يعنى متعرفيش او بالمعنى معلومات عنها ضعيفه.
بهيره: صُح اكده.
عبير: طيب تمام عموما الكتيب هيوضلحك كل اللى محتاجه تعرفيه، كنت عايزه اسالك شوية اساله.
بهيره: اتفضلى.
عبير: انت ايه احلامك يا بهيره؟

تفاجأت من السؤال صمتت قليلا وقالت: تعرفى انى عمرى ماتمنيت حاجه، كنت عايزه اعيش سعيده وخلاص، يعنى لما جبت مجموع يدخلنى ثانوى وعمى مرديش مزعلتش يعنى انا هعمل ايه بالعلام، هو لازم الواحد يبجا عنده احلام؟
تنهدت عبير قائله: طبعا لازم يكون عندك حلم نفسك تحققيه.

ابتسمت بحزن قائله: زمان ايام ماكان ابوى عايش، كان عندى احلام كتيره، بس كلها ماتت وانكسرت لما روحت بيت عمى، بجا كل حلمى انى اتعتج شويه من الهم اللى انا فيه، نفسى اضحك وافرح زى كل البنته، معايزاش حاجه تانيه.
امتلاءت عينها بالدموع، ورات عبير فى عينها من الالم ما يدمرها وينهيها، لا يكسرها فقط، ابتلعت ريقها واخذت نفس وزفرته قائله: طب قوليى دلوقتى مفكرتيش تحلمى بحاجه وتتمنى تتحقيقيها؟

ضحكت ضحكه ساخره وقالت: وهو انا لساتى عايشه؟! ما عمى حكم عليا بالموت وانا حيه، جتلنى بالحيه.
واخذت نفس وزفرته وكانها تخرج نار من جوفها تحرق ما بقى منها، لم تتحمل عبير كم الوجع والالم فى صوتها، وامتلاءت عينها بالدموع، فارادت ان تغير الموضوع قائله: طب قوليلى انت بتشتغلى فين؟
بهيره: بشتغل فى كوفير حريمى.
فكرت قائله: مش غريب انك تبقى لابسه راجل وتشتغلى فى كوفير حريمى؟

لم تفهم بهيره قائله: واه يعنى ايه مفهماش؟
ابتسمت قائله: ليه اشتغلتى الشغلانه دى يعنى؟
بهيره: اه اصل انا معيش ورج وهو كوفير بيبتدى ورضيت تشغلنى على اكده.
لفت نظر عبير تغطيتها لشعرها بكاب ملابسها فاشارت عليه قائله: هو انت ليه مغطيه شعرك على طول بالزعبوط.
وضعت يدها على راسها قائله بتردد: بصراحه يعنى مجدارش اخرج براسى عريانه اتعودت على الحجاب.

هزت راسها قائله: طب تمام كده الجلسه خلصت، ان شاء الله المره الجايه لما تيجى هكون جهزتلك الكتيب وبعدين نتناقش فى تفاصيل العمليه، بس انت عارفه هى هتتكلف كام؟
بهيره: جريت على النت انها هتتكلف كتير بس مش مهم.
عبير: تمام الجلسه الجايه ان شاء الله هيكون معنا شخص عشان تبدأى تتعلمى ازى تتعاملى مع الرجاله.
تفاجات من الامر لكنها صمتت وهزت راسها بالموافقه وقامت وقفت قائله: طب همشى انا دلوك سلامو عليكم.

عبير: وعليكم السلام.
خرجت بهيره وهى تفكر فى كل ما دار بينهم، وتتذكر احلامها وقت كانت طفلها، وبدل ان تذهب لمحل عادت الى غرفتها، فقد احيت بداخلها اشياء كانت تظنها ماتت منذ زمن.
كان على يتابع بهيره وهى تخرج، وتعجب من شرودها فدخل الى خالته قائلا: هى مالها خارجه سرحانه كده ليه؟
لاحظ الدموع فى عين خالته فتعجب قائلا: انت بتعيطى؟!

