مملكة بلهيت رعب حتى الموت الجزء الأول Blhet


 

كثير منا بالتأكيد قد سمع عن عالم الجن، ولكن معظمنا يجهل كيف يبدو عام الجن وأين يقع بالتحديد؟!

هل فكرت يوما أين يقع عالم الجن؟!، وكيف يكونون؟!

هل حاولت يوما الوصول إلى إجابة عن كل تساؤلاتك المليئة بالفضول حول معرفة عالم مجهول بالنسبة لك وللجميع؟!

إنه لأمر مرعب ومريب للغاية، من الممكن أن يكون دخوله أمر سهل للغاية ولكن الخروج من مثل ذلك عالم أمر يستحيل صدقا!

من قصص جن حقيقية طويلة:



مملكــــة بلهيت “الجزء الأول”

منذ أن كنت صغيرا وقد اعتدت على رؤية خاتم كبير بإصبع جدي “والد أبي” خاتم ذو حجر أزرق يستحوذ على نظر كل من تقع عينه عليه إذ أنه جميل للغاية، لم يكن ليخلعه جدي من إصبعه قط لدرجة أنه أصبح هو والإصبع جزءا واحدا لا يمكن استغناء أحدهما عن الآخر؛ أنا شاب لدي من العمر تسعة عشر عاما ونسكن بمملكة البحرين.

حكايتي مع الجن:

منذ أن كنت صغيرا مررت ببعض المواقف الغريبة والمريبة والتي كنت أجهل تمام تفسيرها إلا لمدة واهنة، بدأت حكايتي مع الجن عندما كنت طفلا في السادسة من عمري، أتذكر ذلك اليوم جيدا وكأنه أمس، كنت نائما بمنزل جدي وكنا في فصل الشتاء ببرودته القارصة، وفي منتصف الليل فتح الباب على مصرعيه بشدة، استيقظت فزعا من النوم، وشاهدت ما حفر في ذاكرتي ونفسي طوال حياتي، شاهدت رجلا عليه ثياب بيض وكان طوله بطول الأشجار أو يفوقها أيضا، لقد كان يتجول في حديقة منزلنا ذهابا وإيابا، حبست أنفاسي من هول ما رأيت، لم أستطع الصراخ على الرغم من حاجتي الماسة إليه لينقذني جدي، لقد تجمد سائر جسدي لم تكن لي حيلة سوى مشاهدة ما يحدث، وبعدها بلحظات تبخر ذلك الرجل في الهواء، لم أتمكن من النوم طيلة الليل ومازال جسدي يرتعد والعرق يسيل من كل أجزاءه على الرغم من صقيع الجو…

وأخيرا حل الصباح جريت مسرعا إلى جدي لأوقظه وأقص عليه ما شاهدت ليلا، فابتسم جدي ابتسامة كاد أن يقتلني بها، سألته قائلا: “لماذا تضحك يا جدي؟!، ألا تصدقني؟!”

أجابني قائلا: “لا تقلق يا حبيب جدك إنه سومور وهو صديق جدك، ولا يؤذي أبدا فاطمئن”.

وعلى الرغم من صغر سني إلا أن أسئلة كثيرة شغلت بالي حينها، ولم أستطع أن أخرجها ولم أستطع أيضا أن أجد إجابة لها عند جدي، من هو ذلك السومور، وكيف لمثل ذلك الشيء أن يكون صديقا لجدي، وما القصة وراء الخاتم الذي بإصبع جدي والذي لا يخلعه مطلقا، والذي كلما سألته عنه أجابني قائلا: “إنه يحميني من أهوال العالم الخفي”.


تداولت الأيام وكبرت وكنت كل يوم أشاهد سومور لدرجة أنني تعودت على وجوده في حياتنا، وما زلت لا أجد إجابة لكل التساؤلات التي بداخلي، وبمرور السنون كبر جدي وازداد مرضه بسبب كبر عمره، كنت متعلقا للغاية بجدي الحنون أمكث معه دوما ولا أتركه؛ وفي يوم من الأيام عندما اشتد عليه المرض وهو على فراش المرض استدعاني وقال: “تعال يا عزيز قلبي سأجيبك عن كل الأسئلة التي حيرت قلبك، ألم تكن تسأل عن سر خاتمي الذي أرتديه دوما ولا أخلعه؟!، وحيرتك إجابتي عن سؤالك بأنه يحميني، وازداد فضولك لتعرف خاتم يحميني من أي شيء، وما سر سومور، اليوم سأجيب لك عن كل هذه الأسئلة، ولكن عدني قبلها بأن كل ما سأخبرك به سيظل سرا بيننا لا يعلم عنه أحد”.

