-->

رواية أحفاد أشرار الجزء التاسع عشر

 

 

 بالصباح الباكر ...
ولج حينما أستمع أذن الولوج،رسم بسمته العذباء قائلاٍ بثباته الذي لن يتخلى عنه رغم بسمته!..
_صباح الخير يا ست الكل ...
حملت سجادة الصلاة ثم طوتها ووضعتها على الأريكة بحرص قائلة بفرحة عارمة لوجوده _صباح النور يا روح قلبي ..
أقترب عدي منها ثم أنحنى ليقبل يدها قائلاٍ بوقار_تقبل الله  .

.
وضعت آية يدها على شعره الغزير ببسمة هادئة _منا ومنك أن شاء الله  يا حبيبي ..
نهض ليقف أمامها فتأملته ببسمة بسيطة ثم قالت بصوتٍ مرتبك لعلمها بأنزعاجه بما ستتفوه به
_بتقلب لأبوك ...

تطلع لها بنظرة مطولة محملة بالحزن حينما تذكر سفر أبيه وقلقه على حالته،نعم فمهما كانت التحديات بينهم فهو أبيه بنهاية الأمر،الجميع بالقصر يعلمون بأن علاقة عدي وياسين الجارحي غريبة نوعاً ما ولكن الحائل على الجميع أن الحب يغلفها ! ..
تأملت ملامحه بأهتمام فقالت بتذمر _هموت وأعرف أيه اللي بينك وبينه! ..
أنتشله صوتها من دوامة الفكر المفروضة فأستعاد ثباته من جديد _أنا نفسي ما أعرفش ..

ثم أقترب منها ليحاوطها بذراعيه قائلاٍ بمشاكسة_يمكن حب... تحدي ...عند ...أوعدك لو أتوصل لأجابة السؤال دا أنتِ أول واحدة هتعرفي
تعالت ضحكاتها بعدم تصديق فقالت بسخرية _أنا غلطت بتشبهي ..
ثم أشارت إليه بأن يقترب منها لتهمس  بمرح _أنت أصعب من ياسين الجارحي نفسه  
غمز لها بطرف عيناه المذهبة قائلاٍ بمكر _عارف ..
_أيه دا خيانة ! ..

قالها عمر بمزح حينما رأى السعادة المتبادلة بينهما،أستدارت برأسها ببسمتها الرقيقة _متأخر عن معادك نص ساعة ..
قبل رأسها قائلاٍ بملامح يلفحها الضيق _أكيد بعد اللي شوفته فى المقر لازم أخد كفايتي من النوم،أنا كنت فاكر أن وظيفتي هى الأصعب بس طلع فى الأسوء ..
لم تتمالك ذاتها فتعالت ضحكاتها قائلة بصعوبة بالحديث _عشان تقدر باباك كويس ..

رمقها بنظرة جانبية ثم أستدار ليتفحص بعناية المسافة بينه وبين عدي وحينما تأكد من أنه بمأمن من عدم أستماعه إليه قال بصوتٍ غاضب ومنخفض بعض الشيء_أنا مقدر من يومي هو إبنك دا اللي عامل فيها توم كروز وداخل فى تحديات مع ياسين الجارحي ومجرجرني وراه هتقولي أيه قدري ومكتوب ...
حاولت جاهدة أن تكبت ضحكاتها فأكتفت بمحاولاتها البائسة على لفت أنتباهه لمن يقف خلفها بنظرات كالجمرات، أستدار للخلف ببسمة واسعة _ دعني أفرغ ما بجعبتي يا فتى فأن الأمر يزداد سوءاً منك ومن ياسين الجارحي سوياً ..
تعالت ضحكات عدي فرسمت مزيج من الدهشة والذهول على وجوههم،رفع يديه على كتفيه قائلاٍ بسخرية _طب يلا يا خفيف ..
وأستدار لها ببسمة مبسطة _عن أذنك يا أمي ..
أشارت له بفرحة لرؤية البسمة والمرح تسود الأجواء بين صغارها ...

بالأسفل ...
أشاحت بعيناها عنه حتى لا يرى وجهها المشتعل من شدة الخجل، رفع عيناه يتفحص القاعه فأبتسم بخبث، حاوطها بذراعيه مسترسلاٍ كلماته المعسولة
_بحاول أخليكِ تقتنعي بكلامي مش أكتر ...
قالت ونظراتها بعيدة عنه _ متشكرين على الكرم دا ..
أستند رائد بجذعه على الطاولة هائماً بنظراته إليها ثم قال بمكر_طيب أفهم بتخبي عني وشك ليه ؟ ..

أشتعلت جمرة الخجل فبدت كأنها أمام حرايق هائل، لعنت ذاتها على ما قالته له بالصباح فأصبح بهذه الواقحة ليؤكد لها بأنها خاطئة فهناك عشقٍ يتغلغل بالأعماق فيلامس اسوار قلبه عن تعمد ليكتب حروفها بنفسه حتى لو غابت عن عقله لثوانٍ يقرأ حروفها المختمة على القلب فيسحبه الحنين لها، أرتكب خطأ ذات مرة فتحطم القلب وشوه ذلك الأسم المحبب إليه،  فكلما كان يحاول نسيانها  كان القلب يتأجج بالجمرات لتلمع حروفها من جديد بتحدى سافر بأنه لن يتمكن من نسيانها وكذلك هو، ختم بئر ذكرياته ببسمة بسيطة فرفع يديه على يدها لتنهض من جواره بصدمة_أنت أتجننت صح ؟ ..
ضيق عيناه بسخرية فنهض ليقترب منها بكلماتٍ غامضة _ يعني محاولة أثبات حبي ليكِ جنون ؟! ..

تراجعت للخلف بتوتر وعيناها تجوب قاعة القصر بأرتباك من وجود أحداً !، إبتسم بتسلية وهو يراها بهذة الحالة فتذكر تقربه منها منذ الوهلة الأولى لهم فلا مانع للعودة مجدداً لذكريات تجعله يبتسم كالمجنون مثلما وصفته هي ! ...
شيئاً صلب منعها من التقدم أكثر، أستدارت لتجد ذاتها منحصرة بين الحائط وذراعيه،نظراته تتعمق بعيناها كأنها تتوعد لها بأفتضاح مكنوناتها ! ...
أعطت ألاف الأشارات للسانها بالحديث ولكنه عاجز عن ذلك  ...فالعقل شارد بالعينان والقلب يستمع لطرب نبض الأخر المقرب إليه، تمكنت بعد لحظات مطولة من الحديث ؛ فقالت بصوتٍ يكاد مسموع_ أبعد يا رائد وبطل جنان ..

كبت ضحكاته قائلاٍ بسخرية _أنتِ اللي بدائتي الجنان يا بيبي يبقى تستحملي للأخر ..
رفعت عيناها تتفحص الدرج الداخلي للقصر فزفرت بأرتياح حينما لم ترى أحداً من أبناء أعمامه، شهقت بصدمة حينما رفع يديها يقبلها بعشق ثم تطلع لها قائلاٍ بمكر منخفي بعيناه _أنتِ فعلا صح أنا أنشغلت عنك بأخر فترة بس أوعدك مش هتكرر ..
سحبت يدها سريعاً ثم قالت بندم _لاااا كنت غلط والله أنا أسفة مش هقول كدا تانى ..
كبت ضحكاته بصعوبة ورسم الجدية مرة أخرى _لا يا روحي مش غلط أنتِ صح ...

صاحت رانيا بغضب وهى تراه يقلص المسافات بينهم _لاااا غلط والله أنا غلط سبني بقى أطلع أشوف أولادي لو سمحت ..
جذبها لترتطم بصدره فكور يديها بين كفة يديه خلف خصرها بينما حرر يداه الأخرى ليمررها على وجهها بهمس_متعودتش أخرج من نقاش من غير ما أنهيه وأنتِ اللي أختارتي المكان دا يبقى تستحملي بقى ..

تاهت بعيناه الرومادية قليلاٍ فشعرت بأنها لم تعى معاني الكلمات التى ستتفوه بها !، لم تجد سوى وصفاً واحد لذلك المغرور الشبيه بأبيه رعد الجارحي من وجهة نظرها فحاولت تحرير يديها ولكن فشلت كالعادة  فأستسلمت ليديه برضا تام، إبتسم قائلاٍ بغرور _أحلى حاجة فيكِ يا روحي أنك بتقدري  أقصى حد لطاقتك ..
رمقته بنظرة نارية فتعالت ضحكاته بتسلية لرؤية ملامحها الغاضبة ..

_أيه اللي بيحصل هنا دا ؟ ..
صوتٍ قطع النظرات بينهم،فأستدارت لتجد أبيه أمامهم، جذبت يديها منه ولكنه أبى تركها، تطلعت له بصدمة من نظراته المثبتة عليها رغم وجود رعد الجارحي لجواره ...
وزعت نظراتها بينهم بوجه شبه ناري من شدة الخجل الذي تشعر به، رأف بحالتها أخيراً فتركها ببسمة أنتصار لتسرع للأعلى تهرباً من نظرات رعد،وقف يتأملها وهى تختفي من أمامه تدريجياً بنظرته المشتعلة بعشقها، ثم أستدار لأبيه قائلاٍ  بهيام _صباح الخير يا بابا ..
رمقه بنظرة نارية ثم قال بسخرية _دانت اللي بابا يا عم ...
ثم قال بحدة _طب على الأقل أظهرلي بعض الأحترام !..

أقترب منه ببسمة مكر ثم قال بزعل مصطنع _الأحترام كله لحضرتك أكيد بس أنا كنت بطبق أحد دروسك ليا ..
ضيق عيناه بعدم فهم فأكمل رائد حديثه الماكر _قولت الراجل الناجح هو اللي يقدر يتغلب على مشاكل بيته دون ما حد يتداخل فأنا حاليت أهو دون تداخلك حضرتك اللي جايت فى أخر الصلح مش ذنبي بقى ..
رمقه بنظرة سخرية _تصدق أقنعتني يالا ! ..
رفع يديه بتحية مرحة _تلميذك يا رعد بيه ..
كبت ضحكاته بصعوبة فقال بحذم _طب على شغلك يا خفيف ..

جذب مفاتيح سيارته الموضوعة على طاولة الطعام ثم لوح له ببسمة واسعة _أشوفك بالمقر يا أبو رائد يا عسل ..
وغادر لسيارته سريعاً فأبتسم رعد  قائلاٍ بصوت منخفض _اللي كنت بعمله فى ولاد عمي إبني بيعيد أمجاده ...
وأشار برأسه بخقة فأستدار ليتفاجئ بعز أمام عيناه بنظرات نارية تشيح بالغضب المدفون داخل عيناه، أقترب ليقف أمام عيناه بصمتٍ قطعه بعد قليل بصوتٍ كالجمرات _يحيى فين ؟.

جذبه رعد لغرفة المكتب سريعاً قبل أن يستمع إليه أحداً فدفشه بالداخل بغضب _أبعد عني ...وجاوبني على سؤالي أخويا فييين ؟ ..
أغلق رعد باب المكتب قائلاٍ بضيق _أهدى شوية الله ...
إبتسم بسخرية _لا بجد ! ..واحد يكتشف أن أخوه الكبير مصاب بفشل كلوي ومسافر بره مصر يعمل جراحة خطيرة بدون علمه وعايزه يكون هادي! ..
صاح بغضب_عز أنا مقدر حالتك كويسيحيىكويس وفى ظرف 24ساعة هيتنقل هو وياسين بالطايرة لمستشفي الدكتور اللي بيتابعه فى مصر فأرجوك حاول تتحكم بنفسك عشان محدش يحس بحاجه وبالأخص ملك.

فتحت الباب الذي يفصلها عنهم بنظرة تكل بالصدمة والألم ؛ فشعرت بأن قدماها لم تعد تحملها على الوقوف، معشوقها ينازع للحياة بدونها، نعم كانت تشعر بأن هناك أمراً غامض فظنت بأنه مجرد شك لذا قررت أن تتجه لمكتب أخيها  تخبره عن قلقها لتفق على صدمة مريبة، صعق رعد حينما وجد شقيقته أمام عيناه حتى عز تأملها بحزن فهو يعلم جيداً كم تعشق أخيه، رفض العقل تصديق ما يحدث لذا هوت أرضاً،أغلقت عيناها بدموع غزت وجهها بدون توقف، أسرع إليها رعد فحاول أفاقتها ولكن لم يستطيع ...

صرخ ياسين بصدمة حينما كان يتجه للمقر فوجدها تسقط مغشي عليها أمام مكتب رعد فأسرع إليها بصدمة _ماما ...
حملها مسرعاً للأعلى فطلب منه رعد بأن يضعها بفراشها ويذهب ليطلب الطبيب ففعل فى الحال ..

تسللت رائحة الطعام لها ؛ ففتحت عيناها بأستغراب، نهضت عن فراشها تبحث بالغرفة بذهول وحينما لم تعثر على شيء قالت محدثة ذاتها
_أنا متأكدة أن دي ريحة بيتزا ! ..
وضعت يدها على جنينها ببسمة مشاكسة_ أنت كمان بتحب البيتزا زي مامي ...
طرقعت يدها ببسمة نصر _ولا يهمك هنزل أطلب 2بيتزا حجم عائلي ..
وهبطت مروج للأسفل سريعاً، توجهت للهاتف الموضوع على الطاولة، خطت بخطي سريع بعض الشيء ولكن سرعان ما توقفت حينما أزدادت الرائحة شيئاً فشيء ،تتابعت الرائحة بأهتمام ؛ فوصلت لمطبخ الفيلا الرئيسي، تبلدت خطاها حينما رأته يرتدي مريال المطبخ ، مستند بجسده العريض على الطاولة ويتابع على الحاسوب الصغير الخاص به طريقة تحضير البيتزا ويتبعها لأجلها هي ! ..

فرد العجين على الطاولة فتذكر ما بداخل الفرن الكهربي،أسرع إليه فأنحنى قليلاٍ يخرج ما بداخله بعدما أرتدى قفازات عازلة للحرارة،إبتسم بثقة _هتعجبها أن شاء الله...
وحملها لأقرب طاولة ثم حمل السكين وشرع بتقسميها ليصرخ ألماً من فرط الحرارة،تعالت ضحكاتها بعدم تصديق لما يفعله فأنتبه لها، أقتربت منه ببسمة بسيطة ففتحت أحد أدراج خزانة الأطباق وأخرجت سكين دائري الشكل ثم قسمتها بسرعة كبيرة جعلته فى حالة من الذهول ؛ وضع السكين جانباً قائلاٍ بسخرية _بالسرعة دي ! ..لا فى حاجات أتطورت بالمطبخ ..

إبتسمت وهى تتأمل وجهه الملطخ بالدقيق فأقتربت منه تزيحها بسعادة فقالت وعيناها تخطف النظرات لعيناه _كل التعب دا عشاني ! ..
رفع يديه حول خصرها مقربها منه _وأكتر من كدا ..
ثم رفع عيناه ساخراً_أينعم تماديت بأختيار دخول المطبخ بس عشان عيونك أنتِ أروح جهنم الحمرا لو حكمت ..
إبتسمت بسعادة _حبيبي يا مازن ربنا ما يحرمني منك يارب ..
خلع القفازات ببسمة سخرية_ وفري الدعوات دي لحد ما تدوقي البيتزا جايز تغيري رايك ...
جلست على المقعد بدلال _دوقني أنت ..

رمقها بنظرة جانبيه ليتمتم بضيق _كمان ! ..
ثم حمل قطعة وقربها من فمها لتتناولها بتلذذ_واووو بجد تحفة ..
إبتسم بعشق يتربع بين دفئ العينان _ألف هنا يا روحي ..
وضعت عيناها أرضاً بخجل فحمل الأطباق المتسخة ثم وضعها بجهاز التنظيف،تتابعته بعيناها بأرتباك مما ستتفوه به فقالت بتوتر _مازن ..
قال دون النظر إليها _نعم ..
_هو ممكن يعني أ...
قطعت كلماتها بأرتباك شعر به بلهجتها فأقترب منها  بأستغراب _ممكن أيه ؟ ..