عبير ببكاء: صعبت عليا قوى كسروها لدرجة انها نسيت انها عيشه، نسيت كل شئ جميل حتى احلامها دفنتها جوها، ايه دول معدومين الاحساس ازى يعملو فيها كده؟
تنهد على قائلا: تعرفى اول مابصيت لعنيها شوفت جوها بنت جميله مسجونه محرُمه حتى من الامل فى الخروج، شوفت فى عنيها كميه من القهر والحزن يحرق بلد.

اكلمت بالم: ازى وصلوها لكده ازى؟ خلوها راضيه بالفوتات، كل حلمها انها ترتاح شويه، كل اللى بتتمناه انها تلاقى ساعه تقعد فيها منغير متحس بخوف منهم.
تالم قائلا: مسكينه خارجت وهى سرحانه، زى ما تكون فجأه اكتشفت انها موجوده فى الدنيا، فجأه اكتشفت انها لسه عايشه وممكن تحلم ( تنهد بألم ).

اخذت نفس وزفرته بألم: انا منغير قصد حطيت ايدى على جرح جواها، بينزف بس هى مش شايفها، ولا عرف مكانه، بس حاسه بوجعه وبتحاول تنساه.
على: صح وعشان كده خرجت وهى فى عالم تانى، عايزه تصرخ من الالم اكتشفت ان الحرج كبير، ومش هتقدر تنسا المه وتعيش، لازم تعالجه بس مشكلتها انها حتى مش عارفه ازى تعالجه.
فكرت قائله: المشكله هنا انا خايفه انها تفكر تدوايه غلط.

اكمل على متفهما: وتتمسك بالتحول بس معتقدش، جوها انثى جميله محبوسه نفسها تطلع للنور، زى طير مكسور الجناح كل امله انه يطير فى يوم، بس من كتر وجعه نسى انه طائر وبيعرف يطير.
ترددت قائله: اتمنى يكون كلامك صح، لان الضغط عليها اقوى منها بكتير.
على: ربنا يسترها.
ابتسمت قائله: بس غريبه انك شوفت الصوره واضحه من اول مره؟

اخذ نفس وزفره حزينا: لاء كلامك عنها، وحكايتها اللى سمعتها خلتنى اقدر اشوفها صح لمست قلبى حسيت بوجعها والمها.
عبير: عموما انا شايفه اننا كده ماشين صح، يلا هسيبك بقا وامشى.
هز راسه دون كلام وهو شارد الذهن يفكر بها، فقلبه يحترق عليها كيف لانسانه بهذه البرأه ان تتحمل كل هذا الالم، فقد رأى فيها برأه لم يرها فى فتاه اخرى.

كانت بهيره تجلس على السرير منذ عادت من الجلسه، وهى وضع القرفساء وتضع راسها بين قدميها، فداخلها يتألم بشده ولا تستطيع ايقاف هذا الالم او حتى تخفيفه، تبكى طاره وتسكت طاره، تريد ان تصرخ حتى يسمع صراخها كل كأن حى، قامت وقفت ونظرت الى نفسها فى المرأه، وهى ترتدى ثياب الرجال والشارب على وجهها، انزلت غطاء الراس ونظرت على شعرها هذبته ونظرت الى صورتها، وانفجرت فى البكاء تذكرت كلمات شاكر وهو يقول: هى دى حرمه دى، ده صاحبه فى انوثه عنها.

وعادت للنظر فى المراه، وخلعت الشارب ووضعت يدها على وجنتها ونظرت الى وجهها قائله: كنت ديما يا ابوى تجولى انت وش الخير وضى الجمر، شوف بجيت عفشه ازى، شوف بجيت لا محصله راجل ولا حرمه، جولى يا بوى هو انا صح ضى الجمر؟ هو انا صح زينه مش عفشه؟ولا عشان انت ابوى كنت شايفنى اكده؟ مخبراش يابوى مخبراش خايفه مجدرش اعيش بالتوب ده، وخايفه كمان مجدرش اخرج منه اه اه اه معرفاش اعمل ايه يابوى اه اه اه يارب صبرنى ودبر امرى وانجدنى مليش غيرك ياخد بيدى الكل هملنى.

وارتمت على سريره وازدادت فى البكاء.

 

 تاااابع ◄