بداية دب بقلبي شعور الخوف فقد بدا جدي جديا للغاية وكأنه يخفي شيئا ما أعظمه، والدليل كثرة المواثيق والعهود التي أخذها علي قبل أن ينطق بكلمة واحدة، تنهدت وبعدها حبست أنفاسي واستجمعت كامل تركيزي وانتباهي لأعرف الحقيقة كاملة، الحقيقة التي لطالما شغلت تفكيري وشتتت انتباهي…

أمسك جدي بيدي وبدأ يقص علي قصته…


مملكــة بلهيت “الجزء الثاني”

السر وراء الخاتم الأزرق:

بدأت القصة يا حفيدي العزيز من قرابة الخمسين عاما، عندما كنت في ريعان بداية عمر الشباب كنت أتنقل مع أصدقاء لي من بحر إلى آخر مع صاحب لسفينة ضخمة، كنا نستثمر كل موسم في الغوص لجمع اللؤلؤ من باطن البحر، وبنهاية كل موسم كنا نعود إلى ديارنا بأرض الكويت، فيبيع صاحب السفينة اللؤلؤ الذي تم جمعه ويعطي كل واحد منا ما قدره الله سبحانه وتعالى له من نصيب؛ ولكن في إحدى الرحلات بينما كنت أغوص أبحث عن اللؤلؤ لفت ناظري شيئا لامعا في قاع البحر، قد وجدت الخاتم الذي لطالما حيرك ولطالما سألت عنه، عندما صعدت على متن السفينة وبعدما سلمت ما وجدت من لؤلؤ جلست أنظفه، ذهلت بمنظره فكما ترى هيئته ملفتة تماما للأنظار ومحببة للقلوب، فإن ما وقعت عليه عينك لا تقد أن ترفعها، وبعدها وضعته بإصبعي، كان قد حل الظلام وبعدما تناولنا الطعام وأدينا الصلاة خلدنا في نوم عميق من شدة التعب وجهد العمل، لم يوقظنا إلا صرخات عالية من صاحب السفينة، كانت صرخات استغاثة وكأنه يغرق في مياه البحر الهوجاء.

جزعنا إليه جميعا لننقذه وعلى الرغم من سرعتنا وتمحصنا لمكان صوته إلا أننا لم نتمكن من إيجاده ولا إنقاذ حياته، وبهذه الطريقة فقدنا صاحب السفينة أخنا الكبير الذي لطالما حن علينا ونصحنا بكلماته الجميلة؛ وما هي إلا لحظات قلائل حتى شاهدت أن كل من أصدقائي واحدا تلو الآخر يسحب نحو المياه، وكأن شيئا خفيا لا أتمكن من رؤيته يجرهم من أرجلهم للماء جرا، حاولت إمساك وإنقاذ أي منهم ولكن بلا جدوى، أخذت أنادي وأصرخ عليهم ولكن كان قد فات الأوان.

وجدت نفسي على السفينة وحيدا ترتعد كل فرائسي، أين أصدقائي وماذا أصابهم، لا أقدر على تصديق كل ما حدث معي، أعلم ذلك أم حلم؟!، ليتني نائما وأحلم، ليته لم يكن أكثر من كابوس مزعج وسأصحو منه؛ ولكن علت أصوات ضحكات أرعبتني حقا، وبعدها نشبت نيران فوق المياه من كل الاتجاهات، نيران تقترب من السفينة حتى نشبت فيها، أدركت أن نهايتي قد حانت جثوت على ركبتي ناطقا للشهادتين، وقارئ لما تيسر لي من بعض آيات القرآن الكريم، وطالبا لغفران الله سبحانه وتعالى وعفوه.