أجابته بعدما أستردت قدر من الثقة للحديث _مازن أنت تفكيرك مختلف وهتقدر كلامي بس بليز متاخدوش بمعاني تانية ..
تطلع لها بجدية فأسترسلت حديثها ببعض الخوف _أنا حابة أكون مع ماما وبنات عمي فى الأيام دي فياريت تقبل أقتراح بابي ونروح نعيش معاهم لحد بس الولادة ..
بقى صامتٍ يتراقبها بنظرات ساكنة فأكملت بهدوء_أنت عارف يا مازن أني أتعودت أكون بينهم وبجد دا أكتر وقت محتاجة أكون معاهم بس من غيرك لا مش هحس بفرحة ..

صمته جعلها تتنبئ رده المحتوم فوضعت عيناها أرضاً بحزن
_وأهو هتكون فرصة أرزل على أخوكِ وولاد عمك الأرزل منه ...
قالها بغمزة من عيناه فصرخت بفرحة ثم أحتضنته بحماس فأبتسم قائلاٍ بعشق_سعادتك دي عندي الأهم يا مروج
أندست بأحضانه بسعادة فدفشها برفق وهو يهرول للفرن الكهربي بغضب بعدما تسللت رائحة الحرق له _البيتزا الله يحرقك ..
لم تتمالك ذاتها من الضحك على مظهره المضحك فكبتت ضحكاتها بيديها ...

بقصر الجارحي ..
تطلعت للفراغ بصمتٍ يجوب بعيناها،أعطي الطبيب الدواء لرعد بعدما أخبره بعدم تعرضها لصدمات نفسية أخرى، لحق به عز للاسفل وتبقى ياسين لجوارها ...
داثرها جيداً قائلاٍ بحزن لدموعها _هو الحمد لله بقى كويس ليه البكى بقى ؟!..
أجابه رعد بمحاولة لأخراجها مما هى به _معرفش يا ابني هى الظاهر عندها كبت ...

فشل بأخراجها مما هى به فأشار له ياسين بأن لا جدوى من المزح، جلس المقعد وجلس أمامها قائلاٍ بحزن على حالها _ماما عشان خاطري بلاش تعملي بنفسك كدا ..
أستندت على جذعها لتتأمل الغرفة بتفحص فأبتسم رعد وتوجه للمغادرة قائلاٍ ببسمة ساخرة _واضح أن فى شيء خاص بين الأم وإبنها ...أنا بره لحد ما تخلصوا ..
إبتسم ياسين على داعبته ثم أستدار ليكون مقابلها بأهتمام، أزاحت دموعها قائلة بصوتٍ يكاد يكون مسموع _كلم يحيى وخاليني أسمع صوته ..
أخرج هاتفه بترحاب _بس كدا حاضر ..
وبالفعل طلب والده الذي أجابه على الفور ...
_خير يا ياسين أنت لسه قافل معايا من نص ساعة ..

=خير بأذن الله ..أنا بس كنت ا..
وقطع باقي كلماته بالصمت فلم يعلم ما عليه فعله لذا لجئ للصدق فأستكمل حديثه بهدوء
_ماما عرفت بكل حاجة ..
صاح بصدمة _أييه طيب أزاي ؟ ..
تطلعت له ملك بدموع فاضت كالسيل فقال
_مش مهم يا بابا هى سامعه حضرتك ..
صمت قليلاٍ ثم قال بلهفة
_طيب أدهاني أكلمها ...

أشارت له بدموع بأنها لا تود الحديث معه بعد الآن، لا طالما كان يتعمد أغمادها بالدموع، لا طالما كان يتعمد أن يواجه الألم والآنين بمفرده دونها ! ...أليست زوجته ويحق لها مشاركته ألآمه ؟! ...
قرب ياسين الهاتف إليها حتى تستمع ما يقول
_ملك أنا كويس يا روحي متقلقيش ..
عارف أنك زعلانه مني لأني خبيت عليكِ بس أنا محبتش أشوف الحزن والقلق والخوف فى عيونك ...
...ملك ..
ممكن تردي عليا ...
لم ياتيه الرد فعلم بأن تلك المرة لن يتمكن من نيل السماح بسهولة فأغلق الهاتف بعدما أكد على ياسين بأن يحرص بعدما التفوه بالأمر حتى لا يصل الأمر لآية ...

على التراس الخارجي للقصر  ...
جلس الشباب  لتناول طعام الغداء، وقف عدي على مسافة قريبة منهم هائم بياسين الجارحي وما يفعله فى سبيل تلك العائلة، شعر بفخر من نوعاً خاص به ولكن يصعب بملامحه الثابتة أن يفشي لأحد ما يدور بخاطره ..
_عدي ..

قالها جاسم وهو يقترب منه أستدار بأستغراب من لهجته الجدية، أقترب ليقف على محاذاته قائلاٍ بعد فترة من الصمت _وعدتني قبل كدا أنك دايماً هتقوم بمهامك على أكمل وجه وأنك هتكون فى وش المدفع دايماً لأنك الحفيد الأكبر للعائلة وأخونا الكبير ولا أيه ...
خلع نظارته السوداء بتفحص ثم قال بصوتٍ غامض_أخر مرة قولت فيها الجملة دي كانت من سبع سنين أعتقد لما بدلت حصان معتز من الأسطبل بدون علمه ...
ثم أعتدل بوقفته بثبات _المرادي وقعت مع مين اللي مخليك تطلب مني حماية ؟ .

أستدار يميناً ويساراً ثم إزدارد ريقه الجاف قائلاٍ بصوتٍ شبه معدوم _ياسين الجارحي ..
بقي ثابتٍ للحظات ثم أشار له بأن يبوح بما فعل فأسرع بالحديث _بصراحه هى مش أول مرة أعملها لما عمي بيسافر بره مصر بركب عربيته وأنا رايح الشغل ...
ثم رفع عيناه يتفحص ملامحه فوجده يتطلع له ببرود فأكمل بصدراً رحب _بس المرادي العيار فلت والعربية أتخرشمت وطبعاً أنت عارف الباقي ..
أرتدى نظارته مجدداً قائلاٍ بسخرية_يعني أكتر من 22 عربية وملقتش غير عربية ياسين الجارحي! ..

وتركها وتوجه للمغادرة فأسرع إليه بقلق _يعني أيه هتبيع الأخوة ..
أستدار ببسمة مكر _تحدى جديد مع ياسين الجارحي معتقدش أعتبرني فى صفك ..
وغمز له بتسلية ثم غادر للمقر مرة أخرى فأبتسم  جاسم براحة ...

بالمقر الرئيسي لشركات الجارحي ...
أنهى عمله  على الحاسوب  ثم جذب هاتفه ليبعث برسالة على الواتساب لمعشوقته ..
_ بتعملي أيه ؟ ...
=قاعدة مع مليكة وداليا ونور بالغرف المنفردة ...
_أوكى يا روحي بس خلي بالك من روحك ..هتوحشيني لبليل ..
=بطل بكش يا أحمد أنت لسه ماشي من ساعة تقريباً ...
_بجد طب ليه حاسس أني مشفتكيش من سنة وأكتر ! ...

إبتسمت بخجل _ركز فى شغلك أفضل بدل ما أنكل ياسين يزعلك ..
تعالت ضحكاته فبدا أكثر وسامة _خايفة عليا ؟ ..
=طبعاً مش جوزي وحبيبي وأقرب صديق ليا !..
_لا دانا هكتب أستقالة طويلة عريضة وأجيلك فوراً ...سلام مؤقت لحد ما أجيلك ...
علت الفرحة معالم وجهها فوضعت الهاتف جوارها،غمزت نور بعيناها بمكر لداليا فأشارت له ليشرع الحفل ..
داليا بهيام _أممم يا سلام على الرومانسية والجمال خدتي بالك يابت يا نور ..

نور ببسمة مكر_خدت بالي من حاجة واحدة بس ..
مليكة_ اللي هي؟ ..
نور بهيام_البسمات المرسومة طول ما هي ماسكة الفون تقوليش قاعد جانبها...
تعالت الضحكات بينهم بعدم تصديق فرمقتهم أسيل بغضب لتقذف الوسادة بوجوههم، صعدت رحمة هى الأخرى قائلة ببسمة صغيرة _أيه الجمع الجميل دا ؟ ..
أسيل بفرحة _تعالي يا روما ..
جلست جوارهم لتقص لها أسيل ما حدث منهما بغضب فأنضمت لطرف التحفيل فتركتهم وهبطت للأسفل بخجل ...

بالمشفي ...
أستمع لما يقوله عبر الهاتف بفترة طالت بالصمت، قطعه قائلاٍ بمكر_أقلب الموازين ...شركات الجارحي مش لازم تأخد المناقصة دي فاهمني ...
أجابه الأخر بتأكيد فمن هو ليعارض ياسين الجارحي بذاته! ..
ثم قال بثبات _المكاتب اللي طلبتها فى تكون جاهزة فى أقرب وقت وزي ما قولتلك عايزاها تصميم نسائي ...
وأغلق الهاتف ثم وضعه جواره،أغلق عيناه يريحاهم قليلاٍ غير عابئ بنظرات يحيى المنصدم ..
ياسين بهدوء ومازال مغلق العينان _بتبص كدا ليه ؟ ..

_هموت وأفهمك ودي عارف أنها مش هتحصل لكن على الأقل عرفني أيه اللي هتستفاده من اللي بتعمله دااا !
قالها يحيى بعصبية شديدة بينما يستمع إليه الأخر بهدوئه  المتزن الذي جعل يحيى يرمقه بنظرات نارية ...
جذب الغطاء عليه قائلاٍ ببسمة تحمل مجهولا ما _هتعرف كل حاجه فى وقتها ...
وأغلق عيناه تاركاً يحيى يكاد ينفجر من الغيظ ...

بمكتب أحمد  ...
أنهى عمله ثم حزم الملفات الخاصة به بالحقيبة الصغيرة، على رنين الهاتف فجذبه بهدوء
حارس الأمن الخارجي _أحمد بيه فى واحدة مصممة تقابل حضرتك وبقالها فترة واقفة على البوابة ...
تعجب أحمد للغاية فقال بأستغراب _مقالتش أسمها ؟ .
أجابه مسرعاً_ لا يا فندم ..
_أوكى دخلها ...

وأعاد ترتيب متعلقاته الشخصية، ولجت للداخل مع السكرتيرة الخاصة بمكتبه فأستدار لتلوح على وجهه الدهشة،قال ببسمة صغيرة _أهلا بحضرتك أتفضلي ...
وأشار لها على المقعد فجلست العجوز ذات الأربعون عاماً عليه ونظراتها تحمل شيئاً من الغضب ! ..
إبتسم أحمد بسعادة لوجودها رغم دهشته فقال مرحبٍ بها _تشربي أيه ؟ ..
أجابته بحدة _مش جاية أشرب أنا جاية أقولك كلمتين وماشية على طول ...
تعجب من لهجتها فقال بشك _طارق وسارة كويسين ؟ ..

تطلعت له بغضب مكنون خلف حاجز الهدوء _بص يا ابني أنت وطارق كنتوا أصدقاء وأنا أعتبرتك زيه بالظبط يعني كنت فى يوم زي إبني فأرجوك متخلنيش أندم على المكانة اللي أدتهالك فى يوم من الأيام ..
صعق أحمد من حديثها المؤلم فقال بأستغراب _أنا مش فاهم حضرتك بتقولي أيه ؟ ..
أجابته بحدة _لا فاهم  يا أحمد أخر حاجة كنت أتوقعها أنك تستغل بنتي وأخت اللي كان بيعتبرك أخوه أ...
قطع حديثها ولوج سارة من الخارج فألتقطت أنفاسها بصعوبة جعلته يستنتج كم عانت بالوصول، لحقت بها السكرتيرة بمحاولات عديدة لأن تجعلها تعي بأن الولوج غير مصرح به دون آذنٍ ولكنها غادرت بأشارة أحمد لها، أقتربت سارة  من المكتب بوجهها المتورم من أثر ضرباً مبرح، كفوف تركت أثر على خديها، الدماء مندثرة من فمها كالسيل ...

نهضت والدتها عن المقعد قائلة بصوتٍ كالرعد _دا المتوقع من الناس اللي زيكم لما بيكون فى نفوذ وسلطة مش بيهمكم أي شيء لكن الغلابة اللي زينا مبيملكوش أي شيء غير الشرف اللي أنت ضيعته ..
تطلع لعا بهدوء فأكملت بدموع خانتها لكسرة قلبها_ أنا عارفة أن بنتي كمان غلطت أنها تفكر فى جواز عرفي رخيص لكن دلوقتي البنت حامل وبطنها هتكبر وهنتفضح ...

سحب نظراته المتعلقة بها ليضعها على من تقف وعيناها أرضاً ...تبكي كسيل من النيران، الخوف يتربع على معالم وجهها كالوحش المفترس ..
أستكملت العجوز حديثها برجاء _لو أعتبرت أبني فى يوم من الأيام صديقك بلاش تأذي حرمة بيته أكتر من كدا ...
_أيه طلباتك ؟ ..
قالها بثبات فأزاحت دموعها قائلة بكسرة _حول جوازك  بيها لرسمي ...

كبتت سارة  شهقاتها فشعرت بأن قدماها لم تعد تحملها على الوقوف لذا أستندت على الحائط المجاور لها تبكى بضعف على ما سيحدث لها  ! ..
طال صمته لدقائق فأنهاها قائلاٍ بغموض _قريب هيحصل بس لوقتها مش عايز حد من عيلتي يعرف ..
أشارت له بأزلال ثم جذبت إبنتها التى رمقته بنظرة أخيرة ولحقت بها للخارج ...
فتحت باب المكتب للخروج فوجدت من يقف أمامهم بعينان كالشعلة المتأججة بالرماد ..

ردد أحمد بصدمة _عدي ! ..
اكملوا طريقهم للخارج بينما ولج عدي ليقف أمام عيناه بنظراته التى تشهد غضب لا مثيل له لينهيه بلكمة قوية أسقطته أرضاً فربما الآن عليه مواجهة أصعب مجهول سيحتم عليه ...
وضع خطة محكمة بتحدى سافر لهم وذلك بطرق غامضة ومنهما ولوج الفتيات للتنافس بينهما فماذا لو قلبت العاصفة الأجواء لآنين من عشق وطوفان من الحنين ! ...
سقط على المقعد على أثر لكمته القوية، ولكن سرعان ما تحلى بالثبات والنظرات الساكنة بالغموض،أسرع إليهم "ياسين" بعد أن لحق "بعدي" لمكتب "أحمد" للتناقش بأمراً هام خاص بالأجتماع المسائي فصعق حينما أستمع لما يحدث وخاصة من رد فعل "عدي"، أسرع ليقف أمام وجهه قائلاٍ بصدمة تعتري ملامحه _معقول تكون صدقت كدا على "أحمد" !...

لم يغير حديث "ياسين" من حدة عيناه فكان يتطلع لأحمد بنظرات كرماق الموت المتأجج، تبادل معه النظرات بشيء من السكون،عيناه تدرس كل رد فعل بأهتمام لسماع ما سيقوله رداً على "ياسين" ...

خرج عن رداء الصمت قائلاٍ بصوت غاضب بعدما جذبه ليقف أمام عيناه الثائرة _الشهامة الزيادة عن الحد دي هتهد كل اللي بينك وبين "أسيل" يا غبي ...
زفر "ياسين" بأرتياح لثقة "عدي" به فأتضح الآن سبب غضبه المبرح،رفع وجهه إليه فرى "عدي" دمائه المنسدلة من فمه على أثر لكمته له،شعر بحزنٍ عارم لما فعله فأخرج من جيب سرواله منديل ورقي ثم كتم به الجرح قائلاٍ بهدوء _يا "أحمد" أنا أكتر واحد فاهمك وعارف أنك غيرنا كلنا وبرضو عارف أد أيه أنت بتحب "أسيل" ليه تخسر اللي بينكم بسبب جريمة بشعة نسبتها لنفسك بمنتهي الرضا ! ..

