آخر لقاء
في البداية تكون مشاعر الحب والعشق في صورة نظرات إعجاب تتطور مع مرور الزمن، ومن بعدها يصبح المرء منا محبا لمن أعجب به، وبعدها يصبح شاعرا يتفوه بأجمل كلمات الغزل، والمحب الحقيقي من يكون صادقا بكل كلمة يعبر فيها عن حبه.
آخر لقاء
وردها اتصال من حبيب قلبها، يختلف به كل شيء عن طبيعته فلا نفس الصوت المعتادة عليه، ولا نفس اللهفة والحنين، بل تأكيد وإصرار على المقابلة خلال لحظات…
أريدكِ حالا بنفس المكان الذي اعتدنا الذهاب إليه!
لم تستطع الفتاة تحليل محتوى الاتصال، بل جعلت نفسها تشعر بالقلق والحيرة، راودتها الكثير من الأفكار السوداء، أيريد أن يتركني بعد كل هذا الحب الذي ضمنته له بقلبي وبكل كياني؟!
على عدالة من أمرها وبقلب تملأه الكثير من الأسئلة التي حيرت عقلها ارتدت ملابسها متجهة لمكان اللقاء، وصلت قبله، جلست تتذكر لقائهما الأول، لقد كانت جالسة بنفس المكان وعلى نفس الطاولة، كان أمامها كوبا من القهوة الساخنة وبيدها الراوية التي تحب دوما قراءتها من آن لآخر، وإذا بشخص يقف أمامها مثبتا نظره عليها، لا تحيد عينيه عنها لا يمينا ولا يسارا.
وعندما أنزلت الرواية عن وجهها وجدته يبتسم في أجمل ابتسامة ممكن أن تراها عين، لقد أسر عليها قلبها على الرغم من كونها دائما طول حياتها صعبة المنال ولا تكترث مطلقا لأمور الحب إلا أنها أمام ابتسامته وعفويته الساحرة أعلنت استسلامها تماما، لقد وقع قلبها في عشقه.
جلس معها دون سابق إنذار أو استئذان منه، دخل معها في حديث على الفور…
أتعلمين لطالما أردت الحديث معكِ، أتعلمين أنني أردت محادثتكِ من خمسة أعوام حين التقيت بكِ لأول مرة بحياتي، ومن حينها وقد أسرتِ علي قلبي.
الفتاة تصرفت بتلقائية شديدة معه، لم تمنعه عن حديثها ولا رقتها، بل بكل مرة كانت تجلس فيها تنتظر قدومه وبالفعل كان الشاب في انتظارها دوما ولم يتأخر عنها يوما.
ازدادت صلتهما ببعضهما البعض، صارت بينهما قصة حب من أقوى أنواعها، حبا طاهرا عفويا لا تشوبه شائبة، تعددت رؤية كل منهما للآخر، مر على حبهما قرابة الثلاثة شهور، وأتاها اتصاله يريد رؤيتها على الفور، واصلت التفكير في السبب وراء إصراره على مقابلتها على الفور، هل أخطأت في حقه؟!، هل فعلت ما يضايقه؟!
تقريبا عصرت الفتاة ذاكرتها لتجد شيئا يذكرها بسبب وراء ذلك الإصرار الذي اتضح في حديثه، وإذا هناك بشخص خلفها يضع علبة حمراء أمامها، ويلف ذراعيه من حولها، ويقوم بفتح العلبة وإذا بها دبلتين وخاتما من الذهب الأبيض المرصع بالألماس، ذهلت الفتاة من هول ما حصل معها، وكيف أن الله سبحانه وتعالى أبدل سوء ظنها بجميل صنعه، للحظات شكت الفتاة بأمر من أحبه قلبها وعشقه عشقا بأن إصراره الشديد وغضبه بالمكالمة دليلا على نيته السيئة بقطع علاقته بها، وأنه لا يريدها إلا ليكون اللقاء الأخير بينهما.
ولكن الشاب توج لقائهما بدليل قوي على تحويل الحب بينهما لبداية حياة جديدة عنوانها المودة والرحمة، حياة تبعد عن كل العالم من حولهما، تجعلهما يتفصلان عنه كليا، ويعيشان حياة خاصة ليس بهما إلاهما، وبعد مدة من الزمن لا يعلمها إلا الله تتوج قصة زواجهما بطفل صغير دليل على مدى الترابط بينهما، طفل صغير يعيشان لأجله فتصفو الدنيا وتزيد السعادة والمحبة والعشق والهناء.
لم يقدم لها عرض الزواج إلا لرغبته في أن تكون ملكا له، يراها بكل وقت وفي كل حين، لا يقضي الساعات الطوال حتى يلقي نظرة عليها من بعيد ويرحل، لقد كانت حبيبة قلبه الذي يتمناها أن تكون دائما بجواره، يضمها وقتما شاء ويقبلها وقتما شاء، يزيل مجرد التفكير بل يفعل معها كل ما يريد، إنها حقا فتاة قلبه التي توجها بالزواج منه وجعلها حرما له يفتخر بما انتقاه قلبه وعقله لأجله بين كل البشر.