كان جسدي بالكامل يرتعد والعرق يكسو كل خلية بجسدي، تسارعت دقات قلبي وازدادت أنفاسي، ولكن الله لطف بي حينما أتت رياح هوجاء فتغيرت أصوات الضحكات إلى أصوات تعذيب وألم، وبعدها ظهر لي رجل غريب الشكل أبيض الثياب، ناداني باسمي وطمأنني وأوصاني بألا أخاف، كيف لا أخاف وهو لوحده كفيل بأن يجعل كل من على الكرة الأرضية يخاف؟!؛ احترقت السفينة بالكامل حملني ذلك الرجل وحلق بي في الهواء، كل ذلك كان لساني قد لجم وانتابتني برودة غريبة بكل أجزاء جسدي منعتني من أي شيء، وجدت نفسي ملقى على الشاطئ واستفقت على صوت رجل عجوز يوقظني، لقد أكرمني كثيرا فأخذني إلى منزله وأطعمني، حاول معرفة ما حدث معي بغرض التخفيف من حدة حالتي فأخبرته أنني كنت على متن سفينة بالبحر ولسوء أحوال جوية غرقت السفينة ونجوت بأعجوبة كبيرة من الموت لم أخبره بباقي القصة لأنه من المؤكد لن يصدقني حيث أن نفسي لم أصدق ما حدث على الرغم من كونه أمام عيني؛ وبتلك الليلة حلمت بنفس الرجل صاحب الثياب البيضاء، أخبرني بأنه من الجن المسلم الذي لا مخافة منه مطلقا، وأنني بدءا من هذه اللحظة سأراه يوميا، وأهم شيء حذرني من عاقبة خلع الخاتم الأزرق من إصبعي، ففي خلعه حياتي، فالجن الكافر يتربص لي وينتظر الفرصة الحاسمة بخلع الخاتم من إصبعي؛ بقيت لمدة طويلة مع الرجل وقد كان لديه مزرعة لا يقوى على العمل بها لكبر سنه، فكنت له بمثابة الابن الذي لم ينجبه ردا لجميله إذ أنه لم يكن لديه إلا فتاة وحيدة في غاية الجمال والأدب والعذوبة، كان منزله ومزرعته هنا بالبحرين، لم أفكر يوما في العودة إلى الديار (الكويت) خشية من سؤالي عن صاحب السفينة وأصدقائي؛ وكان “سومور” يزوروني كل ليلة حتى تعودت على وجوده بحياتي، وذات ليلة سألته عن السر وراء الخاتم الأزرق وعدم خلعي له من إصبعي؟!



مملكة بلهيت “الجزء الثالث”

ومازال جدي يكمل القصة التي شدت أعصابي …

وذات يوم سألت “سومور” عن قصة الخاتم الذي بإصبعي وعن السر وراء عزم الجن الكافر على قتلي في اللحظة التي أخلعه من إصبعي، سمعت صوت ألم وحسرة في أنفاسه فقال: “حسنا، سأخبرك بقصة الخاتم الأزرق وقصة مملكة بلهيت”.

قصـــة الخاتم الأزرق وقصــة مملكــة بلهيت:

منذ زمن بعيد، زمن يناهز الستمائة عام كانت لدينا نحن الجن المسلمون أقوى مملكة عرفها الزمان والتاريخ بعالمنا “عالم الجن”، والتي تقع بعالمكم أنتم الإنس ببابل، كان يحكمها ملك قوي وعادل “الملك سابور”، واستطاع بحكمته وقوته توحيد القبائل المسلمة وجمعهم تحت راية الإسلام والتوحيد، لم يكن ليترك شيئا للقدر إلا وخطط له، كان ملكا مخضرما للغاية، أعد عدته فجهز جيشا قويا للغاية للاستعداد لأي من هجمات الجن الكافر، والذين كانوا يطمعون بالزئبق الأزرق الذي يتواجد بكثرة في مملكتنا.