ثم كبت غضبه بصعوبة ليعاود الحديث بنفس لهجة الهدوء _أنا توقعت أنك تساعدهم ...تعرف من البنت دي مين غلط معاها وتصلح الأمور لكن توافق على الكلام اللي اتقال داا اللي خالاني أفقد أعصابي ...طيب مفكرتش أن الأمور ممكن تكبر و"أسيل" تعرف بالموضوع دا تخيل أيه هيكون رد فعلها خصوصاً بعد الفحوصات اللي عملتها ! ...

رفع عيناه له بنظرة مطولة بها تأييد لما يقوله فشدد على شعره الغزير بغضباً جامح على صمته فغادر على الفور،أقترب منه "ياسين" بهدوء _ "عدي" كلامه صح يا "أحمد" أنت كدا صعبت الأمور محلتهاش ...
وتركه وتوجه بالمغادرة ؛ فتوقف حينما رأى تلك الفتاة تقف خارج غرفة المكتب وعيناها أرضاً بخزي،الدموع تنسدل كالأمواج العارمة بكثرة خفت شاطئ المياه فلم تعد ترى أين الصواب وأين الخاطئ ؟!، رمقها "ياسين" بنظرة غاضبة ثم لحق "بعدي" للأسفل بصمتٍ قاتل ...

ولجت للداخل ببكاء وعينٍ منكسرة كحال قلبها فما أن رأها "أحمد" حتى أعتدل بوقفته قائلاٍ بأستغراب لعودتها _"سارة" ! ...رجعتي ليه ؟ ...
أغلقت باب المكتب ثم تقدمت منه بخطوات بطيئة للغاية حتى دانت منه، تطلع لسكونها بأهتمام فقالت بدموع وأنكسار بدى بصوتها _مش عارفة أشكرك أزاي يا "أحمد" ..
تطلع لها قليلاٍ ثم أشار لها بالجلوس على المقعد فأنصاعت له لحاجتها بالأسترخاء،جلست بهدوء فجذب أحد المقاعد وجلس أمامها،طال صمتها والأرتباك سيد موقفها...
قطع "أحمد" الصمت قائلاٍ بهدوء_قدمتلك مساعدتي بدون ما أعرف حاجة عن الموضوع لسه مش حابه تتكلمي ؟ ..
رفعت عيناها إليه بتذكر ما حدث !

تذكرن كم كان البكاء ملذها، ما أخفته منذ خمسة أشهر لم تعد تقو علي أخفائه، صارت الآن بشهرها السادس وترتدي ملابس فضفاضة للغاية، كانت تستغل زيارة والدتها المتكررة لخالتها وأقامتها معها بصفة متكررة قد تصل لشهراً متكاملاٍ ولكن باتت الأمور أكثر سوءاً حينما كبرت بطنها بطريقة ملفتة، كانت والدتها تتعجب من طريقة ثيابها التى تبدلت للغاية فبدأ الشك يساورها وخاصة بملاحظاتها الدقيقة لبعض الأمور الخاصة بالفتيات لذا قررت مراقبة إبنتها جيداً لتستيقظ من غفلتها على أمراً كارثي ...

لتهوى على وجهها بعدد لا حصى له من الصفعات بعدما أكتشفت أمرها بالضغط عليها بالحديث، ربطت الأم بذكائها بعد رؤيتها لأحمد يوصلها للمنزل بأنه من فعل بها ذلك لذا قررت التوجه إليه سريعاً لمواجهته ...للبكاء ...للتوسل ...
نهضت "سارة" تستند على ما يقابلها من المقاعد حتى أسرعت لهاتفها تطلبه فأجابها على الفور، كل ما قالته ببكاء له _أنا محتاجة مساعدتك أرجوك ما ترفضش أنا ماليش غيرك يساعدني ...أرجوك يا "أحمد" ...

أرد معرفة نوع المساعدة التى تتحدث عنها ولكن سرعان ما أخبره الحارس بأمر تلك المراة التى تود مقابلته فسمح لها بالصعود وأغلق مع "سارة" الهاتف فأذا به يعلم منها ما حدث فعلم الآن أي مساعدة تريدها ! ...وعده لها بأنه سيعاونها جعله ينصاع ويتقبل ما يستمع إليه ! ...حتى هى صعقت حينما أستمع إلي حديث أمها برضا تام فكانت تمنحه السماح أن ثار ورفض الموضوع ...فالأمر ليس بالهين ولكنها تفاجئت بما فعله ! ...

عادت من ذكرياتها على صوته الهادئ_لو مش حابة تتكلمي بلاش ...
أشارت له بالنفي ثم شرعت الحديث بصوتٍ منكسر متحطم للغاية مثير للشفقة _أنا غلطت يا "أحمد" وأنا معترفة بدا صدقني بس أنا معنديش أستعداد أفقد كل حاجة من جديد مع أنسان حقير زي دا ..

تطلع لها بعدم فهم فأزاحت دمعاتها وأسترسلت حديثها المؤلم _خدعني بحبه وطلب أننا ننتجوز عرفي لحد بس ما يخلص جيشه وهيجي يطلبني من ماما وأنا غلطت وصدقته،أتجوزنا وبعدها بفترة أكتشفت أني حامل وطبعاً أول ما قولتله بان على حقيقته ...
بقى ثابتٍ للغاية قائلاٍ بصوتٍ مشابه لحالته _وبعدين ؟ ..

أجابته بدموع _رفض بعلن جوازنا وطلب مني أغضب ربنا تاني وأنزل اللي فى بطني بس أنا رفضت وهددته أني هقول لأخويا وهفضحه ...
وأنفجرت بهالة من البكاء ليسودها الكلام الخافت المملؤء بطوفان من الآنين _ضربني وتعمد أنه يسقطني ... من كتر الضرب محستش بنفسي غير بالمستشفي ولا أعرف حتى مين اللي وداني ...
ثم إبتسمت بسخرية _الحاجة الوحيدة اللي فوقت عليها أنه سرق شنطتي اللي كان فيها عقد الجواز وكل شيء يخصني ...أختفى وكان فاكر أني سقطت بس سبلي جرح ودرس كبير أووي ...

وأنحنت برأسها أرضاً تخفى شهقات دمعاتها، بادلها بسؤالا هام يشغل فكره _ طيب ليه مقولتليش لوالدتك الحقيقة لما أفتكرت أني أنا اللي عملت كدا ؟ ..
بقت لفترة طويلة تبكى دون أجابته فأبى أن يضغط عليها بالحديث، تركها وتوجه للبراد الصغير الموضوع بمكتبه،جذب أحد العصائر وقدمه لها، ألتقطته منه بيداً مرتعشة فجلس مجدداً لتشرع بالحديث من تلقاء نفسها _لأني ببساطة محبتش أعيش نفس التجربة المعتادة لأي بنت غلطت زيي ...
ضيق عيناه بعدم فهم فقال بتعجب _أزاي؟ ..

قالت ببسمة ألم والدموع تنهمر دون توقف _أي واحدة بتغلط مع شاب حتى لو كانت زيي متجوازه عرفي أول ما الأهل بيعرفوا فبيغلطوا غلطة أكبر أنهم بيفكروا أزاي يجوزها منه مبيفكروش حياتها بتبقي معاه أيه بعد كدا ! ..
وأغلقت عيناها بدموع _وأنا مش عايزة أعيش مع بني أدم حقير زي دا يا "أحمد" أذا كان هو كان بيقتل ابني بدم بارد وهو لسه مكتملش هأمن عليه أزاي يعيش معاه أو أسيبه وأخرج بأي مكان ؟! ...هعيش معاه أزاي وأنا شايفاه أحقر بني أدم عرفته ؟ ..هديله ثقة أزاي وهو سبب تحطيم ثقة أهلي فيااا ؟ ..صعب أوي ..
وجففت دمعاتها قائلة برجاء _أنا مش عايزة منك غير أنك تكدب على ماما وتقولها انك هتتجوزني لحد بس اما اولد وانا والله هاخد ابني واسافر فى أي حتة ...
إبتسم بسخرية _الموضوع مش بالبساطة دي يا "سارة" ..

ونهض ليقف أمام الشرفة بتفكير طال لدقائق فعمق فكراها،وضعت العصير من يدها على الطاولة ثم أقتربت منه قائلة بأرتباك _أنا طلبت منك مساعدتك من غير تفكير فى زوجتك أنا فعلاٍ أسفة ...هقول لماما على الحقيقة كلها ...
وتركته وتوجهت للخروج بقلبٍ ينفطر من الندم على ما ارتكبته بحقها وبحق "أحمد" ...
_أستنى ..

قالها "أحمد" بحدة بعدما رأها تخرج،أستدارت لترى ماذا هناك ؟ ؛ فأقترب منها قائلاٍ بعد تفكير _من واجب الأخ أنه يساعد أخته وأنا وعدتك أني هساعدك ...
ثم صمت قليلاٍ كأنه يتحلى بالشجاعة لما سيتفوه به _اللي بتقوليه دا مش هيمنحك حياة كريمة أنتِ وابنك وسط المجتمع دا عشان كدا أحنا هنقول أننا أتجوزنا رسمي بورق مزور قدام والدتك لأن مينفعش أتجوزك وأنتِ حامل لحد ما تولدي هيكون بعقد حقيقي هسجل الولد وبعدها هطلقك ...هكون أخ ليكِ فقط دا اللي أقدر أقدمهولك ...

إبتسمت من وسط دمعاتها قائلة بدموع _مش عارفة أقولك أيه ؟! ..
تطلع لها بألم لما سيفعله بمعشوقته _متقوليش يا "سارة" ردك الشكر بأن "أسيل" متعرفش حاجة عن الموضوع دا وخاصة أنها عندها م...
وصمت قليلاٍ ليتغلب على آلآمه_مشاكل تمنعها من الحمل ...
حزنت للغاية لأجلها فقالت بدموع _ربنا يرضيها ياررب ...أطمن مش هعرف حد خالص ...
وغادرت لمنزلها بينما جلس على مقعده بتفكير عميق بما سيترتب على قراره الأحمق ! ...

 

"ببريطانيا"..
قال الطبيب بضيق_أنصت إلي جيداً،الحالة غير مستقرة بعد لذا أنصحك بأن تلزم المشفي لثلاث أيام،مغادرتك الآن تعني تعرضك لخطراً كبير ...
أستدار "ياسين" بوجهه إليه بثبات _أخبرتك بأني المسؤول عن حالتي ...
ثم أستند على المقعد قائلاٍ بألم يمحيه بثباته الفتاك _ما عليك سوى تنفيذ ما طلبته ...
أشار له الطبيب قائلاٍ بتفهم _حسناً سأطلب منهم يعدون الطائرة بفريقها الطبي للسفر للقاهرة فى الحال ..
صاح "يحيى" بضيق _هتنزل من غيري ! ...أنا جاي معاك ..
زفر بغضب _هو انا أخد إبني معايا أنت لسه حالتك مستقرتش ...
_رجلي على رجلك ..

قالها بأصرار ثم أستدار للطبيب بصوتٍ مائل للمزح _أعد لي مكاناً بطائرتك المجهزة فأنا بحاجة للسفر أكثر منه ..
رمقهم الطبيب البريطاني بنظرة دهشة فتمتم بخفوت _سمعت عن قوة العرب والآن رأيتها برمق عيني ! ...
وخرج الطبيب لينفذ ما طلبه "ياسين الجارحي" فقال "يحيى" ببعض الغضب _هموت وأفهم دماغك ..قولت هننزل بعد 24 ساعه وقولنا ماشي فجأة قرارك يتغير كداا!...

تطلع للنافذة الصغيرة بغموض،فأنسدل ظل الرجل المراقب لهم برفق فأبتسم بثقة لحبكة الخطة التى رسمها للقضاء على عدوه اللدود ...لا يعلم بأنه يسبقه بخطوة، لم يبالي بحديث "يحيى" وحمل هاتفه برسالة "لرعد" حتى لا يستمع ذلك الجاسوس له ففضل كتابة رسالة نصية له ...
"بعد ست ساعات هكون بمستشفي **عايزك تجيلي أنت والأولاد بدون ما حد يأخد باله " ...
وأغلق هاتفه بنظرات تنضح بالغموض وبسمة تسلية للقادم ...

بالقصر ...
وبالأخص بغرفة "ملك" ...
طرقت "آية" باب الغرفة فحينما علمت "ملك" بأنها بالخارج أسرعت بأزاحت دمعاتها ...
ولجت للداخل ببسمة رقيقة _منزلتيش تتغدي معانا ليه يا لوكا ...
جاهدت للحديث بنبرة ثابتة _ مش جايلي نفس فأنتهزت الفرصة للدايت ..
تعالت ضحكاتها بعدم تصديق _مش عارفة أنتِ و"يارا" ماسكين على الدايت دا لييه ؟ ..
أجابتها ببسمة تجاهد لرسمها _عشان نفضل صغير كدا محتاجين اللي يشوفنا ميصدقش أننا عندنا شباب وقريب هيكون عندنا أحفاد ...
إبتسمت حتى تورد وجهها قائلة بمشاكسة_حاسه بتلقيح عليا أنا والبت "شذا" عشان فاتحين على البحري فى الاكل ...
تعالت ضحكاتها قائلة بسخرية _ياختي انتِ بيبان عليكِ ! ...بلاش تجريح بقى ..

إبتسمت على مزحتها ثم قالت بجدية _"ملك" ..
أنتبهت لها بأهتمام فقالت بلهجة تحمل القلق _هو "يحيى" كلمك ؟ ..
حل الأرتباك عليها فقالت بتوتر _لا ...ليه ؟ ...
قالت بحزن _اول مرة "ياسين" يسافر وميكلمنيش ! ...
شعرت بحزنها فكانت بمثل ذلك الامر منذ قليل لتفق على حقيقة مؤلمة، استعادت الكلمات سريعاً فقالت لتقذف بقلقها بعيداً _ كنت زيك كدا وسألت "رعد" قالي انهم مشغولين جداً فى مشروع كبير بيعملوه خارج مصر وهيرجعوا قريب أن شاء الله ...
اجابتها بأمل وقلبها يحاوره الخوف _ أن شاء الله ...
وأكتفت ببسمة صغيرة مكنونه بتوتر وخوف لا تعلم لما يهاجمها ؟! ...

بمطبخ القصر ...
ولجت "دينا" للداخل لتصعق مما رأته فقالت بصوتٍ متحشرج من شدة الصدمة _أيه اللي بيحصل هنا دااا ؟! ...
أستدارت "شروق" وهى تتناول قطعة من الكعك ووجهها متسخ للغاية،بينما أخفضت "مليكة" كوب العصير الممتلأ بالفواكه، وكذلك وضعت "داليا" الدجاج المقرمل على الطاولة بحسرة من رؤية والدتها حالتها المفترسة، أما "نور" فأكملت قضم الحلوي بصدمة،بينما أخفت "مروج" قالب الكعك خلف ظهرها ...
كبتت "رحمة " ضحكاتها بصعوبة بعدما هرولت للداخل على صراخ "دينا" حتى "عز" كاد فمه بأن يصل أرضاً مما رأه ...
"مروج" ببسمة واسعة بعدما جففت فمها من أثر الشوكلا ملوحة بيدها بمرح _هاي Dad ...
"عز" بصدمة وهو يتمتم بخفوت "لرحمة" _هو فى الحالات اللي زي دي بيتقال أيه ؟ ..

كبتت ضحكاتها قائلة بصعوبة بالحديث _مش عارفة يا عمي بس الحالة دي طبيعية صدقني ..
أستدار لها فأشارت له بتأكيد فقال بأقتناع _يمكن مأنتِ اللي مجربة ..
إبتسمت قائلة بمرح _من رأيي تخرج بره رأفة بحالة الحرج ..
رمقهم بنظرة جانبيه ثم تطلع لها قائلاٍ لسخرية وهو يتوجه بالخروج _واضح واضح ..
وغادر "عز" سريعاً أو ربما فلت من المجاعة التى رأها منذ قليل ! ...
أقتربت منهم "دينا" بغضب _أيه اللي بتعملوه داااا هتبقوا شبه الأفيال ...
رمقتها "داليا" بغضب _خدي بالك من ألفاظك يا مامتي ..أحنا بنأكل وجبة لينا ووجبة للبيبي ..
ضيقت فمها بسخط _أنتِ بالذات تخرسي خالص ..
"مليكة" بغرور _اه شدي عليهم يا خالتو يستاهلو ...
رمقتها "نور" بغضب _الله يرحم الفاكهة اللي كنتي غطسانه فيها من شوية ...

جذبت ثمرة من التفاح تقضمها بتلذذ _طيب أنا هولد بعد أسبوع وهلحق نفسي بريجيم قاسي دوري على نفسك لسه فى أول شهرين وبقيتي شبه الكرنبة ...
"رحمة" بمرح_مبلاش نفتح سيرة الكرنب لأنه منحصر بمطبخ "الجارحي" ومرصوص جانب بعض ...
تأملت "مليكة" بطنها ثم استدارت تتأمل "شروق" والفتيات لتقول ببعض السخرية _بصي دا موضوع حساس مش هقدر أفيدك فيه ...
كبتت "دينا" ضحكاتها بصعوبة فقالت "شروق" بمرح _يا طنط أحنا مقدور علينا كلها كام يوم وهنولد الدور والباقي على اللي لسه مطلعش ليهم بطن دول ...عندك البت "مروج" لسه داخله مع جوزها سابته وطلعت على المطبخ جري شبه اللي كانت صايمة بقالها 80 سنة ...

دفشتها "مروج" بغضب _ما تحترمي نفسك يا قلقاسة مكعبرة ...
"شروق" بصدمة _هى وصلت للقلقاس لا دا كدا كتير محدش يوقفني على اللي هعمله وسعي يا بت يا "نور" ...
تعالت ضحكات "دينا" بعدم تصديق فأستندت على الحائط تكبت ضحكاتها بصعوبة ...
_أيه الجمال دا ...شكلي هكافئ البنات أنهم خالوني أشوف الضحكة الحلوة دي ...
قالها "رعد" بهيام بها بعدم ولج للداخل على أصواتهم المرتفعه، نغزت "مليكة" "داليا" بضيق_شايفة باباكي رومانسي أزاي يابت مش زيك داخلة شمال فى "جاسم" شبه اللي متجوز واحد صاحبه الراجل دا ليه الجنه .

أستدارت بوجهها لها قائلة بصوتٍ كالرعد _كلمة كمان وهخليكي تولدي وأنتِ واقفة ...
تركتها وهرولت للخارج ببسمة مكبوتة، تطلعت له بخجل من نظرات الفتيات فأقترب ليغمز لها بعيناه وهو يتأمل فستانها الفضفاض غير عابئ بمن حوله _لسه برضو حورية بالبنفسج ...
قالت بأرتباك والضيق يلحق نبرتها _أيه اللي بتقوله دا البنات واقفة ! ..
همس بمكر _مهو دا المطلوب عشان يعرفوا أد أيه أنتِ أجمل منهم بمراحل..
رفعت "داليا" يدها على كتفيه بخفة _كابتن ...

أستدار "رعد" لها فقالت بضيق _يعني مش مكفيك أنك أب صغير وجنتل وأنا نفسي بعاكسك تقوم تتجرد من الأنسانية وتحطم قلوب أبت الخضوع للأستعمار ؟ ..
تعالت ضحكات الفتيات بشدة لعلمهم بما تقصد، أستند "رعد" على الحائط بسخرية _ما يمكن الدولة اللي رزلة وعايشة دور بليلة الواثق فى نفسه فصدت نفس الأستعمار أنه يحتلها !.
"مروج" بسخرية وهى تضرب يدها بمرح _الله عليك يا عمي ...
"نور" ببسمة واسعة _تم قصف الجبهة ...
"شروق " بضيق _الجبهات كلها وحياتك ...
ثم أقتربت منه قائلة بضيق _الا بقولك يا عمي ...

أستدار ليكون مقابلا لها _قولي ...
قالت بصوتٍ منخفض وعيناها تراقب الفتيات_ما تعلم "معتز" يكون زي حضرتك كدا وهدعيلك أربع دعوات هينفعوك والله ..
كبت ضحكاته قائلاٍ بهدوء بعدما رفع ساعة يديه_أنا هجتمع بيهم بعد ربع ساعة هشدلك عليه عيووني ..
إبتسمت بسعادة _تسلم يا عم الناس ...

تعالت ضحكاته مشيراً لزوجته بمرح ثم غادر على الفور، تطلعت لخطاه المتباعد قائلة ببسمة واسعة _فى رعاية الله يا عمي ...
جذبتها "دينا" من تلباب فستانها قائلة بغضب _بقى بتعاكسي جوزي يا حيوانه وأنا واقفة كدا عيني عينك ! ...
صرخت بمرح_صلي على النبي يام "رائد" والنبي ما أقصد كل ما بالقصد انه يحنن قلب الراجل عليا ...
تعالت ضحكات "رحمة ونور" ...فصاحت بهما بغضب _بتضحكوا على أيه الحقوووني بسرعة ..
"مروج" بأنتقام _تستاهل يا طنط دي بتتغزل بأنكل "رعد" ليل نهار ...ولا أيه يا بنات ..
"نور"_اااه حصل وبالأخص عيوووونه بتقول رومادي فاتح ولا غامق ...
جحظت عيناها بصدمة فصاحت ببسمة رضا _طبعاً بعد الحفلة دي لو حلفتلك بأيمنات المسلمين أنه محصلش مش هتصدقي ؟ ..
رمقتها بنظرة مطولة ثم أنفجر الجميع ضاحكاً ...

 

بمكتب "أحمد" ...
قالت "أسيل" بالهاتف بضيق _أنت قولتلي أنك جاي وأنا بستناك من ساعتها يا "أحمد" ..
أجابها بهدوء _كنت راجع والله يا روحي بس عمي كلمنا كلنا وقال فى أجتماع مفاجئ حتى "عدي وياسين" وباقي الشباب رجعوا المقر ...
أجابته بدلال _أوكى بس هتعوضهالي ..
إبتسم بعشق _أكيد يا روح قلبي أول ما هرجع هأخدك ونتعشا بره بالمكان اللي تحبيه ...
صاحب صوتها السعادة _بموت فيك على فكرة ...
قال بنفس لهجتها _وأنا بعشقك على فكرة ...
أجابته بخجل _ هجهز نفسي لحد ما ترجع ...سلام بقى ..
_سلام يا عمري ...

ووضع الهاتف أمام عيناه ليعود للشرود مجدداً والحزن والخوف من قراره بمساندة "سارة" يلمع بعيناه ...يكاد يقتل بعدة خناجر على أن يرى حزنٍ بعيناها يكون هو سببه ! ...
أشار له "معتز" بأن ينضم لهم من خلف الزجاج العملاق الفاصل بين مكتب كلا منهم والصالة الرئيسية الخاصة بأجتماعتهم ؛ فوضع هاتفه ثم نهض وتوجه للباب الفاصل بينهم ليجد الجميع يرموقونه بنظرات أشبه بالنيران وخاصة "عمر" ...
جلس على المقعد المجاور "لرائد" يتأمل نظرات سكونهم بصمت قطعه قائلاٍ بضيق من نظراتهم _ اللي عنده كلمة وحابب يقولها يتفضل ...
"عمر" بغضب _طبعاً عندنا كلام كتير بس حضرتك أيه اللي عندك تقوله الأول ؟ ...
"أحمد" بهدوء_أنا ساعدتها مش أكتر ...

رمقه "رائد" بنظرة مميتة ثم قال بغضب _نعم ! ..المساعدة أنك تتجوزها ! ...
"أحمد" _هى مش قابلة تعيش مع الحيوان اللي عمل معاها كدا ومن واجبي كأقرب صديق لأخوها وأخ ليها أني أساعدها ...
"معتز" بذهول _تساعدها على حساب بيتك وجوازك يا "أحمد" ! ...
"حازم" بصدمة _بجد مش مصدق أنك عايز تعمل كدا فى "أسيل" يا "أحمد" ..
صاح بغضب _عملت أيه يعني ؟! ..خلاص الوقتي فقدتوا رجولتكم ونصايحكم عن شهامة عيلة "الجارحي" ! ...

تلونت عين "عدي" بالغضب الجامح فكور يديه بغضب ليضع "ياسين" يديه على يداه سريعاً ليشير إليه برجاء بأن يتمسك بالثبات فأشار له بيديه ...
فقال "ياسين" بهدوء_خد بالك من كلامك كويس يا "أحمد" أنت عارف كويس أحنا على أيه ؟ ..
"رائد" بسخرية _ الشهامة من وجهة نظر "أحمد" يا جماعة أننا نهد علاقاتنا بأزواجنا بالجواز من أي واحدة غلطت والا كدا يبقى فقدنا رجولتنا ...مش كدا ولا أيه يا "أحمد" ؟ ...
شعر بخطئ ما تفوه به فقال بحرج _مقصدتش كدا يا "رائد" أنا بس أ...

قطعه "عدي" بهدوء_أعمل اللي يريحك يا "أحمد" أنت مش صغير ...بس تأكد أن كل واحد فينا أتكلم من خوفه عليك ...
اشار له "عمر" بتأكيد فوضع عيناه أرضاً بخزي من طريقته بالحديث الحاد معاهم،ثم استدار "لجاسم" الذي ألتزم الصمت من البداية فقال بمرح_ساكت ليه يا ترفل أتش متقول رأيك بالمرة عشان تبقى كملت ..

تطلع له "جاسم" بنظرات حادة ثم قال بصوتٍ مشابه نظراته _كلامي مش هيعجبك لأني مش هتكلم كإبن عمك وصديقك كتكلم بصفتي أخ يا "أحمد" واللي بتعمله دا هيقضي على أختي ولو حصل أوعدك ساعتها هتكون خسرتني بجد ...
"ياسين" بنبرة هادئة ليبطف الأجواء_أنت مكبر الموضوع ليه يا "جاسم" هو مش هيتجوزها هى بس أول ما هتولد هيكتب عقد رسمي ويسجل الولد وبعد كدا هيطلقها ولا كأن حاجه حصلت ...ربنا رايد ليها الستر يبقى بلاش نتكلم بالموضوع كتير ...
أجابه بضيق _وأيه اللي يضمنلي أن الموضوع ميوصلش لأسيل ؟! ..

تطلع "أحمد" بنظرة رجاء لعدي بأن يغلق ذلك الموضوع لقدرته على ذلك فقال بصوتٍ يغلفه الحدة ليكون بصف رفيقه _"اسيل " مش هتعرف طول ما السر دا مخرجش برانا أحنا ال8 ...الموضوع دا يتقفل وميتفتحش تاني ...
أشاروا له بهدوء فقال "حازم" بمرح لتغير الأجواء بين "جاسم وأحمد"_ طيب مش تتشملل وتجوز أخوك الأول يابا بدل ما قربت أبقى عصير طماطم من غير سكر ! ...
"جاسم" بسخرية_هموت وأعرف مستعجل على أيه ؟ ..

أجابه بصوتٍ منخفض وعيناه تتفحص "عدي" بخوف _حاسس أني داخل على مرحلة صعبة أوي يالا بشوف الدنيا كلها ورد حمرا وأنا العندليب وبغني للبت بقيت حاسس أن نظراتي للبت شبه "حمدي الوزير" فى فيلم الاغتصاب ...
تطلع "ياسين لعدي" وأحمد لرائد، ومعتز لجاسم وعمر ومن ثم انفجروا ضاحكين فتعالت القاعة بضحكاتهم الرجولية حتى "عدي" تعال بالضحك فقال "عمر" بصعوبة بالحديث _لا كدا الموضوع بقى خطر ولازم يوصل "لياسين الجارحي"..
رمقه بنظرة ضيق _ياكش يوصل للسلطات عشان يعتقلوني وترتاحوا مني ...

"جاسم" بصوتٍ متقطع من فرط ضحكاته_نرتاح أزاي وسيرة "الجارحي"
هتكون على كل لسان ...
"أحمد" _ياررريت عشان الصحافة تعمل معايا أول لقاء مع أخ حمدي الوزير ...
رائد _هيسحلوك معاه يا حيوان مأنت أكيد مشارك بالجريمة السودة دي ..
عمر _رجل الاعمال الشهير احمد الجارحي واخيه الاصغر بتهمة هزت الراي العام ...
"ياسين" بمكر _طيب يا خفة منك له لما يجي الدور عليكم بالتحقيقات هتعملوا ايه ولو الحظ وقعكم مع الوحش أقصد "عدي الجارحي" ..
كبت معتز ضحكاته بصعوبة _وحش أيه بقى دا اول واحد هيشرفنا بالتخشيبة بتهمة التستر على حمدي الوزير وشركائه ...
تعالت الضحكات بينهم فرفع "عدي" ساعته بملل ليشير لرائد_شوف عمي أتاخر ليه ؟ ..

_أنا أهو ..
قالها "رعد" بعدما ولج للداخل ليجلس على المقعد المقابل لهم، إبتسم "معتز" بتسلية بعدما أطلق صفير أعجاب به _أيه الشياكة دي كلها ..
أستدار إليه ببسمة خبث _أركن على جنب يا "معتز" جايلي منك شكاوي كبيرة ...
تمتم "جاسم" بشماتة _يا ساتر يارررب ..
أستدار إليه "رعد" ببسمة خبث _دورك جااي متقلقش ...
"عدي" بهدوء_حضرتك جمعتنا ليه يا عمي ؟ ..
تطلع لهم جميعاً بثبات ثم قال بعدما تفحص ساعته _"ياسين " حابب يشوفكم ...
أجابه "عدي" بلهفة _رجع مصر ؟ ..

أكتفي بأشارة بسيطة له فاسرع "ياسين" بالحديث _الدكتور سمح لهم بالسفر ! ..
"عمر" بأستغراب _دكتور أيه ؟...
تطلع "رعد" "لعدي وياسين" بهدوء فقص عليهم "ياسين" ما حدث لأبيه وتبرع "ياسين الجارحي" بكليته من أجله، ساد الوجوه الفزع والبعض الخوف والاخر الصدمة ولكن كان المشترك بينهما الفخر برابط الصداقة القوي بين "يحيى وياسين الجارحي" ...

بالقصر ...
هبط "مازن" يبحث عن الشباب بملل من أغلاق هواتفهم، لفت أنتباهه هبوط "عز وأدهم" متوجهون للخروج فتوجه إليهم ليسأل عنهما فعلم بما حدث مع "ياسين ويحيي" وأجتماعهم بهما بالمشفي فتوجه معهم ...

بالمشفى ...
أسرع "عمر" إلي "ياسين" بلهفة _بابا ..
إبتسم وهو يراه بأحضانه فرفع يديه يربت على ظهره بثبات، جابت نظراته "عدي" الذي يتطلع له بضيق وحزن على ما فعله بدون علم أحد ...
فقال بثبات يغمره الحزن _حمدلله على سلامتك ..
أجابه بثبات _الله يسلمك ..
أقترب "رعد" منه ببسمة هادئة فجلس لجواره، أما على الجانب الأخر فجلس "ياسين" جوار "يحيى" بدمعة لمعت بعيناه على اخفاء الأمر عليه فأحتضنه "يحيى" بأسف وأخبره بأنه لم يرد أدخال الحزن لقلبه ...
أستدار "ياسين" بعيناه اللامعة بالمكر لأحمد _أخبار صفقة الأسمدة ..
أقترب "أحمد" منه قائلاٍ بأرتباك _كنا هنخسرها لولا تدخل عمي "عز" ..