كنت المسئول عن كل شئون الملك “سابور” وزوجته “هند” التي لطالما أحبها ولم يحبب غيرها، وكانت ثمرة حبهما الأميرة الجميلة “سلمى”، لم ينجبا غيرها، وقد كانت جميلة للغاية لدرجة أن كل قبائل الجن لم يشهدوا لجمالها مثيل، كانت تكبر كل يوم أمام عيني وكل يوم تزداد جمالا ورقة عن اليوم الذي يسبقه؛ وذات يوم جاء رسول من ملك ملوك الجن الكفرة “الملك ساسان” وبيده رسالة، وقد كان محتواه أنه يرغب في الزواج من ابنته الوحيدة والتي ذاع صيتها بالجمال والرقة والعذوبة، ثار الملك “سابور” غضبا وقام بحرق الرسالة على الفور أمام رسولها، وأملاه رسالة شفوية يمليه على ملكه: “أخبر ملكك بأننا لا نزوج بناتنا للكفار الفجرة”.

غضب ملك ملوك الجن الكفار “الملك ساسان” غضبا ليس له مثيل، وبعد فترة وجيزة جاءتنا أخبار من مصادرنا الموثوق بها بأنه يجهز جيشا لا قبل له، وأنه يريد قتالنا من أجل رفض طلب زواجه، تهيأ “الملك سابور” للقائه، وكان الفوز حليفنا في هذه المعركة الدامية؛ ولكننا لم نسلم شره فلم يفقد حياته ولا إصراره وعزيمته بالمعركة بل ازداد حنقا وغضبا علينا فاستعان بسحرة من يهود الإنس كما استطاع من توحيد قبائل وممالك الجن الكافر تحت رايته، علاوة على أنه كان ماكرا وخبيثا للغاية فقد استطاع بمعاونة ساحرة حقيرة متمكنة في سحرها الأسود اللعين من منطقة ضفاف بعمان سجن الأميرة “سلمى” في الخاتم الأزرق؛ انقلب حال الملك “سابور” رأسا على عقب حزنا على ابنته الوحيدة حبيبة قلبه، لم يهدأ له بالا محاولا إيجاد أي طريقة لإنقاذ ابنته السجينة ولكن كل محاولاته آلت بالفشل حيث أن السحر الذي أتقنته الساحرة الشمطاء كان قويا للغاية لدرجة أنه لا يقوى أي جن مهما بلغت قوته وعظمته من الاقتراب منه، ومن تجرأ على ذلك احترق.

ومن دهائه كان يعد جيشا عظيما لم تشهد قبائل الجن مثيلا له منتهزا فرصة انشغال الملك “سابور” بالبحث عن طرق لإنقاذ ابنته، وقد كان قد استعان بسحرة اليهود في العمل على إخفاء مخططه ونيته تجاه ما يعد له؛ وما هي إلا أيام معدودات جتى قدم إلى مملكة بلهيت بجيش لا قبل له به، كان جيشا ضخما للغاية، وقد تعمد فيه الملك “ساسان” الكافر قتل الملك “سابور” وزوجته الملكة “هند” بخلاف الآلاف المؤلفة من مسلمي الجن الذين ضحوا بأرواحهم فداءا لأرضهم، وما تبقى منهم قد تشرد في الجبال.

أما أنا فقد أوصاني ملكي قبل رحيله على ابنته الوحيدة، وقد استطعت من تهريب الخاتم بمساعدة أحد بني الإنس، وقد كان صديق لي، فتمكنا من تهريبه على متن سفينة، ولكن كان الملك “ساسان” قد علم بأمرنا فأغرق السفينة وكل من عليها ولكن لا أحد من الجن تمكن من لمس الخاتم خشية من احتراقه بسبب السحر اللعين الذي به، ومنذ تلك اللحظة وأنا أنتظر بالقرب من الخاتم بعدما صار مستقرا بأعماق البحر حتى جاءت اللحظة التي التقطته فيها ووضعته بإصبعك، ولذلك السبب لم يتمكن أي منهم “الجن الكافر” إيذائك بذلك اليوم بسبب ارتدائك للخاتم الذي محجوزة به الأميرة “سلمى”؛ كما أتطلع للحظة التي تتحرر فيها أميرتي الصغيرة “سلمي” وتتمكن من تجميع مسلمي الجن من جديد وتعيد أمجاد مملكة بلهيت من جديد كسابق عهدها منتهجة نهج أبيها وأجدادها.



أحدث أقدم

نموذج الاتصال