قطع "ياسين" المجلس قائلاٍ بشيء من الثبات والغموض_مملكة "الجارحي" متعملتش من ثروة وأملاك أتعملت من تضحية "عز" وصبر "يحيى" ونقاشات "رعد" "وأدهم" ومرح "حمزة" اللي بينجح أنه يخفف عننا يوم صعب متعملتش بالفلوس زي ما كل الناس فاكرة اتعملت بحبنا لبعض والثقة اللي كل واحد فينا زرعها فى التاني ..
ثم رفع عينيه إليهم _قسوتي عليكم لأني للأسف لسه مشفتش فيكم دا ..

تطلعوا جميعاً لبعضهم البعض فأكمل وعيناه تجوب وجوههم _لسه مبقتوش أيد واحدة ...
ثم أستدار بوجهه قليلاٍ "لعدي" _أنا السبب فى الكبرياء اللي عندك دا ويمكن يكون السبب الرئيسي فى عدم وحدتكم لأنك عمرك ما سمعت لحد ولا هتسمع لأنك فاكر أن دا ضعف ..

كاد "عدي" بالحديث فرفع "ياسين" يديه ليلتزم الصمت فأكمل هو بلهجة غامضة_مش عايز أسمع من حد حاجه خلاص كل اللي أتبني أتهد فى اليوم اللي أنا و"يحيي" دخلنا فيه المستشفي وهينتهي على السرير دا ..خلاص مفيش أمبراطورية الجارحي كله أنتهي أتمنى تكونوا مبسوطين ...
"عمر":_لا يا بابا أحنا لسه موجودين ونقدر نكمل
إبتسم بسخرية:_ وريني ...

كاد "جاسم" بالحديث ولكن على صوت "ياسين الجارحي" بحذم _أخرجوا من هنا ...
كانت بمثابة الأمر القاطع فخرجوا وبداخلهم أنين عميق ودافع قوي حتى "عدي" هدأت ثورة قلبه فتطلع "لياسين" و"رائد " قائلا بلهجة جعلت الجميع بذهول _أيه المطلوب مني بالظبط ..
تطلعوا لبعضهم البعض بدهشة وأستغراب فأبتسم "ياسين" قائلا بغرور:_نوريهم شباب "الجارحي" يقدروا يعملوا ايه ؟ ..
إبتسم "عدي" قائلا بمكر _أوك هتنازل وأساعدكم بالشركات بس ليا قواعد وشروط ...
زفر "عمر" بغضب "_مفيش فايدة نعتزل بكرامتنا أفضل
"رائد" بهدوء_أستنى بس يا "عمر" لما نسمع الأول ...

"معتز" بتأفف:_أتفضل ..
جلس "عدي" على الأريكة بغرور _محدش ينسي أني سيادة المقدم "عدي الجارحي" دا أولاً ..
زفر "معتز" بضيق:_وثانياً ؟
رسمت الجدية على وجهه فقال بلهجة رسمية:_محدش من الأدارة يعرف أني هشتغل معاكم
"ياسين" بسخرية _هو أحنا هنتاجر فى المخدرات يا عدي! ...

صاح بغضب _اللي عندي قولته محدش يعرف وخلاص وخاصة الحيوان اللي أسمه "مازن" دا لأنه لو عرف أعتبر القسم كله عرف...
أنفتح الباب على مصرعيه ليدلف "مازن" ببسمة واسعة:_حبيبي يابو نسب دانا واقف بره من ساعة تقريباً وقولت للممرضة اللي كانت داخلة بالأدوية لعمي "يحيي" أستني مدام الباب مقفول يبقي أسرار حربية بين عيلة الجارحي وقولت يا واد اقف امن على اسرارهم بدل ما حد يسمع كلمة كدا ولا كدا ثم أني على علم من أول يوم نزلت فيه الشركات.

تطلع "عمر" "لياسين" ومن ثم "لجاسم" و"رائد" لتتنقل النظرات بخوف "لعدي" ليركضوا جميعاً فى محاولات مستميتة لأنقاذ هذا الأحمق الذي وقع فى براثين الوحش الثائر ! ...

باتت محاولات الجميع بشل حركة عدي بالفشل، كلماته الحمقاء هى التى قدمته للوحش الثائر دون شفقة!، لكمه بغضبٍ عصف بفكيه فأحتضن وجهه حتى لا يفقد ملامحه الوسيمة من وجهة نظره، حاول ياسين ورائد التحكم بيديه ولكن محاولات إيقافه شبيهة بالمحال ...
الشباب بأكملهم فى محاولات عسيرة لأيقافه الا حازم فجلس على المقعد ببسمة واسعة _يستهل أكتر من كدا...
أحمد بغضب _أخرس يا حيوان ..

أجابه بسخرية_خليك فى مهمة الانقاذ بتاعتك ...
أنصاع لحديثه وأن كان ساخراً ولكن هناك حياة بين يدي الوحش بحاجه للأنقاذ !...
جاهد كثيراً للحديث فقال وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة_ خلاص يا جدع الله ما يبقاش قلبك أسود كدا من كلمتين .
ثم أسترسل حديثه مسرعاً_دانا لو عدوك اللدود مش هتعمل معايا كداا ...
جاسم بسخرية _قلبت قطة الوقتي ! ..

رمقه معتز بغضب _أتنيل أنت كمان لما نخلصه من تحت أيده أبقى حفل برحتك .
أقترب عمر من عدي قائلاٍ بحرص _خلاص يا عدي بعد اللي شافه دا مش هيكررها تاني ...
كبت ياسين ضحكاته قائلاٍ بصعوبة _معلش بقى هو أتربى خلاص ..
ثم قال بمرح _مش كدا ولا أيه يا مازن ؟ ..
مازن بغضب _أنت هتشحت عليا يا حيوان منك له ! ..
عمر بغضبٍ جامح _أنت ليك عين تتكلم يا حيوان ..
رائد  بعصبية _ تصدق أنك بني أدم حقير بقي بعد المجهود العظيم دا عشان يسيبك وفى الأخر بتغلط فينا ! ...
جاسم بشماتة _صدقتوني أنه واطي ..

أستدار عمر لعدي _ خلص علي الكلب دا وريحنا ...
مازن بوعيد _كدا طب ورحمة أبويا لفضحك أنت وأخوك على السوشيل ميدا وكل قنوات الTv ..
ترقب الجميع رد فعل عدي وخاصة بعد أن ألتزم الصمت والهدوء فتفاجئ الجميع ببسمته الماكرة وتحرر يديه من على قميصه بهدوء،أعتدل مازن بوقفته بغرور ظناً من أن عدي تركه خوفاً منه ! ..ولكن سرعان ما تصنم محله حينما جلس عدي على الأريكة واضعاً قدماً فوق الأخرى بتعالي وغرور كسره بصوته الشبيه بطلقات السلاح الناري _لو فاكر أن كلامك دا هيهددنا تبقى أحمق من ما كنت أتخيل ...فلنفترض أنك عملتها الناس هتقول سيادة المقدم والدكتور عمر الجارحي عندهم الخبرة والكفاءة اللي تهيأهم أنهم يكونوا مكان ياسين الجارحي بالمقر المسؤول عن أمبراطورية الجارحي لكن أنت بقى هيتقال عليك أيه بعد ما تكون مكان عمي حسن اللي بيجبلنا المشروبات لحد مكتبنا ؟...

إبتسم الجميع بشماتة بينما تخشب مازن محله فشعر ببرودة تكتسح جسده فتجعله كالبراد ! ...
صاح بغضبٍ لا مثيل له _نعمممم ! ..
أجابه عدي ببسمة ثقة _زي ما سمعت كدا من بكرا هتنزل الشغل معانا ومهمتك زي ما سمعتها ...
أقترب منه أحمد بضحكة مكبوتة بحرافية _مهمة عظيمة أوي مازن ..
أستدار إليه بنظرات كاللهيب فوضع يديه على كتفيه كأنه يهنئه على هذا العمل العظيم بينما قال معتز ببسمة واسعة _الشغلانه دي بالذات لايقة عليك أوي يابو نسب ...

جاسم  بشماتة_ جداً يا معتز كفايا أنه هيتحمل أطعام 8شباب غلابة بمشروباتهم وحلوياتهم ...
ياسين ببسمة مكبوتة _مبروك عليك يا ويزو ..
نهض عدي متوجهاً للخروج _ياريت تلحق ترتب أمورك مع عم حسن وتأخد منه المفاتيح
أجابه بصوتٍ مشتعل بفتيل الغضب _دانت أتجننت بقى أنت وولاد عمك ومحتاج اللي ي...
دفشه بلطف على الحائط ليقف أمامه ببسمة ماكرة _كمل كلامك وأوعدك أني أحققلك أمنيتك وأرميك فى مستشفي المجانين اللي فاضل من عمرك وأنت أكتر واحد عارف أني أعملها ...
أشار إليه بتأكيد فقال بصوتٍ يكاد يكون مسموع من الرعب _من الفجر هتلاقيني عندك ولو عايزني أخد أجازة من شغلي تحت أمرك..
أشار له ببسمة ثقة _كدا أحبك .

وغادر عدي لسيارته بينما أستدار مازن للشباب بصدمة من أمره فكيف أنصاع له بتلك السهولة؟ ...لما قال ذلك ؟! ...
تعالت الضحكات فيما بينهما فأقترب منه أحمد ببسمة واسعة _بتحصل ..
رمقه بنظرة ضيق ثم أنهال عليهم باللكمات ...

أزداد الليل بغيامته السوداء، تغمد الهدوء القصر بأكمله بينما فشل بأحتضان صفحات قلبها! تأملت القمر المشع بضوءه المنير بحزن يتدفق من عيناها كأنها تشكو له قسوة قلب معشوقها، ينجح بصنع حاجز خاص له حتى هي يصنع لها حاجز! ...
يا الله كم تألمت حينما روادها هذا الفكر المزعج ولكن عليها أن تتقبل هذا الأمر حتى بعد مرور سنوات لامست بهما أعنان السماء وأستشعرت بملمس النجوم ولكن كانت بحاجه لكشف جانب الغموض لديه ...
تنهدت آية بحنين لصوته، نظراته المطولة التى تقتلها أرتباكاً،ثباته الذي يجعله مميز للغاية ...
حملت هاتفها تتفحصه للمرة التي لا تتذكر عددها لتضعه جواره بيأس وحزن من نسيانه لها هكذا ظنت! ...

عاد الشباب من الخارج بمنتصف الليل فصف كلا منهما سيارته بالخارج ليأتي الحرس ويتوالى المهمة، ولجوا للداخل فهبط حازم قائلاٍ بنعس _هي الساعة كام معاك يا جاسم ...
رفع عيناه على يديه بصعوبة..
لوى فمه بتهكم _مقابلة بعد نص الليل عشان محدش ياخد باله تقولش هنقابل رئيس القوات المسلحة ..
عمر بغضب وهو يلحق بالصعود خلفهم _أنت تحترم نفسك وأنت بتتكلم عن أبويا أحسنلك بدل ما أطلع برقبتك ..
رائد بملل_عمر أجلوا خناقاتكم لبكرا أحنا راجعين مش شايفين أدمنا ...
أستدار ياسين إليهم بضيق _وفروا طاقتكم هتحتاجوها بكرا ...
تطلع كلا منهم للأخر ثم ساد الصمت وشرد الفكر بما سيحدث غداً ...
سلكوا القاعة الرئيسة للقصر قبل أن يتوجهوا للدرج الداخلي فتوقف كلا منهما على صوتٍ غاضب يأتي من الخلف ..
_كنتوا فين لحد الوقت المتاخر داا ! ..

قالتها يارا بغضب ولجوارها كانت تجلس دينا بقلق وملك بأنتظار يحمل اللهفة للأطمئنان على معشوقها ! ..
أقترب منها معتز بأستغراب _خير يا ماما أيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي ؟ ..
يارا بغضب_هنام أزاي وأنت وأبوك مرجعتوش البيت لحد دلوقتي ..
رفع يديه يحتضن مقدمة أنفه كمحاولة لكبت غضب ليتحل بالهدوء مجدداً_ هو أحنا لسه صغيرين يا ماما ..مفيش داعى لقلق حضرتك ...
رمقته بنظرة مطولة ثم قالت بضيق _عندك حق مفيش داعي أقلق عليكم ...
وأستدارت بصمت فأقتربت منها دينا سريعاً لترمقه بنظرة غاضبة قائلة بعصبية _فعلا مفيش داعى نقلق حتى لو بنموت من جوا عليهم مدام كبروا وأتجوزوا يبقى خلاص منقلقش ..

أشار إليه مازن بأنتهاء أمره ؛فأقترب منها ببسمة لطيفة _مقصدش طبعاً أنا كنت أقصد أقول أننا أستلمنا مشاريع كبيرة جداً فالفترة الجاية متوقع التأخير ...
ياسين بتأكيد _عمي سلمنا كم مشروع وأحنا بنحاول نكون على قدر من الثقة ..
ربتت دينا على كتفيه ببسمة هادئة _ربنا معاكم أنتوا قدها ...
لف رائد يديه حول كتفيها ببسمة واسعة _شايفين الأمهات العسل ..
لوى عمر فمه بسخط_طول عمرك بكاش ...

وجذبها برفق _خالتي بتتكلم عننا أنا وباقي الشباب مزكرتش أسمك يا خفيف...
تعالت ضحكاتها قائلة بمرح_أنا أتبريت من الواد دا من سنين ..
مازن بشماتة _كبسة ...
أستدار إليه بتحذير_أخرس عشان مزعلكش ..
_دانا اللي هزعلك لو كلمته بالأسلوب دا تاني ..

قالها رعد بحدة يكبتها المرح فلوى فمه مردداً بضيق _مش عارف الناس دي كانت لقياني أدام باب مسجد ولا أيه بالظبط ..
صعد عدي للأعلى بلهفة اللقاء بها بعد يوماً شاق، هبطت تالين مجدداً للأطمئنان عليهم فأرتاح قلبها حينما وجدتهم فقالت بأستغراب _أحمد فيين ؟ ...
قال حازم بمرح لرائد على سؤال تالين عن شقيقه أولاٍ _مش أنت لوحدك اللي بتحس بكدا ..أعتقد أننا كنا فى قفص واحد ولفة واحدة ...
دفشه بغضب _ياعم روح ...
أشار ياسين بوجهه بعدم الفائدة من مشاكستهم المعتادة فأستدار لتالين قائلاٍ بهدوء_ أحمد سابنا من ساعتين تقريباً ممكن خرج مع أسيل ...
أطمئن بالها فجلست جوار ملك بقلق من هدوئها الغير معهود فحاولت أن تعلم ماذا هناك ؟ ..ولكن محاولاتها باتت بالفشل ...

بالمشفى ...
هرول الأطباء للغرفة الخاصة بيحيى وياسين الجارحي بوجوه لا تنذر بالخير ...
صاح بفزع حينما وجدهم يلتفون حول فراش ياسين بتفحص_فى أيه ؟! ..
أجابه الطبيب بغضب بادي على وجهه_ حاولت أفهم ياسين بيه أن السفر فى الحالة دي هيكون خطر عليه بالأخص بس رفض يسمعني ودي النتيجة.. ..
أنقبض قلبه فقال بصوتٍ مجاهد بالخروج ويديه تتشبس بالحائط فى محاولات بائسة بالنهوض _ياسين ماله؟ ..
أسرع إليه الطبيب وأحد الممرضات فعاونه على التمدد ولكنه لم ينصاع له،شعر بأن الغرفة تلتف من حوله بفعل المجهود الذي بذله للنهوض فسقط مغشي عليه على الفراش،أما ياسين فتم نقله بغرفة منفردة ...

مياه تتدفق بتناغم بين أنشودة الأهواج وتحت ضوء القمر الخافت، لونها مشبع للعينان وصوته الضئيل يطرب الآذان،أشتاق الكثيرون بالغرب لرؤية مياهه الأنيقة فنهر النيل نبع الحياة وتاج للجمال ؛فحالها كحال الكثيرون،تعشقه حد الجنون رؤية أوراقه تتقلب أمام عيناها كريعان من أزهار تنمو بخفة ! ...
لم يرمش لها جفن وهى تتطلع له أما أحمد فكانت نظراته متعلقة بها هي! ..
قالت وعيناها على النهر _أيه رايك بالجو دا بقى ؟ ..

_أجمل حاجة أتخلقت، ضوء النهار بيكون ليل جانب نورها،نظراتها بتسحب ضوء القمر وبيكون الأهتمام ليها ..
قالها بهيام بملامح وجهها،تعجبت للغاية من أجابته الغامضة على سؤالها فأستدارت قائلة بتعجب _هي مين ؟ ..أنت بتتكلم عن أيه ؟! ..
رفع يديه ببطء فمررها على وجهها ببسمة صغيرة _هو في غيرك جانبي ؟! ..
تطلعت جوارها لتشرد بعيناه،نفس تلك النظرات التى يغمرها العشق ...بل تفوقها فوق العشق عشقٍ ...بقوا هكذا لدقائق ...تأملات عيناهم توحى لمن حولهم بأنهم عشاق أو متزوجين حديثاً لن يفقه أحداً علاقتهم الخفية بطرب العشق والخلود ..
رفع يديها ليقبلها بحنان ورقة بثت كم يطوف حبها بأغلال قلبه قائلاٍ بغموض_بتثقي فيا ؟ ..
إبتسمت قائلة دون تردد _أنت عارف ردي ...

بقي صامتٍ لدقائق يتأملها بنظرة مطولة قطعها بصوته الغامض _دا عهد كبير أوي يا أسيل مش مجرد كلمة ...
ثم حرر يديها ونهض من جوارها،أقترب من السور الفاصل بينهما وبين المياه فدس يديه بجيب سرواله ووقف يتأمل المياه بصمتٍ قاتل حتى نهضت خلفه بقلق _فى أيه يا أحمد ؟! ...وليه بتقول الكلام دا ؟ ...

أستدار ليكون مقابلها قائلاٍ ببسمة ألم ومجهول_مش هيكون فى أحمد لو حسيت فى يوم أنك معنديكيش ثقة فيا يا أسيل ...
ثم زفر ببطء كأنه يخرج شيئاً مكبوت بداخله _صدقيني لو عملتي أيه هترجعي هتلاقيني فاتحلك دراعاتي الا أنك تعملي أي تصرف يوضح سوء ثقتك فيا ..
إبتسمت دون مبالة بحديثه الجادي _أنت مخرجني هنا عشان تقلب عليا دراما !...شكلي هزعل ومش هفك تاني ..

ثم رفعت يدها بخبث _غير لما تجبلي درة وحمص الشام تاني ..
تعالت ضحكاته الرجولية قائلاٍ بصعوبة بالحديث _أنتِ مشكلة ...
ثم رفع يديه يتأمل ساعة يديه بنظرة صدمة _يا خبر الوقت اتاخر جداً ..يلا نرجع القصر ..
لوت فمها بسخط _مش قبل ما تجبلي درة ..
إبتسم بتفكير _أمري لله ...
وتركها وتوجه للرجل الذي يقف على مسافة قريبة منه بفرن صغير وبعض أكواز الذرة الطازج ...

بالمشفى ...
نقل ياسين الجارحي لغرفة منعزلة لم يكن بالحسبان ولكنه سهل المهام بالقضاء عليه لا يعلم بأنه خطط المكيدة وترك الرئاسة لياسين الجارحي! ..
تسلل للغرفة بحذر شديد ليجد ياسين متمدد على الفراش بأجهزة كثيرة تفترش ووجهه وصدره،أقترب منه ببسمة نصر فأخيراً سيتحقق أمل جون بالقضاء عليه ...
أقترب منه ثم أخرج أبرة صغيرة من جيب سرواله وعيناه تتفحص باب الغرفة بخوف،قربها من يديه ومن ثم شرع بوضع سنها من يديه ولكنه شهق فزعاً حينما شُلت حركته وأنغرس السن بداخل رقبته لتظهر من خلفه عينٍ يملأها الغضب والثبات بأنٍ واحد،تلمع بقوة وكبرياء مازال يتحلى به رغم تقدمه بالعمر ...
همس قائلاٍ بسخرية بلهجته الغربية حتى يفهمها هذا الأحمق _مرض الأسد لا يعني بأنه فقد قوته!...

وتركه ليهوى أرضاً صريعاً فرمقه ياسين بنظرة مميتة، ولج الطبيب مسرعاً بحوزة رجال من أمن المشفى للداخل فقال بصدمة بأعجاب _كنت فاكر انك هتحتاج مساعدة ..
إبتسم وهو يتمدد على فراشه بعينان تتوهجان غموض _مساعدتك جاية بترتيب خبر منطقي لموته وموتي ...
أشار له الطبيب ببسمة ترحاب فأشار للأمن الخاص بالمشفى بحمل الجثمان المزفوف لموته وخرجوا على الفور للشروع بخطة ياسين ...

سطعت شمس يوماً جديد بنوراً مميز للغاية كأنها ستمنح شيئاً ذهبياً لشخصاً طاف به الألم فجعله ينزف آنين حتى صُرح له بالسرور! ...
نهض عدي فأرتدى ثيابه مسرعاً والحماس بتحدى أبيه يناوره،طبع قبلة صغيرة على جبينها ثم داثرها جيداً وخرج بخطوات هادئة حتى لا تستيقظ بعد عناء ليلاٍ قضته مع الرضعين ...
فتوجه للمقر سريعاً ليجد الجميع مجتمعون بمكتب عز ...

بمنزل سارة ...
وجدت رسالة نصية على هاتفها فسلبت ما تبقى بروحها لترفع يدها ترطم وجهها بصدمة ودموع فلم تجد سوى اللجوء له فأسرعت لخزانتها وجذبت حجابها لتسرع بالتوجه للمقر لرؤيته ! ...

ترددت كثيراً بالذهاب إليه ولكن قلبها عدواً لدود إليها لذا دعسته بقوة لأجله! ...
وقفت أمام غرفته تستجمع شجاعتها لرؤيته على فراش المرض ففتحت الباب بعد وقتٍ تعدى الخماسة عشر دقائق ...تخشبت قدماها ...تبلدت الأحاسيس لديها ما بين البكاء والصراخ،وجدته ينازع على الفراش،تملكها الغضب الشديد حينما تذكرت حديث ولدها الكاذب عن تحسن حالته لا تعلم بأن حالته ساءت لخوفه الشديد على رفيق عمره ! ..

أقتربت منه بدموع غزت وجهها فقالت بصوتٍ شاحب _يحيى .
فتح عيناه بلهفة حينما أستمع صوتها ليجدها أمام عيناه،إبتسم قائلاٍ بعدم تصديق _ملك ! ..
ثم رفع يديه بأشارة تعلمها جيداً فكبتت دمعاتها وأقتربت منه فلامس وجهها يديه، قال وعيناه تتعمق نظراتها فتحتضن بعضهما البعض _كنت واثق أني مش ههون عليكِ..

بكت بصوتٍ مسموع فأحتضنته بقوة كأنها تخبره بأنه أهم ما تملك بعالمها، أحتضنها ببسمته العذباء فقالت من وسط دمعاتها _خبيت عليا ليه ؟ ..
_لأن دموعك دي أصعب من الموت ...
قالها وهو يزيح دموعها ببسمة صغيرة فأبتسمت رغماً عنها، أستقامت بجلستها وهى تجفف دموعها فوزعت نظراتها بالغرفة بأستغراب _ياسين فين ؟!..
كأنها ذكرته بمجمع آلمه فأستند برأسه على الوسادة مشيراً لها _نادي الدكتور يا ملك ..
قالت بفزع _أنت كويس ؟..
أشار لها بهدوء _متقلقيش عليا أنا كويس بس أعملي اللي بقولك عليه ..
أنصاعت له على الفور وأسرعت بالطبيب الذي لحق بها بأهتمام ليرى ماذا هناك أو لينفذ باقي خطة ياسين ..

بمكتب عز ...
ضيق عمر عيناه بأستغراب _أد كدا بيكره بابا ! ...
أجابه عز بتأكيد _كلمة كره قليلة يا عمر , جون دا ياسين بالنسبة أكبر عقبة بحياته لأنه المنافس الوحيد له ودا اللي بيخليه بيفكر يخلص منه بأي طريقة ...
ثم صمت قليلاٍ ليكمل مجدداً_ حتى لو بحادث مدبر زي ما عمل قبل كدا كتير ..
ترددت الكلمة على مسمع عدي فجعلت عيناه كالجمرات المشتعلة ليقطعهم حازم بذهول _وأزاي ياسين الجارحي يسيبه عايش أساسا ؟
إبتسم  عز قائلاٍ بغموض _محدش فاهم ولا عارف هو ناويله على أيه ؟ ..

ياسين _البني أدم دا بيعمل المستحيل أنه يربح مناقصة داخلها شركاتنا ..
أحمد ببسمة سخرية _بس عمي ياسين قافل عليه كل الطرق..
_للأسف يا أحمد من غير ياسين الجارحي بقى أدامه أكتر من طريقة ..
قالها عز بملامح غامضة ليسترسل حديثه بنظرات موجهة لعدي _ولازم عدي يوقفه عند حده زي ما كان ياسين بيعمل ...
ثم ابتسم بمكر _مش أنت بقيت مكانه ! ..

خرج عدي عن صمته قائلاٍ بثبات_عايز كل المعلومات عن الراجل دا ...
رائد ببسمة ثقة _أعتبره حصل يا وحش ...
لمعت عيناه بالمكر فهمس عمر بخفوت_ ربنا يتولاه .
إبتسم جاسم ومعتز بتأكيد،قطع حديثهم صوت طرق كبير على سطح المكتب فأستدروا جميعاً ليجدوا مازن يقف أمامهم بملابس متسخة للغاية بالقهوة والعصائر وأكمام مكشوفة حتى السروال يكشف فدميه ويتعمد بالطرق بالصنية التى يحمل عليها المشروبات عن تعمد قائلاٍ بغضب مكبوت _المشاريب .
كبت الشباب ضحكاتهم بينما صعق عز فقال بصدمة لمعتز _ مش دا جوز أختك ؟! ..

أشار له ببسمة واسعة _هو بغبوته ..
قال ومازالت عيناه متعلقة بمازن_وأيه اللي حصل له ؟ ..
أجابه الأخر بصوتٍ منخفض _أتحدى عدي ودي النتيجة ..
كبت ضحكاته بصعوبة فحمل حقيبته قائلاٍ بثبات التمسه بصعوبة _كدا مهمتي خلصت ..
وغادر عز على الفور، أقترب حازم منه فحمل أحد الأكواب ليرتشفها بتلذذ أنقطع سريعاً فبصق ما تناوله وأخذ يسعل بقوة قائلاٍ بصعوبة بالحديث _أييييييه داااااا؟..

كور يديه أمام صدره بثبات_زي مأنت شايف عصير ...
أجابه بفزع_متأكد ؟ ..لا أنت أكيد أتلغبطت وجبت دوا الحصبة مستحيل يكون دا عصير من ثمار الفاكهة الطبيعية ...
جذبه مازن من تلباب قميصه بغضب _لا من الطماطم يا خفيف ...
ولكمه بقوة أطاحت بفكيه فصرخ بألم _هزعلك والله ...أتقي شري أحسنلك ..
رمقه مازن بنظرة مطولة ثم صفعه فألتزم الصمت...
كبت عدي ضحكاته فرفع قهوته بأعجاب _ميرسي على القهوه يا ميزو ..

وغمز له بعيناه وغادر لمكتبه، كبت غضبه بصعوبة فأستند على ذراع عمر بتفكير _ودا أعلم عليه أزاي دا ؟ ..
عمر بخبث_ ما ينفعش ..
أستدار إليه بستغراب_ ليه ؟ ..
أجابه ببسمة واسعة ويديه تشير على الكاميرا الموضوعه بزاوية الغرفة _لأنه هيسبقك يا خفيف ...
ضيق عيناه بغضب فقال جاسم بمرح _يعني لو عملتها هينزل الفيديو الجميل بتاع سيادتك وأنت داخل بالمشروبات علينا كدا على الأنستجرام ..
ثم أقترب منه بجدية _الا صحيح يا مازن أيه اللي وصلك للحالة دي ؟ ..

وكان يتحدث وعيناه على ثيابه المتسخة ليدفشه بغضب _مأنتوا اللي حاطين الحاجة فى أخر رف هعملكم أيه يعني ؟! ..
تعالت ضحكات رائد بعدم تصديق فشاركه أحمد الضحك بينما جذب ياسين قهوته قائلاٍ وهو متوجه لمكتبه _لا تعليق ...
معتز ببسمة مرح_القهوة لذيذة لكن العصير معرفش عملته أزاي أو المكونات دي موجودة فى أي مجرة بس عمتا أبليت حسناً ..
وتركه وغادر هو الأخر، فتوعد لهم مازن جميعاً فقال بهمس _هتشوفوا هعمل فيكم أيه ؟ ...أن مكنتوش عبرة مبقاش مازن ...
وغادر والمكر يلمع بعيناه أما عمر فجذب هاتفه ليطمئن على معشوقته بعدما أخبرته بالأمس بأنها ستذهب للمقابر لزيارة والدتها بعد مرور أشهر كثيرة ...

أنهت قراءة الفاتحة بعينان تغوص بالذكريات تعلم بأنه غير محبب المجيئ ولكن تشعر بالراحة بالجلوس أمام قبرها ...
أغلقت مصحفها الصغير ثم توجهت للسيارة فصعدت بالخلف ليبتسم لها السائق ذو التاسعة والثلاثون عاماً _على فين يا هانم ؟ ..
أشارت له ببسمة صغيرة _على القصر يا عم صالح ..
أشار لها بهدوء ثم تحرك بها عائداً للقصر فهو السائق الخاص بها، صدح هاتفها برنين خاص محبب لمسمعها فعلمت دون أن تجيبه بأنه عاشقها، رفعت هاتفها ببسمة رقيقة _راجعة القصر أهو .

عمر _أمممم يعني مفيش داعي أطمن عليكِ ؟ ..
نور _تقدر تعملها ؟
=مقدرش بتوحشيني لحد رجوعي فيمكن صوتك هو اللي بيديني أمل أكمل يومي ..
كبتت بسمة خجلها قائلة بعملية لكونها بالسيارة _هكلمك أول ما هوصل بأذن الله أنا على الطريق ال##...
=خلي بالك من نفسك ...
_حاضر ...

كاد عمر بأغلاق الهاتف ولكنه أستمع لصرخة خافتة تخرج منها فقال بفزع _فى أيه يا نور ؟ .
لم تجيبه وقالت للسائق بخوف من رؤيته يتجنب الاصطدام بالسيارات _فى أيه يا عم صالح ؟..
أجابها بفزع وخوف يتغلغل بصوته _العربية مفهاش فرامل ...
نزلت كلماته على مسماعها ومسمع عمر كالرعد فأحتضنت جنينها برعب بينما جذب عمر مفاتيح السيارة وهرول مسرعاً أمام أبناء أعمامه وعدي فصعقوا من مظهره ليلحقوا به سريعاً للأسفل ..

قالت بدموع وجسدها يرتجف خشية الاصطدام فتفقد جنينها _عمر
صاح بلهفة _ما تخافيش يا حبيبتي أنا فى الطريق ليكِ ..
قالت ببكاء_أنا خاااايفة ...
أسرع بسيارته كالبرق يجتاز كل الطرق قائلاٍ بصوتٍ يرتجف ولكنه يتماسك بالقوة _مش هيحصل حاجة يا عمري أدي التلفون لعم صالح ...
أستمعت لما يقول فألقي عمر على مسمعه بعض الارشادات ليبقى ثابتٍ لبعض الوقت حتى يصل إليهم، أما خلفه فلحق به أحمد وعدي وياسين بفزع حينما أستمعوا لمكالمته وهو يهرول من أمام أعيناهم فلحقوا به بسيارتهم الخاصة فحتى هاتفه مشغول ...

بالمشفى ...
قال للطبيب بخوف يجاريه _طمني على ياسين ...وأيه اللي حصله دا ...
صمت الطبيب لفترة طويلة مما أثار رعب ملك ويحيى فأزداردا ريقه بصعوبة _ياسين جراله حاجة ؟
فضل الصمت لفترة أطول فصاح بغضب _أنت ساكت ليييه ما تجاوبني! ..
_شد حيلك ...
قال كلمته وغادر ...كلمته التى وقعت على مسمعه كالموت المتمكن من ضحاياه،تبلد محله والصدمة تكتسح ملامح وجهه، كأنه أنقبض ببرودة المياة ثم ألقي بنيران مشتعلة فبات الأمر بين الغفوة ليسقط أرضاً مغلق للعينان ويطوف صراخ ملك الغرفة بأكملها بأسمه وبأسم ياسين ...

سقط الهاتف حينما اصطدمت السيارة بشجرة عملاقة أسقطت نصفها على حافة أغصانها،أنتفض السائق فلفظ أنفاسه الأخيرة على مقبض السيارة ...
رفعت نور رأسها المسنود على المقعد أمامها بألم فقد أصابت بكدمة بجبينها،وضعت يدها على مقدمة رأسها بألم ففتحت عيناه بتأوهات خافتة، تطلعت على يسارها فوجد أرتفاع شاق فصرخت بفزع _عمي صالح ...

حركته ببطء فوجدته يميل على رأسه ضريع، كبتت شهقاتها بأحتضان معصم يدها بفزع وبكائها بلا توقف، فُتح ثقبٍ صغير بخزان السيارة على أثر سقوطها فتبقى ثواني معدودة على الأنفجار، فتحت باب السيارة كمحاولة بائسة بالقفز على الجسر قبل سقوط السيارة ولكن من المحال ذلك ...
كان يقف أمام المياه بحزن يغدو كبئر بلا أعماق حينما أستمع لصوت أرتطام فرفع عيناه لأعلى الجسر ليجد سيارة على حافته تكاد تنقلب من الأعلى، لمح بداخلها حركة خافتة فأسرع للأعلى ليرى ما يمكن فعله ...

تسلق على أطراف الشجرة قائلاٍ بصوتٍ مرتفع _ فى حد فى العربية ؟ ..
ألم رأسها بدأ بالأزدياد ...بكائها يزداد وشعور الموت على المشرف ...أستمعت لصوت شاباً يعرض المساعدة فقالت بأستماتة _ساعدني أرجوووك ..
علم بأن هناك فتاة بالداخل فعرض ذاته للخطر بأن ضم ساقيه على أحد أطراف الأغصان فقال بصوتٍ مرتفع _أبعدي عن الأزاز ...
أنصاعت له فأنتقلت بحرص للأمام ليحطم الزجاج الأسود الخلفي للسيارة بيديه لتصبح الرؤيا واضحة أمامه ردد بصدمة أكتسحت ملامحه وبصوتٍ لم تسمعه هي _نور! ..

خرج صوتها ببكاء _ساعدني أرجوك أنا خايفة أخسره ..
قالت كلماتها وهى تحتضن جنينها،لوهلة توقف عقل آسلام عن التفكير، لمح الماضي أمام عيناه وما فعله بها ...لمح صداقته التى أضاعها لحماقته،أهتزت السيارة فصرخت نور بفزع أفاقه فناولها يديه قائلاٍ _حاولي تمسكي أيدي ..
أقتربت بكل ما تملك من قوة حتى تمسكت بذراعيه،سحبها بلطف للخارج فأرتطم يديه بالزجاج، كبت ألمه فتوقفت تتطلع ليديه التى ينغرس بها الزجاج فقال بعدم مبالة بذراعيه _كملي ...
قالت بتوتر _بس .
جذبها دون الأهتمام لذراعيه حتى اخرجها خارج السيارة لتسقط فور خروجها من اعلي التل ثم انفجرت بالنيران ...

أقترب عمر من المكان فهبط من سيارته مسرعاً حينما استمع للانفجار فصرخ بعدم تصديق _نوررر ..
هبط عدي فأقترب من الجسر ليتأمل ماذا حدث؟ ...
اما ياسين واحمد فظلوا جوار عمر الذي كاد قلبه بالتوقف ...
أستدار عدي بثقة _متقلقش يا عمر نور خرجت من العربية ..
أقترب عدي من الجانب الاخر مشيراً الي عمر فتطلع لما يشير اليه ليجد نور تقف مع شخص على بعد منه، اسرع اليها بلهفة وقلبٍ يرقص فرحاً لرؤيتها على قيد الحياة ...

تطلعت للسيارة بصدمة من كونه كان مصيرها ...حمدت الله كثيراً ثم بحثت عن هذا الشاب الملاك الذي انقذ حياتها فربما فقد بصرها منذ ذاك الوقت لكانت اخطأت بمنحه هذا اللقب ...
اسرعت خلفه ببسمة بسيطة _أستنا ...
توقف دون أن يستدير إليها فيشعر بالخجل مما فعله من قبل، قالت بأمتنان _مش عارفة أشكرك أزاي ؟ ..
أجابها بهدوء _مفيش داعى للشكر...
_نور..

قالها عمر بعدما اقترب منها فأسرعت إليه بدموع،أحتضنها بقوة ونفس عميق كأنه عاد لتو للحياة،أخرجها لترى عيناه فقال بلهفة _أنتِ كويسة ..
أشارت له بنعم ثم أشارت على من يقف على مسافة منهما يوليهم ظهره _هو انقذني ..
جفف دمعاتها ثم أقترب منه ببسمة أمتنان فكاد الحديث ولكن سرعان ما بترت الكلمات حينما أستدار ليرى وجهه! .
أستدار ببطء لتتبدل نظرات عمر سريعاً لغضبٍ لا مثيل له، عاصفة من الماضي إبتلعته دون سابق أنذار لتريه ما فعله هذا اللعين الذي كاد بقتله من قبل،تذكره عدي جيداً فوقف جوار عمر هامساً إليه بصوتٍ منخفض حتى لا تستمع إليهم نور _أهدى يا عمر بلاش عشان نور ...
كأن ما قاله كانت كالحبال التى قيدت حركته فتبقى محله ولكن بعينان أكثر حدة، تركهم عدي وأسرع إلى الخلف فأقترب من نور  قائلاٍ بنظرات فهمها ياسين وأحمد جيداً.

_أحمد خاليك مع عمر وأنت يا ياسين خد نور على أقرب مستشفي ولما تتطمن عليها رجعها القصر...
علم ياسين بأن هناك أمراً ما وأن مهامه سحب نور حتى لا تعلم ماذا يجرى هنا ؟ ...فأقترب منها قائلاٍ بهدوء_يلا يا نور ..
قالت بأستغراب_ وعمر ! ..
قاطعها ببسمة هادئة _الشاب اللي أنقذك متصاب ورافض يروح لأى مستشفى فميصحش نسيبه كدا بعد ما أنقذك فعمر هيعالجه وهنحصلكم ..
أشارت إليه بأقتناع ثم صعدت لسيارة ياسين الذي أنصاع لنظرات عدي وذهب علي الفور ..

كادت قبضة يديه بالأنفجار من شدة الغضب فما أن غادرت السيارة حتى لكمه بقوة كبيرة أوقعته أرضاً، دفشه أحمد بدهشة _أنت مجنون أيه اللي بتعمله داا ؟..
وقف عدي أمامهم بهدوء وكأنه راضاً عما فعله أخيه فأقترب منه مجدداً ثم ناوله لكمة أخري أشد قوة وأحمد فى صدمة من أمره فلم يجد سوى أن يتحول من وضع الدفاع إلي الهجوم لذا لكم عمر بغضب _دي مكافئة الشخص اللي أنقذ زوجتك ! ..
نهض عمر سريعاً ببسمة سخرية _أنقذها ! ..دا إذا كان مكنش السبب فى الحوار دا من الأساس عشان أرجع وأتخدع فيه من جديد ..

ضيق عيناه بعدم فهم _حوار أيه! ..هو أنت تعرفه ؟..
أنغمست النظرات بغضبٍ يطوفه غير عابئ بأحمد الذي يحاول جاهداً التداخل لمعرفة ماذا هناك؟، نهض آسلام بصعوبة فقال بحزن وعيناه أرضاً_مرتبتش لحاجة اللي حصل بالصدفة تصدق أو لا فدا شيء يرجعلك ...
غادر آسلام من جوار عدي فلحق به عمر ولكنه توقف حينما تمسك عدي بيديه قائلاٍ بثقة _بيقول الحقيقة ...
تطلع له بنظرة مطولة فكاد بأن يعارضه ولكنه يعلم بأن عدي لديه القدرة الكاملة لكشف الكاذب بسبب عمله الشاق فتركهم وتوجه لسيارته بصمت ...

بالمشفى ...
أخرجت ملك هاتفها بيد مرتجفة والبكاء يكتسح عيناها دون توقف،أنتظرت لثواني وهى تتفحص الأرقام من أمامها فلم تعلم من ستطلب؟، وماذا ستقول؟! ...
أخرجت رقم الهاتف المنزلي الخاص بالقصر ثم طلبته بأنتظار من سيجيب حتى أستمعت لصوت حمزة،كبتت شهقات بكائها لثواني فأستمع لصوتها ليسرع قائلاٍ بفزع _ ملك ! ..
تعالت شهقات دموعها شيئاً فشيء ليخرج صوتها أخيراً _ ياسين مات يا حمزة ...
هوى الخبر على مسماعه كالرعد المزلزل فسقط الهاتف أرضاً ليتهشم لأجزاءاً صغيرة، أسرع لغرفة المكتب التى تحوى شقيقه وأدهم وعز ليخبرهم بما حدث ليسرعوا جميعاً للمشفى بحالة من الفزع...

وصلت للمقر بعينان تتغمدها الدموع والحسرة على ما رأته، أسرعت بخطاها لمكتبه لتبوح عن الكارثة التى ستفتك بها، أسرعت للسكرتارية الخاصة بالمكتب قائلة بصعوبة بالحديث لمجهودها المفرط _عايزة أقابل أحمد بيه يا لو سمحتي .
رفعت عيناها إليها بتذكر الآذن الذي تركه أحمد لها بالدخول للمقر فقالت بهدوء_مسترأحمد خرج من ساعة تقريباً ..

أرتخت ملامح وجهها بأستسلام كأنها أصبحت على رضا كامل بما سيحدث لها، توجهت للمصعد بخطوات شبيهة للموت، دمعاتها تكتسح وجهها دون توقف، حياتها أشبه بسراباً يجعلها تختنق شيئاً فشيء!، دموع ...بكاء...آنين ...أحاسيس متضاربة يختمها الشعور بالدوار وحاجتها بألتقاط الأنفاس، ضغطت على زر المصعد وهى تجاهد للوقوف،أستسلمت لمصيرها المؤلم كلما تذكرت هذا الفيديو اللعين،أنفتح المصعد على مصرعيه ليتفاجأ بها أحمد بعدما عاد للمقر بصحبة عدي،أقترب منها بأستغراب فقالت بدموع وجسدها يهوى أرضاً_أحمد ...

أغلقت عيناها لتغط بسباق عميق بين الألم وعدم الرغبة بالحياة ...أسرع إليها قائلاٍ بصدمة _سارة ! ...
تطلع له عدي بغضب وهو يحاول أفاقتها،فرفع عيناه له قائلاٍ بهدوء_أطلب الأسعاف يا عدي ..
جذب هاتفه بتأفف يملي ما طلبه،أستدار ليجد حوله عدد لا بأس به من المؤظفين فقال بحدة جعلتهم يهرولون من أمامه بقسماً موحد بأنه شبيهاً من أبيه للغاية _أنتوا واقفين كدليه ! ..كل واحد على شغله ...

وصلت الأسعاف بوقتاً قياسياً فحملتها للمشفي ليلحق بهما أحمد ...
أما عدي فولج لمكتب أبيه بهدوء، وقف يتأمل مقعده ببسمة مكر أزدادت حينما جلس محله،تأمل كل أنشناً به بنظرةبأعجاب وأعتراف بذوقه الرفيع،لفحت وجهها نسمة هواء عليلة فأغلق عيناه ببسمة لتذكر معشوقته ؛ فكأنما كانت رسالة عابرة بأشتياقها إليه ! ...
رفع هاتفه ينتظر سماع صوتها المعشوق،ليترتل بعد دقائق على همس الدفوف
_أيوا يا حبيبي ...
أغلق عيناه ببسمة ساحرة فكم يعشق محادثتها بالهاتف لسماع هذا الجزء المفضل،طال صمته وهو يتلذذ بما أستمع إليه ليقل بصوتٍ مميز لأجلها فقط
_بتعملي أيه ؟ ..

زمجرت بطفولية _هكون بعمل أيه يعني أكيد شايلة رحمة وياسين ...
إبتسم قائلاٍ بهمس_أبتديت أغير مش لقي وقت ليا ...
قالت بخجل _بس أنا أغلب الوقت بكون معاك ..
ضيق عيناه بسخرية ._أزاي وأنا برجع نص الليل ؟..
قالت والبسمة تلاحقها _ساكنة بقلبك ومعاك بكل وقت وكل ثانية، بحس بزعلك وبسمع ضحكتك ...بكون معاك بأغلب اليوم ولما بصحى بلاقي نفسي فى حضنك يعني تقريباً بتكون معايا فى كل نفس ...

إبتسم بعشق_غالبتيني بالكلمتين دول أو بمعنى الأصح ضحكتي عليا بس برضو بعشقك ...
حاولت أن تتحدث بصعوبة وخاصة بعد أن توج وجهها حمرة الخجل _وأنا ...كمان ...
بين كل كلمة وقتاً مطولاٍ لتتشكل صورة خجلها أمامه فأبتسم بمكر مطالباً المزيد _وأنتِ كمان أيه؟ ..
لوت فمها بتهكم لمعرفتها بما يود فعله ولكن لا تنكر رغبتها بنطقها فقالت بعد مدة طويلة من صمتها _ ...بحبك ...
ثم قالت سريعاً_أنا هقفل عشان ياسين بيبكي ..

وأغلقت الهاتف سريعاً فأبتسم على خجلها الملحوظ، واضح هاتفه جواره بهياماً بصوتها ليستيقظ من شرودها على ولوج رائد الغريب دون أن يطرق باب مكتبه، تطلع له بأستغراب
_فى حاجة يا رائد؟...
أجابه بعد مدة من الصمت كأنه يستجمع شجاعته _خسرنا المناقصة ضد شركات جون .
سقط الخبر على مسمعه كالصاعقة فرغم بأنه لا يعرف هذا الرجل ولكن بات على معرفة كاملة بالعداء الذي بينه وبين ياسين الجارحي ...

بالمشفى ..
فتح عيناه بصعوبة كبيرة كأنه فقد وعيه لسنوات لاحصى لها!،جاهد لرفع جفن عيناه فكان يشعر بثقلهما مثلما يشعر بثقل قلبه المنفطر على رفيقه،حالته ساءت فى دقائق فجعلت الأطباء بصدمة من أمره! ...
جاهد بفتحهما وهو يردد بصوتٍ خافت للطبيب الذي يقف جواره _ياسين ...عايز أشوفه ...وديني له ...
كاد الطبيب بالحديث ولكنه أمتنع على أشارة خافتة تأتي من خلفه ومن ثم تشير له بالخروج فأنصاع على الفور، كان يحيى يغلق عيناه لثواني ثم يعاود فتحهما ليعتاد على أضاءة الغرفة فحينما فتح عيناها للمرة الثانية وجده يجلس على مقربة من فراشه لا يفصلهما سوى مسافة صغيرة، جحظت عيناه لوهلة فتطلع له بصدمة ليتأمله الأخر بسخرية _لما عمي توفى مشفتكش بالحالة دي ؟ ..

أنكمشت ملامح وجهه بغضب مميت ...نعم يعلم بأنه ينبوع أسرار وثبات لا يضاهيه أحداً ولكن بأن يدعي الموت لينهي حياته!،كأن المرض خشي من الحالة التى وصل إليها يحيى فتخلي عنه على الفور، أستند يجذعه على الفراش ليكون على مستواه ليرفع يديه ويقوم بما لم يفعله منذ ثلاثون عاماً، رفع ياسين يديه على وجهه بصدمة من أنه تلقي لكمة من يحيى لتو ! ..فكاد بالحديث ولكن سبقه يحيى حينما صاح به بأشد درجات الغضب _فاكر أن موضوع موتك دا موضوع سخرية بالنسبالك، متفكرتش أيه اللي كان ممكن يجرالي لما أعرف ...بجد معتش فاهمك يا ياسين ولا عارف أنت عايز تثبت أيه باللي بتعمله دا! ..

ظل ثابتٍ للحظات فلأول مرة يرى يحيى غاضباً لهذا الحد!، رُسمت بسمة فرح على وجهه لعلمه الآن بأن علاقتهم لن يقوى سلسال البشر بأكملهم على فهمها، خرج عن صمته قائلاٍ والثبات رفيقه المقرب_ بغض النظر عن اللي عملته دا بس هجاوبك على سؤالك ..
حاول أن يتصنع عدم اللامبالة ولكنه أستدار ليستمع إليه
فقال والغموض يرافق صوته_كالعادة أول ما حد بيتوهم أن ياسين الجارحي وقع بيحاول ينهش فى دمه .
رمقه ينظرة مطولة مازالت بها لمحات من الغضب _المرادي مين ؟ .

تطلع له ببسمة مكبوتة فبدا كأنه طفلاٍ صغير يخاصم والده ولكنه يحاول أن ينسى لأجل الشوكلا التى يحملها!، أسترسل ياسين حديثه بهدوء_جون بعت ناس عشان تخلص عليا بس مكنوش عارفين يدخلوا الغرفة من الحراسة ولأنك معايا فى نفس الغرفة عشان كدا سهلتهاله المهمة وخاليت الدكاترة تتدعى أن حالتي خطيرة ولازم أنتقل بغرفة لوحدي عشان يبان أن مخططه ماشي صح ..
ضيق عيناه بذهول _طب وليه تدعى أنك مت وتساعده يحقق اللي هو عايزه ؟! ..
أستند بظهره على المقعد ببسمة مكر _هو اللي هيساعدني باللي أنا عايزه مش أنا .
رمقه بنظرة غضب _أنا حقيقي مش فاهم حاجة ...

شفق عليه فقرر ولأول مرة البوح عن مكنونات صدره
_حلم جون أن ما يبقاش في شركات عربية تنافسه وطبعاً أنت عارف أننا أكبر تهديد له وحاول كذا مرة عشان يحقق أهدافه بس بوجودي كان بيتراجع ...
أشار له بتأييد فأسترسل كلامه بسؤالاٍ مباشر _أمته يحس أن الدنيا أمان عشان خطوته الجاية ؟ ..
أجابه يحيى دون تردد_بدون وجودك ..
إبتسم ياسين بأنتصار _ودا اللي عملته شلت نفسي من طريقه وبالتالي هكون بفتحله بوابة تحدي جديد مع اللي أستلم منصبي بالمقر وأهو أشوف عدي هيقدر يقف أدامه ولا لا ...

أكمل يحيى بذهول _أنت بتفكر أزاي ؟! ..
أكتفى لبسمة بسيطة فقال يحيى بغضب _ساعات بحس أنك بتعامل عدي كعدو ليك مش إبنك ..
إبتسم قائلاٍ بلهجة يستمع لها يحيى لأول مرة فأرتباه الذهول _أنك تواجه شخص بنفس مستوى ذكائك شيء ممتع يا يحيى وعدي خصم مش سهل ..
ثم تناول العصير بتلذذ قائلاٍ بجدية لا تحتمل نقاش _عدي الوحيد اللي يقدر يقوي علاقة الشباب ببعضهم بحيث يكونوا زينا وأفضل كمان ودا السبب اللي بيخليني أضغط عليه وبكل قوتي لأني واثق ومتأكد من النتيجة ...

إبتسم يحيى بأقتناع فقال بضحكة مسموعة_نسخة منك ..
وضع العصير على الكوماد بغضب مصنطع_هو أعند مني ..
تعالت ضحكاته قائلاٍ بصعوبة بالحديث _فى دي عندك حق ...
لمعت عيناه بخبث_وترويضه كان الأصعب ...
ثم إبتسم بمكر _هانت يا عدي ...
ولمعت نظراته بمجهول مخطط بحرافية بمعركة العند بين الشبل وأبيه ترى من سيتمكن من ربح هذة المعادلة الصعبة ؟! ...

فتحت عيناها بصعوبة، فوجدت ذاتها بمكانٍ غريب عنها، لم تكلف ذاتها عناء الأستطلاع عن مكانها فماذا ستخسر بعد ؟، أقترب منها الطبيب ببسمة صغيرة _حمدلله على السلامة ...
أكتفت ببسمة بسيطة تكاد ترسم بصعوبة،تركها وخرج على الفور فأنتبهت سارة لمن يجلس جوارها،أقترب منها أحمد قائلاٍ بهدوء_أحسن دلوقتي ؟ ..
أشارت إليه بضعف لتكمل رحلة ألمها بالدموع التي لا تتوقف، قرب المقعد منها قائلاٍ بثبات_ فى أيه ؟ ..
رفعت عيناها بتثاقل فكأن الحياة تخلت عنها لتهمس بضعف _أنا نهيت حياتي بأيدي يا أحمد،أنا أخترت هلاكي بأيدي أخر حاجة توقعاتها أنه يطلع حيوان ويصورني وأنا أ...

لم تقدر على نطق باقي كلماتها فأغلقت عيناها تبتلعها بألم يكاد يشرخ صدرها،تلون وجهه بحمرة الغضب،نعم ليس لديه شقيقة ولكن بنات أعمامه كانوا كذلك بالنسبة له،فأي رجلاٍ قد يهدأ وهو يستمع لما تقول؟! ...
نهض عن مقعده قائلاٍ بصوتٍ جمهوري _ أسمه أيه الحيوان دا ؟ ..
تطلعت له بأرتباك فقال بغضب _سألتك جاوبيني ! ..
أخبرته كل شيء بأستسلام فأشار لها بثبات_فتح على نفسه أبواب جهنم ..
ثم قال بهدوء_ يلا عشان أوصلك ...

نهضت دون جدل أو رجاء بأن يعفو عنه فهو يستحق الموت على ما فعله بها، لحقت بأحمد للخارج فتوقفت جواره بأستغراب من توقفه عن التقدم..
على مسافة قريبة منهما تطلعت نور لأحمد بأستغراب من رؤيته يصطحب فتاة تراها لأول مرة ولكن السؤال الأهم ماذا يفعل بها بقسم الحوامل ؟! ...
صعق ياسين حينما رأهم فقال بأرتباك _يلا يا نور ..
أستدارت إليه بأستغراب _هو أحمد بيعمل أيه هنا ؟ ...ومين اللي معاه دي؟! ..
بدت علامات التوتر تكتسح معالم وجهه فقال ببسمة مصطنعة _دي زوجة صديقه المتوفي مالهاش حد وأحمد بيهتم بيها ...
بدى الحزن على ملامح وجهها فقالت بشفقة _لا حولة ولا قوة الا بالله ربنا يصبرها يارب ..
أشار لها بأرتباك _يارب، يلا بقى عشان عمر كلمني وقالي أنه وصل بره ..
أشارت إليه بتفهم ثم أتبعته للخارج،أما أحمد فخرج بها على الفور ...

بمكانٍ منعزل عن المشفر ...
تطلعوا له الجميع بأهتمام فأسترسل حديثه
_عايز خبر موتي ينتشر بكل الصحف والمجلات لازم الكل يعرف أن ياسين الجارحي أنتهى فاهمني يا عز ؟ ..
أشار إليه والغضب يترفرف بداخله ولكنه مجبر على تنفيذ ما يطلبه،أما حمزة فتمتم بغضب _مش راجع الا لما نموت يا أما بالصدمة يا أما من الخوف منه ..
كبت أدهم ضحكاته بصعوبة _فى دي عندك حق ...الخوف كله على آية ويارا ربنا يستر ...
أشار له بتأييد فغادورا جميعاً لتنفيذ مخططه ...

بالقصر ...
كانت تراتب ملابسها بالخزانة فتخشبت أصابعها حينما على التلفاز الذي تشاهده بصوت المذيعة قائلة بحزن .
أنتشر خبر وفأة رجل الأعمال المشهور ياسين الجارحي على مواقع التواصل الأجتماعي وقد تسربت إلينا معلومات بأنه كان يخضع لجراحة صعبة للغاية فتوفي على أثرها ...
لوهلة شعرت بأنها بسراب ...لوهلة شعرت بأن ما تستمع إليه مجرد كذبة لعينة، أقتربت من التلفاز وعقلها يرفض التصديق،عيناها تكاد تنغرق بالدماء، إلي أن تم عرض صورته ليؤكد الخبر، تراجعت للخلف برجفة تستحوذ على جسدها دون توقف لتردد بهمساً مريب _ لأ ...
لأ ...
ثم صاحت بصوتٍ مرتفع للغاية وهى تحطم شاشة التلفاز بالمزهرية _لاااااااااا ...كدب ...لااااا ...

بالأسفل ...
علم الشباب بأنه على قيد الحياة ولكنهم كانوا مجبرين على تنفيذ خطته،كبت عدي غضبه الجامح فحبذ الصمت على الحديث، أستند يحيى على ذراعى رائد ومعتز بعد أن قرر الخروج من المشفى لمتابعة علاجه بالقصر رغم رفض الأطباء ذلك ولكنه فعل ما يريد ...
أجتمعوا جميعاً بالأسفل فأستمعوا لصوت صرخات آية المزلزل فأسرعوا للأعلى على الفور،حتى يحيى ولج للمصعد بمعاونة جاسم ...

بالاعلي ...
أسرعت دينا إليها والبكاء مكتسح ملامحها فقالت ببكاء وخى تشير على التلفاز المحطم _أيه اللي بيقولوه دا ؟! ..
صمت الجميع وتبادلوا النظرات فيما بينما فاذدردت ريقها الجاف بصعوبة _الكلام دا كدب صح ؟ ..
لم يجيبها أحداً فصرخت بقوة وصوتٍ كالسهام:_لااا مستحيل أنتوا بتكدبوا عليا ياسين مامتش ياسين عايش مستحيل يسيبني بالسهولة دي، ياسين الجارحي مش ضعيف للدرجادي ..

أقترب منها يحيي بصعوبة والتعب يتربع على قسمات وجهه:_لازم تكوني قوية يا آية ...
رمقته بنظرة مطولة لتقترب منه قائلة بأنكسار _عشان خاطري يا يحيى قولي الحقيقة وأنا أوعدك أني مش هتكلم بحاجة ياسين كويس صح ؟ ..
رفع عيناه لها بحزن جعلها تصرخ بجنون _لااااا لااااا ياسين مستحيل يسبني مستحيييييل ...
وسقطت أرضاً ليسرع إليها عدي قائلاٍ بصراخ:_أطلب الدكتور فوراً يا عمر ..
وحملها لفراشها فأسرع عمر ليلبي طلب أخيه على الفور،وضعها عدي على الفراش وظل لجوارها يقبل يدها بدمع لمع بعيناه ليردد بخفوت _محدش هيحس بيكِ غيري لكن متقلقيش يا حبيبتي مش هسمح أنك تعيشي اللي أنا عشته ..

ونهض بوجهاً متخشب ليسرع بخطاه للأسفل،حطم الباب بقدميه ليفزع رعد ويحيي بعدما هبطوا للأسفل ...تطلعوا له بصدمة ...
أقترب من المكتب قائلاٍ بغضب:_مش هشوف أمي بتضيع مني وأقف أتفرج عليها ..ياسين الجارحي لازم يظهر وفى أقرب وقت عشان الكل يعرف حدوده ويعرفوا كمان أنه لسه زي ماهو مفيش حاجة فى الدنيا تقدر تهزه ..
أسرع رعد للخارج يتفحص الطريق قائلاٍ بصوتٍ شبه مسموع _مش كدا يا عدي الله اللي أحنا بنعمله دا حماية للعيلة وتنفيذ لطلب أبوك وأنت أكتر واحد عارف مخالفة كلام ياسين الجارحي أيه ؟..
جذبه يحيي بثبات للمقعد:_أهدأ بس وخلينا نتكلم ..
أنصاع له عدي فجلس على المقعد يستمع له بينما بالأعلي،أقترب منها ليجلس جوارها،عيناه الملونة بلون الذهب تغمرها بنظراتٍ حاملة لهمسات العشق الخالد على مر الأعوام ...

رفع أطراف أصابعه يزيح تلك الدمعة على وجهها لينفذ وعده القاطع بأنه لجوارها على الدوام ...طوف وجهها بيديه بحنان ليهمس بخفوت:_ياسين الجارحي دايماً عند وعده يا آية ...
وقبل يدها بعشق ليهمس مجدداً بصوته العذب:_أنا جانبك على طول متقلقيش عليا لسه قوي زي مأنا ولسه بخاف عليكم أكتر من نفسي يا آية ..
لمعت عيناه بشرارة الأنتقام:_مش هسمح لحد يدمر العيلة دي حتى لو كان التمن أني أكون ميت بنظر الكل لحد ما أحط أيدي على رقبة كل حقير فكر بس مجرد تفكير بعيلة الجارحي ..

عادت ملامحه للثبات فأقترب منها ليطبع قبلة هامسة بالعشق على جبينها تاركاً لكلماته الملاذ الأخير:_دموعك دي نقطة ضعفي بأتمنى فى يوم أقدر أكسرها ..
إبتسم بخفوت حينما بدت ملامحها بالأسترخاء لشعورها به فوقف بطالته الطاغية لينسحب بهدوء قبل أن تفتح عيناها ...فتح باب الغرفة ليجد عدي أمامه،رمقه بنظرة مطولة فكاد الحديث ليرفع ياسين يديه بأشارة الصمت _هنتكلم بعدين خد بالك منها ومن أخواتك ..
وتركه وغادر ليلكم عدي الحائط بغضب لتحجر الكلمات حينما يقف أمامه ! ...
بدأت بأستعادة وعيها مرددة بهمس _ياسين ...ياسين ..

أفاق عدي على صوتها فهرع إليها قائلاٍ بهدوء وهو يقدم لها المياه _أشربي ..
دفشته بعيداً عنها بدموع _ياسين فين ؟
زفر بغضب مصطنع _تاني يا ماما! ..
صرخت بجنون _ياسين  مامتش ياسين كان هنا ريحة البرفنيوم بتاعه فى الأوضة أنتوا بتكدبوا عليا ياسين عايش وجانبي هنا ..
وتركته وحاولت بالنهوض لتسقط أرضاً،أسرع اليها عدي بحزن _مش صحيح أنا وبابا بنحط نفس البرفنيوم ..
صرخت به بغضب _مستحيل قلبي يكون غلطان أبعد ..
وتركته وحاولت الخروج من الغرفة لتجد عمر والطبيب أمامها ليسرعوا إليها فتغفو على المهدء القوي وأسمه يترنح بين همساتها ..ربما لا تعلم بأن معشوقها يقتل عشقٍ لأجلها حتى وأن كانت الأعوام تمر يزداد عشقها بشغف ...

 

تااااابع ◄